المعلومات
مستشار المنتدى للمكتبات والمعلومات أستاذ مساعد بجامعة الطائف
البيانات
العضوية: 13450
تاريخ التسجيل: Oct 2005
الدولة: مصـــر
المشاركات: 4,379
بمعدل : 0.65 يومياً
|
أختنا الفاضلةتحية واحتراماًقراءة في مفهوم اقتصاد المعرفة!بقلم: د. صلاح سالم زرنوقة في نهاية القرن العشرين, ونتيجة للتطور الهائل في العلم والتكنولوجيا, تحقق نوع من التراكم المعرفي حازته الدول المتقدمة في الغالب. هذا التراكم المعرفي واكبه أو صاحبه ــ أو ارتبط به ــ وانبثق عنه ــ تطوران في غاية الأهمية, الأول هو التراكم الرأسمالي. والثاني هو السرعة في التقدم العلمي والتكنولوجي والذي تجسد في تكنولوجيا الاتصال وثورة المعلومات.من قلب هذا الواقع, أو من رحم هذه الحقيقة, نشأ تداخل كبير بين مجموعة من الظواهر والعمليات, ومن ثم بين المفاهيم التي استخدمت للتعبير عنها. ومن هذه المفاهيم: اقتصاد المعرفة, الاقتصاد المبني علي المعرفة, الاقتصاد الجديد, الاقتصاد ما بعد الصناعي, الاقتصاد الرمزي, اقتصاد المعلومات, رأس المال البشري, الثقافة المعلوماتية أو ثقافة المعلومات, التكنولوجيا الرقمية, الفجوة المعرفية, الفجوة الرقمية, التجارة الالكترونية..في تقديري أن تحديد ما هو المقصود باقتصاد المعرفة كفيل بفض هذا الاشتباك, أو علي الأقل فيه كثير من التوضيح. واقتصاد المعرفة هو الاقتصاد الذي تحقق فيه المعرفة الجزء الأعظم من القيمة المضافة. ومعني ذلك أن المعرفة ــ في هذا الاقتصاد ــ تشكل مكونا أساسيا في العملية الإنتاجية كما في التسويق, ومعني ذلك أيضا أن النمو يزداد بزيادة هذا المكون. ومعني ذلك مرة ثالثة أن هذا النوع من الاقتصاد إنما ينهض علي أكتاف تكنولوجيا المعلومات والاتصال, باعتبارها المنصة الأساسية التي منها يطلق.هذا التعريف يسمح بالتمييز بين نوعين من هذا الاقتصاد, النوع الأول هو اقتصاد المعرفة( ونعنية ــ هنا ــ حرفيا)KNOWLEDGEECONOMY وهو الاقتصاد الذي يقوم علي المعلومات من الألف إلي الياء, أي أن المعلومات هي العنصر الوحيد في العملية الإنتاجية, والمعلومات هي المنتج الوحيد في هذا الاقتصاد, والمعلومات وتكنولوجياتها هي التي تشكل أو تحدد أساليب الإنتاج وفرص التسويق ومجالاته. وربما يقصد بالمعلومات هنا مجرد الأفكار والبياناتDATA. وربما تشمل البحوث العلمية والخبرات والمهارات, وكلاهما صحيح. المهم أن هذا الشكل من الاقتصاد هو نفسه اقتصاد المعلومات أو الاقتصاد الرمزي وهو نفسه الاقتصاد ما بعد الصناعي,النوع الثاني هو الاقتصاد المبني علي المعرفةKNOWLEDGEBASEDECONOMY وهو الذي تلعب فيه المعرفة دورا في خلق الثروة. لكن ذلك ليس بجديد,فقد ظل للمعرفة دورا قديما ومهما في الاقتصاد, لكن الجديد هو أن حجم المساحة التي تحتلها المعرفة في هذا الاقتصاد أكبر مما سبق وأكثر عمقا مما كان معروفا. بعبارة أخري قديما كانت المعرفة تستخدم في تحويل الموارد المتاحة إلي سلع وخدمات وفي حدود ضيقة. الآن في هذا النوع من الاقتصاد لم يعد هناك حدود لدور المعرفة في تحويل هذه الموارد, بل وتعدت في دورها كل حدود, وأصبحت تخلق موارد جديدة ولا تكتفي بتحويل الموارد المتاحة فقط.وأكثر من ذلك أنها أصبحت تمثل أحد عناصر الإنتاج, وربما ــ وهذا هو المفترض ــ العنصر الأهم أو المدخل الأكبر في العملية الإنتاجية مقارنة بالمدخلات الأخري المادية, هذا فضلا عن أنها أصبحت تلعب دورا في التسويق. علي أنه يجب التأكيد هنا علي أن المعرفة تعني المعلومات والخبرات والبحوث والدراسات والتكنولوجيا ونظم الإدارة الحديثة والمهارات التي يتمتع بها الأفراد. ومعني ذلك أن المعرفة ــ هنا ـ أوسع من مجرد المعلومات حتي لوقصدناها بالمعني الواسع الذي سبقت الإشارة إليه. ومن هنا تصبح عمليات التدريب والتأهيل والتعليم والتعلم( التنمية البشرية) مهمة في هذا الصدد.رغم هذا الاختلاف بين هذين النوعين فإن الاستخدام الشائع لمصطلح الاقتصاد الجديد أو اقتصاد المعرفة يشمل النوعين أو يقصدهما معا. ورغم هذا الاختلاف فإنهما يشتركان في ضرورة توافر رأس المال البشري ويقصد به المهارات والخبرات التي تحوزها العناصر البشرية.ويشتركان كذلك في ضرورة توافر مزيج معين من الثقافة هي ثقافة المعلومات( وهي القيم اللازمة للتعامل مع عصر المعلومات). إذن ما يتردد من مصطلحات من قبيل: نظم التكنولوجيا الفائقة, أو البحث والتطويرR&D, أو العقول البشرية الذكية, ما هي إلا شروط لهذين النوعين من الاقتصاد, شأنها في ذلك شأن الثقافة والتعليم والبنية الإلكترونية من بين شروط أخري عديدة.يشترك النوعان أيضا في أنهما يعكسان طبيعة المكون المعرفي, وإن كان بنسب متفاوته, هي أوضح ما تكون في اقتصاد المعلومات, وأقل وضوحا في الاقتصاد المبني علي المعرفة, وتتمثل هذه الطبيعة الخاصة لهذا المكون في تأثيره الواضح علي نمط علاقات الإنتاج( وبالتالي علي تكوين المجتمع, والتوازنات فيه), وفي أن قيمة هذا المكون تتحدد باستخدامه وليس لمجرد اقتنائه أو حيازته, وباليقين ليس باكتنازه( قيمة المعرفة تساوي صفرا مع اكتنازها), وفي أن هذا المكون المعرفي يحرر اقتصاده من مشكلة الندرة, تلك المشكلة التي عاش لها وبها علم الاقتصاد, فليس في المعلومات ولا في المعارف عموما ندرة, بل العكس هو الصحيح وهو أنهما يزدادان مع الاستخدام, فاستخدام المعلومات يولد المعلومات, واستخدام المعرفة يخلق المعرفة. ويشتركان كذلك في قدرة هذا المكون علي الإفلات من القيود سواء القيود الضريبية والجمركية أو قيود المكان بما يجعل هذه الاقتصادات أقل خضوعا لهذه القيود,ثم في قدرة هذا المكون علي خلق أنماط جديدة من الطلب عليه. والحقيقة أن اختلاف تأثير هذا المكون المعرفي حسب نوع الاقتصاد يجعل أو يخلق بين النمطين المذكورين فوارق موضوعية أكثر عمقا من أوجه الاختلاف السابقة, ولا يشفع فيها أوجه التشابه أو الاتفاق المذكورة. فالنوع الأول( اقتصاد المعلومات) يمثل اقتصادا قائما بذاته منفصلا تماما ــ ومستقل كلية ــ عن الاقتصاد التقليدي أو العيني, وذلك بعكس النمط الثاني( الاقتصاد المبني علي المعرفة) والذي يعد هو نفسه الاقتصاد التقليدي بعد التطوير, الأول يعيد هندسة المجتمع تماما وبشكل جذري, ويظل حكرا علي الدول المتقدمة, الثاني يؤدي الي تطوير المجتمع ولا يمكن أن تحتكره دولة معينة.اقتصاد المعلومات ــ إذن ــ اقتصاد احتكاري, والدليل أن حجم صناعة المعلومات في العالم الآن يجاوز رقم3 تريليونات دولار, وأن هذا الرقم يمثل من50 إلي60% من الناتج القومي للدول الصناعية, والدليل كذلك هو الفجوة المعرفية( المسافة الشاسعة بين الدول النامية والدول المتقدمة فيما يمتلك كل طرف من المعارف), والفجوة الرقمية( الفارق بين الجانبين في معدلات استهلاك التقنية الرقمية).وأغلب الظن أنه سوف يظل حكرا علي الدولة المتقدمة, وذلك لسبب بسيط لكنه موضوعي, وهو أن هذا النوع من الاقتصاد يمثل علي الصعيد العالمي مباراة صفرية بمعني أن أي مكسب تحرزه دولة فيه هو في نفس الوقت يمثل خسارة لدولة أخري, شأنه في ذلك شأن الميزان التجاري وفكرة التعويل علي زيادة الصادرات لتحقيق النمو, فمن البديهي أن زيادة معدل صادرات أي دولة لابد أن يعني في نفس الوقت زيادة واردات دولة أخري, ومعني ذلك فإن تصحيح أي خلل في الميزان التجاري لأي دولة يقابلة مزيد من الخلل في ميزان دولة أخري. ربما يكون الاقتصاد المبني علي المعرفة أيسر منالا للدول النامية غير ان الموضوع يحتاج إلي مزيد من الدراسة والبحث. (المصدر: جريدة الأهرام- العدد 43148 السنة 129-العدد 2005 يناير 24 14 من ذى الحجة 1425 هـ الأثنين )تحياتي ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــتكون .. أو لا تكون .. هذا هو السؤال
|