المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مكتبات المساجد ، مقال لحنان آل السيف


يوسف العتيق
Oct-01-2006, 08:42 AM
الاخوة الكرام
السلام عليكم وكل عام وانتم بخير ،
هذا مقال نشر في صحيفة الجزيرة ( صفحة وراق الجزيرة ) للكاتبة الأستاذة حنان آل سيف ، آمل أن تجدوا فيه ما يهمكم .

مكتبات المساجد ..دراسة تاريخية

* تأليف - د. مكي بن نسيب السباعي


* ترجمة - د. هاشم فرحات سيد -


د. محمد جلال غندور:


* قراءة - حنان بنت عبدالعزيز آل سيف:


تعد دراسة تاريخ الكتب والمكتبات دراسة لتطوير الفكر الإنساني، في ركوده وتألقه؛ لأن الكتاب هو تعبير عن هذا الفكر، يعكس نتاجه، ويقدم أعماله، بينما تعد المكتبة دليلاً بارزاً آخر عن طريق هذا التطور؛ لأن ازدهارها في عصر من العصور هو دليل على رقي هذا العصر، وانطلاقة في مجال العطاء العلمي، والإبداع الثقافي، وقد أحب العرب الكتب حباً ملك عليهم قلوبهم ومشاعرهم، فأعطوها من رعايتهم وتقديرهم الشيء الكثير، ولا أدل على ذلك من وصف الجاحظ ذلك الأديب العباسي الفحل، والطاقة الإبداعية الفذة، للكتاب، وذلك حينما قال: (الكتاب وعاء مليء علماً وظرف حشي ظرفاً، وإناء شحن مزاحاً وجداً، إن شئت ضحكت من نوادره، وإن شئت عجبت من غرائب فرائده، وإن شئت ألهتك طرائفه، وإن شئت أشجتك مواعظه.. والكتاب هو الذي إذا نظرت فيه أطال متاعك، وشحذ طباعك، وبسط لسانك، وجوّد بنانك ، وفخم ألفاظك، ونجح نفسك، وعمر صدرك، ومنحك تعظيم العوام، وصداقة الملوك، وعرفت به في شهر ما لا تعرفه من أفواه الرجال في دهر).


هذا وقد نشأت المكتبات عند العرب المسلمين مع المساجد، التي لم تكن مراكز للعبادة فحسب، بل كانت أيضاً أماكن للتزود بالعلم والمعرفة، فضلاً عن كونها أماكن للحياة السياسية والاجتماعية، كما كانت في أوائل العهد الإسلامي مراكز لإدارة الدولة وتسيير أمورها، لذلك كان المسجد يحتفظ بنسخ عن القرآن الكريم وتفسيره وصحف الحديث وغيره.


ويمكن القول إن مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم هو أول مكتبة إسلامية بالمعنى البسيط لهذه الكلمة، إذ كان يجمع فيه ما كان يدونه كتاب الوحي من آيات قرآنية نقلت بعد وفاته إلى بيت الخليفة الأول أبي بكر الصديق - رضي الله تعالى عنه- ثم بدأت المكتبات الإسلامية بالظهور منذ مطلع العهد الأموي، وازدهرت في خضم العصر العباسي ووجه خلفاء الدولة العباسية وحكامها عناية فائقة للمكتبات، فعرف العالم الإسلامي جميع أنواع المكتبات الموجودة اليوم تقريباً مثل المكتبات الخاصة والخلافية والعامة ومكتبات الدولة ومكتبات المدارس وخصوصاً المكتبات الملحقة بالمساجد ولهذا النوع من المكتبات تاريخ مضيء حافل، وبين ناظريّ كتاب مفيد، في طرحه فريد، أسلفت لك عنوانه واسم مؤلفه قبل قليل، وهو يبحث في تاريخ مكتبات المساجد، ويرصد تطورها وانتشارها على مدى التاريخ العربي الزاهر، وإن دلت هذه المكتبات على شيء فهي دالة رقي العقل العربي والبصيرة العريبة الإسلامية، وقد تفنن العرب في هذا النوع من المكتبات وتأنقوا في تنشئتها وتطويرها، فقال قائل منهم:


يا حبذا مكتبة قد جمعت

العلم فيها كتب لطائف

يعم أرباب العلوم نفعها

فكل طالب عليها عاكف

كأنها للطالبين مورد

فكل راو من نداها غارف

أنعم بها من نعمة قد عرفت

للطف والبنا بها عوارف

وفي مقدمة المؤلف الدكتور السباعي، إشارة إلى ما يجمعه الكتاب بين طرفيه، وإلماحة إلى ما يحويه بين برديه، وذلك في قوله: (يتتبع هذا العمل البدايات الأولى لمكتبات المساجد وخلفية نشأتها، كما يعنى بوضع تصور متعمق لماهية هذه المكتبات وطريقة تنظيمها، وذلك بغرض تقديم صورة واضحة لمكوناتها المادية، وعملياتها الفنية، وسبل تقديم خدماتها، كما يسعى إلى تزويد القارئ بمعلومات مهمة عن طبيعة مقتنيات تلك المكتبات وتنوع موضوعاتها والقيمة التراثية الحقيقية التي تمثلها مجموعات كتبها، ويتناول الكتاب أيضاً بالشرح والتفسير عدداً من القضايا المهمة، من ذلك ما يتعلق بتمويل هذا النوع من المكتبات وأسلوب إدارتها وسياسات التزويد والإعارة التي استخدمت بها، والمعايير التي كانت تتبع لدعمها وصيانتها، مستعيناً في ذلك ببليوجرافية تتصف بالشمولية والعمق التخصصي).


ويسترسل مؤلف الكتاب في حديثه عن موضوع مكتبات المساجد من خلال مقدمة كتابه السهلة الممتنعة فيقول ما فحواه:


(على الرغم من إجماع غالبية المؤرخين والباحثين على اعتبار مكتبات المساجد إحدى المقومات الأساسية لقطاع المكتبات في العالم الإسلامي، فإن القليل منهم من تعرض للكتابة عن هذا الموضوع، وبصرف النظر عن بضع مقالات متناثرة هنا وهناك، وبعض الإشارات السريعة التي وردت في أعمال متفرقة كتبت لأغراض دينية وأدبية وفكرية مختلفة، فإنه لا توجد أية كتابات باللغة العربية أو غيرها، كرست خصيصاً لدراسة التطور التاريخي لهذا النوع من المكتبات أو لتوضيح علاقته الوثيقة بالثقافة العربية، وبنظام التعليم في الإسلام، وعلى كل حال فإن القارئ سيدرك بنفسه أن مكتبات المساجد بمقتنياتها وخدماتها المتنوعة، قد أدت دوراً أكثر حيوية وأعظم أثراً في تاريخ الحضارة الإسلامية مما عزاه لها الباحثون المسلمون أو غير المسلمين في كتاباتهم المنشورة).


ويضم هذا الكتاب بين إهابية ستة فصول جاءت على النسق والترتيب التالي: الفصل الأول: المسجد في المجتمع الإسلامي، الفصل الثاني: نشأة الكتب في المجتمع الإسلامي، الفصل الثالث: نشأة مكتبات المساجد، الفصل الرابع: عرض تاريخي لمكتبات المساجد، الفصل الخامس: معالم مكتبات المساجد وأنشطتها، الفصل السادس: أفول عصر مكتبات المساجد.


ويؤكد الكتاب معلومة مهمة، وهي أن مكتبات المساجد قد أنشئت من قبل أفراد لهم اهتمامات وخلفيات اجتماعية واقتصادية متفاوتة وكما هو متوقع فقد كان للحكام والأمراء ورجال الدين فضل السبق إلى ذلك، وخلاصة القول: إن هناك العديد من الشواهد التاريخية التي تؤكد أن مكتبات المساجد كانت من أوائل المراكز التعليمية الإسلامية كما يوجد أيضاً دلائل قوية على أن هذه المكتبات كانت من أول أنواع المكتبات التي ظهرت في العالم الإسلامي، وقد زاولت مكتبات المساجد نشاطها كمكتبات فعالة بكل ما تحمل هذه الكلمة من معان، فلم تكن مجرد مخازن للكتب أو قاعات للاطلاع، بل كانت جزءاً لا يتجزأ من المؤسسة التعليمية (المساجد) التي تتبعها، وساندت هذه المكتبات العملية التعليمية التي اضطلعت بها المساجد، وبذلك قامت مكتبات المساجد بدور حيوي ونشاط بارز في الحياة الفكرية والثقافية في المجتمعات الإسلامية، أكبر بكثير مما تناولته كتابات الباحثين المسلمين منهم وغير المسلمين الذين لم يعطوها كامل حقها من البحث والدراسة والتمحيص.


لمحات من تاريخ الكتاب والمكتبات، د/ عبداللطيف الصوفي، الطبعة الأولى عام 1987م. مطبعة طلاس - دمشق - سوريا.
عنوان المراسلة: ص.ب 54753 الرياض 11524
رابط المقال
http://www.al-jazirah.com/2488978/wo4d.htm