[ريم عباس]

بعد نجاحه المشهود فى مجال برمجيات الحواسيب يمتد المصدر المفتوح كنموذج قابل للتطبيق فى مجالات أخرى عديدة .
والمقصود بالمصدر المفتوح أن تتاح الشيفر التى أنشئت بها الربمجيات للاخرين من المستخدمين والمبرمجين لكى يدرسوها أو يحوروها وأن ينشروا النسخ المحورة بحرية كاملة. ويعد ريتشارد ستولمان المبرمج والمفكر ،أول من أطلق شرارة البداية لحركة المصدر المفتوح عام 1984
بتدشينه مؤسسهة التطبيقات الكمبيوترية الحرة التى أكدت على أن حرية الاطلاع على شيفرة البرمجيات توازى الحق فى حرية التعبير ،وأن البرمجيات الكمبيوتريه هى احدى ثمار الابتكارالبشرى ،ومن ثم فانها يجب أن توجه لصالح عموم البشر، وليس مجموعه محدودة من الأشخاص أو المؤسسات التالتجارية. أثارت أفكار ستولمان اعجاب علماء و باحثين من مجالات مختلفة كالهندسه الوراثية والنشر الالكترونى مثلا . ثم جذب النجاح الذى حققته برمجيات المصدر المفتوح ، كنظام لينوكس ، انتباههم الى قابلية تطبيق واحدةأو أكثر فى مجالاتهم.
ولعل أهم خصائص المصدر المفتوح التى لفتت أنظار غير المبرمجين الى امكان تطبيق ذلك النموذج بنجاح فى نطاقات أخرى من انشطة انتاج ونشر المعرفه هى:
1- حرية الاطلاع على انتاج الأخرين ودراسته بدون قيود ، وهو الأمر الذى يصبو اليه كل العلماء.
2- تعاون عدد كبير من الأفراد لأنجاز هدف أو أهداف ذات قبول واسع وفوائد محققة تعود على أعضاء هذا المجال أو تعود على البشر عموما.
3- حريه ، بل وتشجيع ، البناء على ما أنجز الأخرون أو تحويره بغير تقيد بعائق قانونيه أو غيرها.
ومن أشهر الأمثلة على استخدام آليات المصدر المفتوح فى مجالات غير البرمجيات مايلى:
ويكيبيديا دائرة المعارف المجانية(www.Wikipedia.org)
وويكيبيديا دائرة مكعارف أو موسوعة الكترونية تشبه دائرة المعارف البريطانية الشهيرة. ولكن الاختلافات عديدة تفصل الموسوعتين. فويكيبيديا متاحة مجانا على الأنترنت ويتعاون فى اعداد موادها آلاف المتطوعين حول العالم . ويقدر عدد مواد أو مقالات ويكيبيديا -حتى يونيو 2006- بما يزيد عن 5.2 مليون، فى 195 لغة مختلفة(العربية احداها اضافة الى الكثير من اللغات الأقل انتشارا فى افريقياو اسيا).
وتحظى النسخة الأنجليزية من الموسوعه بنصيب كبير (16.1 مليون مقال)،وهو هو محتوى يفةق كثيرا النسخة الأنجليزيه لدائرة المعارف البريطانية(80 الف مقال) و موسوعة انكارتا الأكترونيةالتى طورتها مايكروسوفت وتأتى اللغه الألمانية فى المرتبه الثانية (حوالى 406 الف مقال)، ثم الفرنسيه واليابانية، وكل منهما حوالى 300 الف مقال .
اما النسخة العربية والتى دشنت فى نهايات 2003 فلاتزال فى بدايتها،
وبها منا يزيد قليلا على 14 الف مقال.
ويكيبيديا أحد مشروعات مؤسسه ويكيبيديا الغير هادفة للربح ، وأسسها عام2001 جيمى ويلز الذى كان يعمل سابقا خبيرا بالبورصة.
وتعتمد ويكيبيديا على نظام مستحدث فى انتاج ونشر صفحات الأنترنت يسمى ويكى Wiki - وهى كلمه تعنى بسرعة فى لغة أهل جزيرة هاواى الأمريكية - الذى يسمح لأى زائر للموقع أن يضيف أو يعدل أو يكتب مقالات فى موضوعات جديدة ، تنشر بصورة لحظيةعلى الموسوعة.وترتبط مواد "ويكيبيديا"بعضها بعضل بالوصلاتhyperlinks بصورة خلاقة ، تعطى القارىء تجربة ثريه ومتشبعة حول المادة التى يطلع عليها. فعند البحث عن كلبمة "اسلام " مثلا على النسخة الأنجليزية ، ستجد تعريفا وافيا بالاسلام ، اضافة الى عدد كبير من الوصلات المدمجة فى نص المادة
والتى تقودك فى صفحات الموسوعة عن "الله" (سبحانه وتعالى) ، ونبى الأسلام "محمد"(صلى الله عليه وسلم)وأركان الاسلام ومكة والمدينه و الخلافة الاسلامية و الملائكة والجن والسنة والشيعة وغيرها من الأمور المرتبطة بالموضوع.
ويميز ويكيبيديا سرعة استجابتها لكل ما يحدث فى العالم من جديد.
وقد اختبر كاتب السطور ذلك بالبحث عن مادة "ajax"(وهى تقنية حديثة لتصميم صفحات الأنترنت )على كل من الموسوعةالبريطانيةو ويكيبيديا .
وبينما لم يرد ذكر للتقنيه الحديثة على الأولى ، فأن الثانية أوردت تعريفا جيدا بها، كما وفرت وصلات خارجية لمن يرغب فى المزيد.
أما وجه الضعف فى موسوعة ويكيبيديا-ومثار الانتقاد الدائم لها- انها تحوى معلومات لايمكن الوثوق بها بصورة كلية لأن اشخاصا غير متخصصين هم من أعدوها.
بيد ان تجدر الأشارة الى أن باحثين من مجلة"نيتشر"البريطانية قارنوا فى مابو2005 بين جودة ودقة عدد من المقالات على الموسوعة البريطانية ونظيراتها على ويكيبيديا ، وجدوا أن الأولى تفوقت على الثانيه فى 30 فى المائة من المقالات المقارنة.وأثار الأعلان عن هذة المقارنة اتهامات متبادلة عبر الصحف بين المجلة العلمية العريقة والموسوعة البريطانية.
كامبيا .. الهندسة الواثية للجميع نشرت مجلة "نيتشر" المرموقة فى العاشر من فبراير 2005 للمرة الأولى فى العالم الأساليب التقنية لعدد من ممارسات الهندسة الوراثية لتستفيد منها المؤسسات البحثية فى الدول الفقيرة والشركات التى لا تملك ميزانيات كبيرة للبحث والتطوير. وقد طور هذة الأساليب مؤسسه كامبيا البحثية (الغير ربحية)
فى استراليا التى اسسها عام1992 الأمريكى ريتشارد جيفرسون. وجيفرسون أحد المعضدين لأفكار ستولمان حول المصدر المفتوح، وأهمية اتاحة اساليب الهندسة الوراثيه على نطاق واسع لتستخدم فى تطوير منتجات تفيد معظم البشر ، بدلا من أن تظل حكرا على عدة شركات بموجب قوانين الملكيه الفكريه التى تمنع الحكومات ومراكز البحث من استخدام تقنياتها فى تحسين جودة أو انتاجية المحاصيل الأساسية كالارز لأطعام الفقراء.
وشملت التقنيات التى كشف عنها النقاب "ترانس باكتر" وهى طريقة لنقل الجينات بين النباتات ، وتقنية جس بلس التى تمكن الباحثين من التعرف على أماكن الجينات المنقولة وكيفية ادائها لوظائفها.
اضافة الى عدة تقنيات أخرى تتيح اجراؤ تحوير وراثى للنباتات ، دون خرق لبراءات اختراع الشركات الكبرى فى هذا المجال .
ودسن مؤسسة كامبيا مبادرة "الأبداع فى علوم الحياة لمجتمع منفتح"
خلال فعاليات المنتدى الأقتصادى العالمى عام 2004 .وكان جيفر سون قد حقق شهرة مبكرة عام1985 حين اكتشف اثناء اعداده لرسالة الماجستير فى جامعة كاليفورنيا قدرة أحد الجينات على التوهج عند ربطه بأى جين نشط. فطور هذا الكشف فى تقنية GUS ومنحها مجانا للالاف من مراكز البحث حول العالم ، ولكنة طلب مقابلا ماليا كبيرا من الشركات التى طلبت ترخيص هذة التقنبة. ومن الثروة التى حققها من وراء ذلك اسس مركز كامبيا الموجه لتقديم بدائل فى تقنيات الهندسة الوراثية لتلك التى تستحوذ عليها كبرى الشركات ببراءلت الأختراع . وكذلك للدفع بحركة تعاون علمية بين المتخصصين فى مجال ا لتكنولوجيا الحيوية -بصورة مماثله لتعاون مبمرجى المصدر المفتوح معا - لتطوير وانتاج اساليب وتقنيات تحسن انتج المحاصيل وتحد من اعتماد الدول الفقيرة على البذور العالية الكلفة من الشركات الكبرى.
ومثلما تقتضى رخصة الملكية الفكرية العامة فى البرمجيات الكمبيوترية
، يتيح مركز كامبيا التقنيات وبراءات الأختراع التى طورها مجانا، ولكى يستفيد منها أو يحورها من يريد ، بشرط أن تظل هذة التعديلات والأضافات متاحة مجانا للاخرين.
ودشن مركز كامبيا اخيرا برامج اخرى مثل قاعدة بيانات نصية سهلة التصفح لاكثر من 6.1 مليون براءة اختراع فى مجال الهندسة الوراثية .
كما يخطط المركز لمد خدماتة بحيث تشمل كل المعلومات الخاصة ببراءات الأختراع فى علوم الحياة و غيرها فى 40 دولة. وذلك بهدف استرداد الشفافية لعملية منح براءات الأختراع والتى بدت فى الأونة الأخيرة وكأنها تسير فى عكس اتجاة المصلحة العامة ، كما ذكر جريج كوينون ،خبير المعلومات بكامبيا ، فى بيان صحفى للمركز . وثمة مبادرات أخرى مستوحاة من المصدر المفتوح تهدف لتوسيع نطاق الأستفادة من منجزات البشر .
فثمة رخصة الملكيات الأبداعية العامة التى صممها لورانس ليسيج استاذ القانون بجامعة استانفورد، والتى تتيح للمبدعين والفنانين أن يطرحوا بعض أعمالهم للنطاق العام لكى يحورها أو يبنى عليها الأخرون بحرية. وكذلك مبادرة المناهج التعليمية المفتوحة من معهد ماساتشوستس
للتكنولوجيا، والتى تتيح لجميع الافراد عبر الأنترنت المناهج والمواد الدراسية التى كانت مقصورة على طلبة المعهد

[بقلم/ وليد الشوبكى
مجلة العربى العلمى -العدد18- نوفمبر 2006

[هدى العراقية]

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزيل الشكر والتقدير اختي ريم عباس على هذه المساهمة القيمة جزاك الله خير جزاء

تقبلي فائق احترامي وتقديري

[ريم عباس]

شكرا لحضرتك على مرورك الكريم
و لكى منى جزيل الشكر والآحترام والتقدير