[د.محمود قطر]

دعوة لإنقاذ المكتبات في ليبيا

مثقفون ليبيون منزعجون من تحويل المكتبات إلى مطاعم وصالات أفراح ويحثون وزارة الثقافة والاعلام على التدخل.

طرابلس - أبدى مثقفون وكتاب ليبيون انزعاجهم من ظاهرة تحويل المكتبات بيع الكتب الخاصة ودور النشر إلى مطاعم ومقاهي أو صالات أفراح، مطالبين الدولة الليبية بحماية "الكتاب"، من هجمة "السندويتشات والشاورما" التي تدر على أصاحبها أضعاف ما تدره المكتبات.


وتشهد البلاد منذ عدة سنوات، ومع انفتاحها على السوق الحر تدريجيا، تزايدا على إنشاء المكتبات الخاصة بعد عقود من احتكار الدولة لتجارة "الكتاب"، الأمر الذي جعل الإقبال على تلك المكتبات في الأعوام الأولى يبدو كبيرا جدا، ويعكس تعطشا نسبيا للقراءة والاطلاع.
غير أن تلك التجارة لم تعد تدر أرباحا على أصحابها، الأمر الذي دفع أغلبهم إلى التفكير "جديا" في تحويل مكتباتهم إلى "مطاعم ومقاهي".

ويقول الكاتب والصحفي محمد طرنيش، في تحليله لهذه الظاهرة "منذ مدة.. اختفت من بين شوارعنا ومياديننا في عدد من مدننا لوحات ولافتات كانت تدل على وجود مكتبة لبيع الكتب لتحل محلها لافتة أخرى لتؤكد أن الكتاب اختفى وحل محله المطعم..".
ويرجع طرنيش أسباب هذه الظاهرة إلى تفسيرات عديدة أهمها "الإيجارات المرتفعة.. وعدم تفهم مصلحة الأملاك العامة لمهمة المكتبة التجارية في المجتمع، يضاف إلى ذلك الضرائب التي تثقل كاهل صاحب المكتبة بمبالغ تطالبه بها دون أن تكون لديه المقدرة على سدادها"، متسائلا عن أسباب تحميل بائع الكتب مصاريف: "القمامة التي يرميها.. حتى يتساوى هو وصاحب بيع اللحوم مثلاً!!".

ودعا الكاتب الدولة الليبية إلى ما سماه بـ "الاستثمار الحقيقي"، وهو "الاستثمار البعيد المدى الذي يجب على الدولة أن تخطط له وترعاه.. وكلما صرفت الدولة على استثمارها الثقافي سيكون ذلك مردّه على المجتمع جميعاً، فالسلوكيات الخاطئة التي نراها اليوم في الشارع أو في التعامل اليومي مع الناس لن يردعها سوى نشر الوعي الثقافي بين المواطنين".
واعتبر الكاتب تحويل مكتبة تجارية إلى مطعم أو صالة أفراح، أو محال لبيع الملابس والأحذية، "بمثابة توقف صحيفة أو مجلة ثقافية". وقال "إن أصحاب المكتبات التجارية يتعرضون اليوم إلى سلسلة من المغريات عبر المبالغ التي تعرض عليهم في سبيل تحويلها إلى مطاعم"، مناشدا وزارة الثقافة والاعلام الليبية سرعة التحرك من أجل إنقاذ "الكتاب".
المصدر
ميدل إيست أونلاين

تعليق سريع :
هذا التحول نتاج ثقافة مجتمعية ، وحراك اقتصادي ، فبعدما كانت الدولة تحتكر تسيير شئون الحياة، انسحبت تاركة السوق لما يسمى بقوى "العرض والطلب" ، وغالبية رأس المال يبحث فقط عن الربحية السريعة ، وبالتالي فإن أضمن الاستثمارات وأقلها كلفة ، الاستثمار في كل ما يتصل "بالأكل والشرب" ، فالبشر لا يتوقفون عنهما .. حتي في صيامهم ..!!
والأمر يحتاج لتدخل حكومي "ذكي" يعيد التوازن للسوق ، من خلال تشجيع الاستثمار في الثقافة ، بتقليل الضرائب ، أو بتقديم حوافز مالية ..إلخ من أشكال تقوية هذه الصناعة الهامة .. صناعة العقول ..!!