المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : المَخْطوطاتُ الألْفية فى دار الكُتب المصرية


أحمد حسن (المعلوماتى)
Sep-05-2006, 03:48 PM
الأخوة والأخوات الكرام

أهدى إليكم هذه المقالة والتى بعنوان...

المَخْطوطاتُ الألْفية فى دار الكُتب المصرية
أ.د. أيمن فؤاد سيِّد

تُعَدُّ مجموعَةُ مَخْطُوطات دار الكتب المصرية بالقاهرة أحد أهم مجموعات المخطوطات الشَّرقية فى العالم. وتأتى أهَمِّيتها فى المرتبة الثانية بعد مجموعة مخطوطات مكتبات إستانبول والأناضُول فى تركيا. وتتكوَّن هذه المجموعة من الرَّصيد العام للدَّار الذى جُمِعَ سنة 1870ميلادية من المدارس والمساجد والزَّوايا، وكان نَوَاةً للكُتُبْخانة الخديوية التى أُنشئت فى هذا التأريخ. وأُضيفت إليها بعد ذلك مجموعاتُ مهمة من الَمْخطوطات وَقَفَها أصحابها على دار الكتب أو اشْتُريت من أصحابها وأُضيفت إلى رصيد الدّار أهمّها: مجموعات مصطفى فاضل باشا ومحمود بن التّلاميد التِّرْكى الشَّنْقيطى وعلى باشا مبارك والأستاذ الإمام محمد عبده، ثم مكتبات أحمد تيمور باشا وأحمد زكى باشا وأحمد طلعت بك ومكتبتى قَوَلَه وعمر مكرم؛ إضافة إلى العديد من النُّسَخ المُصَوَّرة على الفوتوستان من مجموعات عالمية- على الأخص من إستانبول وباريس ولندن وفيينا- أو التى نُسِخَت خلال النِّصْف الأوّل من القرن العشرين عن نُسَخٍ عَتيقة موجودةَ إمَّا فى الرَّصيد العام أو فى المكتبات الملحقة( ) .
وإضافَةً إلى ذلك تَحْتَفِظُ دارُ الكتبِ بنُسَخٍ عَتيقة لمصاحِف كتبت عند منقلب القرن الأوّل الهجري وفى العصر العبَّاسي تمثل تمْثيلاً جَيِّدًا تَطَوُّر الخَطّ العربى من الخطّ الحجازى والخطّ الكوفى والخطّ الشّبيه بالكوفى إلى الخُطُوط التى جَوَّدَها الخَطّاطان الشهيران أبو على محمد بن على بن الحسن بن مُقْلَة وعلى بن هِلال البَوّاب. ولكن أهَمّ هذه المصاحِف على الإطْلاق هى مجموعة "المَصاحِف المملوكية" التى جُمَعَت من المدارس المملوكية والتى وَقَفَها سلاطين المماليك وأمرَاؤهم على المدارس والخَوَانق التى أنشأوها بالقاهرة.
ولاشَكَّ أنَّ هذه المجموعة الفَّخْمَه والنَّادِرة من المَخْطوطات تَشَتمل على نُسَخٍ عَتيقَة تجاوَزَ تأريخُها الألف عام أو كاد. وإضَافَةً إلى حُرود المَتْن التى تُعَدُّ المُؤشِّر المُؤكد لتأريخ أى مخَطْوط، فإنَّ المَخْطوطات المبكِّرة يمكن التَّعَرُّف عليها- فى غَيْبَه حُرود المَتْن- عن طريق شَوَاهِدَ باليوجرافية. فقد كانت جَوْدَةُ الخَطّ وصِحَّة النَّقْل ودِقَّة الضَّبْط شُرُوطًا أساسية للنجاح فى صِنَاعَة الوِراقة، أحد المِهَن الرَّئيسة فى عملية صِناعَة الكتاب المخطوط. وبدأت عمليةُ تحسين الخُطُوط والتَّأنُّق فيها منذ عصر المأمون، يقول ابنُ النَّديم: "لم يَزَل النَّاسُ يكتبون على مثال الخَطّ القديم الذى ذكرناه إلى أوَّل الدولة العبَّاسية، فحين ظهر الهاشميون اخْتصَّت المصاحِفُ بهذه الخُطُوط. وحَدَثَ خَطُّ يُسَمَّى العِراقى وهو المُحَقَّق الذى يُسَمَّى وَرَّاقى، ولم يَزَل يزيد ويَحْسُن حتى انتهى الأمْرُ إلى المأمون، فأخذ أصحابَه وكتَّابَه بتَجويد خَطُوطهم فتفاخَرَ النَّاسُ فى ذلك"( ).
وأخَذَت الخُطُوطُ تكتسب قِيماً جماليةً جديدة منذ هذا العصر على أيْدى النَّسَّاخين والوَرَّاقين، حتى أصبحت بَغْداد فى القرن الرابع الهجرى تُباهى بمن فيها من الوراقين والنَّسَّاخين، يقول أبو القاسم البغدادى مفاخراً أهْل أصْفهان: "هل أرى عندكم من أرْباب الصِّناعات والمِهَن مثل من أرى ببغداد من الوَرَّاقين والخَطَّاطين؟ "( ).
وكان للخَطّ الكوفى الذى نشأ فى العراق سُلالتان إحْداهُما بها مِسحة من التَّرْبيع أكسبتها فخامةَ مناسبة لتدوين القرآن تجمع بين الجفاف والليونَة، أقْرَبُ إلى التَّرْبيع والزَّوايا استُخُدِمَت فى كتابة المصاحف الكبرى طوال القُرُون الثلاثة الأولى للهجرة والأخرى أخفّ وأكثر تدويرًا استخدمت فى الأغْراض الكتابية العامة دون القرآن، وهو ما عُرِفَ بـ "المُحَقَّق الوَرَّاقى" أو "خَطّ التَّحْرير" الذى استخدمه الورَّاقون والنُّسَّاخ فى نَسْخ الكُتُب؛ وهذا النوع من الخطوط هو الذى نال تَجْويداً ظاهِراً فيما يعد على يد كلٍّ من ابن مُقْلَه وعلى بن هِلال البَوَّاب( ).
وبدأت عملية تطوير خَطّ كتابة الكتُب مع نشأة حركة التَّأليف والتَّرْجَمة ومع إنشاء خزائن الكتب الكبرى، والتى كانت تُزَوَّد بالكتب عن طريقٍ وحيدٍ هو النّسْخ. فبدأت حِرفةُ الوِراقة لاستنساخ الكتب بالأُجْرة، وهى حِرْفَةٌ كانت تَفْرِضُ على صاحبها أن يكون مليح الخَطّ صحيح الضَّبْط واسع العِلْم. وكان يلزم على النَّاسخ وهو ينسخ الكتب، وخاصَّةً ما يتعلَّق منها باللُّغَة والأدَب، مراعاة الدِّقَّة فى قَواعد الإمْلاء وأن يكون على إحاطَةٍ تامَّةٍ بأمُور التَّدْوين والرِّواية فى مختلف أدْوارها( ). وتَحَقَّقت هذه الصِّفات فى الوَرَّاقين والنَّسَّاخين الذين يمكن أن نطلق عليهم "النَّسَّاخ العُلَماء" وأغلبهم من علماء اللُّغَة والأدَب مثل: عبد الله بن محمد بن وَدَاع الأزْدى، المتوفى نحو سنة 230هجرية/ 844ميلادية ؛ وأبو العبَّاسى محمد بن الحسن بن دينار الأحْوَل النَّاسِخ الذى كان "ناسخاً غزير العِلْم واسع الفَهْم جَيِّد الرِّواية حسن الدِّراية ... وكان يُوَرِّق لحُنيْن بن إسحاق المُتطبب فى منقولاته لعُلُوم الأوائل... وكان يكتب كل مائة ورقة بعشرين درهماً"( ) ؛ وأبو مُوسى سليمان بن محمد الحامِض، المتوفى سنة 305 هجرية/ 917ميلادية ؛ وأبو الحسن على بن محمد بن عُبَيْد الأسدى المعروف بابن الكوفى، المتوفى سنة 348 هجرية/ 960 ميلادية ؛ وأبو الحسن على بن محمد بن الخَلاَّل الأديب النَّاسخ، المتوفى سنة 388 هجرية/ 1991ميلادية ؛ وأبو الحسن على بن عبد العزيز الجُرْجانى، المتوفى سنة 392 هجرية/ 1002ميلادية ؛ وأبو الحسن على بن عبيد الله بن عبد الغَفَّار السِّمْسِمى [السِّمْسِمانى] المتوفى سنة 415 هجرية/ 1024 ميلادية.
وكان من بين الذين رَبَطُوا ابن مُقْلَه بابن البَوَّاب مجموعةٌ من النُّسَّاخ العلماء تَفَوَّقوا فى كتابة الخَطّ الوَرَّاقى، نشأوا جميعهم فى العراق مثـل : أبو الطَّيِّب أحمد بن أُخَىّ الشَّافِعى الذى وَصَلَت إلينا نُسْخَةٌ بخطه من "ديوان الفَرَزْدَق" نقلها عن نُسْخَه بخطّ أبى سعيد السُّكَّرى محفوظة الآن فى مكتبة الأسَد بدمشق [ الظَّاهرية] برقم 880؛ ومٌهَلْهَل بن أحمد أحد تلاميذ أبى سعيد السِّيرافى الذى كَتَبَ فى بغداد سنة 347 هجرية نُسْخَة كتاب "المُقْتَضَب" للمُبَرِّد المحفوظة الآن بمكتبة كوبريلى باستانبول برقم 1507- 1508. واقْتَرَن اسْم مُهَلْهَل بابن مُقْلَه وأصْبَح يُضْرَب المَثَل بمن يكتبون الخَطّ المَنْسُوب (الذى يناسِبُ كل حَرْفٍ من مجاوره واعْتَدَلت مقاديره) بأنهم يكتبون مثل خط ابن مُقْلَه ومُهَلْهَل واليَّزيدى( ). وقد عَظَّمَ العلماء الكُتُب التى نَسَخَها هذا العالم الخَطَّاط حيث أشَارَ عبد القادر البغدادى، فى منتصف القرن الحادى عشر الهجرى، إلى أنَّ بحوزته شَرْحَيْن على "ديوان زُهَيْر بن أبى سَلْمى" أحَدُهما بخط مُهَلْهَل الشهير الخَطَّاط صاحب الخطّ المنسوب( ). أمَّا أبو عبد الله محمد بن أسَد البَزَّاز شيخ ابن البَوَّاب فقد وَصَلَت إلينا بخطه نُسْخَة من كتاب "مَرَاثٍ وأشْعار وغير ذلك وأخبار ولُغَة" عن أبى عبد الله محمد بن العباس اليَزيدى، المتوفى سنة 310 هجرية/ 922ميلادية نقلها سنة 370 هجرية من الأصْل الذى كتبه أبو عبد الله بن مُقْلَة بخطه، محفوظة فى مكتبة عاشر أفندى بالسليمانية بإستانبول برقم 904.
وتُمَثّلُ النُّسَخ التى كتبها بخَطّه على ابن شاذان الرَّازى ووَصَلَ إلينا منها مُصْحَفٌ محفوظٌ فى مكتبة جامعة إستانبول برقم A 6778 مُؤرَّخٌ سنة 361 هجرية ونُسْخَة من "أخبار النَّحْويين البَصْريين" لأبى سعيدٍ السِّيرافى محفوظة فى مكتبة شهيد على باشا بالسليمانية بإستانبول برقم 1842 ومؤرَّخة سنة 376 هجرية؛ كذلك الجزء الأوَّل من كتاب "[تأويل] مُشْكِل القرآن" لابنُ قَِتْيبة، والجزء الثالث من "أشْعار النِّساء" لمحمد بن عمران المَرٍْزُبانى ، المحفوظة فى دار الكتب المصرية بالقاهرة أنْموذَجاً للخط الذى اصْطُلح على تسميته بـ "الخط شبيه الكوفى" أو "الخط الكوفى المشرقى" semi- coufique . فقد نُقِطَت فيه الألفاظُ وشُكِّلَت حُروفُه بالشكل الكامل بالطريقة المتبعة الآن. وتُعَدَّ هذه المخطوطات بخطِّها وشكلها ورسمها وعلاماتها الفارقة وثيقةً من الطِّراز الأوّل لدراسة علم الخطّ العربى وتطوّره.
ومن بين النُّسَّاخ العلماء كذلك إسماعيل بن حَمَّاد الجَوْهَرى، المتوفى بعد سنة 396هجرية/ 1006ميلادية ، والذى قال عنه الثّعالبى:" وخَطُّه يُضْرَب به المثل فى الحُسْن ويُذْكَر فى الخُطْوط المنسوبة كخط ابن مُقْلَة ومُهَلْهَل واليزيدى"( ). وتَعَلَّم الجوَّهَرى الخط فى بغداد ثم انتقل إلى نيسابور وأقامَ بها مُدَّة" على التَّدْريس وتعلم الخط الأنيق وكتابة المصاحِف والدَّفاتر اللِّطاف"، كما يقول الثّعالبى( )، فكان الجَوْهَرى أوَّلَ من حمل إلى الشَّرْق طريقة ابن مُقْلَة ونَشَرَها هناك( ). ولم يصل إلينا للأسف أى كتاب أو مُصْحَف بخط الجَوْهرى ولا بخط شيخه ابن مُقْلَة. كما أنَّ جميعَ النُّسَخ التى تُنْسب الآن إلى رائد الخط الثانى على بن هلال البَوَّاب ليست له، وإنَّما هى نماِذج متأخِّرةً عُمِلَت على أسْلوب مَدْرَسة ياقوت المُسْتَعْصِمى فى نهاية القرن السّابع الهجرى، والمُصْحفُ الوحيد الذى تأكدَّت نسبته لابن البوَّاب هو المُصْحَفُ المحفوظ .
ونَظَراً لأنَّ دار الكتب المصرية كانت تفهرس المخطُوطات والمطبوعات مَعاً حتى سنة 1952ميلادية ، ولأنهَّا أيضاً كانت تعد المُصَوَّرات الفوتوستاتية المأخوذة عن أصُولِ محفوظة فى مكتبات خارجية مثل إستانبول أو لندن أو باريس مخطوطات أصْلية تفهرس ضِمْن فهرس المخطوطات، وكذلك النُّسخ التى قَامَ بنَسْخها نُسَّاخُ مُحْدَثون كانوا يعملون بالدَّار عن أصُولٍ محفوظة إمَّا فى الرَّصيد العام أو فى المكتبات الملحقة ، فقد اخْتَلَط الأمْر على بعض الباحثين وأعادُوا ذكر هذه المَخُطوطات مرتين مَرَّةً ضِمن مجموعتها الأصلية ومرةً أخرى باعْتبارها مُصَوَّرة فى دار الكتب. لذلك فقد استبعدت من هذا الحَصْر النُّسْخَ الألفية المصورة عن أصُول محفوظة فى مكتبات خارجية .
وأمامنا دراستان اهتمتا بحَصْر المخطوطات العربية التى كتبت فى القرون الخمسة الأولى للهجرة. الدّراسة الأولى هى كتاب كوركيس عَوَّاد "أقدم المَخْطوطات العربية فى مكتبات العالم المكتوبة منذ صَدْر الإسلام حتى سنة 500 هجرية" ، بغداد 1982 ميلادية ، أحصى فيها 529 كتاباً مَخْطُوطاً بينها مخطوطات ذكرت فى موضوعين بعناوين مختلفة. والدِّراسة الثانية مقال مُطَوَّل للباحث الفرنسى فرانسوا دى روش ترجمة عنوانه "المخطوطات العربية المؤرَّخة فى القرن الثالث الهجرى/ التاسع الميلادى"، Déroche, F., "Les manuscripts arabes dates du III/IX siècle" REI LV – LVII ( 1988 – 89 ), I I 343 – 68 ، أحصى فيه أربعين مخطوطاً تعود إلى القرن الثالث الهجرى أغلبها محفوظ فى مكتبات جامعة ليدن والجامع الكبير بالقيروان والقَرَويين بفاس وشستر بتى بدبلن ودار الكتب المصرية بالقاهرة والظاهرية (الأسد) بدمشق والمكتبة الوطنية بباريس ومتحف الفن الإسلامى بإستانبول. الآن فى مكتبة شيستر بتى بدبلن برقم 1431 وأتم كتابته سنة 391 هجرية/ 1000ميلادية ونشره D.S.Rice بطريقة الفاكسيميلى سنة 1995 ميلادية( ).
وأقْدَم مَخْطوطات دار الكتب، نُسْخَة كتاب "الرِّسالة" للإمام محمد ابن إدريس الشَّافِعى، المتوفى سنة 204هجرية، وهو أقْدَم مَخْطُوطٍ وَصَلَ إلينا على الكاغَد (الوَرَق) وهو من بين مجموِعة مصطفى فاضِل باشا وكان محفوظاً فى الدار برقم 41 أصُول فِقه م، وأقول كان مَحْفوظاً لأنَّه فُقِد للأسف فى ظُروفٍ غير واضحة فى عام 2002 ميلادية? وقد كُتَبت هذه النُّسْخَة فى حياة الشَّافِعى نفسه من إملائه تلميذُه الرَّبيع بن سليمان، أى قبل عام 204 هجرية تاريخ وفاة الشَّافعى، وكان الرَّبيع ما يزال فى الثلاثين من عمره. واحْتَفَظ الرَّبيعُ بهذا الأصْل لنفسه وكان ضَنيناً به لم يأذَن لأحَدٍ فى نَسْخه حتى إذا ما بَلَغَ التسعين سنة 265هجرية أذِنَ بذلك وكَتَبَ بيده إجازَةً فى آخر النُّسْخَة هى دون شك بنفس اليد التى كتبت النُّسْخَة، والفَرْقُ بين الخَطَّيْن هو فَرْقُ السِّن وعُلُوها يقول فيها :
" أجازَ الرَّبيعُ بن سليمان صَاحب الشَّافِعى نسْخ كتاب الرِّسالة، وهى ثلاثة أجزاء فى ذِى القعدة سنة خمس وستين ومائتين وكتب الربيع بخطه".
وما يَدُلّ كذلك على أن هذه النسخة جميعها بخط الربيع بن سليمان ما كتبه بخطه الحافظ هِبَة الله بن أحمد بن محمد الأكْفانى، المتوفى فى المحرم سنة 524 هجرية/ ديسمبر سنة 1129 ميلادية عن ثمانين عاماً، فوق عنوان الجزء الأوَّل والجزء الثالث منها ونصّه :
"الجزء الأوَّل من الرِّسالَة لعبد الله الشافعى بخط الربيع صاحبه".
وهذه النسخة فى غاية النَّفاسَة احْتَفَلَ بها كبارُ العلماء والأئمة والحُفَّاظ من سنة 394 هجرية إلى سنة 656 هجرية وأثبتوا عليها خطوطهم وسماعاتهم، بل أثبتوا أنَّهم صَحَّحُوا نسخهم وقابلوها عليها، وحرصوا على إثبات سماعهم فيها طُلاّباً صغاراً ثم إسماعهم إيَّاها لغيرهم شيوخاً كباراً، وتسابقت الأسر العلمية الكبيرة إلى سماعها وسَجَّلُوا أسماءهم عليها؛ فقد تداوَل هذه النَّسْخة بالقراءة والاطِّلاع والإفادة علماء كبار سَجَّلوا عليها خطُوطهم بالسَّماع والقِراءه والتملُّك من أمْثال الحافِظ الحُمَيْدى والحافظ بن ماكولا والحافظ أبى الفِتْيان الدَّمَسْتانى والحافظ الكبير على بن الحسن بن عَسَاكِر والحافظ عبد القادر الرَّهاوى والحافظ تاج الدين القرْطُبى والحافِظ زكى الدِّين البِرْزالى. ولم يكتف الحافظ بن عَسَاكِر بتسجيل اسْمه فى السَّماعات، بل كتب بخطه أربع مرات على النسخة: "يسَمعَ جميعه وعارَضَ بنسخته على بن الحسن بن هبة الله".
وعَدَد أوْراق هذه النسخة 78 ورقة منها 62 ورقة هى أصْل الكتاب الذى بخط الرّبيع والباقى ، وهو 16 ورقة، زيدت فى أوَّلها وآخرها ووسطها كتب به السّماعات وغيرها .
وتحتفظُ دار الكتب كذلك بأحد الكْتُب القليلة التى وَصَلَت إلينا على البَرْدى وهو جزء من كتاب "الجامع فى الحديث" لعبد الله بن وَهْب، المتوفى سنة 197هجرية/ 812 ميلادية. وقد كُشِفَ عن هذه النسخة عام 1922 ميلادية فى حفائر كان يُجْريها المعهد العلمى الفرنسى للآثار الشرقية بالقاهرة فى إدْفو بصعيد مصر، ثم أُضيفت إلى رَصيد الدَّار وتحمل الآن رقم الحفظ 2123 حديث. ويرجع تاريخُ كتابة هذه النسخة كذلك إلى مَطْلَع القرن الثالث الهجرى/ التاسع الميلادى .
وتوجد المخطوطات الألفية المحفوظة فى دار الكتب المصرية فى الرّصيد العام باستثناء مَخْطُوط "الرِّسَالَة" للإمام الشافِعى، السابق الإشارة إليه، فإنَّه كان يوجد فى مجموعة مصطفى فاضل باشا .
وقد أشارَ إلى هذه المَخْطوطات كوركيس عَوَّاد فى كتابه السابق الإشارة إليه، ويوسف زيدان فى كتابه "المخطوطات الألفية"، مكتبة الإسكندرية 2004 ميلادية، 45-52 وسأشير من بينها إلى بعض المخطوطات ذات الخصائص المتميزة.
- أخبار سيبويه المصرى "للحسن بن إبراهيم بن زولاق، المتوفى سنة 387 هجرية/ 997 ميلادية، بخط المُؤلِّف [354 تاريخ].
- "ما يَنْصَرف وما لا يَنْصَرِف" المعروف بـ "سِرّ النَّحْو" لأبى إسْحاق الزَّجَّاج، المتوفى سنة 311 هجرية/ 923 ميلادية، نسخة عليها قراءة مُؤرَّخة فى شهر صفر سنة 351 هجرية [149 نحو].
- الجزءان الأول والثَّالث من "كتاب" سيبويه، كتبهما إسماعيل بن أحمد بن أبى خلف القصّار بخَطّه لنفسه فى المحرم سنة إحدى وخمسين وثلثمائة. [139 نحو] .
- تأويل مُشّكل القُرْآن "لابن قُتيـبة، عبد الله بن مُسْلم الدِّينورى، المتوفى سنة 276 هجرية/ 889 ميلادية، نسخة كتبت سنة 379 هجرية [663 تفسير].
- "الخَصَائِصُ فى العَرَبية، لأبى الفَتْح عثمان بن جِنِّى، المتوفى سنة 392 هجرية/ 1002ميلادية ، نسخة كتبها الحسن بن الفرْح بن إبراهيم بمصر فى شهر جمادى الأوّل سنة ثلاثين وأربعمائة. [110 نحو]
- "التَّعليقات والنَّوَادِر" عن أبى على الهَجَرى، هارون بن زكريا، المتوفى فى نحو سنة 300 هجرية / 912 ميلادية . [342 لغة]
هذه النُّسَخة غير مُؤرَّخَة ولكنها ترجع إلى القرن الرابع الهجرى أو مطلع القرن الخامس الهجرى، وكتبت فى بغداد، ثم أضيفت فى نهاية القرن الخامس الهجرى:
"للخِزانَة السَّيِّدية الأفْضلية الجيوشية السَّيْفية النَّاصِرية الكافلية الهادية عمرها الله بدائم العِزّ".
وهذه ألْقابُ الوزير الفاطمى "السَّيِّد الأجَلّ الأفْضَل أمير الجَيُوش سَيْف الإسلام ناصر الإمام كافل قضاه المسلمين وهادى دُعاة المُؤمنين شاهِنشاه بن بَدْر الجمالى الذى تولّى الوَزارة فى الفترة بين سنتى 487- 515 هجرية/ 1094- 1121ميلادية وكانت له خِزانة كتب ضخمة بها خمسمائة ألف مجلد من الكتب. ثم صارَت هذه النُّسْخَة بعد ذلك إلى خِزانة كتب الفاطمين بعد مَقْتل الأفْضَل سنة 515 هجرية/ 1121ميلادية حيث نجد عليها ما يفيد أنها أصبحت ضمن كتب "الخزانة السعيدة الفائزية عمرها الله بدائم العِزّ والبقاء "أى خِزَانَة الخليفة الفاطمى الفائز بنَصْر الله (549– 555 هجرية/ 1154- 1160ميلادية).
وكانت هذه النسخة فى الأصل فى جزأين وظَلاّ فى القاهرة بعد خروجهما من خزانة كتب الفاطمين فقد أطَّلَع عليها عالمٌ جليلٌ هو أحمد بن عبد القادر بن أحمد بن مكتوم القَيْسى، المتوفى سنة 749 هجرية/ 1349 ميلادية وكتب على طُرَّه كل جزء منها العبارة التالية:
"طالعه ونَقَلَ منه فوائد الفقير إلى الله تعالى أحمد بن عبد القادر بن أحمد بن مكتوم بن أحمد القَيْسِى".
وبقى جزء من النُّسْخَة فى القاهرة أضيف إلى رصيد دار الكتب المصرية فى نهاية القرن التاسع عشر برقم 342 لغة، بينما انتقل جزؤها الثانى إلى الهِنْد فى تاريخ لا نعلمه وحُفظ فى مكتبة الجمعية الأسيوية بكلكتا. وعن هذه النُّسْخَة نَشَرَ الشِيخ حمد الجاسر الكتاب وصَدَرَ عن دار اليمامة بالرياض سنة 1992ميلادية .

ملحوظة هامة جدآ:
المقالة منقولة ولا أعلم مصدرها الأساسى من النت

جآء الأمل
Sep-05-2006, 04:46 PM
مشكور أخي أحمد على المقالة جدا جميله الله يعطيك العافية
:)

أحمد حسن (المعلوماتى)
Sep-06-2006, 04:06 PM
الأخت الكريمة/ جآء الأملمشكور أخي أحمد على المقالة جدا جميله الله يعطيك العافية
:)
اشكر لكى مرورك الكريم
دمتم لنا بالخير

تحياتى لك