عرض مشاركة واحدة
قديم Dec-05-2005, 02:57 PM   المشاركة43
المعلومات

د.محمود قطر
مستشار المنتدى للمكتبات والمعلومات
أستاذ مساعد بجامعة الطائف
 
الصورة الرمزية د.محمود قطر

د.محمود قطر غير متواجد حالياً
البيانات
 
العضوية: 13450
تاريخ التسجيل: Oct 2005
الدولة: مصـــر
المشاركات: 4,379
بمعدل : 0.65 يومياً


افتراضي

مداخلة رقم 20العنصر الثاني من عناصر المزيج التسويقي، عنصر التسعير، وهو عنصر مثير للجدل، لاسيما مع المكتبات العامة والجامعية، فهناك فريق مؤيد "لرسمنة" الخدمات، وهناك فريق معارض.السعر Priceقد يعرف السعر بأنه القيمة التي يدفعها المستهلك لبائع السلعة أو الخدمة لقاء الحصول عليها ، وفي هذا المعنى يقصد بالسعر : الوحدات النقدية التي يحددها البائع ويرتضى قبولها لقاء السلعة أو الخدمة .أو هو تلك القيمة التي تم تحديدها من قبل البائع ثمناً لسلعته أو خدمته ، ويعرف أيضاً على أنه فن ترجمة قيمة السلعة أو الخدمة في وقت ما إلى قيمة نقدية .وعندما يدفع المستهلك ثمناً لسلعة أو لخدمة يشتريها فلن يحصل في مقابل هذا الثمن على السلعة أو الخدمة فحسب ، بل سيحصل أيضاً على كل ما يقدم مع السلعة من خدمة وإصلاح وصيانة ، كما سيحصل على اسم وعلامة تجارية مشهورة ، وسيحصل على شروط مناسبة للدفع .معنى هذا أن السعر الذي يدفعه المستهلك يعبر عن تقييمه لحزمة المنافع التي يحصل عليها من السلعة أو الخدمة المشتراة بجودتها ، والخدمة التي يقدمها البائع والائتمان الممنوح والقيمة المعنوية للسلعة أو الخدمة والصيانة وغيرها من العوامل الهامة الداخلة في حزمة منافع السلعة أو الخدمة ( ) .ويعتبر السعر من الأمور الشائكة عند تناولها في مجال الثقافة بشكل عام، والمكتبات ومراكز المعلومات بشكل خاص ، لا سيما في مجتمع –مثل مجتمعنا- تربى وجدانه لعقود طويلة على شعارات مثل : التعليم مثل الماء والهواء، مجانية التعليم ، دعم الثقافة.. إلخ . ولكن مع التحول نحو ما يسمى باقتصاديات السوق وما استتبع ذلك من خصخصة لمؤسسات القطاع العام - ومنها دور السينما والمسارح والمكتبات ومراكز المعلومات – فقد طرح شعار خصخصة المؤسسات الثقافية ( ) . فالمعروف أن تعمل المكتبات وغيرها من مرافق المعلومات لطالبيها ، ولكن عديداً من الأسئلة التي تثار هنا ، منها :هل تتاح المعلومات مجاناً أم بمقابل ، خاصة بعد أن تبين أن تكاليف الحصول على مصادر المعلومات وتجهيزها واختزانها وإتاحتها أصبحت مرتفعة للغاية ومرهقة للميزانيات المقررة لمرافق المعلومات .البعض يري أنه من حق المواطن الحصول على المعلومات مجاناً ، والبعض الآخر يرى أنه لابد أن يساهم في التكاليف . وعلى كل حال فالظروف الحالية تتطلب أن يساهم الفرد ولو بقدر قليل من التكاليف ( ).وبالطبع هي معادلة صعبة أن تتمتع المؤسسات الثقافية ، المرتبطة بالإبداع ومخاطبة الوجدان العام للشعب ، في عدد غير قليل من الفنون :الرسم، النحت، التصوير، العمارة، الموسيقى، المسرح والسينما، الكلمة المطبوعة في المجلات والكتب ، بما تحويه من موضوعات النشاط الإنساني في السياسة والاقتصاد والاجتماع والفلسفة وسائر العلوم الإنسانية بخاصة – أن تتمتع تلك المؤسسات صاحبة هذه الفنون بالاستقلال، الذي يرعى ويستجيب لتطلعات المتلقين ، قبل التوجه الخاص نحو السلطة السياسية ، أو الخضوع لما تحرص عليه الجهات الاقتصادية والتجارية ، صاحبة المصالح الخاصة .إنها المعادلة الصعبة التي تحقق هذا الاستقلال لتلك المؤسسات ، وفي الوقت نفسه تتوفر لها المتطلبات التمويلية للقيام بواجباتها ومسئولياتها ، نحو مجتمعاتها على الوجه الأكمل الممكن ( ).وبسبب أن الثقافة ركن أساسي في البناء العام للدولة ، فإنها تمثل إحدى أدواتها في تحقيق مشروعاتها السياسية والاقتصادية ، وخوض المعارك الفكرية المرتبطة بهما .. فليس هناك فرق كبير بين هيمنة القطاع العام المركزي التابع مباشرة للسلطة ، وهيمنة القطاع الخاص الأناني الذي قد ينجح في مصادقة السلطة أو مغافلتها . وهناك شواهد معينة قد تكون محدودة ، على وجود هذين المسلكين أو أحدهما ، في بعض الجهات الثقافية بمصر ، أخذت مكانها أواخر التسعينيات من القرن الماضي .ودون الدخول في المفاهيم والأهداف القريبة والبعيدة ، بالنسبة لخصخصة القطاع العام في المجال الاقتصادي التجاري ، فهل المقصود بخصخصة المؤسسات الثقافية المصرية ، أن تأخذ هي أيضاً تلك المفاهيم وهذه الأغراض نفسها كما هي .. وهكذا تصبح الخصخصة في مصر توأماً واحداً متكاملاً ، له شقه الثقافي المأمول ، كما أن له شقه التجاري الاقتصادي الذي تحقق منه جزء كبير في السنوات القليلة الماضية؟ ( ) .وقبل أن نتوه بين "نعم" أو "لا" مطلقة لهذا التساؤل المشروع ، فإن الإجابة يمكن أن تكون تطبيقاً لواحدة من المسلمات الاقتصادية ، ذلك أن المستفيد بشيء داخل المجتمع عليه أن يدفع ثمنه . فالشيء الذي يعود على المجتمع بصفته الكلية ، كالحماية القومية التي تتولاها القوات المسلحة، على الدولة الممثلة لذلك المجتمع أن تدفع تكلفتها ، والطعام والشراب واللباس وما إليها التي يتمتع بها الأفراد ، على كل منهم أن يدفع ثمنها . أما الأشياء والأمور التي لا تدخل في الفئتين السابقتين ، كما تتمثل في المؤسسات التعليمية والفكرية والثقافية ، فعلى الأفراد أن يدفعوا بعض تكلفتها ، ويبقى البعض الآخر قليلاً أو كثيراً الذي ينتظر تمويلاً من جهة حكومية أو غير حكومية ، بشرط ألا تفرض على المؤسسة الثقافية وجهة نظر معينة ( ) .وهذا ما يذهب إليه البعض حيث يرى أنه بسبب تغير المنظور الاقتصادي للمعلومات ، فقد بدأ النظر إلى المعلومات باعتبارها مورداً اقتصادياً منذ سبعينيات القرن العشرين ، ولكن الجديد الآن هو ازدياد الإحساس بصناعة وتجارة المعلومات ، واعتبار المعرفة أهم مصادر القوة ومورداً يفوق في أهميته الموارد الطبيعية والمادية ، وما ترتب على ذلك من إخضاع المعلومات كسلعة لقوانين السوق إنتاجاً وتوزيعاً أو توصيلاً، وبالتالي إعادة النظر في بعض المفاهيم الراسخة مثل "المجانية المطلقة لخدمات المكتبات والمعلومات"، وأصبح من المقبول في الوقت الراهن أن يتحمل المستفيدون تكلفة الحصول على المعلومات أو على الأقل جزءاً من هذه التكلفة ، ومن المنتظر أن يتوسع هذا الاتجاه في المستقبل بحيث تخضع خدمات المعلومات لسياسة السوق المفتوحة ، حيث يكفل ذلك زيادة حجم استخدام المعلومات ، كما يكفل تنافساً قوياً بين موردي الخدمات يؤدي في النهاية إلى رفع مستوى الخدمات وتقليل أسعارها أو حتى جعلها في المستوى المقبول ( ) .لذا ، فإن المكتبة سوف تجد نفسها مضطرة للحصول على مقابل لما تقدمه من خدمات لكي تطور المكتبة خدماتها وترفع مستوى جودتها ( ) .ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــتكون .. أو لا تكون .. هذا هو السؤال












  رد مع اقتباس