عرض مشاركة واحدة
قديم Mar-15-2007, 09:47 AM   المشاركة20
المعلومات

محمد مكاوي
مكتبي متميز

محمد مكاوي غير متواجد حالياً
البيانات
 
العضوية: 18248
تاريخ التسجيل: Jun 2006
الدولة: مصـــر
المشاركات: 409
بمعدل : 0.06 يومياً


افتراضي فصل الكلام في معرض الكتاب

بقلم : د. ناصر الأنصاري


إذا أردنا أن نحصر الأحداث الجماهيرية التي تجري في مصر وبشكل متكرر كل سنة، ففي الأغلب سوف يأتي معرض القاهرة الدولي للكتاب علي رأس هذه الأحداث الجماهيرية، نظرا لعوامل عديدة أهمها عدد الزوار الذين يترددون عليه والذين يصل بل ويتجاوز احيانا المليون ونصف المليون زائر في فترة زمنية تصل إلي اثني عشر يوما، وهذه الأرقام الموثقة تضع معرض القاهرة الدولي للكتاب في مقدمة معارض الكتب في العالم، من حيث عدد الزوار، باستثناء معرض نيودلهي الذي يصل عدد زواره إلي خمسة ملايين من سكان القارة الهندية.
ومن غرائب الأمور أنه علي مدي هذه السنوات الطويلة مايكاد ينتهي المعرض حتي نقرأ سيلا من الانتقادات اللاذعة في أغلب الأحوال عن هذا الحدث الثقافي المهم، ومع رياح الديمقراطية، وزيادة مساحة الحرية تزداد هذه الانتقادات عنفا وضراوة.. ولكن هذا هو قدر من يتصدي للعمل العام، وقدر من يعمل في حقل الثقافة فعليه أن يتحمله ويقبله بصدر رحب، فحتي لو بدا قاسيا علي النفس إلا أن الأهداف السامية لهذا النقد تبرر الوسيلة، وهي بلاشك تنير الطريق للمسئول لأشياء قد تكون خافية عليه، ولكن بالقطع هناك أمور تكون خافية أيضا علي من يوجه النقد.
ولعل أحد الأسباب المهمة لوجود بعض القصور في خدمات المعرض هو ضآلة الميزانية عند مقارنته ظلما بالمعارض الاخري، فمعرض فرانكفورت ميزانيته تزيد عن أربعين ضعفا، وعدد زواره ثلث زوارنا، كذلك معارض الكتاب في دول الخليج مثلا ميزانيتها تتجاوز الثلاثين ضعفا وعدد زوارها يتضاءل إلي عجشر عدد زوارنا علي أحسن تقدير.
وليسمح لي القاريء العزيز بأن استعرض معه بعض النقد السلبي مع توضيح أمور قد تكون خافية عليه، فقد وجدنا مقالا في جريدة يتساءل أين الوجوه القديمة * التي اعتدنا عليها منذ أكثر من عشر سنوات، ولماذا لم تستضيفوها أيضا هذا العام في البرنامج الثقافي * ثم في نفس الجريدة وفي صفحة أخري رأي آخر يقول: إلي متي سوف يظل المعرض يستضيف نفس الوجوه، ألا يوجد مفكرون جدد، ألا يجب تجديد شباب الضيوف، ولكننا في عملنا لانخضع لهذه الهوائية في الاختيار أو للتسرع في التجديد، فسنة الحياة أن الأجيال تتعاقب وتسلم بعضها دون اهدار القامات الكبيرة، ودون اهمال الوجوه الصاعدة.
* أو أن يقال حسنا فعلتم باستضافة الفيلسوف الفرنسي الجزائري الأصل محمد أركون في المعرض، ولكن لماذا تتركون السفارة الفرنسية تستضيفه علي نفقتها؟! اذا كانت السفارة قد عرضت استضافته من جانبها ليلقي محاضرة في المركز الثقافي الفرنسي لمجموعة صغيرة من الجمهور، ووافق هو * نظرا لعلاقة صداقة تربطني به منذ كنت مديرا عاما لمعهد العالم العربي في باريس * ان يحاضر ويشارك في ندوتين بالمعرض حضرهما الآلاف ونقلها التليفزيون المصري وبعض التليفزيونات العربية علي الهواء مباشرة.
* أو أن تخرج علينا مجلة أدبية وصفحة أدبية في جريدة كبري بأن هيئة الكتاب لم تعد برنامج زيارة شاملا للاديب التركي أورهان باموق، وتركته يستقل سيارة تاكسي يتجول بها ويقوم بزياراته دون ترتيب واعداد.. أي سفه هذا؟ هيئة الكتاب التي سارعت بتوجيه الدعوة لصاحب نوبل 2006 والتي سهر عمال مطابعها اياما حتي يخرجوا كتابين له قبل المعرض، ويتاحا للجمهور أثناء وجوده، والتي ظلت تتابعه من خلال تليفونات وفاكسات ورسائل الكترونية له، ولناشرين حتي يقبل الدعوة، ورئيس الهيئة الذي استثمر معرفته الوثيقة به منذ عمله في باريس ليضغط عليه بقبول الدعوة، ومع كل هذا تغفل إدارة المعرض إعداد برنامج له؟! لا.. ياسيدي الفاضل وياسيدتي الفاضلة لقد خصصنا له سيارة مرسيدس مستأجرة لمدة اربعة ايام هي أيام وجوده، وحجزنا له تذكرة في الدرجة الأولي كطلبه، وخصصنا له جناحا يليق به في أحد أكبر الفنادق، وقام علي مرافقته طوال وجوده أحد مديري العموم بالهيئة يتقن اللغة الانجليزية، واعددنا له برنامج زيارة سياحيا وثقافيا رفيع المستوي، وقد شد علي يدي قبل سفره مؤكدا شكره وتقديره وسعادته الغامرة بهذه الزيارة، التي لن ينساها ومشيدا بحسن تنظيمها.
* أو أن يدعي كاتب اخر ان مجموعة صور المفكرين والأدباء * التي استحدثنا فكرة عرضها في أرجاء المعرض من العام الماضي، والتي تضم رموز الأدب المصري في عصر التنوير، والذين يبلغ عددهم حوالي المائة مع ترصيعها بكتابة نبذة عنهم وعن أبرز أعمالهم * تخلو من صورة د.سهير القلماوي، ويظل هذا الكاتب يعدد في ربع صفحة من الجريدة، من هي سهير القلماوي، فيظن القاريء أن أول رئيسة لهيئة الكتاب وأول رئيسة للمعرض بالإضافة لكونها أستاذة جامعية فاضلة وكاتبة وأديبة ومثقفة يمكن أن تنسي.
لا ياسيدي الفاضل.. لقد كانت صورتها موجودة ونبذة كاملة وواضحة عنها، بل كانت في مكان متميز، ولكنك للأسف لم تشاهدها غالبا، لانك لم تمر بجميع أنحاء المعرض، ولعلك سمعت فقط، ويقول المثل العربي 'ليس من سمع كمن رأي' وفي نفس السياق نقد آخر علي حق في بعض الأخطاء عما كتب تحت اسم يوسف جوهر، وهذا خطأ بشري وارد وهذه الاخطاء تداركتها ادارة المعرض منذ أيامه الأولي.
* ويدهشني تعليق صحفي علي البرنامج الثقافي بأنه افتقد هذا العام الجدل في الندوات، وكأن الجدل أصبح ميزة كبيرة، وليس الحوار الراقي الذي يجب ان يسود في مثل هذه المحافل الثقافية، أشك كثيرا في ان المطلوب في البرنامج الثقافي المصاحب لمعرض الكتاب ان يكون منبرا للجعجعة والجدل والتنابذ، فالكتاب في المعرض هو البطل وهو صاحب الحفل، والكتاب هو أرقي المنتجات الثقافية، بل وأساسها، ولابد أن تكون الانشطة المصاحبة له علي نفس الرقي.
* ولعله في سياق قريب ما اثاره بعض الكتاب والصحفيين فيما يخص الندوات الثقافية من انها لم تتضمن السياسة مثل كل عام، وهو قول غريب يتحدث عن السياسة بمفهوم ضيق ومحدود، ولعلي اقتبس جملة قالها د.مصطفي الفقي في احدي ندواته بالمعرض عندما وجه التحية لادارة المعرض قائلا 'انتقال موضوعي بالمعرض من مجرد اداة للاثارة والتسلية السياسية الي مكان للتفكير الحقيقي العميق في القضايا السياسية وابعادها، وبدورنا في العالم وعلاقتنا بالاخرين'.. وإذا كانت المحاور الرئيسية هذا العام دارت في عدة ندوات حول قضية الاسلام والغرب * سوء فهم أم هيمنة؟
(3 ندوات) ثم الاستخدام السلمي للطاقة النووية في مصر والشرق الأوسط، (ندوتان)، ثم رياح الشرق أين تذهب الهند والصين ولماذا تضاءل دور مصر معهما؟ (ندوتان) فهل هذه موضوعات سياسية أم أن المطلوب هو اذكاء الخلافات السياسية.
* ومنها ما اثاره احد المحررين الذين حضروا المؤتمر الصحفي الذي سبق المعرض قائلا: لماذا لم يتضمن البرنامج الثقافي حالة العالم العربي الراهنة، وما يحدث في العراق وفلسطين ولبنان؟.. وكان ردي عليه واضحا بأن مايحدث في العراق بين الشيعة والسنة والاكراد، او ما يحدث في فلسطين من خلافات مشتعلة بين فتح وحماس وما يحدث في لبنان من صراع بين القوي السياسية الداخلية: السنة والشيعة والدروز والمارونيين ليس للمناقشة، لانها امور داخلية لهذه الدول وخفاياها وابعادها كثيرة، إلا ان اغلب الاقلام التي تناولت هذا الرد، تناولته بطريقتها، وكانت غالبا مغرضة زاعمة * انني رفضت مناقشة امور الدول العربية الأخري، وهو قول فيه خلط مقصود.. سامحهم الله.
* ولعلي أشير هنا إلي أن البرنامج الثقافي المصاحب لمعرض الكتاب هذا العام تم اعداده بطريقة علمية مدروسة ودقيقة من خلال عدة لجان اجتمعت علي مدي شهور عديدة وفي جلسات كثيرة، وكانت الاراء فيها بناءة ومفيدة الي أن وصل إلي هذا البرنامج المتوازن الذي تم تنفيذه بحذافيره مع بعض الاعتذارات من بعض المحاضرين، وتمت دعوة بدلاء لهم. * وظهر التناقض واضحا في مواقف بعض اصحاب الاقلام عند مقارنتنا بمعارض العالم الأخري في فرانكفورت وباريس وأبوظبي ولندن، ثم رفضهم ان نحذو حذوهم في الرعاة وفي شركات تنظيم خدمات المعارض، لقد اصبح التخصص الدقيق هو السمة الغالبة اليوم. وهذا مالجأنا اليه فهيئة الكتاب هي المسئولة الأولي عن تنظيم المعرض، ولكنها تتعاقد مع شركات متخصصة في خدمات المعارض، ايمانا بالتخصص وليس بالخصخصة، وبخدمة افضل لصالح جماهير المعرض.. فهل يعد ذلك كفرا بالمكاسب الجماهيرية؟!
* ثم إن أمر الرعاية أصبح عرفا يؤخد به شرقا وغربا وشمالا وجنوبا وفي الدول الاشتراكية والرأسمالية منها، لان الانفاق اصبح أكبر كثيرا من العائدات المعتادة، التي لاتكفي لارضاء أذواق الجمهور، واصبح وجود راع أو عدة رعاة أمرا طبيعيا في الرياضة من كرة القدم إلي كرة الماء، وفي الثقافة وفي الفنون، بل وفي المؤتمرات الحزبية، فما الغريب في أن يكون هناك راعي لمعرض الكتاب، ولكن أن يصل الأمر بأحد الأقلام أن يدعي أنالبرنامج الثقافي كان من اختيار راعي المعرض بتوجهات تخدم فكرة الرأسمالية فقط، فهذا الكلام فيه اجحاف كبير، بالاضافة إلي خيالات وخزعبلات، وسوف اتجاوز عن شكوكي في أنها اتهامات بعدم الوطنية لوطنيين شرفاء يعملون لخدمة هذا الوطن، يقبلون النقد ولكنهم لايقبلون الطعن في وطنيتهم واخلاصهم لبلدهم.
وأخيرا نأتي إلي الاقوال غير المردود عليها مثل رحم الله معرض الكتاب، أو في ذمة الله يا معرض، أو تواري دور مصر الريادي حتي في الكتاب، فهي أقوال لاتساوي حبر الرد عليها.


كاتب المقال : رئيس هيئة الكتاب ورئيس المعرض
المصدر: الاخبار - مصر 15/3/2007












التوقيع
If you want to be you must to start
  رد مع اقتباس