[Sara Qeshta]

نعيش عصر وفرة المعلومات..: تنمية الموارد البشرية أساس ثقافة المعلومات




من أين تأتي ثقافة المعلومات ..? وما المهام الجديدة للتعليم في مجتمع المعلومات ?
وقبل ذلك كيف يمكننا ان نعرف مجتمع المعلومات ..‏
وما دور منظومة التعليم العالي في سورية في بناء هذا المجتمع ...?! وماهي التحديات والاستراتيجيات أمام هذه المنظومة .. لكي يكون دورها فاعلاً في التنمية ...?!‏
ثقافة ومجتمع المعلومات‏
انطلق الدكتور نجيب عبد الواحد معاون وزير التعليم العالي لشؤون البحث العلمي في تناول تلك القضايا من أهمية التعليم والتدريب في بناء وتنمية الموارد البشرية معتبرا ان هذه العملية هي الأساس في بناء ثقافة المعلومات في أي مجتمع .‏
ورأى أن مجتمع المعلومات تكون فيه عمليات النفاذ الى المعلومات والبحث عنها واستخدامها

وانتاجها وتبادلها هي العمليات الاساسية المؤثرة في حياة الأفراد والمؤسسات كافة . مشيراً الى ان مايميز عصرنا هذا الذي نعيشه هو وفرة المعلومات وفي وقت كانت فيه الندرة لها هي السمة الغالبة في العصر السابق ومن هنا فقد اكتسب التعليم في عصرنا الحالي لونا خاصا حيث تغير دور المعلم والطالب اليوم بعد ان كان المعلم هو من يأتي بالمعلومات ليقدمها للطالب .‏
وأن أهم خصائص المعرفة اليوم أصبحت تتركز في امتلاك الأدوات التكنولوجية وتكوين رأس مال فكري وامتلاك ديناميكية وامكانية للتكيف مع الموقف ومهارات الاتصال والتعاونية وامكانية الولوج لحظيا الى قواعد المعلومات .‏
وتطرق في حديثه الى المرتكزات الأربعة التي حددتها منظمة اليونسكو في بدايات هذا القرن الواحد والعشرين من أجل بناء مجتمع المعلومات وهي : يجب ان نعلم الطالب كيف يعرف, أي أن نربيه على تمييز المعلومة بين ماهو حقيقي وماهو وهمي .‏
ويجب ان نعلمه كيف يكون قادرا على الولوج لمخزون المعلومات الهائل وان نزوده بالتفكير العلمي الذي يضمن تحويل المعلومات الى معرفة و نعلمه كيف يكون قادرا على اقامة الجسور بين مختلف الاختصاصات ومختلف المنظومات العلمية لا أن يكون محدودا باختصاصه وهذا مايسمى حاليا ( الانتقال مابين التخصصات ) ونعلمه ايضا كيف يكتسب مهارات وان يعيش مع غيره وهنا يأتي تشارك المعلومات ( الاتصال ) والتعايش اي العمل بالفريق والتفاعل البناء حتى مع من قد يختلف معهم بالرأي , ونخلق فيه روح المبادرة وكيف يكون أخذا ومعطيا أثناء التعلم.‏
وهنا خلص الدكتور عبد الواحد الى أن عملية التعلم في هذا العصر اكتسبت صفة التفاعلية والمرونة وقبولها لاستيعاب الاعداد الكبيرة واعتمادها على الحاسوب وهي أكثر مواكبة لتلبية الاهداف الحالية التي يفرضها مجتمع واقتصاد المعرفة .‏
مشهد جديد للتعليم العالي‏
وفي تناوله لتجارب عدد من الدول في مجال التعليم العالي بين د. عبد الواحد وجود مؤشر للتعليم يترجم مدى انتشار ثقافة المعلومات اليوم وهونسبة الالتحاق بالتعليم العالي من بين الشريحة العمرية من 18 - 23 سنة ,وقال اننا نلاحظ ومنذ بداية التسعينات ان هناك دولاً اتجه ميل المنحني ( المؤشر ) فيها بشدة نحو الأعلى وهذا دليل علمية في نشر ثقافة المعلوماتية وفي اعداد الموارد البشرية اللازمة( كأمريكا وفلندة وكوريا الجنوبية و لبنان ) وقد وصلت النسبة الى 30% أما في سورية فكانت النسبة دون العشرين بالمئة وبالمقابل هناك دول مثل الهند ( أقل من 10% ) والباكستان ( 2.5%) نسبتها منخفضة جداً وهذا الأمر يتعلق بعدد السكان ونسبة الاستثمارات في التعليم العالي.‏

وأضاف ان هناك دولاً اختارت نوعية وجودة التعليم بدلا من العدد ( الهند - ماليزيا ) فالتطور لديهم نحو الأعلى , ومن هنا لاتكون دوما نسبة الالتحاق بالتعليم العالي تعبر بشكل مطلق عن ثقافة المعلومات .‏

إصلاح منظومة التعليم العالي‏

وبالنظر الى واقع منظومة التعليم العالي في سورية قال . د . عبد الواحد : لدينا أربع جامعات حكومية ومن الملاحظ انها توسعت شاقوليا ,حيث ان عدد السكان يزداد في سورية لكن نسبة الالتحاق بالجامعات ثابتة وكذلك عدد الجامعات بقي نفسه , من هنا نستنتج ان التوسع كان على حساب النوعية.‏

ووجد د . عبد الواحد في المعاهد العليا في سورية انها مراكز تميز وأنها النقاط المضيئة في أن يكون لدينا تعليم عالٍ عالي الجودة.‏

وفي اشارة الى التحديات التي تواجه هذه المنظومة‏

ركز د . عبد الواحد على ضغط الاعداد المتزايدة لطالبي التسجيل في الجامعات و عدد الناجحين في الثانوية العامة يزداد من عام الى آخر ولدينا نسبة الاناث كبيرة وهذا جيد من أجل ثقافة المعلومات فالشهادات التي يحصلون عليها هي مؤشر على انتشار ثقافة المعلومات .‏

فالتوسع الشاقولي امتد ليشمل العلوم والهندسة.‏

ايضا سياسة القبول فيها تحد كبير فالنظر الى علامات الثانوية لايكفي ولايسمح باكتشاف ميول الطالب ,وجودة التعليم ليست سيئة بالمطلق لكنها تردت ترديا نسبياً .‏

أذا ,ىؤكد د . عبد الواحد , أنه امامنا مهمة اصلاح للتعليم العالي لكي نضمن الحديث عن الانتقال الى مجتمع المعلومات والى نشر ثقافة المعلومات .‏

استراتيجية الإصلاح‏

ومن أهم الخطوات اللازمة هنا للانتقال الى مجتمع المعلومات ضرورة زيادة فرص الالتحاق بالتعليم العالي وتحسين جودة هذا التعليم وتغيير طبيعة الخريجين وبث روح المبادرة والريادة فيهم واعتماد مفاهيم الادارة الحديثة والاهتمام بالبحث العلمي وتحقيق التحالف بين التعليم والتكنولوجيا (تسخير التكنولوجيا في التعليم ) وقد لحظنا مؤخرا مبادرات هامة في هذا المجال ( التعليم الافتراضي والتعليم الموازي والتعليم المفتوح ) اتجهت نحو تحسين نوعية القطاع الخاص وأطلقت يده في رفد منظومة التعليم العالي بجامعاته التي بدأت تنمو شيئا فشيئاً وتتجه نحو العالمية .‏

الجامعة الافتراضية‏

ووجد . د . عبد الواحد في الجامعة الافتراضية تجربة ومبادرة مهمة لتسخير التكنولوجيا في مجال التعليم العالي الا أنها واجهت العديد من المعيقات اثرت على مدى الاستجابة والتفاعل معها ويعود ذلك الى نقص ثقافة استثمار التكنولوجيا على الرغم من أن تكنولوجيا المعلومات في التعليم واعدة جدا وتحمل المهارات التي وضعت من أجل التعليم ومايتطلبه مجتمع المعلومات من موارد بشرية ,لكن علينا ان نقبل ان ندور في حلقة بطىئة لأن استخدام التكنولوجيا في التعليم وفي تنمية الموارد البشرية يحتاج ايضا الى ثقافة من قبل مستثمري هذه التكنولوجيا وعلى الرغم من أن التحديات كبيرة هنا وقد لاتسمح بتحسن سريع في هذا المجال , فاننا نأمل ان تحمل الينا التوجهات الاستراتيجية بوادر لهذا التحسن ...!!

المصدر /
http://thawra.alwehda.gov.sy/_archiv...20050220201300