عرض مشاركة واحدة
قديم Mar-20-2006, 08:51 AM   المشاركة2
المعلومات

د.محمود قطر
مستشار المنتدى للمكتبات والمعلومات
أستاذ مساعد بجامعة الطائف
 
الصورة الرمزية د.محمود قطر

د.محمود قطر غير متواجد حالياً
البيانات
 
العضوية: 13450
تاريخ التسجيل: Oct 2005
الدولة: مصـــر
المشاركات: 4,379
بمعدل : 0.65 يومياً


افتراضي

أختنا الفاضلةتحية واحتراماًقراءة في مفهوم اقتصاد المعرفة‏!‏بقلم‏:‏ د‏.‏ صلاح سالم زرنوقة في نهاية القرن العشرين‏,‏ ونتيجة للتطور الهائل في العلم والتكنولوجيا‏,‏ تحقق نوع من التراكم المعرفي حازته الدول المتقدمة في الغالب‏.‏ هذا التراكم المعرفي واكبه أو صاحبه ــ أو ارتبط به ــ وانبثق عنه ــ تطوران في غاية الأهمية‏,‏ الأول هو التراكم الرأسمالي‏.‏ والثاني هو السرعة في التقدم العلمي والتكنولوجي والذي تجسد في تكنولوجيا الاتصال وثورة المعلومات‏.‏من قلب هذا الواقع‏,‏ أو من رحم هذه الحقيقة‏,‏ نشأ تداخل كبير بين مجموعة من الظواهر والعمليات‏,‏ ومن ثم بين المفاهيم التي استخدمت للتعبير عنها‏.‏ ومن هذه المفاهيم‏:‏ اقتصاد المعرفة‏,‏ الاقتصاد المبني علي المعرفة‏,‏ الاقتصاد الجديد‏,‏ الاقتصاد ما بعد الصناعي‏,‏ الاقتصاد الرمزي‏,‏ اقتصاد المعلومات‏,‏ رأس المال البشري‏,‏ الثقافة المعلوماتية أو ثقافة المعلومات‏,‏ التكنولوجيا الرقمية‏,‏ الفجوة المعرفية‏,‏ الفجوة الرقمية‏,‏ التجارة الالكترونية‏..‏في تقديري أن تحديد ما هو المقصود باقتصاد المعرفة كفيل بفض هذا الاشتباك‏,‏ أو علي الأقل فيه كثير من التوضيح‏.‏ واقتصاد المعرفة هو الاقتصاد الذي تحقق فيه المعرفة الجزء الأعظم من القيمة المضافة‏.‏ ومعني ذلك أن المعرفة ــ في هذا الاقتصاد ــ تشكل مكونا أساسيا في العملية الإنتاجية كما في التسويق‏,‏ ومعني ذلك أيضا أن النمو يزداد بزيادة هذا المكون‏.‏ ومعني ذلك مرة ثالثة أن هذا النوع من الاقتصاد إنما ينهض علي أكتاف تكنولوجيا المعلومات والاتصال‏,‏ باعتبارها المنصة الأساسية التي منها يطلق‏.‏هذا التعريف يسمح بالتمييز بين نوعين من هذا الاقتصاد‏,‏ النوع الأول هو اقتصاد المعرفة‏(‏ ونعنية ــ هنا ــ حرفيا‏)KNOWLEDGEECONOMY‏ وهو الاقتصاد الذي يقوم علي المعلومات من الألف إلي الياء‏,‏ أي أن المعلومات هي العنصر الوحيد في العملية الإنتاجية‏,‏ والمعلومات هي المنتج الوحيد في هذا الاقتصاد‏,‏ والمعلومات وتكنولوجياتها هي التي تشكل أو تحدد أساليب الإنتاج وفرص التسويق ومجالاته‏.‏ وربما يقصد بالمعلومات هنا مجرد الأفكار والبيانات‏DATA.‏ وربما تشمل البحوث العلمية والخبرات والمهارات‏,‏ وكلاهما صحيح‏.‏ المهم أن هذا الشكل من الاقتصاد هو نفسه اقتصاد المعلومات أو الاقتصاد الرمزي وهو نفسه الاقتصاد ما بعد الصناعي‏,‏النوع الثاني هو الاقتصاد المبني علي المعرفة‏KNOWLEDGEBASEDECONOMY‏ وهو الذي تلعب فيه المعرفة دورا في خلق الثروة‏.‏ لكن ذلك ليس بجديد‏,‏فقد ظل للمعرفة دورا قديما ومهما في الاقتصاد‏,‏ لكن الجديد هو أن حجم المساحة التي تحتلها المعرفة في هذا الاقتصاد أكبر مما سبق وأكثر عمقا مما كان معروفا‏.‏ بعبارة أخري قديما كانت المعرفة تستخدم في تحويل الموارد المتاحة إلي سلع وخدمات وفي حدود ضيقة‏.‏ الآن في هذا النوع من الاقتصاد لم يعد هناك حدود لدور المعرفة في تحويل هذه الموارد‏,‏ بل وتعدت في دورها كل حدود‏,‏ وأصبحت تخلق موارد جديدة ولا تكتفي بتحويل الموارد المتاحة فقط‏.‏وأكثر من ذلك أنها أصبحت تمثل أحد عناصر الإنتاج‏,‏ وربما ــ وهذا هو المفترض ــ العنصر الأهم أو المدخل الأكبر في العملية الإنتاجية مقارنة بالمدخلات الأخري المادية‏,‏ هذا فضلا عن أنها أصبحت تلعب دورا في التسويق‏.‏ علي أنه يجب التأكيد هنا علي أن المعرفة تعني المعلومات والخبرات والبحوث والدراسات والتكنولوجيا ونظم الإدارة الحديثة والمهارات التي يتمتع بها الأفراد‏.‏ ومعني ذلك أن المعرفة ــ هنا ـ أوسع من مجرد المعلومات حتي لوقصدناها بالمعني الواسع الذي سبقت الإشارة إليه‏.‏ ومن هنا تصبح عمليات التدريب والتأهيل والتعليم والتعلم‏(‏ التنمية البشرية‏)‏ مهمة في هذا الصدد‏.‏رغم هذا الاختلاف بين هذين النوعين فإن الاستخدام الشائع لمصطلح الاقتصاد الجديد أو اقتصاد المعرفة يشمل النوعين أو يقصدهما معا‏.‏ ورغم هذا الاختلاف فإنهما يشتركان في ضرورة توافر رأس المال البشري ويقصد به المهارات والخبرات التي تحوزها العناصر البشرية‏.‏ويشتركان كذلك في ضرورة توافر مزيج معين من الثقافة هي ثقافة المعلومات‏(‏ وهي القيم اللازمة للتعامل مع عصر المعلومات‏).‏ إذن ما يتردد من مصطلحات من قبيل‏:‏ نظم التكنولوجيا الفائقة‏,‏ أو البحث والتطوير‏R&D,‏ أو العقول البشرية الذكية‏,‏ ما هي إلا شروط لهذين النوعين من الاقتصاد‏,‏ شأنها في ذلك شأن الثقافة والتعليم والبنية الإلكترونية من بين شروط أخري عديدة‏.‏يشترك النوعان أيضا في أنهما يعكسان طبيعة المكون المعرفي‏,‏ وإن كان بنسب متفاوته‏,‏ هي أوضح ما تكون في اقتصاد المعلومات‏,‏ وأقل وضوحا في الاقتصاد المبني علي المعرفة‏,‏ وتتمثل هذه الطبيعة الخاصة لهذا المكون في تأثيره الواضح علي نمط علاقات الإنتاج‏(‏ وبالتالي علي تكوين المجتمع‏,‏ والتوازنات فيه‏),‏ وفي أن قيمة هذا المكون تتحدد باستخدامه وليس لمجرد اقتنائه أو حيازته‏,‏ وباليقين ليس باكتنازه‏(‏ قيمة المعرفة تساوي صفرا مع اكتنازها‏),‏ وفي أن هذا المكون المعرفي يحرر اقتصاده من مشكلة الندرة‏,‏ تلك المشكلة التي عاش لها وبها علم الاقتصاد‏,‏ فليس في المعلومات ولا في المعارف عموما ندرة‏,‏ بل العكس هو الصحيح وهو أنهما يزدادان مع الاستخدام‏,‏ فاستخدام المعلومات يولد المعلومات‏,‏ واستخدام المعرفة يخلق المعرفة‏.‏ ويشتركان كذلك في قدرة هذا المكون علي الإفلات من القيود سواء القيود الضريبية والجمركية أو قيود المكان بما يجعل هذه الاقتصادات أقل خضوعا لهذه القيود‏,‏ثم في قدرة هذا المكون علي خلق أنماط جديدة من الطلب عليه‏.‏ والحقيقة أن اختلاف تأثير هذا المكون المعرفي حسب نوع الاقتصاد يجعل أو يخلق بين النمطين المذكورين فوارق موضوعية أكثر عمقا من أوجه الاختلاف السابقة‏,‏ ولا يشفع فيها أوجه التشابه أو الاتفاق المذكورة‏.‏ فالنوع الأول‏(‏ اقتصاد المعلومات‏)‏ يمثل اقتصادا قائما بذاته منفصلا تماما ــ ومستقل كلية ــ عن الاقتصاد التقليدي أو العيني‏,‏ وذلك بعكس النمط الثاني‏(‏ الاقتصاد المبني علي المعرفة‏)‏ والذي يعد هو نفسه الاقتصاد التقليدي بعد التطوير‏,‏ الأول يعيد هندسة المجتمع تماما وبشكل جذري‏,‏ ويظل حكرا علي الدول المتقدمة‏,‏ الثاني يؤدي الي تطوير المجتمع ولا يمكن أن تحتكره دولة معينة‏.‏اقتصاد المعلومات ــ إذن ــ اقتصاد احتكاري‏,‏ والدليل أن حجم صناعة المعلومات في العالم الآن يجاوز رقم‏3‏ تريليونات دولار‏,‏ وأن هذا الرقم يمثل من‏50‏ إلي‏60%‏ من الناتج القومي للدول الصناعية‏,‏ والدليل كذلك هو الفجوة المعرفية‏(‏ المسافة الشاسعة بين الدول النامية والدول المتقدمة فيما يمتلك كل طرف من المعارف‏),‏ والفجوة الرقمية‏(‏ الفارق بين الجانبين في معدلات استهلاك التقنية الرقمية‏).‏وأغلب الظن أنه سوف يظل حكرا علي الدولة المتقدمة‏,‏ وذلك لسبب بسيط لكنه موضوعي‏,‏ وهو أن هذا النوع من الاقتصاد يمثل علي الصعيد العالمي مباراة صفرية بمعني أن أي مكسب تحرزه دولة فيه هو في نفس الوقت يمثل خسارة لدولة أخري‏,‏ شأنه في ذلك شأن الميزان التجاري وفكرة التعويل علي زيادة الصادرات لتحقيق النمو‏,‏ فمن البديهي أن زيادة معدل صادرات أي دولة لابد أن يعني في نفس الوقت زيادة واردات دولة أخري‏,‏ ومعني ذلك فإن تصحيح أي خلل في الميزان التجاري لأي دولة يقابلة مزيد من الخلل في ميزان دولة أخري‏.‏ ربما يكون الاقتصاد المبني علي المعرفة أيسر منالا للدول النامية غير ان الموضوع يحتاج إلي مزيد من الدراسة والبحث‏.‏ (المصدر: جريدة الأهرام- العدد 43148 ‏السنة 129-العدد 2005 يناير 24 ‏14 من ذى الحجة 1425 هـ الأثنين )تحياتي ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــتكون .. أو لا تكون .. هذا هو السؤال












  رد مع اقتباس