عرض مشاركة واحدة
قديم Jan-31-2010, 03:04 PM   المشاركة27
المعلومات

ابراهيم محمد الفيومي
مشرف منتديات اليسير
أخصائي مكتبات ومعلومات
 
الصورة الرمزية ابراهيم محمد الفيومي

ابراهيم محمد الفيومي غير متواجد حالياً
البيانات
 
العضوية: 31463
تاريخ التسجيل: Jun 2007
الدولة: الأردن
المشاركات: 2,507
بمعدل : 0.41 يومياً


تعجب

معرض الكتاب ثراء ثقافى
.. بقلم د. محمد أبو الخير

تاريخ النشر: 31 يناير 2010 - 10:45 ص



معرض القاهرة الدولى للكتاب تظاهرة ثقافية متميزة حيث تلتقى كل الأفكار وتتحاور فى بوتقة واحدة، كل الألوان الفكرية فى متناول الجميع من الشرق والغرب، يا له من عرس حضارى فى قاهرة المعز، هذا ما أكده الرئيس محمد حسنى مبارك فى افتتاحه لهذا الحدث المهم من أن المعرض يلعب دورا تنويريا فى منظومة الثقافة المصرية والعربية، وهو دعوة لحوار الثقافات والحضارات بين المثقفين العرب والأجانب، ومن ثم فهو قادر على مواجهة الفكر المتطرف، لأن الثراء الثقافى من الكتب، والترجمات، والندوات الحوارية، والعروض الفنية، وغيرها من المظاهر الثقافية تعطى تنوعا فى الرؤى، هذا التنوع يجعلنا ننظر من وجهات نظر مختلفة للأشياء، تجعلنا نترك الرأى الواحد، واللون الواحد فى طريقة تفكيرنا، وهذا جمال تنوع تلك التظاهرة، هذه التعددية الثقافية التى تنطلق بنا إلى الحوار مع الآخر وإحترامه.
إن معرض الكتاب فرصة للتلاقح مع ثقافات آخرى حيث تكون روسيا هى ضيف الشرف، روسيا بكل علومها وآدبها وفنونها، إنه فرصة بحق لننهل من معين تولستوى فى "الحرب والسلام" و "ما الفن" ودستويفسكى " الأخوة كرامازوف " و"الجريمة والعقاب"، وبوشكين " الفارس النحاسى " و" عروسة الماء "، وتشيكوف " بستان الكرز " و" النورس"، نتعرف على صور الحياة اليومية فى روسيا المتقدمة، نقرأ ونستمتع بموسيقى " الجمال النائم" و"كسارة البندق" و"بحيرة البجع" لتشيكوفسكى، نتعرف على رأى تولستوى فى تشيكوف الذى لم يكد يبلغ العشرين من عمره عام 1880 – كيف يقدر ويدفع جيل كبير، بجيل شاب للأمام - حيث يقول" تشيكوف فنان لا نظير له، نعم، لا نظير له، انه بوشكين يكتب نثرا."
وجوهر معرض الكتاب هو القراءة، والقراءة شعاع من نور نحو معرفة أنفسنا، ومعرفة الآخرين، ومعرفة الكون الذى نحيا فيه، إن الكتاب واحد من الركائز الأساسية للتعليم والتدريب، وهو فى نفس الوقت عنصر جوهري لاكتساب الثقافة والمعرفة، إن القراءة تعمل على بناء الإنسان بشكل إيجابى مع منظومة المجتمع عقليا وفكريا ووجدانيا، فالقراءة علامة على وعي الإنسان، وشاهد على ارتقاء المجتمعات وتقدم الأمم.
ونحن الآن فى مجتمع المعلومات، عصر الموجة الثالثة، تتنوع أساليب القراءة وتتسع لمجالات متعددة، فهناك الكومبيوتر والإنترنت وما بهما من ثورة معرفية حتى أصبحت القراءة الإلكترونية تلك الوسيلة الجديدة سريعة الإنتشار، وهناك عالم التليفزيون وما به من برامج محلية وعالمية، وهناك قراءة النوته الموسيقية وفتح آفاق للقراءة السمعية من مقطوعات موسيقية شرقية، وموسيقى كلاسيكية، وهناك قراءة بصرية للوحة التشكيلية وما بها من ألوان وظلال وخطوط، وكتل وعلاقات بين بعضها البعض، وهناك القراءة للطبيعة منظر البحر مع شروق الشمس بكل ألوان الطيف المتلالئة، وهناك القراءة تحت الميكروسكوب، ومشاهدة حياة الكائنات الدقيقة، وعلى العكس هناك القراءة عبر التليسكوبات العملاقة لقراءة صفحة السماء المرصعة بالنجوم والكواكب ووضعها فى خرائط فلكية، وهناك أيضا قراءة للوجوه ومعرفة كيف نتحدث مع الآخر، متى نسأل، أين نتوقف عن الجدل، وكيف نبرهن عن قناعاتنا، وآشياء اخرى كثيرة، إن القراءة فى هذا المقام ليست فعل صوتيا عبر النطق بحسب ما تقتضيه الأنظمة اللغوية لأي لغة، وإنما هى هنا تعني الفهم، ومن ثم فإنها تمثل نشاطا معرفيا عقليا، يختلف ويتفاوت بحسب رؤية القاريء، تلك الرؤية التى تحلل ما تقرأ بل وتضيف جديدا لمعانى أخرى مبتكرة، ومن هنا تصنع القراءة شيئا جديدا فينا، فهى مولدة للمعاني وكاشفة للصور التي يتضمنها العالم فى مركب جديد له خصوصيته، ليس هو المقروء تماما، وليس هو القاريء بما هو عليه، وإنما هو مركب منهما معا .
إن القراءة المصحوبة بالتأمل والخيال والتدبر عملية بصرية، ومن ثم فالعين والبصر أصبحا مدخل الإنسان إلى العالم والكون ويعتبر أكثر من 80% من خبراتنا الحياتية نستقيها من خلال هذه العملية البصرية، ومن هنا تصبح الأشياء المرئية هي الجوهر والركيزة الأساسية للمكونات العقلية، والشىء بالشىء يذكر، لعل واحده من أعظم نظريات الإبصار فى تاريخ العلم، هى نظرية الحسن إبن الهيثم الذى صنع تحولا جذريا كبيرا ـ فى علم البصريات ـ حول أن العين لا ترى بذاتها، وإنما ترى العين من خلال الضوء. إن القراءة تعمل علي بناء الإنسان بشكل ايجابي مع منظومة المجتمع عقليا وفكريا ووجدانيا. إن القراءة طريق لنور العلم والدهشة والمعرفة والمتعة.. والسفر من خلال الخيال الخلاق إلي عالم رحب، يقول الأديب عباس محمود العقاد " القراءة تعطي أكثر من حياة واحدة في مدي عمر الإنسان الواحد، لأنها تزيد هذه الحياة من ناحية العمق. فكرتك أنت خيال فرد إذا قصرته عليك، ولكن عن طريق القراءة والكتابة، إذا لاقيت بخيالك خيال غيرك، فليس قصارى الأمر أن الفكرة تصبح فكرتين، أو أن الشعور يصبح شعورين، أو أن الخيال يصبح خيالين، كلا وإنما تصبح الفكرة بهذا التلاقي مئات من الفكر في القوة والعمق والإمتداد . الآن أقول علينا نقرأ بالعين والعقـل والقلب، فالقراءة طاقة محركة متجددة، وهي حالة نمو نحو النضج العقلي والروحي والأخلاقي والاجتماعي. إن القراءة حركة إلى الأمام؛ ندرك بها مسيرة الحياة، ومتغيرات العصر لننطلق للمستقبل، ويظل الكتاب رغم تعدد مصادر القراءة هو الدستور الأول للمعرفة. من هنا إن معرض الكتاب تظاهرة ثقافية للتنوع الخلاق.

الرابط
http://www.ndp.org.eg/ar/News/ViewNewsDetails.aspx?NewsID=63414












التوقيع
إن الكل يموت ويذهب صداه
الا الكاتب يموت وصوته حي
  رد مع اقتباس