المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تقديم لكتاب "المكتبات في العراق منذ اقدم العصور حتي الوقت الحاضر "


AHMED ADEL
Dec-25-2006, 09:39 AM
صدر مؤخرا وعن دار الشؤون الثقافية العامة في بغداد كتاب ثمين لمؤلفه الباحث فؤواد يوسف قزانجي يحمل عنوان
" المكتبات في العراق منذ اقدم العصور حتي الوقت الحاضر "

استعرض فيه نشاة مكتبات وادي الرافدين منذ عصورها القديمة ، ويخلص الى ان المكتبات ودور الوثائق والسجلات في العراق القديم وجدت داخل المعابد الدينية وبعض المدارس والقصور الملكية، وان معظم المكتبات التي وجدت بقاياها في وادي الرافدين كانت دورا للمحفوظات والسجلات او مكتبات مدرسة عثر عليها في معابد المدن السومرية والبابلية والاشورية ، وكان يطلق على تلك الدور " بيت الرقم " او " بيت الالواح " وكان الرقيم يسمى " دب ".

ويستعرض الباحث طريقة الكتابة والنسخ وطرائق الحفظ لدى الانسان العراقي القديم ، لا سيما وان للمعبد دورا مهما في الحفاظ علي هذا التراث الكتابي الهائل ، اذا كان المعبد يضم حجرة او حجرتين تحتويان على مجموعة من الرقم الطينية المفخورة واحيانا كانت هنالك حجرة خاصة بالتعليم يستعملها التلاميذ الذين سيصبحون نساخا او كتابا في المعبد او في القصر الملكي ، وكان خازن الرقم او ناسخها يقوم بنسخ بعضها كالادعية والصلوات ووصفات السحر، وكان لا بد من تنسيق هذه الخزانة وضبط محتوياتها وفرز القديم منها وترتيبها على الرفوف او في جرار وفق موضوعاتها او حجمها بحيث تشبه ما يمكن تسميته بمكتبة المراجع.

ويرى الباحث ان عملية التدوين بقيت في العصور القديمة حكرا على طبقة معينة من النساخ او الكتاب، وبحسب مهارتهم وخبراتهم المكتسبة من فنون الخط السومري، بل صارت مهنة متوارثة في العائلة الواحدة ، فالعراقي القديم اخذ يكتب على الرقم والالواح الطينية منذ الالف الرابعة قبل الميلاد بعد ان كانت صورية، وان السومريين هم اول من جمع المحفوظات والسجلات الخاصة بهم.

يرجح الباحث ان اول ما يمكن تسميته ب " المكتبة " هو ما اكتشف في المعبد الرئيسي في مدينة اوروك ( 3500 ق . م ) . كما انه ليس من الصعب القول بوجود مكتبات منظمة عامة او خاصة في زمن الامبراطورية الاشورية حيث اعتنى ملوكها بالمكتبات عناية خاصة ، مثال ذلك ما اكتشف في عهد الملك سرجون الثاني ( 722 – 705 ق . م ) حيث نمت مكتبة واسعة ضمت محتوياتها معظم نصوص الثقافة القديمة ولا سيما الاشورية منها . ولما كانت المعابد هي الحاضنة الاولى للمكتبات حيث نمت وترعرت وكبرت وعرفت فائدتها ، لذا كان هناك " أمين مكتبة " وهو كاهن برتبة عالية ، وفي مكتبات القصور كان أمين المكتبة موظفا بارزا يختاره الملك بنفسه من ابناء العائلات النبيلة ذوات الثقافة.

وكانت العناية بالمكتبات على قدر كبير من الاهتمام والدقة وقد تطورت الى درجة استحداث " فهرس " لتلك الرقم الكتب .

وكانت اول مجموعة عرفت في التاريخ هي مجموعة المعبد بسبب الحاجة التي تعود الى متغيرات سياسية والى الهجرة والتهديد بغزو ، او نتيجة لتعدد أداب وادي الرافدين ، وتشمل مجموعة بيت الرقم نسخا في القوانين والطقوس والتراتيل الدينية وحكايات بدء الخليقة وسيرة الالهة .

وكانت الكتب " الرقم " تحفظ في مكان مقدس في المعبد ثم تليها في الاهمية المكتبات الحكومية ودور السجلات والوثائق الرسمية.

ويخلص الباحث الى ان الانسان العراقي القديم في وادي الرافدين قد استعمل كافة انواع المواد لتسجيل الموضوعات التي اعتمدت عليها حياته وثقافته فأتخذ الى جانب الالواح الطينية الخشب واوراق الشجر والقماش وبعض الاشجار الصلبة المسلات أما الكتابة فكانت تنسخ او تحفر بازميل من معدن او خشب.

يستعرض الباحث مكتبات وادي الوافدين تاريخيا وبحسب أهميتها الاجتماعية والثقافية والادارية ، ويبحث في اسرارها وموضوعاتها، ولا بأس من الوقوف على أبرز هذه المكتبات.

يؤكد المؤرخ جيمس برستد ان مكتبة اشور بانيبال هي اول مكتبة منتظمة وجدت ، بينما تشير الكثير من المصادر العالمية الى ان اشور بانيبال هو اول مكتبي في العالم ، ويعد هذا الملك من الملوك المثقفين في وادي الرافدين ، فلقد اهتم بالكتاب وعنى به واستجلبه من أماكن متفرقة لا سيما ما كان منه قديما لغرض حفظه ، وقام بتخصيص جناح في قصره الضخم لحفظ الاف الرقم الطينية التي جمعها من انحاء الامبراطورية وذلك بارسال مبعوثين للبحث عن كتابات الاقدمين وأداب وثقافات لعهود التي سبقته ، وقد دعا الجناح الذي ضم هذه الرقم " بيت الالواح " ويعتقد الباحث ان مكتبة اشور بانيبال كانت أعظم مكتبة عرفت حتي الان في التاريخ القديم وقد ضمت زهاء مائة الف رقيم طيني هي خلاصة الحضارة البابلية --- الاشورية تضم مكتبة اشور بانيبال مجموعة قصر الملك سنحاريب ومجموعة معبد " نابو " في نينوي، كذلك ما جمعه رسل ونساخ الملك الاشوري وما عثروا عليه في مدن اشور وبابل ونفر من كتابات وأعمال تمثل التراث السومري والثقافة البابلية، وقد بلغ مدى اهتمام هذا الملك بالكتب والمعرفة درجة ان يندر أن تحدث بها مثقفو عصره وتبين مجموعات الرقم الضخمة في مكتبته انها قد حوت مكتبا متكاملا من الاعمال الفكرية المختلفة ، لا سيما موضوعات السحر والطقوس الدينية والتنبؤ بالغيب والتنجيم ، بما يشير الى انتشار هذه الموضوعات في تلك العصور ، ولم تكن مكتبته دارا للسجلات والالواح والمحفوظات الرسمية والتجارية ، بل كانت اشبه ما تكون بمكتبة وطنية جمعت تراث وادي الرافدين باكمله وفاقت جمع المكتبات القديمة تنظيما.

وقد وجد في مكتبة نينوي نوع من التصنيف العام يدعي " التصنيف الملكي " نسبة الى الملك اشور بانيبال ، وخصصت فيها اركان معينة للموضوعات المهمة ، كما وجدت قوائم بالمحتويات فوق ابواب المداخل الى مجموعات الرقم الطينية مرتبة بحسب ترتيبها على الرفوف ، كما ان طريقة الاعارة التي اعتمدت التنسيق الحسابي تعد أعظم واقدم طريقة تخص التنظيم المكتبي ، أما اساليب الختم والفهرسة التي استعملت في هذه المكتبة فقد كانت متقدمة بالنسبة الى الاساليب المماثلة التي استعملت في المكتبات البابلية والمصرية والعبرية والحثية.

ووجد في هذه المكتبة اثنا عشر لوحا تصور جزءا من ملحمة جلجامش ورقما طينية ابرزها ملحمة الالهة عشتار ، وملحمة الخليقة وقصص خيالية تدور حول " انانا " التي حملت الى السماء على ظهر نسر فضلا عن مراجع لا تقدر بثمن كدائرة المعارف لقواعد اللغة الاشورية – البابلية ، وسلسلة تاريخ مملكتي بابل واشور ، ومعاجم جغرافية ، وحواليات تمثل تاريخ الاحداث بحسب تسلسلها الزمني وقوائم مطولة باسماء النباتات والظواهر الفلكية والجبال والانهار وعلامات الرياضيات واصول قواعد اللغة ووصفات الاطباء.

مكتبية سابقة
Jan-02-2007, 04:55 PM
مشكور اخوي احمد معلومات جد رائعة الله يجعلها في ميزان حسناتك
كل عام وانت بألف خير
تحياتي