عرض مشاركة واحدة
قديم May-01-2008, 12:09 PM   المشاركة3
المعلومات

سعد الدوسري
مشرف منتديات اليسير
أبـوريــــان

سعد الدوسري غير متواجد حالياً
البيانات
 
العضوية: 39913
تاريخ التسجيل: Dec 2007
الدولة: السعـوديّة
المشاركات: 982
بمعدل : 0.16 يومياً


افتراضي

ولا شك أن هذا الاتصال المبكر بالكتاب سيكون له أثره النفسي العميق على مشاعر و اهتمامات الطفل ، وسيكون لها الأثر البعيد في تنمية خياله و قدراته الحسية الحركية بما يسقطه على ما في الكتاب من صور و رسوم للطبيعة و الحيوانات ..وهو بذلك " يقرأ حياته و يعبر عنها و يمثلها في مسرح حقيقي من خلال كتبه المحببة ". ( 14)

وتزداد ألفة التلميذ وصداقته لمكتبة المدرسة كلما وجد فيها تنوعا و غنى في الكتب و المجلات والأشرطة وغيرها من الوسائط السمعية البصرية التي تفسح له مجال اختيار المواضيع و الأشكال التي تتلاءم وميولاته واهتماماته ومستواه و قدرته على الفهم و الاستيعاب ، و تشبع لديه رغبة الفضول المعرفي والعلمي و الخيالي، وتجعله يشعر بالمتعة فيما يقرأ ، لأن الطفل " لكي يميل إلى القراءة ليس بحاجة إلى أن يعرف أن القراءة ستكون مفيدة له في المستقبل ، ولكن عندما يقتنع أن القراءة ستفتح له الباب نحو تجارب ممتعة وتساعده على فهم العالم و على التحكم في مصيره " ( 15 )

وكلما أدرك التلميذ أهمية القراءة الحرة و مزاياها و فوائدها القريبة و البعيدة إلا وكان إقباله و مواظبته عليها أكثر ، وهنا يتجلى دور المدرسين و قيم المكتبة في تعريف التلميذ بهذه المزايا و الفوائد ولاسيما في التعليم الإعدادي والثانوي ، فالتلميذ في حاجة إلى من يرشده و يوجهه ويعطيه إمكانية اختيار

ما يقرأ ، في جو من الصداقة و الحوار والتفاهم و تبادل الرأي والمناقشة ، وهو ما يعطي التلميذ فرصة التعبير عن أفكاره و رغباته و تصوراته مما ينمي لدية قوة الشخصية والاعتزاز بالنفس ويولد فيه الجرأة على إبداء الرأي الحر المستقل و يكون لديه ملكة النقد و الكتابة .

ومن المفيد جدا أن يعرف التلميذ في هذه المستويات ما تتيحه المواظبة على القراءة الحرة المتنوعة من إمكانية التفوق الدراسي، و تنمية التفكير و القدرة على الفهم و الاستيعاب ، وتكوين الشخصية المستقلة ،وتحقيق المتعة الذهنية ، و ما تضفيه عليه في المستقبل من قيمة اجتماعية و أدبية و علمية .

يقول د .عبد الرزاق جعفر : " لا نستطيع أن نزعم أننا فزنا في ( معركة القراءة ) إلا إذا رأينا الطفل يأتي إلى الكتاب ، من تلقاء ذاته ، دون مساعدة منا ، أو حتى دون موافقتنا ". ( 16) وهي معركة بالفعل بين النفور و الإقبال على القراءة . ويرجع الكاتب هذا النفور من القراءة إلى فكرة أساسية وهبي : أن الطفل يرفض الكتاب عندما يشعر به و كـأنه غرض تافه لا قيمة له أو عندما يشعر بالكتاب وكأنه عدو له . ويرى بأن هذه الحالة توجد في جميع الأوساط التي لا تهتم بنمو الطفل الفكري والثقافي .

وعلى ضوء هذا الرأي يمكن أن نطرح التساؤل التالي ، ما هو موقفنا إزاء ظاهرة عدم إقبال الطفل على الكتاب و النفور من القراءة ؟



إننا لا نستطيع أن نجعل الطفل يقبل على القراءة دفعة واحدة و بالإكراه ، وقد يبدي مقاومة إذا أرغمناه على هذا الفعل الذهني النفسي الوجداني، لكن نبدأ باختيار قصة أو حكاية أو كتابا آخر مشوقا ونابضا بالحياة نلتمس فيه أنه سيستهويه ، ثم نقرأ جزءا منه على الطفل ونحثه على قراءة الجزء المتبقى .وبعد ذلك نتبع قاعدة التدرج من السهل إلى الصعب ، أو من البسيط إلى المركب مع مراعاة تنويع الأساليب والأشكال من سرد و حوار و مقالة .. متفادين وضع كل أشكال الحواجز و العراقيل أمام الطفل " وعلينا أن نلاحظ صعوبات كل قارئ صغير وأن نقترح له القراءة المناسبة . وهذا يتطلب من المربي الحصيف تواضعا عظيما وواقعية كبيرة . " ( 17)

ويمكن أن نتدرج مع التلاميذ من خلال ما يسمى ب ( الكتاب - الطعم ) فتوزع على التلاميذ

الذيــن لا يترددون على المكتبة ، من خلال المكتبات الصفية الموجودة داخل الفصل الدراسي، كتبا تتصف بالبساطة و الوضوح في اللغة و المضمون و التشويق والجاذبية و الجمالية في الشكل و المحتوى .وقد تكون قصصا منتقاة بعناية لأن القصة عادة تتضمن أفكارا و معلومات متنوعة ، فضلا عما تحمله من تخيلات و تصورات ، ودعوة إلى اتخاذ مواقف و أنماط سلوك " فالطفل شديد التعلق بالقصص ، فهو يتجاوب مع موضوعاتها ، ويتوحد مع شخصيات أبطالها ، ويتعايش مع أحداثها و أفكارها " ( 18) ولا ننسى دائما قاعدة التدرج مع التلاميذ ، القراء المفترضين ، بحسب نموهم و تطورهم ، وأن نقيم حوارا معهم في مجالات اهتماماتهم ، مع الاعتماد على الاقتراح بدل الحظر والزجر ، مع تفادي ما أمكن أسباب الملل التي تسببها بعض السلوكات أثناء القراءة .

6 - المكتبة المدرسية مركز للتعلم الذاتي:

إن التعلم الذاتي هو مطمح التربية الحديثة و نحن " إذا استطعنا أن نجعل من تلامذتنا قراء و بحاثا سنكون قد وضعنا بين أيديهم وسيلة مهمة للتفتح على الحياة و أداة أساسية للتمكن من القيام بعملية التكوين الذاتي auto-formation ) ) .( 19 ) وفي هذا الصدد فإن تعاون المدرسين وقيم المكتبة المدرسية يعتبر ضروريا ، فالمدرس من خلال الحث و التوجيه و التشجيع والتحفز ، وقيم المكتبة المدرسية بوسيلة الاحتضان و المساعدة و توفير الكتب و المراجع التي تساعد التلميذ على البدء في الخطوات الأولى في التعلم الذاتي و الوصول إلى المعلومات و المعارف بنفسه ، فكلما بذل التلميذ مجهودا أكبر عن رغبة ذاتية لتعلم ما يرغب فيه إلا وكان تحصيله أكبر و أسهل و أنفع .

إن القراءة الحرة هي بوابة التكوين الذاتي الذي يعد عنصرا تربويا أساسيا للدخول في عالم البحث والتعمق و الاستقلال الفكري ، والوصول إلى آفاق أرحب للمعارف والمعلومات ، فلا غرو إذن أن تركز النظريات و الاتجاهات التربوية الحديثة على فعالية و نشاط المتعلم ، أي تعليم المتعلم عن طريق مجهوده الشخصي و العمل على إكسابه مهارات التعلم حتى يستطيع أن يعلم نفسه بنفسه " إذ كلما اعتمد التلميذ على نفسه في التحصيل ، وكان توجهه لاكتساب المعرفة عن طواعية و رغبة ذاتية ، إلا وكان هذا التحصيل مجديا فعالا ". ( 20 ) وهكذا تصبح القراءة الحرة تعبيرا عن إرادة وروح التعلم الذاتي ، أو هي بداية لــــــها .

وتعتبر المكتبة المدرسية الفضاء المثالي لإكساب التلاميذ مهارات التعلم الذاتي عن طريق التربية المكتبية أو ما يسمى بالإرشاد المكتبي ، وغرس و تدعيم عادة القراءة و الإطلاع لديهم ، لأن التلميذ الذي يتيسر له الإتصال و التناغم و التحاور مع الكتاب بشكل ثابت و منظم و دائم ستتاح له الفرص السهلة لتنمية مهاراته القرائية ، بالإضافة إلى تحقيق النمو الذاتي من خلال القراءة المستمرة التي تحقق له - وهذا من باب تحصيل الحاصل - الرقي الفكري والعقلي و الوجداني ، بالإضافة إلى متعة تذوق الأفكار السامية والمعاني و المشاعر النبيلة .

بالأساس ، ففيها يتحول النشاط التربوي التعليمي من التعليم إلى التعلم وهذا جوهر ما تصبو إليه المدرسة الحديثة ، كما سبقت الإشارة . وعلى خلاف المدرسة التقليدية بمناهجها و برامجها و طرق تدريسها المعتمدة على التلقين و التخزين واعتماد المدرس كمصدر وحيد للمعرفة ، فإن المكتبة المدرسية المنظمة و المعقلنة تنمي قدرات المتعلم و خبراته القرائية بما توفره له من مصادر ومراجع متنوعة الأوعية و الوسائط ، وبما تتيحه له من ممارسة مختلف الأنشطة التربوية و الاجتماعية و الثقافية ، لأن التعلم في آخر المطاف ما هو إلا " عملية تنتج من نشاط الفرد و تهدف لهدف معين له أهمية عند هذا الفرد وينتج عنها تغيرات في سلوكه " ( 21)


يتبع . . .












التوقيع
سبحان الله . . والحمد لله . . ولا إله إلا الله. . والله اكبر
  رد مع اقتباس