عرض مشاركة واحدة
قديم Mar-11-2007, 10:04 PM   المشاركة19
المعلومات

صابرين زياد
مكتبي نشيط

صابرين زياد غير متواجد حالياً
البيانات
 
العضوية: 18065
تاريخ التسجيل: Jun 2006
الدولة: فلسطيـن
المشاركات: 90
بمعدل : 0.01 يومياً


افتراضي ملحوظات حسين منصور الشيخ على كتاب العلاج بالقراءة

• الكتاب: العلاج بالقراءة: كيف نصنع مجتمعًا قارئًا؟
• المؤلف: حسن آل حمادة.
• الناشر: دار المحجة البيضاء ـ بيروت.
• الطبعة: الأولى 1424 هـ ـ 2003 م.
• القطع: وسط.
• الصفحات: 144 صفحة.

مقدّمة:
لا زالت الأصوات تتعالى في العالم العربي مطالبة بوضع الدراسات الميدانية والحلول لمعالجة ضعف الإقبال على الكتاب، ومحاولة النهوض بمجتمعاتنا ثقافيًا لترقى إلى مثيلاتها من المجتمعات الأخرى.

و«المشتغلون في حقول الثقافة والتربية والنشر في العالم العربي هم أكثر من يعبرون عن قلقهم المتزايد حول انحدار وتراجع ظاهرة القراءة في هذه المجتمعات. وصوتهم لم ينخفض، وهم ينبهون إلى ضرورة الالتفات لهذه الظاهرة، وتنمية الوعي بخطورة هذا الانحدار، وتدارك هذا التراجع».

«فالمجتمع الذي لا يقرأ هو مجتمع لا يتطوّر، ولا يستطيع أن يكتشف ذاته، أو يمتلك إرادة التقدّم، أو ينظر إلى المستقبل بأمل وطموح».

وظاهرة بهذا الحجم يمكن الحد منها ومعالجتها بالانطلاق من نفس الواقع المعاش وتلمس ثغراته وتحسس مفرداته ومن ثَمَّ وضع بعض الحلول والاقتراحات من خلال هذا الواقع.

والمؤلف ـ بحكم عمله كمعلم لمادة المكتبة والبحث في أحد الثانويات ـ ليس بعيدًا عن هذا الواقع، فهو معايش لناشئة هذا الجيل، ويمكنه التعرّف على أسباب ضعف إقبال الشريحة العظمى منهم على الكتاب وتوجههم إلى اهتمامات أخرى.

كما أنه ينطلق في معالجة هذه الظاهرة من واقع تخصصه (بكالوريوس مكتبات ومعلومات)، ولهذا يأتي الكتاب ثمرة الواقع الميداني من جهة والتخصص العلمي من جهة ثانية.

وقد رأيتُ بعد أن أعرض لأهم أفكار فصول وعناوين الكتاب أن أسجّل بعض الملاحظات التي عنَّتْ لي أثناء مطالعة الكتاب.
أولاً: عرض الكتاب:
المقدّمة:
«الإنسان بغير الكتاب يبقى في الدرك الأسفل من الجهل».
تتوسط هذه العبارة مقدّمة الكتاب، والتي تعبّر عن مجمل ما يريد المؤلف إيراده فيها، ويقول معقبًا:
«فالقراءة هي إيذان بمحو الأمية.
القراءة هي مفتاح العلم والمعرفة.
القراءة هي سبيلنا نحو الرقي والتطور.
القراءة هي ينبوع العطاء.
فإذا أردنا الرقي فعلينا بالقراءة، وإذا أردنا التقدّم فعلينا بالقراءة
وإذا أردنا الدنيا فعلينا بالقراءة، وإذا أردنا الآخرة فعلينا بالقراءة، وإن أردناهما معًا فعلينا بالقراءة..».

الفصل الأول: هل نحن مجتمعات لا تقرأ؟:
ـ مجتمعاتهم ومجتمعاتنا:
يقارن المؤلف تحت هذا العنوان بين المجتمعات القارئة والأخرى غير القارئة (مجتمعاتنا العربية)، ويظهر ذلك من خلال الممارسة والسلوك اليومي لكلا المجتمعين ـ محلّ المقارنة ـ، فبينما ترى تعطشًا للثقافة هناك لا ترى إلاّ «قتلاً للوقت بأمور هامشية وثانوية، إن لم تكن مضرّة بالإنسان والمجتمع والدين، لتضيع ساعات العمر سدى» في هذه المجتمعات.
ـ هل نحن حقًّا أمة لا تقرأ؟:
ما يسعى الإنسان لتحقيقه يصل إليه بالتصميم والعزم القويين، ومن ذلك القراءة والاطلاع خارج الكتب الدراسية المقررّة، أما حجّة عدم وجود الوقت الكافي للقراءة فهذه حجة غير مقبولة، فالإنسان ـ عن طريق تخصيص وقت قصير يوميًا للقراءة ـ يمكنه أن يعوّد نفسه على هذه العادة الحميدة.
ـ لماذا نحن مجتمعات لا تقرأ؟:
- البعد عن الثقافة الدينية التي تحثّ على القراءة، ﴿ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ ﴾ (الزمر: 9).
- «قصور وضعف المناهج التعليمية في الحث على القراءة».
- غياب مفهوم التعليم والتثقيف الذاتي عند الكثيرين من الطلبة.
- منافسة الوسائل الإعلامية للكتاب.
- العقلية الكروية لدى الشباب بدلاً من العقلية القرائية.
- حالة الإحباط واليأس التي يعيشها الإنسان في المجتمع العربي والإسلامي بشكل عام، فالبعض يسأل: ماذا سنجني من القراءة؟
- الارتفاع المطرد في أسعار الكتب والمطبوعات الثقافية.

هذه الأسباب وغيرها ربما تكون عوامل لعزوف أكثر الناشئة في الوطن العربي عن القراءة.
ـ تنمية حب القراءة:
لتنمية حب القراءة واتخاذها عادة يطرح المؤلف تسعة اقتراحات لذلك:
1. وعي وإدراك أهمية القراءة.
2. تخصيص وقت قصير في البداية للقراءة للتعوّد عليها.
3. أن تكون القراءة موجهة نحو تخصص أو مجال محدد.
4. انتقاء الكتب المناسبة لكل مرحلة عمرية.
5. وضع الكتب في المكان المناسب من المنزل.
6. مجالسة المثقفين والانتماء إلى المجتمع القارئ.
7. تحرير صحيفة منزلية.
8. تحبيب القراءة والكتاب للنفس.
9. الاستعاضة بالكتاب عن جلسات السمر الطويلة مع الأصدقاء.

الفصل الثاني: صناعة المجتمع القارئ، مسؤولية مَنْ؟
ـ كيف نصنع مجتمعًا قارئًا؟:
من خلال استبيان قام به المؤلف على مجموعة من الطلبة خلص إلى اقتراحات يقترحها الطلبة، يمكن تلخيصها في التالي:
1. توفير الكتب الحديثة الصدور والسماح بتداولها.
2. وضع مناهج دراسية مناسبة للطلبة تعتمد على الفهم والاستيعاب.
3. إصدار كتب تناسب أعمار الطلبة، وتجيب على أسئلة تدور في ذهنهم.
4. عمل المسابقات الثقافية التشجيعية للطلاب.

«وللإجابة على سؤال: كيف نصنع مجتمعًا قارئًا؟ محبًّا للعلم والتعلّم ومندفعًا نحو القراءة والكتاب؟
أقول: يبدو أن هناك العديد من العوامل التي من الممكن أن تعلب دورًا كبيرًا في تنشيط عادة القراءة عند أبناء المجتمع، وسأتحدّث عن كل عامل منها على حدة ـ بالرغم من تداخل الكثير من الأدوار المشتركة فيما بينها ـ وهي:
- الأسرة.
- المدرسة.
- المجتمع.
- الإعلام.
- الدولة».

ـ الأسرة ودورها في تنمية عادة القراءة:
تربية الطفل داخل الأسرة لها الدور الأكبر في تعوّده على سلوكيات معينة وفي تكوين شخصيته المستقبلية ـ سلبًا أو إيجابًا ـ، «ومن المعلوم أن المراحل الأولى التي يمرّ بها الطفل هي مرحلة تقليده ومحاكاته للآخرين، وهو بأسرته أحرى بالتقليد والمحاكاة، ومن هنا تأتي أهمية وجود القدوة القارئة للطفل داخل الأسرة».
«توصيات للأسرة»، يقترح المؤلف مقترحات عدة لتعويد الطفل على القراءة منذ الصغر، منها:
- الاهتمام برأي الطفل حول ما يقرأ.
- إنشاء مكتبة منزلية.
- اصطحاب الأطفال للمكتبات العامّة.
- تشجيع الأطفال على الكتابة.
- القراءة الجهرية للأطفال من قبل الأم والأب.

ـ المدرسة ودورها في تنمية عادة القراءة:
من يحتضن الطفل والنشء في بدايات عمره ومن خلاله تتشكل شخصيته وتنمو مواهبه ليست الأسرة فقط، فالمدرسة هي الحاضن الثاني له والموجه الذي يلعب دورًا موازيًا لدور الأسرة والذي قد يتفوق عليه في بعض الأحيان.
وقد ركّز الباحث الحديث في هذا العنوان على دور المكتبة المدرسية، وبدأ بأهدافها، والتي منها:
- مساعدة الطلاب على استكمال متطلبات المنهج المدرسي.
- توفير مصادر المعلومات التي تعين الطلاّب على اكتساب الثقافة في المجالات الأخرى.
- تنمية حب المطالعة الخارجية.
- إيجاد الوعي المكتبي لدى الطلاب.
- تعويد الطلبة على استثمار أوقاتهم في المفيد.

وركّز الحديث بعد هذه النقطة حول كيفية تفعيل دور المكتبة. ثم انتقل إلى نقطة أخرى، وهي أهمية القصّة في المنهج المدرسي، وأهميتها في توصيل المعلومة.

اهتمّ المؤلف كثيرًا بجانب المدرسة، والتوجيهات والإرشادات التي يقترحها للتنفيذ، بلغت (18) توجيهًا، لا أرى المجال يتسع لذكرها ولو مختصرًا.

[COLOR="DarkGreen"]ـ المجتمع ودوره في تنمية عادة القراءة:[/COLOR]
والمؤلف يهيب بالمثقفين وعلماء الدين وخاصةِ المجتمع أن يقوموا بدورهم في التوعية ونشر عادة القراءة، ويشدد على أن يبذل هؤلاء جهودهم لإنشاء المكتبات العامّة، ويقترح في سبيل ذلك عدّة اقتراحات، منها:
- الأثلاث لترويج القراءة، ويريد منها أن يوصي المؤمنون في وصاياهم بأن يصرف ثلث تركتهم أو جزءٌ من الثلث في طبع الكتب أو المساهمة في إنشاء المكتبات العامّة.

- إنشاء المكتبات العامّة، إما عن طريق وقف المكتبات الخاصة لعامة الناس، أو أن يشارك أفراد المجتمع بإنشائها، ويفضل المؤلف أن تكون هذه المكتبات في أماكن العبادة العامّة.

ـ الإعلام ودوره في تنمية عادة القراءة:
«في بعض الأحيان قد تسأل صديقًا لك: ماذا تقرأ؟ فيجيبك: إنني أقرأ الكتاب (الفلاني)، تسأله: لماذا بادرت بقراءته؟ يجيبك: قرأت له عرضًا في إحدى المجلاّت، أو رأيت إعلانًا عنه في إحدى الصحف اليومية».

بهذه المقدّمة يثبت المؤلف الدور الرائد الذي من المفترض أن يضطلع به الإعلام في عالمنا العربي، وهو الترويج لعادة القراءة في مجتمعاتنا، وأن يتبادل كل من الإعلام المرئي والمسموع والمقروء الدور بينه وبين الكتاب لترويج المعلومة المفيدة والنافعة.

ـ الدولة ودورها في تنمية عادة القراءة:
«إذا كان للعوامل التي ذكرناها سابقًا، دور كبير في تنشيط عادة القراءة لدى أبناء المجتمع، فالدولة بإمكانها أن تلعب الدور الأكبر في ذلك».
«توصيات ومقترحات للدولة»، إيمانًا من المؤلف بأهمية الدور الذي تلعبه الدولة في الترويج للقراءة قام بسرد بعض المقترحات التي تصب في دعم القراءة والترويج للكتاب، منها:
- المساهمة في دعم الإصدارات الشعبية للكتب.
- دعم الدراسات والبحوث التي تسعى لإيجاد الحلول لهذا الموضوع المهم.
- الاهتمام بأدب الطفل، لتنشئتهم على حب القراءة.
- تزويد المراكز الحكومية من وزارات ومستشفيات بالإصدارات الثقافية المختلفة.
- إقامة معارض الكتاب.
- تأسيس المكتبات المتنقلة والثابتة في المدن وأماكن التجمعات.

الفصل الثالث: المكتبة المنزلية
من خلال كلمات أهل البيت :
من خلال روايتين، الأولى منهما عن الإمام الحسن : «إنكم صغار قوم ويوشك أن تكونوا كبار قوم آخرين، فتعلموا العلم، فمن لم يستطع أن يحفظه منكم فليكتبه وليضعه في بيته»، والثانية عن الإمام جعفر بن محمد الصادق إذ يقول فيها لأحد أصحابه: «اكتب وبث علمك في إخوانك، فإن متّ فأورث كتبك بنيك، فإنه يأتي على الناس زمان هرج لا يأنسون فيه إلا بكتبهم»، من خلال هاتين الروايتين يبحث المؤلف في أهمية إقامة المكتبة المنزلية من المأثور عن أهل البيت .


الفصل الرابع: العلاج بالقراءة في الأدب العربي:
من المتسالم عليه عند جميع المسلمين أن قراءة القرآن الكريم لها أثر على نفس وجسم الإنسان، وأنها سبيل لشفاء الإنسان من الأمراض بإذن الله سبحانه، يقول تعالى: ﴿ وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ ﴾ ـ (الإسراء: 82) ـ.

والمؤلف في هذا الفصل يريد أن يثبت أنه قد ورد في تاريخ الأدب العربي أن القراءة ـ حتى الأدبية والشعر خاصة ـ لها أثر على النفس، وقد تشفي بعض الأمراض.

وأن هناك بعض الدراسات الحديثة التي تناولت موضوع العلاج من خلال ممارسة القراءة، ومنها بعض المحاولات العربية في هذا المجال بدأت تظهر حديثًا، ومحاولته ـ هذه ـ تأتي في هذا السياق.

الفصل الخامس: العبث بالكتب:
في دفاع واضح عن حق الكتاب من الرعاية والاهتمام في مكتباتنا العامّة يشدد الأستاذ آل حمادة في هذا الفصل على هذه الناحية، ويذكر بعض الأسباب التي قد تدعو مجتمعنا إلى مثل هذه التصرّفات غير الحضارية، منها:

- غياب القدوة الحسنة داخل الأسرة من حيث الحفاظ على الكتاب.
- عدم معرفتنا للقيمة الكبيرة للكتاب وأوعية المعلومات الأخرى.
- غياب العلاقة الحميمة التي تربطنا بالكتب العامّة غير المقررة علينا.

الفصل السادس: الصحيفة المنزلية خطوة نحو القراءة والكتابة:

ضمن الدور الكبير الذي يوليه المؤلف للأسرة يقترح عليها عمل صحيفة منزلية يشارك فيها جميع أفراد الأسرة، مما لذلك من فائدة كبيرة في تعويد الأبناء على الكتابة والقراءة منذ الصغر، وصقل موهبة التعبير عن النفس عندهم من سن مبكر.
بمثابة خاتمة: ارحموني يرحمكم الله:
بأسلوب قصصي رائع يبين من خلاله المؤلف حال الكتب في المكتبات المدرسية وحتى الجامعية، حيث يشكو ـ على لسان الكتاب ـ من إهمال القائمين على هذه المكتبات ومعاملتهم السيئة له، وعدم اعتنائهم اللائق بالكتاب، مما يفضي في النهاية إلى أن تكون معظم مقتنيات مكتباتنا هي من الكتب الرثّة والبالية والمعدمة.
ثانيًا: الملاحظات على الكتاب:

1. مقدمة الكتاب:

الكتاب يعد دراسة تبحث في الحال الثقافية للمجتمعات العربية، وتدني مستوى الاهتمام بالكتاب فيها، وتحاول ـ من خلال بعض الاقتراحات ـ أن تجد بعض الحلول للحدّ من هذه الظاهرة، وعلى عدة مستويات (الأسرة ـ المدرسة ـ المجتمع ـ...).

وقبل الدخول في فصول الدراسة وعناوينها الرئيسة لابدّ من وجود مقدّمة يبين فيها المؤلف أهداف الدراسة وأهميتها ونوعيتها والخطوات التي سيتبعها في البحث، وما يحتويه كل فصل من فصولها.

لذا من المفترض أن تحتوي المقدّمة على شيء من هذه العناصر، وهذا ما لم نجده في هذه المقدّمة، فقد اكتفى المؤلف فيها بأن أشار فقط إلى نوعية الموضوع الذي تعالجه دراسته وحث الشرع وتنبيهه عليه.

2. فصول الكتاب:


يمكن تقسيم الكتاب إلى قسمين، القسم الأول يبحث في «كيفية صنع مجتمع قارئ» يشمل الفصلين الأول والثاني، والقسم الثاني مقالات متفرقة حول الكتاب والقراءة يشمل باقي الفصول، مع أنه بإمكاننا إدراج فصول القسم الثاني تحت عناوين القسم الأول الرئيسة، فالفصل الثالث الذي يتحدث عن المكتبة المنزلية والفصل السادس الذي يتحدث عن الصحيفة المنزلية، يمكن إدراجهما ضمن العنوان «الأسرة ودورها في تنمية عادة القراءة»، كعنوانين فرعيين. ويمكن إدراج الفصل الخامس الذي يتحدث عن العبث بالكتب ضمن عنوان دور المدرسة في تنمية عادة القراءة. والفصل الرابع من الممكن إدراجه ضمن مقدّمة الكتاب.

هذا كلّه في حال أراد المؤلف أن يجعل الكتاب ضمن عنوان واحد هو: كيف نصنع مجتمعًا قارئًا؟، وإلا فيمكن ـ كما سبق وقلت ـ أن يقسم الكتاب إلى قسمين، دراسة، ومقالات متفرقة حول القراءة.

أما أن يبقى الكتاب كفصول مستقلة وكما هو الآن، فهو خلل منهجي غير مراعى فيه التسلسل المنطقي الذي من المفترض أن تسير على وفقه هذه الدراسة.

3. مادة الكتاب:
المادّة الأساس التي يتحدّث حولها الكتاب هو الترويج لعادة القراءة، وأهمية وضع الكتاب موضعه الصحيح ضمن اهتمامات كل من أفراد المجتمع، ولم يكن هذا أول إصدار للمؤلف حول نفس الموضوع، بل سبقته دراسة بعنوان «أمة اقرأ.. لا تقرأ: خطة عمل لترويج عادة القراءة»، ودراسة أخرى بعنوان: «الكتاب في فكر الإمام الشيرازي».

ومن خلال المقارنة بين الكتابين «أمة اقرأ.. لا تقرأ» والكتاب الذي بين أيدينا نلاحظ أن الأخير لا يخرج في قسمه الأول (الذي يتحدث فيه المؤلف عن كيفية صنع المجتمع القارئ) عن أن يكون تطويرًا وتوسعة لبعض عناوين كتابه الأول، وهي نقطة لم يشر إليها المؤلف، وكان من الجيّد الإشارة إليها، إما في المقدّمة أو في بداية الفصل الثاني.

4. الأخطاء الفنية:
(1) في صفحاتٍ خمسٍ حاول المؤلف أن يعالج أسباب عزوف شريحة كبيرة من المجتمع عن القراءة، وذلك ضمن عنوان «لماذا نحن مجتمعات لا تقرأ؟»، وقد أشرتُ إلى النقاط التي عددها المؤلف ضمن عرضي لمحتويات الكتاب، فلا أعيد.

وما يلاحظ على المؤلف في ذكر هذه الأسباب والعوامل أنها في بعضها نتائج ـ أيضًا ـ لعوامل أخرى، لم يشر إليها المؤلف.

وتناوُلُها على أنها هي الأسباب تسطيح للمسألة، وابتعاد عن اللب فيها.

فالابتعاد عن التعاليم الدينية ربما يكون سببه الأسلوب الذي يطرح به الدين على أنه مجرّد طقوس وعبادات فردية، وعدم طرح الدين على أنه نظام حياة، يتكفل بجميع جوانب الإنسان الحياتية المعاصرة.

وكذلك مسألة منافسة الإعلام للكتاب أو طغيان العقلية الكروية على حساب الهمّ الثقافي لدى الكثيرين، يمكن إرجاعه إلى أن القراءة لها حالة من الجدية والالتزام غير موجدتين في متابعة وسائل الإعلام ومباريات كرة القدم ـ مثلاً ـ. ومهما يكن فإن الحالة الجادّة لا تكون مرغوبة في مقابل الحالة المرحية التي تلازم الإعلام والمباريات الكروية، بالذات إذا كانت هاتان الفعاليتان (الإعلام والمباريات) تحملان من وسائل الجذب أكثر مما يحمله الكتاب.

طبعًا هذا الأمر لا ينطبق على جميع العوامل التي ذكرها المؤلف، ولكن كان من الجيّد أن يرفق مع هذه العوامل شيئًا من التحليل، لكي يعطيها شيئًا من التعميق للفكرة.

(2) في بداية الفصل الثاني مهّد المؤلف للفصل بمقدّمة، عنونها بـ «كيف نصنع مجتمعًا قارئًا؟»، وبدأ الموضوع بنتائج استبيان وزّعه على بعض الطلبة، سألهم فيه عن الاقتراحات التي يقترحونها لتنمية القراءة في المجتمع، وكانت الإجابات التي قدّمها الطلبة (عينة البحث) تدور كلها تقريبًا عن الدور الذي من المفترض أن تلعبه المدرسة في هذه المسألة.

وكان المفترض أن يكون موقع هذا الاستبيان عندما يأتي الحديث عن دور المدرسة، فهذه النتائج التي عرضها المؤلف تبدو غريبة عن المقام، فهذا العنوان كان عبارة عن مقدّمة لما سيقوم المؤلف بالتوسع في بحثه عن دور كل مستوى من المستويات الاجتماعية التي لها دور في تنشئة الأفراد وصنع شخصياتهم، من الأسرة وحتى الدولة، والمقترحات التي قدمها الطلبة كلها اقتراحات تخص المدرسة، فمن المناسب ذكرها ضمن البحث الذي عقده المؤلف عن دور المدرسة.

(3) «وخصصنا الكلام ـ هنا ـ على العلماء والمثقفين دون غيرهم، ذلك لأنهم يجب أن يكونوا في موقع القدوة والتأثير على أبناء المجتمع». كانت هذه هي العبارة التي أطلقها المؤلف في بداية بحثه لـ «المجتمع ودوره في تنمية عادة القراءة»، والتي خالفها بمجرد أن فارقها، فأول ما يواجهنا من عناوين فرعية تحت هذا العنوان الرئيس هو: «الأثلاث لطبع الكتب»، وهي فكرة يريد منها المؤلف أن يتعلم «أفراد المجتمع» أن يوصوا بثلث تركتهم ـ أو بجزء منه ـ لطبع أو نشر الكتب أو المساهمة في إنشاء المكتبات.

تليها فكرة أن يساهم «أبناء المجتمع» في إنشاء المكتبات العامّة، خاصة في أماكن العبادة كالمساجد. ثم يختم المؤلف موضوعه بهذه العبارة: «وبكلمة: «المجتمع» القارئ يدفع أبناءه نحو القراءة والكتاب».

وجميع الأفكار المطروحة ـ كما ترى عزيزي القارئ ـ لم يرد فيها ذكر أو تخصيص لعلماء الدين أو المثقفين، بل كان خطابًا عامًّا لجميع أفراد المجتمع.

(4) وقد احتوى عنوان «المجتمع ودوره في تنمية عادة القراءة» على عنوان فرعي واحد فقط، وهو «الأثلاث لطبع الكتب»، وهذا العنوان اندرجت تحته أكثر من فكرة خارجة عن ما يفهم من العنوان، فقد عولج تحته فكرة المساهمة في إنشاء المكتبات العامّة في المجتمع، وخصوصًا في أماكن العبادة، وكذلك تحويل المكتبات الخاصة إلى مكتبات عامّة، كما كان يفعل ذلك المسلمون الأوائل، وغيرها من الأفكار.

وهذا العنوان يوحي بأن الفكرة التي يقترحها المؤلف هي أن يوصي المسلمون بثلث تركتهم أو جزء منه «لطبع الكتب» فقط، بينما الفكرة كانت أوسع من ذلك، ففكرة الأثلاث ليست محصورة في دعم حركة نشر الكتاب من خلال المساهمة في طبعه فقط، بل من الممكن أن تشمل نشره وتوزيعه مجّانًا على المكتبات العامّة والمساجد وعلى المؤمنين، وكذلك تشمل دعم إنشاء المكتبات، أو المساهمة في دعم المطابع التي تعنى بنشر الكتب الجيدة والمفيدة والقيمة، وغيرها من أنواع الدعم.

(5) القصّة التي يذكرها المؤلف في الفصل الرابع (العلاج بالقراءة في الأدب العربي) والتي عنونها بـ «المطالعة.. عقوبة لص مراهق»، والتي مفادها أن لصًّا ادّعى الأمية حينما استجوبه القاضي، فلما أُخْضِع لاختبار القراءة اكتُشِف إتقانه لها، وكذب مدّعاه، كانت عقوبته أن يقوم بالمطالعة لمدة عام، على أن يختار ما يفضل قراءته.

أقول أن هذه القصة لا علاقة لها بما يناقشه الفصل من فكرة، فالفصل يعالج إمكانية العلاج عن طريقة ممارسة القراءة، واللص هنا ليس مريضًا وعولج بممارستها.

(6) إن المداواة بقراءة القرآن والتبرّك به وكونه هداية وسكنًا للنفوس من التعاليم الدينية التي يعتقد بها جميع المسلمين، ولا أظن أن المؤلف عقد فصله هذا لبحث هذه المسألة، وإنما كان بحثه حول «العلاج بالقراءة في الأدب العربي».

ولذا فإن ذكر الحديث النبوي الشريف: (اقرأ وارقَ) لا يندرج وما يعالجه المؤلف، فالحديث وارد في الترغيب في قراءة وحفظ القرآن، والمعنى الذي يستفاد من الحديث أن المؤمن إذا حفظ القرآن فإنه يكافأ يوم القيامة، بأن يقال له عندما يدخل الجنّة اقرأ آيةً وارقَ درجةً.

وكذلك ليس من المناسب ذكر الآية: ﴿ وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ ﴾ ـ (الإسراء: 82) ـ، فهذه واردة في خصوص التداوي بقراءة القرآن، أو الآية: ﴿ ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ ﴾ ـ (البقرة: 2) ـ، فالكتاب المقصود في الآية هو خصوص القرآن الكريم، لا مجمل الكتاب.

وقد كان بإمكان المؤلف أن يشير إلى هذه النقطة (التداوي بالقرآن) في بداية الفصل، وتكون بمثابة مقدّمة يدخل بها إلى الموضوع، ويذكر بأن هناك بعض القراءات التي لها انعكاس على نفس الإنسان وجسمه غير القرآن، وقد وردت حولها أخبار وقصص في الأدب العربي، ويذكر هذه القصص. ثم يذكر بأن هناك الآن دراسات حديثة حول هذا الموضوع، كتب منها في اللغة العربية عدة كتب، ويشير إلى بعض هذه الكتب.
الكاتب حسين منصور الشيخ

المصدر/ شبكة راصد الاخبارية
http://rasid.com/artc.php?id=8674












التوقيع
وقل ربي زدني علماً
  رد مع اقتباس