[anameri]

معلوماتية الوثائق الوطنية والمخطوطات الأثرية .......

د.أحمد جلال التدمري

مستخلص

تحدث المقال عن البعد التاريخي والحضاري للأمة العربية، والجهود التي تقوم بها دول الخليج العربي من خلال مراكز الوثائق والدراسات ودور البحث العلمي من أجل البحث عن الوثائق والمخطوطات العربية الموجودة في أرشيفات دول العالم إما لاستعادتها أو الحصول على نسخ عنها ويحمل المقال دعوةً لتشكيل اتحاد عربي للأرشيفات الوطنية·
الأمة العربية أمة حضارة وتاريخ قدمت للبشرية أساسيات العلوم والمعرفة والتقدم الإنساني فاستحوذت الحضارة والعلوم العربية على اهتمام الأمم الأخرى فنهلت ما أمكن لها ذلك حتى أن المكتبات العلمية في دول العالم امتلأت بكنوز التراث العلمي العربي الذي انتقل إليها خلال عهود وأحداث تعرض فيها الوطن العربي عبر تاريخه الطويل إلى غزوات أجنبية وصراعات أدت إلى فقدان الكثير من تلك الشواهد الحضارية سواء بإتلافها أو بنقلها إلى الدول الأخرى، وقد عدنا اليوم ومع النهضة التي يشهدها وطننا الكبير إلى البحث عن أثريات علوم أجدادنا وسجلات ابتكاراتهم ونتاجهم الفكري إذ نكتشف بين فترةٍ وأخرى وجود الكثير من المخطوطات والوثائق والملتقطات العلمية الأثرية من هنا أو هناك من بلاد الشرق والغرب·
لقد عمدنا في دول الخليج العربية ومن خلال مراكز الوثائق والدراسات ودور البحث العلمي إلى التوجه للدول التي كان لها ارتباط أو علاقة من أي صعيد مع دول المنطقة نبحث فيها عمّا يخص الخليج العربي من وثائق ومعلومات في الأرشيفات، وكذلك البحث عن المخطوطات العربية المتواجدة هناك تمهيداً لاستعادتها أو الحصول على نسخ عنها لتكون في متناول المؤرخين والدارسين لشؤون الخليج ومن ذلك أننا سعينا بشكل إفرادي وجماعي في أرشيفات الدولة العثمانية التي قد تصل وثائقها إلى ما يزيد عن مئة مليون وثيقة وقد وجدنا أن الأسلوب الأجدى لنا أن نعمل بشكل جماعي عن طريق الأمانة العامة لمراكز الدراسات والوثائق لمنطقة الخليج العربي والجزيرة العربية في الحصول على ما يخص المنطقة من مراسلات بشكل أو بآخر فاستوظفنا بعض العاملين المتخصصين في الأرشيف العثماني الذين سعوا لإمدادنا بما يكتشفون من وثائق وأوراق تخص الخليج، لا سيما ما يتعلق منها بالتحركات العثمانية في الجزيرة العربية والبلدان العربية الخليجية و حصلنا على بضعة آلاف من تلك الوثائق·
وعلى المنحى نفسه وفي التوجه ذاته انصب اهتمامنا بالاستعانة وبجهود الأمين العام للمراكز في تنظيم آلية للكشف عن الوثائق والمستندات المماثلة في أرشيفات الهند سواءً تلك المتواجدة في مدينة بومباي أو مدينة دلهي ومدينة غوا اللتين تحويان كماً هائلاً من السجلات والمخطوطات الخاصة بعهد الحكم البرتغالي لشبه القارة الهندية والخليج العربي وكذلك عهد شركة الهند الشرقية البريطانية التي سيطرت على الملاحة والتجارة في الخليج عقب انحسار التواجد البرتغالي وحتى عهد السيطرة الحكومية البريطانية الذي انتهى رسمياً في نهاية عام 1971، ومن تلك الأرشيفات تم الحصول على أعداد كبيرة من الوثائق ذات الأهمية التاريخية والمعلوماتية يمكن الاعتماد عليها في كتابة الدراسات وفي استجلاء صفحات من تاريخ منطقة الخليج العربي من القرن السادس عشر وحتى القرن العشرين·
كما عمدنا في السنوات الأخيرة إلى التوجه الإفرادي والجماعي نحو البلاد الروسية نستقصي ما حوته أرشيفاتها من وثائق وسجلات ذات صلة بمنطقة الخليج خاصةً وبلدان الجزيرة العربية عامةً، فقد كان للدولة القيصرية تاريخ طويل من العلاقات والتوجهات نحو منطقة الخليج ونحو الوطن العربي، ولتحقيق هذا الغرض قامت الأمانة العامة للمراكز بتوظيف أحد الخبراء بالأرشيف الروسي مع مساعدين له للوصول إلى مكنونات ذلك الأرشيف ومن ثم التوصل لما يخصنا فيه، وقد بدأ التركيز على أرشيفات موسكو وسانت بطرس بورغ·
كما كانت الاتصالات وثيقةً مع الأرشيف البرتغالي في لشبونة وفرنسا وألمانيا إلى جانب الاهتمام الكبير الذي أبدته الدوائر التوثيقية الخليجية بالأرشيف البريطاني الذي يعدُّ من أهم مصادر المعلومات التاريخية لمنطقة الخليج العربي قصده الدارسون لنيل الدرجات العلمية العالية كالماجستير والدكتوراه·
ومن نشاطات بعض مراكز البحث العلمي والأرشيفات الوطنية العربية تحركها من خلال الفرع الإقليمي العربي للأرشيفات الدولية بهدف:
· الحصول على مايخص الوطن العربي لدى الأرشيفات الأجنبية·
· والقيام بتنسيق أرشيفي ومعلوماتي بين الأرشيفات العربية·
· وصيانة الأرشيفات العربية وتصنيفها وإيجاد وعي بأهمية الوثائق لدى الأهالي، ودعوتهم للمحافظة عليها وتسجيلها لدى الجهات المختصة·
من هنا كانت دعوتنا لتشكيل اتحاد عربي للأرشيفات الوطنية منفصل عن الارتباط بالاتحاد الدولي للأرشيف مع الاحتفاظ بسبل التعاون معه والاستفادة من خدماته·
إن لأمتنا العربية كنوزاً معلوماتيةً ثريةً وضخمةً منتشرةً في كثير من بلدان العالم، وحريٌ بنا جميعاً العمل والمثابرة في الكشف عن تلك الكنوز المتواجدة في خزائن المكتبات العالمية الرسمية منها والخاصة، واستعادة ما يمكن استعادته أو نسخه والاحتفاظ به في المراكز والدور المعنية، كما لا بد لنا من المضي في إحياء ذلك التراث العلمي بتعميمه في الأقطار العربية ونشره على نطاق واسع بين أوساط المثقفين والمهتمين بالدراسات القومية والعاملين في مجالات البحث العلمي·
ومما لا شك فيه أن قيام النادي العربي للمعلومات وإنجازات مركز المعلومات القومي بدمشق إلى جانب المراكز العلمية المتخصصة المنتشرة في الأقطار العربية يبشر بإنجازات واسعة في هذا الحقل، لا سيما في حماية تراثنا من التشويه من الادعاءات الصهيونية في بعض ما يخصنا من أصول تراثية تاريخية وعلمية ومعلوماتية·

المصدر:
http://www.arabcin.net/arabiaall/2000/41.html

العدد 1 لسنة 2000