عرض مشاركة واحدة
قديم Dec-06-2011, 11:20 PM   المشاركة127
المعلومات

سعاد بن شعيرة
مشرفة منتديات اليسير
أخصائية مكتبات ومعلومات

سعاد بن شعيرة غير متواجد حالياً
البيانات
 
العضوية: 57892
تاريخ التسجيل: Nov 2008
الدولة: الجـزائر
المشاركات: 3,009
بمعدل : 0.53 يومياً


كتاب الأرشيف الجزائري المسلوب دليل إدانة مباشر لفرنسا الاستعمارية

السعيد عبادو:الأرشيف الجزائري المسلوب دليل إدانة مباشر لفرنسا الاستعمارية
Saturday, October 31
الموضوع : ذكرى 1 نوفمبرعدد خاص" أبدى الأمين العام للمنظمة الوطنية للمجاهدين السعيد عبادو حرصه الشديد على الدفع قدما نحو كتابة تاريخ الثورة التحريرية المظفرة بالاستعانة بشهادات المجاهدين الحية، لتحصين جيل اليوم من كل المغالطات، وكشف فضائع الاستعمار الفرنسي الذي يزعم الحضارة واحترام حقوق الإنسان، كما تطرّق في هذا الحوار بمناسبة الفاتح من نوفمبر إلى قضية الحركى الذين باتوا آلة تحركهم فرنسا كيفما شاءت، تاركا فتح باب أي تعاون حقيقي وصداقة قوية بين البلدين رهن تسوية مسألة الذاكرة، وفاء لرسالة الشهداء وتضحياتهم.

أجرى الحوار: عبد الرحمان شماني

** إلى ماذا تهدف فرنسا الرسمية اليوم من خلال سعيها إلى تسويق صورة ايجابية عن استعمارها، مدعية أنها نقلت الحضارة والثقافة للشعوب المستعمرة ؟

- السؤال الذي يجدر طرحه، هو لماذا اختارت فرنسا هذا الوقت بالذات لتمجيد استعمارها وتكريم الحركى، فهذا يدل على أن النظام الحالي تعشعش في أفكاره الممارسات الاستعمارية، أما حجتها بأنها نقلت الحضارة والثقافة للشعوب المستعمرة، وادعاءها أنه بمجرد خروجها من الجزائر لم يستطع ساستها تسير أمورهم مما يعني إيجابية الاستعمار في نظرهم فهذا تفكير قاصر، فالجزائر استطاعت أن تخرج من محنتها وهي تعيش نهضة تنموية غير مسبوقة وهو ما بات يشغل الفرنسيين في الضفة الأخرى، بعد أن شعروا بفقدانهم لمصالحهم في الجزائر.



** ما تعليقك حول مطالبة 20 منظمة فرنسية غير حكومية السلطات الفرنسية الاعتراف بالجرائم التي ارتكبتها أثناء احتلالها للجزائر؟ - ما في شك أن تحرّك المجتمع المدني الفرنسي من خلال المؤرخين والمثقفين، هو تطور في الموقف المدني الفرنسي في الضفة الأخرى، ومن شأن هذا دفع ومساندة مطلب الاعتراف بالجرائم في الجزائر، كما لا نغفل أن الشعب الفرنسي من خلال جمعياته وبعض الناشطين في الحقل الحقوقي ساندت المجاهدين بقوة إبان الثورة التحريرية، فنحن نقول دائما أننا لسنا ضد الشعب الفرنسي ولكن ضد الساسة الفرنسيين الذين يملكون سلطة القرار، وبالمناسبة هناك تدفق جمعوي فرنسي للجزائر، لتدعيم مطلبنا باعتراف فرنسا بجرائمها، كما أن هذا التقارب بين الشعبين سيكلل في الأيام القليلة القادمة، بتوقيع اتفاقية صداقة بين الناشطين في العمل الجمعوي بالضفتين، بالإضافة إلى مشاركتهم لنا الاحتفالات المخلدة للفاتح من نوفمبر.



** في الوقت الذي تنادي الجزائر بضرورة اعتراف فرنسا بجرائمها، تقوم باريس بإصدار قوانين تمجد فيها الحركى وتعتز بالاستعمار، ألا ترى أن هذا يعبر عن استفزاز من الضفة الأخرى؟ -فرنسا تعزف على الوتر الخطأ الذي عكّر وما زال يعكر الأجواء بين البلدين من خلال تمجيدها للاستعمار وتكريم الخونة، وهو ما نرفضه بتاتا، وهذا الموقف يسيء إلى فرنسا كدولة أكثر مما يخدمها، كما أن من شأن هذه التصرفات تأجيل ورهن ملف التعاون بعد أن داست هي على مطلب طي صفحة الماضي بين البلدين.

الدولة الفرنسية اليوم هي المحتاجة أكثر إلى الجزائر، فالسوق الوطنية مفتوحة على مصرعيها بما ساهم في تنويع التعاون مع مختلف الدول الأخرى، وكان يمكن أن تستفيد من الاستثمارات بقدر مهم، لو أنها تعاملت بذكاء بعيدا عن المواقف المترجّلة التي لا تخدم صالح الشعبين.



** مسألة تسوية الذاكرة بين البلدين بات حجرة عثرة في تطور العلاقات، ألا تعتقد أن الوقت يمضي، بما يجعل فرنسا تفقد مزيدا من مصالحها بالجزائر ؟

قضية تسوية الذاكرة بين الجزائر وفرنسا لا سبيل إلا من خلالها، فلا تعاون حقيقي وفعال بين البلدين دون تصفية أحقاد وآلام الماضي، لكي لا ندوس على رسالة وتضحيات الشهداء، فرسالتي إلى الساسة بالضفة الأخرى، بأنه لا يمكن تحقيق صداقة قوية بين الطرفين على حساب ذاكرة الشعبين، لأن الأجيال القادمة لن تغفر لنا مقدار أنملة لو خطونا تجاه ذلك، كما أن مبادئنا لا تسمح لنا بذلك.



** ترسانة القوانين الفرنسية الأخيرة الممجّدة للاستعمار، تعبّر عن عدم تغيّر الذهنيات الاستعمارية في النظام الحالي، ما تعليقك ؟

- الساسة المتحكمون في اللعبة السياسية الفرنسية، لا يريدون التخلص من ذهنيات الفكر الاستعماري، فمعظم الأنظمة الاستعمارية عبر العالم تغيّرت وتبنّت أفكار حديثة مسايرة للقانون الدولي، أما باريس عبر ساستها فالظاهر أنهم لا زالوا يحنّون للتصرفات الوضيعة التي تدوس على حقوق الإنسان، ونحن نتأسف لمثل هذا التصرفات غير المسؤولة لهؤلاء، وننصحهم بالتخلي عن هذه الأفكار التي تسير عكس تقدم الإنسانية، بحيث ننشد عالم متحرر من الطغيان والاستعمار، ونتعامل مع بعضنا البعض في إطار الاحترام المتبادل.



** لماذا حرّكت باريس ملفي الاعتراف بالحركى والأقدام السوداء والسعي إلى استرجاع أملاكهم بالجزائر ؟

-فرنسا عبر ساستها تظن أنها تقف في موقع قوة للضغط على الجزائر، فالقيام في كل مرة بإجراءات استفزازية لا ينفع مع تغيّر الظروف التي مرت بها الجزائر أثناء الأزمة، فنحن نعيش نهضة اجتماعية واقتصادية مع القيادة الحكيمة الرشيدة برئاسة السيد عبد العزيز بوتفليقة، والتي ستفرض واقعا عكس الذي يتوقعه المتربصين بالجزائر.

من المفروض أن الكولون والمعمرين والأقدام السوداء، مطالبون بالتعويض للجزائريين، بعد أن اغتصبوا ونهبوا أراضيهم وشردوا أهلها، بالمقابل نصدم بدعوتهم العكس، فنحن نتعجب لذلك، وسنقف بالمرصاد لأي محاولات تسري في هذا المنحى، بالرغم من أن طلباتهم مشبوهة لاسيما أنها مرتبطة أحيانا بدفع عملية التبشير التي لم تلقى صدى وسط الشعب الجزائري المحافظ.



** قانون 23 فيفري 2005 الفرنسي ِصيغ منه عدة تشريعات أخرى تحرص على تمجيد الاستعمار، إلى ماذا تريد السلطات الفرنسية الوصول بهذه الإجراءات المستفزة ؟

هذا منهج غير سليم، فهم يسيئون إلى دولتهم والى حضارتهم التي يدعونها أكثر من أي شيء، هذا المنأى من شأنه تعطيل العلاقات بين الشعبين لا أكثر ولا أقل، كما أن هذه الأفكار دليل على اهتمام الساسة الفرنسيين بمسائل هامشية تعبر عن قصر نظرهم، فكيف تنادي بتحرير الشعوب وبالحضارة والشعارات الإنسانية، ثم تقوم بتمجيد الاستعمار وتكريم الحركى وإقامة النصب التذكارية لهم، بحيث ظهرت فرنسا على حقيقتها البشعة السالبة لحقوق الشعوب، ووجه قبيح لا يؤتمن، يجعلنا نتعامل بحذر شديد مع أي تعاون محتمل مستقبلا، فهي تريد استدراج الجزائر لهذا اللغط غير المسؤول، وتسعى إلى خلق سجال بين الطرفين لتعكير صفو الأجواء بين الشعبين، بالرغم من أننا لسنا ضد الشعب الفرنسي، ولكن ضد تصرفات الساسة الفرنسيين الذين ينتهجون سياسة الهروب إلى الأمام، وعدم تحمل المسؤولية.



** هل تعتبر أن إنشاء مؤسسة ذاكرة حرب الجزائر من قبل السلطات الفرنسية هو خطوة نحو تجنيد أبناء الحركى للتغلغل وخدمة مصالحها ؟

-يظهر أن إنشاء مؤسسة ذاكرة تعنى بحرب الجزائر، هو إساءة للحركى وإلى أبنائهم، فالخيانة ستبقى وصمة عار يستحيل طمسها، بما يجعلنا نؤكد عدم الصفح على هذه الفئة التي تخلت عن أسس الوطنية الجزائرية، ولكن العديد من أبناء الحركى من أدان تصرفات آباؤهم وتبرؤا منها، ويحاولوا ربط مصيرهم بوطنهم الجزائر، كما رفضوا الانسياق وراء القوانين الفرنسية الموضوعة في ذلك، وهو ما نشجعه وندعمه.

وبخصوص الطرح القاضي بمحاولة السلطات الفرنسية تسريع تدوين أحداث حرب الجزائر وفقا رؤيتها وبصيغة مشوهة، بعد أن اشتدت حملة الضغوطات الدولية لتسليم الأرشيف المتعلق بالحقبة الاستعمارية في الجزائر، فأقول أنه لا يمكن ذلك مادام التاريخ الثوري الجزائري ناصع وحافل بالبطولات بشهادة المؤرخين من كل أصقاع العالم، فلا يمكن الإساءة لوطنية الجزائريين، بقدر ما تساعد على كشف عملاء فرنسا، وفضح المساهمين في ارتكاب المجازر البشعة، ومن ثم تسهيل متابعة المنفذين أمام المحاكم الدولية.



** ألا ترى أن دور الأحزاب السياسية وجمعيات المجتمع المدني لم ترق للعب دورها في التصدي للحملات الفرنسية المتكررة المشبوهة ؟

- يجب أن يعرف جميع الفاعلين في الساحة الوطنية أن قضية التصدي للحملات الفرنسية التي يراد منها الإساءة إلى الشعب الجزائري وتاريخه، ليست مهمة جيل نوفمبر لوحده، بل هي مسؤولية جميع من له غيرة على هذا الوطن المفدّى المسقي بدماء الشهداء، فجميع الجزائريين مجبرين غير مخيّرين في الدفاع عن مبادئ أول نوفمبر، فالتصدي لهؤلاء لا يجب أن لا يقل إرادة وعزيمة عن نفس الريتم الذي تم تحرير به الجزائر، فلهذا أحث كل الأحزاب والتنظيمات السياسية مهما كانت صفتها إلى اتخاذ مواقف واضحة ضد كل من يسيء للجزائر، وأخذ دورها في الدفاع عن الوحدة الوطنية.



** الكل ينادي بالكف عن الشعارات والتنديدات الجوفاء، من خلال القيام بإجراءات ملموسة، مثل مقاطعة السلع والبضائع الفرنسية لدفعهم نحو الاعتراف بجرائمهم، ما ردك؟

- نحن أصحاب عقل وحكمة، وضد المواقف الفوضوية، والتي ليست في صالح الشعبين في كلا الضفتين، حيث نحرص على دعم موقفنا الثابت والمتوازن في نفس الوقت، فنحن لا نخف أن الجزائر لم تبلغ درجة التنمية المطلوبة، ولم تبلغ شاطئ الأمان بعد، مما يفرض علينا التعامل مع مختلف الدول على المستوى الإقليمي والدولي بثبات بما يمكننا اللحاق بركب الدول المتقدمة، ولهذا لا يمكننا الزج بوطننا الجزائر في صراعات هامشية أو في أعمال فوضوية، كما أن العلاقات مع الدولة الفرنسية اليوم عادية ولكن تحكمها البرودة وغير محفزة، وأي علاقات صداقة وتعاون حقيقية بين الطرفين هي رهن تسوية الذاكرة والتي تركت جرحا يصعب لؤمه، وهذا ما على الساسة الفرنسيين استيعابه.



** الجالية الجزائرية بفرنسا أكبرهم عددا، ألا تعتبر أن هذا بمثابة دافع ضغط يساعد على إقامة تظاهرات بقلب باريس لفضح بشاعة جرائمهم ؟

-جاليتنا بفرنسا برهنت أثناء الاحتلال الفرنسي للجزائر بتقديم تضحيات لا يمكن حصرها، ولا زالت تبرهن على وطنيتها وإرادتها من خلال تماسكها بعد الاستقلال، خاصة أنها تضم اليوم أفراد ذو مستوى علمي راق، وتتبوأ مناصب هامة قادرة على قلب الأوضاع هناك، لذا ندعو إلى الالتفاف ودعم الجالية الجزائرية بكل ما تريد للعب دورها في الأراضي الفرنسية بما يخدم الجزائر، والسهر على توفير كل الوسائل التي تتيح نقل العلوم إلى الجزائر، وما عليهم إلا تنظيم أنفسهم بما يجعلهم أكثر قوة ومصداقية وسط الجاليات الأخرى.

وبالرغم من أن فرنسا تحاول بشتى السبل الضغط عليهم ومحاولة تفريقهم، واستعمالهم كورقة في بعض الأحيان ضد وطنهم، ولكن ما عليهم إلى التكاتف وجعل مصلحة وطنهم الجزائر فوق كل اعتبار، كما يجب عليهم التكتل في جمعيات مختلفة تساهم في فضح الجرائم التي اقترفتها فرنسا في أراضيها كما في الجزائر، وإظهارها للجيل الجديد من الفرنسيين الذي لا يعرف حقيقة فرنسا التاريخية كما ينبغي.



** العديد من المتتبعين يجزمون أن تقديم حكومة ساركوزي تسهيلات لطالبي اللجوء السياسي الجزائريين هو مناورة لخلق بلبلة خاصة وسط الشباب، ما تفسيركم لذلك ؟

- فرنسا عودتنا على مثل التصرفات المشينة التي بتنا نتوقع منها أكثر من ذلك، ما دامت تجاوزت وتعدت المواثيق والقوانين الدولية فيما مضى، ولكن مهما راوغت عبر أساليبها المشبوهة فلن تنجح، لأن الجزائر اليوم تعرف ازدهارا ونموا كفيل بكبح هذه التصرفات، فالشروط التي كانت توفرها فرنسا للشباب أيام الأزمة لاستقطابهم تغيرت، ولا داعي لمغادرت وطنهم.

فإعطاء تسهيلات لطالبي اللجوء السياسي هو تشجيع لبعض الجزائريين والهيمنة على أفكارهم، ولِمَا حتى استخدامهم ضد وطنهم، إذن هي محاولات تتساوى وفق الذهنيات الاستعمارية، بحيث تسعى فرنسا الى تفريغ الجزائر من إطاراتها وكفاءاتها من خلال استهوائهم بتحفيزات وإغراءات، وهذا كله لكي لا تعرف النمو والتقدم، ولا ترقى إلى مصاف الدول المتقدمة، بما يؤكد أن باريس ضد تقدم وتطور الجزائر، والحرص على عدم استفادتها من أبناءها المتعلمين، وهذا يجبرنا على أخذ مواقف من ذلك، بما يمكننا من اتخاذ رد مهم ضد الساسة في الضفة الأخرى، لكي لا يقطف ثمرة جهدنا من الشباب من كانوا أعدائنا بالأمس، وهذا يتطلب السهر على الاهتمام بحملة الشهادات العليا وتوفير المناخ والإمكانيات المناسبة من مراكز بحث وضروريات الحياة، حتى يكونوا في خدمة الجزائر لوحدها لا غير.

كما أن هذا يستوجب غرس الفكر الوطني بين الأجيال من خلال تكثيف تدريس ذلك في جميع المقررات الدراسية، فإذا كان هناك ترابط بين تدريس التاريخ وزرع الفكر الوطني، ينتج عنه إنسان وطني متشبع بالقيم الدينية يستميت ويضحي من أجل خدمة شعبه مهما كانت الظروف، ولا يخضع لأي انسياق ضيق.

أما الخطوة الفرنسية المتضمنة منح الجنسية للجزائريين المولودين قبل سنة 1962، فهي تعبر أيضا عن محاولات فرنسية للضغط على الجزائر لتحقيق مآربهم ومصالحهم الاقتصادية والمادية في الجزائر، وسنواجه هذه التحديات بمعية مختلف شرائح المجتمع المدني التي أثبتت حضورها بقوة في كل المواقف الصعبة، كما أن هذه الخطوات لم تنجح مع الشعب الجزائري لا في الماضي ولا في الحاضر والمستقبل لدفعهم نحو التخلي عن مبادئهم ومحاولة تنصيرهم عن طريق جمعيات مشبوهة، بالإضافة الى محاولة إغراء الجزائريين بإعطائهم الجنسية فهي أساليب غير منطقية ومشبوهة، لتكوين جيل من العملاء والخونة، فهذه التجربة لم تنجح حتى لما كانت فرنسا مستعمرة للجزائر فكيف بذلك الآن، وهذا يدل على أن الفرنسيين متأخرين وما زالوا يعيشون بين أحضان الماضي الاستدماري.



** كل الفاعلين في الساحة الوطنية يطالبون البرلمان الجزائري برد مماثل على جملة القوانين الفرنسية الممجدة للاستعمار والحركى، لماذا لا تقودون هذه الحملة ؟

- هناك اتصالات وتنسيق مع عدد لا بأس به من البرلمانيين الجزائريين، ولنا الثقة الكاملة في برلمانيينا لتشريع قوانين تجرم الاستعمار، وأخرى تكون ردا موجعا للساسة بالضفة الأخرى، وكذا التصدي لجميع المناورات والتطاولات التي تهدف إلى الإساءة الى الجزائر، ونحن ننتظر من البرلمانيين الجزائريين أن يكونوا عند مستوى التطلعات، ويعاملوا البرلمان الفرنسي بالمثل، ولِمَا لا يزلزلوا كيانه هناك.



** المذابح الفرنسية سواء منها المرتكبة على أراضيها أو بالجزائر، لا تعد ولا تحصى، ألا يستوجب هذا تحرّك منكم لتوثيق هذه الجرائم ومتابعة منفّذيها عبر المحاكم الدولية ؟

- عملية توثيق شهادات المجاهدين الحية شارفت على نهايتها، كما أننا بصدد استشارات قانونية وطنية ودولية واسعة مع رجال القانون لدراسة الطريقة التي يمكن نهجها لمتابعة مجرمي المذابح الفرنسية المرتكبة في حق الجزائريين، كما قمنا بتوجيه بعثة الى فرنسا للاتصال بكل المناضلين هناك وعقد استشارات معهم حتى تكون المواقف موحدة، وكذا التحصيل على شهاداتهم التي عايشوها بما يضمن توفر أكبر عدد من الوثائق التي تدين فرنسا بصفة مباشرة.



** دعوتم مؤخرا إلى الكف عن الترويج لمقولة ساركوزي بأن الأبناء لا يتحملون تبعات آبائهم، مما أنتم متخوفون ؟

-ندعو إلى تجنب مثل هذه التعابير تفاديا لنشر المغالطات التي تسعى الحكومة الفرنسية إلى نشرها وترسيخها في جيل اليوم، لكي لا يتعرضوا إلى تشويش في أفكارهم وبالتالي رهن كتابة التاريخ وأرشفته، أما التعليق حول مقولة ساركوزي بأن الأبناء لا يتحملون تبعات آبائهم، فنحن اليوم نتكلم عن مسؤولية الدولة الفرنسية المستمرة إلى الأبد والتي لا تزول بزوال الرجال، فمثلا ألمانيا النازية لماذا تحملت المسؤولية بالاعتراف والاعتذار والتعويض بالرغم من وفاة هتلر، لذا مطلبنا دائما متوجه نحو الساسة الذين يتحكمون في سلطة القرار بالضفة الأخرى، وهذا مصادق عليه في اللوائح الأممية والمواثيق الدولية، فالترويج إلى مثل هذه الأفكار البالية يهدف منه إلى جعلها مقبولة في المجتمع الدولي، فجرائم الإبادة والمجازر المرتكبة لا تخضع للتقادم وفق كل القوانين الدولية التي نصت على ذلك، ومثل هذه التصريحات هو نوع من الهروب إلى الأمام والتملص من المسؤولية الملقاة على عاتق الدولة الفرنسية، ولكن لماذا ساركوزي يمجد الاستعمار عبر تشريع القوانين ويكرم الحركى عن طريق إقامة النصب التذكارية، ألا يعبر هذا عن خزي وتلاعب وتحايل الفرنسيين بالمفردات وفي التصريحات.



** ألا تعتبر أن اعتراف ايطاليا بجرائمها المرتكبة بليبيا، وضع فرنسا أمام الأمر الواقع، وما هي إلا مسألة وقت وتخضع لمطلب الاعتراف ؟

-في الحقيقة كنا ننتظر نظرا لما ترفعه فرنسا من شعارات وادعاءات بالحضارة واحترام حقوق الإنسان، أن فرنسا ستسبق ايطاليا الفاشية قديما، ولكن حدث العكس، وأظهرت ايطاليا مسؤولية قلّ ما نجدها مما يعبّر عن نضج ساستها، ولا زلنا ننتظر أن تحذو فرنسا حذو ايطاليا باعتبارها عضو فعال في الاتحاد الأوروبي، ولا بد من تصفية أحقاد الماضي مع الدول المستعمرة.



** لماذا تتهرب الدولة الفرنسية من تسليم الأرشيف للجزائر، بالرغم من أن كل القوانين الدولية تنص على ذلك ؟

-نحن نعلم بأن الفرنسيين كانوا يوثّقون جرائمهم بالصورة والكتابة، ويمنعون اطلاع الغير على طبيعة الأرشيف، باعتباره دليل إدانة مباشر هذا، ولا يريدون للجزائر أن تستفيد من هذا الأرشيف خاصة أنه يحتوي على كافة أشكال الجرائم المرتكبة طيلة 132 سنة من الاستعمار، وحتى لوثائق كانت موجودة للدولة الجزائرية قبل سنة 1830، بالإضافة إلى أنها حرمت من الأموال والأعداد الهائلة من الذهب والمعادن الثمينة الموجودة في قصر الداي في تلك الفترة، وكذا أرشيف يتضمن الأبحاث والدراسات التي أجريت طيلة الفترة الاستعمارية على كامل ربوع الوطن في مختلف الميادين مثل الفلاحة، البترول، تواجد المياه...، بما يساعد على اختصار مراحل التنمية التي باشرتها الجزائر بعد الاستقلال، وعلى هذا الأساس فرنسا لا تريد الخير للجزائر والنمو والازدهار إلى مصاف الدول المتقدمة، وتسعى دائما إلى تقزيمها وتريد أن تبقى تحت هيمنتها ووصايتها، وسوق لطرح منتوجاتها.



** المؤرخين والمثقفين يتحمّلون أيضا مسؤولية عدم الإسراع في تدوين تاريخ الثورة، ألا ترى أن السبب هو غياب تحفيزات من قبل الدولة لمباشرة ذلك ؟

-كتابة وتدوين وتوثيق التاريخ وتأليف محتويات لائقة لتناولها في المقررات الدراسية، يحتاج إلى مؤسسات ومراكز وطنية للبحث العلمي والدراسات المتعلقة بكامل مراحل التاريخ الجزائري، لاسيما منه التاريخ الثوري والمقاومات الشعبية، بالإضافة إلى ضرورة إنشاء متاحف تتوفر على وسائل عصرية متطورة توفر كل المعلومات حسب طبيعة المنطقة، للمؤرخين والباحثين ليستطيعوا أن يكتبوا التاريخ الجزائري كتابة أصيلة وصحيحة.

فنطالب الدولة الجزائرية بتوفير كل هذه المتطلبات لحماية الأجيال الصاعدة من شتى الانحرافات التي لا تخدم مصلحة الوطن، فالتاريخ ملك للأمة والاطلاع عليه من شأنه أن يحصنها ويعمق الروح الوطنية بين أبناءها.

كما أن هناك مجهودات بُذلت ولازالت تبذل فيما يتعلق بجمع وتوثيق شهادات المجاهدين، لكنها غير كافية ولم ترق إلى المستوى المطلوب، ولهذا وجهنا تعليمة استعجالية إلى كل مكاتب المنظمة عبر الوطن بالتعاون مع وزارة المجاهدين لتسريع هذه العملية، وأقول نحن نتوفر على عدد مهم من المعلومات، فقط يبقى دور المؤرخين والباحثين للتمحيص فيها والترجيح بين روايات المجاهدين الأقرب إلى الصواب.



** لماذا لا تستعينون بتطور الوسائل التكنولوجية مثل الانترنيت، لفضح الاستعمار وكشف جرائمه على المستوى العالمي ؟

-نحن نعترف بأننا مقصّرون في استعمال هذه الوسائل التقنية الحديثة، لتبليغ رسالة الشهداء وشهادات المجاهدين إلى كل نواحي المعمورة، بحيث شرعنا في توظيف هذه الوسائل ولكن بصفة محتشمة، وقد سطرنا إستراتيجية وطنية للعمل على تنفيذ ذلك بالكيفية اللازمة.



** الأفلام التلفزيونية والسينمائية قادرة على كشف فضائع الاستعمار الفرنسي عالميا، ألا يستوجب عليكم هذا دعم مثل هذه المبادرات ؟

-في سنوات الاستقلال الأولى كانت هناك نهضة سينمائية تاريخية مهمة، وكان لها نتائجها في أوساط المجتمع الجزائري، ولكن تضاءلت شيئا فشيئا مع بروز الأزمة في التسعينيات، والآن نلاحظ حراك وعودة نحو بداية الاهتمام بالسينما والمسرح والأفلام الوثائقية، بحيث هناك مشاريع أفلام كثيرة بدأ التحضير لها بمساعدة المنظمة الوطنية للمجاهدين من خلال توفير المعلومات الحقيقية عن الابطال في المقاومات الشعبية والثورية فيما يخص السيناريو، ويبقى الدعم المادي على مسؤولية الدولة.



** مسألة انغلاق السمعي البصري ساهم كثيرا في عرقلة تسويق شهادات المجاهدين ورسائل الشهداء إلى شعوب المعمورة، إلى أين وصل مشروع القناة التلفزيونية التاريخية؟

-هذا من أهم مطالبنا التي ننادي بها، ووجهنا ملفا كاملا إلى السلطات الوصية، ولمسنا تجاوبا منهم، بحيث سيتم الإفراج عن القناة التلفزيونية التاريخية في القريب العاجل، للمساهمة في توعية الشباب بالحس الوطني، فإنشاءها بات أكثر من ضرورة، لعرض مختلف مراحل الكفاح الشعب الجزائري المليء بالبطولات، فالتاريخ ليس ملك للأشخاص بل هو ملك للأمة ومن حقها الاطلاع على أدق تفاصيل تاريخ الجزائر، بالرغم من أننا تأخرنا في هذا المنحى مقارنة بأعداء الأمس، الذين يملكون عدة قنوات متخصصة في إبراز تاريخهم المشوب.













  رد مع اقتباس