منتديات اليسير للمكتبات وتقنية المعلومات - الجــشــع لا يعرف الشبــع!!!

الجشع لا يعرف الشبع

الصحافة الأمريكية والبريطانية تنهش لحم اللورد كونراد بلاك الذي كان يجلس على عرش ثالث أكبر إمبراطورية صحفية في العالم، وكان يملك صحيفة الدايلي تلغراف البريطانية.. صاحب السعادة طلع حرامي ويواجه تهما عقوبتها السجن 101 سنة (مائة سنة وسنة وكل سنة من 365 ليلة).. وبما ان عمره فوق الخامسة والستين فمعنى ذلك انه سيخرج من السجن وعمره 166 سنة، هذا طبعا إذا كان يحمل جينات سلحفاة أو فيل، ومد الله في أيامه.. لورد بلاك هذا تقدر ثروته بمئات الملايين، ولكن ولأنه دنيء وجشع ونهِم، فقد تآمر على استثمارات المساهمين في إمبراطورية الصحافة التي كان يديرها واختلس 60 مليون دولار.. قبل نحو عشرين سنة اهتزت إمبراطورية «الدايلي ميرور» البريطانية بعد ان اتضح ان مالكها روبرت ماكسويل لهف وشفط أموال التقاعد الخاصة بالعاملين في الصحيفة، وقبل ان تنتهي محاكمته لقي مصرعه غرقا في ظروف ما زالت غير مفهومة.. صاحبنا بلاك مثلا أقام حفلة «عيد ميلاد» لزوجته الحيزبون وسجل تكاليف الحفل على حساب صحيفة التلغراف.. وكان يسافر مع زوجته وأصدقائه الى جزر الكاريبي على متن طائرة خاصة لقضاء سهرات من النوع الذي لا يسمح فيه بالتصوير، ويقوم بقيد التكاليف تحت بند «مهمة رسمية».. باختصار كل الملايين الستين تلك ضاعت في أمور ترفيهية هايفة، وكما يقول المثل الانجليزي عن الأموال التي يحصل عليها الإنسان بلا تعب او عرق «إيزي كم إيزي قو».. وتلك آفة الأثرياء الحرامية، يعتبرون النقود التي يختلسونها فوائض لابد من بعثرتها بأسرع ما يمكن في نواح غير ضرورية
تذكرت حكاية السعودي الذي كان يعمل في شركة الاتصالات ثم تقاعد ورفض استلام مكافأة نهاية الخدمة كاملة، ورد للشركة مبلغا كبيرا لأنه وعلى حد قوله «ربما قصَّر في عمله او استغل ساعات العمل لقضاء مصلحة خاصة.. أو استخدم جهاز التصوير وتلفونات الشركة في أمور شخصية».. كتبت من قبل عن هذا الرجل الطيب النظيف العفيف ووددت لو أن جهة ما طبعت لافتات (بانرز) تحكي حكايته باختصار ووزعتها على دول الفول والكبسة والحمص والمنسف والكسكسيه حتى يدرك العرب ان الشخص الأمين كائن حي لم ينقرض، رغم ما نسمع ونعرف عن الذي «ما كان له قرش وبقى له كرش».. وتذكرت خيبتي وخيانتي للأمانة: استخدم القلم الخاص لجهة العمل لكتابة مذكرات خاصة.. أصور جواز سفري وشهادات أفراد عائلتي الرسمية في الفوتوكوبي الخاص بجهة العمل.. والانترنت.. بصراحة منذ ظهور الانترنت وأنا والملايين مثلي نضيع ساعتين يوميا في أمور لا تخص العمل.. واعترف بأن هذه «عمايل بلاك/سوداء».. ولكنها في منتهى البراءة مقابل عمايل اللورد بلاك.