المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : السلسلة ..!!


kaym
Jun-17-2006, 12:43 AM
للكتاب تاريخ خالد مجيد على مر العصور، فهو الوثيقة والمرجع والمصدر والدليل ، وهو الوعاء ولب العقل وخلاصة العلم و المعرفة ، وهو الرفيق والصديق الذي لا يخون ، لا شروط لرفقته ، ولا وقت لمعاشرته وعشقه ، يتكيف مع صاحبه أينما حل وسكن ، ويلتزم السكينة أينما غادر ورحل ، يرضى بأي أرض يقيم ، وتحت أي أديم يستكين ، إذن هو الخالد إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها ، لن يتأثر أو يتزحزح من موقعه ، حتى لو تعددت الوسائط الناقلة للمعرفة ، وسهل إنتاجها، وهان استخدامها بين الناس ، سيبقى دوما ملاذا للقارئ والدارس والباحث والمقتني ، تنوعت أشكاله ومقاساته وأحجامه ، وجمل بمختلف الألوان والتصميمات وفن الإخراج ، واكتمل عقده بخطوط ومطرزات لا حد لها . من أجله أنشئت الدور والمباني ، والمؤسسات الأهلية والحكومية لرعايته والقيام على خدمته ، وتوسعت خدماته وأعماله ، من فردية إلى جماعية ، ومن محلية إلى دولية .. بعد كل هذا - وما خفي أ كثر- ألا يستحق الكتاب منا الاهتمام وحسن الرعاية ؟؟ ، ألم يحن الوقت للالتفات إليه واحتضانه ؟؟ ، بعد هذه المقدمة والاسترجاع لذكرياتي معه وهي تبدأ منذ فطامي إلى اليوم ، لتدخلني إلى ما عنونت به هذه المقالة : السلسلة .. وأقصد بها الإصدار المتتابع في تاريخ الكتاب السعودي ! ، هل لها وجود ؟؟ هل لنا اهتمام بخروجها إلى الواقع ؟؟ هل خدمت الساحة الثقافية ؟؟ هذه بعض الأسئلة وغيرها أكثر !! .
نعم للكتاب سوق وصناعة مزدهرة بشكل غير عادي ، وقد تدرجت وتصاعدت إلى أرقام مذهلة ، لهذا عدت المملكة العربية السعودية من الدول المتقدمة في المنطقة ، إنتاجا وتسويقا واقتناءا وتداولا ، لكن في إنتاج السلاسل نحن من الدول غير الناجحة ، ومشاريعنا فيها مبتورة ، وطارئة وآنية لزمن محدود ، لم نوفق في رعايتها ونمائها ، وبخاصة في الموضوعات الثقافية والأدبية . وقد استطاعت عدد من المؤسسات الحكومية وغيرها من القطاع الخاص نشر سلاسل تنتمي إلى محور عملها ، وتخدم مجالات عديدة تتصل بمنسوبيها ، أو موجهة إلى فئة معينة ، أو لمناسبة وطنية غالية ، وعلى سبيل المثال أذكر :
1. الجامعات السعودية ومراكزها العلمية .
2. معهد الإدارة العامة .
3. الرئاسة العامة لرعاية الشباب وما يتصل بها من أندية أدبية وجمعيات ثقافية وشبابية .
4. مكتبة الملك فهد الوطنية
5. مكتبة الملك عبد العزيز العامة
6. دارة الملك عبد العزيز .
7. الأمانة العامة للاحتفال بمرور مائة عام على تأسيس المملكة .
8. اللجان المتفرعة من إمارات المناطق ولها اختصاص بعمل معين كالسياحة والاصطياف .
9. في ذكرى مرور عشرين عاما على مبايعة خادم الحرمين الشريفين ، نشرت كل قطاعات الدولة كتبا تشكل سلسلة عن تاريخ المملكة .
10 هناك وزارات ومؤسسات حكومية تصدر كتبا كثيرة قد تعتبر سلاسل في موضوعها .

هذه في القطاعات الحكومية ، أما القطاع الخاص فقد سبق الحكومي في نشر السلاسل ، كان ذلك عام1385 / 1966حيث بدأ المؤرخ الراحل / حمد الجاسر في إصدار سلسلة بحوث ودراسات جغرافية وتاريخية عن جزيرة العرب من خلال دار العرب للبحث والترجمة والنشر، ثم تلاه الأديب الراحل / عبد العزيز الرفاعي عام 1389 / 1970 وقد أصدر المكتبة الصغيرة وهي متنوعة الموضوعات الأدبية والثقافية من خلال داره ، ثم تلا الشيخين الراحلين ومع أوائل القرن الخامس عشر الهجري الجديد ، صدور سلسلة قوية ، متنوعة ، منظمة ، منتظمة ، متعددة الموضوعات ، هي تهامة للنشر والمكتبات عام 1400/1980 وقد أخرجت لنا تسع سلاسل :
الكتاب العربي السعودي
الكتاب الجامعي
رسائل جامعية
مطبوعات تهامة
كتاب تهامة للمرأة
الكتاب العربي اليمني
كتاب تهامة للأطفال
كتاب تهامة للناشئين
الإصدارات الخاصة
وقد استطاعت هذه الشركة أن تصدر عشرات الكتب في أحجام مختلفة ، وأشكال متنوعة ، وأن تواكب النهضة الثقافية في المملكة فترة من الزمن !! . في أواخر عام1993 بدأت مؤسسة اليمامة الصحفية بإصدار سلسلة كتاب الرياض ، وغالبا تختص بمن يكتب في الجريدة اليومية الرياض .. حيث تجمع له في كتاب ثقافي منوع ، جاءت بحجم وإخراج ثابت ، مع تعدد لموضوعاتها ، وهي مستمرة حتى الآن . ومع بداية عام 1418 / 1997 بدأت المجلة العربية بإصدار سلسلة كتيب المجلة العربية الشهري الذي يهدئ مع العدد ، وهي كذلك متنوعة الموضوعات ، حجمها وعدد صفحاتها - تقريبا – ثابت . وبعد .. هل كل هذه التجارب وهذه العطاءات تثبت مقدرتنا على إصدار السلاسل؟؟؟ ، وهل استطعنا النجاح في هذه العملية ؟؟ ، وهل تعاملنا مع الكتاب كمنتج مناسبات وذكريات؟؟ ، أم تعاملنا معه كصناعة ، أو منتج تثقيفي ومعرفي وتنويري ، وتخليدا للإنسان أصلا وعملا وتاريخا ا؟؟؟؟ .
النتائج والمسح الشامل تدل على توقف الكثير مما ذكر من سلاسل رغم أهميتها، وبما أن التجربة ثرية في هذا المجال – تقارب أربعين عاما – فالاستفهام الذي يطرح نفسه : لماذا لم تستمر ؟ ، ولماذا في البدء صدرت .. مادامت ستتوقف ؟؟ ، بل لماذا لم نحافظ على النجاح الرائع للكتاب من خلال هذه السلاسل ؟؟ ، بالتأكيد لا حد للأسئلة لأنها كثيرة ، ولأن الواقع يثيرها ، ولكن يبدو لي أن الإجابة تأتي صريحة من خلال ما جرى :
1 - إما بسبب ارتباطها بأشخاص يملكون الحماس الكافي ثم يتوفاهم الله فتنقطع معهم .
2 - أو بسبب عدم الدراسة العلمية ، والمستفيضة للجدوى من إصدارها !! .
3 - المناسبات الوطنية والرسمية التاريخية ، جاءت وراء كثير من السلاسل المؤقتة.
4 - لم تنفتح على موضوعات دائمة ، ثرية في استمراريتها .
هذه الأسباب وغيرها ، كافية لانقطاع بعض السلاسل التي لم تستمر طويلا !! ، وقد كان الأمل ببقاء أطول ، وأجل ممدود ، وتسلسل مشوق ، كما هو في :
مصر .. حيث روايات الهلال منذ عام 1949وكل شهر تطل على القارئ العربي بأحدث الروايات العربية والمترجمة ، وهي الشقيقة الكبرى لعدد من السلاسل الثقافية التي مازالت تصدر حتى الآن مثل : أقرأ ، أدبيات وغيرهما .
الكويت .. ولعل سلسلة عالم المعرفة تقف مثالا شامخا لكل القراء العرب وليس فقط في الكويت ، وهي تصدر في مطلع كل شهر ميلادي عن المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب وقد بدء في إصدارها مع بداية يناير عام 1978 ، ولها أهداف كبيرة متنوعة طويلة الأجل ، يمكن الاطلاع عليها في أي كتاب من هذه السلسة ، وللمجلس كذلك سلاسل كثيرة في المسرح والفنون وغيرها .
ذكرت هاتين الدولتين كمثل حي في الموضوعات الثقافية ، ومن المؤكد أن الكثير من الدول العربية لديها مثل هذه المشروعات الثقافية التي يصعب حصرها في مقالة كهذه , وقد ذكرتها في هذا المقام لكي نعلم الحال التي نحن عليها ، مقارنة بما وصل إليه الكتاب وسلاسله لديهم في الجانب الأدبي فقط ، وهو ما يهمنا في هذه المقالة ، أما الجوانب الأخرى فيحق لنا الفخر بسلاسل عدة تصدر عن :
مكتبة الملك فهد الوطنية وهي مرتبة بحسب موضوعات علوم المكتبات والمعلومات ، وقد أغنت وأفادت المكتبة العربية ، وأصبحت هي المرجع الأول في هذا المجال .
دارة الملك عبد العزيز وهي متخصصة في التاريخ والجغرافيا و الآثار.
أما بعد ولادة وزارة الثقافة والإعلام ، فأملنا بعملها لا حدود له ، وطموحنا كبير جدا ، لعلي أعيد القارئ إلى مقالة سابقة نشرت في هذا المكان بعد التشكيل الوزاري الجديد ، أنصب حديثي فيها عن هذه الوزارة وما هو مطلوب منها ، وبما أن حديثي في هذه المقالة عن الكتاب فقط ، فأرى التذكير بالهيئة العامة للكتاب مهم جدا للفوائد التالية :
أ- جمع الشتات قوة ، وتوحيد القرار ومصدره انتصار ، فكما نشاهد كل يصدر كتبا من غير تنظيم أو ضابط لها ، وكثير من الدول المتقدمة تجعل الهيئة هي مصدر السلاسل ، والمطبوعات .
ب- ستكون إصداراتنا بعد دراسة وتحكيم ، وفحص وتدقيق ، وليس كما هو حاصل الآن .
ت- لكي نحد من الهجرة الطباعية ، والإصدارات الهاربة من ظلم الناشرين والسوق .
ث- إخراج العشرات من الكتب المخطوطة ، والرسائل الجامعية ، التي لم يستطع أصحابها إخراجها ، حيث العلاقات الخاصة والمحسوبية تقف عائقا أمام الجميع ، أو طول الانتظار الذي يصل أحيانا إلى سنوات وليس أشهر.
ج- ستقف الهيئة ندا للناشرين ، لأنها ناشرة وموزعة ومنظمة معارض ، بل وتقوم بالتسويق من خلال مكتباتها التي ستنتشر في كل المحافظات والمدن .
ح- لدينا إصدارات نثرية وشعرية ونقدية وأدبية لا حصر لها ، وهي سلسلة من غير تنظيم ، أو رابط يوحدها ، مرة تخرج دفعة واحدة في شهر واحد!! ، ومرة تغيب دفعة واحدة ؟؟ ، الهيئة بسلاسلها وتنظيمها نصف الشهري ، أو الشهري .. تفيد كثيرا في هذه الحالة .

هذه بعض الفوائد التي ستعين السلاسل على الانتشار ، والذيوع ، من خلال الهيئة العامة للكتاب ، التي ينصب عملها على الاهتمام بالكتاب بشكل خاص ، والكتاب الأدبي أخص من أي كتاب آخر .