[د. صالح المسند]

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

من المتعارف عليه أن من أهم أهداف المكتبة الوطنية حفظ التراث الفكري للأجيال القادمة. وتقوم المكتبات الوطنية منذ زمن طويل بحفظ أوعية المعلومات التقليدية كالكتب الورقية المخطوطة والمطبوعة، والوثائق، والمصغرات الفلمية، والشريط المسموع والمرئي. ولكن المعلومات الرقمية تختلف عن الأوعية التقليدية - خصوصًا بعد ظهور الإنترنت - مما أخر بعض المكتبات الوطنية عن العناية بها وحفظها. وتكمن أهمية حفظ المعلومات الرقمية في تناميها السريع واعتبارها وعاءً رئيسًا لإنتاج المحتوى وتوزيعه وحفظه سواء كان نصًا مكتوبًا أو صورة متحركة أو صوتًا تسجيليًا.

فعندما بدأ النشر الإلكتروني أصبحت المجتمعات في كافة أنحاء العالم تواجه تحديات كبيرة فيما يتعلق بحفظ المعلومات الإلكترونية. حتى مكتبة الكونجرس لم تبدأ في وضع استراتيجيات حفظ المحتوى الرقمي إلا في عام 1998. وقد وافق الكونجرس على تخصيص مائة مليون دولار لتطوير استراتيجية وطنية لحفظ المعلومات الرقمية في العام 2000. كما طلب الكونجرس من مكتبة الكونجرس تنفيذ مشروع تعاوني سمي: National Digital Information Infrastructure and Preservation Program. وفي عام 2000 أيضًا أصدر الكونجرس قانونًا خاصًا للتأكيد على أهمية حفظ المحتوى الرقمي للأجيال المستقبلية وتخصيص مائة مليون دولار السالفة الذكر لهذا الغرض، وأوكل ذلك إلى مكتبة الكونجرس لأنه يقع ضمن رسالتها التي تنص على حفظ المعرفة العالمية للأجيال القادمة.

هذه هي الجهود التي تبذل في الولايات المتحدة الأمريكية في هذا المجال. ماذا فعلنا نحن في المملكة والدول العربية الأخرى؟

الحل هو أن نبادر، وحتى لا نتأخر طويلاً فيجب على مكتبة الملك فهد الوطنية المبادرة إلى وضع برنامج وطني - على غرار البرنامج الأمريكي - لحفظ المعلومات الرقمية يكون هدفه وضع السياسات والمعايير والعناصر الفنية اللازمة للمشروع. ويحتاج هذا المشروع إلى دعم مادي ومعنوي كافٍ ويحتاج إلى الإفادة من تجارب الدول الأخرى.

ولكم تحياتي