[د. صالح المسند]

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

تجربتي في تصميم الخطط الدراسية

ذكرت في مشاركة سابقة أن الدارسين في الخارج يحاولون استيراد نماذج وحلول من البيئات التي درسوا فيها وتطبيقها في مجتمعاتهم. هذه النماذج والحلول قد لا تكون مناسبة للبيئة المنقولة إليها، مثلها مثل الشجرة التي تنقل من مكان إلى آخر حيث الظروف البيئية والمناخية مختلفة. وقد لاحظنا ذلك في مجالات أخرى مثل التعليم والذي أعتقد أنه معمل تجارب لأفكار ومفاهيم ونقل نماذج من أوربا وأمريكا ليس بالضرورة أن تنجح في بيئتنا لأسباب اجتماعية أو اقتصادية أو تقنية. ومعيار نجاح عملية النقل هو مدى مساهمة الفكرة أو النموذج أو التقنية (بشقيها: hard technology and soft technology ) في حل المشكلات التي تواجه المجتمع المنقولة إليه؛ وليس مجرد محاكاة ما هم موجود في المجتمعات الأخرى والتي توصف بأنها متقدمة أو نشعر إزاءها بعقدة النقص أو الدونية كما هو الحال تجاه أوربا الغربية وأمريكا على وجه الخصوص. ومعنى ذلك أنه ليس بالضرورة أن نطبق أو نقتني أحدث ما توصلت إليه التقنية لنحكم بنجاح التنمية والتطوير؛ فربما محراث يدوي في مجتمع ما أفضل من آلة حرث متطورة لدى مزارع لا يجيد استخدامها.

هذه المقدمة ضرورية للدخول في موضوع تصميم الخطط الدراسية في أقسام المكتبات والمعلومات. أولاً، يوجد فلسفتان للتعليم العالي. هناك من يرى أنه يجب أن يكون تعلم العلم للعلم بغض النظر عن حاجة المجتمع لهذا التخصص أو ذاك. وفي هذه الحالة ينظر إلى المبررات العلمية والمنهجية لفتح أي تخصص من التخصصات. وهناك آخرون يرون أن التعليم يجب أن يرتبط ارتباطًا مباشرًا بحاجات المجتمع وخططه التنموية وحجم الفرص الوظيفية المتوافرة فيه. والفلسفة الأخيرة هي واقعية وهي المناسبة لمجتمعاتنا النامية؛ ولكنها تحتاج إلى بيانات إحصائية دقيقة تعين من يعمل على تصميم الخطط في تقدير حاجات المجتمع وظروفه. هذه البيانات قد لا تتوافر أو لا تكون دقيقة كما هو الحال عندنا في المملكة. فنحن لا نعرف الكفايات المطلوبة ولا نوعيات الوظائف ولا درجة التأهيل المطلوبة ولا حجم الطلب على المتخصصين في علوم المكتبات والمعلومات.

وتختلف درجة التأهيل المدخلة إلى سوق العمل في أمريكا وبريطانيا على سبيل المثال عنها عندنا في المملكة. ففي أمريكا درجة الماجستير هي درجة الاحتراف المهني. ولذا فإن الاعتراف الأكاديمي من قبل جمعية المكتبات الأمريكية هو لبرامج الماجستير المقدمة من الجامعات الأمريكية. أما في بريطانيا فإن جمعية المكتبات البريطانية تعتمد الحاصلين على درجة الماجستير بعد اجتيازهم لاختبار الاحتراف المهني. وهذا يختلف عما هم حاصل في العالم العربي. ففي المملكة درجة التوظيف هي شهادة البكالوريوس. وتقل الوظائف المتاحة للمتخصصين في درجة الماجستير والدكتوراه إن لم يعتبروا ذوي تأهيل أعلى من المطلوب overqualified خصوصًا في القطاع الخاص.

وبالنسبة لمجالات التوظيف فالقطاع العام هو الموظف الرئيس للمتخصصين في علم المكتبات والمعلومات. وفرص هذا القطاع قلت إلى درجة كبيرة في الآونة الأخيرة. أما في أمريكا وبريطانيا فإن القطاع الخاص مفتوح للخريجين. وهذا أثر بدرجة كبيرة على وتيرة تطوير برامج كليات المكتبات وإلغاء بعضها أو إعادة تسميته.

أما بالنسبة لأساليب التعليم في الغرب، مثل عدم إلزامية حضور المحاضرات أو الاختبارات المنزلية، فهي أيضًا متناسبة مع القيم السائدة في المجتمع مثل احترام الوقت ومقت الغش واعتباره كبيرة. ولاشك أنهم يتفوقون علينا في تعزيز هذه القيم. فعلى سبيل المثال، يفصل الطالب الأمريكي الذي ثبت أنه غش في الجامعات الأمريكية، ويطرد الطالب الأجنبي الذي غش من أمريكا، وتسحب رخصة الطب من الباحث الذي فبرك البيانات بحثه. وهذه القيم وبكل أسف غير محترمة عندنا لا ومقدرة عند جمهرة ليست قليلة من الطلاب وإن كنا نحن أولى بها. ومن عايش التعليم يعرف مدى انتشار بعض الظواهر السلبية والقيم المغلوطة حتى بين بعض طلاب الدراسات العليا. وأقرب مثال على ذلك تسريب أسئلة الاختبارات في الثانوية العامة كل سنة.

ملخص القول، أننا يجب أن نستفيد من علوم وأفكار وتقنيات الغرب والشرق، ولكن لا نقلدهم تقليد الأعمى، ونعمل على توطين الأفكار والمفاهيم والتقنيات حتى تسهم في كل مشكلاتنا وليس خلق مشكلات جديدة. وأخيرًا، يجب أن لا نجلد ذواتنا ونعتبر كل ما لدينا سيئ وما لديهم ممتاز. فعقولنا لا تقل عن عقولهم وإمكاناتنا لا تقل عن إمكاناتنا. ومن سار على الدرب وصل.

دعونا نتفاءل.

ولكم تحياتي

[الاء المهلهل]

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تحية طيبة
حفظت هدا القول عن ظهر قلب
" يجب أن نستفيد من علوم وأفكار وتقنيات الغرب والشرق، ولكن لا نقلدهم تقليد الأعمى، ونعمل على توطين الأفكار والمفاهيم والتقنيات حتى تسهم في كل مشكلاتنا وليس خلق مشكلات جديدة. وأخيرًا، يجب أن لا نجلد ذواتنا ونعتبر كل ما لدينا سيئ وما لديهم ممتاز. فعقولنا لا تقل عن عقولهم وإمكاناتنا لا تقل عن إمكاناتنا. ومن سار على الدرب وصل. دعونا نتفاءل ...... د. صالح المسند "

هدا هو الدي يدعو الى التفائل
الله يبارك فيك
اختك الاء