المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : من جريدة الصباح : مكتباتنا العامة... متى تستعيد روادها؟


AHMED ADEL
Sep-13-2006, 03:33 PM
العراق: مكتباتنا العامة... متى تستعيد روادها؟

سعدي غزالة:
لايخفى على احد دور واهمية المكتبات العامة في عملية البناء الحضاري والتحول الى المجتمع المدني، غير ان واقع هذه المكتبات لايسر ابدا، فبعد ان عمل النظام البعثي على تهميش دورها ومصادرة كميات كبيرة من كتبها، التي كانت لاتنسجم مع فكره الفاشي، نجدها اليوم اتعس حالا مما كانت عليه، فقد تعرض اغلبها الى السرقة والنهب، واستغلت من بعض العوائل كمكان للسكن.




لقد هالنا ما رأيناه من واقع مرير تعيشه هذه المكتبات فمن ثماني عشرة مكتبة منتشرة في بغداد وضواحيها تعمل الان ثماني مكتبات فقط، وهي تعاني الكثير من النقص وعدم الاهلية في ان تكون مكتبة عامة تقدم خدماتها لروادها .

البداية كانت مكتبة الاعظمية المركزية العامة.. هذه المكتبة ذات التأريخ الطويل الذي يتذكره ابناء المنطقة ممن كانوا يرتادونها وينهلون المعارف التي تتضمنها كتبها..
هذه المكتبة كان من المفترض ان تقوم بادارة بقية المكتبات وتغذيتها بكل ما تحتاجه من كتب، الا ان المفارقة الحاصلة انها حاليا لاتملك كتابا واحدا . فقد حدثتنا امينتها ميسون كمال جواد عن حالها قائلة:
” تعرضت مكتبتنا، حالها حال الكثير من المكتبات، الى السرقة والنهب، فقد سرقت كل الكتب والاثاث ومن ثم شغلت كمكان للسكن من قبل عشر عوائل.. وبعد معاناة طويلة مع هذه العوائل استطعنا اخراجهم وبمساعدة وزارة الداخلية ثم جاءت مرحلة الاعمار.. حيث قامت احدى الشركات باصلاح البناية عن طريق الدول المانحة .. الا اننا حتى هذه اللحظة لم نتسلم اثاث المكتبة.. والمكتبة كما تراها عبارة عن قاعات خالية .
ام حسين تروي لنا قصتها
ومن الاعظمية انتقلنا الى الكاظمية فكانت هناك الاخت ام حسين التي روت لنا قصتها مع المكتبة .
” تعد مكتبتنا من اقدم المكتبات العامة في بغداد حيث تأسست سنة 1947 م وفيها كتب قيمة عمرها اكثر من مئة سنة هي من المصادر المهمة وعندما سقط النظام حاول البعض سرقتها وبالفعل سرق بعض اثاثها ـ والحمد لله ـ لم يلتفتوا الى اهمية الكتب الموجودة فيها .. وبحكم قرب سكني من المكتبة هرعنا اليها على الفور وقمنا بحمايتها ، انا وزوجي من العابثين. الى ان استقرت الامور وبدأنا بترتيبها من جديد.. الا انها ما زال يعوزها الكثير، فنحن حتى هذه اللحظة لم يرجع لنا خط الهاتف وكذلك نفتقر الى جهاز الحاسوب.. ولاتوجد نثرية للمكتبة لسد احتياجاتها.. والقاعات غير صالحة للجلوس فيها وملاكنا قليل فلا يوجد لدينا حارس ولا عامل نظافة.. فنحن نقوم بالتنظيف. وقد تقدمنا لجلب حارس الى المكتبة فلم يستجب احد لطلبنا.
وسألتها عن حال الكتب وما الجديد الذي طرأ عليها؟
ـ” منذ السقوط وحتى هذه اللحظة لم تزودنا وزارة الاشغال وهي الجهة المسؤولة حاليا عن توفرمستلزمات المكتبة العامة حيث ان اخر وجبة كانت عام 1986 وهي كتب اغلبها حزبية تمجد بالدكتاتور في حين رفعت من المكتبة اربعة الاف كتاب، كان يعتقد النظام السابق بانها معادية له.
واخيرا تساءلت ام حسين كما يتساءل الكثير من المثقفين والمهتمين بامور الكتاب عندنا” اذا كانت وزارة الاشغال لاتلتفت لحال هذه المكتبات لماذا لايتم نقلها لوزارة الثقافة؟ وكيف يوضع شخص غير مختص ويعين مديرا عاما للمكتبات ؟
وهي اسئلة، في اعتقادنا موضوعية نحيلها بدورنا الى مجلس محافظة بغداد المسؤول الاول عن هذه المكتبات .
المفاجأة كانت هنا !
امين مكتبة ذات السلاسل حسين علي جثير فأجانا بما انجزه من العديد من الاستبيانات من خلالها حدد مقترحات من شأنها تطوير المكتبات العامة.. لكنه لم يجد من يستمع اليه ويعمل بمقترحاته.
لماذا لاتعود عائدية المكتبات الى وزارة الثقافة بدلا من وزارة الاشغال؟
ـ” سبق ان تقدمت بهذا المشروع واتهمت من قبل مديرية الاشغال ورئيس قسم المكتبات لتحريض وزارة الثقافة لضم المكتبات اليها .
ماذا عن مقترحاتك ايضا؟
ـ من بين ماوجدته مناسبا للنهوض بعمل المكتبات ضرورة عقد مؤتمر للمكتبات وفتح موقع للانترنيت في كل مكتبة وتشكيل هيئة وطنية للمكتبات، والمقترح الاخير حاز على اعجاب المثقفين واساتذة الجامعات والمكتبة الوطنية.
وبعد ذلك ـ والكلام لجثير ـ قمت بمسح واستبيان في بغداد والجامعة المستنصرية للوقوف على واقع المكتبات الذي تعيشه بعد السقوط. اتضح من خلاله بان المكتبات لاتقدم اية خدمة، ولم تكن فاعلة او مؤثرة في المجتمع وانما هي فاشلة وبنسبة 100 % وقد وصل عدد من نسخ هذا الاستبيان الى محافظة بغداد .
وماهي المساعدات التي تلقتها مكتبتكم؟
ـ المكتبة لم تتلق اية مساعدات من الجهات المعنية بالامر سواء من مجلس محافظة بغداد او وزارة الاشغال وانما تلقينا بعض المساعدات مجلس من جهات او احزاب ولكن دون التدخل باستقلالية المكتبة وقد حصلنا على اعداد كبيرة من الكتب وفي مختلف العلوم. اما على صعيد الاثاث والمواد الكهربائية فقد حصلنا على مبردة هواء واحدة و لانمتلك غيرها، واربع مراوح.
وهل من ملاحظات اخرى؟
ـ نعم .. هناك الذي يؤشر على المكتبات ويؤخذ عليها منها ان عدد الموظفين قليل ولا يفي بالحاجة. واغلب امناء المكتبات لايحملون شهادة البكالوريوس وقد جرى تعيينهم من دون سؤال عن اختصاصهم او شهادتهم.
هذا اضافة الى ان المكتبات لم تزود بالكتب الجديدة من تاريخ تأسيسها حتى الان عدا كتب وكراريس النظام السابق.
توجهنا الى مجلس محافظة بغداد وبالتحديد الى عيسى الساعدي عضو مجلس المحافظة ـ مسؤول لجنة اعلامية ـ وعرضنا عليه واقع حال المكتبات وما تمر به من اهمال كبير. واجاب :
ـ نحن نعد مسؤولين عن هذه المكتبات باعتبارها تابعة لمجلس المحافظة ولكن مشكلتنا باننا لانمتلك الصلاحية عمليا. وانما هي اي الصلاحية موجودة قانونا فقط.. وباعتبارنا جهة مشرعة فعلى الوزارات المعنية عندما نقوم بمخاطبتها ان تنفذ اوامرنا او مانريد منها باعتبار الوزارة الجهة التنفيذية.. ومشكلة الوزارات لدينا انها تريد ان تكون هي الجهة المشرعة والمنفذة في الوقت نفسه.
وبعد كل هذا فاذا قمنا بمخاطبة وزارة الاشغال فلا اتوقع ان يستجاب لنا فهناك الكثير من الحجج الجاهزة. من ميزانية الوزارة التي لاتتحمل ومن ان هناك امورا اوجب.. وهكذا..
ـ ومع الاسف فان هناك عمليات عشوائية تجري في اعادة اعمار بعض المكتبات كما حصل مع مكتبة الاعظمية المركزية. التي تم ترميمها من قبل الدول المانحة.. ومن دون النظر الى بقية المكتبات ومن دون دراسة ميدانية شاملة لما تتطلبه المكتبات من احتياجات وانا ومن خلال جريدتكم اناشد مؤسسات المجتمع المدني الفعالة لتفعيل دور المكتبات من خلال مدها بالكتب او اية مصادر اخرى