المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مكانة (الوثائقي) في مجتمع المعلومات


د.محمود قطر
Feb-04-2007, 12:10 AM
بقلم السيد / محمد الصالح النابتي
تطورت الإدارة العلمية للمعلومات تطوراً كبيراً خلال النصف الثاني من القرن العشرين، تبعاً لتطور التكنولوجيات الجديدة للمعلومات المتاحة.
فظهور تكنولوجيات جديدة ولّد لدى المستفيدين احتياجات جديدة، نتيجة لاستعمالات جديدة، مما أدى إلى بروز ممارسات مهنية جديدة، أو تأكيد بعض الممارسات التقليدية التي كان المكتبي يقوم بها يوميا دون أن يدري أنها ستشكل مستقبلا أحد الاهتمامات الكبرى لتكنولوجيا المعلومات الجديدة.
إن العمل على تعميم رقمنة الوثائق، وتطوير الشبكات الإلكترونية في المؤسسات الوثائقية في الدول المتقدمة، فتح أفاقا جديدة تتعلق بالتسيير الكلي والمتكامل ( المندمج) للمعلومات والوثائق.
إن المتخصصين في التوثيق هم المعنيون بالدرجة الأولى بهذه التغيرات التكنولوجية، وخاصة في مراحل تطبيقاتها الأولى، لأنها ـ أي التغيرات ـ كانت موجودة فقط على مستوى المؤسسات الوثائقية من مكتبات و مراكز توثيق.أما الآن فإن هذه التكنولوجيات تنتشر بسرعة كبيرة في مجالات أخرى أكثر منها في مجالات التوثيق والمعلومات، وهذا ربما هو السبب الذي جعل بعض المؤسسات وخاصة الاقتصادية، تراجع دور ومكانة مراكز التوثيق بها، التي أنشأتها قديما)أي قبل تطبيقاتها للتكنولوجيات الجديدة(. ففي دراسة ميدانية أجريت على المؤسسات الاقتصادية الكبرى في فرنسا حول مهنة )وظيفة( التوثيق فيها، اتضح أن هذه الوظيفة غير متجانسة في بعض المؤسسات: فهناك مؤسسات أضافت إلى وظيفة التوثيق والمعلومات وظائف جديدة فرضتها التكنولوجيات الجديدة كوظيفة اليقظة الاقتصادية مثلا، وهناك مؤسسات، عكس الأولى عملت على تمييع هذه الوظيفة وذلك بتوزيعها على مستوى كل المصالح، بحيث لم تعد مهمة التوثيق والمعلومات من اختصاص مصلحة واحدة، تخضع لهيكلة إدارية معروفة وذلك كما كان معمولا به سابقا (1).
فالدراسات الجارية حول مهنة التوثيق في ضوء هذه التغيرات الجديدة، ما زالت قائمة، وأغلبها يؤكد على أن هذا الدور سيتعزز أكثر فأكثر. فكلما تطورت هذه التكنولوجيات ازدادت الحاجة إلى مهني الوثائق والمعلومات.فالتطورات التي تعرفها الآن تكنولوجيات المعلومات والاتصال ما هي إلا نتيجة لسلسلة من التطورات يمكن توزيعها على مراحل عدة أساسية. وسنحاول تبيان المتغيرات الجديدة التي أحدثتها هذه التطورات على المهنة الوثائقية بصفة عامة، وخاصة في العالم الغربي نظرا لتبني مؤسساته الوثائقية هذه التكنولوجيات قبل غيره من الدول.
المراحل الأساسية التي قطعتها تكنولوجيا المعلومات والاتصال:

1- مرحلة الستينيات
في هذه المرحلة ظهرت مراكز التوثيق والمعلومات كمؤسسات جديدة، تسمح بالنفاذ المباشر للوثائق والاستفادة منها. وقد كان تأسيس أو إنشاء هذه المراكز السبب الرئيس في استحداث وظائف مهنية وثائقية جديدة، مثل ما حدث في فرنسا سنة 1963 ، حيث أنشئت جمعية الوثائقيين والمكتبيين المتخصصين الفرنسيين (ADBS=Association des documentalistes et bibliothécaires specializes) التي أصبحت تعرف فيما بعد بجمعية مهني المعلومات والتوثيق(2).
وهذا دليل على أن الممارسات المهنية المكتبية التقليدية ـ لم تعد وحدها كافية لتلبية حاجات المستفيدين، الذين أصبحوا يطالبون أكثر بالاستفادة المباشرة من الوثائق ومن المعلومات. فالصيغة الجديدة التي جاءت بها هذه المراكز الوثائقية والتي تعتمد على التعامل المباشر مع الوثائق فرضت على مهني التوثيق ضرورة التأقلم معها. ويمكن النظر إلى هذه المرحلة بأنها هي المرحلة التي بدأ يتبلور فيها، المجتمع الجديد الذي يعرف الآن بمجتمع المعلومات، الذي يؤكد الجميع أنه ظهر سنة 1956 عندما تجاوز، في الولايات الأمريكية وحدها، عدد العاملين في قطاع الإعلام عدد كل العاملين في القطاعات الإنتاجية الأخرى(3).

2- مرحلة السبعينيات
أما مرحلة السبعينيات فهي بحق مرحلة تطبيق المعلوماتية على الإجراءات المكتبية المختلفة. إذ يمكن عد هذه الفترة المنعرج الحاسم بالنسبة للمكتبات، حيث شرعت هذه الأخيرة في وضع مشروعات برامج مست كل الخدمات المكتبية. فظهرت قواعد وبنوك معلومات بيبليوغرافية كبرى عامة ومتخصصة سمحت للباحثين بالاستفادة منها استفادة قصوى، بفضل التطبيقات التي توفرها البرمجيات المستعملة في هذه البنوك والقواعد المتخصصة في البحث البيبليوغرافي الوثائقي.
وقد حدث تطور كبير في بنوك وقواعد المعلومات البيبليوغرافية في نهاية السبعينيات، تمثل في أن مصالح البريد والمواصلات اقترحت حلولا لنقل المعطيات أو البيانات بفضل التجهيزات الكبرى التي وضعتها: مثل شبكات نقل المعطيات بقوة بث عالية كشبكة ترانس باك الفرنسية(transpac ) وغيرها من الشبكات على مستوى العالم الغربي. وقد نتج عن ذلك إنشاء مراكز خاصة تسمى بمراكز تقديم الخدمات (Serveurs) التي هي بمنزلة أسواق كبرى لتوزيع المعلومات، ووسيلة للاتصال بعدد كبير من بنوك وقواعد المعلومات. وقد اصطلح على تسمية هذه المرحلة بمرحلة التوافق بين تكنولوجيا الحاسوب من جهة، وتكنولوجيا الاتصال من جهة أخرى. ونظرا للعرض القوي للمعلومات، الذي تميزت به هذه المرحلة فقد أصبح من الضروري على الوثائقي ـ أو مهني التوثيق ـ أن يقدم نفسه كوسيط متخصص، بإمكانه أن يختار للمستفيدين المعلومات الصحيحة والملائمة. فكان يستمع لرغبات الباحثين باهتمام كبير قبل البدء في رحلة البحث عن المعلومات في مختلف القواعد، سواء كانت هذه القواعد داخلية أو كانت خارجية، لأن الاستفادة من المعلومات لم تعد مقتصرة على ما هو موجود على المستوى المحلي فقط، فالتوافق الذي تم بين الحاسوب ووسائل الاتصال مكن الباحثين من الاطلاع على محتويات قواعد معلومات خارجية .
وما يميز هذه المرحلة أن الباحث لم يكن في استطاعته أن يبحث وحده عن المعلومات لأن عملية الربط بقواعد المعلومات لم تكن ممكنة إلا على مستوى المكتبات ومراكز المعلومات، ثم إن هذه القواعد لا يمكن الاستفادة منها هكذا بصورة مباشرة وإنما يستوجب قبل ذلك التعرف على وسائل البحث المساعدة وهي وسائل خاصة بكل قاعدة معلومات كالمكانز وقوائم رؤوس الموضوعات وغيرها ، وهذه الوسائل لم تكن دائماً في متناول الباحثين بقدر ما كانت تشكل العمل الرئيس للمكتبيين والوثائقيين وهذا كاف لتأكيد وساطة مهني التوثيق .

3- مرحلة الثمانينيات
إن ما يميز هذه المرحلة هي البوادر الأولى في عملية ربط الحواسيب ببعضها لإنشاء أو لتأكيد مبدأ الشبكة العالمية "الانترنيت" وما جاءت به من تغييرات مست ـ في هذه الحالة ـ كل المجالات ولم تقتصر على المكتبات ومراكز التوثيق، بل إن هذه الأخيرة- أي المكتبات ومراكز التوثيق- هي التي راحت تحدث تغيرات جذرية على كل مكوناتها ) مرافق، خدمات، وغيرها ( حتى تستفيد استفادة مثلى من هذه الوسيلة الجديدة، وما تقدمه من خدمات جمة. غير أن ما يميز هذه المرحلة أكثر هو بروز الأقراص المدمجة(المكتنز (CD-ROM، التي تعد أدق نظم النشر الإلكتروني، والتي أحدثت ممارسات جديدة سواء بالنسبة للمستفيدين أو بالنسبة للمهنيين وقد ازدادت استعمالاتها أكثر خاصة عندما أدمجت قارئاتها في الحواسيب ولم تعد مستقلة عنهم وظهرت هي في فترة انتشرت فيها صناعة الحواسيب الشخصية المتعددة الوسائط . فقد أربكت هذه الوضعية الوثائقيين إذ ساعدت المستفيدين بالاستقلال نوعاً ما عن المكتبات ومراكز التوثيق لما لاقوه من إمكانيات تقدمها لهم هذه الوسائط المتعددة بطرق سهلة للغاية .
وظهور الأقراص المدمجة يعد بداية النشر الإلكتروني كما سبق ذكره حيث تم تحويل المصادر المهمة المطبوعة إلى مصادر الكترونية وعملية رقمنة المعلومات ما زالت مستمرة بقوة وهذا في حد ذاته نتجت عنه بعض الإشكاليات : فمهنيي التوثيق وجدوا أنفسهم في هذه المرحلة المتواصلة والمستمرة مجبرين من جهة على التأقلم مع متطلبات المصادر الجديد الرقمية ومن جهة أخرى الاستمرار في نمط العمل الذي تفرضه المصادر المطبوعة وقد يتضح هذا الأمر أكثر في تنمية المجموعات الوثائقية في المكتبات المهجنة وهو نمط شائع من المكتبات التي ما زالت تحافظ على الرصيد التقليدي المطبوع وتعمل في الوقت نفسه على إضافة رصيد الكترونيا إلى مجموعاته المتاحة على الشبكة العنكبوتية العالمية "الوب" وهذا في حد ذاته يتطلب من مهني التوثيق التأقلم مع هذا النمط الجديد من المقتنيات وطرق الاستفادة منها من مصادرها وهي في أغلبها مصادر كانت متاحة على الأقراص المدمجة (4) مع العلم أن الطرق المتبعة في الاستفادة من المعلومات المتاحة على (الوب) يمكن استنباطها مما كان متبعاً في المصادر التقليدية من تقييم ومعالجة وغيرها من الخدمات المكتبية مع بعض الخصوصيات التي يجب على مهني التوثيق التنبيه إليها وهذا من شأنه أن يضيف إلى الوثائقي دوراً جديداً يعزز به مكانته في خضم هذه التطورات التي تحدثها التكنولوجيات الجديدة للمعلومات والاتصال.
وقد تكون هذه الوسائل التكنولوجية الجديدة بداية حقيقية لمجتمع المعلومات لأنه لم يعرف تاريخ الإنسانية مثل ما عرفته هذه الفترة سواء من حيث كثافة المعلومات وانتشارها وتواجدها في مختلف النشاطات الفردية والجماعية أو من حيث سهولة النفاذ إليها وتجدر الإشارة إلى أن هذه التطورات لم تتم هكذا بكل بساطة بل إنها تسببت في مشكلات ما زالت تبحث عن حلول لها مثل مشكلة حقوق التأليف وأمن المعلومات وموثوقيتها وغيرها من المشكلات الأخرى تتعلق بالقيم والنظام العام .

ففي ظل هذه التغيرات الكبرى فإن مهنيي التوثيق يجب عليهم أن يتحملوا مسؤولية جديدة تتمثل فيما يلي : كفاءات جديدة بالإضافة إلى الكفاءات التي يتصفون بها في السابق التي تساعدهم على الأخذ بعين الاعتبار كل ما يتعلق بالإدارة العلمية للمعلومات بهدف التحكم في محتويات المعلومات وسبل النفاذ إليها وكذلك التحكم في التكنولوجيا الجديدة الأكثر ملاءمة .
تحليهم بالفهم للتحديات الجديدة وإمكانيات المعلومات المتاحة على الشبكات الإلكترونية وكذلك مخاطرها. معرفتهم بأهم المصادر وخاصة المتاح منها على الشبكات الإلكترونية وقدرتهم على تقييمها باستمرار وهذا من شأنه أن يحافظ على استمرارية مهنتهم أكثر فأكثر .
ومما لا شك فيه أن مهنيي التوثيق العرب مدركون لأهمية هذه التغيرات وبالتالي عليهم أن يستفيدوا من تجارب الآخرين الذين سبقونا إلى تبني هذه التكنولوجيات ربحاً للوقت لأنه ليس هناك مجال للتردد .
فالتكنولوجيات الجديدة للمعلومات والاتصال وهي أساس هذا المجتمع الجديد آتية لا بد منها فلنستعد للاستفادة منها ومواجهتها بوعي وإدراك بقصد تطويعها لحاجات أمتنا وتطلعاتها المشروعة للتقدم والازدهار .


المراجع:
(1) Stiller, Henri - La Fonction information documentation dans les grandes enterprises. In Documentaliste-sciences de l'information. 2001, vol.38 n3-4 pp.222-225.
(2) Michel, Jean. Les professionnels de l'information documentaire a l'heure du document et des réseaux électroniques. In Document numérique. Vol. 1 n2, 1997. pp.217-231.
(3) الهوش، أبو بكر - تقنية المعلومات ومكتبة المستقبل ـ الإسكندرية : مكتبة ومطبعة الإشعاع الفنية ، 1996 ص 17 .
(4) المرجع نفسه .

المصدر
http://www.arabcin.net/arabic/5nadweh/pivot_5/librarian_position.htm

هدى العراقية
Feb-09-2007, 06:58 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزيل الشكر والتقدير استاذنا الفاضل وزميل الاشراف الاخ محمود قطر على هذه المساهمات المفيدة والقيمة دائما تتحفنا بكل ما هو مفيد جزاك الله خير جزاء وجعله في ميزان حسناتك


مع فائق الاحترام والتقدير

د.محمود قطر
Feb-10-2007, 03:50 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزيل الشكر والتقدير استاذنا الفاضل وزميل الاشراف الاخ محمود قطر على هذه المساهمات المفيدة والقيمة دائما تتحفنا بكل ما هو مفيد جزاك الله خير جزاء وجعله في ميزان حسناتك
مع فائق الاحترام والتقدير

الأخت الفاضلة وزميلة الإشراف / هدى
يسعدنا دوماً مروركم الكريم ، فهي تعبر عن متابعة دقيقة لكل ما ينشر باليسير من مشاركات ، وتؤكد على رغبتكم الصادقة في التواصل مع كل ما يطرح ..
شكراً لهذه المتابعة الطيبة وجعل الله -ثوابها- في ميزان حسناتك ..

تحياتي ومحبتي للجميع