المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تدوين المعرفة من ماقبل التاريخ إلى ظهور الطباعة


السايح
Oct-04-2007, 10:05 AM
http://www.alarabonline.org/data/2007/10/10-01/440p.jpg


المعرفة من الحجر إلى النشر

تطور تقنيات الطباعة فى بلاد ورق البردي


القاهرة-العرب أونلاين-شوقى مصطفى: "وعاء المعرفة من الحجر إلى النشر الفوري"، كتاب جديد للباحث خالد عزب ومساعديه أحمد منصور وسوزان عابد، أصدرته مكتبة الإسكندرية، يؤرخ لتدوين المعرفة من عصور ما قبل التاريخ إلى ظهور الطباعة، بالإضافة إلى عرض أوعية المعرفة المرجعية وتطورها كالموسوعات والقوائم الببليوجرافية والمعاجم اللغوية، ثم ظهور الحاسبات الآلية والإنترنت والنشر الإلكترونى والوسائط الإعلامية المتعددة. وقد خصّص مؤلفو الكتاب الجزء الأخير منه للحديث عن مكتبة الإسكندرية، باعتبارها تمثل وعاء معرفيا رقميا حديثا، إلى جانب الإشارة لبعض المشروعات التى تقوم بها المكتبة فى سياق رقمنة المعرفة وإتاحتها للبشرية جمعاء.

يتكون الكتاب - الذى يقع فى 346 صفحة - من سبعة فصول، حيث يتناول الفصل الأول تدوين المعرفة فى الفترة التى سبقت ظهور الطباعة، فمنذ قديم الزمان والإنسان يحاول تدوين معارفه بشتى الوسائل والطرق المتوفرة لديه التى منحتها له البيئة الطبيعية التى يعيش فيها. فقد استغل الإنسان الأول جدران الكهوف التى يسكنها فى تدوين علومه ومعارفه ونقلها من لغة منطوقة لا نعلم عنها شيئا حتى الآن إلى صورة مبسطة تمدنا ببعض التفاصيل عن عالمه.

وبتوصل الإنسان إلى الكتابة، بدأت كل حضارة فى اختيار الوسيلة المادية المناسبة لها للتعبير عن لغتها التى تتحدث بها وعن أفكارها وعقائدها وعلومها، فنجد أن الحضارة المصرية القديمة فضلت ورق البردى فى التدوين، فى حين فضل سكان بلاد الرافدين الألواح أو الرقم الطينية، واستخدم الفينيقيون الألواح الخشبية المغطاة أو غير المغطاة بالشمع كوسيلة سهلة لتدوين كتاباتهم، بينما احتل الرّق المكانة الأولى فى أدوات الكتابة بديلا عن البردى وذلك ببرجاموم فى آسيا الصغرى، ثم ظهر الاختراع الذهبى الذى نقله المسلمون من الصين إلى العالم بأسره وهو الورق.

ويمكن القول إن الفترة الزمنية منذ ظهور الإنسان على الأرض وحتى الآن تنقسم إلى مرحلتين رئيسيتين هما: عصور ما قبل التاريخ، وهى الفترة التى سبقت معرفة الإنسان للكتابة، والتى تميزت أيضا بمعرفة الإنسان فكرة التدوين عن طريق الرسم والنحت على الحصباء وجدران الكهوف والمآوى الصخرية، ثم فترة العصور التاريخية.

وقد اختلفت آراء العلماء حول الهدف من الرسوم التى تم العثور عليها فى الكهوف وطبيعتها، فالبعض رأى أنها تعبير عن شكل من أشكال الرسوم السحرية والمعتقدات الدينية التى مارسها الإنسان الأول، بينما رجح آخرون أن الهدف الكامن من وراء ما خلفه الإنسان الأول من رسوم متقنة يرجع إلى رغبة فنية خالصة وإشباع لفنه، فى حين ذهب فريق ثالث إلى أن هذه الصور ما هى إلا عبارة عن شكل بدائى من الكتابة التصويرية.

ومع ظهور الكتابة، أنشئت المكتبات لحفظ ما يتم تدوينه، حيث تشير العديد من النصوص إلى وجود مكتبات فى مصر منذ الدولة القديمة تحت عدد من المسميات المختلفة مثل: دار الكتب وبيت البرديات ومقر المخطوطات وبيت الكتب الإلهية.

وللكتابة، فإنه يجب وجود مادة يتم التدوين عليها، وهنا فإن اختراع الصينيين للورق يعد كشفا هاما فى مسيرة التاريخ الإنساني، وترجع المراحل البدائية لصنع الورق فى الصين إلى عهد أسرة هان الغربية، حيث لاحظ الناس أنه أثناء معالجة الشرانق المطبوخة لصناعة ألياف الحرير، أن بعض هذه الألياف تتعلق بالحصير الذى يغمر فى النهر، وبعد التجفيف تتشكل على الحصير طبقة رقيقة من ألياف الحرير، وتلك الطبقة تعد بمثابة المرحلة الأولية لصناعة الورق فى الأزمان الغابرة.

وتطورت صناعة الورق فى الصين بعد ذلك، ثم انتقلت إلى المسلمين فى القرن الثامن الميلادي، وازدهرت صناعة الورق فى أرجاء الإمبراطورية الإسلامية ولا سيما عاصمتها بغداد التى ذاع صيتها واشتهرت بجودة ورقها ونقائه ونصاعة بياضه، حتى أنه أخذ يعرف باسم "الورق البغدادي".

ومع تطور صناعة الورق وازدياد حركة نسخ الكتب، ظهر إلى النور اختراع الطباعة على يد يوهانس جوتنبرج، وفى هذا الإطار، فإن الفصل الثانى من الكتاب ركز على بزوغ فجر الطباعة فى العالم وبخاصة فى الشرق الأقصى وأوروبا والمشرق العربي.

ويعود للطباعة الفضل الكثير فيما وصل إليه إنسان العصر الحديث من تقدم وكل ما ينعم به من حضارة، فهى سبب وجود الكتاب وتأثيره الفاعل فى تاريخ البشرية، وهى تسهم بقسط وافر فى التحولات الفكرية والاقتصادية ومن ثم الاجتماعية التى عرفتها كل المجتمعات بلا استثناء، حيث إنها تمثل أولى مبادرات الانفتاح العالمي، من خلال سهولة انتقال الاكتشافات والعلوم الحديثة من الثقافات والأفكار الحديثة.

وكما كان للصين الفضل فى اختراع وسيط كتابى قدر له أن يحيا إلى اليوم وهو الورق، فإنه ينسب إليها الفضل أيضا فى بزوغ فكرة الطباعة واستخدامها من خلال الألواح الحجرية ثم الخشبية بعد ذلك، حيث كانوا يحفرون الكلام بطريقة معكوسة على سطح الخشب ثم يفردون الورق عليه ويدلكونه حتى يصير مقعرا كالخطوط المحفورة على السطح، ثم يصبغونه بطبقة من الحبر الأسود، فإذا به مطبوع بمقاطع بيضاء وأرضية سوداء.

انتقلت الطباعة بعد ذلك من الصين إلى اليابان وكوريا التى أدخلت تطويرا مهما على تقنية الطباعة منذ القرن الثالث عشر للميلاد، إذ قام الكوريون بطباعة الكتب بحروف متحركة من المعدن بدلا من الخشب.

ومن آسيا إلى أوروبا، قامت الطباعة فى الجزء الغربى من القارة العجوز نتيجة التقدم التكنولوجى الذى سرعان ما تجاوز أهدافه الأولى ليحدث تحولات هائلة فى حضارة مكتملة المعالم، بالإضافة إلى الطلب المتزايد على النصوص المكتوبة.

كانت الطباعة فى أوروبا فى البداية باستخدام الألواح الخشبية التى كانت تبلى بسرعة، مما جعلها غير قادرة على إعطاء عدد كبير من النسخ، إلى جانب العمل البطيء والمضنى لحفر تلك الألواح، بخاصة فى حالة النصوص الطويلة. ومن هنا، ظهرت الحاجة لاختراع جديد يتلافى عيوب سابقيه، وهو ما قام به يوهانس جوتنبرج الذى استخدم الحروف المعدنية المنفصلة فى الطباعة. وأنجز جوتنبرج أول مطبوع وهو توراة الـ42 سطرا، باستخدام تلك التقنية الجديدة عام 1445، وتحتفظ مكتبة الإسكندرية بنسخة فاكسميلى من إنجيل جوتنبرج.

انتشر اختراع جوتنبرج فى ألمانيا ومنها إلى ربوع القارة الأوروبية، إلا أنه تأخر استفادة العالم العربى والإسلامى من التكنولوجيا الجديدة لفترة طويلة امتدت حتى أوائل القرن الثامن عشر، حتى أن أول كتب عربية تمت طباعتها باستخدام الحروف المعدنية المنفصلة، كانت فى أوروبا وتحديدا إيطاليا.

ويكمن السبب فى تأخر استخدام المسلمين للطباعة فى تصدى سلاطين آل عثمان لها فى أول الأمر نظرا لخوفهم من أن يتعرض أصحاب الغايات والأغراض إلى الكتب الدينية فيحرفوها، إلى جانب أن المطبعة يمكنها أن تخفض من أثمان الكتب فتجعلها فى متناول أكبر عدد ممكن من الناس، وبالتالى يحل العلم محل الجهل، وهو ما كان آل عثمان يخشونه أيضا.

وقد عرفت لبنان وسوريا الطباعة قبل أى دولة عربية أخرى على يد الإرساليات المسيحية، بينما دخلت التقنية الجديدة مصر أثناء الحملة الفرنسية على البلاد. وقد خصّص المؤلفون الفصول الثالث والرابع والخامس من الكتاب للحديث عن ظهور الطباعة فى أرض الكنانة منذ أيام الحملة الفرنسية بقيادة نابليون بونابرت وحتى إنشاء مطبعة بولاق فى عهد محمد على الكبير وأسرته من بعده، بالإضافة إلى عرض مجموعة الكتب التى قامت مطبعة بولاق بإصدارها وقواعد النشر التى كان معمولاً بها فى تلك الفترة.

واهتم مؤلفو الكتاب برصد كل ما يتعلق بمطبعة بولاق من حيث تاريخ إنشائها والكوادر العاملة بها وسياسات وقوانين العمل التى كانت تحكمها والمشاريع الإصلاحية التى استهدفتها، إلى جانب عرض تطور تقنيات وآلات الطباعة بها، نظرا لما تشكله من أهمية كبيرة فى مسار التاريخ المصرى الحديث، إذ قامت بنشر العلم والثقافة لدى المصريين، كما أسهمت فى خلق الوعى المجتمعى لديهم.

ومع انتشار الطباعة فى المحروسة، نشأت الصحافة التى عرفتها مصر متأخرة عن أوروبا بثلاثة قرون كاملة. وقد ركز الفصل السادس بكامله على هذا الموضوع بدءا من الحملة الفرنسية على مصر فى 1798، إلى أن أصدر محمد على جورنال الخديو ثم جريدة الوقائع المصرية والجريدة العسكرية، بالإضافة إلى الصحف وازدهارها فى عهد خلفائه من بعده، وبخاصة فى فترة الخديو إسماعيل التى شهدت إصدار صحف متخصصة فى الأدب والطب والقانون والسياسة وغيرها من المجالات.

من جانب آخر، فقد اشتمل الفصل السابع والأخير على عرض مفصل حول أوعية المعرفة المرجعية عبر العصور، بدءا من الموسوعات البشرية التى تيسر وصول وتدفق المعلومات، ثم المعاجم اللغوية والببليوجرافيات.

ومع ظهور الحاسب الآلى والإنترنت، تغيرت النظرة، حيث أصبح هناك تدفق بلا حدود للمعلوماتية واستطاع الإنسان أن يستغل الحاسب الآلى أفضل استغلال ويسخره فى القيام بالعديد من الأعمال التى كانت تتطلب وقتا وجهدا كبيرا إن لم يكن جبارا. إذ عمل على تخزين علومه ومعارفه بداخل جهاز الكمبيوتر، مما سهل التعامل معها وسرعة استرجاعها عند الحاجة، بالإضافة إلى حفظ الآلاف من المعلومات وربط أجهزة الحاسب الآلى ببعضها البعض من خلال شبكات كالإنترنت، الأمر الذى أدى لتقليل التكاليف واختصار الوقت.

وتطرق مؤلفو الكتاب إلى تكنولوجيا النشر الإلكتروني، حيث الانقلاب الذى حدث فى العصر الحديث فى عالم التدوين والحفظ فى ظل الثورة المعلوماتية التى نعيشها الآن.

ويقصد بتكنولوجيا النشر الإلكتروني، مجموعة الموارد المادية والبشرية التى تسمح للمستفيد الفرد بأن تتوافر لديه ملفات تضم النصوص والإطارات والصور والرسوم فى مستند واحد يتميز بجودة عالية فى مرحلتى الإدخال والإخراج.

ويعد مجال النشر الإلكترونى هو أحدث تطبيقات التوسع المستمر فى المجالات التى يغطيها الحاسب الآلي، إذ وجدت العديد من المؤسسات فى الدول المتقدمة أن قيامها بطباعة عدد كبير من الكتيبات والدوريات والمنشورات ثم توزيعها على جمهور واسع ومحدد من المستفيدين سيكلفها جهودا ونفقات كبيرة يمكن اختصارها فيما لو تم إدخال هذه الكتيبات والنشرات على الحاسب الآلى ثم إرسالها إلى المستفيدين إما بصورة مباشرة عبر شبكة الإنترنت أو بتسليمها على أقراص مدمجة CD.

وقد تم تخصيص الجزء الأخير من الفصل السابع بكامله للحديث عن مكتبة الإسكندرية، باعتبارها تمثل وعاءً رقميا حديثا، إلى جانب عرض أهم المشروعات التى تقوم بها المكتبة فى سياق رقمنة المعرفة وإتاحتها للبشرية جمعاء، ومنها المعمل الرقمى الذى يحوى تقنيات باهرة وغير مسبوقة لرقمنة جميع محتويات مكتبة الإسكندرية ومقتنيات المكتبات العالمية الأخرى. كما أشار الجزء الأخير للمشروع الرائد "ذاكرة مصر المعاصرة" والذى من المقرر أن يتم الانتهاء منه قريبا، بغرض إنشاء مكتبة رقمية متكاملة لتاريخ مصر الحديث تتضمن مجموعة مرقمنة من المكتبات المتخصصة مثل مكتبة جمال عبد الناصر ومكتبة أنور السادات ومجموعة مكتبات كبار الكتاب والمؤرخين المصريين، بالإضافة إلى المحتويات المتعلقة بهذا الموضوع من جميع أنحاء العالم.

ويشتمل توثيق تاريخ مصر الحديث والمعاصر على محورين رئيسيين: الأول يهتم بتوثيق تاريخ الشخصيات البارزة كعنصر صانع للأحداث، بينما يركز المحور الثانى على توثيق كل حدث على حدة كتوثيق قيام ثورة 1919 عن طريق تتبع مراحل تبلور الحدث واكتمال صورته من خلال الوثائق والشواهد المادية، بهدف توثيق تراث يتعرض للتدمير نتيجة لعدد من العوامل، إلى جانب جمع أكبر قدر من الوثائق والشواهد المادية، فى ظل وجود كم هائل من الوثائق الهامة التى لم يسبق نشرها، وأخيرا وضع قاعدة بيانات تكون مرجعا رئيسيا لدراسة تاريخ مصر الحديث والمعاصر

المصدر
http://www.alarabonline.org/index.asp?fname=%5C2007%5C10%5C10-01%5C440.htm&dismode=cx&ts=01/10/2007%2007:45:49%20%D8%B5

غازي الغامدي
Dec-16-2007, 01:03 AM
جزاك الله خير الجزاء أخي السايح

آل رشاش
Dec-16-2007, 03:10 AM
اخي السايح الله يعيك العافية ومشكور جدا على ما أثريتنا به من معلومات

رفيـ الصمت ـقة
Dec-17-2007, 10:23 PM
جزاك الله خير