عرض مشاركة واحدة
قديم May-28-2011, 02:32 AM   المشاركة1
المعلومات

سعاد بن شعيرة
مشرفة منتديات اليسير
أخصائية مكتبات ومعلومات

سعاد بن شعيرة غير متواجد حالياً
البيانات
 
العضوية: 57892
تاريخ التسجيل: Nov 2008
الدولة: الجـزائر
المشاركات: 3,009
بمعدل : 0.53 يومياً


كتاب الأرشيف العثماني في اسطنبول

الأرشيف العثماني في اسطنبول

العلاقة بين علم التاريخ والأرشيف وثيقة لا يمكن فك الارتباط بينهما. والأرشيف معين دائم تستمد منه عملية كتابة التاريخ غذاءها. ولذلك فإن وظيفتها هي أن تبقي على هذا المعين مفتوحا وأمينا ومناسبا لعملية كتابة التاريخ
والأرشيف في حقيقة الأمر هو ذاكرة الأمة، فكما أنه يتعذر فهم حياة من فقد ذاكرته بشكل أو بآخر، ومثل هذا الإنسان يحس بأنه لا ظهر له ولا أصل، كذلك الدول والمجتمعات التي لا أرشيف لها أو ليست غنية بالأرشيف بالقدر الكافي هي أشبه بمن لا ذاكرة له. تبقى محرومة من المعلومات التي تنير لها وتدلها إلى طريق المستقبل ولذلك فإن الأهمية التي يحوزها الأرشيف في أمة من الأمم كبيرة جدا.

والأرشيف كلمة يونانية الأصل وتعني الوثائق الرسمية، وتعني أيضا المكان الذي تحفظ فيه مجموعة الأوراق التابعة لمؤسسة رسمية أو خاصة.

والأرشيف العثماني الموجود حاليا بمدينة اسطنبول عاصمة الدولة العثمانية تأسس عام 1847 من قبل الصدر الأعظم مصطفى رشيد باشا باسم "خزينة الأوراق". واكتمل بناء دائرة الأرشيف وافتتحت رسميا عام 1850. وقد عرف العثمانيون قبل افتتاح دائرة الأرشيف أنهم كانوا يسجلون الوثائق في دفاتر معينة بهدف حماية الحقوق بصورة عامة ويحفظونها بحرص شديد كي يرجعوا إليها بسهولة عند الحاجة.

وقد تعرضت الوثائق العثمانية للضياع مرة عندما وقعت العاصمة بروسة لاستيلاء تيمور لنك، ومرة عندما حدثت حرائق في العاصمة أدرنة، ولم يصل إلى يومنا هذا من وثائق تلك الفترات إلا النذر اليسير.

وأهم قضية بالنسبة الأرشيف العثماني هو عدم الانتهاء من أعمال التصنيف حتى الآن. بدأت أعمال التصنيف لأول مرة بتشكيل لجنة التاريخ العثماني برئاسة علي أميري أفندي عام 1918 واستمرت هذه اللجنة في عملها حتى عام 1921. هذا التصنيف الذي عرف بتصنيف علي أميري يشمل الفترة بين الغازي عثمان والسلطان عبد المجيد على أساس التسلسل التاريخي للسلاطين. ويبلغ عدد الوثائق المصنفة ضمن هذا الإطار مائة وثمانين ألفا وسبعمائة وثيقة في ثلاثة وخمسين كتالوجا مكتوبا بالحروف العربية. وقد حولت فيما بعد إلى الحروف اللاتينية.

والتصنيف الثاني بدأ عام 1921 من قبل لجنة يرأسها المؤرخ التركي الشهير ابن الأمين محمود كمال. وهو تصنيف حسب المواضيع وشمل سبعا وأربعين ألفا ومائة وخمسة وعشرين وثيقة في ثلاثة وعشرين موضوع أساسي في الفترة بين القرنين الخامس عشر والتاسع عشر. وكتالوج تصنيف ابن الأمين الذي يبلغ عدد مجلداته تسعة وعشرين مجلدا كتب بالحروف العربية. وأكثرية وثائق هذا التصنيف تتعلق بالقرنين الأخيرين. وتوقفت عملية التصنيف بسبب ظروف حرب الاستقلال التركية.

وقد نال الأرشيف حظه من السلبيات التي تعرض لها التراث العثماني في أوائل العهد الجمهوري وتوقفت أعمال التصنيف فترة من الزمن. فبعد افتضاح أمر بيع الوثائق المحفوظة في مستودعات المالية في عام 1931 إلى بلغاريا بسعر أوراق التغليف، عاد النشاط إلى التصنيف مرة أخرى بفضل الجهود التي بذلها كل من المعلم جودت وإبراهيم حقي القونوي واستمرت هذه الجهود حتى عام 1937. وعرفت أعمال التصنيف هذه بتصنيف جودت. ويبلغ عدد الوثائق المصنفة بتصنيف جودت مائتين وثمانية عشر ألفا وثمانمائة وثلاثة وثلاثين وثيقة تحت سبعة عشر عنوان رئيسي، في أربعة وثلاثين مجلدا.

لكن التصنيف الذي جرى في الأرشيف العثمانية وفق أصول علوم الأرشيف كان من قبل المؤرخ المجري لاجوس فيكيته في الفترة بين 1936- 1937. حيث فرزت المخطوطات عن بعضها وفق" طريقة بروفينانس" حسب التسلسل الزمني للوثائق المصنفة.

وتصنيف آخر جاد كان أيام تسلم الكاتب مدحت سرت أوغلو منصب مديرية الأرشيف عام 1956. وأكبر عملية للتصنيف بدأت أيام رئاسة وزارة الرئيس الراحل تورغوت أوزال. فقد اهتم أوزال بالأمر شخصيا وخصصت مبان للأرشيف واستخدم العدد المطلوب من العناصر المدربة كما اشترت الدولة الوسائل والتجهيزات الكافية للعمل الجاد ودفعت الدولة أجورا سخية للخبرات النادرة في هذا المجال. ولا زالت الجهود متواصلة حتى الآن حيث وصل عدد الفهارس المتضمنة لأسماء الدفاتر والأوراق المتعلقة بمختلف دوائر الدولة والوزارات في العهد العثماني خمسة وثمانين فهرسا. وتقوم إدارة الوثائق العثمانية حاليا بأعمال التصنيف مستخدما أحدث التكنولوجيا بعد دخول الحاسوب الخدمة في هذا المجال.

وبلغ عدد الدفاتر المصنفة في الأرشيف العثماني حتى أغسطس عام 1995 مائة وتسعة متسعين ألفا وستمائة وسبعة وخمسين من أصل واحد وعشرين مليونا ومائتين وخمسة وسبعين ألفا وتسعمائة وتسعين. كما بلغ عدد الوثائق المصنفة أربعين مليون وثيقة في ثمانية عشر مليونا وثلاثمائة وتسعة وخمسين وأربعمائة وثمانية وتسعين ورقة.

هذا ويقدر عدد وثائق الأرشيف العثماني ما بين مائة وخمسين مليونا ومائتين وخمسين مليونا أكثر من نصف هذا العدد من الوثائق التي تخص العالم العربي عموما ومنطقتي البصرة والحجاز بصورة خاصة.

والحاجة ملحة وفورية إلى إعداد العشرات من المترجمين من العثمانية إلى العربية ليكونوا في سباق مع الزمن لنقل أكبر عدد ممكن من الوثائق إلى العربية. ولا بد لنا أن نذكر هنا بأن قضية طابا التي كانت موضع خلاف بين مصر وإسرائيل لم تحسم إلا بعد أن زار الرئيس المصري مبارك تركيا حيث قدمت له الحكومة التركية الوثائق العثمانية التي تثبت بأن طابا أرض مصرية.













  رد مع اقتباس