عرض مشاركة واحدة
قديم Feb-11-2007, 11:47 AM   المشاركة3
المعلومات

د.محمود قطر
مستشار المنتدى للمكتبات والمعلومات
أستاذ مساعد بجامعة الطائف
 
الصورة الرمزية د.محمود قطر

د.محمود قطر غير متواجد حالياً
البيانات
 
العضوية: 13450
تاريخ التسجيل: Oct 2005
الدولة: مصـــر
المشاركات: 4,379
بمعدل : 0.65 يومياً


افتراضي تربية الإبداع الأدبي

الفصل الثّاني : تربية الإبداع الأدبيّ
إذا كانت منهجيّة البحث تُلزم الباحث بالرّيث والأناة في أثناء الحديث عن تربية الإبداع الأدبي لدى الأطفال، فإنها تفرض عليه بادئ ذي بدء الاعتراف بأن أدبيّات الإبداع الفنّي تشير إلى أن الرابعة عشرة هي الحدّ الأدنى للعمر الذي يظهر فيه الإبداع لدى المبدع في الحقل الفنّي(1). ففي هذه السنّ قاد موزارت أوبرا في ميلانو، ونظّم بيتهوفن حفلات موسيقية في الساحات العامة. وفي السنّ نفسها أو بعدها بقليل شرع عدد من الشعراء العرب ينظمون الشعر، كطرفة بن العبد وكعب بن زهير وأبي تمام والمتنبي ودعبل الخزاعي وعلي بن الجهم والمعرّي وجبران والشابي والجواهري وإبراهيم طوقان وغيرهم(2).‏
وعلى الرغم من أن أسماء المبدعين تكثر كلّما ارتفع العمر فوق الحدّ الأدنى فإن الأمر الذي لا يخطئه الباحث هو أن الإبداع الفنّي يبدأ في مرحلة المراهقة، ثم يستمر دون أن يعرف سنّاً يقف عندها. وهناك باحثون ينصّون على أن الإنتاج الإبداعي ينمو بين الثلاثين والأربعين ثم يهبط تدريجيّاً. وقد رفع بعضهم هذه السنّ إلى الخامسة والأربعين، ونصّ على أن ذلك لا يعني التحديد الدقيق للعمر الذي يظهر فيه الإنتاج الإبداعي. فقد أبدع فيردي أوبرا فالستاف وهو في الثمانين، وكتب مارك توين (جورنال حوّاء) في الحادية والسبعين، وطوَّر غراهام بيل الهاتف في الخامسة والخمسين، وحل مشكلة ثبات التوازن في الطائرة وهو في السبعين(3). أما مرحلة الطفولة فليس لدّي مايبعث على الاطمئنان بإمكانية عدّها مرحلة زمنية صالحة لظهور الإبداع الفنّي. وليس في تاريخ الأدب العربي، في حدود ماأعلم، أمثلة وافرة تُعين على القول إن الطفل قادر على الإبداع قدرة الراشد عليه. وربّما لاحظنا لدى الأطفال أحياناً شيئاً من الإنتاج الأدبي، إلاّ أن المفهوم العلمي للإبداع لا يعدُّ هذا الإنتاج إبداعاً فنّياً، بل يعدّه عملاً ابتدائياً لا يرقى إلى المستوى الفنّي، ولا يعبِّر عن خبرة جمالية ناضجة.‏
وهذا يعني، أول وهلة، أن دراسة الإبداع الأدبي لدى الأطفال ليس لها أي سند علميّ ولا مسوِّغ واقعيّ. بيد أن إنعام النظر في الموضوع نفسه يقود إلى أن الإشارة إلى الحدّ الأدنى لعمر المبدعين صحيحة دقيقة إذا درسنا الإبداع من زاوية الإنتاج الإبداعي الذي قدّمه المبدعون أوّل مرّة. أيْ أن الذين حدّدوا البداية بالرابعة عشرة بالنسبة إلى الإبداع الفنّي، والخامسة عشْرة أو السادسة عشْرة بالنسبة إلى الإبداع العلمي انطلقوا في تحديدهم من دراسة سيرة حياة المبدعين، فلاحظوا أن فئة منهم نشرْت أول إنتاج إبداعي لها وهي في الرابعة عشرة، ومن ثمَّ عدُّوا هذه السنّ حدّاً أدنى للإنتاج الإبداعي.‏
غير أن أدبيّات علم النفس تنصّ أيضاً على أن الباحث قادر على دراسة الإبداع من زاويتين أخريين غير زاوية الإنتاج الإبداعي، هما: دراسة الإبداع انطلاقاً من أنه عملية عقلية ذات مراحل معيَّنة، ودراسة الإبداع ابتداءً من قدرات المبدعين وأساليب كشفها واكتشافها(4). وهاتان الزاويتان مهمّتان بالنسبة إلينا لأنهما تؤكدان أن المبدع بدأ ينتج في الرابعة عشرة، ولكنّ هذا الإنتاج لم ينجم فجأة دون مقدّمات، بل سبقته سنوات من الإعداد والاكتساب والاختمار هيّأت لظهوره وطبعته بطابعها، سواء أكان هذا الطابع خاصاً بجدّة الإنتاج أم أصالته أم قيمته. وهذا يقودنا إلى أننا إذا رغبنا في أن ندفع أبناءنا إلى الإبداع في مرحلة المراهقة أو في المراحل التالية عليها، فإننا مطالبون بإعدادهم لذلك في مرحلة الطفولة، وإلاّ فإننا مضطرون إلى الاستمرار في قبول الأمرين اللذين درجنا عليهما، وهما وأد كثير من المواهب في مهدها دون أن يعذّبنا ضميرنا لإهمالنا قدراً من ثروتنا القومية، وإبقاء القدر الآخر من المواهب عرضة للمصادفات التي تدفعها إلى الاستمرار في تغذية موهبتها وتنميتها وقيادتها إلى الإبداع بعد قدر غير قليل من الجلد والجهد ومغالبة الصعاب في الساحة الإبداعية.‏
وإذا كان ذلك يُسوِّغ إقدامنا على تربية الإبداع لدى الأطفال، فإنني قادر على تعزيزه وتقديم السند العلمي له. ذلك لأن العاملين في الحقل التربوي متفقون على أن الطفل لا ينمو من تلقاء نفسه، بل ينمو بمقدار ما توّفره البيئة الاجتماعية من عوامل التربية ومقوماتها(5). وهذا الاتفاق يُعزّز القول السابق الخاص بإعداد الطفل لدخول حقل الإبداع، ويضيف إليه أمراً آخر مهماً هو أن الإبداع ذو جذر اجتماعي. إذ أن البيئة تساعد على تفتُّح الموهبة وقيادتها إلى الإنتاج الإبداعي إذا كانت تعي مهّمتها التربوية. والعكس صحيح أيضاً. أيْ أن القضية كلها منوطة بالوعي التربوي. لأن التربية معنّية أساساً ببناء شخصية الإنسان بناءً سليماً، وقادرة على توفر المناخ الملائم لهذا النمو. ولاشك في أن الأطفال الموهوبين بعضٌ من الأطفال في المجتمع وإنْ كانوا يحتاجون إلى رعاية خاصة. ولهذا السبب شرعت أدبيّات الإبداع تهتم في السنوات الأخيرة بتربية الإبداع لدى الأطفال. بل إن هناك دراسات سعت إلى تربية هذا الإبداع لدى أطفال الرياض انطلاقاً من أن تربية القدرات الإبداعية غير مقصورة على الطفولة المتوسطة والمتأخرة، بل هي سابقة عليها، معنيّة بالسنوات الثلاث الأولى من عمر الطفل عموماً، وبمرحلة الرياض حتى السادسة خصوصاً. ففي هذه السنوات تبدأ شخصية الطفل تتضح، ويُقال إنها تكتمل، ولكنّ التربية تؤمن بإمكانية الاستمرار في تربية الإنسان من المهد إلى اللحد.‏
إن تربية الإبداع لدى الطفل ممكنة إذن، بل إنه يمكن عدُّها هدفاً من الأهداف الرئيسة للتربية في الوطن العربي، على أن نفهم هذا الهدف في حدود الإعداد والتهيئة، ولا نفهمه في حدود القدرة على إنتاج شيء جديد نافع للمجتمع. ولكي يتّضح هذا الهدف ويبتعد عن اللبس لابدَّ من القول إنني أنظر إلى الموهوب والمبدع نظرة تراتبية، يقبع العبقري في أعلاها، يليه المبدع فالموهوب. والمجتمع، أيّ مجتمع، يضمّ قدراً وافراً من الموهوبين، وقدر أقلَّ من المبدعين، ويندر وجود العباقرة فيه عادة، لأن العبقري (بحكم تعريفه هو الشخص الذي يحرز للإنسانية انتصاراً في اتجاه ما لم تحرز مثله الغالبية العظمى من أبناء المجتمع)(6). ويمكن القول، ضمن النظرة التراتبية، إن الموهوب يُقاس بمن هم في سنّه وعمره العقلي، في حين يُقاس المبدع بمن هم أكبر منه سنّاً وعمراً عقلياً(7)، وإن العبقري يتحرّر من قيود السنّ فيقدِّم إنتاجاً جديداً أصيلاً لا يستطيع المبدع تقديمه. والمرجع في القياس السابق هو الدلالة الخارجية. إذ يُعرف الموهوب في الحقل الأدبي من تفوّقه في القراءة والتعبير، وميله إلى المطالعة وتذوّق الجمال في النصوص المكتوبة والمسموعة، وقدرته على مخاطبة الآخرين وإيصال أفكاره إليهم، وإسهامه في النشاط اللغوي العام، واندفاعه الذاتي للنقد والحكم والتحليل. ويُعرَف المبدع من تحلّيه عادة بالدلالات الخارجية السابقة الخاصة بالموهوب، إضافة إلى القدرة على الإنتاج الإبداعي الذي يتصف بالجدّة. ولكنّ الجدّة أمر نسبي وليس مطلقاً، ونسبيّتها واضحة في مرحلة الطفولة، إذ تعني فيها إنتاج الجديد بالنسبة إلى الأطفال وليس الجديد بالنسبة إلى الحقل الأدبي أو العلمي في بيئتهم. ومن المفيد أن أنصّ على أن الموهوب يصير مبدعاً، والمبدع يصير عبقّرياً، إذ توافر المناخ التربوي الملائم، وإلا فإن العبقرية تُعطِّل كما يُعطِّل الإبداع وتموت الموهبة. وهذا يقودنا إلى أن تربية الإبداع لدى الأطفال يجب أن تُعْنَى بالموهوبين أوّلاً لأنهم أكثر عدداً، ولأن هذه العناية قادرة على قيادة الموهبة إلى الإبداع إذا توافرت في الموهوب قدرات كامنة تستطيع التربية إثارتها وحفزها على الظهور. وربّما برز العبقري من صفوف المبدعين إذا كانت القدرات الكامنة والاستعدادات الوراثية أكثر أصالة وميلاً إلى العمل.‏
أستطيع؛ بعد الحذر المنهجي السابق، اقتراح العناية بالأمور الأربعة التالية، وأنبِّه قبل تفصيل القول فيها إلى ضرورة توافرها كلها مجتمعةً، لأن الخلل في أمر منها يقود إلى خلل تربية الإبداع الأدبي لدى الأطفال.‏

1- المناخ العام للإبداع:‏
المراد بالمناخ العام للإبداع طبيعة المجتمع الذي يعيش فيه المبدعون. فإذا كان هذا المجتمع ديمقراطيّاً يشجِّع أبناءه على الحوار وحريّة التعبير، ويقبل الرأي الآخر، ويُقدِّر الشريف المفيد العامل على خدمة الأمة ورفعة شأنها، نما المبدع في مناخ ملائم للإبداع. وإذا كان هذا المجتمع تسلُّطياً قمعياً، يشجِّع أبناءه على النفاق والزيف، وكمّ الأفواه، ويرفض الاعتراف بحقوق الإنسان، ويُقرِّب المخادع المداهن، شعر المبدع بالاختناق وأحسّ بالقيود التي تُكبِّل رأيه وعمله، فسكت خوفاً أوهاجر إشفاقاً على نفسه من مواجهةٍ هو وحده الخاسر فيها.‏
ولستُ في معرض الحديث عن ميزات الديمقراطية، فما هي بالأمر البعيد عن أحد في هذا الزمان، ولكنني أودّ التذكير بأن الديمقراطية جوهر الإبداع، ولا إبداع في المجتمع دون ديمقراطية. وعلى الرغم من أن هناك أمثلة على مبدعين نشؤوا في مجتمعات قمعية، فإن هذه الأمثلة لا تداني في المجتمعات نفسها نسبة المبدعين الذين مات الإبداع في نفوسهم أو حملوه وهاجروا إلى بلدان أخرى. ذلك لأن الديمقراطية لا تعني الحقوق السياسية والاجتماعية وحدها، بل تعني أيضاً إتاحة الفرصة لكل إنسان حسب قدراته واستعداداته. فلا يرتفع الوضيع لأنه يمدح ويداهن، ولا يُهان المبدع لأنه يجهر بالحق ويحرص على أن يُبدي رأيه وينفر من المجاملة. إن الديمقراطية تضع الإنسان حيث يجب أن يُوضع، وتُقدِّره حقّ قدره، وتُنشئ المؤسسات والمعاهد والجامعات والمدارس التي تُربي الإبداع لدى الموهوبين من أبنائها. وليس بين الشرق والغرب خلاف حول هذا الأمر. ففي الولايات المتحدة يوفِّر المجتمع ثلاثة أمور أساسية(8): التجميع والإسراع والإثراء. أما التجميع فيعني إنشاء صفوف خاصة بالمتفوقين بغية جمعهم في مدارس معيّنة وعزلهم عن أقرانهم العاديين. وأما الإسراع فيعني السماح للمتفوقين بالانتقال بين المراحل الدراسية بسرعة غير السرعة التي يُسمح بها لأقرانهم العاديين. وقد تتم هذه السرعة بتخطّي الصفوف أو ضغطها في مرحلة واحدة، إضافة إلى القبول المبكّر فيها للطالب الذي ثبت تفوّقه. وأما الإثراء فيعني اختيار أنشطة خاصة تُنمِّي مهارات المتفوّق ومواهبه. وفي الاتحاد السوفييتي السابق كان المجتمع يوفِّر مدارس خاصة بالمتفوقين، ويتمّ قبولهم في (الأولمبياد الأكاديمي) بعد خضوعهم لاختبارات محدَّدة لمعرفة قدراتهم. وهناك مدارس اختصاصية ببعض الفنون (الموسيقى والباليه مثلاً)، ومدارس أخرى تقبل الطلاب في سن مبكّرة، ومدارس من نوع ثالث تستند إلى مناهج تتمتّع بالمرونة والقدرة على الوفاء بحاجات المبدعين.‏
والحديث ذو شجون عن طبيعة المجتمع، سواء أكانت ديمقراطية يتوافر فيها المناخ العام للإبداع أم كانت تسلُّطية تخنق هذا المناخ وتُميتُه. بيد أنني أرى من المفيد تخصيص القول في المجتمعات العربي، ومن ثمّ لابدَّ من السؤال التالي: ماطبيعة المجتمع العربية، أهي ديمقراطية أو تسلُّطية؟ الحقُّ أن الدراسات الاجتماعية التي حلّلت المجتمع العربي قليلة جداً، ولكنّها متفقة على أنه مجتمع متخلِّف يُوصَف لتحسين الشكل وتخفيف الوقع بأنه مجتمع نام، ويسمِّيه هشام الشرابي(9) بطركيّاً يتألّف من خليط متضارب من العلاقات والقيم والبنى الاجتماعية القديمة والمستحدثة. كما أنه مجتمع تابع، ينقصه الاستقلال الذاتي، ويعيش أزمة التحوُّل في ظلّ الهيمنة الخارجية سياسياً واقتصادياً وحضارياً، ويتميَّز بتركيب اجتماعي نفسي متناقض ينعكس في حالة العجز والشلل التي هو فيها: عجزه الوظيفي في ممارساته الروتينية، وعجزه السياسي في نظامه الداخلي وفي تحقيق أهدافه الوطنية والقومية، وشلله العسكري والتنظيمي في حماية مصالحه العليا، وتقصيره في التخلُّص من التبعيّة وفي التوصُّل إلى الاستقلال الحقيقي. وعلى الرغم من ذلك كله فإن هذا المجتمع البطركي في رأي هشام الشرابي يتمتّع بقدر كبير من الدهاء والمقدرة على البقاء. فهو قادر على حجب ماهيّته البدائية المتخلّفة بمظاهر الحداثة والرقي، فيبدو كأنه مجتمع متطوّر يوشك أن ينتقل إلى مرحلة اقتصادية أعلى، وهو قادر على إشباع نهم طبقاته الاجتماعية المسيطرة وفي الوقت نفسه على تخدير جماهيره الواسعة. وربّما كان تحليل الدكتور الشرابي مؤلماً للراغبين في أن يتمكّن المجتمع العربي من تجسيد إنسانية الإنسان بوساطة التربية، غير أنه تحليل سليم في جوهره. وهو، أوّل وهلة، يُعزِّز القول بالطبيعة التسلُّطية القمعية للمجتمع العربي، ومن ثمَّ ينفي إمكانية توافر المناخ العام للإبداع فيه. ذلك لأنه يشير إلى أن مؤسسات المجتمع كلها تعيد إنتاج الذات البطركية، مما يجعل الحلْقة مفرغة. فالتربية، على سبيل التمثيل لا الحصر، لا تربّي شخصية الطفل على قيم الحق والخير والعدالة والحريّة والمساواة والأثرة والإخلاص وغير ذلك من القيم الإيجابية، بل تربي في هذه الشخصية قيم الطاعة والرضوخ والاستكانة والأنانية والنفاق، ولكنها تتظاهر بعكس ذلك حين تعلن أهدافاً جميلة، ومن ثمَّ تُرسِّخ التناقض بين القول والعمل، وبين الأهداف النظرية وتطبيقاتها العملية.‏
إذا أنعمنا النظر في التحليل السابق لاحظنا أنه لا ينوي تعزيز الطبيعة التسلُّطية للمجتمع العربي، بل يحلّلها ليُشكِّل لدى الإنسان نوعاً من الوعي بطبيعتها. وهذا الوعي أوّل طريق النقد الذاتي الذي يقود إلى كسر الحلْقة المفرغة. ولهذا السبب لم يكن غريباً أن يقترح الدكتور الشرابي الاهتمام بالطفل والمرأة والأسرة النووية. ذلك لأن طبيعة المجتمع العربي ليست قَدَراً، بل هي واقع يمكن تغييره وتعديله وتبديله. ولاشك في أن العناية بالطفل ليست اقتراح الدكتور الشرابي وحده، بل هي مرتكز من مرتكزات المهمّة لدى المثقفين والتربويين وعلماء النفس والاجتماع والاقتصاد. كما أنّها وسيلة تحقيق الأمل الذي تعقده على الطفل القادر على تغيير المجتمع العربي وقيادته إلى الحضارة. ومن الطبيعي أن يكون مفهوم العناية بالطفل واسعاً شاملاً الأطفال كلهم، لأنه يعني توفير الحاجات الأساسية الجسدية والنفسية والروحية والمعرفية، وتنمية المهارات والاتجاهات، وغير ذلك من (مقوّمات عملية التنشئة الاجتماعية التي يتم من خلالها تشكيل الوليد البشري والانتقال به من كائن بيولوجي إلى مواطن راشد له شخصيّته المميزة التي يستطيع من خلالها أن ينتج ويسهم في رفاهية مجتمعه)(10). وليس لديَّ شكٌ في أن مفهوم العناية بالطفل يشمل الراشدين أيضاً. إذ لا معنى للحديث عن هذه العناية إذا لم يكن الراشدون يعون أهمية التنشئة السليمة للطفل، ويتقنون أساليب تجسيدها، ويعرفون أبعادها الاجتماعية والنفسية والوطنية والقومية. ومن ثمَّ تدخل حقل هذه العناية تلك الدراساتُ والمحاضراتُ والندواتُ واللقاءاتُ التي تُسهم في تشكيل وعي الراشدين بطبيعة الطفل العربي في الحاضر وصورته المأمولة في المستقبل.‏

2- المناخ الخاص للإبداع:‏
إذا كان المناخ العام يعني المناخ الديمقراطي المواتي للإبداع ضمن دائرة العناية بالأطفال كلهم دون تمييز بينهم، فإن المناخ الخاص يعني وعي طبيعة الموهوبين والمبدعين. وقد مرّ وقت طويل كنّا نعتقد فيه أن الإنسان المبدع شخص مختلف عن أقرانه في الذكاء والاستعدادات الوراثية والسلوك الاجتماعي والإلهام. ومن ثمَّ لم نكن قادرين على أن نوفرّ له مناخ الإبداع، بل كنّا نحتاج إلى أسطورة (عبقر) أو مثيلها لنقنع أنفسنا بهذا الاختلاف ونريحها من عناء التفكير فيه. والحقُّ أن الدراسات الحديثة أثبتت خطل هذه النظرة إلى الإنسان المبدع، وساعدتنا على فهمه فهماً علمياً يؤهلنا -إذا كنّا جادين مخلصين- للنهوض بمهمة العناية به وتوفير المناخ المواتي لإبداعه. وأستطيع اختزال ماقدَّمته أدبيّات الإبداع الحديثة في النقاط التالية(11):‏
أ- كل فرد يملك القدرة على الإبداع. أيْ أن لديه (الاستعداد) أو (الإمكانية) أو (الطاقة) على ذلك. وهذا الأمر لا يمنع من القول إن هذه القدرة تختلف وتتفاوت بين الأطفال تبعاً للفروق الفردية بينهم في القدرات والسمات، ومن ثمَّ لابدَّ من أن تُوجّه التربية عنايتها بادئ ذي بدء إلى الأطفال كلهم بغية حفز طاقاتهم على الظهور.‏
ب- بروز القدرة على الإبداع في هيئة أعمال إبداعية يتوقّف على أمور كثيرة، يرجع بعضها إلى العوامل الوراثية والدوافع الشخصية، ويرجع بعضها الآخر إلى الظروف البيئية.‏
ت- العوامل الوراثية لا تقود وحدها إلى الإبداع:‏
ولعلّ الذكاء أبرز العوامل الوراثية التي اختلط أمرها على الدارسين حتى الخمسينيات، ومازال اللبس سائداً حولها لدى العامة. إذ كان الدارسون يعتقدون بأن ارتفاع درجة الذكاء فوق الحدّ المتوسّط أو العادي (وهو 100درجة) يقود إلى الإبداع، ثم اكتشفوا بعد أن نشر (تيرمان) تقاريره الثلاثة (في الأعوام 1925-1957-1959)(12). أن درجة الدنيا اللازمة للإبداع هي (120) درجة تزيد أو تنقص قليلاً ولا أهمية للارتفاع الكبير في هذه الدرجة، مما قادهم إلى أن نسبة الذكاء ليست معياراً دقيقاً للموهبة الإبداعية. فقد كان بين الموهوبين الذين تتبّع تيرمان حياتهم من الحادية عشرة إلى الخامسة والأربعين أربعون موهوباً ارتفعت نسبة ذكائهم فوق (180) درجة، ولكن نتائج هؤلاء لم تختلف عن نتائج أقرانهم الذين وصلت نسبة ذكائهم إلى (140) درجة.‏
ث- دلالات التفوّق العامة كالتحصيل المدرسي والتوافق المهني والاجتماعي والصحة النفسية والجسدية ليست معايير دقيقة للموهبة الإبداعية. فقد كان دارون غبيّاً في المدرسة، ونيوتن بليداً، وباستور مخفقاً، وهيوم مخيِّباً للآمال، ولكنهم في مراحل حياتهم اللاحقة أصبحوا عباقرة يُشار إليهم بالبنان.‏
ج- يظهر السلوك الابتكاري لدى الأطفال في أحد مجالات المعرفة، ويندر أن نجد طفلاً مبدعاً في المجالات كلّها.‏
ح- القدرات التي تُشكِّل التفكير الإبداعي نوع من المهارات العقلية قابل للتنمية والتحسين والرعاية عن طريق التدريب والممارسة. ومن العبث الظن بأن هذه القدرات وراثية لا يستطيع الإنسان تعديلها وتبديلها.‏
إن النقاط السابقة لا تحيط بطبيعة الموهوبين والمبدعين، ولكنّها تُصوِّب نظرتنا إلى علاقة الذكاء بالإبداع، وتدعونا إلى رعاية الأطفال كلهم لنحرِّض طاقاتهم ومواهبهم الدفينة، وتبعدنا عن الظن بأن الموهوب متفوّق في المجالات جميعها، وتنبِّهنا على أن قدرات التفكير الإبداعي مهارات عقلية نستطيع تنميتها. وهناك، دون شك، أمور أخرى زخرت بها أدبيّات الإبداع، لا مفرّ لأي راغب في تربية الإبداع لدى الأطفال من معرفتها والغوص في دقائقها ليتمكّن من أداء عملّه على نحو علمي دقيق. وربّما كانت سمات الإبداع وقدراته أبرز هذه الأمور في رأيي.‏

3- سمات الإبداع الأدبي وقدراته:‏
لا يستطيع أحد الادعاء بأنه راغب في تربية الإبداع الأدبي لدى الطفل إذا لم يكن يملك معرفة كافية بسمات الإبداع وقدراته. ذلك لأن الباحثين بذلوا كثيراً من الجهد لتعرُّف سمات شخصيّات المبدعين والقدرات الإبداعية التي يملكونها بغية الإحاطة بعملية الإبداع وضبطها والسعي إلى تنميتها. وعلى الرغم من أن هذه الدراسات تناولت المبدعين بعد أن اشتهروا في حقل الإبداع، فإن نتائجها قابلة للتعميم والتنبّؤ بالإبداع. وبتعبير آخر، فإن هناك سمات شخصية وقدرات عقلية معيّنة عملت معاً في أثناء إنتاج الآثار الإبداعية لدى المبدعين، ومن المتوقّع أن تؤدي العناية بهذه السمات والقدرات لدى الطفل إلى الإبداع في مراحل حياته اللاحقة، استناداً إلى إمكانية تعميمها وإنْ لم تكن شاملة المبدعين كافة.‏
تمثّل السمة عند علماء النفس (استعداداً عاماً أو نزعة عامة تطبع سلوك الفرد بطابع خاص، وتُشكّله وتلوّنه وتُعيِّن نوعه وكيفيّته. وهم يقصدون من استخدام هذا المفهوم للسمة إلى محاولة تفسير السلوك الظاهري للأفراد عن طريق افتراض وجود استعدادات معيّنة عندهم، تكون مسؤولة عن هذا السلوك وعن الثبات والأتساق الذي نلاحظه فيه...وأكثر الناس تسيطر على سلوكهم وتُشكّله مجموعة قليلة من السمات التي يمكن وصف شخصيّاتهم من خلالها، إضافة إلى أن كل فرد من الأفراد يتمتّع بعدد من السمات الصغرى التي تثيرها مجموعة من المنبّهات المحدودة الضيِّقة، وتنتج عن آثارها كذلك مجموعة من الاستجابات المحدَّدة الضيِّقة المكافئة لها.‏
ويمكن أن نطلق على هذه السمات الثانوية اسم الاتجاهات بدلاً من السمات، وذلك لتعدُّدها واتصالها بمواقف محدَّدة)(13) ثم إن هذه السمات التي تستعمل في وصف الشخصية متنوِّعة، تبدو أحياناً متناقضة وغير شاملة المبدعين كلهم، ولكنها في الحالات كلها تُشكّل الدوافع الداخلية والمزاجية للإبداع، ومن أبرزها: السيطرة، والاستبطان (التأمُّل الذاتي)، وتقبُّل الذات، والرصانة، والاستقلال، والبعد عن الانصياع، والصحة النفسية، والتحرُّر من الانضباط الزائد، والبعد عن العصابية، وغير ذلك.‏
أما القدرات العقلية للإبداع فقد سُمِّيت قدرات التفكير الابتكاري، كما سُميِّت أيضاً الخصائص العقلية للإبداع. ومهما تكن التسميات -وهي مترادفة تقريباً- فإن هناك إجماعاً على اعتماد ماقدَّمه (جيلفورد) حولها. إذ نصَّ على ثلاث قدرات هي: الطلاقة والمرونة والأصالة (14). ولكن أحد الباحثين العرب (15) أضاف إليها قدرتين أخريين هما: مواصلة الاتجاه واللغة. ويكاد الإجماع ينعقد على أن (الأصالة) أكثر القدرات الإبداعية أهمية، بل إن بعضهم أطلق عليها تسمية (حجر الرحى في تكوين العقل الإبداعي). والمراد بهذه القدرة إنتاج أفكار جديدة أو طريفة. وقد لاحظ الدارسون(16) أن استجابات المبدع الأصيل تتسم بالمهارة والبراعة أو تكون غير شائعة، أو تبدو العلاقات بعيدة بينها. كما لاحظوا أن المبدع نفسه ميَّال إلى التعبير الجمالي والتفكير التأمُّلي المنطلق. أما الطلاقة فهي القدرة على إنتاج عدد كبير من الأفكار في وقت واحد، أو هي السهولة والسرعة التي تتم بهما التداعيات(17). في حين يُراد بالمرونة السهولة التي يُغيِّر بها الشخص موقفاً ما أو وجهة عقلية معيّنة(18).... كما يُراد بمواصلة الاتجاه قدرة المبدع على تركيز انتباهه وتفكيره في مشكلة معيّنة زمناً طويلاً جداً.(19).‏
إن الإطار العام السابق للسمات والقدرات مفيد في تعرّف عملية الإبداع العلمي والفنّي معاً. فإذا رغبنا في تخصيص القول بالإبداع الفنّي عموماً وبحقل من حقوله، هو الإبداع الأدبي، خصوصاً واجهتنا قضايا دقيقة، كالخبرة الجمالية والقدرة المعرفية والتخييليّة واللغوية والتعلُّق بالأدب ومهارة اختيار الأدوات الفنيّة واستعمالها وتوظيفها، وغير ذلك مما يُعين على الصناعة الأدبية ويُنمِّي موهبة الطفل فيها.‏

4- تربية الإبداع الأدبي:‏
إذا توافر المناخان العام والخاص للإبداع، وأضحت السمات والقدرات معروفة، غدت الطريق ممهَّدة أمام التربية للإسهام في تنمية الإبداع الأدبي لدى الأطفال. وأودّ قبل أن أُقدِّم اقتراحي الخاص الإشارة إلى الأمور الآتية:‏
أ- هل نربي الإبداع الأدبي لدى الطفل الفرد أو لدى جماعة الأطفال؟! الحقّ أن غالبية أدبيّات الإبداع ميَّالة إلى تربية الإبداع لدى الطفل الفرد لأنها مؤمنة بأن الإبداع عملية فردية لا يلتقي فيها مبدعان، ولا يمكن للجماعة أن تنهض بها للفروق الفردية بين المبدعين ولتنوُّع سماتهم وقدراتهم. بيد أن هناك أدبيّات أخرى قليلة تميل إلى الإبداع الجماعي(20) وتراه ممكناً، انطلاقاً من إيمانها بالجماعة وابتعادها عن الفردية. على أن واقع الإبداع يشير إلى أن الحقل الأدبي يحتاج إلى العناية بالطفل الفرد، في حين يستطيع حقل البحوث الأدبية العناية بالإبداع الجماعي والاستعانة بتقنيات العصف الذهني وغيرها. ولكن الواقع العربي لا يسمح بتربية الإبداع الأدبي لدى الطفل الفرد، ولهذا السبب لابدَّ من وضع الطفل الموهوب ضمن أقرانه، على أن يكون عدد الموهوبين في مكان التدريب قليلاً بحيث يستطيع المشرف العناية بهم فرداً فرداً. وعلى الرغم من أن هذا الحل واقعي بالنسبة إلى المجتمع العربي، فإن اللجوء إليه يحمل معه دائماً خطر الابتعاد عن الإنجازات الإبداعية الجيدة في الأعمال الأدبية التي تستند إلى الرؤى والخبرات الجمالية المتنوّعة.‏
ب- يتصل بالأمر السابق سؤال آخر هو: هل نعزل الموهوبين أو نتركهم صحبة أقرانهم العاديين؟ إن الإجابة عن هذا السؤال مازالت موضع خلاف، فقد جرّبت دول العالم النوعين. والمعروف أن الاتحاد السوفييتي السابق عزل الموهوبين في الموسيقى والبالية في مدارس خاصة، وترك الباقين في صفوف عادية خلال السنوات الثماني الأولى من الدراسة، ثم أخضعهم لبرامج معيّنة تلائم مواهبهم. وقد أثبتت إحدى الدراسات العربية(21) ضرورة عزل الموهوبين في صفوف خاصة لأن ذلك يضاعف تفوٌّقهم، ويجعلهم يحافظون على مركز الصدارة، ويتيح لهم فرص النشاط القيادي ومصاحبة أقرانهم الموهوبين والابتعاد عن مشاكسات أقرانهم العاديين، إضافة إلى التنافس والرضى النفسي وجودة المناخ الاجتماعي(22). على أنني لم أعثر على مثال واحد يعزِّز القول بضرورة عزل الموهوبين في الأدب، في حين تترى أمثلة العزل في حقلي الموسيقى والباليه، وتكثر جداً في حقول الإبداع العلمي. وربّما رجع ذلك إلى حاجة الإبداع الأدبي إلى الفردية، أو رجع إلى اهتمام المجتمعات الحديثة بالعلم وإهمالها الأدب. ومهما تكن الأسباب فإن الواقع الموضوعي في الوطن العربي لا يسمح في الغالب الأعم بإنشاء مدارس خاصة، وماتوافر من هذه المدارس في بعض دول الخليج وفي مصر يُعدُّ إرهاصاً لابدَّ من الاستمرار في دراسته دراسة علمية للنهوض ببرامجه وأساليب رعاية الموهوبين فيه. والسائد الآن أن تلجأ غالبية الدول العربية إلى زجّ الموهوبين في الصفوف صحبة أقرانهم العاديين، وتخصيص أمكنة معيّنة لهم يمارسون فيها نشاطاتهم خارج الدوام المدرسي.‏
ج- كما يتصل بالأمرين السابقين أمر المشرفين على تربية الإبداع الأدبي لدى الأطفال. ذلك لأن المعلّم العادي لا يصلح للإشراف لافتقاره إلى معرفة طبيعة الأجناس الأدبية. ولهذا السبب يسعى المجتمع العربي إلى الإفادة من الأدباء في تقديمه العون للمشرفين الذين تلقوا تدريبات جديدة تُؤهلّهم لتلمُّس الإبداع ومعرفة طبائع المبدعين في الحقل الأدبي. وعلى الرغم من ذلك فإن هناك نقصاً فاضحاً في إعداد المشرفين يخص جانب (التفكير) في علاقته بالثقافة. فمن أساليب تربية الإبداع تدريب المشرفين على نبذ التفكير الخرافي والتسلُّطي واللفظّي(23) لدى الأطفال، وطبعهم على سمات التفكير العلمي، وخصوصاً: التراكمية والتنظيم والبحث عن الأساليب والشمولية واليقين والدقة والتجريد(24)، وقيادتهم إلى التفكير السليم(25) في الواقع المحيط بهم، تجسيداً لما هو معروف من أن الأديب الحقّ يعكس الخاص والجوهري في موضوع ملاحظته الآخرين. فهو يدخل عالمهم الداخلي، ويعيش حياتهم، ثم ينظّم ملاحظاته ويسكبها في تعبير جمالي (26) لئلا يخسر التعبير الإبداعي(27) الذي يعيد إنتاج الواقع الموضوعي بوساطة الفن، غير أن العناية بالتفكير لا تكفي وحدها، لأن المشرف مطالب بربط تفكير الموهوب بالثقافة، تبعاً لكون الثقافة تُحدِّد التفكير وتبسط ظلّها عليه. والمشكلة التي يواجهها المشرف العربي هي: هل يربط تفكير الطفل الموهوب بالثقافة العربية السائدة؟! إنْ فعل ذلك جعل الطفل الموهوب يعيدُ إنتاج الذات البطركية في المجتمع العربي التسلُّطي، وإنْ دفعه بعيداً عن هذه الثقافة خلعه من مجتمعه وسمح له بالاغتراب الثقافي. وللتخلُّص من هذا الإشكال ينصح العاملون في حقل الاتصال الثقافي أن يربط المشرف الطفل الموهوب بالإيجابي في الثقافة العربية انطلاقاً من هدف رئيس هو الثقافة الملائمة للحاضر والمستقبل، القادرة على بناء شخصية متكاملة متوازنة للطفل الموهوب(28)، أو مايمكن وصفه بالثقافة الدينامية، وليست القضية هنا قضية مفردات الثقافة، بل هي الأساليب والوسائل التي تتيح للطفل فرص امتصاص الإيجابي من ثقافة مجتمعه، إضافة إلى تدريبه على مهارة الإفادة من الثقافة دون عون من الآخرين، والتزام مواقف ومعايير ذاتية واجتماعية (29) تُمكنِّه من اختيار طريقه في حياة ذات ثقافة متجدِّدة متغيِّرة.‏
ولكنْ، كيف نربي الإبداع الأدبي لدى الأطفال بعد هذا كله؟ إنني لا أملك إحابة علمية عن هذا السؤال، ولكنني أقترح على المربين المشرفين بناء الخبرات التالية لارتباطها بإنتاج العمل الأدبي مهما تختلف أجناسه.‏

* الخبرة اللغوية:‏
إن اللغة هي الوعاء الرمزي للتفكير الابتكاري، والوسيلة التي يتجسّد بها هذا التفكير في شكل أدبي محسوس. وعلى الرغم من أهميّتها الكبيرة في الإبداع فإن غالبية الدراسات أهملتها وكأنها ثانوية. ومن المفيد ألا نكرّر هذا الخطأ، وأن نصرف الوقت والجهد في تشكيل الخبرة اللغوية لدى الطفل الموهوب لإعداده لمرحلة الإنتاج الإبداعي في مراحل حياته اللاحقة. وتربية هذه الخبرة غير مقصورة على الجانب المعرفي الخاص بقواعد النحو والصرف، بل هي قبل ذلك وبعده تكوين الحس اللغوي السليم الذي يسمح للموهوب بانتقاء القوالب اللغوية الملائمة للمعاني دون التنازل عن جمّالياتها وقدرتها على التأثير والإمتاع والإقناع، ولابدَّ في هذه الحال من أساليب جديدة لتمكين الموهوب من البلاغة العربية بعيداً عن الأسلوب المدرسي الذي يُشجِّع اللفظية بما تضمّه من حفظ التعاريف واختيار الشواهد المناسبة لها. ذلك لأن البلاغة علم نظم الكلام وتزيينه بما يرفع مستوى جماله وتأثيره في المتلقّي، إضافة إلى أنّه التجسيد الحقيقي لمهارة انتقاء الألفاظ والتراكيب. وغير بعيد عن ذلك زيادة الثروة اللغوية للموهوب، وتحليل النصوص من الزاوية اللغوية لمعرفة مواطن قوّتها وضعفها وطرائق تصرُّفها بالمعاني.‏
ولاشك في أن هناك تدريبات لغوية كثيرة، منها المباراة بين الموهوبين في التعبير الشفوي والكتابي الجميل عن شيء واحد محسوس، أو عن فكرة معنويّة مجرّدة، أو عن تناقض بين موقفين. ومنها التدريب على إبدال التعبير الجميل بآخر مثله أو يفوقه، أو إعادة سرد قصة بأسلوب يفوق أسلوبها متانة وجزالة. ومنها مهارة التلخيص، تلخيص عدد كبير من الصفحات بعدد قليل منها، فأقلَّ، مرّة بعد مرّة، بغية إعداد الموهوب لمهارة التركيز والتكثيف اللازمة للشعر والقصة القصيرة والمسرحية. وليس الغرض ههنا حصر التدريبات، بل الغرض التنبيه على أن الخبرة اللغوية تنمو إذ أُحسنت تربيتها، وتضمر إذا تركها المشرف تنمو وحدها دون عون منه. وإذا لم يكن من الهيِّن أن يحسن الموهوب التصرُّف باللغة العربية الفصيحة، فإنه ليس من العسير الانتقال درجات في إتقان هذا التصرُّف إذا عرفنا أن الموهوب والمبدع يتمتّعان دائماً باستعداد لغوي يعينهما على الطلاقة اللفظية والتعبيرية.‏

*الخبرة الفنيّة:‏
ليس هناك أديب دون خبرة فنيّة في حقل اهتمامه الأدبي، ولكن مستوى هذه الخبرة ليس واحداً، فقد ترتقي وتضعف، وتبدو عميقة أوابتدائية. والمشكلة أننا اعتدنا إطلاق اسم (الأديب) على الشخص الذي يكتب في أحد الأجناس الأدبية، ولكننا لم نعتد السؤال عن مستوى الخبرة الفنيّة الذي يملكه ويتحكّم في إنتاجه. صحيح أننا نطلق أحياناً أحكاماً قيمة على مستوى هذا الأديب أو ذاك، إلاّ أن أحكامنا تستند إلى مرجعيّة عامة هي موهبة الأديب. فنحن نقول مثلاً: ضعيف الموهبة -متوسّط الموهبة- موهوب جداً.. وما إلى ذلك من أحكام تقييمية عامة تفتقر إلى التحديد. ومن الصعوبة بمكان سؤال الأديب في الوقت الحاضر عن خبرته الفنيّة، لأن الإجابة ستكون واحدة دائماً، هي: الموهبة إضافة إلى الثقافة. أمّا الموهبة فهي عطاء إلهي، وأما الثقافة فهي جهد ذاتي فردي. وهذا كله صحيح في الحدود العامة، إذ لابدّ للأديب من الموهبة والثقافة، ولابدَّ من أن يختلف مستوى الأدباء وأن ينعكس هذا الاختلاف في إنتاجهم الأدبي ضعفاً وقوّة وجودة ورداءة وعمقاً وسطحية وضحالة ورقيّاً.. بيد أن السؤال الذي يحتاج إلى إجابة محدّدة هو: ما الذي صنع هذا كله؟ هل هو تباين الموهبة والثقافة؟ أو هو نقص الخبرة الفنيّة؟.‏
أعتقد بأن للموهبة أثرا بالغاً في المستوى الفنّي للإنتاج الأدبي. ولكن هذه الموهبة تقوى كما تموت وتضعف وتتهاوى تبعاً لتعهدُّها بالرعاية أو إهمالها. والمراد هنا تنظيم التثقيف لاكتساب الخبرة الفنيّة التي تساعد الموهبة على الارتفاع إلى الحد الأعلى. فالأدباء يقرؤون، ولكن القراءة المفيدة هي التي تتجه أولاً إلى تنمية الخبرة الفنيّة بالجنس الأدبي الذي انصرف الأديب إلى الإنتاج فيه. ذلك لأن الموهبة القصصية تتألّق إذا عرف القاص تقنيّات القصّ، وأصبح ماهراً في استعمالها وتوظيفها. ومن ثمَّ لا يكفي أن يقرأ قصصاً انعقدالاجتماع على جودتها الفنيّة، بل يحتاج إلى السؤال: كيف صنع القاصون هذه القصص الجيّدة؟ ولابدَّ أيضاً من (تفكيك) هذه القصص وتركيبها وتأمُّل جوانبها المضمونية واستعمالات الأدوات الفنيّة فيها، وغير ذلك مما يُسهم في صنع الخبرة الفنّية القصصية. ولأنني لا أعرف مقدار ماهدر الأدباء من مواهبهم حين أغفلوا تنظيم تثقيفهم، فإنني أقترح الاهتمام بهذا الأمر في تربية الإبداع الأدبي لدى الأطفال. وأشير إلى أن هناك تدريبات كثيرة تساعد على تكوين الخبرة الفنّية، منها تقديم فكرة أو حدث ثم المباراة في صوغه قصصياً، ومنها تفكيك القصص وإعادة تركيبها، ومنها الدروس المباشرة في فن القصة(30) والشعر والمقالة، ومنها تدريبات الأداء الشعري والمسرحي، وتبديل الشخصيّات والخواتيم القصصية، وتأليف المشاهد المسرحية، وتكملة الأشطر الشعرية، وإنشاء الخطب، وما إلى ذلك من تدريبات على الخبرة الفنيّة تعين الإلهام على التجسيد في العمل الأدبي.‏
على أن هناك جانباً آخر في الخبرة الفنيّة لا يقلُّ أهميّة عن المهارة في استعمال التقنيّات، هو الجانب الجمالي الذي يرهف العمل الأدبي ويجعله ينتسب إلى الفنّ. ذلك لأن الجمال جوهر الفنّ، وحين يستعمل الأديب هذه التقنية الأدبية أو تلك فإنه يهدف إلى توفير الجمال للعمل الأدبي. ومن ثَمَّ لابدَّ له من تثقيف نفسه جمالياً إذا رغب في أن يقود موهبته إلى التجسيد في عمل فنّي ما تع مؤثِّر. والمشكلة هنا عسيرة جداً، لأن الخبرة الجمالية(لا ترجع إلى ما تنفعل به النفس، فهي ليست في جوهرها إحساساً بالسار أو بالمكدِّر، باللذة أو بالألم، وإنْ كانت مجسَّمة فيما يعتري النفس من حركات وانفعالات. كما أنها في جوهرها ليست إشارة إلى الموضوع الحسّي الخارجي، ولا تمثيلاً، به، وليست ضرباً من التصوُّر الذهني ولا تعبيراً عن أمر موضوعي، أي أنها لا تنتمي إلى الواقع العلمي كما يصوغه العقل وإنْ كانت تلجأ إلى بعض الوسائل التعبيرية التي يستخدمها العلم من أصوات وأشكال. إنها ولادة جديدة تتجدّد مع كل خبرة جمالية. كما أنها قدرة على التذوّق وكشف سريع عن جوهر الوجود قبل أن تمزّقه الحواس وتشتّته، وقبل أن يحبسه العقل في العلاقات المنطقية والتركيبات العلمية)(31). ولذلك كلّه تُعَدُّ الخبرةُ الجمالية مهارةً(32) التذوّق التي تسهم إسهاماً فعَّالاً في عمليّة الإبداع. وعلى الرغم من دقّة هذه الخبرة الجمالية فإن تنميتها ممكنة دائماً. وسبيل ذلك تذوُّق النصوص الأدبية، لأن للخبرة تاريخاً لا ينفصل العمل الأدبي فيه عمّا أنجزه سابقوه في الحقل نفسه، ولا ترتبط قيمته الجمالية بزمن ظهوره، ولا بمرحلة محدَّدة لذاتها ينتسب إليها في خط تطوّر فنّ الكلمة(33). ولهذا السبب عُنيت برامج تدريب الموهوبين بالتعريف بالثقافة الإنسانية، وتحليل جماليّاتها الخاصة، بغية الإسهام في تشكيل الخبرة الجمالية.‏

* الخبرة الخياليّة:‏
تستطيع الخبرة الخيالية مساعدة الطفل المبدع على خلق عوالم جديدة، لأن الخيال -كما سيلي في أثناء الحديث عن قصص الخيال العلمي- قوّة معرفية تركيبيّة جديدة، يملكها الناس كلهم على تفاوت بينهم في درجاتها تبعاً لاختلاف تركيب أدمغتهم. هذه القوّة العقلية مرتبطة بالقوى العقلية الأخرى كالإدراك والتذكُّر، ولكن ارتباطها بها ليس حتميّاً، إذ يمكنها الاستقلال بنفسها وارتياد عوالم وحوادث لم يؤدّ إليها التذكُّر ولم يدركها الإنسان من قبل. والحريّة عماد هذه القوّة وركنها المكين، وبواسطتها يُحلِّق الخيال في الزمان والمكان، دون أن يكون مقصوراً على زمان محدَّد ومكان معيَّن. والارتفاع فوق الواقع سمة رئيسة في الخيال، لأن نقل الواقع كما هو لا يُعدّ خيالاً، بل يُعدّ استعادة. ولكن ذلك لا يعني أن الخيال منفصل عن الواقع، بل يعني أنه لا خيال إذا لم تُصْنَع من العناصر المستمدّة من الواقع صورة جديدة ليس لها شبيه في هذا الواقع، ولكن الإنسان يفهمها ويُصدِّقها ويتفاعل معها ويتأثَّر بها. ومن ثَمَّ هناك إمكانية لتربية هذه القوّة الفطرية بغية تنميتها ودفعها إلى إنشاء الصور والحوادث والمجتمعات الجديدة.‏
ومن المفيد لتربية الإبداع الأدبي لدى الأطفال أن يراعي المشرف القاعدة الذهبيّة التالية: (كلما اتجه التفكير إلى الواقع قلَّت الصور)(34). أيْ أن هذا المشرف مطالب بدفع الطفل الموهوب إلى تشكيل الصور استناداً إلى خياله، سواء أكان لها سند في الواقع المحيط بالطفل أم لم يكن. وليس الغرض من ذلك إبعاد الطفل الموهوب عن الواقع، بل الغرض تدريب خياله على التحليق فوق الواقع ليتمكَّن من نقله إلى شكل تركيبيّ جديد معبِّر عن آليّته وحركته الموضوعية وإنْ لم يكن مطابقاً لشكله الظاهري.‏
وقد سعتْ أدبيّات علم النفس الخاصة بالإبداع إلى فهم العلاقة بين الصور والخيال لعلّها تُقدِّم العون في أثناء تربية الخيال الابتكاري لدى المبدع. وتحدَّثتْ هذه الأدبيّات عن(التصوُّر الارتسامي) الذي يظهر لدى الأطفال الأسوياء. أما الأطفال الذين يتصفون بفقر الخيال فيضعف هذا التصوّر لديهم، ويضطرون إلى تناول الأمور كما تبدو في الواقع دون تعديل أو تبديل. على أن المهمّ بالنسبة إلينا هو أن هذا التصوّر الذي يرافق الطفل يمكن أن يخبو ويتضاءل إذا لم تتعهَّده التربية بالرعاية والتدريب. وقد طرح مصري عبد الحميد حنّورة السؤال المهم التالي(35): هل يمكن التحكُّم إرادياً بهذا العالم الخيالي، سواء أكان التحكُّم على مستوى التقدُّم الزمني للفرد أم على مستوى اللحظة المباشرة للتصوير؟ بمعنى، هل يمكن التحكُّم في تنمية القدرة على التصوّر والخيال لدى الفرد؟ وهل يمكن تدريب الأفراد على كيفية التعامل مع تصوُّراتهم وخيالاتهم عندما يحاولون أن يُنشئوا صورهم وأفكارهم الخيالية؟. ويطرح مصري عبد الحميد حنّورة قبل الإجابة عن السؤال ما ذكره الشاعر والناقد الإنكليزي وودورث عن الكيفيّة التي يتمكن بها الشخص من تكوين قصة أو حادثة وقعت، فيقول إن هذا الشخص لا يتمكّن من بناء القصة أو الحادثة على النحو الذي حدثت به، ولكنه في أفضل الأحوال يميل إلى أن ينتج قصة تشبه الأصل. قد تزيد أو تنقص. وهذا الإنتاج هو على نحو جزئي عمل من أعمال الخيال بأكثر مما هو عمل يتعلَّق بالذاكرة. وقد انتهى مصري عبد الحميد حنّورة إلى جوهر الخبرة الخيالية، وهو ثراء الخيال وخصوبته، ذلك الثراء الذي يبني القصة أو الصورة الفنيّة في الشعر. وكأنّ مدار تربية الخبرة الخيالية هو انتقاء الأساليب الفضلى للإفادة من التخيُّل. وأفضل هذه الأساليب ما انطلق من إثارة اهتمام الطفل بالموضوع ودفعه إلى التعلُّق به، وكأنه أمام مشكلة تحتاج إلى حلّ. ومن ثَمَّ تشجيعه على تخيُّل الحلول الملائمة لها. ولا شك في أن ذلك يساعد الطفل على تخيُّل حلٍّ ينمّ عن رؤيا إبداعية تجاوز الواقع وما اختزنته الذاكرة إلى عالم جديد هو عالم الفنّ.‏
والمعروف أن الخبرة الخيالية لا ترتفع فوق الواقع لتعيد بناءه دائماً، فهي في بعض الأحيان تنطلق من الواقع إلى المستقبل ولا ترجع مباشرة إلى الواقع. والخيال آنذاك يُوصَف بأنه علمي، يرود المستقبل حين يرسم آفاقه المحتملة انطلاقاً من حقائق علمية ثبتت صحّتها في الواقع، وسأوضِّح هذا الأمر على نحو أكثر تفصيلاً في حديثي القابل عن قصص الخيال العلمي. وأرغب، هنا، في القول إن الخيال قد يجنح إلى الخوارق ويتخلّى نهائياً عن الواقع، ولكن الخبرة الخيالية الأصلية قادرة دوماً على ضبطه والإفادة منه وربطه بالواقع لجعل ابتكاراته نافعة مفيدة للناس.‏
أخلص من ذلك كله إلى أن تربية الإبداع الأدبي لدى الأطفال لا يمكن فصلها عن وضع الأطفال عموماً في المجتمع العربي، وعن المعارف العلمية التي قدَّمتها أدبيّات علم النفس المعنيّة بالإبداع، وعن وعي طبيعة الإبداع الأدبي وأثر الخبرات اللغوية والفنيّة والخيالية في تشكيله بطريقة ماتعة مؤثِّرة مقنعة.‏

الإحالات:‏
(1): خصص ألكسندرو روشكا في كتابه(الإبداع العام والخاص) فصلاً، هو الفصل السابع، للحديث عن الإبداع والعمر. انظر ص 147 وما بعد من الترجمة العربية(ترجمة: د. غسّان أبو فخر)- عالم المعرفة 144- الكويت 1989.‏
(2): انظر الحديث عن الأدباء والشعراء الذين نبغوا مبكّرين في ص 147 وما بعد من: أدب الناشئة- تأليف بالاشتراك(عبد الرزاق الأصفر- نزار نجّار- سمر روحي الفيصل)- وزارة التربية- دمشق 1989.‏
(3): انظر ص 148/ 149 من: روشكا، ألكسندرو- الإبداع العام والخاص.‏
(4): انظر ص 8 من: عيسى، د. حسن أحمد -الإبداع في الفن والعلم- عالم المعرفة 24- الكويت 1979.‏
(5): انظر ص 9 من: الخوالدة، د. محمد محمود -اللعب الشعبي ودلالاته التربوية- الجمعية الكويتية لتقدم الطفولة العربية- الكويت 1988.‏
(6): انظر ص 96 من: سويف، د. مصطفى -العبقرية في الفن- مطبوعات الجديد- القاهرة- الط 2- 1973(صدرت الطبعة الأولى عام 1960).‏
(7): انظر ص 21 من: الفيصل، سمر روحي -تنمية ثقافة الطفل العربي- الجمعية الكويتية لتقدم الطفولة العربية- الكويت 1988.‏
(8): انظر ص 115 وما بعد من: أبو علام، د. رجاء -الأطفال المتفوّقون وتربيتهم (ضمن كتاب: الطفولة العربية ومعضلات المجتمع البطركي)- الجمعية الكويتية لتقدم الطفولة العربية- الكويت 1984.‏
(9): انظر ص 18/ 19 من: الشرابي، د. هشام- الطفل العربي ومعضلات المجتمع البطركي(ضمن كتاب: الطفولة العربية ومعضلات المجتمع البطركي).‏
(10): انظر ص 48 - 49 من: فراج، د. عثمان لبيب- الطفل العربي، حاضره ومستقبله(ضمن كتاب: الطفولة العربية ومعضلات المجتمع البطركي).‏
(11): استفدتُ في تحديد النقاط استفادة مباشرة من: د. حسين حمدي الطوبجي- وسائل تربية الإبداع في رياض الأطفال(ضمن كتاب: الطفولة العربية والعدالة التربوية الغائبة)- الجمعية الكويتية لتقدم الطفولة العربية- الكويت 1987. ومن: الإبداع في الفن والعلم للدكتور حسن أحمد عيسى.‏
(12): انظر حول دراسة تيرمان ونتائجها ص 113 من: الإبداع في الفن العلم- د. حسن أحمد عيسى. وص 31 وما بعد من: العبقرية في الفن- د. مصطفى سويف.‏
(13): الإبداع في الفن والعلم- د. حسن أحمد عيسى- ص 279 / 280 .‏
(14): انظر حول معايير جيلفورد ص 349 من: سويف، د. مصطفى- الأسس النفسية للإبداع الفني في الشعر خاصة-دار المعارف- القاهرة- الط3- 1970(صدرت الطبعة الأولى عام 1951). وص 97 و 286 من: الإبداع في الفن والعلم- د. حسن أحمد عيسى.‏
(15): انظر ص 23 و 49 من: حنورة، د. مصري عبد الحميد- الأسس النفسية للإبداع الفني في الرواية- الهيئة المصرية العامة للكتاب- القاهرة 1979.‏
(16): انظر ص 288 / 189 من: الإبداع في الفن والعلم.‏
(17): المرجع السابق- ص 101 .‏
(18): المرجع السابق نفسه- ص 103 .‏
(19): الأسس النفسية للإبداع الفني في الرواية- د. مصري عبد الحميد حنورة- ص 22.‏
(10): من ذلك مثلاً: ألكسندرو روشكا في كتابه(الإبداع العام والخاص). فقد عقد في هذا الكتاب فصلاً للإبداع الجماعي، ولكنه قصره على الإبداع في حقل البحوث العلمية. ولعل روشكا -وهو روماني- متأثر بسياسة بلده الاشتراكية، عامل على ترسيخها، فقد ألّف كتابه عام 1981 قبل تغيير طبيعة الحكم والاتجاه السياسي في رومانيا، وليست لديّ توقُّعات حول رأيه في الإبداع الجماعي الآن.‏
(21): هي الدراسة التي نهض بها الدكتور بدر عمر العمر في الرسالة التي تقدَّم بها لنيل درجة الماجستير عام 1976، وعنوانها: دراسة تجريبية لأثر وجود الطلاب المتفوقين في فصول خاصة وأثرها على زيادة تحصيلهم الدراسي وسهولة توافقهم الشخصي والاجتماعي.‏
(22): انظر تلخيصاً لنتائج دراسة الدكتور بدر العمر في ص 109 - 110 من الأطفال: المتفوقون وتربيتهم للدكتور رجاء أبو علام.‏
(23): انظر ص 94من: الهيتي، د. هادي نعمان -ثقافة الأطفال- عالم المعرفة 123- الكويت 1988.‏
(24): انظر ص 17 وما بعد من: زكريا، د. فؤاد -التفكير العلمي- عالم المعرفة 3- الكويت 1978.‏
(25): انظر ص 229 وما بعد من: ثاولس، روبرت -التفكير المستقيم والتفكير الأعوج (ترجمة: حسن سعيد الكرمي) عالم المعرفة 20- الكويت 1979.‏
(26): الإبداع العام والخاص -ألكسندرو روشكا- ص 121.‏
(27): الأسس النفسية للإبداع الفني في الرواية -د. مصري عبد الحميد حنورة- ص 52 / 53 .‏
(28): ثقافة الأطفال -د. الهيتي- ص 106.‏
(29): المرجع السابق- ص 107 و 109 .‏
(30): انظر حول فن قصة الطفل: الشكل الفني لقصة الطفل في سورية- سمر روحي الفيصل- مجلة الموقف الأدبي -دمشق- العدد 208 / 209 / 210- تشرين الأول 1998 .‏
(31): من مقدمة الدكتور يوسف مراد لكتاب (الأسس النفسية للإبداع الفني في الشعر خاصة) لمصطفى سويف.‏
(32): انظر حول المهارة ووظائفها الجمالية ص 53 وما بعد من: كاجان- الإبداع الفني(ترجمة: عدنان مدانات) -دار ابن خلدون- بيروت 1980‏
(33): انظر ص 45 من: خرابتشنكو، م - الإبداع الفني والواقع الإنساني(ترجمة: شوكت يوسف) -وزارة الثقافة- دمشق 1983 .‏
(34): انظر ص 57 من: الأسس النفسية للإبداع الفني في الرواية -د. حنورة.‏
(35): المرجع السابق -ص 62.‏

المصدر
http://www.awu-dam.org/book/98/study...ok98-sd003.htm













التوقيع
تكون .. أو لا تكون .. هذا هو السؤال
  رد مع اقتباس