[د. صالح المسند]

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


لأي وسيلة إعلامية أهداف تحاول تحقيقها من خلال الوصول إلى قلوب المشاهدين قبل عقولهم. ولا ضير في ذلك طالما أن الأهداف مشروعة وليس فيها استغلال لعواطف الناس لتحقيق مكاسب سياسية لمصلحة طرف على حساب طرف آخر. وأتيح لي خلال الفترة الماضية متابعة التغطيات الإعلامية لأحداث لبنان متابعة دقيقة. وقد وجدت إحدى القنوات تقدم الخبر بدقة متناهية ومن بؤرة الحدث كعادتها في التغطيات الإعلامية للأحداث الساخنة. وهذه المتابعة المباشرة والحيادية الظاهرية أكسبت القناة قبولاً غير محدود لدى المشاهدين العرب بمختلف مستوياتهم وأشكالهم. ولكن ما لاحظته هو أن البرامج التي تعنى بالرأي والتحليلات السياسية لها أهداف خفية تحاول القناة تمريرها وتشكيل رأي عام عربي يخدم توجهات أطراف سياسة معينة بعيدًا عن الحيادية والموضوعية المجردة. ويتضح هذا الأمر من خلال التأكيد على توجهات القناة في النقد المركز وغير الموضوعي لمواقف دول معينة أو أنظمة سياسية محددة من خلال برامج مختلفة ومذيعين متعددين وضيوف منتقين كلهم يسعون إلى الوصول إلى نقطة واحدة وهدف مشترك، ولكن بأساليب خفية لا تتضح لكثير من المشاهدين. وتحريض المشاهد أو تثويره ليس في مصلحة مجتمعاتنا لأنه في النهاية يخدم نوايا الأعداء ومخططاتهم في هذه الفترة الحرجة التي تمر فيها الأمة العربية. ولسنا ضد النقد الموضوعي أو مع التعمية على المشاهد أو تصوير الوقائع والأحداث بغير حقيقتها. ولكن من لوازم الحيادية والموضوعية لأي وسيلة إعلامية هو تقديم الخبر الموثوق وعرض وجهات النظر المختلفة بتوازن تام وعدم التأثير على المشاهد بهدف تكوين رأي منحاز تسعى إليه تلك الوسيلة الإعلامية بشكل أو بآخر.

لاشك أننا ندرك أن عصر الحجر المعلوماتي قد ولى وأننا نعيش عصر الانفتاح (أو الانفراج) المعلوماتي بأوسع معانيه؛ ولكن المسؤولية المهنية والمسؤولية الأخلاقية تحتم تعظيم المصالح العليا للأمة. فاحترام عقلية المشاهد، والالتزام بالمواثيق الإعلامية والأخلاقية، والبعد عن إثارة الخلافات بين الدول والشعوب العربية هو ما نحتاجه في وسائل إعلامنا الفضائية التي تتعدى الحدود وتخاطب شرائح متنوعة وتهدف إلى تأسيس وعي عربي ونهضة شاملة.

وأيضًا وعي المتلقي ضروري ليتمكن من تقييم المعلومات التي يتلقاها من الوسائل والقنوات المختلفة.

ولكم تحياتي