[سفيان بوحرات]

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة د. صالح المسند

شكرًا أخي الفاضل سفيان

نقاط مهمة وتحتاج إلى نقاش معمق

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
و بعد

إن مهنة الأرشيفي مليئة بالتحديات و قد نوقشت هذه الأخيرة في عدة مؤتمرات و مقالات لأن المسؤولية الملقاة على عاتق الأرشيفي هي من نوع خاص لأنه يعالج و يقوم على مادة فريدة و ثمينة و مستفيضة المعلومات الموثوقة بالنظر إلى البيئة التي نشأت فيها. ثم تكسب هذه الموارد الطابع التاريخي و القيمة التراثية و تكون بالتالي في متناول الباحثين و المؤرخين لينهلوا منها ما قد لا يجدونه في مصادر أخرى منشورة، بل لا يجدون، لأن الأرشيف من المصادر الرئيسية لإعداد المنشورات العلمية و غيرها.

فماذا لو ضاع الأرشيف بإهمال من الأرشيفي؟
أو ماذا لو أخطأ الأرشيفي في تقدير قيمة الأرشيف فأتلف ما لا ينبغي أن يتلف؟
أم ماذا لو لو لم يحسن الأرشيفي إبراز قيمة الأرصدة الأرشيفية المحفوظة لديه؟
أم ماذا لو لم يحسن الأرشيفي التعامل مع مرتادي مركز أو مصلحة الأرشيف من باحثين، فينفرهم؟

إنني أصر على أن في المرحلة الراهنة المسؤولية الأكبر ملقاة على الأرشيفي إن أحسن تثمين دوره في المؤسسة أو حتى في المجتمع لأعاد لنفسه و لمهنته الكثير من الاعتبار.

هل انتظر الطبيب أو المهندس أو أخصائي تقنيات المعلومات أن يقيمهم المجتمع و يرفع من شأنهم دون أن يتحركوا؟! لا بل بالعكس عملوا على إبراز ما يمكن أن يقدموه للمجتمع و أثبتوا الحاجة إليهم و ما توقفوا!!! و لكن لم يأت ذلك في سنوات قليلة بل كان العمل الدؤوب لفترات طويلة جدا، فلم يستعجل الأرشيفي العربي إذن في الحصول على النتائج سريعا؟

بل أقول أن هؤلاء هم في أمس الحاجة إلى الأرشيفي لو علم الأرشيفي!!! فهم منتجون لكميات هائلة من الوثائق التي لا يحسنون تنظيمها و إدارتها مثل الأرشيفي و بالتالي لا يستفيدون منها تمام الاستفادة على الرغم من غزارة محتوياتها!!!

ثم إن الأرشيفي في الغرب بدأ يحظى بالمكانة المرموقة في المجتمع لأن النظام الإداري العام و القطاعات الصناعية و الاقتصادية تهتم بالرجوع إلى الأرشيف في كل صغيرة و كبيرة بالنظر إلى ضرورة التحقق و التثبت قبل أخذ القرارات، لأن القرارات مكلفة جدا من جهة و لأن القوانين تلزم بذلك (Sarbanes-Oxley Act of 2002) على سبيل المثال كم من فضيحة مالية أو غيرها لم تكتشف إلا بواسطة الأرشيف و كم من منزاعات لم تفض إلا بواسطة الأرشيف؟
أما في البلاد العربية كم من قضايا كبيرة عالقة لغياب الأدلة الموثوقة بغياب الأرشيف.

أعتقد أن الخطأ الأرشيفي لا يقتصر فقط على الأخطاء الفنية في مجال الفهرسة و الفرز و التقييم و غير ذلك من السماح بالاطلاع على وثائق لم يحن بعد أجل فتحها، بل الخطأ الأرشيفي كذلك يكمن في سرعة حبوط المعنويات و التفكير في تغيير المهنة بالنظر إلى الظروف، التي بالمثابرة يمكن تغيير الكثير منها، و هذا مجرب معيش!

شكرا لكم