[ابراهيم محمد الفيومي]

صيادون في غابة الانترنت
* علي البتيري
لا يقل صيادو غابة الشبكة العنكبوتية مكراً وخداعاً وافتراساً مباحاً عن صيادي غابة الطيور والحيوانات البرية المستهدفة بكل ما لدى الصياد المحترف من طمع وشهوة صيد. واذا كان صيادو الغابات يعتقدون بأنهم يصطادون ما أحل لهم صيده الا في أوقات معينة يحرم فيها الصيد ، فان صيادي غابة الانترنت يصطادون ما هو محرم عليهم صيده وليس عندهم أيام او اشهر حرم ، ومن الطبيعي ان يكونوا على هذه الشاكلة ما دام صيدهم يقوم على السطو والنهب وسرقة ما هو ليس لهم ، وهم لا يسرقون اقوالا او عبارات معينة من قبيل الاقتباس ، وانما يذهبون في وضح النهار وعلى رؤوس الأشهاد الى اقتحام مواقع ومنتديات ومكتبات الكترونية على الشبكة العنكبوتية للسطو على كتب او فصول كاملة بهوامشها دون رادع او وازع فتراهم يديرون الظهور للأمانة والصدق والنزاهة معتدين لصوصيتهم الفكرية والأدبية التي باتوا يسمونها شطارة ومهارة صيد ظانين انهم قد أتقنوا دون سواهم من اختصار زمن البحث ، ونحسب ان الصياد منهم يهمس في اذن رفيقه في رحلة الصيد الحرام: كم هو مدهش ان نكتشف اقصر الطرق لجمع ثروة علمية وفكرية مشروعة كانت أم غير مشروعة،

لم يعد هذا الصيد الحرام مقصوراً على سرقة كتابات أدبية وابداعية وانما تشعب واتسعت دائرته لتشمل البحوث والدراسات والانجازات العلمية ، يوظفها هؤلاء الصيادون المتطاولون على ثمار الاخرين في الاعداد لرسائل جامعية لنيل شهادة الماجستير او حتى الدكتوراة. ولعل اتساع رقعة نشر الكتاب المرئي على الشبكة العنكبوتية من خلال المكتبات الرقمية من جهة واعتقاد هؤلاء الصيادين المتواقحين بأن المادة المنشورة على الانترنت تنتمي الى فضاء مفتوح ولا حماية فكرية او قانونية لها من جهة ثانية قد شجعهم بنفوسهم الخربة وجيوبهم الفارغة على التمادي في لصوصيتهم وسطوهم على أتعاب وانجازات غيرهم دون أدنى اعتبار لديهم لحقوق الملكية الفكرية ، ولسان حالهم يقول: «اذا فقدت الحياء وتخدر فيك الضمير وأصبح الخلق وراء ظهرك فاسرق ما شئت،».

نعرف بعضا من هؤلاء الصيادين ونسمع عن بعضهم وقد تحولوا الى كتاب موسوعيين وأدباء ومفكرين من الطراز الاول وأصبحت مجلداتهم وكتبهم العلمية والأدبية تملأ رفوف المكتبات وتروج لها دور النشر وتتصدر معارض الكتب العربية والدولية ، وكان هؤلاء قبل احترافهم للصيد الحرام في الغابة الالكترونية فقراء الموهبة متواضعي الفكر والثقافة الى درجة متناهية. بل ان من هؤلاء الصيادين المهرة من أهلته سرقاته الخفية الى الحصول على عضوية جمعية او رابطة او اتحاد في مجال الآداب والعلوم والفنون ، ويخشى ان استمر حبل السرقة على الغارب ان نرى واحداً من هؤلاء العباقرة المزورين يحصل على جائزة رفيعة او تكريم من جهة ما ، وتلك تكون الطامة الكبرى التي سنرى فيها الثقافة العربية المعاصرة وقد انقلبت رأسا على عقب كسيرة الخاطر مشوهة الملامح.

بصراحة.. ما زال يجري في السر والعلن استيلاء تام على نصوص أدبية وأبحاث علمية وأعمال وثمار فكرية يعمل صيادو الانترنت على دبلجتها والحذف منها والزيادة السقيمة عليها فتبدو مشوهة ومنقوصة ، ومع اتساع هذه الظاهرة و تفاقمها ، رأينا مجلة المصور المصرية تنثر كلاماً حول ظاهرة السرقات الالكترونية تحت عنوان «لصوص بدرجة دكتوراة» حيث تسللت هواية الصيد الحرام هذه الى الحرم الجامعي مما دفع جريدة الوفد المصرية الى وصفها بالبقع السوداء في ثوب الحرم الجامعي..،

للحد من هذه الظاهرة الخطرة ظهر على الشبكة العنكبوتية موقع متخصص في الكف عن السرقات العلمية والأدبية اسمه «نادي لصوص الكلمة» وقد أشار صاحب هذا الموقع الى تمكنه من الكشف عن سرقات كبيرة قام بها اصحاب اسماء معروفة طلبوا منه حذف أسمائهم. ولكن هذا الموقع لا يكفي للتصدي لهذا الوباء الثقافي الجديد فلا بد ان يكون للنقاء والمثقفين المميزين دور في فضح هذا الصيد المشين ووضع الحد له او اقامة الحد الثقافي والقانوني عن اصحابه الذين حولوا التناص في الفكر والثقافة الى تلاص وسرقة على حد تعبير عبدالسلام مودتي.

ولا بد ان يكون للمؤسسات الثقافية وجمعيات الملكية الفكرية دور تضطلع به في معالجة هذا الاشكال الثقافي والاكاديمي الكبير.

ورحم الله الشاعر الجاهلي طرفة بن العبد الذي قال:

ولا غير على الأشعار أسرقها

عَنْها غنيتُ وشر الناس من سرقا

الرابط
http://www.addustour.com/ViewTopic.aspx?ac=%5COpinionAndNotes%5C2009%5C06%5 COpinionAndNotes_issue604_day03_id147286.htm

[سعاد بن شعيرة]

السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته
جزاك الله خيرا اخي ابراهيم على إثارة هذا الموضوع الهام الذي أصبح موضوع الساعة
يمثل هذا النوع من الصيد وباء انتشر في العالم مثله كمثل أخطر الأوبئة التي تفتك بالمجتمع والتي يصعب إيجاد الدواء المناسب لها
لقد شاع في الآونة الأخيرة بروز أنواعا جديدة من الأمراض منها : إنفلونزا الطيور - إنفلونزا الخنازير، وسمعت مؤخرا عن إمكانية ظهور إنفلونزا الأسماك ...
هذه عدة ظواهر جديدة على مجتمعنا .. لكن وجدنا اهتماما واضحا في العالم لمحاولة التخلص من هذه الظاهرة ومعالجتها والحد من انتشارها.
لكن هناك في المقابل ظهور انفلونزا أخرى لا تقل أهمية و خطورة عنها، هي انفلونزا سرقة البحوث والدراسات العلمية والاجتماعية، بحيث اصبح مباحا في عصر الانترنت سرقة جهود الآخرين سواء بشكل كلي أو جزئي في غياب تام للرقابة بعيدا عن الأمانة العلمية وحقوق التأليف والنشر.
ما نأمله ونرجوه هو تضييق الخناق عن هؤلاء الصيادين والكشف عنهم وعن سرقاتهم واسترجاع الحقوق لأصحابها.
وللحديث بقية نظرا للأهمية البالغة لهذا الموضوع.
أتمنى تفاعل كامل الأعضاء والمشرفين مع هذه الظاهرة
تقبل تحياتي أخي ابراهيم ... وأشكرك مرة ثانية عن حسن اختيارك للمواضيع الهامة.

[ابراهيم محمد الفيومي]

شكرا للاضافة اختي الكريمة
بارك الله فيك
تقبلي تحياتي