عرض مشاركة واحدة
قديم Nov-17-2009, 04:15 PM   المشاركة32
المعلومات

قمر الجزائر
مكتبي نشيط

قمر الجزائر غير متواجد حالياً
البيانات
 
العضوية: 37027
تاريخ التسجيل: Nov 2007
الدولة: الجـزائر
المشاركات: 57
بمعدل : 0.01 يومياً


افتراضي

ذاكرة الجسد
أحلام مستغانمي اسم لمع في سماء الرواية العربية ،

اسم أحدث ضجة في العالم الأدبي الروائي روائية استطاعت بخيالها أن تحلق في سماء الوطن والشهيد لتخلق لنا هذه الرواية الجميلة العجيبة قمت بتلخيصا لكم واتمنى من الكل أن يقرأها لأنها جدا جدا جميلة.
في هذه الرواية نلتقي ببطل أحلام مستغانمي الذي تدور أحداث الرواية على لسانه . والبطل هنا رجل غير عادي . فهو مناضل، وأي مناضل، انه مناضل من أيام المد الثوري في الستينات حيث الكفاح المسلح في الجزائر والمليون شهيد.
فاستطاعت أحلام أن تغوص في حياة أحد الشهداء ضمن رقم المليون الذي قد اعتدناه وإذا بها تنقل لنا حياة أحدهم وابنته وأسرته في ضفيرة واحدة مع التفاصيل الدقيقة لمشاعر أحد الذين عملوا تحت قيادته دون أن ينال شرف الشهادة لكنه فقد مع العمليات العسكرية إحدى ذراعيه. فترصع بمهارة مرحلة النضال ، وتفضح بجسارة ما تلا النضال من انهيار في الوطن ، وإذا بها تنجح في أن تفسر لي أنا القارئة غير الجزائرية لماذا، ما في الجزائر الآن من عنف ومن تطرف . حيث رصدت الجانب الآخر لعنف وهو كالمعتاد مستنقع من الفساد والانهيار الأخلاقي.
وهي تفضح كل هذا بلا خطب حماسية ، وبلا كلمات رنانة ، بل هي تنقل لنا كل هذا من خلال رواية رومانسية وقصة حب تبدو في كثير من مراحلها قصة من جانب واحد . هو جانب الرجل المناضل الذي فقد ذراعه فأصبح فناناً تشكيلياً. وعندما جذبه الحب لفتاة وقفت أمام لوحاته في معرضه الفني بباريس _ التي انتقل للعيش فيها بعد خلافه مع رجال في السلطة كانوا من قبل رجالاً في الثورة _ وإذا به يكتشف أن الفتاة التي أحبها هي ابنة قائده الراحل في الثورة ، والمدهش أن والدها كان قد أرسله إلى أمها في تونس منذ خمس وعشرين سنة ليسجل اسمها الذي اختاره لها الأب.
فيتداخل حب بطل الرواية لابنة قائده مع حب للوطن ولمدينته التي حفرت ذكرياتها كيانه وجسده. ولكن المناضل القديم يعيش في الوقت ذاته الصراع بين الوفاء للقائد والحب للابنة.ثم إذا به ينتقل من هذا الصراع إلى شكوكه حول أن حبيبته على علاقة بصديقه العزيز الشاب المناضل الفلسطيني الذي قدمه هو لها . فصديقه شاعر وهي روائية، وهو فنان تشكيلي ، فتقدم لنا الكاتبة ترصيعاً هو بين النقد الفني ، والنقد الثوري لتلك العلاقة الثلاثية المثيرة التي تنتهي باستشهاد صديقه في لبنان بعد أن ترك لديه حقيبته في شقته بباريس ، ليدخل في صراع نفسي جديد مع ذكرى جديد شهيد آخر لمرحلة أخرى. إلى أن يفتح الحقيبة فلا يكتشف فيها ما يؤكد شكوكه حول علاقته بالفتاة التي أحبها ، بل يجد قصائد شعر عذبة حول النضال والغربة والأمل ، فيصبح همه الجديد هو أن يصدر هذه القصائد في ديوان شعر.
ومن صدمة إلى صدمة تأتيه دعوة حضور حفل زفاف حبيبته التي هجرته إلى أحد الأثرياء الجدد في الجزائر يلبي الدعوة ويسافر إلى مدينة ((قسنطينة)). ومع اقترابه من شقيقه الذي أقام في بيته خلال الزيارة اكتشف أنه كان بعيداً عن همومه وعن الهموم الجديدة للوطن.
ثم مع حضوره حفل زفاف حبيبته يشعر بأنه قد شفى من حبها. ومع عودته مرة أخرى إلى باريس يعود إلى فرشاته وإلى ذكرياته حول الأحبة الذين فقدهم.
قائده الشهيد القديم، و صديقه الشهيد الفلسطيني الجديد. ثم تأتي الصدمة الكبرى بفقد عزيز آخر ، ليس مناضلاً قديماً ولا جديداً .. إنه شقيقه ، لقد لقى مصرعه في العاصمة الجزائرية أثناء الاضطرابات التي لا علاقة لشقيقه بها . كل ما في الأمر أنه قد سافر إليها بحثاً عن وظيفة أخرى.وتنتهي الرواية بعودته إلى الوطن كما أصبحت العادة حيث لا يزور الغائبون أوطانهم إلا من أجل حضور فرح أو من أجل تشييع جنازة.
ويعود فلا يعبأ موظف الجمارك بيده المقطوعة الناطقة بنضاله القديم، بينما آخرون يدخلون من الأبواب الشرفية بحقائب أنيقة دبلوماسية.
فتنتهي الرواية وكأنها تنعي لنا في خاتمتها فقدان ذاكرة الأمة، وكأنها تندب الموت بلا قضية، وكأنها تعتصر مع تسجيل لحظات الحب الذي كان ، ولحظات الأسى على الذي صار . فتتركك منبهراً بما فيها من مزج رائع بين الفن والوطن والحب بهذا التفوق الشديد في رصد لحظات الإبداع الفني ، وهذه البلاغة الفريدة في تسجيل مشاعر الشوق والانتظار ، وهذا التألق الشجي في استدعاء ذكريات زمن قد مضى . ثم تزداد الدهشة أمام كل ما تحتوي عليه رواية (( من ذاكرة الجسد)) من ذوق أدبي رفيع تتميز به هذه الكاتبة المبدعة .


سأقدم بعد اذنكم مقتطفات من الرواية وعذرا على الاطالة
أنا مسكونة بالفوضى ولكنني لا أسكنها بالضرورة ..
إنها طريقتي الوحيدة في وضع شيء من الترتيب بداخلي ..

هناك علاقة عشقية مابين أي رسام ولوحته الأخيرة .
هنالك تواطؤ عاطف صامت ،
لن يكسره سوى دخول لوحة عذراء أخرى إلى دائرة الضوء
فالرسام مثل الكاتب لا يعرف كيف يقاوم النداء الموجع للون الأبيض
واستدراجه إياه للجنون الإبداعي كلما وقف أمام مساحة بيضاء ..


يابركاناً جرف من حولي كل شيء ..
ألم يكن جنوناً أن أزايد على جنون السواح والعشاق ، وكل من أحبواك قبلي ..
فأنقل بيتي عند سفحك وأضع ذاكرتي عند أقدام براكينك ،
وأجلس بعدها وسط الحرائق . . لآرسمك ..
لم يكن جنوناً .. أن أرفض الاستعانة بنشرات الأرصاد الجوية ،
والكوارث الطبيعية ، وأقنع نفسي أنني أعرف عنك أكثر مما يعرفون
نسيت وقتها أن المنطق ينتهي حيث يبدأ الحب ،
وأن ما أعرفه عنك لا علاقة له بالمنطق و لا بالمعرفة.

يشهد الدمار حولي اليوم ، أنني أحببتك حتى الهلاك ..
واشتهيتك حتى الاحتراق الأخير .وصدقت جاك بريل عندما قال :
" هناك أراضٍ محروقة تمنحك من القمح ما لا يمنحه نيسان في أوج عطائه "
وراهنت على ربيع هذا العمر القاحل ونيسان هذه السنوات العجاف ..


قبل اليوم ، كنت أعتقد أننا لا يمكن أن نكتب عن حياتنا إلا عندما نشفى منها .
عندما يمكنننا أن نلمس جراحنا القديمة بقلم ، دون أن نتألم مرة أخرى .
عندما نقدر على النظر خلفنا دون حنين ، دون جنون ، ودون حقد أيضاً .
أيمكن هذا حقاً ؟
نحن لا نشفى من ذاكرتنا .
ولهذا نحن نكتب ، ولهذا نحن نرسم ، ولهذا يموت بعضنا أيضاً .












التوقيع
اذا المرء لايرعاك الا تكلفا فدعه ولا تكثر عليه التأسفا
  رد مع اقتباس