المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : رهانات الإنترنت


د.محمود قطر
May-16-2007, 08:24 AM
http://www.middle-east-online.com/pictures/biga/_48032_Rhanat.jpg
http://www.middle-east-online.com/furniture/blank.gif
التملك الاجتماعي للتقنية يحتاج إلى زمن للنضوج

عن العرب ورهانات الإنترنت

كتاب جديد يطرح الإشكاليات والتحديات العربية الناتجة عن عدم الوعي بأهمية المعلوماتية


حقق كتاب "رهانات الإنترنت" الصادر عن "مجد" (المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع ببيروت) للباحث التونسي شوقي العلوي المختص في علوم الإعلام والاتصال، تميزا خاصا باعتباره من أهم الكتب التي تم الإقبال عليها من مرتادي معرض تونس الدولي للكتاب في دورته الأخيرة.
والكتاب، وهو من الحجم المتوسط في 166 صفحة، طبع سنة 2006. وتضمن تمهيدا خصص للتعريف بالإنترنت، وتحديد رهاناتها، وتوزع متنه على خمسة أبواب وهي: الرهانات التقنية، والرهانات التنموية، والرهانات السياسية، والرهانات الاجتماعية والثقافية، والرهانات القانونية.
ويكتسي الكتاب أهمية كبرى لعدة أسباب منها أنه أول كتاب عربي يتناول هذه المسألة المعاصرة، ويتوفر على جدية الباحث ودقة البحث وعمقه مع الالتزام الكامل بمنهجه العلمي التعارف عليه، وكتب بلغة عربية متينة.
لذا فهو يعد إضافة هامة للمكتبة المعلوماتية والاتصالية العربية بصفة خاصة وكذا الغربية لثراء محتواه وتنوعه وطرحه بجرأة لإشكاليات وتحديات هامة تتنزل في صميم حياة الإنسان العربي.


أهداف الكتاب

ويقترح الكتاب قراءة في رهانات الإنترنت كما طرحت في أهم المؤلفات العلمية حول هذا الموضوع.
وهي في أغلبها مؤلفات غربية ارتأى الباحث، الذي يشغل حاليا منصب رئيس ديوان وزير الاتصال والعلاقات مع مجلس النواب ومجلس المستشارين، قراءتها قراءة تحليلية وتأليفية تختزل فيها أهم المطارحات بشأن القضايا الفكرية والسياسية والثقافية والتنموية التي تناولها الغربيون الذين اخترعوا الإنترنت أو الذين كانت الشبكة إفرازا لحضارتهم وثقافتهم السائدتين في العصر الحديث.
وأكد الباحث على أنه لا يقصد "القول بأن هذه التقنية الجبارة دخيلة على السياق الثقافي العربي في عصر يشهد عولمة الثقافة." وإنما هدفه المساهمة "في إثارة الجدل حول هذه التقنية وما تحمله في طياتها من قضايا ورهانات."
وقد بنى هذا الجدل أولا على "الاطلاع على الرهانات التي طرحت في الغرب لتكون قاعدة لجدل عربي مرجو حولها أو ربما لجدل من طبيعة مختلفة قد تبرزه معطيات السياق العربي."
مضيفا أن الهدف الرئيسي لكتابه هو التصدي "للخطاب الشعاراتي الذي يردد مقولات رنانة دون غوص في عمق القضايا والإشكاليات التي تطرحها الشبكة. وأبرز أن اهتمامه بهذا الموضوع يعود إلى عدة عوامل منها "أن الإنترنت أصبح "ظاهرة اجتماعية" بعد أن راج استخدامه على نطاق واسع منذ منتصف التسعينات من القرن العشرين إن بدرجات متفاوتة، في مختلف البلدان غنيها وفقيرها وبين كل الفئات الاجتماعية."


العرب والإنترنت

استهل الباحث كتابه بتمهيد أبرز فيه القطيعة بين العالم العربي والإنترنت قائلا "على عكس العالم الغربي الذي احتدم فيه النقاش بين أنصار الإنترنت وخصومه، لم يحدث في عالمنا العربي ذلك النقاش الساخن حول هذه التقنية الاتصالية الجديدة وإن امتلأت خطب الزعماء والسياسيين ووسائل الإعلام وكتابات المثقفين بترديد مصطلحات من قبيل "التكنولوجيات الحديثة للإعلام والاتصال" و"الطرق السيارة للمعلومات" ومجتمع المعلومات" أو "مجتمع المعرفة".
ونحن لا نكاد نرى أو نسمع جدلا حول رهانات الإنترنت التي يدور حولها النقاش في الغرب: هل سيغير الإنترنت المبني على مفهوم الشبكة نمط العلاقات داخل الأسرة أو المجتمع العربيين؟ هل سيغير الإنترنت من ملامح المشهد الإعلامي العربي المحكوم في معظمه بمنطق "الإعلام" الأحادي الاتجاه أكثر مما هو تواصل بين الباث والمتلقي؟
هل سيمكن الإنترنت المستخدمين من تحقيق الحرية عامة وحرية التعبير بالخصوص؟
هل سيخلق الإنترنت أجواء من الجدل والنقاش والمحتجة التي هي أساس الديمقراطية؟
هل أن الإنترنت مناسبة للثقافة العربية أم أنه لا يلائمها؟"
ويضيف الباحث مجيبا على تساؤلاته "لا نعتقد أن هذه المسائل وغيرها مطروحة في واجهة النقاش اليوم لا في مستوى الخطاب السياسي ولا الإعلامي ولا حتى العلمي. لا نكاد نسمع سوى خطاب عام "الانخراط في مجتمع المعلومات" عن طريق إنشاء بنى تحتية للاتصالات وعن التكنولوجيات الحديثة كفرصة اقتصادية "للحاق بالدول المتقدمة" خاصة وأن الإنترنت "اقتحم كل الميادين والأنشطة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية، والعلمية، منذرا بتغيير معادلة العلاقات والبنى داخلها."


رهانات الإنترنت

لم يكن من اليسير تحديد تمثلات الإنترنت وحصرها اعتبارا للعدد الكبير من الرهانات المطروحة على الشبكة ونظرا كذلك لانعكاساتها على كل القطاعات والمجالات تقريبا.
واستعان الكاتب في حصره لأبرز القضايا والرهانات بالوثائق الختامية للمرحلة الأولى للقمة العالمية حول مجتمع المعلومات التي انعقدت في جنيف في ديسمبر/كانون الثاني 2003 وهي "إعلان المبادئ" و"خطة العمل" و"إعلان المجتمع المدني"، وبالتقريب بين القضايا التي طرحتها هذه الوثائق والرهانات التي حددها الباحث انطلاقا من دراسة الوثائق العلمية والتي تقاطعت بشكل كبير.
توصل الباحث إلى تحديد خمسة أصناف من الرهانات يمكن اعتبارها جامعة لأبرز القضايا التي يطرحها الإنترنت والتي تعكس مجمل التمثلات الممكنة لهذه التقنية الإتصالية.
وهذه الأصناف هي: الرهانات التقنية والرهانات التنموية والرهانات السياسية والرهانات الاجتماعية والثقافية والرهانات القانونية.
وأكد الباحث على أنها لا تمثل قائمة حصرية ومستوفية لكل الرهانات والقضايا المثارة حول الإنترنت.


الرهانات التقنية

نظرا لأهميتها وضعها الباحث في الصدارة، وتندرج ضمنها قضايا "البنية التحتية للإنترنت" و"الفجوة الرقمية" و"السلامة المعلوماتية" (أو الأمن المعلوماتي).
وتنطوي هذه الرهانات الثلاثة على تمثلات مختلفة للإنترنت.
وتعكس البنية التحتية تمثلا "تقنويا" للإنترنت باعتباره مسألة تكنولوجية بالأساس.
ويرتبط بذلك مفهوم "الهوة الرقمية" الذي يخفي وراءه ذات التمثل التقنوي والذي يستشف منه أن الدول المتقدمة ستزيد تقدما بفضل انتشار الشبكة فيما ستزيد الدول الفقيرة فقرا لقلة انتشارها.
وتعكس مسألة "السلامة المعلوماتية" تمثلا آخر للإنترنت باعتباره مصدرا لمخاطر متعددة بداية من "الإجرام السيبراني" والإرهاب وصولا إلى مفاهيم مثل "الحرب السيبرانية" أو تهديد سلامة المعلومات والمبادلات التجارية وغيرها.



الرهانات التنموية

تضم الجوانب الاقتصادية كالاقتصاد اللامادي والتجارة الإلكترونية وتأثيرات الإنترنت في مجالي التعليم والشغل، وهي القضايا المطروحة أكثر من غيرها في الوثائق العلمية.
وأضيفت لها في مستوى وثائق القمة العالمية لمجتمع المعلومات قضايا أخرى كالإنترنت والصحة والإنترانيت والفئات ذات الاحتياجات الخاصة مثل المرأة والشباب والأطفال والمعوقين.
وهذه الرهانات تعكس تمثلا للإنترنت باعتباره وسيلة للخلاص من الفقر والتخلف.


الرهانات السياسية والقانونية

تتمحور الإشكاليات المطروحة ضمنها حول تأثيرات الإنترنت على الديمقراطية وإمكانات خلق "ديمقراطية إلكترونية" أو "ديمقراطية سيبرانية" كما يسميها "بيار ليفي". وهذا المفهوم يعكس بدوره تمثلا للشبكة باعتبارها وسيلة إحياء للديمقراطية الغربية ولتحديدها أو لإرساء دعائمها بالنسبة للبلدان الشرقية.
وأبرز القضايا المطروحة في إطار الرهانات القانونية هي وجوب أو عدم وجوب "التأطير القانوني للإنترنت" و"إدارة الإنترنت".
وتثير قضية وضع إطار قانوني للإنترنت مجددا تمثل الشبكة كمصدر للمخاطر بشتى أنواعها. في حين تحيل مسألة "إدارة الإنترنت" على قضية هيمنة الولايات المتحدة الأميركية على الشبكة وبالتالي على تمثل الإنترنت كأداة إضافية لتحكمها وسيطرتها على العالم.


الرهانات الثقافية والاجتماعية

وقد قسمها الباحث إلى خمس قضايا رئيسية، تتعلق أولاها بالرهانات الاجتماعية للإنترنت وخاصة مسألة "الجماعات الإفتراضية " أو تأثير الإنترنت في اللحمة الاجتماعية.
وضمن هذا الإطار يطرح تمثل الإنترنت كوسيلة للتخلص من قيود الزمان والمكان وتحقيق شكل مبتكر للاجتماع بين البشر بمنأى عن الحدود والقيود الجغرافية والزمنية.
وتهم القضية الثانية مسألة "الواقع الافتراضي" التي تلقى على بساط الدرس تمثل الإنترنت كعالم آخر ينضاف إلى "العالم الحقيقي" ويوسع قدرات الإنسان متحديا مرة أخرى قيود الزمان و المكان.
وتتمحور الثالثة حول قضية "الذكاء الجماعي" وما تختزنه من تمثل للشبكة باعتبارها وسيلة لانصهار الذكاءات الفردية والمعارف المختلفة في بوتقة واحدة تحقق تراكما كميا ونوعيا للذكاء والعقل البشريين.
وأما الرابعة فهي على علاقة بالتحولات التي يدخلها الإنترنت على النموذج الإتصالي باعتبار أنه يقوم على التفاعلية وعلى إلغاء وساطة الصحفي بين الباث والمتلقي.
وتتصل القضية الأخيرة بالجدل حول التنوع الثقافي واللغوي. وهذه المسألة تبسط تشكل وسيلة أخرى لتوسيع رقعة الهيمنة الثقافية الأميركية تحديدا والغربية عموما على ثقافات وحضارات وعادات ولغات الشعوب الضعيفة.


اتجاهات

توصل الباحث في خاتمة كتابه انطلاقا من دراسة القضايا أو الرهانات المتعلقة بشبكة الإنترنت التي استخرجها من المراجع العلمية من وجهات نظر متباينة، إلى استخلاص ثلاثة اتجاهات كبرى لا يزعم "أنها استنتاجات نهائية وإنما هي مجرد اتجاهات أو فرضيات قد تحتاج إلى المزيد من التمحيص والدراسة."
وأنها لا تعني البتة ميله إلى "التقليل من شأن التأثيرات التي تحدثها هذه التقنية الإتصالية في المجتمع، وفي مختلف أوجه النشاط الإنساني بما أنها اكتسحتهما في حيز زمني قياسي لم تعادله فيه أي من التقنيات الإتصالية السابقة."
وتتمثل أولاها في أن كل الرهانات المتعلقة بالإنترنت، الوظيفي منها والقيمي، هي محل جدل بين المفكرين والباحثين حسب موقف كل واحد منهم من العلاقة بين التقني والاجتماعي الثقافي.
فمنهم من يعتقد أن التقني يؤثر أو يحدد الاجتماعي والثقافي، ومنهم من يرى عكس ذلك في حين يذهب آخرون مذهبا وسطا يقول إن التقنية تساعد وتسهل وترافق التحولات الاجتماعية والثقافية ولكنها لا تحددها.
ويرى في الاتجاه الثاني أن الإنترنت كإحدى التكنولوجيات الحديثة للإتصال والإعلام لا يخلق في الغالب إشكاليات جديدة بقدر ما يحيي الجدل حول إشكاليات قديمة أثيرت من قبل مع ظهور تقنيات اتصال سابقة (المطبعة، التلغراف، الهاتف، المذياع، التلفاز...) حول قضايا شتى مثل علاقة وسائل الإتصال بالديمقراطية والتنمية والتنوع الثقافي وغيرها.
ويتمثل الاتجاه الثالث في أن هناك بونا شاسعا بين الإمكانات النظرية الكامنة في الإنترنت والممارسات الفعلية مثلما يظهر ذلك بالخصوص في مسألة دور الشبكة في إحياء الديمقراطية. وبين على أنه من السابق للأوان تاريخيا إطلاق أحكام نهائية على التحولات الاجتماعية والثقافية للإنترنت لأن "التملك الاجتماعي للتقنية يحتاج إلى زمن للنضوج."

المصدر
ميدل إيست أونلاين

تعليق سريع :
أسس المؤلف والباحث موضوع كتابه "رهانات الإنترنت" على فرضية نشكك في صحتها حيث ..استهل الباحث كتابه بتمهيد أبرز فيه القطيعة بين العالم العربي والإنترنت قائلا "على عكس العالم الغربي الذي احتدم فيه النقاش بين أنصار الإنترنت وخصومه، لم يحدث في عالمنا العربي ذلك النقاش الساخن حول هذه التقنية الاتصالية الجديدةولعل من يطالع منتديات اليسير -على سبيل المثال- سيجد فيها الكثير من الطروحات والمناقشات التي تدور حول الإنترنت والقضايا ذات الصلة بها ، وتأثيراتها الحالية والمتوقعة على الثقافة والمثقف العربي، وعلى آليات البحث العلمي ومصداقيته، وعلى الديمقراطية ..إلخ من قضايا متشابكة .. ولا نقل شائكة .
لذا .. فنحن ندعو الكاتب لزيارة منتديات اليسير والإطلاع على تلك المشاركات ، والتي ستكون لها التأثير في إعادة النظر في فرضياته ، وفي قناعته بأن .."التملك الاجتماعي للتقنية يحتاج إلى زمن للنضوج."