عرض مشاركة واحدة
قديم May-20-2009, 09:33 AM   المشاركة1
المعلومات

ابراهيم محمد الفيومي
مشرف منتديات اليسير
أخصائي مكتبات ومعلومات
 
الصورة الرمزية ابراهيم محمد الفيومي

ابراهيم محمد الفيومي غير متواجد حالياً
البيانات
 
العضوية: 31463
تاريخ التسجيل: Jun 2007
الدولة: الأردن
المشاركات: 2,507
بمعدل : 0.41 يومياً


تعجب الانترنت تقنية الثقافة المعاصرة


الأنترنت.. تقنية الثقافة المعاصرة



ناظم محمد العبيدي
مع تطور الفكر في رحلته التاريخية وبلوغه
النقطة الفارقة، حيث أصبح بالإمكان إستحداث التقنيات التي أسبغت على حضارتنا المعاصرة خصوصية لم تكن موجودة في الحضارات السابقة، إذ أن خروج الأفكار من حيزها النظري الى الواقع العملي وعلى هذا النحو لم يتم الا في القرون الأخيرة، وتحديداً في منتصف القرن الثامن عشر واستمر في تصاعده حتى يومنا هذا،


فبرغم الإنجازات التي تحققت عند الأقدمين في المجالات المختلفة في الحقب المتعاقبة، الا أن ذلك كله لم يحدث النقلة الهائلة التي أحدثتها المعرفة المعاصرة، فقد كانت التقنيات وهي ثمرة الفكر لمعالجة متطلبات الحياة محدودة، فلم يكن بمقدور أهل الفكر والفلسفة أن يحدثوا طفرة مثلما حدث في الأزمنة اللاحقة، ليس لأنهم كانوا يفتقرون الى الذكاء، ولكن منطق الأشياء يقول أن العلم البشري كان بحاجة الى زمن طويل تتراكم فيه المعطيات لتتحول الى ثورة في عالم التقنيات ،
وهي سمة
لم يكن لها وجود في الحضارات القديمة، ويمكننا أن نفهم على ضوء هذا كيف أمكن للفرد في زمننا أن يختزل المسافة الى آخر العالم ببضعة ساعات حين يسافر بالطائرة، وأن تتحول كل بقعة نائية في متناول مستخدم أجهزة الإتصال الحديثة، أي أن العلم أتاح للإنسانية أن تتحكم الى حد ما بقوى الطبيعة وتفتح المجال لممارسة بعض أنشطة الحياة بجهد أقل وبكفاءة أعلى، أي أن تغيراً واضحاً حدث لمفهوم الزمان والمكان، فعن طريق التحكم بالزمن عن طريق السرعة في قطع المسافات أمكن التحكم بالمكان، وهذا ما أتاحته التقنيات الحديثة ومنها طبعاً شبكة الأنترنت، التي جعلت من التواصل بين جميع البشر أمراً ممكناً وميسراً، وصار بوسع أي مستخدم للأنترنت أن يطلع على مايحدث من مستجدات المعرفة، فضلاً عن الإتصال بمن يشاء دون كلفة مادية أو زمنية ترهقه، بيد أن الأنترنيت الذي هو ثمرة العلم كما أسلفنا لا يعطي لمستخدمه غير ما يريد، وبتعبير آخر أنه مجرد وسيلة تخضع لمطالب الناس بكل فئاتهم، ومادامت الطبائع البشرية وميولهم لا تندرج ضمن نمط واحد فإن استخداماتهم للأنترنت ستكون بالتأكيد كذلك، ومن يرصد الفئات البشرية التي تستخدمه لابد أن تستوقفه الغايات المتباينة والمتنافرة بل وحتى المثيرة للمفارقات، بيد أن ذلك لا يقلل من أهمية هذه التقنية، بل إن هذا يشير الى أهمية شبكة الأنترنت وغناها، وهذا ما يجعلها تكتسب أهمية متزايدة يوماً بعد يوم.
الأنترنت فضاء واسع للنشر
كان الحظ الى جانبي وأنا ابحث عن نماذج
لمستخدمي الأنترنت، فقد صادف مجيء الكاتب ناظم سعود الى بغداد وأعتقد أنه مثال مهم على أهمية التقنية الحديثة، لأنه كما يعرف الوسط الثقافي أصيب منذ سنوات بجلطة لم يستطع خلالها أن يمسك بالقلم والكتابة، فضلاً عن انتقاله بعد تدهور الأوضاع في العاصمة الى ريف كربلاء، فكانت الكتابة بالكومبيوتر طريقة ملائمة ومريحة للتعويض عن القلم والورقة له بعد معاناة طويلة بسبب المرض، ووجد في الأنترنت خير وسيلة للتواصل مع الأشخاص والأحداث، وحين سألته عن الأنترنت ودوره في الحياة قال: لاشك أن هناك انعكاساً طردياً مابين الأجناس الأدبية ومابين التقنيات المعاصرة، فكلما ازدهت وشاعت الأخيرة كلما انفتحت فضاءات جديدة واشكال مثلها أمام أصحاب الأجناس، واذا تأملنا السؤال المقترح عن الأنترنت سنجد تجسيداً لما قلته في البدء، فهذا الجهاز الساحر ذو الإمكانات اللا محدودة في الإنتقال والإختراقات والتواصل يتيح مساحات فارهة أمام حقول الثقافة المتعددة، واعلم أن لكل جهاز حديث مضاره وحسناته، إن هذه التقنية المعاصرة (الأنترنت) يمكن أن تتخذ وسائل ضد الحياة الإنسانية اذا ما أسيء استخدامها أو وضعت في خدمة شريحة الإجرام، وبالمقابل هناك فئات اجتماعية وجدت في الأنترنت وسيلة رخص هائلة لإشباع الأنويات الضاجة بالمحارم والسلوكيات الشاذة لما تتيحه هذه التقنية من الإتصال اللامشروع وأساليب لإشباع الحاجات الغريزية.
أما
في حقل الثقافة حيث أعمل فأجد أن الأنترنت قد ساعد الملايين من الأدباء والكتاب ومنهم أنا في استنطاق المعلومات المخفية والتواصل مع أحدث أساليب التعبير، وأكثر التجارب حداثة، وأيضاً لنشر النتاج الإبداعي بسرعة لم يكن يتصورها أي عقل، بمعنى أنها اختزلت السرعة والفرصة والمكان الأكثر انتشاراً لتحرير مواد كتابية بعضها غير صالح للنشر ربما ولكنها تجد المساحة المناسبة مع آلاف المواقع والشبكات والوكالات وهذا أمر يتيح لي أن أرصد صورة سلبية مشاعة للأسف الآن، وبخاصة في الصحافة العراقية، إذ أن اتساع مساحات النشر في الأنترنت ووصولها الى مختلف الأمكنة في العالم في آن واحد جعلت من بعض الكتاب والأدباء محض لصوص، يسطون بشكل سافر على نتاجات غيرهم ومن دون أن يتعبوا فكرهم ويطوروا اقلامهم بإيجاد أشكال تعبيرية تخصهم هم، فإذا وجدوا مقالة نشرها كاتب الماني أو برازيلي أو افريقي مثلاً، قاموا بإستبدال العنوان واختزال المكتوب واضافة بعض العبارات المنمقة بقصد التمويه على الأصل ومن ثم يذيلونها باسمائهم بشكل علني وفاضح.
وهكذا نشأ فن جديد يعد الأكثر
طغياناً اليوم (قرصنة الأنترنت) وخرجت مجاميع من أشباه الكتاب والصحفيين وليس في معيتهم سوى جرأة السرقة والسطو على جهد الآخرين، والصحافة العراقية وجدت هي الأخرى فرصة مثلى لأن تسوق صفحاتها بالمثير والجديد من الكتابات والأعمدة والصور حيث يمكن أن يصدر شخصان صحيفة كاملة ولكن بواسطة التطفل على جهود الآخرين المنشورة في الأنترنت، وهذا بسبب تقليص التمويل اللازم لإدامة الصحيفة، فتم التخلص من المحررين والطابعين والمشرفين اللغويين لأن مواد الأنترنت جاهزة من خلال((copy-pasteفتظهر الصفحات مجملة بكتابات ليست لنا، وعلى العموم إن الأنترنت بقدر فوائده العظيمة التي نقلت الحياة من الظلمة الى النور، والمرحلة البشرية من الإنقطاع الى التواصل، الا أنه في ذات الوقت أتاح الفرصة لذوي المواهب المجدبة لإطلاق أنوياتهم المكتفية بشهوة القفز وانتهاز الفرص، والصعود غير المشروع ولكن من خلال أجنحة الانترنت البريئة.
مكاتب الانترنت والوضع الأمني
وفي لقائي بالمهندس سلام عادل صاحب
مكتب (لينكس) لخدمات الأنترنت، وسؤالي له عن عمله في هذا المجال وما يعترضه من مشاكل، ذكر أن المشكلة الأساسية التي تعوق عمله هو قطع الشارع الرئيس بين الحين والآخر الأمر الذي يحد من حركة الناس، وهذا يؤدي بطبيعة الحال الى عزوف الكثيرين عن الحضور بسبب هذه الإجراءات التي يرى إن فيها مبالغة كبيرة، فبإمكان القوات الأمنية أن تمارس دورها دون أن تعطل الحياة في الأسواق والأماكن العامة، لقد كان رواد المكتب يترددون وبأعداد كبيرة قبل هذه الفترة، الا أن الأعداد تراجعت للأسف وليس بإمكاننا التدخل بعمل القوات الأمنية التي تجتهد أحياناً فتضر بعملنا الذي لا يمكن أن يزدهر مع وجود كل هذه الحواجز.
وعن الكهرباء قال إن وضعنا لا يختلف عما
تواجهه كل المكاتب والدوائر والمؤسسات الأخرى فيما عدا أننا نلجأ الى المولدات الخاصة لمواصلة عملنا، فليس بوسعنا شراء مولدات كبيرة، غير أننا تكيفنا مع ذلك وليست لدينا مشكلة.
وحدثني عن طموحه العلمي الذي حببه منذ دراسته المتوسطة لعالم
الحاسبات، وجعله يتابع بشغف كل مايجري في العالم من تطورات في مجال تقنية الإتصال، ورغبته في أن يجد الانترنت منتشراً في أرجاء العراق لما فيه من فوائد معرفية، وقال إنه يتمنى لو تبادر الحكومة الى تقديم صورة حقيقية عن العراق عن طريق الانترنت الى المستخدمين في كل مكان، لكي تبدد الصورة القاتمة لمايجري في العراق، واذا كان للمتطرفين مواقع فلماذا لا تكون هناك مواقع تتولى فضح أولئك الذين يتسببون بأعمال العنف والقتل؟ يجب أن تستفيد الحكومة من هذه الخدمة وتشجع الناس على استخدامها، فهي خير وسيلة للكشف عن الكثير من الأعمال المشبوهة.
وتحدث معي الشاب فراس عباس
عندما سألته عن الإستخدامات المتعددة للمترددين على المكتب الذي يعمل فيه فقال: اذا استثنينا الشباب الذين يأتون لقضاء الوقت في تصفح المواقع الجنسية والفنية، أو للتعارف ومخاطبة أصدقائهم، فإن أعداداً كبيرة من الطلاب تأتي من أجل المصادر العلمية، وهناك قضية البحوث التي يحتاجها البعض للتخرج، بالإضافة الى الإهتمامات الأخرى مثل الطب والعلاج بالنباتات، ففي الآونة الأخيرة زاد الإهتمام بموضوع الأعشاب ومنافعها الطبية، لا أعرف لماذا وربما كان للوضع العام علاقة بذلك، لأن الكثير من الأدوية المستوردة اليوم لا تمتلك المواصفات المطلوبة، اذا لم نقل أنها فاسدة أو منتهية الصلاحيات.
ولا يمكن أن ننسى أعداد العراقيين الذين في الخارج،
أعتقد ان الأنترنت سهل لهم الكثير من الأمور ومنها مشكلة الوثائق الرسمية التي يطلبونها من أسرهم، فبإمكان الأنترنت أن يوفر لهم مايحتاجونه وبخاصة أن السفر من والى الدول الأوروبية يكلف الكثير من المال، ولهذا نستقبل الكثير من الناس الذين يطلبون إرسال بعض الوثائق الرسمية الى ذويهم المقيمين خارج العراق.
بين الكتاب
الورقي والرقمي
حين انتشرت تقنية الكومبيوتر وصرنا نكتب ونقرأ بواسطتها، لم نتخل
عن الكتب الورقية وظلت ترافقنا في مكتباتنا، ولم ننشغل عنها حتى ظهرت على نحو واسع المكتبات الألكترونية المبثوثة على مختلف مواقع الانترنت، ولحاجتنا الدائمة الى الكتب الحديثة التي تفتقر اليها أسواق الكتب عندنا، بالإضافة الى ارتفاع أسعار تلك الكتب المستوردة، أصبح الكتاب الألكتروني بديلاً مناسباً لنا بالرغم من الصعوبات المرافقة لعملية القراءة على الشاشة، وصرنا نتبادل المئات بل الآلاف من الكتب التي لو قمنا بشرائها في هيأتها الورقية لكلفنا ذلك مبالغ طائلة، وأعتقد أن الكثير من الأدباء والمثقفين يشاركوننا هذا الرأي حتى من خارج العراق، ليس لأنهم يواجهون ذات الظروف من غلاء وشحة بعض الكتب، ولكن بسبب قوانين المنع التي ربما تعمدت حجب الكثير من العناوين لأسباب سياسية أو دينية، والسؤال الذي قد يتردد بين الحين والآخر عن المنافسة بين الكتاب الورقي والألكتروني أعتقد أنه مبالغ فيه، لأن للكتابين ضرورة ولايمكن الإستغناء عن أحدهما، وليس هناك من مشكلة في أن يسيرا معاً ماداما يحققان ذات الهدف وهو اشباع حاجة القارئ الى المطالعة والتواصل

الرابط

http://www.alsabaah.com/paper.php?source=akbar&mlf=interpage&sid=83119












التوقيع
إن الكل يموت ويذهب صداه
الا الكاتب يموت وصوته حي
  رد مع اقتباس