[ابراهيم محمد الفيومي]

: المكتبة المدرسية.. غرفة مهملة ورفوف منسيّة في بنايات المدارس

بغداد - سعاد البياتي
(يستذكر الاستاذ عبدالرزاق راضي الحسن معاون متوسطة الربيع للبنين) تلك الصورة التي لاتغرب عن ذاكرته للمكتبة المدرسية، صورة استاذ اللغة العربية الذي كان يقودهم مع طلاب صفه الى المكتبة المدرسية


وقد خصصت لها غرفة معينة من بنايات المدرسة ليختاروا مايشاؤون من الكتب المتنوعة كالقصص والحكايات الملونة , وكتب الادب المختلفة من كل اسبوع ..
ومن ثم يقوم الاستاذ باختبارهم في مدى انتفاعهم من ذلك الزاد الثقافي عن طريق الكتابة في موضوعات الانشاء والتعبير، اومطالبته للتلاميذ بتلخيص مادة الكتاب في دفتر الانشاء لاحقا، اعتقد ان تلك الصورة (والكلام للاستاذ عبدالرزاق) كانت قد شكلت لي الانطلاقة الاولى للاقبال على الكتب وحب المطالعة والتثقيف الذاتي , وساهمت بتوسيع وتنمية قابليتي على الكتابة .. الان غابت تلك الصورة الجميلة عن مدارسنا .. لماذا؟! وتراجع الاهتمام بالمكتبة المدرسية التي لم يعد لها وجود في كيان المدرسة ولااهتماما ت اداراتها.

مجرد ديكور
من المؤسف ان لانرى اثرا او معلما لهذه النافذة او الحاضنة للعلم والمعرفة في مدارسنا في الوقت الحاضر، هكذا تقول التربوية(اماندا ارجمندمدرسة اللغة العربية في ثانوية القاهرة للبنات): فهي ان وجدت على حد قولها نادرة وقليلة، وحتى هذه النادرة هي مجرد ديكور، صفت على رفوفها التي يعلوها التراب اعداد الكتب والمطبوعات في بعض المدارس، ولا تطالها ايادي الطلاب، وتتساءل: ما الجدوى من ذلك اذا لم تقترن بالاستفادة من ثمرات المكتبة عمليا وتكريس عادات المطالعة فيها، وعلى الاخص في المراحل الاولى من سنوات الدراسة، لترسم بذلك تقاليد وسلوكيات نافعة للنشء الصغير. وتدعو السيدة اماندا الى ازالة العراقيل المسؤولة عن غياب دور المكتبة في المدرسة، ومن بينها الادعاء بعدم وجود مكان مخصص لها في بناية المدرسة .. او انها تشكل عبئا مضافا الى الدروس التي بطبيعتها كثيرة على الطلاب، والتركيز على مايمكن ان تقدمه المكتبة المدرسية من مزايا اهمها التعود على العادات القرائية الفعالة التي يستفيد منها الطالب حتى في طريقة قراءاته لكتبه المقررة، والتعود على الهدوء بدلا من اجواء الصخب والضجيج والفوضى التي تسود عادة في البيوت والمدارس.

هموم امناء المكتبات
يحزّ في نفس اي موظف في مؤسسات الدولة خاصة المؤسسات التربوية ان تكون وظيفته بلا فائدة بما يقربها من البطالة المقنعة، وامناء المكتبات في المدارس العراقية غالبا ما لا يمارسون دورهم ووظيفتهم في اعارة الكتب وارشفتها وتجديد عناوينها، وذلك لاهمال موضوع المكتبة اساسا في جدول اعمال ادارات معظم المدارس وتجاهل لوظا ئفها الاساسية، ولذلك يتحسر هؤلاء الامناء على خسارة المزايا والاهداف التي يمكن ان يحققها ارتياد الطالب للمكتبة.
حيث يرى المشرف التربوي (كاظم عباس) ان المكتبة من اهم المرافق المدرسية التي يمكن من خلالها تحقيق المفهوم الحديث للمنهج المقرر والتي تتطلب برنامجا خاصا في تدريب الطلبة على استخدام الكتب كادوات للقراءة والبحث والترفيه بغية مساعدتهم على تحصيل المهارات المكتبية اضافة الى انها المحرك الاساسي للرغبات الادبية التي قد تتوفر لدى اصحاب المواهب من التلاميذ.
بينما ترى السيدة سحر عبد الرزاق امينة مكتبة مدرسة الشهيد فهمي سعيد، في مكتبة المدرسة الفقيرة التي لاتجذب التلاميذ اليها لاحتوائها على الكتب القديمة والقصص المملةفضلا عن انعدام الاجواء المريحة للقراءة في معظم هذه المكتبات .. الا انها تحاول وسط الفوضى والارباك ان تجذب بعض ممن له اهتمامات خارجية ولو بجهد شخصي لتصفح الكتب والمجلات رغم قلتها وسوء تنظيمها .وهي تقوم باعداد جدول منظم لطلاب مدرستها لارتياد المكتبة وعادة لايلتزم به بسبب ذريعة انشغال الطلاب والمدرسين بالدروس الاساسية المقررة للطلاب.

أحلام طلابية في المكتبة المدرسية
يستغرب بعض التلاميذ الصغار الذين التقيناهم من وجود غرفة مخصصة في مدارسهم باسم المكتبة المدرسية،لانهم لم يعلموا بوجودها اساسا ولم يخبرهم احد من المعلمين بوجودها ولا اهميتها سواء من معلمي اللغة العربية اوغيرهم من معلمي الدروس الاخرى.
الطالبة (مياسة عبد الرحمن) السادس الابتدائي مدرسة الزهراء الابتدائية تقول:مدرستي لاتملك مكتبة خاصة للتلاميذ بل لاارى من زملائي التلاميذ من يتحدث عن وجود مكتبة او كتب علمية جميلة في المدرسة , فنحن ندرس الكتب المدرسية فقط والمعلمة لاتحدثنا عن اهمية المطالعة الخارجية والكتب العلمية التي تفيدنا ولاتشجعنا على كتابة النشرات المدرسية .. بينما اسمع من والدتي التي تعمل في مجال الاعلام انها كانت تهتم بقراءة الكتب منذ الصغر حينما شجعتها معلمة اللغة العربية على زيارة المكتبة المدرسية والانتظام في تعاطي المجلات والكتب لتطوير موهبتها في درس الانشاء .اما زميلتها (ورود كريم) تتمنى ان تقضي اوقات فراغها في تصفح الكتب التي تحبها لاسيما المجلات العلمية، وان تأخذ درس النصوص ومادة العربي تحديدا في غرفة المكتبة المدرسية التي لاتجد لها اثرا في مدرستها حيث لاتوجد غرفة مخصصة لذلك !! وتحلم ( رفل علي خامس علمي) .. ان تنمي وتطور موهبتها الشعرية وان تجد كتبا ومصادر قيمة في مكتبة المدرسة الفقيرة الا من اللوحات العلمية والنشرات المدرسية التي صممت بأيدي الطالبات مع ان مدرسة اللغة العربية لها اهتماماتها في هذا الجانب لكن الطالبات لايعرن اهمية لها ولايشجعنها على قضاء بعض الوقت في المكتبة .. فأغلبهن يهتمن باشياء اخرى بعيدة عن الكتب والادب والشعر وهذا حال اكثر الطالبات في المدارس الاعدادية فهن لايفضلن الذهاب الى المكتبة المدرسية (حسب وجهة نظرها).

الشؤون الثقافية ومديرية الكتب والمناهج
اكد معاون المدير العام في دار الشوؤن الثقافية صعوبة تزويد المدارس بمطبوعاتها كاشتراكات نظرا لِلاعداد الكبيرة من المدارس في العراق والتي من غير الممكن تغطيتها بالكامل في هذه الفترة بالتحديد، كما اكد على ان الدار تفتقر الى المطبوعات التي تلبي حاجة مكتبات المدارس من كتب تقافية في مستوى اعمارهم ! اضافة الى ان هذا التعاون كان ساري المفعول سابقا.. وبموجب اوامر ادارية تحتم التنسيق والتعاون بين مديرية التربية والدار , اما الان فالمسوؤلية تقع ضمن مديرية المناهج والكتب التي تقوم حاليا بتزويد المكتبات المدرسية بالكتب التي تراها مناسبة.
اما مديرية الكتب والمناهج من ناحيتها فقد اشارت الى انها تزود بعض المدارس ممن هم بحاجة اليها وحسب طلب اداراتها للكتب الخارجية كالكتب التاريخية والعلمية والقصص التي تخص الخيال العلمي وقصص الاطفال وبعض من المطبوعات التي تهم الجوانب العلمية والبحوث التربوية, مشيرة ايضا الى ان ذلك يتم حسب حاجة المدارس التي تتواجد فيها المكتبات المدرسية . حيث ان اغلب المدارس وللزخم الكبير في اعداد الطلبة استغلت غرف المكتبة لتجعله صفا دراسيا..هذا كل مااكده المصدر التربوي!.


الرابط
http://www.alsabaah.com/paper.php?source=akbar&mlf=interpage&sid=92860