عرض مشاركة واحدة
قديم Sep-26-2007, 11:35 AM   المشاركة8
المعلومات

ابراهيم محمد الفيومي
مشرف منتديات اليسير
أخصائي مكتبات ومعلومات
 
الصورة الرمزية ابراهيم محمد الفيومي

ابراهيم محمد الفيومي غير متواجد حالياً
البيانات
 
العضوية: 31463
تاريخ التسجيل: Jun 2007
الدولة: الأردن
المشاركات: 2,507
بمعدل : 0.41 يومياً


افتراضي

يرد في السطور اللاحقة ذكر لمكتبة علي بن يحيى المنجم :
المكتبات في الشرق الإسلامي خلال القرون الوسطى




ترجمة: محمد الدنيا
يرتبط تاريخ المكتبات، الغنية بالموسوعات، وغيرها من المؤسسات العلمية، كالبيمارستانات والمراصد.. في الشرق الاسلامي، خلال القرون الوسطى، ارتباطا وثيقا بتاريخ النخب الفكرية التي أنشأتها، ودعمتها، ونشطتها.


ففي عهد الخليفة المأمون 198 هـ، وجدت في بغداد مكتبة يعمل ويجتمع فيها علماء فلك ورياضيات وأدباء ومترجمون. وقد عرفت باسم بيت الحكمة. إلا أن بعض الباحثين اليوم يرون أن بيت الحكمة لم تكن إلا نوعا من الاكاديمية، التي كانت تمارس فيها النشاطات الفكرية المتعلقة بالعلوم الدنيوية. أما عبارة بيت الحكمة، أو اسمها الاخر خزانة الحكمة، فقد ظهرت في عهد هارون الرشيد. وإذا لم يكن الخليفة المأمون هو من أنشأ هذه المؤسسة، فإنه أعطى دفعا قويا جدا للنشاط العلمي الذي ارتبط بها.
تجمع المصادر كلها على إظهار «بيت الحكمة» كمكتبة ضمت بشكل خاص أعمالا في الفلسفة والعلوم. وكلمة «حكمة» تعني في الواقع، في الثقافة العربية ­ الاسلامية، ليس فقط الحكمة والفكر التأملي والفلسفة بحصر المعنى، بل ايضا كل الاشكال المعرفية الموروثة من العصور الكلاسيكية. ‏
كانت بيت الحكمة غنية بمخطوطات جيىء بها من الامبراطورية البيزنطية وروى القاضي والمؤلف التاريخي صاعد بن أحمد الاندلسي (القرن 5 هـ) ان الخليفة المأمون أقام علاقات مع أباطرة القسطنطينية، الذين أرسلوا له مؤلفات أفلاطون وأرسطو وأبقراط وجالينوس واقليدس وبطليموس وغيرهم. لكن الكتب والمخطوطات التي جاءت من الخارج لم تكن بمستوى أهمية تلك التي كانت موجودة في الامبراطورية العباسية.. بقيت مدن انطاكية وحران والرها (أورفا) ونصيبين ضاجة بالحياة الفكرية، واحتفظت بالاعمال الفلسفية والعلمية اليونانية المترجمة الى السريانية، مع ما رافقها من اضافات وشروح. وعندما كان أحد علماء بغداد يرغب في ترجمة عمل اغريقي، لم يكن يذهب للبحث عن مخطوطات في الاقاليم البيزنطية البعيدة، بل في هذه المراكز الثقافية القديمة، فتأتي ترجمته العربية لتغني مجموعات الاعمال العلمية في «بيت الحكمة» أو غيرها من المكتبات. ‏
هل كانت «بيت الحكمة» مركزا للترجمة؟ ‏
ترجم الكثيرون من العلماء انفسهم، في عهد المأمون، اعمالا في علم الفلك والهندسة والطب والفلسفة. وكان للمأمون دور بارز في رفع شأن هذا المركز الفكري، «بيت الحكمة» الذي كان يتلقى ايضا مساعدات مالية كبيرة من مهتمين آخرين. وتمثل أحد الادوار الرئيس لبيت الحكمة في تزويد العلماء بالمخطوطات ووضع الكتب المترجمة تحت تصرفهم. ‏
وككل مكتبة، كان الوراقون يؤمون «بيت الحكمة» مكانا لنسخ الاعمال، وبيعها في متاجرهم للعامة أو لأصحاب النفوذ. وكانت «بيت الحكمة» ايضا مكانا لنشاطات اخرى: كانت مقرا لاجتماعات العلماء. ومن الممكن ان تكون «بيت الحكمة» قد لعبت دورا لا يستهان به، ولكن يصعب تقديره، في التقريب بين العلوم الدينية والفلسفة، فساهمت بذلك في نشأة عدد من التيارات الفكرية. ‏
وتبقى اسئلة كثيرة بلا إجابة: أين كانت تقع مكتبة «بيت الحكمة»؟ كيف كانت تعمل؟ متى وكيف اختفت؟ ربما تكون قد قسمت الى عدة مجموعات إبان نقل العاصمة الى سامراء (في العام 221 هـ)، أو أهملت في عهد الخليفة المتوكل (232 ­ 247 هـ) في الواقع، فقدت هذه المكتبة كل دور مهم بعد حكم المأمون. مع ذلك، لم يتوقف نشاطها العلمي. على العكس، شهدت بغداد آنذاك ظهور رجال علم بفضل دعم الخلفاء والوزراء والامراء. وقد ذكر الاديب والمؤرخ «القفطي» سير 415 رجل علم، عاش اكثر من نصفهم بين القرن الثاني والثالث الهجريين، 113 منهم في العراق. كانت بغداد آنذاك مركز الاستقطاب الذي اجتذب معظم القوى الفكرية في العالم الاسلامي. كانت هذه الحياة الفكرية اللامعة تنتظم حول عدة مراكز: بلاط الحاكم، وحوانيت الوراقين، والمساجد، والمدارس، وبيوت الاعيان، والمكتبات، والمشافي (البيمارستانات). ‏

المكتبات الخاصة والعامة ‏
كثيرون هم الشعراء والادباء العرب الذين تغنوا بصحبة الكتاب الوفية وافتخروا باقتناء الكتب. ‏
وترك لنا الطبيب ابن أبي أصيبعة، من بين آخرين، وصفا لمكتبة الطبيب «ابن المطران» ذكر فيه انها كانت غنية بأكثر من ثلاثة آلاف مجلد، وانه كان في خدمته باستمرار ثلاثة ناسخين، وانه نسخ بنفسه عددا من الكتب. وقد اعطى استيراد الاسلوب الصيني في صنع الورق وانتشاره التدريجي في حواضر الشرق الكبرى دفعا قويا لعمل الناسخين، الذين اصبحت لديهم مادة خفيفة ومتينة واقل كلفة من البردى والرق. وتطورت تجارة حقيقية في ميدان المخطوطة، يدعمها سعي الطبقات المثقفة الى اقتناء كتب جميلة. ‏
اشتهرت بعض المكتبات الخاصة، التي كان يملكها أمراء أو علماء أو أعيان، لغناها بالمؤلفات. ‏
وكثيرا ما كانت مفتوحة أمام المسافرين، ومحبي الاطلاع واصدقاء العلم، والمؤرخين. وكان علي بن يحيى المنجم، نديم المتوكل (توفي 275 هـ)، قد كون مجموعة رائعة من منتخبات الكتب في قصره في نواحي بغداد. ويروي ياقوت الحموي ان أبا معشر البلخي، الفلكي الشهير، مر بالمكتبة وهو في طريقه الى مكة المكرمة، ففتن بها وأمضى في قراءة كنوزها وقتا طويلا. ‏
لقد حرص كل الخلفاء والامراء على تزويد قصورهم بالمكتبات الغنية وتأكيد حبهم للعلم والمعرفة، هذه الميزة الحتمية لكل حاكم صالح، وكانت محتويات بعضها متاحة للعلماء الذين كانوا ينجزون فيها اعمالهم، بحثا وترجمة وشرحا وتأليفا وتقميشا، وكان يمكن اعتبارها مؤسسات علمية حقيقية. ‏
عدا ذلك، كان يجب ان تضم المكتبات بشكل خاص مؤلفات في العلوم الدينية والآداب. ‏
وفي القاهرة، كانت مكتبات قصور الخلفاء غنية جدا بالمؤلفات. وفي العام 395هـ، أنشأ الحاكم بأمر الله دار الحكمة، التي سميت احيانا دار العلم: اتخذ منها العلماء مقرا لاجتماعاتهم، والمدرسون منبرا للتعليم، والاطباء والعلماء ومرتلو القرآن الكريم والفلكيون والمعجميون والنحويون مكانا للبحث والاقامة. وفي الموصل، والبصرة، وحلب وطرابلس، لعبت المكتبات المماثلة الدور نفسه: كانت تؤمن حفظ المخطوطات ونسخها، وعرفت مراكز للتعليم ونشر العلوم والافكار، ومكانا للقاءات والنقاشات، وسكنا ومقرا لإقامة وعيش العلماء والمتعلمين احيانا. هكذا كانت دار العلم التي أسسها الوزير سابور بن أزدشير عام 381هـ، في حي الكرخ في بغداد. وتشير مقدمة فهرسها الى ان المكتبة كانت تضم فضلا عن القرآن الكريم، وكتب التفاسير والفقه والقواعد والشعر، «كتب آل البيت» و «مخطوطات في الطب والفلك والفلسفة وعلوم أخرى». وقد ازدهرت هذه المكتبة خلال النصف الاول من القرن 5هـ، لكنها احترقت نحو عام 447هـ إبان حريق أتى على الحي كله. ‏

المصدر: HISTOIRE DES SCIENCES ARABES «تاريخ العلوم العربية»ج3 (بالفرنسية) تأليف مجموعة من الكتاب بإشراف رشدي راشد. الناشر: دار SEUIL ­ باريس 1997 ‏
http://hasaka.net/edu/modules.php?na...rticle&sid=118












  رد مع اقتباس