منتديات اليسير للمكتبات وتقنية المعلومات » منتديات اليسير العامة » المنتدى الــعــام للمكتبات والمعلومات » مكتبة المسجد الاقصى المبارك : ماضيها وحاضرها

المنتدى الــعــام للمكتبات والمعلومات هذا المنتدى يهتم بالمكتبات ومراكز المعلومات والتقنيات التابعة لها وجميع ما يخص المكتبات بشكل عام.

 
قديم Feb-20-2007, 09:17 AM   المشاركة1
المعلومات

السايح
مشرف منتديات اليسير
محمد الغول

السايح غير متواجد حالياً
البيانات
 
العضوية: 16419
تاريخ التسجيل: Mar 2006
الدولة: فلسطيـن
المشاركات: 1,360
بمعدل : 0.21 يومياً


افتراضي مكتبة المسجد الاقصى المبارك : ماضيها وحاضرها

مكتبة المسجد الأقصى المبارك
ماضيها وحاضرها
حامد الشافعي دياب
مجلة مكتبة الملك فهد الوطنية

تمهيد:
الحمد لله رب العالمين ، على جليل فضله وكريم نعمه، الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، والصلاة والسلام على سيدنا محمد صاحب الإسراء والمعراج، ورحمة الله للعالمين ... وبعد .
فإن لمدينة القدس مكانة فريدة تتميز بها عن مدن الأرض، فهي المدينة التي تستأثر بتقديس نحو ثلثي سكان المعمورة من أتباع الديانات السماوية، وهي الأرض التي بارك الله تعالى حولها، وقد أشار القرآن الكريم إليها في أكثر من آية، وذكر مسجدها الأقصى الذي أُسري إليه برسول الله صلى الله عليه وسلم، ومنه كان عروجه إلى السماوات العلى، قال تعالى في أول سورة الإسراء: (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ)، كذلك أكدت الأحاديث النبوية على مكانة القدس في الإسلام، فجاء في الحديث الشريف "لا تشدُ الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد، المسجد الحرام ومسجدي هذا والمسجد الأقصى"، والأقصى الشريف هو أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، ومن هنا استمدت المدينة قدسيتها ومكانتها الدينية والحضارية.
بيد أنه من قدر مدينة القدس أن تكون في معظم حقب تاريخها ميدانًا للنزاعات والحروب والصراعات، فأصبح تاريخها شديد التعقيد كثير التداخل، ولا غرابة في ذلك فموقعها الإستراتيجي ومكانتها الدينية جعلها مطمعًا لكثير من الأمم منذ العصور القديمة حتى عصرنا الحالي، فقد تداعت عليها الأمم من كل حدب وصوب منذ أسسها الكنعانيون في نحو الألف الثالث قبل الميلاد حتى اغتصبتها إسرائيل عنوة عام 1967م.
وتواجه مدينة القدس معركة حضارية من أضخم ما عرفت في أي وقت من تاريخها، ألا وهي التصفية الحضارية والتفريغ الثقافي وعمليات التهويد، لقد عمل الاحتلال اليهودي ولا يزال يعمل بكل صفاقة على محو الحضارة العربية الإسلامية وطمس معالمها في مدينة القدس.
وبعد هذه الهجمة الصهيونية الشرسة على القدس زهرة المدائن، ومدينة السلام، ومهبط الإسراء، وموضع المعراج، وثالث الحرمين الشريفين وأولى القبلتين، ألا تستحق منا العمل الدؤوب في سبيلها بالدراسة والبحث من أجل رد الظلم عنها، وإحقاق الحق لها، وبيان دورها في بناء الحضارة الإنسانية.
ومناحي الدراسة في مجال الحضارة العلمية والفكرية في القدس كثيرة، متشعبة الجوانب، ومتعددة المرامي، وبحكم التخصص، فقد وقع الاختيار على موضوع "مكتبة المسجد الأقصى الشريف" لدراسته باستفاضة واستجلاء جوانبه وبيان دور هذه المكتبة في بناء النهضة العلمية والحضارة الإنسانية، باعتبارها مؤسسة من المؤسسات الثقافية المهمة في القدس على مر العصور، كل ذلك يتم دراسته بقدر ما تسمح به المصادر وما تتوسل إليه الاستنتاجات.
أهمية الدراسة:
إن التأريخ لنشأة المكتبات الإسلامية ودراسة أوضاعها هو تاريخ للفكر الإسلامي والحضارة الإنسانية طوال الحقب التاريخية المختلفة، حيث قامت هذه المكتبات بدور رئيسي في بناء هذه الحضارة.
لقد قامت هذه المكتبات في بلاد العالم الإسلامي ومنها القدس، بنشر الثقافة والعلوم الإسلامية، وبناء المجتمع العلمي في هذه البلاد، وتوحيد الصلات العلمية بين أفراد هذا المجتمع من ناحية، وبينهم وبين شعوب الغرب من ناحية أخرى، حيث امتدت إشعاعات المكتبات الإسلامية لتبدد دياجير الجهل الذي ران على عقول أهل الغرب وقلوبهم أزمانًا طويلة، وخاصة في العصور الوسطى، مما كان له أكبر الأثر في بناء الحضارة الغربية التي ينعم بها العالم اليوم.
وهذا الدور المشرف للمكتبات الإسلامية لا ينكره إلا أعداء الأمة العربية والإسلامية وعلى رأسهم الصهيونية والإمبريالية العالمية ومن يسيرون في ركابهم من المستغربين، لقد أصبحت الغزوة الحضارية التي تتعرض لها أمتنا العربية والإسلامية لا تشمل حاضرها وحده، ولا تهدد مستقبلها فحسب، بل هي بالدرجة الأولى تتناول ماضيها، بهدف تشويه هذا الماضي والفصل بين الجيل الحاضر وتراثه الفكري والعلمي وماضيه الزاهي التليد، لكي تقتله من جذوره، لأن غزاة الفكر – أعداء الأمة العربية – يعرفون أن أمة بلاد ماضي هي أمة بلا مستقبل .
وهنا يجب التأكيد على أن العودة لدراسة التراث الفكري والعلمي للأمة العربية الإسلامية لا تعني رفض التجديد والتغني بأمجاد الماضي، بل العكس هو الصحيح، فكل حركة بعث أو تجديد حقيقية تبدأ بالعودة لهذا التراث لتستلهم قيمه وتستخرج جوهره، ومن ثم يمكن القول إن كل فكر قادر على التغيير هو فكر يبدأ بقراءة معاصرة للتراث، فدراسة التراث هي دراسة للماضي لبناء الحاضر واستشراف المستقبل، وعلى هذا يتوجب علينا الاهتمام بدراسة تراثنا المكتبي وتأصيله، كي نعرف ماضينا الذي نهتدي من خلاله لمستقبلنا.
إن أعداء الأمة العربية الإسلامية يدركون جيدًا أهمية ذلك التراث ويدركون أيضًا أنه لا يمكن أن توجد أمة بلا تاريخ وبلا تراث، وأنه لا مستقبل لمن لا ماضي لهم، فالصهيونية تفتعل تاريخًا مزيفًا ليس له أي دليل عقلي أو واقعي، لتشويه تراث بقعة غالية على نفوسنا ألا وهي مدينة القدس. ومن ثم تبرز قيمة مكتبة المسجد الأقصى التي تقتني تراثًا عريقًا، ولكنه مهدد بالضياع نتيجة التحدي الحضاري الذي يواجه هذه الأمة في هذه البقعة الحساسة من الوطن العربي، وهذا التراث التليد في حاجة إلى من يحافظ عليه ويعتني به من أفراد ومؤسسات.
من هذا المنطلق تبرز أهمية دراسة موضوع "مكتبة المسجد الأقصى" للتعرف إلى تاريخها ونشأتها وتطورها وإلقاء الضوء على حاضرها، باعتبارها دعامة من دعامات الحضارة العربية الإسلامية في جانبها المعرفي، ومنبرًا من منابر التنوير الثقافي، ومصدرًا لنشر العلوم والمعارف، ودراسة هذه المكتبة تعني في تراثنا الشيء الكبير، وتعني في حضارتنا الشموخ، وتعني في واقعنا الامتداد والأصالة.
فالمكتبات لدى أية أمة، تعتبر مرآة تحاول أن تنظر من خلالها لترى حقيقتها الثقافية والعلمية، والمتتبع لمسيرة تاريخ الحضارة العربية الإسلامية لا يجد مفرًا من التسليم بقضية جوهرية، وهي أن ازدهار هذه الحضارة قد واكبتها ودعمتها مكتبات أجيد بناؤها فنيًا وإداريًا، وأعدت مقتنياتها للبحث والتنقيب العلمي.
ولا أريد الاسترسال في بيان أهمية هذه الدراسة، بل تكفي الإشارة إلى أن الدراسة والأبحاث في تاريخ المكتبات المقدسية قليلة العدد والعدة، وتكاد تكون نادرة، بل لا نغالي إذا قلنا أن كثيرًا من الباحثين والدارسين يتجنبون مشقة البحث في هذه الموضوعات والتصدي لدراستها، لا لصعوبتها فقط بل لقلة مصادرها وتبعثر معلوماتها أيضًا.
هدف الدراسة :
تهدف هذه الدراسة إلى الكشف عن جانب من جوانب إشراقات الماضي، وامتداد الحاضر، وهي "مكتبة المسجد الأقصى المبارك" . وعلى ذلك يمكن بلورة مجموعة الأهداف التفصيلية على النحو التالي:
1- التعرف إلى نشأة المكتبات وانتشارها من خلال ما تنبئ به دراسة الحياة العلمية والثقافية في القدس.
2- التعرف إلى نشأة مكتبة المسجد الأقصى وتطورها خلال العصور المختلفة.
3- بيان الوضع الراهن لمكتبة المسجد الأقصى من حيث : الموقع، المجموعات، التنظيم ، العاملون ومؤهلاتهم، الخدمات التي تقدمها المكتبة، المعوقات والمشكلات التي تعاني منها المكتبة.
4- اقتراح بعض الحلول المفيدة لمعالجة المشكلات التي تعاني منها المكتبة، على هيئة مجموعة من التوصيات.
منهج الدراسة :
لدراسة هذه الموضوع ، اعتمد الباحث على أساليب منهجية تتناسب مع القضية أو العنصر المدروس منها :
* المنهج التاريخي الذي يستند إلى استرداد الماضي لفحص أحداثه تبعًا لما تركه من آثار فكرية للاعتماد عليها في تكوين حقائق جديدة، وقد تم استخدامه في دراسة النشأة التاريخية للمكتبات المسجدية بما فيها مكتبة المسجد الأقصى في جانبها التاريخي .
* منهج دراسة الحالة الذي يتميز بالتعمق أكثر مما يتميز بالشمول أو اتساع المجال، ويعد هذا المنهج منهجًا تحليليًا واستكشافيًا للعوامل المتشابكة ذات الأثر في كيان المكتبة ومقوماتها المختلفة، وقد تم استخدامه في دراسة الوضع الراهن لمكتبة المسجد الأقصى.
ومن الأدوات التي تم استخدامها في جمع المادة العلمية عن الموضوع:
* الزيارات الميدانية : حيث تمت زيارة مكتبة المسجد الأقصى ورؤيتها على الطبيعة ومقابلة المسئولين عنها.
* قائمة المراجعة : وتحتوي على (46) سؤالاً تحيط بكل عناصر المكتبة ومقوماتها، تم استيفاؤها من خلال مقابلة المسئولين عن المكتبة. وتوجد منها نسخة في آخر هذه الدراسة.
* الملاحظة : حيث لاحظ الباحث المجموعات على الرفوف.
* هذا فضلاً عن التقارير والمطبوعات عن المكتبة.
وقد حاول الباحث – جهد الطاقة – التقصي المنظم للحقائق العلمية والتاريخية المرتبطة بالموضوع، لاستنباط ما قد يندّ عنها من معلومات وأفكار تخدم أهداف الدراسة وتحقق أغراضها.
نطاق الدراسة وحدودها :
تمتد هذه الدراسة لتغطي مكتبة المسجد الأقصى وكل ما يتعلق بها، ابتداء من تاريخها ونشأتها وتطورها عبر العصور وحتى وضعها الراهن وكل مكوناتها المادية والبشرية، وقد اقتضى الأمر للتعرف إلى هذه النواحي، توسيع نطاق الدراسة لتشمل التاريخ لظهور ونشأة المكتبات في القدس مع التركيز على مكتبات المساجد باعتبار أن مكتبة المسجد الأقصى – مجال الاهتمام في هذه الدراسة – تمثل مرفقًا رئيسيًا للمعلومات في منظومة المكتبات المقدسية.
وتغطي الدراسة من الناحية المكانية مدينة القدس بحدودها الجغرافية والسياسية المعروفة، أما من الناحية الزمنية فتمتد منذ الفتح الإسلامي للقدس سنة (17) هجرية حتى الآن وهي فترة مليئة بالمتغيرات السياسية والثقافية والعلمية التي انعكست بدورها على حركة المكتبات في القدس وخاصة مكتبة المسجد الأقصى المبارك.
وحاول الباحث – في نطاق الحدود السابقة – تقديم أكمل صورة ممكنة للمكتبات المقدسية بصفة عامة ومكتبة المسجد الأقصى بصفة خاصة، ولا أدعي الكمال لهذه الدراسة، أو أن البحث قد جمع فأوعى، ولكنها محاولة متواضعة وجهد المقل في هذا الصدد، فما كل ما يتمنى المرء يدركه، فقد عجزت مصادر الدراسة في بعض الأحيان عن تحقيق مثل هذاالكمال المنشود.
المصادر والدراسات السابقة :
من بين المشكلات التي تعوق الباحث، في دراسة تاريخ المكتبات في العصور المختلفة، ندرة المصادر وقلة المراجع التي تمكنه من كشف النقاب عن هذا التاريخ، والوقوف على الأوضاع العلمية والفكرية التي كانت سائدة وقتئذ.
وهذا الأمر – في تقديري – هو الذي يفسر إحجام كثير من الباحثين عن الخوض في دراسة مثل هذه الموضوعات، بيد أن هذا الوضع لا يحل المشكل بقدر تحديثه واقتحامه بحثًا ودراسة وتنقيبًا.
وكان على الباحث ليقتحم هذه العقبة، قراءة ومراجعة كم هائل من الكتب التراثية التي تمثل مصادر أولية أصلية لاستخراج المعلومات من بطونها التي تفيد الدراسة وتشبع عناصرها بالمعلومات، وتحسن الإشارة إلى نماذج منها مثل : مثير الغرام إلى زيارة القدس والشام لابن سرور المقدسي، والأنس الجليل بتاريخ القدس والخليل لمجير الدين الحنبلي، والفتح القسي في الفتح القدسي للعماد الأصفهاني، وغيرها كثير، كذلك تم الرجوع إلى أبحاث المؤتمر الثالث لتاريخ بلاد الشام (1980م) وخاصة المجلد الثالث وهو عن القدس يضاف إلى ذلك مؤلفات ابن القدس المرحوم كامل العسلي وخاصة مؤلفه القيم "معاهد العلم في بيت المقدس" وتحسن الإشارة في هذا المقام إلى أنه تم الرجوع إلى كتاب يوسف العش الموسوم ب "دور الكتب العربية العامة وشبه العامة لبلاد العراق والشام ومصر في العصر الوسيط" .
والمعلومات التي تذكرها هذه المصادر – أو غيرها مما يماثلها – تتميز بعموميتها وتتسم بندرتها، فضلاً عن أنها غير مباشرة أو كاملة أو حتى وافية عن حركة الكتب والمكتبات في القدس، ومع هذا فقد استفاد الباحث من هذه المصادر في بحثه هذا وأشار إلى ذلك في حينه.
ومما تجدر الإشارة إليه في هذا المقام أن الباحث قد عثر - أثناء فحصه المصادر المختلفة – على بعض الوثائق التي تتعلق بالكتب والمكتبات في القدس منها وثيقة عن وظيفة أمين مكتبة المسجد الأقصى، وقد استفاد منها الباحث وحللها وعلق عليها.
والعقبة الأخرى الكأداء التي واجهت الباحث - في دراسة موضوعه - هي كيفية الوصول إلى موقع المكتبة مجال الدراسة الميدانية، أقصد مكتبة المسجد الأقصى المبارك، في ظل الظروف القاسية التي تعيشها مدن فلسطين بصفة عامة، ومدينة القدس بصفة خاصة، ولكن بفضل الله وحده، تم اقتحام هذه العقبة أيضًا، حيث أتيح للباحث فرصة ذهبية - أثناء عمله بكلية التربية الحكومية بقطاع غزة أستاذًا زائرًا في الفترة من أكتوبر - ديسمبر 1998م - زيارة مدينة القدس والصلاة في المسجد الأقصى والوصول إلى مكتبته العامرة، وكان ذلك بتاريخ 29/12/1998م، وكأن الطريق كان ممهدًا للحصول على ما تيسر من معلومات ميدانية عن مكتبة المسجد الأقصى، من خلال المقابلات الشخصية التي تمت مع مدير المكتبة ونائبه، والحصول على معلومات منشورة عنها مثل فهارس مخطوطات مكتبة المسجد الأقصى، فضلاً عن الاطلاع على نشرات وتقارير غير منشورة عن المكتبة وهي مخطوطة في أرشيف المكتبة لدى مديرها.
والحق يقال فقد قدم لي مدير المكتبة - إبراهيم سلامة - مشكورًا كل المساعدة في توفير المعلومات اللازمة للبحث، وكذلك فعل توفيق أحمد الشيخ نائب مدير المكتبة، فقد أتاحا لي الاطلاع على السجلات والمراسلات والمكاتبات الداخلية والخارجية للمكتبة، وتقديم المعلومات الشفهية من خلال المقابلات معهما وقدما الإجابة عن أسئلة قائمة المراجعة، وكل ذلك سجلته في متن البحث وهوامشه.
أما عن الدراسات السابقة في الموضوع، فبعد البحث والفحص والتقصي لم يعثر الباحث على دراسة مباشرة لموضوعه، والأعمال التي حصل عليها القريبة منها والمماثلة لها قليلة العدد، وهي في مجموعها لا تزيد عن أصابع اليد الواحدة، أسجلها هنا للأمانة العلمية، ولبيان موقع البحث الحالي منها، على النحو التالي:
1- علي السيد علي . مكتبات القدس في عصر سلاطين المماليك، دراسة نشرت في مجلة المكتبات والمعلومات العربية، السنة الرابعة، العدد الرابع (أكتوبر 1984م) وشغلت الصفحات (5-24)، والدراسة عبارة عن سرد لعصر المماليك في القدس معتمدًا في ذلك على المصادر التاريخية – بحكم تخصصه، وأشار إلى خزانة الكتب في المسجد الأقصى في صفحة واحدة (صفحة 9) .
2- فيرا كوسا وفاليري روك. مكتبات الأديرة في منطقتي القدس وبيت لحم : دراسة حالة، دراسة نشرت في مجلة "رسالة المكتبة" المجلد التاسع والعشرون، العدد الثالث (أيلول 1994م) . وشغلت الصفحات (65-93).
3- يوسف العش. دور الكتب العربية العامة وشبه العامة لبلاد العراق والشام ومصر في العصر الوسيط، ترجمه عن الفرنسية نزار أباظة ومحمد صباغ، ونشرته دار الفكر المعاصر في بيروت عام 1991م . ويقع في 437 صفحة. وهذا العمل كان في الأصل رسالة دكتوراه للمؤلف، حصل عليها عام 1949م من جامعة السوربون (فرنسا) والبحث – كما هو واضح من عنوانه – يمثل موسوعة في موضوعه، اختص مكتبات القدس في الصفحات من 151-153، 276-277 . ويعتبر ما ذكره عن مكتبات القدس في هذه الصفحات مصدرًا لا غنى عنه لأي دارس للموضوع.
هذه أقرب الدراسات لموضوع دراستنا – على حد علمي – وهي على العموم لم تعالج موضوعنا في مجملها بصورة مباشرة، ومع ذلك فقد استفاد الباحث منها وأشار إليها في حينه.
عناصر الدراسة ومباحثها :
اشتملت الدراسة على مقدمة وثلاثة مباحث وخاتمة فضلاً عن النتائج والتوصيات وقائمة المراجع.
تناولت المقدمة تمهيدًا يبين موضوع الدراسة وطبيعتها، ثم أهمية الدراسة وهدفها، والمنهج المتبع في دراسة الموضوع، ثم نطاق الدراسة وحدودها، يلي ذلك المصادر والدراسات السابقة، وأخيرًا تفريد لعناصر الدراسة ومباحثها.
وعالج المبحث الأول الحركة العلمية والثقافية في القدس على اعتبار أن هذه الحركة تعد مدخلاً منطقيًا لدراسة الموضوع، أما المبحث الثاني فعالج مكتبة المسجد الأقصى في شقها التاريخي منذ الفتح الإسلامي حتى عصرنا الحالي، في حين عالج المبحث الثالث الأخير مكتبة المسجد الأقصى في وضعها الراهن. وهذه المباحث الثلاثة تكاد تمثل وحدة متكاملة في دراسة الموضوع . كذلك تم استنتاج مجموعة من النتائج، وعلى أساسها تم رصد وتسجيل مجموعة من التوصيات.
وإن أرضى عملنا هذا الباحث والمهتمين والأساتذة الأفاضل، فذلك بتوفيق الله وفضله، وإن قصرنا فمن عند أنفسنا، وهو جهد المقل، ونسأل الله العون والسداد والرشاد، إنه نعم المولى ونعم المجيب.
المبحث الأول : الحركة العلمية والثقافية في القدس :
1/0 تمهيد :
يعالج هذا المبحث بصورة مختصرة – الحركة العلمية والثقافية في القدس التي كانت سائدة في البلاد، وبيان مدى نضوجها وعوامل ازدهارها، وأهم نتاجها الفكري المتمثل في الكتب، على اعتبار أن هذه الحركة تعد مدخلاً منطقيًا لدراسة موضوع "مكتبة المسجد الأقصى" - وهو بيت القصيد كما يقولون - حيث ارتبطت نشأة المكتبات وتطورها بمدى نمو وتطور الحركة العلمية والثقافية في البلاد.
وكان من الضروري في بداية هذا المبحث الإلماع بلمحة يسيرة عن تاريخ وجغرافية القدس للوقوف على الأوضاع السائدة المتعلقة بمكانية الموضوع محل الدراسة.
1/1 لمحة جغرافية وتاريخية عن القدس :
القدس هي إحدى عواصم المسلمين الروحية وعاصمة فلسطين السياسية، وستظل إن شاء الله ما دامت السماوات والأرض، فالقدس عربية المنشأ والهوية، أسسها اليبوسيون العرب – وهم بطن من الكنعانيين – وأطلقوا عليها "يورسالم" أو "يبوس" على اسم اليبوسيين بناة القدس الأولين، وكان ذلك سنة 3000 ق.م(1). ومنذ ذلك التاريخ إلى يومنا هذا لم تعرف بقعة في العالم تصالحت عليها المحن واختلف عليها الغزاة والطامعون من كل حدب وصوب كأرض فلسطين وخاصة مدينة القدس.
وتعد مدينة القدس ظاهرة حضارية فذة تنفرد بها دون سواها من مدن العالم، ويحار من الباحثين كل من يحاول استشفاف أسباب نشأة هذه المدينة المقدسة والتعرف إلى الخصائص الجغرافية والتاريخية والحضارية الفريدة التي يتمتع بها كل من الموقع والموضع.
والقدس ليست مجرد مدينة من المدن أو عاصمة من العواصم، وإنما هي مركز إشعاع يتفجر بمعان تاريخية ودينية وحضارية قلما توافرت في مدينة أخرى،فمدينة القدس تحتل مكانة بارزة في وعي الإنسان في كل مكان وزمان، حيث تميزت تاريخيًا بأنها مدينة ترفض الاستسلام طوعًا لأحد من الغزاة، وهي تتجمل بالصبر على محاولات اغتصابهم لها وفرض سطوتهم عليها بالقوة.
ولا يلخص هذا الوصف واقع مدينة القدس التاريخي تمامًا، أو كما حدث بالتفصيل، ولا يكشف عن واقعها المرير الآن، ولكنه يكشف عن حضورها التاريخي ويؤكد شخصيتها المتميزة المتمردة على كل ظلم وظالم.
والقراءة المتأنية لتاريخ المدينة تكشف عن مراحل تألقت فيها القدس، فاحتلت خلالها مراكز مرموقة ومكانة حضارية رفيعة، مما جعلها دومًا في قلب الحدث التاريخي، كذلك تميزت المدينة بالمحافظة على مركزيتها وأهميتها الإستراتيجية.
وللجغرافيا أيضًا إسقاطاتها المختلفة على القدس، ودون التطرق إلى التفاصيل، يمكن القول إن المدينة قد وقعت في أهم منطقة في العالم : منطقة البحر الأبيض المتوسط، وتشكل هذه المنطقة نقطة تجمع للممرات الدولية الهامة، كمضيق جبل طارق والدردنيل ومنطقة الخليج عبر مضيق هرمز وباب المندب وقناة السويس.
وموضوع القدس مثير للدارس والباحث كما هو مثير للسياسي والمتعبد، فهو موضوع يحفل بالحقائق الموضوعية وبالوقائع التاريخية، والعواطف والمعتقدات الدينية، كل هذا أكسب مدينة القدس أهمية وتميزًا وتفردًا لا يشاركها فيها أحد، حتى غدت أهم مدينة في العالم بعد مكة المكرمة والمدينة المنورة.
وسوف أبحث تحت هذا العنصر في تجوال سريع عبر ما يزيد على ثلاثة آلاف سنة الموقع الجغرافي لمدينة القدس والمراحل التاريخية المتعددة لهذه المدينة، فضلاً عن الإشارة إلى مكانتها الدينية والحضارية ولكنني بطبيعة الحال لست معنيًا بالدخول في تفاصيل هذه الموضوعات، فإن المهتم يستطيع الرجوع إليها في مصادر متخصصة أشرنا إليها جملة في متن هذا البحث، ولكن هذا العرض السريع يهدف إلى إلقاء نظرة هنا وأخرى هناك تقودنا إلى التعرف إلى طبيعة هذه المدينة من حيث النشأة والتطور وعبقرية المكان والتحضر، ولمدينة القدس شخصيتها ولها تمايزاتها، وليس من السهل على الإنسان تجاهل خصوصيات المدن، أو إخضاعها لمعايير ثابتة وكأنها تصنع صناعة مثلها في ذلك مثل أي إنتاج آخر من صناعة الإنسان.
وتحتل جغرافية القدس حيزًا فسيحًا في صفحات التاريخ سواء القديم أو الحديث، فتقع مدينة القدس في قلب فلسطين فوق تل صخري على بعد نحو خمسين كيلو متر من مدينة "يافا"، على خط العرض (31.52ْ) شمالاً، وخط الطول (35.13ْ) شرقي جرينتش، وقد بنيت المدينة على مرتفعات أربعة تحيط بها مجموعة وديان، وهذه المرتفعات هي : جبل مورُيّا القائم عليه الحرم القدسي الشريف، وجبل أكرا حيث توجد كنيسة القيامة، وجبل بزيتا بالقرب من باب الساهرة، وجبل صهيون الواقع عليه مسجد النبي داوود، وتحيط بالمدينة جبال منها : جبل رأس أبو عمار، وجبل الزيتون، وترتفع المدينة (892) مترًا عن سطح البحر(2)، كما تحيط بالمدينة عدة تلال وأودية، وهذه الأودية هي "وادي قدرون من الغرب، ووادي هنوم من الشرق، ويبدأ الواديان من الطرف الشمالي الغربي، ويلتقيان في جنوب المدينة، وبذلك يحيطان بالمدينة من الشرق والغرب والجنوب"(3) .
وكان من الطبيعي أن يقع اختيار سكانها الأصليين وهم اليبوسيون (بطن من الكنعانيين العرب) على هذا الموقع بالذات لبناء مدينة القدس التي أطلقوا عليها اسم "يبوس" منذ الألف الثالث قبل الميلاد، وذلك لما يتميز به هذا الموقع من حصانة طبيعية في وجه الغزاة، فضلاً عن توفر المياه به، فعلى مقربة من "حصن يبوس" يوجد ماء غزير في وادي قدرون.
ويعتبر "حصن يبوس" أقدم أبنية المدينة، وقد شيده اليبوسيون على القسم الجنوبي من الهضبة الشرقية، وشيدوا في طرف الحصن برجًا عاليًا للسيطرة على المنطقة، وأحاطوا الحصن بسور(4).
وهكذا قامت مدينة القدس في موقع متميز من أرض فلسطين جعل منها "صورة الوطن المقدس وملتقى أقطاره"(5)، الأمر الذي حدا ببعض العلماء الأقدمين إلى اعتبارها مركز الكوكب الذي نعيش على سطحه، ويدور في فلك القدس عدد من المدن والقرى، ولموقعها هذا أهمية إستراتيحية وأهمية دينية وأهمية حضارية.
وتنقسم مدينة القدس إلى قسمين :
1- المدينة القديمة (القدس الشرقية) وهي زاخرة بآثارها الدينية، وتضم معظم الأماكن المقدسة، وأهم هذه الأماكن "المسجد الأقصى"، وهو الحرم المقدس للمسلمين، الذي تهفو إليه قلوب الملايين من بني البشر. وقد احتلت إسرائيل هذا القسم من مدينة القدس عام 1967م.
2- المدينة الجديدة (القدس الغربية) : وهي حافلة بالمباني والطرق الحديثة، وقد اغتصبت إسرائيل هذا القسم من مدينة القدس اغتصابًا واستولت عليه عنوة عام 1948م.
وتشكيل المدينة هو انعكاس جدلي للموقع الجغرافي الذي تنمو فيه ولمناخها الطبيعي ولطبيعة الناس الذين ينتمون إليها، وخلال تاريخها الطويل تعرضت القدس لمؤثرات خارجية متعددة كانت متعارضة الأسلوب والهدف في معظم الأحيان، فتركت بصمات واضحة على واقعها التنظيمي وطابعها المعماري.
ولما كانت القدس أكثر المدن فرادة في العالم – حيث تتميز بشخصية واضحة المعالم – فقد كيفت نفسها مع هذه المؤثرات الخارجية ومزجت بينها وبين طبيعة موقعها وحاجات إنسانها المادية والأمنية والروحية، وفضلاً عن كونها مدينة فريدة، فهي مدينة شرق أوسطية، حملت بعض سمات نظيراتها في المنطقة، هذه المدن نشأت كمحطات على الطرق الواصلة بين مصادر الحضارات في مراحل تاريخية متعددة(6).
وهكذا يمكن القول إن القدس غدت مصبًا للحضارات الوافدة، وبوتقة للتفاعل بينها، تتمثل القيم في رحمها فتلدها حضارة متميزة، وكذلك يمكن القول إنه لوقوع القدس على خطوط المواصلات، فقد أدى ذلك إلى تلاقح الحضارات على أرضها وظهور ملامح خاصة حفلت بها، ومن أهم هذه الملامح تبلور ثقافة مقدسية متميزة تتعايش في بيئة عربية إسلامية وتحتضن تعددية دينية وثقافية تعايشت في سلام ووئام فيما بينها. وليس غربيًا والحالة هذه أن تغدو القدس مصدر إلهام لكثير من المبدعين من العلماء والأدباء، وأن يصبح موقعها بل ودورها عاملين فاعلين في تخطيطها وفي تشكيلها المعماري وبنائها الحضاري المتميز.
أما الحديث عن تاريخ القدس فهو حديث طويل موغل في القدم، قادم من أعماق التاريخ السحيق، فهو لا يقف في مداه عند بدء عصر الكتابة في القدس أوائل الألف الثالث قبل الميلاد، بل يتجاوزه إلى عصور ما قبل التاريخ التي شهدت ظهور الإنسان العاقل في القدس، وهذا التاريخ هو ثمرة تفاعل الإنسان في القدس مع بعدي الزمان والمكان.
وننظر في بعد الزمان فنجد أن تاريخ القدس هو تاريخ متصل على مدى العصور حافل بأحداث كثيرة، ويمكننا أن نقسم هذا التاريخ إلى مرحلتين رئيسيتين :
المرحلة الأولى : تاريخ القدس قبل الفتح الإسلامي.
المرحلة الثانية : تاريخ القدس بعد الفتح الإسلامي.
وهذا التقسيم له ما يبرره فالانطلاقة العربية الإسلامية في القرن الأول الهجري (السابع الميلادي) كان لها تأثيرها على القدس خاصة والمنطقة العربية عمومًا، بحيث يمكن أن نميز بين ما قبل هذه الانطلاقة وما بعدها، وقد
مر تاريخ القدس في كل من هاتين المرحلتين بعدة أدوار، وكان بصفة عامة تاريخًا متنوعًا، محافظًا على وحدته وعلى مدى القرون التي مضت على نشأة وبناء مدينة القدس، يمكننا ونحن نستحضر تاريخها أن نقف عند أهم الحقائق البارزة فيها، فنذكرها بإيجاز دون تفصيل، وننظم منها عقدًا يبرز وحدة هذا التاريخ.
المرحلة الأولى : تاريخ القدس قبل الفتح الإسلامي :
اجتمعت كلمة المؤرخين على أن العرب هم مؤسسو هذه المدينة، حيث أسسها اليبوسون وهم فرع من الكنعانيين العرب وأطلقوا عليها اسمًا بلغتهم هو يورسالم، وتعني في اعتقادهم مدينة الإله، وكان أهل هذه المدينة يعتقدون بوحدانية الإله"(7).
وكان بناء هذه المدينة في حوالي الألف الثالثة قبل الميلاد، وذلك لخدمة غرض دفاعي وآخر ديني، لذا فقد بنوا هيكلاً لمعبودهم الأعلى "يورسالم" أو "سالم" – كما تذكره بعض المصادر(8) - وكان ملك القدس هو الإله الأعلى، ومن هنا اكتسبت المدينة قدسيتها التي استمرت بعد ذلك لأسباب أخرى.
عُرفت القدس أول ما عرفت باسم "سالم" الجد المؤسس أو الإله الأعلى، وقد كونت "مملكة مدينة" كغيرها من المدن الكنعانية وعرف من أسماء ملوكها "قدوم سالم" و "ملكي صادق" و"أدوني صادق" وأول ذكر لها ورد في نصوص الظهارة المصرية في القرنين التاسع عشر والثامن عشر قبل الميلاد، بصورة "يوروشاليم" ومعناه على الأرجح "مدينة سالم" كما ورد ذكرها في رسائل تل العمارنة في القرن الرابع عشر قبل الميلاد باسم "يورو – سالم" وفي النقوش الأشورية باسم "أوروسليموا" وأقدم اسم لها في العهد القديم هو "شاليم"(9) . وأطلقت أسماء كثيرة على مدينة القدس عبر العصور.
ويتضح مما سبق أن الشعب الكنعاني العربي هو الذي أسس المدينة في زمان بعيد في الماضي وهو الذي أطلق عليها اسمها، وأقام فيها بيتًا للعبادة يذكر فيه اسم الإله فأصبحت قبلة وحجًا، واستمرت هذه صفة المدينة مع تتالي الرسالات السماوية وانتقال أهل القدس من الديانة الكنعانية إلى اعتناق الأديان السماوية الثلاث : اليهودية فالنصرانية فالإسلام.
ازدهرت الحضارة الكنعانية في مدينة القدس والبلاد التي حولها، وبلغت المساحة التي كانت تشغلها المدينة خلال الألف الثاني قبل الميلاد حوالي أربعين دونما(*)، وقد أحاط اليبوسيون مدينتهم بسور، وحين مر إبراهيم (عليه السلام) حوالي سنة 1900 ق.م كانت القدس مدينة متكاملة ذات قاعدة ملكية وهياكل دينية ومركز مقدس.
وفي سنة 1049ق.م بعد انتقال موسى (عليه السلام) إلى جوار ربه، وعلى إثر انقضاء (40) سنة في صحراء التيه، تولى قيادة بني إسرائيل "يوشع بن نون" الذي عبر نهر الأردن واحتل مدينة "أريحا" ولكنه لم يفلح في الاستيلاء على يبوس "القدس"(10).
ولم تسقط القدس في يد بني إسرائيل إلا بعد ظهور النبي داوود (عليه السلام) ملكًا عليهم سنة 1020ق.م – الذي كان قد وحد قبائل إسرائيل في ذلك الزمن تقريبًا، حيث زحف بجيش يضم نحو ثلاثين ألف مقاتل(11).
احتل داوود المدينة التي كانت تعرف آنذاك باسم "يبوس" في القرن الحادي عشر ق.م. وقد وفق في اختياره لها عاصمة لملكه لأنها حصينة ويسهل الدفاع عنها، كما أنها تتحكم في الطرق الرئيسية، وأطلق عليها اسم "أورشليم" وبنى قصره الملكي فيها، ولداوود نسبت "المزامير"(12).
ثم ورث سليمان (عليه السلام) الملك من بعد أبيه "داوود" وحكم أربعين سنة ما بين 963-923ق.م، وبنى هيكلاً وتحصينات وثكنات، وقد دمر هذا الهيكل عدة مرات في التاريخ ولا وجود له في الوقت الحاضر، رغم كل المحاولات التي قام بها بنو صهيون للعثور على بقاياه، وهكذا لم تدم دولة اليهود سوى فترة قصيرة، امتدت من سنة 1020ق.م إلى سنة 923ق.م أي أقل من قرن من الزمان(13).
وبعد سليمان انقسمت البلاد في عهد خلفه إلى مملكتين، وهو أمر متوقع ومنتظر من اليهود الذين لا يجتمعون على نبي ولا ملك – على حد تعبير أحد العلماء(14) – هما مملكتا إسرائيل ويهوذا :
* مملكة إسرائيل : كانت توجد في الشمال واتخذت السامرة (نابلس) عاصمة لها، وعاشت في الفترة من سنة 927ق.م إلى سنة 921ق.م، حيث قضى عليها الملك الأشوري "سرجون الثاني".
* مملكة يهوذا : كانت توجد في الجنوب واتخذت أورشليم عاصمة لها، وعاشت في الفترة من سنة 923ق.م إلى سنة 586ق.م، حيث قضى عليها ملك بابل "نبوخذ نصر".
وهكذا لم تعمر المملكتان طويلاً، بل تلاشتا إلى الأبد، وسُبي اليهود على يد ملكي أشور وبابل، ونقل من بقي منهم إلى بلادهما (أشور وبابل). وظل العرب اليبوسيون يعيشون في مدينتهم المقدسة محافظين على طابعهم السياسي وعاداتهم وتقاليدهم الاجتماعية.
وشهدت القدس منذ القرن العاشر قبل الميلاد وحتى الفتح الإسلامي تتابع حكم دول وإمبراطوريات تداولت الأيام بينها فيها، فقد حكمها المصريون في عهد شنشيق لفترة قصيرة(15)، والأشوريون فالكلدانيون فالفرس فالإغريق فالرومان، وحبلت هذه العهود بأحداث وأحداث، تجلت من خلالها قدرة شعب القدس على التكيف مع هذه الأحداث، وعمل على الجمع بين الإصالة والتجديد بالحفاظ على هويته وبالتفاعل مع التجارب الحضارية الأخرى وتبادل التأثير معها.
وقد شهدت القدس أبان حكم الفرس (538- 332ق.م) رجوع بعض يهود السبي من بابل إليها، الذين أعادوا بناء الهيكل مرة أخرى بعد صعوبات كثيرة(16)، ولم يهدأ حال اليهود في القدس أو يتوقف عند هذا الحد، بل أخذوا يحاربون أهل القدس من الفلسطينيين ويقاتلونهم لامتلاك البلاد، الأمر الذي جعلهم يذوقون الهوان والذل أثناء الحكم الفارسي على فلسطين، وكذلك الحكم الروماني، حيث تعرضوا في كل الدولة الرومانية إلى محق وخاصة في الفترة من سنة 131-135م، وذلك في عهد الإمبراطور هدريان الذي قضى على اليهود وهدم الهيكل والقدس، وأعاد بناء القدس مرة أخرى وأطلق عليها اسم "إيلياء كابيتوليا" وسمى البلاد فلسطين السورية(17).
ومنذ ذلك التاريخ لم يقم في فلسطين أو القدس كيان يهودي يذكر حتى سنة 1948م،وإن بقي يهود قليلون يقطنون البلاد بعد سنة 135م، وكان عددهم يتراوح ما بين الزيادة والنقصان تبعًا لما أبداه حكام البلاد اللاحقون من تسامح أو تعنت(18).
وقد أورد القس "تشارلزت بردجمان" في كتابه إلى رئيس مجلس الوصايا بتاريخ 12/1/1980م الفترات التاريخية التي مرت بها مدينة القدس حتى الفتح الإسلامي على النحو التالي(19):
م
الشعوب
البيان
التاريخ
الفترة الزمنية بالسنة
1
الإسرائيليون
من مملكة داوود إلى سقوط أورشليم
1020-586ق.م
434
2
البابليون
من سقوط أورشليم إلى سقوط بابل
586-538ق.م
50
3
الفرس
من سيروس إلى الغزو المقدوني الفارسي
538-332ق.م
206
4
الإغريق
من غزو الإسكندر للقدس إلى تحرير المكابيين
332-166ق.م
166
5
اليهود
الدول المكابية
166ق.م-63م
93
6
الرومان
من الغزو الروماني للقدس إلى الفتح الفارسي
63-614م
677
الفرس
فترة حكم الفرس
614-628م
14
8
الرومان
إعادة فتح القدس على يد البيزنطيين
628-637م
11
من هذا البيان يتضح لنا أن اليهود لم يمكثوا في القدس كحكام لها إلا في عهد مملكة داوود نحو (434) سنة وفي عهد الدولة المكابية نحو (93) سنة.
من هذا العرض لتاريخ الوقائع المتعلقة بالقدس قبل الفتح الإسلامي – والذي عرضناه بإيجاز أعلاه – يمكن استخلاص بعض الحقائق التي نوجزها في النقاط التالية :
1- أن الحقائق التاريخية تؤكد أن مدينة القدس عربية منذ فجر التاريخ إلى يومنا هذا.
2- أن الموقع الإستراتيجي والمكانة الدينية والحضارية لمدينة القدس جعلاها مطمعًا لجميع الأمم وخاصة اليهود الذين يزعمون ويدّعون أنها أرض الميعاد.
3- أن اليهود لم يكونوا أصلاً من أهل القدس وإنما هم وافدون عليها وبها سكان أصليون يتألفون من الكنعانيين والفلسطينيين، لهم فيها قدم وعيش وحضارة وثقافة قائمة.
المرحلة الثانية : تاريخ القدس بعد الفتح الإسلامي :
نشأت العلاقة بين القدس والإسلام منذ أُسري برسول الله محمد صلى الله عليه وسلم من مكة إليها، ومنها عرج إلى السماوات العلى، وأصبح الإيمان بهذا الإسراء جزءاً من العقيدة الإسلامية، وأصبحت القدس قبلة المسلمين وهم في مكة والكعبة المشرفة بين أيديهم، وبقيت قبلة المسلمين مدة تتجاوز الأحد عشر عامًا،مع أن الكثيرين كانوا يعتقدون أنها كانت قبلة لمدة سنة ونصف السنة فحسب بعد الهجرة، إلى أن أمر النبي عليه الصلاة والسلام بتحويل القبلة إلى الكعبة في السنة الثانية من الهجرة، فقد "ظلت القدس قبلة ابتداء من سنة 612 للميلاد، السنة التي فرضت فيها الصلاة، وانتهاء بسنة 623 للميلاد السنة التي حولت فيها القبلة إلى مكة(20). وعلى هذا يعتبر سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم الفاتح لبيت المقدس وواضع حجر الأساس للوجود الإسلامي في تلك البقعة المباركة.
في سنة 17ه الموافق 638م فتحت مدينة القدس على يد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، وتسلم مفاتيحها من "صفرونيوس" بطريرك القدس، وأعلن عهده المشهور – المسمى العهدة العمرية – لأهل إيلياء (القدس) وفي هذا العهد أعطى الأمن والأمان لأهل القدس من المسيحيين، في أنفسهم وأموالهم وكنائسهم ... إلخ(21).
وبدأت القدس منذ الفتح العربي الإسلامي مرحلة جديدة في تاريخها، بقيت خلالها فلسطينية عربية، واستمرت مركزًا روحيًا في ظل الحكم الإسلامي لها، واتصل تاريخها على مدى القرون الثلاثة عشر التالية، وإن تعرضت خلال قرن واحد منها لحكم الصليبيين.
ففي سنة 1099م استولى الصليبيون على مدينة القدس، وأنشأوا ما يسمى ب "مملكة ما وراء البحار" وحكموها من القدس(22)، ولبثت تلك المملكة المسيحية حتى سنة 1187م حينما حرر السلطان صلاح الدين الأيوبي القدس من قهر الصليبيين وانتصر عليهم في موقعة حطين في 3 يولية 1187م، وعادت القدس إلى الحكم الإسلامي.
أمر صلاح الدين بإعادة أبنية القدس إلى حالها القديم، وطهر المسجد والصخرة من أقذار الصليبيين، وصلى فيهما، ونصب منبرًا في المسجد كان نور الدين محمود قد أمر بصنعه، وعمل صلاح الدين على توسيع المسجد الأقصى، وتدقيق نقوشه، وزوده بالمصاحف والكتب، فعاد إليه رونقه وبهاؤه وجلاله(23).
ويصور العماد الأصفهاني اهتمام صلاح الدين بالمقدسات الإسلامية، وخاصة المسجد الأقصى والصخرة المباركة، بقوله : "وحمل إليها (أي إلى الصخرة) وإلى محراب المسجد الأقصى، مصاحف وختمات وربعات معظمات، لا تزال بين أيدي الزائرين على كراسيها مرفوعة، وعلى أسرتها موضوعة"(24).
واستمرت عناية الأيوبيين بالأقصى والصخرة، كما اهتم من تلاهم من حكام المماليك بعمارة القدس، فجدد الظاهر "بيبرس" ما تداعى من قبة الصخرة وقبة السلسلة وزخرفهما، وبنى خلفاؤه عددًا من الآثار البديعة في المدينة، ومن مظاهر هذه العناية ما فعله بعض سلاطين المماليك في مجال القراءات "ففي عهد الملك الأشرف برسباي، وضع مصحفًا شريفًا تجاه المحراب – وهو مصحف كبير عظيم أهدي إليه بدمشق – ووقف عليه وقفًا، وعين الشيخ شمس الدين محمد بن قطْلُوبُغا الرملي المقرئ للقراءة فيه، وكان قارئًا مشهورًا في الحفظ وحسن الصوت، ثم حل ابنه زين الدين عبدالقادر في وظيفة والده بعد وفاته"(25).
ولا شك أن هذا الصنيع يعكس عاملاً من عوامل تقدم الحركة الفكرية في بيت المقدس، وكانت بيت المقدس مشهورة بعلمائها في العصر المملوكي، وعندما زار ابن بطوطة بيت المقدس في العصر المملوكي سنة 726ه وصفها بأنها كانت عامرة بالعلماء(26).
واستولى العثمانيون بزعامة السلطان سليم الأول على فلسطين بما فيها القدس سنة 1516م، وأصبحت القدس جزءاً من ولاية دمشق إبان الحكم العثماني، واهتم السلطان سليم القانوني (1520-1566م) بعمارة القدس فجدد السور ورمم قبة الصخرة وجدران الحرم وأبوابه.
ولم تلبث المدينة أن عانت خلال القرنين التاليين من الضعف الذي أصاب الدولة العثمانية، واستمر الحكم العثماني لمدينة القدس حتى سنة 1917م.
وفي خريف سنة 1917م دخلت فلسطين قوات مسلحة بريطانية واستولت على مدينة القدس،وأصبحت تحت الإدارة العسكرية البريطانية، وفي العام نفسه أصدر وزير خارجية بريطانيا آنذاك المستر بلفور ما يسمى ب "وعد بلفور" الخاص بإنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين، وفرضت بريطانيا الانتداب البريطاني على البلاد منذ سنة 1922م حتى سنة 1948م.
وخلال هذه الفترة، وتحديدًا سنة 1947م وافقت الجمعية العامة للأمم المتحدة على مشروع تقسيم فلسطين إلى دولتين : عربية – ويهودية، وأن تبقى مدينة القدس تحت إشراف مجلس الوصاية التابع للأمم المتحدة بوصفها كيانًا مستقلاً.
وفي سنة 1948م أعلنت سلطة الانتداب البريطاني عزمها على الانسحاب من فلسطين،وانسحبت فعلاً في 14 مايو 1948م. وفي 15 مايو 1948م أعلن المجلس القومي اليهودي المؤقت في "تل أبيب" قيام دولة إسرائيل، وتلا ذلك فورًا قتال بين القوات المسلحة اليهودية والقوات المسلحة العربية، وبعد انتهاء شتى مراحل القتال كانت القدس الغربية تحت سيطرة اليهود، والقدس الشرقية تحت حماية الأردن، وبقيت المدينة مقسمة على هذا النحو حتى سنة 1967م حين استولت إسرائيل على باقيها.
ومنذ سنة 1967م حتى يومنا هذا بدأت مدينة القدس عهدًا من المعاناة وعهدًا من المقاومة للاحتلال الإسرائيلي، ولم تكتف حكومة إسرائيل بكل ما فعلته في مدينة القدس من تخريب وتدمير وتشريد أهلها، بل استصدرت سنة 1980م قرارًا من الكنيست الإسرائيلي بأن مدينة القدس الموحدة هي عاصمة إسرائيل الأبدية.
وابتداءً من سنة 1990م حتى يومنا هذا بدأت المفاوضات بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي في ضوء الحل النهائي للقضية الفلسطينية بما فيها مدينة القدس التي تعتبرلب الصراع العربي الإسرائيلي، فالقدس كانت دومًا مفتاح الحرب والسلام في المنطقة، إذا استتب الأمن والسلام فيها نعمت المنطقة كلها بالأمن والسلام والاستقرار، وعكس ذلك صحيح.
وتعمل إسرائيل بكل ما أوتيت من غطرسة القوة على إخضاع الشعب الفلسطيني عن طريق تدميره بكل الوسائل : سياسيًا، واقتصاديًا، واجتماعيًا، ونفسيًا، وتعليميًا، ولكن التاريخ – وهو معلم الشعوب – أثبت قبل أكثر من ثمانمائة سنة في ظروف متشابهة من حيث تمزق الصف العربي والاحتلال الصليبي للقدس وفلسطين، أن صلاح الدين الأيوبي الذي عقد العزم وبالإرادة والتنظيم والولاء لله والجهاد في سبيله استطاع تحرير القدس، مما يحدونا أن نأخذ العبرة والاستفادة من دروس الماضي.
1/2 الحياة العلمية والثقافية في القدس :
القدس اسم سجله الإسلام في صفحة مشرقة من صفحات التاريخ، وهو رمز للطهر والنقاء، ولنشر السلام والوئام، وقد وضع المسلمون الدعائم الراسخة لهذه البقعة المباركة منذ أكثر من أربعة عشر قرنًا، وحاطوها بالرعاية والتقدير واحترام شعائر الدين ومقدساته التي تشد إليها الرحال من جميع الأقطار ابتغاء مرضاة الله.
ولقد أصاب أحد الباحثين حينما ذهب إلى أن "ارتباط القدس بالحياة الإسلامية الأولى، قد جعل منها ومن الأرض المباركة حولها أكثر من مجرد تراب يعيش الإنسان المسلم فوقه، بل قاعدة أرضية مقدسة من قواعد الإسلام، لا تقوم مقامها الدنيا بأسرها"(27).
فارتباط المدينة المقدسة بالحياة الإسلامية أمر بدهي لا جدال فيه،فقد شرفها الله بالإسراء، ومنها كان معراج رسول الله (() إلى السماوات العلى، وفي القرآن الكريم والأحاديث النبوية نصوص كثيرة، تخص هذه المدينة وتبين مكانتها المقدسة، فهي بقعة مقدسة تهفو إليها نفوس المؤمنين في مشارق الأرض ومغاربها، حتى غدت قداستها لدى المسلمين وارتباطهم بها جزءاً لا يتجزأ من العقيدة الإسلامية.
وإن البلاد والبقاع كالأشخاص لها ملامح ومعالم تميزها، وصفات وخصائص تربطها بالقلوب وتصلها بالمشاعر والأحاسيس، وإن لبيت المقدس من هذه الصلات والروابط ما يجعل له مكانة عظيمة في نفوس المسلمين وذكرى خالدة على مر العصور والدهور.
والتاريخ العلمي لهذه المدينة ينطوي على حقبة طويلة من أمجاد الإسلام والمسلمين، تهز المشاعر ذكرياتها وتحفز النفوس أحداثها، وإن في استعراض شطر من لمحات هذا التاريخ وتعرف حقائقه، ليظهر لنا بجلاء المكانة العلمية لهذه البقعة المباركة ويبين لنا مدى ما وصل إليه المسلمون من رقي حضاري وتقدم علمي.
ولعل تاريخ الحياة العلمية والثقافية لهذه المدينة المقدسة يبدأ منذ الفتح الإسلامي لها وحتى عصرنا الحالي، ونظرًا لطول هذه الفترة، فقد تم تقسيمها إلى مراحل وفترات متميزة المعالم، تناول الباحث في كل منها لمحة تاريخية موجزة عن الحركة العلمية والتعليمية فيها واتجاهاتها العامة، ومراكزها الرئيسية ومؤسساتها وأبرز علمائها وأهم مصنفاتهم.
ويجب ألا يغيب عن البال – في هذا المقام – أن عملية تقسيم التاريخ العلمي إلى فترات ما هو إلا تقسيم اصطناعي بالدرجة الأولى من أجل الدراسة فقط، ذلك أن التاريخ العلمي للقدس ما هو إلا حلقات زمنية متصلة ومتداخلة ومتراكمة من الصعب فصلها عن بعضها، ومع ذلك لا ينكر الباحث أن هناك بعض الأحداث ذات سمات بارزة قد تترك آثارًا خاصة يحسن أخذها بعين الاعتبار، وقد تصبح مرشدًا عمليًا لتحديد الفترة الزمنية، وقد تبلغ من الأهمية أن تسمى الفترة الزمنية بها.
1/2/1 الفترة الأولى : منذ الفتح الإسلامي وحتى نهاية العصر الفاطمي (17-492ه/ 638-1099م):
حض الإسلام بقوة على طلب العلم، وجعله فريضة على كل مسلم ومسلمة، وكرم العلماء وجعلهم ورثة الأنبياء، وذلك ظاهر بجلاء في آيات كثيرة من القرآن الكريم وفي كثير من أحاديث الرسول الكريم (() الذي كان معلمًا، وكذا كان الصحابة من بعده.
وكان من التوجيهات الأولى لأمير المؤمنين عمر بن الخطاب بعد فتح القدس الأمر ببناء المساجد التي كانت مراكز عبادة ومراكز علمية وتعليمية في الوقت نفسه، وقد قام عمر نفسه












التوقيع
اقم دولة الاسلام في قلبك
قبل ان تقمها على ارضك
أبو عبدالرحمن
<a href=http://alyaseer.net/vb/image.php?type=sigpic&userid=16419&dateline=1227596408 target=_blank>http://alyaseer.net/vb/image.php?typ...ine=1227596408</a>
  رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع تقييم هذا الموضوع
تقييم هذا الموضوع:

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
فهرس آلي للمكتبات على الانترنيت السايح المنتدى الــعــام للمكتبات والمعلومات 3 Aug-06-2016 06:16 AM
نبذه عن مكتبة الملك فهد الوطنية العنقود المنتدى الــعــام للمكتبات والمعلومات 15 Nov-26-2011 07:55 AM
المكتبات في مدينة القدس السايح منتدى مراكز مصادر التعلم والمكتبات المدرسية 7 Oct-28-2008 05:41 PM
تغطية ندوة المكتبه الوقفيه بالمملكة العربية السعودية محمد حسن غنيم عروض الكتب والإصدارات المتخصصة في مجال المكتبات والمعلومات 1 Aug-06-2007 03:02 PM
الصورة الذهنية لمكتبة الإسكندرية د.محمود قطر المنتدى الــعــام للمكتبات والمعلومات 4 May-25-2006 10:54 AM


الساعة الآن 02:28 PM.
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. جميع الحقوق محفوظة لـ : منتديات اليسير للمكتبات وتقنية المعلومات
المشاركات والردود تُعبر فقط عن رأي كتّابها
توثيق المعلومة ونسبتها إلى مصدرها أمر ضروري لحفظ حقوق الآخرين