منتديات اليسير للمكتبات وتقنية المعلومات » منتديات اليسير العامة » منتدى البحوث الجارية "Researchs in progress" » أخلاقيات مهنة النشر (محاولة لصياغة ميثاق شرف لمهنة النشر في ليبيا)

منتدى البحوث الجارية "Researchs in progress" منتدى مخصص لمواضيع البحوث الجارية للزملاء الطلبة والباحثين لمساعدتهم في مختلف الجوانب التي هم بحاجة إليها سواء كانت أسئلة محددة أو طلب معلومات .

إضافة رد
أدوات الموضوع تقييم الموضوع انواع عرض الموضوع
 
قديم Sep-21-2013, 12:18 PM   المشاركة1
المعلومات

د.مصطفى بديوي
مكتبي جديد

د.مصطفى بديوي غير متواجد حالياً
البيانات
 
العضوية: 25296
تاريخ التسجيل: Jan 2007
الدولة: ليبيــا
المشاركات: 15
بمعدل : 0.00 يومياً


افتراضي أخلاقيات مهنة النشر (محاولة لصياغة ميثاق شرف لمهنة النشر في ليبيا)

أخلاقيات مهنة النشر
(محاولة لصياغة ميثاق شرف لمهنة النشر في ليبيا)

د. مصطفى محمد بديوي()

مقدمة :
تعد مهنة النشر من أرقى المهن لأنها تتعامل مع المعلومات وتُثري العقول وتنمِّي المعرفة؛ وبما انه لكل مهنة أخلاقيات فلابد يكون لهذه المهنة الشريفة أخلاقيات تحدد اطر المتعاملين بها ومعها، فإن لكل مهنة أخلاقيات لا تستقيم الأمور بدونها، وإنه لا يخفى على أحد ما تكتظ به مهنة النشر من عدم الالتزام بأخلاقياتها خاصة في تطور مجالات الطباعة وانفجار المعرفة وظهور ما عرف بثورة الاتصالات.
يتناول هذا البحث أخلاقيات المهن بوجه عام مستعرضاً تاريخ مهنة النشر في ليبيا عارضاً تاريخ الطباعة، مؤكداً على أن مهنة النشر تعد من أرقى المهن لأنها تتعامل مع المعلومات وتُثري العقول وتنمِّي المعرفة، ولعل مصطلح الأخلاق يتناول المبادئ التي توجه السلوك البشري، وهو يتعلق بقضايا الصواب والخطأ، والعدل والظلم وذلك بالنسبة لمجتمع ما أو جماعة معينة، قد اعتمد البحث المنهج الوصفي التحليلي لواقع النشر في ليبيا مشيراً إلى التجارب العربية في هذا المجال.
هذا البحث محاولة لإيجاد وصياغة أخلاقيات لمهنة النشر في ليبيا يتم الاسترشاد بها من قبل الناشرين واعتمادها ربما كميثاق شرف لدى إتحاد الناشرين الليبيين، لتتحدد أولويات هذه المهنة ويتم تأطيرها بحيث تنتظم مهام القائمين بها ويتم حمايتهم مما يتعرضون له من صعوبات نحو تطوير المهنة وبالتالي رفع مستواها والدفع بعمليات القراءة والنتاج العلمي والأدبي خطوات إلى الأمام.
كما يعمل البحث على إيجاد صيغة ملائمة لوضع ميثاق شرف للمهنة يعتمده اتحاد الناشرين في ليبيا يكون منهاجاً يسير عليه كل الناشرين ويحفظ الحقوق المتلاقية بينهم ويسمح لهم بأخذ حقوقهم والدفاع عنها أمام الجهات ذات العلاقة بما يضمن مستقبل لهذه المهنة التي نعول كثيراً عليها في النهوض بالعمل الإبداعي في شتى صنوفه.
الكلمات المفتاحية :
الأخلاقيات المهنية ــ مهنة النشر ــ ميثاق الشرف المهني.
مشكلة البحث :
تكمن مشكلة البحث في محاولة التوصل إلى مفاهيم محددة في ظل الغموض الواضح أمام تحديد أخلاقيات لمهنة النشر في ليبيا وافتقادها لميثاق شرف يحدد حقوق وواجبات العاملين بهذه المهنة ويحمي المهنة من كل الاختراقات التي بدأت تظهر نتيجة لعدم توفر تشريعات تخص عمليات النشر والطباعة في ليبيا.
أهمية البحث :
تكمن أهمية البحث في محاولته العمل على إيجاد محددات واضحة لمهنة النشر في ليبيا التي لم تنل الحظ الوافر في توصيفها القانوني والفني، بحيث يعمل البحث على التعريف الواضح لأخلاقيات المهنة مع محاولة لإيجاد صيغة لميثاق شرف يهتدي به الناشرون في ليبيا.
أهداف البحث :
يهدف البحث للوصول إلى :
ــ إيجاد تعريف محدد لأخلاقيات مهنة النشر.
ــ استعراض المحاولات العربية المتعلقة بأخلاقيات مهنة النشر.
ــ محاولة التوصل إلى وضع صيغة معينة لميثاق شرف لمهنة النشر في ليبيا.
أسئلة البحث :
تتركز مشكلة البحث في الإجابة على السؤالين :
ــ هل يمكن تحديد تعريف أخلاقيات لمهنة النشر في ليبيا؟
ــ ما هي الصياغة المثلى لميثاق شرف مهنة النشر في ليبيا؟
منهج البحث :
اقتضى أسلوب البحث إتباع منهج التحليل الوصفي واستعان بالمنهج الاستنباطي المبني على استقراء الواقع من خلال المعايشة الحقيقية أو من خلال التجارب الميدانية المنشورة في المراجع والأبحاث والدوريات وأوراق العمل ومواقع شبكة المعلومات الدولية الانترنت المتعلقة بموضوع البحث وخاصة في مجالات النشر بوجه عام.
وتم استيفاء البيانات والمعلومات المتعلقة به استناداً إلى مشروع ميثاق الشرف الذي سبق وان تمت صياغته فيما كان يعرف باسم (رابطة الناشرين الليبيين)، ومن تحليل هذه البيانات والمعلومات وما يمتلكه الباحث من تجربة بوصفه ناشراً محاولاً وضع أسس لأخلاقيات المهنة، والبحث في صياغة واضحة لميثاق الشرف.
حدود البحث :
الحدود الموضوعية : يعالج البحث موضوع النشر الورقي بشكل العام دون تحديد نوعية بعينها من المنشورات، ويشمل جميع الناشرين، سواء أكانوا ناشرون عموميون (دور النشر الحكومية والتي تتبع لمؤسسات أو هيئات تمول من الدولة تمويلاً كاملاً أو جزئياً)، والناشرون الخواص أو التي تتبع لمؤسسات المجتمع المدني والتي لا تمول مالياً أو معنوياً بأي شكل من قبل الدولة بجميع مؤسساتها.
الحدود المكانية : يقتصر البحث في حدوده المكانية على دراسة الناشرين العاملين في ليبيا، ولا يشمل الناشرين الليبيين الحكوميين أو الخواص ممن قاموا بنشر إنتاجهم خارج حدود ليبيا.
الحدود الزمانية : الحدود الزمانية لهذا البحث تشمل كل عمليات النشر التي بدأت منذ مرحلة الاستيطان الايطالي لليبيا حتى الوقت الراهن، وبالتالي فإن الحدود الزمانية مفتوحة بطبيعة هذا المجال الذي سينحصر تحديداً في فترة زمنية متلاصقة قد تبدأ بفترة ما بعد الاستقلال في 1951 والتي تعد قصيرة نوعاً.
معنى الأخلاق لغة واصطلاحاً :
معنى الأخلاق لغة: "الأخلاق جمع خلق، والخُلُق هو الدِّين والطبع والسجية والمروءة، وحقيقته أن صورة الإنسان الباطنة وهي نفسه وأوصافها ومعانيها المختصة بها بمنزلة الخَلْق لصورته الظاهرة وأوصافها ومعانيها".( )
معنى الأخلاق اصطلاحاً: عرَّف الجرجاني الخلق بأنَّه: "عبارة عن هيئة للنفس راسخة تصدر عنها الأفعال بسهولة ويسر من غير حاجة إلى فكر ورويَّة، فإن كان الصادر عنها الأفعال الحسنة كانت الهيئة خلقاً حسناً، وإن كان الصادر منها الأفعال القبيحة سميت الهيئة التي هي مصدر ذلك خلقًا سيئاً".( )
وقد عرف بعض الباحثين الأخلاق في نظر الإسلام بأنها عبارة عن: "مجموعة المبادئ والقواعد المنظمة للسلوك الإنساني، التي يحددها الوحي، لتنظيم حياة الإنسان، وتحديد علاقته بغيره على نحو يحقق الغاية من وجوده في هذا العالم على أكمل وجه".( )
فالأخلاق هي الأساس أو الركيزة الأولى التي يقام عليها بنيان مهنة العاملين في أي مجال، وان القواعد والقوانين الخاصة بالأخلاق المهنية أو السلوك المهني تسهم إسهاما كبيراً في توليد الكرامة المهنية وممارسة الواجبات وفقا لمبادئ وقواعد مقننة متفق عليها من قبل العاملين بالمهنة، وهى تخدم غرضين بالنسبة لأعضاء المهنة؛ فهي من ناحية توفر حماية أفضل للأعضاء، كما أنها من ناحية أخرى توفر خدمة أفضل للجمهور المستفيد من المهنة.
وأخلاقيات المهنة، لغويا تتركب عبارة أخلاقيات المهنة من مفردتين هما: الأخلاقيات والمهنة، فالأخلاقيات مشتقة من لفظ الأخلاق الذي يعني لغة: "جمع خلق وهو العادة والسجية والطبع والمروءة في الدين".( ) فأخلاقيات المهنة إذن هي السلوك الواجب توفره عند أداء مهنة ما، وتسمى أيضاً بآداب المهنة أو أخلاق العمل.
أما التعريف الاصطلاحي لأخلاقيات المهنة فقد ورد من خلال الموسوعة العربية العالمية ما يلي: "إن أخلاق مهنة من المهن هي المدونة التي تحدد أعمال أعضائها وتعين لهم المستوى المطلوب من المهنة".( )
إننا عندما نتحدث عن أخلاقيات المهنة نفكر دائما في الواجبات التي تفرضها ممارسة المهنة على مهنييها، فكل مهنة تفرض واجبات على ممارسيها، وبمفهوم عام لكل مهنة أخلاقيات مهنية. لما تنتظم المهنة تسعى إلى وضع دستور مقنن أو على الأقل أعراف تحدد واجبات أعضائها، تسطره في إطار جماعات أهلية، أو جمعيات مهنية، أو اتحادات نقابية، لما يمكنه من أن يشكل قانونا تأديبياً لأعضاء تلك الجماعة أو الجمعية أو الاتحاد.
إن التأسيس لأخلاقيات المهنة يمكن أن يكون أكثر أو أقل تطورا حسب المهن. وعليه فلكل مهنة أخلاقيات تحكمها تظهر مع تطور المهنة وانتظامها، ويمكن أن تسطر في مدونة أو دستور متعارف عليه وقد تصل إلى حد التقنين، مما ينتج عنه :
 ارتباط هذه الأخلاقيات بالممارسة العملية المهنة.
 فرض واجبات ومسؤوليات على المهني، تمنحه في الكثير من الأحيان حقوق لزبائن المهنة.
 صياغتها ووضعها على شكل نصوص وقواعد عامة.
 الالتزام العملي بها إما ذاتياً أو بتدخل هيئات قانونية متخصصة مسؤولة.
المسؤولية القانونية والميثاق الأخلاقي :
تختلف المسؤولية القانونية على المسؤولية الأخلاقية باختلاف أبعادهما، فالمسؤولية القانونية تتحدد بتشريعات تكون أمام شخص أو قانون، لكن المسؤولية الأخلاقية هي أوسع واشمل من دائرة القانون لأنها تتعلق بعلاقة الإنسان بخالقه وبنفسه وبغيره، فهي مسؤولية ذاتية أمام ربه والضمير. أما دائرة القانون فمقصورة على سلوك الإنسان نحو غيره وتتغير حسب القانون المعمول به، وتنفذها سلطة خارجية من قضاة، رجال امن ونيابة، وسجون. أما المسؤولية الأخلاقية فهي ثابتة ولا تتغير، وتمارسها قوة ذاتية تتعلق بضمير الإنسان الذي هو سلطته الأولى. هنا يمكن القول أن الأخلاق بقوتها الذاتية لا تكون بديلا عن القانون ولكن كلا من المسؤولية الأخلاقية والمسؤولية القانونية متكاملتان ولا يمكن الفصل بينهما في أي مهنة مهما كانت.
والميثاق الأخلاقي لأي مهنة يضم القواعد المرشدة لممارسة مهنة ما للارتقاء بمثالياتها وتدعيم رسالتها، ورغم أهميته في تحديد الممارسات والأولويات داخل مهنة معينة إلا أننا لا يمكن أن نفرضه بالإكراه ولكن بالالتزام وان الطريقة الوحيدة للحكم على مهنة معينة هو سلوك أعضاء تلك المهنة إزاءها، والحفاظ على قيم الثقة والاحترام والكفاءة والكرامة. ويجب أن يتميز الميثاق الأخلاقي للمهنة ب:
 الاختصار.
 السهولة والوضوح.
 المعقولية والقبول علمياً وعمليا.
 الشمول.
 الإيجابية.
وهناك جانبان للأخلاق :
الأول / يتضمن القدرة على تمييز الحق من الباطل، والخير من الشر، واللائق من غير اللائق.
الثاني / ينطوي على الالتزام بعمل كل ما هو حق وخير ولائق.
والأخلاق مفهوم عملي تطبيقي، أي أنها ليس مجرد فكرة للتفكير فيها أو الجدال حولها.
وتختلف الأخلاق عن القيم في أن الأولى تهتم بسلوك الإنسان الخَلوق وتصرفاته، بينما تهتم الثانية بالمعتقدات والاتجاهات المختلفة التي تحدد كيف يتصرف الإنسان فعلاً.
ما هو النشر :
يعرف الزمخشري النشر لغةً بأنه: نشر الثوب، ونشر الثياب والكتب، وصحف منتشرة، ونشر الشيء فانتشر، فانتشروا في الأرض: أي تفرقوا، ونشر الخبر أذاعه، وانتشر الخبر بين الناس ذاع، وله نشر طيب، وهو ما انتشر من رائحته.
ويعرفه ابن منظور النشر بأنه : "النشر خلاف الطيّ، نشر الثوب ونحوه ينشره أو نشره، بسطه، ونشرت الخبر أي أذعته".
النشر التقليدي للمعلومات يتم من خلال طباعة الكتب والصحف والمجلات بعد تجهيزها التجهيز الأولي، (أي عمليات ما قبل الطباعة)، ثم توفيرها للقراء، فالنشر إذن هو: "كل الإجراءات الفكرية والعملية لاختيار الكتاب، وترتيب إصداره، وتنمية توزيعه إلى أقصى حدود الانتفاع به".( ) ويقصد بالنشر بشكل عام تجهيز المحتوى المكتوب (المخطوط) على شكل كتاب مقروء عبر نسخ متعددة يمكن أن توزع لتصل إلى أكبر عدد من المستفيدين.
إن المفهوم العام لكلمة النشر: "هو أن تعمم، أو تبعث بين الناس، بالكلمات والصور التي أنتجتها العقول المبدعة، والتي صاغها المحررون، والتي عدّد الطابعون نسخها".( )
كما أنه يشمل طباعة المنشورات والإعلانات التجارية وغير التجارية وتوزيعها بشكل ورقي على المهتمين. وشركة أو دار النشر التي ترغب بالترويج لكتاب معين لا يمكنها الوصول إلى قطاع واسع من الناس إلا من خلال حملة إعلانية واسعة تشمل التلفاز والمذياع والصحف والمجلات، مما يترتب على ذلك كلفة باهظة تضاف إلى ثمن الكتاب.
كما يعرف النشر (Publish) بأنه: "مجموع العمليات التي يمر بها المطبوع من أول كونه مخطوطاً حتى يصل إلى يد القارئ، كما يعرف بأنه: العملية التي تتضمن جميع الأعمال الوسيطة بين كتابة النص الذي يقوم به المؤلف ووضع هذا النص بين أيدي القراء عن طريق المكتبات التجارية والموزعين..
أما نشر الكتب فهي صناعة صغيرة نسبياً، ولكنها ذات أهمية بالغة في الحياة التعليمية والثقافية، وتطلق كلمة الناشر (Publisher) على الشخص أو الجماعة الذين يباشرون مهمة نشر كتاب ما، والناشر مسؤول عند الحصول من المؤلف أو المؤلفين على النص الأصلي للكتاب، وعن القيام بالتحرير (Editing) كما أنه يشرف على طبع وتجليد الكتاب حتى يتم توزيعه على الجمهور، ويطلق اسم دار النشر على الجهة التي تؤدي معظم هذا العمل.
ميثاق الشرف :
ميثاق الشرف أو نظام الشرف هو: "مجموعة من القوانين والمبادئ والأعراف التي تحكم جماعة أو مجتمعا بشرياً معينا بالاستناد إلى ما يميز الخلق في ذلك المجتمع أو الجماعة من قوانين وأفكار". واستخدام ميثاق الشرف يعتمد في الأساس على الاعتقاد بأن الناس (في مجتمع ما) يمكن الوثوق بهم ليتصرفوا بشرف. والذين يخالفون هذا العهد قد يتعرضوا إلى عقوبات متعددة بما في ذلك التعرض إلى الطرد من المجتمع أو الجماعة الواضعة لهذا الميثاق والملتزمة به. ومواثيق الشرف في هذا المجال توجه عادة في مجال الخيانة العلمية الأكاديمية، أو السرقات الأدبية، أو عدم الالتزام بمواد ونصوص هذه المواثيق.
تعريف الناشر :
رغم صدور خمس قوانين لتنظيم المطبوعات بشكل عام والنشر الصحفي بوجه خاص والمطابع في تاريخ ليبيا الحديث وهي :
"1 – قانون المطبوعات والمطابع الصادر سنة 1909م (قانون مطبوعات العهد العثماني).
2 – قانون مطبوعات العهد الايطالي، المسمى بقانون المطبوعات رقم (4) لسنة 1950م.
3 – قانون المطبوعات في عهد الإدارة البريطانية لسنة 1950م، المسمى قانون مطبوعات الإدارة البريطانية بطرابلس الغرب رقم (212).
4 – قانون المطبوعات والنشر رقم (1) الصادر بموجب قرار مجلس الشيوخ والنواب بالمملكة الليبية في 14 يونيو 1959م".( )
إلا أن جميع هذه القوانين لم تتعرض لمهنة النشر بل كانت كلها تدور حول تنظيم الصحافة والطباعة، دون الإشارة إلى عملية النشر بكل مراحلها، أي أنها تتعلق بتنظيم الصحف والمجلات الدورية وشبه الدوريات وتنظم عمليات الطباعة وتقنن الطباعة كعملية لصيقة بالمطبوعات الصحفية وليس الإنتاج الإبداعي أو النشري بشكل كلي وعام.
وينص النظام الأساسي لرابطة الناشرين الليبيين في المادة (8) الفقرة 4 (أ) الحصول على مؤهل علمي مناسب أو خبرة عملية في مجال النشر والطباعة والتوزيع لا تقل عن (5) سنوات. (ب) الاشتغال في مجال النشر مدة لا تقل عن (3) سنوات متصلة مع نشر خمس كتب على الأقل، ويجوز قبول أعضاء (غير عاملين) إلى حين تحقق الشرط.( )
وينص قانون الاتحاد المصري للناشرين رقم 25 لسنة 1965، على تعريف محدد للناشر في مادته الثالثة على أن: (الناشر هو من يتولى بقصد الاتجار نشر الكتاب المتداول ولـــه أن يمارس الطبع و التوزيع ويدخل في حكم الكتاب الدوريات والوسائل السمعية والبصرية للتعليم والثقافة وما قد يستحدث من آليات النشر).
وتشترط المادة الرابعة من قانون الاتحاد المصري للناشرين على أنه: (لا يجوز لأحد أن يزاول مهنة النشر ما لم يكن مقيداً بسجل الناشرين ويستثنى من هذا الشرط مؤلف الكتاب أو ورثته أو من أل إليه حـــــق استغلاله وذلك في الحدود الزمنية المقررة بالقانون رقم (354) لسنة 1954 بشأن حماية حق المؤلف و تعديلاته، ويستثنى كذلك ورثة الناشر إذا توفى قبل الوفاء بالتزاماته).
كما يعرّف قانون المطبوعات اللبناني في مادته (8) دار النشر بأنها: "المؤسسة التي تتولى إعداد المطبوعات وإخراجها والاتجار بها".( )
وتحدد لائحة النظام الداخلي لاتحاد الناشرين العرب الناشر على انه: "هو من يتولى نشر الكتب أو المطبوعات غير الدورية وتوزيعها وتسويقها."
وقد عرف اتحاد الناشرين السوريين في لائحته التنظيمية الناشر على انه: "هو من يتولى نشر الكتب والمطبوعات غير الدورية وتوزيعها وتسويقها". وعرف دار النشر على أنها : "هي المنشأة التي تتولى طباعة الكتب والمطبوعات غير الدورية ونشرها وتوزيعها وتسويقها".
ومن خلال هذه التعريفات نتفاجأ بأنها تكاد تكون جميعها منقولة من مصدر واحد، أو تتم بشكل اجتهادي دون الرجوع للتجارب القانونية للدول التي سبقتها في هذا المجال، ولا تزال مؤسسات وهيئات واتحادات الناشرين العربية ضعيفة في ممارسة حقوقها أمام كل من تتعامل معهم من مؤلفين أو مبدعين أو منتجين للأفكار أو طابعين أو متعهدي توزيع أو من في حكمهم ممن يتعاملون معهم بشكل دائم في مهنة النشر بجميع مراحلها.
الصفات الأخلاقية للناشر :
ينبغي للناشر أن يتحلى بالعديد من الصفات الأخلاقية، سواء كانت منشوراته مطبوعة أو إلكترونية، فينبغي أن يكون صادقاً مع المؤلف في عدد النسخ المتفق على طباعتها من الكتاب، وأن يَسعى ــ قدر استطاعته ــ في إصدار الكتاب في موعده المتفق عليه، وأن يكون أميناً في توزيع الكتاب في المنطقة الجغرافية المنصوص عليها بالعقد، ولا يزيد على سعر الكتاب المتفق عليه مع المؤلف في حال روجان الكتاب في السوق، .كما يجب عليه أن يفي بشروط العقد المتفق عليها مع المؤلف، كما ينبغي على الناشر أن يتحرى الدقة في صحة المعلومات التي ينشرها. وأخيراً على الناشر أن يعيش آلام وآمال أمته ووطنه الذي ينتمي إليه، فيراعي يراعي عادات وتقاليد وأعراف مجتمعه، ويحترمها ولا ينشر أو يساهم في ما يخالفها، أو ما يسيء إليها.
أهمية الالتزام بأخلاقيات مهنة النشر :
تكمن أهمية الالتزام بأخلاقيات مهنة النشر فيما يلي:
1 - أن الأخلاق هي أساس نجاح كل نشاط إنساني، و مهنة النشر ــ كأي مهنة ــ تقوى وتزدهر إذا تمت ممارستها بأخلاقياتها؛ والعكس صحيح.
2 -أن الأسس الأخلاقية هي القواعد التي تمثل الصالح العام للمجتمع.
3 -أن نجاح النُّظُم يعتمد على ما يكون لدى العاملين بها من معرفة، ومقدرة على المبادرة، وتحمل مسئوليتها.
4 -أن المنظومة المعرفية تسقط إذا سقطت المنظومة الأخلاقية ؛ فالعلم ــ كما يقول أبو حيان التوحيدي ــ "يُجِلُّ أهله إذا تمسكوا بالأخلاق".( ) وبما أن الناشر هو أحد أهم العاملين في منظومة المعلومات، فإن أخلاقه أثناء ممارسة المهنة تنعكس بالسلب أو الإيجاب على المنظومة ككل.
5 -أن الناشر هو أحد أهم أقطاب منظومة المعلومات في المجتمع، وكلما أدى الناشر دوره كما ينبغي ومارس مهنته بأخلاقياتها، كلما زادت جودة هذه المنظومة، ومن ثم جودة منتجها، وفي عصر المعلومات، حيث أصبح الكفاح من أجل تحسين المحتوى العربي للمعلومات على الإنترنت وخارجها ضرورة مُلحَّة، ما أحوجنا لأن نسعى لتحسين كل أقطاب منظومة المعلومات العربية.
6 -أن الناشر لا يقل مرتبة عن المعلِّم، لأن كليهما يساعد على نشر العلم النافع.
8 -أن الالتزام بأخلاقيات مهنة النشر لا يؤدي لنجاحها فقط، وإنما يؤدي لمصداقية هذه المهنة والمساعدة على تحقيق رسالة دار النشر، ويزيد من قيمة المنتَج الذي ينشره الناشر. والعكس صحيح، فالممارسة غير الأخلاقية لهذه المهنة تسيء إلى سُمعتها، وتقلل من فعالية المنتَج المنشور.
مخاطر تواجه مهنة النشر في ليبيا :
إن النشر كمهنة لها أخلاقيتها ودورها الاجتماعي والفكري بحاجة دوماً إلى تحديد علمي وعملي بسبب تكاثر المتطفلين عليها، فهناك مطابع كثيرة تُصنف تحت اسم دور النشر، ومكتبات توزيع تحولت على النشر، مما يسيء بالنتيجة إلى الناشر الحقيقي، وتحويله أحياناً إلى مجرد وسيط.
وبالارتباط مع مفهوم الكتاب كأداة اتصال اجتماعي، فإن مفهوم كلمة «نشر» هو أن تعمم، وتنشر بين أفراد المجتمع بالكلمات والصور الأفكار التي أنتجتها العقول المبدعة، والتي صاغها المحررون، والتي جهز الطابعون نسخها. فإذا ما انطبق هذا المفهوم على الكتب، فهو يعني سلسلة متتابعة ضخمة من ضروب النشاط الفكري والعملي، والتي لا يمكن لحلقة واحدة منها بمفردها أن تُسمى نشراً. ولا يكتمل ذلك فقط بتحول المخطوط إلى كتاب مطبوع، وإنما أيضاً بتوزيعه بأسواقه، والتي تكتمل بها عملية النشر. أما القيام بخدمة تحريرية فلا يعد نشراً، ومثله خدمات الطباعة والتجليد أو تنمية المبيعات فكل واحدة منفردة منها لا تعد نشراً.‏‏
إن مفهوم (نشر الكتاب) يتضمن جميع هذه الإجراءات في عملية متكاملة الجوانب، سواء قامت بها مؤسسة واحدة أو عدة مؤسسات، وهو بالنتيجة يعني (جميع الإجراءات الفكرية والفنية والعملية لاختيار موضوع الكتاب وترتيب إصداره وتنمية توزيعه).
والناشر الملتزم بهدفه ينبغي أن يلتزم برؤية ثقافية فكرية يعمل لها، تجعل من كتبه الخاصة به معبّراً عن مشروع ثقافي خاص بدار نشره، يسهم من خلالها بتنمية مجتمعه في مختلف المجالات. والكثير من الدخلاء على مهنة النشر لا يمتلكون هذه الأهداف أو الرؤى الفكرية أو الثقافية، لأنه لا فرق عندهم في أن يكون ناشراً أو بائع ملابس، المهم لديهم ما يجمعون من مال.
بدايات حركة النشر الليبية‏‏ :
عند الحديث عن حركة النشر في ليبيا، لا نجد في مخزوننا الثقافي التوثيقي إلا مكتبة الفرجاني التي تظهر لنا كواحدة من أولى دور النشر الخاصة في طرابلس، وربما في ليبيا. حيث "ارتبطت مكتبة الفرجاني التي تأسست عام 1953 في ذاكرة القراء؛ بالمؤلفات التي تعنى بتاريخ ليبيا، فهي التي تختار ما تنشره بعناية فائقة تدل على ثقافة حقيقية وإدراك للأهمية، مما أكسبها احتراما جليلا في خياراتها مما تنشره من النتاج الفكري".( )
وتذكر الباحثة الأستاذة أسماء مصطفى الأسطى بأن البداية في التعامل مع المطبوعات بشكل ربما أكثر وضوحاً، "كانت البداية في مقرها في شارع الوادي قبالة سينما الحمراء الشهيرة، حيث تولت مهام توزيع الصحف والمجلات العربية، ولا تزال سجلات أرشيف المكتبة الحكومية في مقرها القديم خلف مدرسة الفنون والصنائع تشهد على تزويدها بالدوريات والكتب العربية في تلك المرحلة، (وتستطرد الباحثة بالتدوين، أنه) "لاشك أن مدينة طرابلس قد حظيت عبر تاريخها بالأفاضل ممن تولوا مهام توافر المطبوعات العربية، بداية من "محمد بو ربعية" عام 1882 والمكتبة الطرابلسية للفاضل المرحوم "محمد شرف الدين" خلال فترة الاحتلال الايطالي، إلى حين تولي "أبناء المشيرقي" هذه المهمة حتى أواخر عهد الإدارة البريطانية، التي كانت بداية نشاط مكتبة الفرجاني حتى تحولها إلى العناية بنشر أوائل المؤلفات الليبية الذي تزامن مع ظهور المكتبة السريعة التي عنت بتوزيع الصحف والمجلات في الستينيات، مع تأسيس المطبعة الحكومية عام 1955 التي قامت بطباعة أوائل مؤلفات الرواد من الأدباء تولت مكتبة الفرجاني مهمة توزيع "نفوس حائرة" أول مجموعة قصصية للقاص "عبد القادر أبو هروس" التي خط عناوينها الخطاطين "أبو بكر ساسي" و "عبد اللطيف الشويرف" ورسم غلافها الفنان الممثل المرحوم: "محمد شرف الدين"، كما شهدت ظهور مؤلف الأديب المرحوم "خليفة التليسي" عن "الشابي وجبران" كما نشرت للأديب العربي "أبو القاسم كرو" الذي كان مقيما في طرابلس (آنذاك) مؤلفه "حصاد القلم" إضافة إلى كتاب "نحو غد مشرق" للراحل "محمد فريد سيالة" الداعي إلى حرية المرأة والنهوض بالمجتمع... وفي منتصف الخمسينيات قامت المكتبة بطباعة المناهج التعليمية في مادة التربية الوطنية، وتوزيع مجلة ثقافية يصدرها الطلبة الليبيين الموفدين للدراسة في مصر بعنوان "صوت ليبيا" عام 1958 لكنها مع زيادة ارتفاع المؤشر الطباعي للمطبعة الحكومية تعذر عليها طباعة المؤلفات الليبية محلياً، فتحولت إلى الطباعة في مصر بداية بمؤلف الشيخ "الطاهر الزاوي" بعنوان "أعلام من ليبيا" ثم جاء التحول في السبعينيات للطباعة في بيروت ثم في لندن، حتى غدت "دار الفرجاني" بفروعها الأربع محلياً وفروعها في القاهرة ولندن، قد نشرت حوالي 200 عنوانا في اللغة العربية ومائة عنوان في الانجليزية، من بينها خمسون عنوانا لأهم مصادر تاريخ ليبيا المؤلفة والمترجمة، كما اهتمت في السبعينيات بطباعة البطاقات البريدية التي تجسد التراث و الفولكلور الليبي".( )
إن ما تم ذكره من أسطر في هذه الدراسة لا يمثل في حقيقته تاريخ النشر في ليبيا، إذ إن الأمر يحتاج إلى دراسة منفصلة تبحث بشكل جذري وعلمي في التأريخ الصحيح لبدايات مهنة النشر في بلادنا، وأن ما قامت به الباحثة الأستاذة "أسماء الأسطى" ما هو إلا بداية مهمة للكشف عن جزء مهم من التاريخ الثقافي لليبيا، وينبغي على الباحثين من المكتبيين والمعلوماتيين والمهتمين بالشأن الثقافي والتاريخي لليبيا سرعة وضرورة البحث فيه.
تحديد تعريف للناشر في ليبيا :
في البحث عن مجمل التشريعات المتعلقة بالطباعة والصحافة والنشر لا يوجد أي تعريف يحدد تماما من هو الناشر، ولا ما هي واجباته وحقوقه وحدود مهنته ومسؤولياته نحو أو تجاه المتعاملين معه من كل المكونات التي يعتمد عليها الناشر من مؤلف إلى محرر إلى مجهز للنص للطباعة إلى مصحح لغوي إلى طابع إلى موزع.
انه من المهم البحث في تحديد وصف أو تعريف للناشر ينبغي أن يدخل ضمن التشريعات التي تنظم مهنة النشر في بلادنا، إذ لم نجد أي تعريف للناشر الليبي في التشريعات أو حتى الأدبيات الليبية، والى الآن لم يتم تحديد تعريف للناشر، ولا يوجد في جميع القوانين الأربعة الصادرة في ليبيا ما يقدم تعريفاً واحداً للناشر.
حيث أن القرار رقم (3) لسنة 2003 الصادر بتنظيم عمل الرابطة العامة للناشرين الليبيين (سابقاً)، رابطة الناشرين الليبيين حالياً، (رغم وجود اختلاف واضح في التسمية الصادرة رسمياً والاسم المعلن والمستعمل من أمانة الرابطة في الكثير من التعاملات الإدارية)، حيث لم يتم تحديد تعريف للناشر، ولم أجد في جميع القوانين الأربعة الصادرة في ليبيا ما يقدم تعريفاً واحداً للناشر.
عليه فانه من المهم محاولة إيجاد صيغة لتحديد تعريف واضح للناشر الليبي، قد تكون متفقة مع جميع المحاولات العربية لتعريف الناشر كمهنة واجبة التعريف.
وبالرجوع إلى جملة التشريعات العربية نجد أن اتحاد الناشرين المصريين عرف الناشر في المادة (3) من قانون تنظيم عمل الاتحاد : "الناشر هو من يتولى بقصد الاتجار نشر الكتاب المتداول ولـــه أن يمارس الطبع والتوزيع ويدخل في حكم الكتاب الدوريات والوسائل السمعية والبصرية للتعليم والثقافة وما قد يستحدث من آليات النشر".( )
ويعرّف النشر بأنه: العمل الذي يقوم به الناشر، بإصداره وعرضه للبيع كتاباً أو مطبوعاً أنتج عن طريق نوع من أنواع مكائن الطبع، الاستنساخ، أو إعادة التصوير.()
أما قنديلجي والبنهاوي فيعرفانه على أنه: "شخص أو هيئة تتولى مجموعة إجراءات وعملية تجري للكتاب أو المطبوع من صورته المخطوطة حتى يصل إلى يد القارئ".()
والنشر في معناه الواسع هو جعل الشيء معروفاً علانية.. أما نشر الكتب فيقصد به: إصدار المواد المطبوعة من كتب وغيرها، ويمكن القول بأن النشر هو إعداد عمل المؤلف في أفضل صورة مناسبة وتقديمه إلى أكبر عدد من الجمهور.
وتعرف الموسوعة العربية العالمية النشر بأنه: "عملية إعداد وتصنيع وتسويق الكتب والمجلات أو أي مطبوعات أخرى".()
أما الناشر أو دار النشر فهي مؤسسة أو شخص يقوم بإصدار وبيع وتوزيع الكتب أو المجلات أو الجرائد، أو يكون له دور في طبعها، وليس من الضروري أن يكون للناشر مطبعة أو مصنع للتجليد، وقد لا يقوم بعملية البيع والتوزيع، ويتحمل الناشر مسؤولية التمويل، إلى جانب تحمله لمخاطر النشر للمؤلفين
ويعد الناشر الشخص الحقيقي أوالمعنوي الذي يستثمر أمواله في إنتاج الكتب، وهو يدفع الأموال للمؤلف والمترجم والفنان والمحرر والطابع ومصانع الورق وغيرهم لإنتاج الكتاب، ثم يسترد أمواله من بائعي الكتب وغيرهم ممن يشترون منه الكتاب، ويهدف من ذلك إلى تحقيق فائض من الأموال أكثر مما أنفق، حتى يحقق الربح المطلوب..كما عرف الناشر أيضاً بأنه الشخص أو الشركة أو الهيئة المسؤولة عن طرح الكتاب في السوق.
ويختلف الناشر عن الدار التي تطبع الكتاب (المطبعة) وقد يكون الناشر والطابع جهة واحدة، ولكن في صناعة الكتب الحديثة عادة ما لا يكون الأمر كذلك، أما الجهة التي تتولى النشر فيشار إليها عادة بـ (دار النشر) أو (مؤسسة النشر)، ويعرف الناشر بأنه: حلقة وصل بين من ينتج المعرفة وبين من يستهلكها، وهو الذي يوظف جهده ووقته وماله، وبذلك يحصل على الكتاب من المؤلف أو المترجم أو المحقق، طبقاً لاتفاق يبرم بينهما، ثم يدفع بالكتاب إلى الطابع لإجراء عملية الطباعة، ويسترد النسخ المتفق على طبعها من المطبعة، ويدفع بها إلى منافذ التسويق المختلفة، ويسترد أمواله وما تدره من أرباح عن طريق باعة الكتب.
مقترح لتعريف الناشر الليبي :
ويمكننا بهذا أن نقدم تعريفاً للناشر الليبي على خلفية الاستئناس بالتعريف المصري باعتباره اقرب واشمل التعريفات، والذي يعرّف الناشر بهذا التعريف: (الناشر هو من يتولى بقصد الاتجار نشر الكتاب المتداول، ورقياً أو الكترونياً، ولـــه أن يمارس عمليات ما قبل الطبع وعمليات الطبع والتوزيع، ويدخل في حكم الكتاب الدوريات والوسائل السمعية والبصرية للتعليم والثقافة وما قد يستحدث من آليات النشر).
مشروع ميثاق لمهنة النشر في ليبيا :
إن البحث عن صيغة ربما تكون متوافقة مع جميع متطلبات التغير السياسي والديني والثقافي والاجتماعي في منظومة المجتمعات العربية (الوطن العربي) ربما تكون من الصعوبة بمكان الاتفاق عليها، ولكن يمكن تقريب الهوة في مشروع قد يلقى قبولاً ولو ضعيفاً من الناشرين العرب، يكون بداية للاجتهاد من قبل اتحاد الناشرين العرب، خاصة بعد حدوث ثورات الربيع العربي في تونس ومصر وليبيا واليمن وتلحقها سوريا بإذن الله، ونعتقد جازمين بأن بدايات هذه النهضة النشرية ستنطلق مع بدايات إلغاء إدارات الرقابة على المصنفات أو إدارات المطبوعات، أو أي اسم يطلق عليها في العديد من الأقطار العربية، بسبب الثورات العربية، وقبلها بسبب ثورة الاتصالات وانفجار المعلومات التي ألغت كل وسائل المنع والرقابة.
صيغة مقترحة لميثاق شرف مهنة النشر في ليبيا :
بعد استعراض جملة من مواثيق الشرف المهني في كل من ليبيا ومصر وسوريا والأردن والسعودية والكويت واليمن والعراق، يمكننا أن نقدم صيغة مقترحة يمكن أن تكون مناسبة كميثاق للناشر في ليبيا، وهي كالتالي :
أتعهد أنا (..........................) بوصفي ناشراً ليبياً، بما يلي:
1 - المساهمة في حماية مستهدفات ثورة 17 فبراير والعمل على تعميق مفاهيمها وتحقيق أهدافها والالتزام بقضايا الأمة العربية والإسلامية وقيمها الثقافية والحضارية، والنهوض بعبء رسالة النشر الورقي والالكتروني.
2 -المحافظة على أسرار المتعاملين معه في مجال النشر الورقي والالكتروني.
3 - العمل على رفع مستوى مهنة النشر، والحفاظ على آدابها وأصولها المهنية الرفيعة، والإسهام في إرساء القواعد والأنظمة لتصبح تقاليد ثابتة للمهنة.
4 -العمل على رفع مستوى مهنة النشر والحفاظ على آدابها وأصولها المهنية الرفيعة والإسهام في إرساء التشريعات والقواعد والأنظمة لتصبح تقاليد ثابتة للمهنة.
5 -احترام كافة حقوق النشر والتأليف والإبداع وصيانتها من أي اعتداء عليها، والتعاون مع الزملاء وكل جهة تتصدى لهذا الاعتداء، وعدم التستر أو المجاملة بكتمان المعلومات المتعلّقة به، والنظر إليه بوصفه جريمة تتعلق بشرف المهنة، قبل أن تكون متعلقة بحقوق الفرد المعتدى عليه.
6 -ربط العلاقة بين الزملاء الناشرين وإشاعة روح التعاون بينهم والاستفادة من التعدد للتنافس نحو الأفضل.
7 -الالتزام الكامل بالنظام الأساسي لاتحاد الناشرين الليبيين والتشريعات التي يصدرها في مجال الحفاظ على أسس وأصول وتقاليد وأخلاقيات مهنة النشر.
8 -التعاون مع اتحاد الناشرين العرب والاتحادات العربية القطرية، والتواصل مع الناشرين في العالم لأجل التعريف بالكتاب الليبي.
9 - اعتبار التضامن المهني وسيلة مثلى للارتقاء بمهنة النشر.
10 -اعتبار الناشر هو شخص اعتباري وعضواً في اتحاد الناشرين، ويقوم بنشر أي محتوي بأي طريقة من طرق النشر.
11 - يجب أن تتوافر لدى الناشر خبرة في طريقة النشر وخبرة في توزيعه وتسويقه، ولابد أن تصاغ كل معاملة بين الناشر والمؤلف في عقد نشر.
12 - الالتزام بتثبيت أرقام الإيداع المحلية، والترقيم الدولي للموحد للكتاب، والفهرسة أثناء النشر.
13 -احترام عنوان المصنف (المطبوع) ملك للمؤلف لا يجوز للناشر استغلاله في مصنفات أخرى، وعنوان السلسلة ملك للناشر لا يجوز للمؤلف استغلاله في مصنفات أخرى.
14 -تحديد سعر بيع المصنف حق مكتسب للناشر وحده، وإذا نص على تحديده في العقد ورغب الناشر لأسباب مفهومة في تعديله يجوز له تعديله على أن يخطر المؤلف بهذا التعديل خلال شهر دون أن يكون للمؤلف حق الاعتراض على ذلك.
15 -اعتبار الأخطاء في مضمون المصنف مسؤولية المؤلف وحده، وهو مسئول مدنيا وجنائياً عن أي مخالفة أو اعتداء على حقوق الغير، أمام القوانين المحلية واتفاقية حقوق المؤلف الدولية.
16 – اعتبار المصنفات التي تسقط في الملك العام بعد 50 عاماً من وفاة المؤلف أو تاريخ نشرها، إنما يسقط عنها حق الاستغلال المالي لها، أما الحق الأدبي منها فهو أبدي فلا يجوز المساس به.
17 – إعطاء الحق عند التحاسب مع المؤلف في خصم كل النسخ المجانية من المنشور، مثل : نسخ الإيداع القانوني بدار الكتب الوطنية، ونسخ هدايا للمؤلف بحد أقصى 1%، ونسخ هدايا للصحفيين للتغطية الإعلامية بحد أقصي 1%، ونسخ عينات الرقابة 0.5 %، ونسخ عينات للتسويق والترويح للكتاب بحد أقصى 2%، والهالك القانوني السنوي بحد أقصي 3% من كامل الكمية المطبوعة ما لم يتفق على خلاف ذلك.
18 -منح الناشر عند مشاركاته في المعارض الخارجية الإذن ببيع المصنفات المتعاقد عليها بأسعار زائدة عن سعر البيع المنصوص عليه في العقد دون أن يستتبع ذلك زيادة حق المؤلف المالي المنصوص عليه في العقد، وذلك بسبب المصاريف العالية التي يتحملها الناشر في المشاركة في هذه المعارض من رسوم المشاركات ومصاريف الدعاية والشحن.
نتائج البحث :
لقد ظهر للباحث أن عملية النشر تتم بشكل لا يعتمد على أصول المهنة المتفق عليها في أغلب التشريعات التي تتبعها العديد من الأقطار العربية ودول العالم المتقدم، حيث أن الناشر لا يعتمد في عمليات النشر التي يقوم بها على الأسس المهنية التي منها اعتماد لجان فنية ومهنية متخصصة في مجالات إجازة الإنتاج العلمي أو الأدبي الإبداعي أو من مجالات التأليف المتنوعة، كما لا يعتمد أسلوب متابعة النص المراد نشره عن طريق المحررين المتخصصين الذي يعملون على تجويد النص بشكل مهني صرف، كما لا يعتمدون المراجعة اللغوية التي تعطي النص العلمي أو الإبداعي قوة ومتانة وقوة سواء في الصياغة أو الأسلوب أو معالجة الأخطاء اللغوية الطباعية والنحوية.
والناشرون الليبيون لا يملكون رابطة أو اتحاد أو حتى جمعية أهلية تربطهم وتهتم بقضايا المهنة إلا في القريب (2003م تاريخ تأسيس رابطة الناشرين الليبيين)، رغم أن ليبيا شهدت ميلاد أو اتحاد للناشرين العرب (1995) تم الالتفاف عليه عربياً ومورست عليه عمليات مسخ وإنهاء متعمدة من الكثير من الناشرين العرب، رغم أنه الاتحاد العربي الوحيد الذي كان ميلاده شرعياً، ونظم العديد من الأنشطة في مجال النشر العربي، وأصدر مجلة فصلية تهتم بقضايا النشر صدرت منها حوالي 25 عدداً، عجز الاتحاد الحالي من إصدار حتى ولو دورية إخبارية.
كما أن الناشرون الليبيون لا يتابعون مواد نشرهم متابعة فنية دقيقة بحيث يبدعون في عمليات تصميم الأغلفة وإخراج النص واختيار بنط الكتابة والتصفيف الفني ولا حتى جودة التجليد ناهيك عن استخدامهم لورق في الكثير من الأحيان لا يناسب المادة المنشورة، فيطبعون كتاباً ملوناً على ورق مصقول ولماع مما يعرض القارئ للكثير من المتاعب عن قراءة النص.
ومما تجب الإشارة إليه أن الناشرون لا يمارسون الكثير من الأمور الأساسية التي تتطلبها المادة المطبوعة سواء كانت كتاب أو دورية أو موسوعة أو سلسلة، بأن يتجاهلون إصدار رقم الإيداع المحلي والدولي، كما أنهم لا يصدرون بطاقات الفهرسة أثناء الطبع، ولا يطبعون ثمن الكتاب على الغلاف منعاً من التلاعب بالأسعار.
وخلاصة القول أن الناشرين في ليبيا رغم كل ما قدموه من إنتاج كبير ومتميز في الكثير من المنشورات التي أصدروها طيلة الخمسين سنة الماضية، إلا أنهم لم يرفعوا من قيمة الكتاب الليبي لدى القارئ، ولم يعملوا على طباعته بشكل يقرب القارئ منه ويجعله يقبل عليه، سواء من حيث جودة الطباعة أو من حيث اختيار الموضوعات المنشورة أو من حيث السعر الذي عُد مقارنة بالكثير من دول الجوار الفقيرة مرتفع الثمن.
التوصيات :
يمكن لهذه الدراسة من أن تصل إلى جملة من التوصيات التي رأى الباحث أنه من الضرورة بمكان اعتمادها إطار عمل وأساس مهم لتطوير حركة النشر في ليبيا، منها :
1 – قصر عملية النشر على الناشرين دون سواهم باعتبار أن حق النشر أمر منوط بهم وفق القوانين السارية، وضماناً لرقي الإنتاج المنشور بكل تفريعاته وتخصصاته.
2 – تفعيل اتحاد الناشرين عبر الناشرون أنفسهم وبنائه بشكل يضمن حقوق الناشرين ويمكنهم من ممارسة مهنة النشر دون تدخلات خارجة عن إطار المهنة.
3 – إلغاء ما كان يسمى (الرقابة على المطبوعات) مهما كانت مسمياتها وكذلك منع أي من مؤسسات الدولة التي تختفي وراء أية مبررات لممارسة الرقابة.
4 – إقناع الناشرين بالالتزام بكل ما يحقق للمنشور الليبي من معلومات أساسية من مثل: (ذكر اسم الناشر / كتابة سنة النشر / الحصول على رقم إيداع محلي ودولي / طباعة سعر الكتاب على الوجه الخلفي للغلاف، وغيرها..).
5 – ضرورة اعتماد الناشرون على أهل الاختصاص في إجازة المطبوعات التي يقومون بنشرها، تنويعاً للإبداع وتذكية لقيمة المنشور، وتعميماً للثقافة الملتزمة الفاعلة.
6 – ممارسة الرقابة على المنشور في العديد من دور النشر العربية التي ترد منشوراتها للمشاركة في معارض الكتب والأنشطة الثقافية ذات البعد النشري من السرقات الأدبية والفكرية والعلمية.
7 – تكوين مرصد ليبي لمتابعة الإنتاج الصادر في ليبيا أو القادم إليها والقيام بضبط السرقات التي تطال الناشرين في تزوير مطبوعاتهم أو سرقة حقوق المؤلفين الليبيين.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قائمة المراجع :
(1) أبو حيان التوحيدي (1956) الهوامل والشوامل/ تحقيق أحمد أمين والسيد أحمد صقر.- (8) أماني زكريا الرمادي.صناعة النشر وآفاق المستقبل. الإسكندرية: المؤلفة، 2010. ص 313 -325.
(2) أسماء مصطفى الأسطى، مكتبة الفرجاني أولى دور النشر الخاصة في طرابلس. ـ صحيفة ليبيا اليوم، تاريخ الإتاحة: السبت 14 - سبتمبر - 2013 متاح في:
libyaalyoum.net/news/index.php?id=21&textid=1254
(3) البدري شمندي محمد، بحث في أخلاقيات النشر وأخلاقيات العمل المكتبي، المؤتمر التاسع بمكتبة مبارك ببورسعيد في الفترة من 28 -30 يونيو 2005 للجمعية المصرية للمكتبات والمعلومات، تاريخ الإتاحة:21/1/2010، متاح في:
http://www.elaegypt.com/DownLoads/word/bdry.doc
(4) الفيروز آبادي ، محمد بن يعقوب . قاموس المحيط . ـ بيروت: مؤسسة الرسالة ، 1406هـ / 1986م. ص1137.
(5) المعجم الوسيط.(ط 2) . ـ بيروت: دار الأمواج ، 1987. ص252.
(6) أماني زكريا الرمادي، ووفاء عبد الحليم محمود. ثورة المعلومات والقيم.-ص399-354، في: مؤتمر الشباب والأمن الاجتماعي والتنمية (22-24 أبريل 2007). 27 + 372ص.– طنطا:جامعة طنطا - كلية الآداب، 2007.
(7) بوبر، كارل.(1959) عقم المذهب التاريخي: دراسة في مناهج العلوم الاجتماعية / ترجمة عبد الحميد صبرة.-القاهرة، منشأة المعارف.ص81.
(8) خالد بن عبد الرحمن بن حمد الشايع. أخلاقيات التجار وأثرها على الأسعار.-موقع صيد الفوائد، متاح في: http://saaid.net/Doat/shaya/40.htm
(9) محمد فتحي عبد الهادي. أخلاقيات المعلومات في المكتبات ومراكز المعلومات. متاح في: http://www.arabcin.net/arabiaall/2000/1.html
(10) محمد مجاهد الهلالى. أخلاقيات التعامل مع شبكة المعلومات العالمية (الإنترنت).
(11) محمد ناصر الصقري. ـ الاتجاهات الحديثة في المكتبات والمعلومات . ـ مج6، ع 11 (يناير 1999).
(12) هبه الشريف. الأخلاقيات المهنية للمشتغلين بمجال المكتبات والمعلومات في ظل مجتمع المعلومات، متاح في: http://www.cybrarians.info/index.php?option.com












  رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
هام هام هام جداًجداًجداً الوسام101 المنتدى الــعــام للمكتبات والمعلومات 1 Nov-16-2011 01:29 AM


الساعة الآن 09:31 PM.
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. جميع الحقوق محفوظة لـ : منتديات اليسير للمكتبات وتقنية المعلومات
المشاركات والردود تُعبر فقط عن رأي كتّابها
توثيق المعلومة ونسبتها إلى مصدرها أمر ضروري لحفظ حقوق الآخرين