[محمد حسن غنيم]

حبر على ورق الكتروني


خلفت الثورة الرقمية أثراً عميقاًً في المكتبات ودور النشر والقرّاء، وهي ركائز الكتاب الورقي الثلاث. فالعقد الأخير من القرن العشرين شهد ظهور مكتبات الإنترنت وطلائع الكتب الإلكترونية، أي الألواح التي تتيح تحميل النصوص وقراءتها. وتكاثرت مكتبات «الويب» شيئاً فشئياً، في وقت حسب المراقبون أن تجربة الكتاب الإلكتروني منيت بالفشل. فتنفّس عالم الكتاب الورقـــي الصعداء، بعض الوقت. فبعد خمس سنوات، تعززت مواقع المكتبات الإلكترونية، مع نشوء مكتبات «أمازون» و»غوغل» و»مايكروسوفـــت»، وغيـــرهـــا من المكتبات الالكترونـــية العمـــلاقة، وكســـد سوق الكتاب الورقي.

ولا شك في ان مصدر تهديد الكتاب الورقي، وخصوصاً كتاب الجيب، اليوم، هو الحبر الالكتروني والكتب الإلكترونية. فالكتاب الالكتروني «الجديد» محمول ويُطوى، ويعدل محتواه ويمحى، ويخزّن أعمالاً كثيرة ومتنوّعة. والحبر الإلكتروني تقنية «عرض» (أو طباعة) تستخدم فيها كبسولات صغيرة ملوّنة، تطبع حروفاً على الورق الإلكتروني عند وصلها بالتيار كهربائي. والورق الإلكتروني أشبه بشاشة مسطّحة ليّنة، عاكسة للضوء. ويسعى العلماء الى تخفيف لمعان الورق الالكتروني وتقريبه من الورق، والى زيادة ليونتها لتُلَفّ وتطوى. ويُتوقع أن تعجّل «المادة» الإلكترونية اللينة تلاشي الكتاب، والاستغناء عن الوسائط المادية، كالورق.

والى يومنا، يقتصر استخدام «لوازم» النشر الحديثة على عالم الصحف. ففي ربيع 2006، شرعت الصحيفة الاقتصادية البلجيكية «دي تيجد» في بث تجريبي لمحتواها على نظام «إلياد»، وهو لوح إلكتروني محمول يتيح تحميل الكتب من مواقع الانترنت، وكتابة النصوص باليد، ونقلها إلى كومبيوتر. وحذت الصحيفة الفرنسية «لي زيكوه» (الاصداء) حذو «دي تيجد»، وفتحت محتواها أمام المشتركين، وأمّنت لهم الأخبار العاجلة من وكالة الصحافة الفرنسية، وكتباً رقمية. وتعتزم مطبوعات أوروبية أخرى تجريب النُظم الالكترونية الجديدة، وباشرت البحث في طرق التعامل مع القراء، وتداول النسخ الإلكترونية في الأسواق وقوننتها.

محمد حسن غنيم

المصدر
«ليبيراسيون» الفرنسية، 29/4/2007
الحياة - 09/05/2007
http://www.daralhayat.com/culture/me...e10/story.html