[المبروك التبيني]

ساب آر ثري وأنظمة تخطيط موارد الأعمال:
Entreprise Ressource Planning = E.R.P
P.G.I = Progiciel de gestion intégré

ثورة تقنية حتمتها العولمة وتخشاها الإمكانيات



تمثل المنظومات الإعلامية والمعلوماتية اليوم موضوع الساعة لما شهدته من تطور لافت النظر بلغ إلى حد التكامل، إذ هي تمكن من التصرف في المؤسسة بمختلف أنشطتها ومهامها، وبمختلف مصالحها وأهدافها، وتلبي كل الحاجيات الوظيفية من أبسطها إلى أعلى هرمها. وحسب الفهرس اللفظي فهي " منظومة تمكن من التصرف في مجموع مناهج العمل داخل المؤسسة وذلك بدمج مختلف الوظائف كالتصرف في الموارد البشرية والتصرف في المحاسبة والمالية والإعانة على اتخاذ القرار وأيضا البيع والتوزيع والتزود والتجارة الإلكترونية".
وتوفر هذه المنظومات بيئة معلوماتية متكاملة داخل المحيط الوظيفي للمؤسسة تتوافق مع التغيرات السريعة التي يشهدها اليوم عالم الأعمال والخدمات, وتساير التنافسات الشديدة التي تزداد حدة وشراسة يوما بعد يوم، في ظل زحمة مسار العولمة والتكتلات الاقتصادية العالمية الكبرى التي تدفع بنا إلى ما لا نهاية، أو إلى مصير غامض على، الأقل بالنسبة لنا كأتباع ومستهلكين لهذه التقنية أكثر منه منتجين...
إن الأنظمة الإعلامية المتطورة حددت ورسمت لنا اليوم إستراتيجيات وظيفية مستقبلية، تهدف إلى الاستثمار الأمثل للإمكانيات والطاقات الفكرية، بحثا عن الجودة المثلى و الأرقى، وهي الغاية التي ينبنى عليها أي مشروع ربحي أو غير ربحي.
وتتسابق الشركات الكبرى اليوم بمختلف أنواعها وأصنافها إلى تطبيق هذه المنظومات المتطورة, وتتكتل في ما بينها لتحقيق أهدافها, وتسعى إلى تعويض أنظمتها القديمة المتقادمة، والتي لم تعد تستجيب للمتطلبات المرسومة والأهداف المرجوة, كما أن هذه المنظومات المتطورة تعمل على غربلة الوظائف داخل المؤسسة وتنقيتها من كل الزوائد, فتلغي الزائد، وتدمج البعض منها في ما بينها، فتتغير بالتالي سلسلة من الإجراءات الوظيفية Process، بما يحقق أكثر سرعة وأكثر جودة بأقل تكلفة ومجهودات, وهذا طبعا منطق الشركات الربحية خاصة.
وقد أدركت المؤسسات الكبرى الربحية منها خاصة اليوم أن بلوغ الأهداف المرجوة تأتي حتما اليوم عبر تطبيق هذه المنظومات المعلوماتية المتطورة, وتوفير البنى التحتية الأساسية لها...فكيف كان ظهور هذه الأنظمة ؟؟؟
ظهرت أنظمة تخطيط موارد الأعمال E.R.P في العقد الأخير للقرن المنصرم أي خلال التسعينات منه, وقد دفع الخوف التقني من المرور إلى سنة 2000 إلى التفكير في تطوير هذه المنظومات، فكان أن شمل هذا التحول "أنظمة تخطيط متطلبات التصنيع" Material Requirment Planning M.R.P التي ظهرت منذ الثمانينات من القرن المذكور، والتي هي بدورها كانت تطويرا لما سبقها والمتمثلة في "أنظمة تخطيط متطلبات الموارد" Material Requirment Planning M.R.P نتاج السبعينات، وكل هذه الأنظمة تنحصر مهامها على القطاعات الصناعية أكثر منها الإدارية أوغيرها، بيد أن الأنظمة الجديدة اليوم أي "أنظمة تخطيط موارد الأعمال" E.R.P فإنها تشمل كل وظائف المؤسسة مهما كان نوعها صناعية أومالية أوتجارية وإدارية أو أي مؤسسة خدمات كانت.
وينبني عمل "أنظمة تخطيط موارد الأعمال" E.R.P أساسا على نظام معلوماتي " Information System مهيكل يحركه محرك "الورك فلو Workflow" الذي لا يظهر للعيان والذي يعمل على توزيع المهام بكامل نظام المعلومات حسب برمجة محددة وقاعدة بيانات مركزية تتقاسمها مختلف الأقسام الوظيفية المحددة.
وبتطور تقنية المعلومات اليوم، تعددت هذه المنظومات الإعلامية بمختلف الأحجام والأشكال، وبتنوع المجالات، فنذكر منها نظام "ساب آر ثري" S.A.P R/3 ، نظام "بيل سوفت" PeopleSoft، نظام "كونترول"، نظام "أوراكل" Oracle، نظام "مارشال" Marshal، نظام "ج د أدواردز" JD Edwards... الخ وغيرها كثيرا ما جاوز الخمس مائة برنامج او منظومة، تتهافت الشركات والمؤسسات على الظفر بخدماتها حتى أن الأرقام تذكر أنه خلال سنة 1997 بلغ سوق هذه الأنظمة ما يقارب 16 بليون دولار أمريكي وقد يصل اليوم إلى 100 بليون.
ومن هذه الأنظمة، يقفز نظام "ساب آر ثري" كأكثر شهرة وانتشارا من بينها داخل المؤسسات، لما يتضمنه من إيجابيات ورفعة مستوى خدمات للمؤسسة.
ويعد هذا النظام من البرمجيات الجاهزة, المندمجة, والمتطورة، القابلة للتطبيع والتشكيل حسب المتطلبات داخل المؤسسة, فتخدم المجالات المتفرقة داخل المؤسسة وكل ما يتعلق بمواردها البشرية والمالية والخدماتية والمحاسبة, والصيانة والمعدات ... الخ. وهي قابلة للتكييف مع كل الوظائف الجاهزة منها والخصوصية, وهي بمثابة الإطار الأساس لتطبيق مختلف التقنيات الحديثة كالتجارة الإلكترونية والتراسل الإلكتروني، وتوفير بيئة معلوماتية متكاملة للمؤسسة سواء داخلها أو عن بعد عبر الشبكات المعلوماتية, فيصبح التعامل متاحا بين مختلف أجزاء وأطراف المؤسسة مهما تباعدت وتنوعت وتفرعت أنشطتها واختصاصات وظائفها التي تتقاسم قاعدة بيانات ومعطيات مركزية واحدة وعبر نظام معلوماتي محدد.
ويعد نظام "ساب آر ثري" S.A.P R/3 بحق ثورة إعلامية وتقنية اليوم يتم على أساسها التصرف في مختلف المجالات المؤسساتية. وقد ظهر هذا النظام وانتشر في السنوات الأخيرة داخل المؤسسات العالمية الكبرى، و"ساب آر ثري" S.A.P R/3 هم مختصر لـ: Systems, Applications, Products for data processing وتعني: أنظمة, تطبيقات وإنتاجات، وهو يحمل إسم منتجه (SAP AG ).
ويتكون هذا النظام المتطور من عدة تطبيقات مرتبطة بعضها عبر نظام معلومات (Information System ) مركزي، مثبت على خادم مركزي Client/Server.
ومن مكونات هذا النظام:

* التصرف في اللوجستية والمعدات:
- قسم التصرف في المعدات:Module MM = Material Management / والذي يتعلق بالتصرف في المخزون من شراء وبيع
- قسم تخطيط الإنتاج / Module PP = production planning ويتعلق بالتصرف في الإنتاج من حسابات وتخطيط للحاجيات ومراقبة ومتابعة التصنيع والإنتاج ...الخ
- قسم أنظمة المشروع / Module PS = Project Systems ويتعلق بالتصرف في المشاريع من هيكلة ومتابعة وتخطيط ...الخ
- قسم التجارة والتوزيع / Module SD = Sales and Distribution ويتعلق بإدارة البيوعات والعروض والعقود والطلبات والفواتير والأثمان ...الخ
- قسم الجودة / Module QM = Quality Management
- قسم التصرف في الصيانة / Module PM = Plant Maintenance
- قسم الخدمات / Module CS = Customer Services
- قسم التصرف في الدورة العمرية للمنتوجات / Module PLM = Product
Life-cycle Management
- قسم التصرف في التنقلات ( الداخل والخارج ) / Module TRA
- قسم التصرف في غرفة البضائع / Module WM = WareHouse Management

* التصرف في المالية والمحاسبة: Financial and Accounting Management
- قسم التصرف في المالية / Module FI = Financial management تتعلق بكل المسائل المالية بالمؤسسة من شراءات وبيوعات ومحاسبة
- قسم مراقبة التصرف / Module CO = Controlling
- قسم مراقبة الكلفة بالإنتاج
- قسم مراقبة قائمة النتائج والتحليل حسب قسم السوق
- قسم مراقبة محاسبة مركز الأرباح
- قسم مراقبة الخزينة
- قسم التصرف في الاستثمارات المالية

* التصرف في الموارد البشرية: : Human Ressource Management

- قسم التصرف في الموارد البشرية: ويتعلق بأوقات العمل / أقدمية العمل / الإمكانيات / الانتداب / التنقل والارتقاء / الأجور / ...الخ

ويتميز هذا النظام ب:
- قابلية التطويع حسب الحاجيات والإمكانيات،
- هو نظام متعدد الوظائف حيث يشغل مختلف وظائف المؤسسة،
- يتميز هذا النظام بالمرونة حيث يمكن إدماج أقسام وظيفية أخرى بداخله،
- يتميز هذا النظام بالتأقلم والاندماج مع حاجيات وهيكلة المؤسسة بما يمكن مراعاة خصوصيتها الوظيفية وإمكانياتها ومواردها.
ويمكن "ساب آر ثري" من أرشفة البريد الإلكتروني عبر قسم Easy pour Exchange وأرشفة مختلف أنواع الوثائق المحمولة من نوع PDF ومعالجتها معالجة توثيقية من رقمنة وفهرسة وقراءة ضوئية للحروف وإعداد الفهارس ...الخ.
كما يمكن نظام "ساب آر ثري" من المعالجة الإلكترونية للمعلومات والوثائق عبر تقنيةSoftware Easy الذي يمكن من تطبيق مختلف أعمار الوثيقة النشطة والشبه النشطة والتاريخية وتحديد مصيرها مهما كان نوع الوثيقة ورقية أو إلكترونية... الخ.
ويوزع مختلف الأنشطة والمهام بالمؤسسة عبر محرك workflow .
فمن خلال ما سبق, يتبين بأن "ساب آر ثري" هو نظام يمكن من تحسين مناهج التصرف ( المسار والمالي للمؤسسة: وهو يتميز بتناسق Coherence وتجانس Homogeneity ووحدانية Unicity واندماج Integrity وشمولية Globalization المعلومات.
ويساهم في دراسة نجاعة مختلف الأعمال بالمؤسسة وذلك بالصيانة المستمرة والمثمرة وسهولة المعالجة للمعلومة.
غير أن هذه الخصائص والإيجابيات لهذا النظام لا تحجب عنه بعض النقائص حتى لا نقول السلبيات, من ذلك تكلفة تركيزه بالمؤسسة الباهضة جدا خاصة لدى بعض المؤسسات الصغيرة وحتى متوسطة الحال, كما أنه يتضمن من الوظائف التي تفوق أحيانا حاجيات المؤسسة، لذلك فهو ينطبق أكثر على المؤسسات الكبرى بدرجة أولى.
كما أن هذا النظام صعب الاستيعاب من بعض الموظفين، وهو الذي يهم كل الموظفين بدون استثناء ومهما كان موقعهم في المؤسسة، لذلك فإنه يتطلب منهم معرفة دقيقة لتقنياته ولمختلف المسارات الوظيفية للمؤسسة.
وكما هو الحال بالنسبة لسلبيات التقنية الحديثة ككل، وطالما أن هذا النظام يقوم بدمج بعض المهام في ما بينها, وألغى الزوائد منها, فإنه يدعو بطبيعة الحال إلى إلغاء بعض الوظائف وبالتالي إما دعوة بعض الموظفين إلى الانسحاب من المؤسسة أي البطالة، أو التقاعد المبكر أو تحويلهم إلى وظائف أخرى تكون أحيانا بعيدة كل البعد عن وظائفهم الأصلية، بتعلة الترشيد والتحكم في الاستهلاك والتكلفة, فبعض الوظائف الفرعية التي كان يؤديها عدد من الموظفين بالأمس ويرتزقون منها عوائلهم، أصبحت اليوم في يد زر واحد من النظام.
كما أنه لتركيز هذا النظام، وجب أن يسبقه التخطيط الأولي للإستراتيجية المؤسسة ويكون محكما ذو أبعاد استشرافية ومستقبلية على المدى البعيد، حتى يمكنه من مسايرة تطورات المستقبل من جهة، ويستجيب للحديث من التقنية من جهة أخرى.
إننا لا ندعو للحذر من هذه التقنية المسلطة علينا, ونعرف أن مسايرتها بات أمرا ملزما علينا وإلا فاتنا الركب في عالم بعد اليوم قرية متلاصقة الأطراف مهما وتفرعت, بمصالحها المترابطة المتشابكة، لكننا ندعو إلى ترشيد استعمالها, بالأرضية الملائمة لها، وتهيئة المحيط اللازم لها، وتنصيبها في الوقت والمكان المناسبين وإلا باتت سلبياتها أكثر من إيجابياتها وعادت على مؤسساتنا وبالتالي علينا بالضرر.

دراسة الأستاذ الموثق / المبروك التبيـــني – تونس
للتواصل:
إرسال رسالة خاصة إلى samabtebini