منتديات اليسير للمكتبات وتقنية المعلومات » منتديات اليسير العامة » منتدى تقنية المعلومات » معركة «رقمية» مع الكتاب المطبوع

منتدى تقنية المعلومات هذا المنتدى مخصص للموضوعات الخاصة بتقنية المعلومات التي تتعلق بالمكتبات ومراكز مصادر المعلومات ومراكز مصادر التعلم.

إضافة رد
أدوات الموضوع تقييم الموضوع انواع عرض الموضوع
 
قديم Feb-05-2007, 04:03 PM   المشاركة1
المعلومات

aymanq
مكتبي فعّال

aymanq غير متواجد حالياً
البيانات
 
العضوية: 15229
تاريخ التسجيل: Jan 2006
الدولة: فلسطيـن
المشاركات: 119
بمعدل : 0.02 يومياً


افتراضي معركة «رقمية» مع الكتاب المطبوع

معركة «رقمية» مع الكتاب المطبوع
الضوء يجتاح الحبر

يحق للقراء ان يشعروا بالارتباك حيال مستقبل الكتاب في هذا العالم الرقمي. وهم يعرفون ان التطور العنيد الذي يشهده عالم التكنولوجيا سيجعل الكتاب المطبوع بضاعة مهجورة.
تصور أفلام الخيال العلمي الكتب المطبوعة كضرب من الفلكلور البائد, حيث يصبح من يقتني هذه البضاعة النادرة كمن يهوى جمع الطوابع في عصرنا.

أصبحت المقالات المتعلقة بالكتاب الرقمي شائعة في معظم الصحف والمجلات. ولكن يبدو ان ما يُكتب عن ظاهرة الكتب الرقمية اكثر مما ينشر من كتب رقمية في الواقع. ويدور معظم الجدال في هذا الاطار حول ما اذا كانت الكتب الرقمية ستحل محل الكتب المطبوعة. بالإضافة الى ذلك, فإن الجدال الدائر تستحوذ عليه مشاعر عاطفية ووجدانية حيث يتحسر البعض على القراءة على الشاطئ او في الحمام, وعلى المتعة التي يشعر بها المرء وهو يتفرج على الكتب المصفوفة في رفوف المكتبات والمتاجر. كما تطرح خلال الجدال أسئلة مثل: هل تعيد الكتب الرقمية التوازن بين القارئ والناشر؟ لكن قلة تتطرق الى مسائل مثل كيف يمكن للكتب الرقمية ان تغير العالم بالنسبة الى المستهلك او الى المجتمع ككل؟

ما يحصل اكثر تعقيداً من ظهور أداة إلكترونية جديدة, هي الكتاب الرقمي. والأسئلة العاطفية التي تتمحور حول ما اذا كان الكتاب الرقمي سيحل محل الكتاب المطبوع ليست الا أسئلة تخلو من المعنى, وهي أسئلة مفتعلة وتشتت التركيز. فلا شك في ان الكتاب الرقمي والكتاب المطبوع يمكنهما التعايش معاً, ولكل منهما جمهوره.
الأسئلة الجوهرية المتعلقة بالموضوع هي: كيف ننظر الى الكتب في العصر الرقمي, وكيف «ستتصرف» الكتب في هذا العصر؟ كيف نستخدم الكتب, ونتشارك بها, ونستخدمها كمراجع؟ ما هي توقعاتنا حول استمرار التواصل الإنساني المتجسد في الكتب بينما نحن ندخل العصر الرقمي الجديد؟

في كتابه «الثقافة العربية في عصر المعلومات» يرى الدكتور نبيل علي ان الثقافة في عصر المعلومات اصبحت صناعة قائمة بذاتها, ولم تعد مدينة الى أحاديث الصالونات وسجال المنتديات ورؤى المقاعد الوثيرة وتكرار الجدل العقيم حول العموميات والامور التي صارت في حكم البديهيات, من قبيل اصالة ومعاصرة, ثقافة النخبة وثقافة العامة, وتعريب التعليم... الخ.

لقد اصبحت الثقافة محور عملية التنمية الاجتماعية الشاملة, كما اصبحت تكنولوجيا المعلومات محور التنمية العلمية التكنولوجية, وما يعنينا في هذا السياق هو مصير القراءة ومصير الكتاب المطبوع, ومدى تأثير الإنترنت والكتاب الرقمي على عادات الكتابة والمطالعة القديمة. لكن قبل التطرق الى هذا الموضوع نسأل: ما علاقة الثقافة بتكنولوجيا المعلومات؟

ان الثقافة هي ما يبقى بعد زوال كل شيء, والمعلومات: هي المورد الإنساني الوحيد الذي لا يتناقص بل ينمو مع زيادة استهلاكه, والثقافة تصنع الموارد البشرية كما هي صنيعتها, والاستيعاب الثقافي للثقافة هو اساس التقدم والتنمية. واذا كان الاقتصاد متضامناً مع السياسة قد نجح في التهوين من قدر الثقافة, واذا كانت عولمة الاقتصاد قد قادت قافلة العولمة جارّة وراءها عولمة الثقافة, فان التكنولوجيا في احوال كثيرة اسرع من العمل, والعلم اسرع من الاقتصاد, والاقتصاد اسرع من السياسة, والسياسة اسرع من الثقافة, اي انها €الثقافة€ في ذيل القافلة, فهي ظاهرة اجتماعية تحتاج الى وقت طويل حتى تؤتي ثمارها وتترسخ, ولكن السياسات وحركة الاقتصاد والعلم والتكنولوجيا والاسواق تتغير بسرعة.

والسؤال الذي يطرح نفسه ايضاً: هل نَأَتْ الثقافة وادواتها بنفسها عن هذه المتغيرات؟

عند الحديث عن الثقافة يجب ان يلاحظ التسارع المذهل في الافكار والنظريات كما يحدث تماماً في تطور التقنية, فما ان يظهر مذهب فكري او اجتماعي حتى يلحق به ما يناقضه او ما بعده, فثورة لينين تقضي عليها بريستوريكا غورباتشوف, وبنيوية الستينيات تطيحها التفكيكية وما بعد البنيوية, والحداثة تتجاوزها ما بعد الحداثة, ونجد مصطلحات ورموزاً كثيرة تعبر عن هذا التسارع والنفي وبالامكان وصفها بـ«نهاية» و«ما بعد», نهاية المكان, نهاية الجغرافيا, نهاية التاريخ, نهاية الدولة, نهاية الأيديولوجيا, نهاية المؤلف, نهاية المدرسة, نهاية القومية, نهاية العمل والوظيفة, نهاية الكتاب ونهاية المؤلف. لنواجه مصطلحات جديدة تحل محل هذه النهايات مثل: ما بعد الحداثة, ما بعد السياسة, ما بعد النفط, ما بعد المعلوماتية, ما بعد الانترنت, ومنها مصطلحات النفي مثل مصانع بلا عمال, ومدارس بلا مدرسين, ومكتبات بلا كتب. اذاً نحن ازاء ثقافة المجهول والمغامرة والشك. لكن اين موقع العرب من كل هذه المتغيرات التي تحدث على مستوى العالم, وبالتالي ما هي عدتهم لتوظيف هذه التطورات العملاقة في التعليم والوظائف والخدمات والصناعة... وصولاً الى اللغة.

يجزم د. نبيل علي ان اهم أدوات الثقافة هي اللغة, ويلاحظ ان المعلوماتية قد حققت معالجات متقدمة للغة في تطبيق أساليب الذكاء الاصطناعي لاعطاء الآلة المهارات اللغوية من اشتقاق وتصرف واختصار وفهرسة وترجمة آلية, وتبذل اليابان مثلاً جهودا هائلة لكسر عزلتها اللغوية بالمعالجة المعلوماتية €المعاجم الآلية والترجمة الآلية والتوثيق والبرمجة€ فاحدثت فجوة لغوية هائلة تفصل اللغة العربية عن الاستخدام والتداول, وهناك من يتنبأ ان التعليم قد يتحول وكذلك الثقافة في الدول العربية الى اللغات الأجنبية بسبب التقنية والتسهيلات المتاحة لهذه اللغات. وتتعرض الثقافة العربية والإسلامية الى التشويه والإساءة باستخدام الانترنت دون ان يتاح لها الدفاع عنها ونشرها وتسويقها بسبب عدم مواكبة المعلوماتية. فمواقع الانترنت العربية €سواء كانت باللغة العربية او اللغات الاجنبية€ هي في الغالب ساذجة ومحدودة ولا تكاد تساوي شيئا بالنسبة الى المواقع الأجنبية, ومجموع المواقع العربية اقل عدداً من المواقع الاسرائيلية, بل ان إسرائيل تتقدم الى العالم ببرامج معالجة اللغة العربية وترجمتها, والمد الثقافي القادم عبر طريق المعلومات السريع بكثافة واقتدار قد يغمر الثقافة العربية, وقد يسرق التراث العربي, كما حدث في قصص علاء الدين سندباد والحرف والصناعات اليدوية والتقليدية.

من جديد ماذا عن الكتاب الرقمي وما هي قدرة الكتاب المطبوع على الاستمرار والصمود؟ منذ فترة ظهرت نوعية جديدة من الكمبيوترات الشخصية جداً, والبرامج المتخصصة في اغراض قراءة الكتب المخزنة رقمياً على وسائط التخزين الالكترونية, عرفت هذه النوعية باسم اجهزة القراءة الالكترونية, وصاحب ظهورها توقعات واسعة النطاق بحدوث ثورة في عالم النشر والقراءة, تهدد عرش الكتاب المطبوع, واستندت هذه التوقعات الى الثورة الكبيرة التي احدثها الانترنت في مجال تخزين وتوزيع وبيع الكتب الكترونياً, وظهور شركات عملاقة عاملة في هذا الميدان مثل امازون وغيرها, وايضا استندت الى ان الحاسبات التي ظهرت من اجل هذه الوظيفة فقط عبارة عن كمبيوترات صغيرة في حجم الكف, ولذلك اطلق على البعض منها الاجهزة اليدوية او الكفية, واطلق على البعض الآخر اجهزة الجيب, وكل منها مجهز بذاكرة تتسع لعشرات من الكتب والموسوعات, وعن طريق البرامج التي تثبت عليها تسمح لصاحبها بقراءة وتصفح الكتب المخزنة عليها بسهولة ووضوح, وكذلك البحث فيها بطريقة سريعة وسهلة ومنظمة. وتمادى البعض في التوقعات, وتخيل ان الكتاب الالكتروني سيعمل على الحد من استخدام الورق, ومن ثم الاقلال من ظاهرة التصحر وتدمير الغابات. هذه «التخيلات» لا تعنينا من الاجابة الى اين وصل الكتاب الرقمي من الناحية التقنية؟

الكتاب الالكتروني يقصد به الكتاب المخزن بطريقة رقمية, اي جرى ادخال كلماته ومحتواه على حاسب ما, سواء بطريقة معالجة الكلمات والنصوص, اي يجلس شخص الى الكمبيوتر ويكتب الكتاب بالكامل على لوحة المفاتيح, ويخزنه في ذاكرة الكمبيوتر, او يتم استخدام الجهاز المعروف باسم الماسح الضوئي في تصوير الكتاب الكترونياً وتخزينه على هيئة صور في ذاكرة الكمبيوتر, ثم التعامل مع هذه الصور بعد ذلك بطرقة او باخرى, كأن يتم تحويلها الى نصوص باستخدام البرامج المتخصصة في ذلك, او تغيير طريقة تخزينها لتلائم اغراض القراءة الالكترونية على الحاسبات. وهنا يكون الكتاب جاهزاً للتوزيع والقراءة بشكل الكتروني, مع الاشارة الى ان غالبية دور النشر تلجأ الى عرض الكتب على مواقع خاصة بها على الانترنت, في صورة ملفات قابلة للانزال والتحميل على الكمبيوتر. ويقوم المستخدم بالشراء ودفع قيمة الكتاب الكترونياً عبر الشبكة. وقد يتم بيع الكتاب على وسائط تخزين معينة من محلات البيع والتوزيع, حيث يمكن نقله الى الكمبيوتر الشخصي بعد ذلك.

وعلى الرغم من الانتشار السريع للكتاب الالكتروني, الا ان الكتاب المطبوع لا يزال هو الاقوى والاكثر انتشاراً, ولم تتحقق كل التوقعات التي صاحبت ظهوره, ويبدو ان اهم الاسباب التي ابطأت من تحقق هذا الانتشار عالمياً, يعود الى ان مساحة شاشة القراءة في معظم الكمبيوترات المتخصصة في اغراض القراءة الالكترونية لا تزال صغيرة الحجم للغاية, وغير كافية تماماً بالنسبة للقراءة, فضلاً عن ان درجة الوضوح في الصفحة الالكترونية, على الشاشة تقل كثيرا عن درجة الوضوح في الصفحة المطبوعة على الورق, وهذا الامر ناتج من معادلة السعر والوزن والحجم المطلوب لكي يكون الجهاز سهل الاستخدام, ويجمع الكثير من المختصين والخبراء ان هذه المعضلة التقنية سوف تجد حلاً سريعاً لها. وهذا يعني ان الكتاب الالكتروني سوف ينافس بشدة الكتاب المطبوع. وكما يواجه الكتاب المطبوع منافسة صريحة من الكتاب الالكتروني, فقد ظهرت ايضا الصحف الالكترونية واصبحت تنافس الصحف الورقية منافسة شرسة باعتبارها الوسيلة الاسرع تحديثاً والاكثر تقنية, نتيجة اعتمادها على شبكة الانترنت والتي ستحدث ثورة فعلية في انتاج الصحف خلال السنوات المقبلة, لان ظهور اجهزة الكمبيوتر الجوال والحاسبات الشخصية صغيرة الحجم بالاضافة الى المساعدات الرقمية, سوف تؤدي جميعها الى عمل الصحفيين ومندوبي الإعلانات دون حاجة الى وجودهم داخل المباني والمكاتب الصحفية, حث اصبح بامكانهم ارسال اعمالهم كملفات الكترونية عبر الانترنت وهذا ما يحدث الآن عالميا وفي بعض الدول النامية. كما ان تلك الصحف اصبح بامكانها ان تتفاعل مع القارئ, حيث يستطيع التحاور والمناقشة وابداء الرأي مع الكتاب والنقاد والقراء الآخرين في القضايا المطروحة, عبر جريدته الالكترونية, وتساهم تلك الصحف في انتشار التجارة الإلكترونية وكذلك الاطلاع على الأرشيف الإلكتروني دون عناء, وهو ما ينذر الصحف ودور النشر بضرورة تطوير أنفسهم وتحديث منتجاتهم حسب متغيرات العصر الإلكتروني.

هذه التحولات التي طاولت عادات القراءة والكتابة ترافقت كذلك مع ظهور الورق الالكتروني, وهو ورق قابل لاعادة الاستخدام مرات عدة ولانهائية, بالاضافة الى مزاياه الاقتصادية الاخرى وقدرته على تخزين صورة لا يمكن رؤيتها تحت الضوء العاكس, بالاضافة الى زاوية الرؤيا الواسعة, كما يمكن تجميع كمية من الورق على هيئة كتاب الكتروني يمكن تغييره وتحديثه. ويعمل الخبراء حاليا على اختراع صنف من الورق يقدم خدمات اخرى من بينها استخدامه كلوحة اعلانات متغيرة او كشاشات عرض خاصة باجهزة الكمبيوتر, والكتب والمجلات والصحف الالكترونية, وسيكون له فعاليات وتطبيقات اخرى خلال السنوات القليلة المقبلة, من دون ان ننسى انه مع ظهور الكمبيوتر تطورت الطباعة تطورا هائلاً واختصرت العديد من المراحل الطباعية, وذلك منذ ظهور الطباعة الرقمية, كما تغيرت العديد من المفاهيم, فبعد ان كانت الطباعة اولاً ثم التوزيع, اصبح الآن التوزيع اولاً ثم الطباعة, حيث يمكن ارسال جميع الملفات الرقمية الى اماكن مختلفة من العالم عبر الانترنت, ثم تبدأ بعد ذلك عملية الطباعة, كما اصبح من الممكن انجاز العمليات الطباعية قليلة العدد من النسخ, او الطباعة عند الحاجة فقط, هذا بالاضافة الى زيادة الانتاج وارتفاع الجودة والكفاءة, والتكافل بين المراحل الانتاجية المختلفة وامكانية التعامل من خلال شبكات الاتصال والاستخدام المتعدد للمعلومات الرقمية الواحدة.

لقد ساهمت الشبكات الرقمية في تحويل الكرة الارضية الى قرية واحدة مما اسهم في تبادل الخبرات والمعلومات بين مختلف انحاء العالم, ومما ادى الى الاسراع في عملية التطور والتقدم. وبفضل هذا التطور السريع اصبح من الممكن بث الاعمال الطباعية من قارة الى اخرى عبر الانترنت, بدلاً من ارسالها على اقراص التخزين او البريد العادي او السريع, وذلك نتيجة تعدد وتنوع تقنيات ووسائل شبكات وخطوط الاتصال وأهمها خدمات الشبكات الرقمية المتكاملة, وهي الوسيلة المثلى لنقل المعلومات الالكترونية وبتكلفة منخفضة وبسرعات متباينة وخيالية قياساً الى الطرق التقليدية التي تعتمد على خطوط الهاتف واجهزة المودم, حث التعامل اصبح رقمياً من البداية الى النهاية.

وتشمل الثورة الالكترونية التي يعيشها الانسان الآن عمليات المسح الالكتروني, وهي عمليات نقل الصورة بتقنية عالية, وكذلك التصوير الرقمي, حيث انتشرت تقنيات التصوير الرقمي خلال السنوات الماضية كمنافس للتصوير الفوتوغرافي, وفي التصوير الرقمي لا تستخدم اي افلام او كيماويات واحماض. فكل شيء يتم الكترونيا وبسرعة فائقة, وكذلك فان التصوير الالكتروني اختصر العديد من المراحل ما بين التصوير وطباعة الصورة بحيث اصبح الآن بامكان المصور الصحفي ارسال الصورة في الحال, وذلك بمجرد توصيل الكاميرا بالكمبيوتر ليرسل صورة الحدث دون الحاجة الى الوقت والجهد في الطباعة التقليدية. واذا كانت الثورة الرقمية قد طاولت كل هذه المجالات, فانها ايضاً امتدت لتطاول التعليم التقليدي, وبات بالامكان الآن الاستعاضة عن الكتاب المطبوع, ليتم التعليم بواسطة الاقراص المدمجة, بعد ان تأكد للباحثين والخبراء ان سرعة انتشار الاقراص المدمجة ادى الى نجاحها في توصيل المعلومات, خصوصاً عند استخدامها في الكتب الدراسية والكتب التعليمية في مختلف المراحل. وقد لاقت الاقراص المدمجة نجاحا هائلاً في مجال تحويل المراجع والمعاجم والموسوعات من هيئتها المطبوعة الى الهيئة الالكترونية, حيث يستطيع القرص المدمج الواحد تخزين €650 ميغابايت€ من المعلومات, فبدلاً من شراء موسوعة او اكثر من الكتب الثقيلة, بالامكان اقتناء الكم نفسه من المعلومات على قرص مدمج. ولا يقتصر الامر عند هذا الحد, بل هناك التعليم بواسطة الكتب الالكترونية حيث هذه التقنية تساهم في نشر العملية التعليمية بواسطة الانترنت, كما انها تساعد في النقل المباشر للملفات او النقل على اي من الوسائط المختلفة, وتتم قراءة هذه الكتب على الشاشات, وبواسطة المساعدات الشخصية والرقمية, كذلك تساهم الكتب الالكترونية في حل العديد من المشاكل التعليمية التي كان يعانيها طلاب المدارس, مثل حمل الكتب الثقيلة يوميا من البيت الى المدرسة, حيث اصبح لدى التلاميذ كل المناهج على هيئتها الالكترونية داخل جهاز الكمبيوتر, والى جانب جهاز الكمبيوتر الخاص بالمدرس فانه مع توفير شبكة ربط داخل الفصل ما بين مكتب المدرس والتلاميذ, سيكون بامكان المدرس تولي عملية الشرح من خلال شاشة عرض كبيرة بدلاً من السبورة €اللوح€ ليتابع التلاميذ من خلال الشاشات الخاصة بهم. وتتيح الكتب الالكترونية للتلميذ التعرف ببعض الجمل والسطور الهامة بالدرس بلون مختلف تماماً, كما كان يفعل في الكتب المطبوعة باستخدام الاقلام الملونة.

غوغول: خطة طموحة ولكن
أصبحت علمية «رقمنة» المكتبات العالمية الكبيرة وتحويل محتوياتها الى صفحات الكترونية من اهم المشروعات التي تنفذها شركات تقنية المعلومات. وبسبب اشكاليات فنية عديدة, وصعوبات في التمويل وتشعب مراحل انجاز هذه المهمة التقنية الثقافية التاريخية, سارت تلك المشروعات في بداياتها ببطء شديد ولكن * اخيراً* اعلنت شركة غوغول, اكبر محرك بحث على الانترنت عن تدشينها خطة طموحة تستهدف تحويل النصوص الكاملة لملايين الكتب الموزعة في كبرى مكتبات العالم الى صفحات ويب, ويمكن لمتصفح الانترنت البحث فيها كأي صفحة ويب عادية. وتزامن مع هذا الاعلان توقيع عقود شراكة بين غوغول, وخمس من اكبر مكتبات العالم, هي اكسفورد وهارفارد وستانفورد وجامعة ميتشغان ومكتبة نيويورك العامة, واوضح المسؤولون في غوغول ان هناك عدداً كبيرا من المكتبات من شتى انحاء العالم, سينضم الى القافلة عما قريب. اثار الاعلان فرحة مسؤولي المكتبات والمؤرشفين والمهتمين بعالم المعرفة لان هذا المشروع يعد في تقديرهم اهم خطوة تمت حتى الآن, في اتجاه تعميم المعرفة الانسانية ونشرها وصبغها بالطابع الكوني.

بريفستركال, مؤسس موقع «ارشيف الانترنت» اضخم مكتبة رقمية غير ربحية موجودة حالياً, وصف تلك الخطوة بانها جبارة, وتضفي الشرعية على الفكرة العامة التي تسير باتجاه «الرقمنة» على نطاق ضخم بضخامة الانترنت, ورغم هذا التشجيع من اسم كبير مهتم بنشر المعرفة عن طريق الانترنت, فانه لم يدع الفرصة دون ان ينبه الى ان مثل هذه الجهود التقنية المعقدة, تصاحبها في العادة تحديات جمة, اولها ان امناء كبرى مكتبات العالم سيجدون انفسهم مضطرين لاعادة النظر في الاجراءات الاساسية المتبعة في ارشفة الكتب وتنظيمها. والاخطر من هذا الجانب هو ان قيام شركة غوغول, وهي شركة ربحية قبل اي شيء بارشفة الكتب على الانترنت, معناه في نهاية المطاف بأرشفة الكتب على الانترنت, معناه في نهاية المطاف خصخصة التراث الانساني من المعارف والعلوم والفلسفات, وخصخصة الحكمة والمعرفة الانسانية ككل. لذلك تشعر الدوائر الاكاديمية وامناء المكتبات بقلق شديد من مسألة شروط الوصول الى تلك الصفحات, ويتساءلون عن طبيعة الكيانات التجارية التي ستتولى مراقبة المواد التي سيتم تجميعها وتبويبها وترتيبها.

ثم ان هناك اشكالية تتعلق بصناعة الكتاب حسب ما ذهب اليه الباحث المغربي محمد يوسف في دراسة نشرها في مجلة العرب الدولية, حيث رأى ان الناشرين والمؤلفين يعولون كثيرا على قوانين حقوق النشر الصارمة, للحيولة دون نسخ او اعادة استخدام ملكياتهم الفكرية, الا بعد ان يضمنوا مادياً, حقوقهم الاستثمارية في اي مشروع من هذا القبيل. غير ان المكتبات العامة, والتي تسمح بطبيعتها للقراء باستخدام الكتاب نفسه, طالما تمتعت ببعض الاستثناءات التي تعفيها من الخضوع لقوانين وحقوق النشر, ومع رقمنة محتويات كل المكتبات العامة الضخمة, تصبح المواد المنشورة على الانترنت عرضة لاعمال القرصنة, تماما مثلما هو حاصل الآن في المؤلفات الموسيقية المنشورة على الانترنت. كل هذا سيؤدي الى توريط المكتبات العامة في نزاعات مباشرة تتجاذبها شركات الميديا والنشر, من طرف, والمستخدمين الذين يسعون للاطلاع على المحتوى مجاناً او بمقابل زهيد, من طرف ثان. وايا كان الامر فان تحويل ملايين الكتب الى مجرد صفحات الكترونية على الانترنت, سيغير حتماً من عادات محبي ارتياد المكتبات العامة, هذا من ناحية, فماذا عن التغيير الجذري الذي سيحل بالمكتبات التقليدية, من ناحية ثانية؟ بمعنى اخر, عندما يعلم المرء ان بامكانه استعراض اي كتاب, بأي لغة, باستخدام اي كمبيوتر من المنزل او العمل او المقهى, فهل تتحول المكتبات العامة الى مجرد اطلال لا يتردد عليها الا محبو القديم ومناهضو كل جديد؟ الامر لا يخلو من مفارقة مثيرة ومدهشة, خصوصا حين نعلم ان اكثر مؤيدي رقمنة الكتب ونشرها على الانترنت, يتوقعون ان يحدث العكس تماماً, اذ يشيرون الى ان المكتبات العامة في الولايات المتحدة مثلاً, تكتسب يوماً بعد يوم اعداداً اكبر من الزوار, حتى بعد ظهور الانترنت وانتشار استخدامها في كل مكان, بل ان اكثر المكتبات العامة تم ترميمها وتحديثها لمواكبة هذا الاقبال المتنامي عليها. بل اتجه تفكير المسؤولين الى انشاء المزيد من المكتبات الجديدة. لذلك يتوقع الخبراء ان يزيد الوافدون على المكتبات العامة زيادة مطردة, إما لاستخدام الانترنت المجاني, او لاستشارة الخبراء المتخصصين الذين يوجدون اكثر الوقت في المكتبات, او لاستعادة كتاب محدد. مع الاخذ في الاعتبار ان مشروع «غوغول» يستعرضفقط قصاصات من الكتب, الا اذا سمح الناشر والمؤلف بغير ذلك, ولأن العدد الهائل والكبير للزوار الذي سيتوافد على المحتوى الرقمي سيجعل عملية تصنيف وتبويب الكتب وارشاد القارئ اليها عملية متشعبة ومعقدة فنياً وتقنياً, فسوف تزداد حاجة القراء الى المزيد من الدعم والمساعدة, من دون ان ننسى ان اكبر المشاكل التي تعانيها المكتبات التقليدية هو افتقارها الى عامل السرعة في توفير الكتاب للقارئ. فالوصول الى اي من ملايين الكتب المنشورة في المكتبات العالمية, يحتاج الى المرور باجراءات بطيئة جداً, فاذا كنت طالبا في اكسفورد مثلاً, وتحتاج الى كتاب ما, فعليك ان ترسل اولاً طلباً الكترونياً, وتستغرق عملية الحصول على الكتاب بعد موافقة المكتبة ما بين نصف ساعة واحيانا بضع ساعات, واذا سمح لك نظام المكتبة الاحتفاظ بالكتاب خارج المكتبة, فهناك اجراءات اضافية ايضاً. في هذه النقطة بالتحديد, الكتاب الرقمي سيتفوق على نظيره المطبوع, لانه سيستغني تماماً عن نظام الاستعارة. لقد تغيرت المكتبات العامة والطرائق التي تعمل بها, كذلك تغيرت عادات القراءة تغيرا جذرياً عما كانت عليه قبل ربع قرن. أدخل اي مكتبة عامة, ستجد نفسك امام ترسانة من اجهزة الكمبيوتر وآلات التصوير والطابعات, وفي مكتبات مثل مكتبة الكونغرس او مكتبة الاسكندرية, ستجد من حولك كتيبة من الامناء الذين يساعدونك على الوصول الى الكتاب او المراجع التي تبحث عنها, كل هذا الى جانب فريق كامل من خبراء الكمبيوتر والشبكات الالكترونية, يعمل على مدار الساعة لضمان سير آلية العمل بسلاسة ودون اي مشاكل فنية. ومع ظهور طفرة الرقمنة في كل الانشطة الانسانية, وتنامي قوة الانترنت, يوماً بعد يوم, زادت المهام التي يقوم بها كل هؤلاء الافراد تعقيداً. خبراء نظم الملكية مثلاً, لم يعد بمقدورهم الاعتماد فقط على فلاتر الجودة التقليدية التي تفرضها صناعة النشر, اذ اصبح لزاما عليهم تقديم كمية ضخمة من المادة, بدءاً من الكتب الحديثة الورقية والالكترونية وانتهاء بملايين الصفحات على الويب, والمواقع الجديدة, التي تتوالد كل دقيقة على الانترنت. فالنشر على الانترنت عملية كما يقول الخبراء, تثير من البلبلة والمتاعب الفنية اكثر مما تثير من نظام واريحية في الاستخدام, اما المشكلة التي تواجهها المكتبات على الانترنت, فهي انها ترتبك امام تحديد الآلية المثلى لتجميع المادة المطلوب نشرها وانتقاء افضلها واصلحها للنشر على الشبكة, وهناك ايضاً مشاكل التصنيف والفهرسة, وحفظ الملفات الرقمية للكتب, وبدون قائمة البيانات المرفقة باي كتاب في المكتبة العامة التقليدية €القائمة التي تحتوي بيانات عن المؤلف والناشر وتاريخ النشر, واي بيانات أخرى تظهر مع الكتاب فور سحبه من رفه والتقدم لاستعادته, هذه البيانات اذا لم ترفق مع الكتاب الالكتروني, فهذا يعني تضييعها في وسط متلاطم الامواج اسمه الانترنت, مع العلم ان انشاء هذه القائمة في حد ذاته عملية مرهقة جداً, ولم تظهر معايير ملزمة دولياً حتى اللحظة لتوحيد عملية ضبط هذه القوائم وما تحتويه من بيانات, ومع قصر العمر الافتراضي لصيغ الملفات المستخدمة حالياً, وعدم امكانية استمرار وسائط التخزين مدى الحياة تظهر اشكالية حفظ النسخ الرقمية من الكتب لاجيال المستقبل, وهذه العملية بالتحديد, ناهيك عن تعقدها فنياً, تحتاج الى تكاليف مالية جبارة. تتجاوز بمراحل تكاليف ايداع الكتب بالمكتبات العامة. لكن القيمة المفترضة من رقمنة الكتب هي اخضاع كل دوائر المعارف والمراجع والكتب والمخطوطات التي تغص بها المكتبات في كبرى الجامعات في جميع انحاء العالم, لعملية المسح الضوئي, ثم انتقاء مجموعات محددة من تلك المادة لفهرستها وتبويبها وتصنيفها, وبالتالي يستطيع اي فرد الوصول الى المعلومة التي يحتاج اليها, بعد توثيقها والتحقق من مصدرها وصحتها. بمعنى آخر, الفارق الاساسي بين المكتبات التقليدية والرقمية, هو تجميع اضخم عدد من العناوين في مكان واحد, ليبحر فيها من يشاء وفي اي وقت شاء بيسر وحرية.

لكن رغم ذلك يكرر السؤال نفسه: بماذا يشعر المرء وهو يتجول بين ردهات وارفف المكتبة العامة, حيث الترحاب, ودفء المعاملة والمساعدة المخلصة للعثور على العنوان او المعلومة المطلوبة. ومع زيادة الجرعة التكنولوجية في جميع مناحي حياتنا, ستتغير حتما صناعة الكتب ونشرها وطريقة التعامل معها, بيعاً واستعارة او قراءة, لكن ستظل الشكوك تساورنا اذا ما كانت المكتبة الالكترونية ستوفر نفس الجو النفسي الذي يبعث على التفكير بعد قراءة سطور هذا الكتاب او ذاك.

لكن اذا كنا نناقش الكتاب الرقمي ومدى انتشاره في العالم, أليس الاحرى بنا ان نتأمل في واقع القراءة والتالي في واقع الكتاب المطبوع في العالم العربي؟ في الوقت الذي اختفت فيه الامية في بلدان عديدة من العالم او اصبحت ذات معدلات منخفضة جداً, فان المعدلات في البلدان العربية ما زالت مرتفعة, بل ان عدد الاميين المطلق يزداد مع الزمن وقد وصل الى حوالى 70 مليون امي هذا العام. وتزداد هذه الصورة قتامة حين ندرك ان معرفة القراءة والكتابة ما زالت لا تخص اكثر من 3.61 بالمئة من سكان الوطن العربي من ذوي العمر 15 سنة فما فوق, مقابل 1.71 بالمئة في مجمل الدول النامية. اضافة الى ذلك فان عدد الكتب المؤلفة باللغة العربية والمترجمة الى العربية يتناقص عاماً بعد عام. وهناك آفة اكثر سلبية تكمن في عزوف المتعلمين عن القراءة, حيث لم يتجاوز هذا العدد 1.1 بالمئة من الانتاج العالمي, رغم ان العرب يشكلون نحو 5 بالمئة من سكان العالم.

والسؤال: لماذا لم تعد القراءة تحظى بالاهتمام المطلوب, خصوصاً من جيل الشباب العربي؟ ومن الذي رسخ في اذهان اجيالنا ان القراءة لم تعد مجدية كوسيلة تثقيف ملائمة.

كلنا يعرف ان القراءة لا تزال الوسيلة الفردية الاكثر متعة للمعرفة, لاي جماعة محلية او عالمية, تجمعها ثقافة افقية عامة او عمودية €تخصصية€ وفي امة مثل €امة اقرأ€ يبدو وكأن هذه الامة قد عزفت عن القراءة, ومثل هذا العزوف عند الكبار قد يكون مبرراً, لكن ان يكون عند الشباب, فهو ظاهرة خطرة من منظور صناعة المستقبل, وتحتاج للعناية والدرس لمعرفة اسباب هذا العزوف عن القراءة والمشكلات التي جعلت منها قليلة الاهمية. ففي احصائيات حديثة عن منظمة اليونسكو تبين ان نسبة الامية مرتفعة في الوطن العربي وتزيد على 35 بالمئة من مجموع السكان. اما الامية المعلوماتية فلا تزال حتى اليوم تزيد على 98 بالمئة. وبسبب تفشي ظاهرة الفضائيات تراجع عدد رواد السينما من 250 مليوناً الى 65 مليوناً, رغم تضاعف عدد السكان وزيادة نسبة الملتحقين بالتعليم. كذلك تراجعت صناعة الكتاب الورقي, فهي لا تتجاوز عنوانا واحداً لكل مليون نسمة, مقارنة مع 92 عنوانا في البلدان المتقدمة. وحتى قراءة الصحف والمجلات انخفضت, اذ لا تتجاوز حصة الفرد من استهلاك المطبوعات 1.2 بالمئة.

وفي استبيان اجري حديثاً لمعرفة مشكلات القراءة عند الشباب, لعيّنة تمثل 7.5 بالالف من طلاب جامعة دمشق, بمختلف كلياتها واقسامها العملية والنظرية تبين ان 20 بالمئة لا يقرأون مطلقاً, باستثناء مقرراتهم المدرسية, وهناك 20 بالمئة يقرأون مراجع في مجال اختصاصهم فقط, اما درجة القراءة عند هؤلاء فهناك 26 بالمئة يقرأون اقل من ساعة يومياً, ونحو 35 بالمئة بين ساعة وساعتين, في حين ان نسبة لا تتجاوز 2 بالمئة يقرأون 4 ساعات يومياً. اما حول وسيلة القراءة المفضلة فهناك 64 بالمئة يقرأون الصحف.

واذا كان هذا هو واقع القراءة في سوريا فان حال المطالعة في مصر ليست افضل حالاً, بل ان الامر لا يتجاوز القراء العاديين ليطاول النخب المثقفة, الامر الذي دفع رئيس اتحاد الناشرين المصريين والعرب الى التصريح: لم يعد احد يقرأ اساساً, وان القراءة والكتابة هي اول شيء يعاني التراجع الاقتصادي, وان ظروف الحياة الضاغطة على المصريين تمنعهم من القراءة. اما تقرير التنمية البشرية العربي الذي اصدرته الأمم المتحدة اخيراً, فيرسم صورة قاحلة للحياة الثقافية في المنطقة العربية, مشيرا الى امية واسعة وتحول كثيرين ممن بامكانهم القراءة الى الكتب الدينية فقط. واضاف التقرير: ان المجموع التراكمي للكتب المترجمة منذ عصر المأمون, اي منذ القرن التاسع الميلادي حوالى مئة الف عنوان, وهو تقريباً ما تترجمه اسبانيا في سنة واحدة. ولو توسعنا قليلا وذكرنا ما ينتج في اسرائيل سنويا فانه يصل الى نحو4 آلاف عنوان جديد, وهذا الرقم يعادل ما ينتج في الوطن العربي كله, اما في لبنان فيكفي ان ننظر الى المكتبات التي كانت تبيع الكتب او تؤجرها, قد ندرك مدى تدني مستوى القراءة في هذا البلد. فقد تحولت غالبية المكتبات في لبنان الى بيع القرطاسية والعاب التسلية وكتب الطبخ والابراج. ويكفي ان نذكر ان 89 بالمئة من اللبنانيين لا يقرأون الصحف, وان 99 بالمئة من المنازل تفتقر الى المكتبات الخاصة, كي ندرك ان القراءة اصبحت عادة منقرضة. من دون ان ننسى ان الامية الاجبدية في عالمنا العربي لا تعفينا من الاهتمام والاتصالات التي اصبحت اليوم سمة من سمات العالم الرقمي والذي تحتاج الجاهزية فيه الى تكوين مختلف عن التكوين الذي تعودنا رؤيته.

نخلص من كل هذا الى ان فرصة النشر بالطريقة الالكترونية تنمو بطريقة مذهلة, وان المبشرين بهذه الوسيلة يتوقعون انتشارها سنة بعد سنة. وحين نجري مقاربة او تشخيصا لمشاكل النشر المطبوع, يتبين لنا ان تكاليف الورق والعمال في ازدياد مطرد, وان هذه العوائق الاقتصادية يمكن ان تكون سبباً او خطرا على حياة الكتاب لأمد طويل, في حين ان الكتاب هو العنصر الاساسي للمدينة الحديثة. فهذا الاخير له من المزايا الملائمة ما يجعله افضل من اي وسيلة اخرى لتخزين المعلومات واسترجاعها, وان هذا سوف يجعل من غير المحتمل التخلي عن الكتاب بسهولة. وتشير الإحصائيات الى ان صناعة الكتاب في التسعينيات لا تختلف عما كانت عليه في العقود السابقة, ما عدا سيادة المكننة او استخدام الآلة في نقل المعلومات. ومع ان بعض الناشرين خلال الخمسينيات كانوا يخافون حلول الجهاز المرئي وتغلبه على الكلمة المطبوعة وان الحاسوب سوف يصبح موسوعة وحتى مكتبة كاملة للمستقبل, الا ان هذه المخاوف ثبت بطلانها حتى الآن. فالاختراعات الجديدة اصبحت مكملة للكلمة المطبوعة بدلا من ان تأخذ مكانها, واصبح الحاسوب اداة ذات قيمة في صف احرف المطابع وتنظيم البيانات لنشرها وفي الأعمال الأخرى المكتوبة جميعها, وحدث الشيء نفسه عندما اخترعت الطباعة واعطت امكانات هائلة للكلمة المطبوعة, ورغم كل هذه المعطيات الا ان الصراع بين الكتاب المطبوع ووسائل الاتصال الحديثة المختلفة يؤكد لنا ان العصر الآتي ليس هو عصر الكتاب التقليدي, ولكنه ايضا عصر استخدامه الالكتروني سيكون تصويرا وقراءة ومراجعة وحفظاً. فهل ينفع في هذا السياق ان نشير الى أن الصراع بين تقنية المعلومات الآن يذكرنا بالصراع الذي حدث في القرن الثاني عشر الميلادي بين البردي والرق والورق, وان ذلك الصراع انتهى لصالح الورق وادى الى خروج البردي والرق من مسرح المعلومات ليتربع الورق على المسرح حتى يومنا هذا.

اليوم يعتبر الكثير من تجار المعلومات والناشرين ان الإنترنت تشكل سوقاً اعلامية جديدة لبيع نسخ رقمية من كتب ومحتويات موجودة في السابق. وبعضهم لا يتنبأ بأي نهاية لصناعة الطباعة العريقة. ويشير الناشرون الى انه, حتى اكثر المستخدمين شغفاً بالتكنولوجيا, يفضلون الكتب المطبوعة على النسخ الإلكترونية. فالكتاب الرقمي ليس الوسيلة الوحيدة او الاولى لاخراج الكتاب من جلده المطبوع. فالنصوص المحفوظة على اقراص مدمجة, والنصوص التي ترسل بواسطة شبكة الانترنت, وحتى المواقع الإلكترونية للصحف والمجلات, كلها تعتبر أشكالا اولية او بدائية هزت عرش الكلمة المطبوعة. ولكن الكتاب الرقمي قد يعتبر تتويجا لها, ولعل القاسم المشترك بين الكتب التي لاقت نجاحا بالشكل الرقمي هو ان القارئ او المستهلك يحتاج اليها ليقرأ نصا صغير الحجم. وفي كثير من الاحيان, فان هذا النوع من الكتب يتم تحديثه بشكل دوري, بالإضافة الى ذلك فان الكتب التي تنجح بالشكل الالكتروني غالباً ما تستخدم كمراجع, وهي ليست كتباً تقرأ من البداية الى النهاية. وربما لهذا السبب لاقت القواميس الإلكترونية نجاحاً لم تلاقه الكتب الرقمية, ولا سيما الكتب المدرسية والقصص والروايات. ورغم هذه المعطيات والعوامل التي تصب في مصلحة الكتاب المطبوع, إلا أن الأسئلة تظل مفتوحة حول ما سيؤول إليه مصير هذا الأخير في المقبل من السنوات

المصدر http://www.alimbaratur.com/All_Pages...Tornado_57.htm












التوقيع
aymanqudaih
إن استطعت كن عالما وان لم تستطع فكن متعلماً وان لم تستطع فجالس أهل العلم وان لم تستطع فحبهم وان لم تستطع فلا تكرههم
  رد مع اقتباس
قديم Feb-06-2007, 08:19 PM   المشاركة2
المعلومات

هدى العراقية
مشرفة منتديات اليسير

هدى العراقية غير متواجد حالياً
البيانات
 
العضوية: 15536
تاريخ التسجيل: Feb 2006
الدولة: العــراق
المشاركات: 1,418
بمعدل : 0.21 يومياً


افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزيل الشكر والامتنان اخي الكريم ايمن على هذه المساهمات المفيدة والمتميزة جزاك الله خيرا

مع فائق التقدير والاحترام












التوقيع
اعمل بصمت ودع عملك يتكلم

  رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
كتب المداخل في مجال المكتبات والمعلومات هدى العراقية عروض الكتب والإصدارات المتخصصة في مجال المكتبات والمعلومات 24 Aug-13-2017 06:37 PM
ماهي المصادر البشرية التي يمكن أن تساعد المستفيدين في تحديد الوصول إلى مصادر الداخلية جآء الأمل منتدى الإجراءات الفنية والخدمات المكتبية 18 Oct-13-2011 12:29 PM
تحقيق المخطوطات aymanq منتدى الوثائق والمخطوطات 2 Oct-29-2007 09:00 PM
صنـاعـة الكتـاب العـربي aymanq المنتدى الــعــام للمكتبات والمعلومات 1 Feb-14-2007 12:25 PM
ممارسات القراءة في عصر تكنولوجيا المعلومات د.محمود قطر عروض الكتب والإصدارات المتخصصة في مجال المكتبات والمعلومات 1 Dec-05-2006 04:42 PM


الساعة الآن 07:43 PM.
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. جميع الحقوق محفوظة لـ : منتديات اليسير للمكتبات وتقنية المعلومات
المشاركات والردود تُعبر فقط عن رأي كتّابها
توثيق المعلومة ونسبتها إلى مصدرها أمر ضروري لحفظ حقوق الآخرين