منتديات اليسير للمكتبات وتقنية المعلومات » منتديات اليسير العامة » أخبار المكتبات والمعلومات » كتاب الطفل صفحات من المعاناة بسبب الأسرة والمؤسسات

أخبار المكتبات والمعلومات يُنشر في هذا المنتدى كل ما يتعلق بمجال المكتبات والمعلومات من ندوات أو مؤتمرات أو دورات.

إضافة رد
أدوات الموضوع تقييم الموضوع انواع عرض الموضوع
 
قديم Nov-21-2009, 11:14 AM   المشاركة1
المعلومات

ابراهيم محمد الفيومي
مشرف منتديات اليسير
أخصائي مكتبات ومعلومات
 
الصورة الرمزية ابراهيم محمد الفيومي

ابراهيم محمد الفيومي غير متواجد حالياً
البيانات
 
العضوية: 31463
تاريخ التسجيل: Jun 2007
الدولة: الأردن
المشاركات: 2,507
بمعدل : 0.41 يومياً


تعجب كتاب الطفل صفحات من المعاناة بسبب الأسرة والمؤسسات

ندوة مركز "الخليج" للدراسات ناقشت واقعه وسبل النهوض به كتاب الطفل صفحات من المعاناة بسبب الأسرة والمؤسساتآخر تحديث:الجمعة ,20/11/2009 أعدها للنشر: هاني عوكل
1/1



آخر تحديث:الجمعة ,20/11/2009


أعدها للنشر: هاني عوكل


1/1






تتعامل مختلف الأمم مع الطفل على أنه ثروة المستقبل، وتسخر له جل إمكانياتها في سبيل إعداده وتأهيله بالطرق العلمية المناسبة . وتبرز في الأمم المتقدمة التخصصات الدقيقة المتعلقة بمختلف شؤون الطفولة للكشف عن احتياجاته والبحث في كيفية تلبيتها، ويندرج ضمن أطر التخصص هذه ما بات يعرف بأدب الطفل، الذي شهد رواجاً هائلاً في مختلف الدول الغربية، حيث بات كتاب الطفل يحظى بالكثير من الاهتمام بوصفه منتجاً تسعى الجهات الناشرة إلى تطويره وتحديثه ليكون مقبولاً عند أكبر شريحة من الأطفال، خصوصاً في ظل منافسة الإعلام الحديث للكتاب سواء في تقديم المعلومة أو تسلية الأطفال .

وعلى الرغم من أن البعض يرى أن سبب تراجع أدب الطفل في الوطن العربي متأخراً مقارنة بالدول الغربية، إلا أنه من المناسب أن نعرف أنه اقترن ببداية مشاريع النهضة العربية، إذ أن أول كتاب نشر بالعربية للطفل هو الترجمة العربية ل”عقلة الإصبع” في عصر محمد علي كما أن بدايات القرن العشرين شهدت ظهور العديد من الكتاب العرب الذين ألفوا للطفل ويرى آخرون أن تراجع أدب الطفل في الدول العربية يعود إلى عدم الاهتمام الكبير بقضايا الطفولة بشكل عام والتي لا يمكن فصل بعضها عن بعض .

وعلى الرغم من أن السنوات القليلة الماضية شهدت اهتمام جهات عربية عديدة من دور نشر ومؤسسات رسمية وأهلية بنشر الكتب الموجهة للأطفال، إلا أن البعض يرى بأن الكثير منها مترجم ولا يراعي خصوصية الطفل العربي، وما زال هناك غياب للأرقام التي تبين حجم نشر كتب الأطفال في الدول العربية، في حين تبين الأرقام أنه تم نشر أكثر من ثلاثة عشر ألف كتاب للطفل في عامٍ واحد في الولايات المتحدة . وتبين الإحصاءات أيضاً أن الطفل العربي لا يقرأ خارج المنهاج الدراسي سوى ست دقائق في العام بالمتوسط وهو متوسط ما يقرأه الطفل الأمريكي في يوم، هذا المشهد الذي يدفع للسؤال عن مستوى الواقع الذي يعيشه قطاع النشر للطفل في الدول العربية، وما هو مستقبل كتاب الطفل بالعربية؟ وهذا ما تحاول ندوة “كتاب الطفل” التي عقدت بمركز الخليج للدراسات أن تجيب عليه . ودارت النقاشات في الندوة من خلال المحاور التالية:

* ما هو واقع كتاب الطفل في الوطن العربي؟

* ما هي معيقات نشر كتب الأطفال في الدول العربية؟

* ما هي سبل تفعيل وتعزيز نشر كتاب الطفل في الدول العربية؟

صالحة غابش المستشارة الثقافية بالمجلس الأعلى لشؤون الأسرة في الشارقة والتي أدارت الندوة رحبت في البداية بالحضور، معبرة عن أملها في الخروج منها برؤى ذات أهمية كبرى بالنسبة لموضوع كتاب الطفل وأدب الطفل . وقالت: حتى وقت قريب كان هناك خلط ما بين كتاب الطفل وأدب الطفل، ولاشك أن هناك جزئية في أدب الطفل تشمل كتاب الطفل، بمعنى أن كتاب الطفل لا يخرج عن إطار الحكاية، فلا بد أن يكون قصة أو حكاية، لها بداية وعقدة أو حدث مثير، ومن ثم نهاية . مع تطور هذه الرؤية ومع إيمان الكثير من الكتاب ودور النشر بأهمية أن يخرج كتاب الطفل من هذا الإطار، وُجدت الآن كتب تخصصية في الجغرافيا وعلم النبات والحيوان، لا تعتمد على الحديث أو القصة، ومن هنا وُجد كتاب الطفل . وأضافت: في فترة كنا نتحدث عن كتاب الطفل كأدب، أي كقصة فقط، سواء أكانت حكايات حوارية ما بين حيوانات أو ما بين الأطفال في سن معينة، أو ما بين الطفل ووالديه، من منطلق أن القصة يمكن أن تثري الطفل لأنها تتضمن القيمة التي نريد أن نخلص إليها، والمعرفة التي نريد أيضاً أن نصدرها لطفل من خلال القصة . وأعتقد أن الكتاب أكثر شمولية، وبما أنكم تقومون بتكريس وتجذير هذا الواقع في مسألة كتاب الطفل، فإننا نتمنى الخروج من هذا اللقاء بآراء تثري هذا الجانب ولا تقتصر على الأحاديث المكررة أو التي نعرفها .

د . محمد الغزي بدأ النقاش في المحور الأول بالقول: لعله من المفيد ملاحظة أن أدب الطفل، مثله مثل الرواية والمسرح، هو أدب قادم إلينا من العدوة الأخرى، أي من أوروبا، والغرب نفسه لم يعرف أدب الطفولة إلا في القرن الثامن عشر، وخاصةً مع الحركة الرومنطيقية، التي اكتشفت الطفولة بوصفها منبعاً من منابع البراءة والدهشة، إذن بوصفها أحد منابع الشعر . ولم ينتقل إلينا هذا الأدب إلا في بدايات أواخر القرن التاسع عشر، وبدايات القرن العشرين، وأنا من الذين ينظرون نظرة توجس وارتياب لكل من يقول إن تراثنا العربي ينطوي على أدب طفولة، ومن يقول بهذا الكلام إنما يسحب بوعيه الحاضر على الأدب أو على الثقافة القديمة، فأدب الطفولة حديث، ولا غرابة في أن يكون أدباً طفلاً ما زال يخطو خطواته الأولى .

وأضاف: لعله من المفيد أن أُذكِّر أن هذا الأدب نشأ أول ما نشأ على أيدي كبار الأدباء، وما زلت أتذكر العديد من القصائد التي حفظناها ونحن صغار، مثل تلك التي كتبها أحمد شوقي، وكم كانت جميلة تلك القصيدة التي يقول فيها: “لي جدة ترأف بي، أحنى عليَّ من أبي، وكل شيء سرني تذهب فيه مذهبي” .

ورغم ذلك تحلى أدباؤنا المعاصرون الكبار وترفعوا عن هذا الأدب فلا يكتبونه، بينما فيكتور هوجو في فرنسا كتب للأطفال، ولكن أمثال أدونيس ومحمود درويش، لم يلتفتوا إلى الأطفال، فلماذا لم يكتبوا القصائد إليهم؟ ورأى أن أدباءنا ما زالوا يحملون نوعاً من التهوين والترفع عن هذا الأدب، موضحاً أن هناك سببين لتراجعه في ثقافتنا، أولاً أن الأدب ما زال يخطو خطواته الأولى، فعمره قرن تقريباً، وثانياً والأهم أن الكبار تخلوا عنه، وتركوه للمربين على وجه الخصوص وليس للمبدعين . وقال: المربون على مستوى الوطن العربي هم الذين يكتبون أدب الطفولة، وشتان بين أدب يكتبه المربون وهم يحملون قيم التربية، وبين المبدعين الذين يكتبون الأدب وهم يحملون قيم الإبداع والابتكار، والكتابة . أدب الأطفال مثله مثل كل أدب رفيع، يحتاج إلى لوثة إبداع، حتى يكون مبتكراً وجميلاً وقادراً على شد الانتباه إليه .

إبراهيم الغمري بدأ مداخلته بالاشارة إلى ما نقرأه كثيراً في بعض التقارير من أرقام وإحصائيات، وقال: مثل الآخرين، كنت آخذ هذه الأرقام والإحصائيات وأُضمِّنها في بعض مقالاتي أو دراساتي أو حتى بعض المحاضرات التي كنت أشارك فيها، ولكن بعد فترة من التأمل، وجدت أن الكثير من هذه الأرقام والإحصائيات يحتاج إلى إعادة تفكير قبل أن نعتمدها في دراساتنا أو قبل أن نأخذها على وجه التسليم . وأضاف: الإشكالية أنه في العالم العربي لا توجد إصدارات أو مراجع تستطيع إصدار أرقام وإحصائيات دقيقة، فنحن نفتقر دائماً للمعلومة، وإذا بحثنا عن أي معلومة في العالم العربي، سنجد فقراً شديداً جداً من المعلومات والأرقام .

ورأى أن الإحصائية التي ذُكرت حول قراءة الطفل العربي ست دقائق خارج المنهاج، صدرت من جهة دولية، ولا داعي لتسميتها، ولكنها غير واقعية، وأستطيع أن أقول اليوم إنها غير واقعية، وبالتالي يجب الحذر، بالذات من جانب المؤسسات الإعلامية المقروءة أو المرئية .

وأشار إلى أن بعض الأرقام تظلم العالم العربي، مدللاً على ذلك بأحدث دراسة صدرت تناولت النشر، إذ قالت إنه في العالم العربي صدر 1700 عنوان في ،2008 رغم أنه لا يمكن ذلك، ولذلك يجب عدم تناول هذه الأرقام واعتبارها من المُسلمات، حتى وإن كانت صادرة عن جهات عربية معتمدة أو جهات دولية .

نبيهة محيدلي آثرت عدم الدخول في الأرقام والإحصائيات، مؤكدة أنه لا يمكن فصل كتاب الطفل عن الواقع العام، ولا عن مهنة النشر، وهي أيضاً لا يمكن فصلها عن بقية المهن، ورأت أنه لا يجب أن نجلد أنفسنا في ظل غياب الأرقام والإحصائيات التي لا نمتلكها بالأساس .

وقالت: أنا متفائلة في موضوع الطفل والقراءة، ولدي خلاصة مستعجلة ولكن من تجربتي أقول إن الطفل لا ينأى عن الكتاب، فالأعمار الصغيرة ليست لديها عادات قرائية خاطئة، ولكن الكتاب هو الذي ينأى عن الطفل . لدينا الآن كتب تنأى عن الطفل، الذي نتهمه بأنه معاد للقراءة .

وكنا نعتقد أن الكتاب فيه نص ولا يوجد فيه شكل، فكانت هناك نصوص جميلة للأطفال يكتبها كتَّاب كبار، وحاولنا توريط الشاعر محمد علي شمس الدين من بيروت للكتابة حول الطفل وحصلنا منه على نصوص، وأيضاً من العازف حسن عبدالله، والعازف زكريا عبدالله، وكانت هناك نصوص جميلة ولكن لم يكن هناك شكل جميل للكتاب . والآن نحاول مراقبة هذا الجو وبحثي صب في هذا المجال، بحيث أصبح لدينا توجه في الشكل دون المضمون، وهذه خطورة قد تتطلب انتظار جيل جديد لتحقيق التوازن . لا يمكن الانفراد بهذه المهنة التي تتطلب التركيز عليها من قبل الجميع .

صالحة غابش: اعتبرت أن نبيهة محيدلي أشارت إلى نقطة مهمة وهي أن كتاب الطفل شكل وليس مضموناً، وقالت على الرغم من مشاهدتنا للواقع، نرى أن دور النشر تتسابق في نشر كتب الطفل، فجزء كبير من هذه الدور التي تنشر كتاب الكبار بدأت تدخل في نشر كتب الطفل، وهي ليست دور نشر متخصصة . وتساءلت: هل معنى ذلك أن ما يُكتب للطفل الآن غير مجد؟

وردت نبيهة محيدلي: أقصد هنا التساؤل أين وصلت حركة كتاب الطفل؟ فمثلاً لو كانت هناك جهات تعمل على الشكل المُبهر فهذا لا يعني أن المضمون جيد . التوجه الآن يتعلق بأن كتاب الطفل حتى يجذب فإنه بحاجة إلى شكل جيد . هناك نقاد يقولون إننا نخشى أن يطال هذا التحسين الشكل وليس المضمون، ولبنان لديه خصوصية في عملية التقديم، وأعود للقول إن لدينا إحصائيات دقيقة وهذا نابع من تجربتي .

أحمد الحمدان: تحدث عن معيقات نشر كتاب الأطفال في الدول العربية، مركزاً على اثنين منها، الأول الأسرة والثاني المدرسة . وقال: بالنسبة للأسرة فإنها تلعب دوراً كبيراً في تنشئة الطفل على حب القراءة واقتناء الكتاب له وتشجيعه، بينما تجد أسراً أخرى تسارع في الذهاب مع أبنائها لملاعب الأطفال والملاهي للترفيه عنهم، ولا يشترون لهم قصة أو كتاباً حتى ينمي مداركهم ومعلوماتهم، وبالتالي يساهم الوالدان في عدم تنشئة الطفل على حب القراءة والكتابة، ويساهمان أيضاً في استجلاب الوسائط الالكترونية لتسليته ولقضاء وقته، وبالتالي فإنها يساهمان إسهاماً كبيراً في القضاء على مواهب الطفل الثقافية .

أما المدرسة فلا يهمها سوى أن يقتني الطفل ما يلقن من مناهج مدرسية، معدة له مسبقاً، فالمدرسة لا تشجع الطفل على القراءة واقتناء الكتب، وبالعكس لا توجد حصص دراسية للقراءة الحرة، ولا يوجد تكليف للطفل خارج المدرسة باقتناء كتب وقراءتها وتلخيصها، وبالتالي فإن المدرسة والأسرة ركيزتان أساسيتان تساهمان في عدم تنمية مواهب الطفل، وكذلك الحكومات العربية ممثلةً في وزارات التربية والتعليم، لا تشجع على اقتناء كتب الطفل في مدارسها ومكتباتها المدرسية، ومن ثم لا نجد المستثمرين في هذا المجال يتشجعون لتقديم إصدارات جيدة وممتازة .

في المقابل رأت دينا الغمري أننا نتطور بشكل جيد جداً في تقديم القصة والأدب للطفل، ولكننا لا نزلال متأخرين بشكل واضح في الكتاب الوثائقي، ولا نزال نعتمد على الترجمة بنسبة لا تقل عن 97% في كل الكتب الموجودة حالياً في الكتاب الوثائقي .

وقالت: ربما السبب يكمن في أن تكلفة الكتاب الوثائقي باهظة، ومن الصعب اللجوء إلى مثل هذه الشريحة من الكُتاب والتي تهتم بكتابة الكتب الوثائقية للأطفال، لأن أغلب هؤلاء من الأكاديميين الذين لا يستطيعون كتابة كتب للطفل، ولا يوجد لدنيا في العالم العربي حتى الآن مهنة المُحرر، بمعنى من يعيد الصياغة بشكل مناسب، مما يؤدي إلى تأخر الناشرين على مستوى إصدار الكتب الوثائقية، وما زلنا نستمر في الترجمة والاقتباس إلى الخارج .

وبالإضافة إلى مشكلة الكتابة، أشارت إلى أن لدينا مشكلة الرسم والصور، فلا توجد بنوك للصور في الوطن العربي تساعد على إيجاد صور لمثل هذه الكتب، ولا يوجد أيضاً رسامون متخصصون في نوعية الرسم الوثائقي أو المعلوماتي .

وأضافت: أظن أن ذلك بحاجة إلى دعم، أي تشجيع إنتاج مثل هذه الكتب في عالمنا العربي، لأننا ما زلنا نستورد الكتب من الخارج، وفي كثير من الأحيان هناك معلومات مغلوطة عن الوطن العربي والتاريخ العربي، والإنتاج العربي في هذه الكتب، لأنها لا تريد أن تُظهر الصورة المشرقة في تاريخنا . في كثير من الكُتب المستوردة، نجد أخطاءً تاريخية ومُغالطات من الغرب، حتى لا يُظهروا تاريخنا، وبالتالي علينا الاهتمام أكثر بمثل هذه الكتب .

وعلقت صالحة غابش بالقول: ذكرت دينا الغمري الكتاب الوثائقي، بينما تحدث د . محمد عن الكاتب الأديب، ولكن كتاب الطفل بحاجة إلى تخصص، فكيف أجعل من المُربي كاتب طفل، وهو مُربٍ درس خصائص نمو الطفل . . .إلخ؟ فهل تريد دينا الغمري على سبيل المثال، جمع شخصين في شخص واحد، أي المُبدع بالإضافة إلى الوثائقي الذي يعرف خصائص نمو الطفل؟

وقالت دينا الغمري: هناك فِرَقْ عمل بالنسبة للكتاب الوثائقي في العالم الغربي، إذ لا يوجد كاتب، وهذا لا نعمل به في الوطن العربي، وفي مثل هذه الكتب لا يوجد اسم كاتب، بل هي فرق عمل متكاملة خلف هذا الكتاب، سواء كانوا أكاديميين أو مختصين، لأن الكتابة لسن ثمانية أعوام مختلفة عن الكتابة لسن اثني عشر عاماً، وهناك من هم متخصصون في الصياغة، ومثلهم في التربية .

وأعاد محمد عدنان سالم مسار الحوار إلى النقطة المتعلقة بمسؤولية الأسرة عن ارتباط الأبناء بالقراءة من عدمه . وقال: أزعم أن الطفل يولد قارئاً، فأبواه إما أن ينميا فيه حس القراءة وإما أن يصرفاه عنها . أدب الأطفال كان منذ الأزل موجوداً على ألسنة الجدات كأدب شفهي، ولم يتحول إلى أدب مكتوب، إلا في فترات أخيرة، وتراثنا خالٍ كما قال الدكتور محمد الغزي، من أدب الأطفال، وإنما بدأ تقريباً أواخر القرن التاسع عشر، وأوائل القرن العشرين، وهناك تجربة الشاعر أحمد شوقي، وهنالك الكثير ممن يكتب في مراحل متقدمة، إنما حتى في القرن العشرين وفي أواسطه، كان هنالك كُتَّاب مبدعون للكبار، كتبوا للصغار، فالأديب المعروف علي طنطاوي، كتب بتكليف من الناشر قصصاً للصف الرابع الابتدائي، وكانت جيدة . ولدينا تجربة قريبة جداً للمفكر الراحل الدكتور عبدالوهاب المسيري، الذي كتب للصغار كتابات مهمة جداً .

وأكدت فاطمة سجواني أهمية الانتباه إلى شخصية الطفل ومراحل نموه، وقالت: كل مرحلة من مراحل الطفولة لديها خصائصها وحاجاتها ودوافعها ورغباتها، وإذا جئنا إلى الطفل الصغير سنجد أن العمر بين ثلاثة إلى ستة أعوام مرحلة الاستكشاف والفضول والسؤال، وبالتالي حينما أقف مع الطفل في هذه المرحلة، ألاحظ أن كل معارفه ومدركاته وثقافته يستمدها من الواقع الذي يعيشه .

الكتاب الحالي الذي في مُتناول الطفل العربي، ليس هو الكتاب الذي يغذي أفكار الطفل العربي، ومعظم الكتب العربية التي نشاهدها، ليست فيها روح وهي مستمدة من الخارج .

ولم يفصل خالد البلبيسي: واقع كتاب الطفل عن الحالة العامة التي يعيشها المواطن العربي، وقال: عندما نتحدث عن أية حالة من الحالات الثقافية، الاجتماعية، السياسية، الاقتصادية، فسنجد أن نفس المحاور التي نعيشها تنطبق على كتاب الطفل . المشكلة أنه حينما نتحدث عن كتاب الطفل فإننا نتحدث عن مجال واسع جداً، فنحن نتعامل مع فئة تمثل نسبة عاليةً جداً في المجتمع، خاصة في دولنا العربية، وإذا اعتبرنا الطفل هو من في بطن أمه ابتداءً، فإن الدراسات والواقع يقولان إن هناك الكثير من الأطفال يقرأون وهم في سن ما قبل الولادة، وهي سن يجب أن تَقدَّر وتحترم، وهناك ما يُقدم لهذا الطفل في هذه السن .

واعتبر ان واقع كتاب الطفل من الظروف الحالية جيد نسبياً، بمعنى أنه قبل عقد أو عقدين، بدأت ظاهرة كتابة أدب الأطفال تنمو وتتطور بشكل ملحوظ وسريع نسبياً، مقارنةً بها قبل ذلك، إذ كان المؤشر ثابتاً .

وأوضح أن عوامل كثيرة جداً دفعت هذا إلى الاهتمام، وقال: هناك مؤسسات عديدة نشأت، وتسعى لرعاية ودعم وتطوير أدب الطفل، وهذا كما قلت هو بشكل نسبي، لكن ما نتمناه هو أن تكون هناك جهات تستطيع أن تتعامل مع الموضوع بمهنية واحتراف أكبر، حتى تختصر الزمن فيما يتعلق بواقع كتاب الطفل .

المعوقات

صالحة غابش نقلت دفة الحديث إلى المحور الثاني حول معوقات نشر الكتاب، مذكرة بما طرحه الحمدان في المحور الأول عن دور الأسرة والمدرسة والحكومات العربية، وإشارته إلى أن هناك معوقات صادرة من الجهات الثلاث .

وبدأ بشار شبارو الحديث في هذا المحور قائلاً: المعيقات يمكن القول إنها شاملة على جميع أنواع الكتب، وقد نتحدث عن كتاب الطفل كنوع من الخصوصية، ولكن المشاكل عامة، وتنطبق على كتابي المرأة، والطفل، والكتاب الأكاديمي، ولخص مشاكل صناعة الكتاب في الوطن العربي من نقطتين رئيسيتين، الأولى تكمن عند المؤلف والثانية عند الناشر، مشيراً إلى وجود مشاكل أخرى، ولكن هاتين النقطتين هما الأساس . وقال: بالنسبة للمؤلف، يمكن القول إنه لا يوجد شيء اسمه ما يشبه وكالة الحقوق، التي توجه المؤلف إلى المكان المناسب في النشر، وإشكالية عند المؤلف هي وكيل الحقوق، فهو غير موجود في الوطن العربي . الإشكالية الأخرى الأهم عند الناشر، وتتعلق بأنه لا توجد شركة توزيع، فالكتاب موجود ولكنه لا يصل إلى الطفل، وليس العكس، والكتاب لا يصل لأن الموزع غير موجود، وهنالك توزيع محلي، وإقليمي، ولكننا نعيش كأمة عربية في حالة تجزئة .

وسألت صالحة غابش: هل تشعر بأن الموزع لا يريد أن يخاطر؟ هل هناك مخاطرة بأن يخرج خارج الإقليم أو وطنه؟

وأجاب بشار شبارو: هذه مسألة لها ظروف وحيثيات، وليست معقدة ولكن فيها مراحل متعددة، ولذلك نجد أن الناشر مؤلف وكاتب وموزع وكل شيء . في الدول الغربية يقام معرض الكتاب لفتح العلاقات والعرض والتواصل مع المؤلفين والرسامين، بينما تجد المعرض عندنا أساسه البيع، فالناشر يقف ليبيع وليس ذلك بعيب، وهو يريد إكمال دورته الاقتصادية، ويضطر إلى البيع المُباشر للقارئ . في فرنسا مثلاً توجد نقابات للمكتبات وقوية جداً، ففي معرض باريس نجد أن الجناح يحمل اسم الدار الفرنسية، لكن ممنوع أن يتواجد الناشر، وفقط تتواجد المكتبة الفرنسية التي تتصرف بالكتب، لأن النقابة الفرنسية هي المُسيطرة وتمنع بيع الكتب إلا عن طريق المكتبة وليس الناشر .

وأضاف في موضوع آخر، أود الحديث عن حركتنا كناشرين عرب، فكما كل المهن، للأسف هناك حركة تفريخ وليس حركة تجميع وتأسيس، بمعنى أننا نجد داراً للنشر بعض موظفيها يصبحون أصحاب دور، وبالتالي بدلاً من أن تكبر الدار الأساسية بمن معها، نلاحظ أنها تتفرع إلى دور نشر مختلفة، ويصبح كل من أسس داراً يعاني من مشاكل النشر والتوزيع، لا بل تتضاعف، وهؤلاء الموظفون نُقدِّر ظروفهم بسبب التركيبة المعقدة، ولكنهم يذهبون إلى نفس الزبائن ويمارسون المضاربة على الدار الأولى، بينما لو قمنا بالمقارنة مع الغرب ولا أقول إنه الأفضل، سنجد التالي: مؤسسة واحدة حجمها يعادل عدد الناشرين اللبنانيين وقوتهم التجارية كلها، وتلتحم مع أكثر من دار نشر، واحدة في بريطانيا وأخرى في أمريكا وحجمها يعادل الناشرين المصريين ككُل، ودور النشر الأجنبية هذه تشكل مجلس إدارة ويسيطر أعضاؤها أكثر بما يثري العملية الإنتاجية، فضلاً عن تطوير أعمالهم، في وقت نعمل فيه على سياسة التفريخ .

وعادت صالحة غابش لتستفسر عن جهود توحد مجموعة ناشرين والاتفاق فيما بينهم، وسألت: ألا تقوم جمعية الناشرين العرب بهذا الدور؟

وقال بشارو شبارو: أنا أمين عام اتحاد الناشرين العرب، وقبل أن أتحدث عنه أشير إلى التضارب الموجود بين مواعيد إقامة معارض الكتاب العربية، وقد يفتتح اثنان منها في وقت واحد، وبالنسبة لموضوع اتحاد الناشرين العرب، فهو مجموعة اتحادات ويخضع لنفس الإشكاليات الموجودة في كل قُطر ولا أريد القول إن الصورة سوداء، ولكن الواقع صعب ويحتاج إلى معالجة .

وأشار خالد البلبيسي إلى أن هناك بعض المعوقات في مجال صناعة كتاب الطفل في عالمنا العربي، بل في مجال الإبداع في كتاب الطفل . وقال: نشارك في المعارض الدولية ونطلع على إبداعات مكلفة لتقديم كتاب مميز للطفل الأجنبي، ولا نستطيع حتى شراء حقوقها لترجمتها، لماذا؟ لأن هناك كلفة عالية يستحقها مثل هذا الكتاب، وأحياناً تحتاج إلى جهد يدوي، عدا عن التقنيات الكبيرة واستخدام تقنيات متطورة جداً في عالم الطباعة وصناعة الكتاب، وهذه مشكلة كبيرة جداً يعاني منها عالمنا العربي، ولأن كتاب الطفل عندما لا يحتمل الكلفة العالية التي أحياناً يستحقها، وبالتالي نجد أن معظم الناشرين يتجه نحو الدعاية، والبساطة والسهولة ويبحث عن الكتاب الأقل كلفة، حتى يستطيع تسويقه، ويبتعد عن أي عمل فيه جهد جماعي كبير وقد يحتاج إلى سنوات من العمل والناشر رغم ذلك يبقى متهماً باستمرار بأنه تاجر يريد كسب المال فقط .

ورأى أن هناك قضية أخرى تتعلق بالموضوع نفسه، وهي أن الكاتب المُبدع في الغرب يعيش من دخله ومن إبداعه وكتابته، بينما في عالمنا العربي نجد أن الكاتب المُبدع موظف حكومي بسيط، ودخله بسيط جداً من التفرغ للإبداع .

واعتبرت صالحة غابش إشارة البلبيسي إلى تفرغ الكاتب موضوعاً مهماً، بينما واصل محمد عدنان سالم: ما بدأه السابقون عن معوقات نشر كتاب الأطفال، مؤكداً أن معرفتها تتطلب الإلمام ببداياتها، وقال: أنتمي إلى جيل أواسط القرن العشرين، وجيلنا كان يقرأ خارج المنهاج وكان يعشق الكتاب ويعلي شأنه، كما كان يقدس الكلمة ويخاف عليها من السقوط نتيجة الضعف، ولكن هذا تغير بعد ذلك، فما السبب؟ وأضاف: كنا وقتها نطالع خارج المنهاج ولدينا برامج تقررها مدارسنا للمُطالعة خارج المنهاج، حصة المكتبة وهي حصة أسبوعية كنا نجلس وقتها ونطلع على الكتب والقصص . .إلخ . بعد ذلك تغير الأمر رأساً على عقب، وأصبحت لدينا مقررات مدرسية وجميعنا يعرف أن تلاميذنا الآن يساومون أساتذتهم على اختزالها واختصارها، وهذه المشكلة حوَّلت التعامل مع الكتاب، وبعدما كنا نحترم الكتاب ونحاول بعد انتهائنا من العام الدراسي، تجليد كتبنا ووضعها في المكتبة أصبح الجيل الجديد يمزق كتبه ويرميها في الشارع، بعد فراغه من الامتحانات . ورأى أن الكتاب كان بخير قبل أن تكون لدينا وزارات للثقافة والإعلام، وقال: كان الكتاب يسير في العالم العربي كله، حراً طليقاً لا يمسه أحد، وإذا مر في الجمارك يضربون له التحية ولا يسألون عن قصة السماح بالدخول أو عدمه أو حتى موافقة الرقابة، وتغير هذا الموضوع رأساً على عقب، وأصبحنا أمام ثقافة أحادية، هي ثقافة السلطة، وأزعم أن المشكلة الرئيسية تكمن في المقررات المدرسية وفي ثقافة السلطة وفرض الرقابة على الكتاب .

د . محمد الغزي رغم تأكيده أن هناك الكثير من المعوقات اكتفى ببعضها فقط، مشيراً إلى ما سماه معوقات إبداعية، وقال: تخلى المبدعون عن الكتابة للأطفال وهذا تحدثت عنه سابقاً، ولكن هناك ما أسميه المعوقات التربوية، فنحن نعلِّم الطفل كيف يكتب، لكن لا نعلمه كيف يقرأ . وأشار الغزي إلى وجود معوقات اجتماعية، منادياً بالاعتراف بأن مجتمعاتنا العربية تهوّن من شأن هذا الأدب، خاصة أدب الطفل . بعكس الغرب .

طرح بشار شبارو قضية تأثير الأمية في الوطن العربي على واقع كتاب الطفل موضحاً أن عدد سكان الوطن العربي حوالي 330 مليوناً، وأن هناك أرقاماً تقول إن نسبة الأمية عند السيدات حوالي 60% وقال: وهذه السيدة هي أمي وأختي ومن واجباتها المساعدة على القراءة، ولكن كيف ذلك أين إذا كانت بالنتيجة نسبة الأمية في الوطن العربي تعادل 40%؟

أحمد الحمدان اعتبر الناشر من المعوقات الرئيسية، وقال: كثير من الناشرين مع الأسف ليس مُبدعاً في عمله، ولا يفهم أساسياته، لذا تنبه ملتقى ناشري كتب الأطفال إلى هذه النقطة، وتنظيم دورات تدريبية لأصحاب المهنة، لينتبهوا إلى كيفية إخراج كتاب لهذا الطفل بحيث يقتنيه ولا يهرب منه، سواء من حيث الرسومات أو الكتابة أو حتى الإخراج .

وعابت نبيهة محيدلي: لجوء العاملين في مجال كتب الأطفال إلى الاستسهال، وقالت: هناك كتاب ورسامون ومؤلفون ولكن يوجد استسهال في النشر،، وبنظرهم أن أي نص يأتي للأطفال لا يحتاج إلى مراجعة . منذ فترات كان لدينا مهنيون يعملون بأيديهم، ولكن غياب هذه المهنية انعكس على كتاب الطفل، وبالتالي من يطبع على سبيل المثال تجده يهتم بطباعة كتب الكبار، ولكن عند الأطفال تجده لا يهتم ببذل مهنية عالية في عمله، ولذلك على المؤسسات والمجتمع والإعلام إعادة ترميم وبناء النظرة القيمية تجاه أدب الطفل وكتابه .وانتقدت غياب الناقد الذي يصحح ما يجري في مجال كتب الأطفال .

وبالإضافة إلى مشاكل التوزيع، قالت دينا الغمري لا توجد قوانين تحترم الكتاب، وبالتالي فإن قوانين الجمارك ونقل الكتاب من بلد إلى آخر صعبة جداً، وفي كثير من الأحيان يتم وضع جمارك باهظة جداً على بعض الكتب، وخصوصاً كتب الأطفال، ومثلاً الكتب التي توجد فيها حركات يعتبرونها لعباً وبالتالي يضعون جمارك حوالي 40% على قيمة الكتاب الأساسية وهذا يحصل في أكثر من دولة . وكتاب التلوين نجد أنهم يعتبرونه لعبة أيضاً، باعتبار أنه لا يضيف شيئاً للطفل، ولكنه أول أداة لتقريب الطفل من الكتاب وهو صغير، ونجد أن الجمارك على مثل هذه الكتب مكلفة جداً .

وأضافت نبيهة محيدلي إلى معوقات النشر الترويج وقالت: ثلث وقتي أقضيه بالنشر والثلث الآخر بالترويج والثلث المتبقي بالتوزيع، ولذلك لا توجد شركة ترويج ولا توزيع أيضاً، في حين أننا مضطرون إلى ترويج وتوزيع الكتاب، وهذا نظام موجود في فرنسا فيه ناشر وموزع ومروج، وحاولوا تطبيقه في لبنان ولكنه لم يكن واقعياً بما فيه الكفاية، لأن الناشر مضطر لتعريف القارئ بكتابه .

وفي ظل الحديث عن القوانين والجمارك، رأت صالحة غابش أن الحل يكمن في تذليل أصحاب القرار لهذه الصعوبات وقالت: بعض الجهات يمكنها تسهيل عملية إصدار الكتاب أو تصعيبه، وهذا ربما لا يعتمد على أسس، وقد تريد تصعيب إصدار الكتاب وهذه ما نسميها بالبيروقراطية التي تكون معوقة في كثير من الأمور، ولذلك نحن بحاجة إلى إيصال رسالة حتى لو كانت شفهية، بأن كل من لديه القدرة على صنع القرار، أن يُساعد ويُعين على مسألة نشر كتاب الطفل .

فاطمة سجواني أعادت التأكيد على ما طرحه شبارو بشأن تأثير الأمية في الوطن العربي وقالت: الطفل لابد أن نجد من يحمله على القراءة، فهو لا يستطيع الوصول إلى الكتاب، ومع الأسف الشديد نلاحظ أن نسبة الأمية مرتفعة جداً، فليس لدينا أهل يقرأون، ولا إخوان يقرأون، حتى يشجعوا الطفل على القراءة أو يخصصوا له الأماكن الملائمة لها . كثير من الأطفال على سبيل المثال لا يجدون أمهاتهم وآباءهم إلا في ساعات قليلة من الزمن، ولذلك من الذي يساعد الطفل على القراءة إذا كان أهله غارقين في القضايا الحياتية الأخرى؟ وأشارت إلى أن هناك ازدواجية في الثقافة لدى الأُسر تعتبر معوقاً كبيراً أمام الأطفال .

الحلول

في المحور الأخير المتعلق بسبل تفعيل وتعزيز كتاب الطفل في الدول العربية؟ آثرت احسان مصبح السويدي: التحدث عن هذه السبل انطلاقاً من الشارقة، عاصمة الثقافة التي لا تكل ولا تمل، إلى درجة أن هناك مكتبة لكل منزل . وأكدت أنه إذا وضعنا المعوقات والإحباطات بعين الاعتبار، ولو شاركت الأسر ومارست الإرادة القوية في نشر الفكر، بالتعاون مع المؤسسات الحكومية والمجتمعية، فإن مستقبل وطننا العربي سيكون باهراً .

وشددت صالحة غابش على أهمية البرامج التوعوية وقالت: أعتقد أن الكثير من المؤسسات المحلية أو العربية على مستوى الوطن العربي، تقوم بهذه البرامج ولكنها غير كافية . وأثنى على حديث الأستاذة احسان، إذ على سبيل المثال برنامج بمستوى “ثقافة بلا حدود”، هو نفسه برنامج توعوي، وبالتالي فإن التوعية ليست مرتبطة بالحديث أو برامج حوارية أو لقاءات ومحاضرات، ندوات، بقدر ما هناك عمل، وحينما أقوم بالعمل على هذا المستوى، فمعنى ذلك أننا كمسؤولين، وصلنا إلى مرحلة في تحمل المسؤولية تجاه مجتمعاتنا في التوعية، ونتمنى أن تقوم دول عربية أخرى بمثل هذه المشاريع المماثلة، ليس شرطاً أن تكون بحجم “ثقافة بلا حدود”، وإنما مجرد القيام بعمل أفضل من الوقوف مكتوفي الأيدي .

وشارك خالد البلبيسي في النقاش بالقول: بنفس الاتجاه الذي تحدثت به احسان السويدي، يمكن القول إن الدعم مطلوب، لكن ليس الدعم الحكومي، وقد نجد حكومة مثل حكومة الشارقة تقدم هذا الدعم مشكورةً، لكن قد تجد حكومات كثيرة في عالمنا العربي تعتبر أن هذا من باب الرفاهية التي لا تعطيها أولوية أو خصوصية، وبالتالي أريد التوجه بموضوع الدعم اللامحدود لجهات مختلفة، دعم الناشر، دعم المؤلف، دعم الرسام، وقبل هذا وذاك دعم الطفل . وأضاف: نطالب بدعم جميع هذه الفئات وقامت شركة “اتصالات” بتخصيص مليون درهم إماراتي، لأفضل كتاب وتُشكر على هذا الدور، حيث كانت الراعية لجائزة الملتقى العربي لناشري كتب الأطفال .

ونريد من مؤسسات رديفة وشبيهة -وما أكثر المؤسسات العملاقة والاقتصادية في عالمنا العربي التي توظف الكثير- الكثير من الأموال وأن تدعم برامج بصرف النظر عن طبيعتها . نتمنى الوصول إلى جائزة تسمى بجائزة المليون للطفل القارئ . وكما نحفز الكتاب فإن علينا أن نحفز الطفل الذي يقرأ .

ودعا إلى تبادل الخبرة والتواصل بين الناشرين، والمؤلفين والرسامين . وإيجاد رقابة قادرة على صناعة الكتاب، موضحاً أنها رقابة مهنية، ونوعية، ورقابة جودة، بحيث أن نصل إلى مرحلة نيل الكتاب دمغة جودة، بأن يكون تجاوز معايير أساسية رئيسية، حققت الجودة لغوياً، قواعدياً، تربوياً، جودة طباعة بالإضافة إلى غيرها من الأمور الأخرى التي تساهم في تطوير وتعزيز الكتاب وثقة القارئ .

كما طالب بوجود جهات تؤسس لمؤسسات علمية بجامعاتنا، تعلم وتخرج ناشرين، وأدباء، فنانين، ورسامين، لا أن نعتمد على الحظ في ذلك .

محمد عدنان سالم رأى أن تعزيز نشر كتاب الطفل إنما يكون بإزالة المعوقات، نافياً أن تكون مشكلة الأمية هي الأساس، وقال: الجيل الذي تحدثت عنه والذي أنتمي إليه، كان فيه عدد الأميين كبير جداً، ولكن الآباء حرصوا على أن يعوضوا أميتهم في أولادهم، وكانوا يدفعونهم إلى التعليم، والمشكلة الرئيسية في نظري هي الوصاية ويكون تعزيز موضوع الكتاب برفعها، أي رفع الوصاية من الأسرة على قراءة الأطفال، وأعلم أن الكثير من الآباء كانوا يمنعون أطفالهم من شراء الكتب، بل يريدون فرض الوصاية على الابن بشراء قصص . . .إلخ، كما من الضروري رفع الوصاية من الدولة والأنظمة الحاكمة، التي كرست الاحتكارات، سواء في مجال التعليم، والاستئثار بثقافة الأمة على اعتبار أنهم ينتجونها .

إبراهيم الغمري أراد فض الاشتباك بين المطالبين بالدعم الحكومي والرافضين له وقال: أريد أن أعقد مقارنة بسيطة لأخلص منها إلى رأي . في أواسط القرن الماضي، بدأت أكثر من صناعة في العالم العربي وفي وقت واحد تقريباً . فالكتاب بدأ وقتها ومعه في ذلك الصناعة البنكية، بالإضافة إلى الصحافة والنشر . ونجد اليوم أن الصناعة البنكية مهمة جداً، ليس فقط على مستوى العالم العربي، بل على مستوى العالم، إذ نجد بنوكاً مركزية، وهناك دعم كبير لها، حتى أننا نجد الاهتمام الغربي بالصناعة البنكية في العالم العربي . في أوروبا تعقد المؤتمرات عن المصارف الإسلامية، والتي أصبحت جزءاً من العالم، بينما الكتاب والناشر العربي لا يهتم به كل ذلك الاهتمام .

وعلى المستوى الإقليمي، يمكن القول إن الإعلام تحول إلى صناعة مهمة جداً، خاصة على مستوى الدول العربية، وهناك من قفز قفزات كبيرة وهناك من قفز قفزات متواضعة، وهناك أيضاً من خطى خطوات بسيطة جداً . السؤال الذي أريد الانطلاق منه، لماذا حصلت قفزات كبيرة وخيبات أمل؟ أعتقد أن الإرادة السياسية أولاً هي التي قالت للبنوك اقفزي، وقالت للإعلام اقفز، ولكن حينما جئنا للثقافة وللنشر، فهناك دعم في بعض الاتجاهات ولكنه بسيط جداً جداً . وكاتب الأطفال الذي هو نادر في العالم العربي والذي يجب أن يكون معروفاً، للأسف الشديد لا نجد هذا الاهتمام به .

تجربة الشارقة

اتفقت إحسان مصبح السويدي بحكم عملها في مراكز الأطفال والفتيات في الشارقة، مع ما قالت نبيهة محيدلي بأن واقعنا ليس سوداوياً وفيه تفاؤل، فيما يخص علاقة الاطفال بالقراءة .

وقالت: في الشارقة إقبال على القراءة من خلال المسابقات التي نقيمها في مراكز الأطفال، ونجتمع بالعشرات والمئات ونجد الأطفال يقرأون، ولكن المشكلة في نوعية الكتاب، وتحدثنا في ندوة خلال معرض الكتاب، عن اتجاهات كثيرة حول معرفة الكاتب بخصائص الطفل، وقلنا لماذا لا يتم تدريس أدب الطفل في الجامعات؟ وكمسؤولة في مراكز الأطفال والفتيات، بدأت تعليم الطفل الذي يحب القراءة وكيف يتذوق فن الكتابة، وبالتالي بدأت بمشروع أدب الطفل، بحيث أقوم بتنمية الطفل عن طريق إعطائه دورات من قبل أُناس متخصصين وكتاب معروفين، وهذا سينعكس بالتأكيد على هؤلاء الأطفال مع كبرهم . في إطار آخر، لاحظت أن البعض يقول بأن كتب الأطفال لا تُباع في المعارض، وهذه الفكرة جاءت من دور النشر التي يُطالب بعضها بإقصاء كتب الأطفال، ولكننا حقيقة بحاجة إلى تعاون كمؤسسات ودور نشر، بحيث أن من يكتب عليه أن يحس بالطفل وبمكنوناته، وعلى دور النشر أن تقرأ وتتعرف على ماذا يريد الطفل، حتى يتم الارتقاء بكتابه نحو الأفضل .

أتحدث من واقع تجربتي، وفعلاً لدي أطفال كُتاب، وقريباً ستُنشر المجموعة الرابعة للموهوبين من الكتاب الأطفال، من شريحة عشر سنوات إلى سبع عشرة عاماً، أي بداية الإقبال على الدراسة الجامعية، وهذا الإعداد يخدم الأطفال ويُمكن من توسيع مداركهم .

النشر المشترك

اقترح بشار شبارو الاعتماد على أسلوب النشر المشترك لمواجهة معوقات كتاب الطفل، وقال: نريد مواجهة المشاكل الاقتصادية التي تواجهنا في عملية نشر الكتاب، وإذا افترضنا أن الكتاب يكلف 1000 دولار، وفي حال قمت، وأنا في المشرق بنشر الكتاب مع آخر في المغرب، فإنني بقيمة 1000 دولار أستطيع نشر كتابين، لأنه ومن خلال النشر المشترك، فإن نصف التكلفة سيتكفل بها الناشر العربي في المغرب، والنصف الآخر سنتكفل به في المشرق العربي، بالإضافة إلى تكليف رسام واحد ومؤلف واحد . وأضاف: بالنشر المشترك، نعمم الثقافة، مثل استيراد الثقافة المغاربية إلى المشرق والعكس صحيح، أو ثقافة خليجية إلى الشام، وبالتالي يجب أن نبدأ بالتعاون المشترك بين الناشرين . والمؤسسات الثقافية مدعوة لإخراج كتاب للطفل كل شهر، وهذه قد تؤسس لثقافة عربية إلى حد ما موحدة . وهذا الكتاب عليه أن يكون بسعر معقول وبجودة مناسبة، بحيث يحقق انتشاراً كبيراً يضمن توزيع 70 إلى 80 ألف نسخة على الأقل، من شأنها أن تساهم في بناء شيء إيجابي في الحالة الثقافية لدى الأطفال . لماذا لا يكون للطفل كتاب في جريدة؟ هذا الدور مطلوب من جميع الصحف .

تفعيل مكتبات المدارس

فاطمة سجواني باعتبارها متخصصة في المدارس، وتحديداً في الشارقة، أكدت أن لدينا مكتبات للأطفال وهذا بفضل توجيهات صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، الذي أوجد في كل مدرسة مكتبة زاخرة بكتب متعددة وفي متناول يد الطفل .

وقالت: هنا جاء دور المدرسة في تفعيل هذه الكتب، وإذا كانت الأسرة غير قادرة على القيام بدورها تجاه الطفل، فإن المدرسة يمكن أن تقوم به، ولدي مقترح باعتبار أن إحسان السويدي موجودة، وهو بأن تشرف على هذه المكتبات مراكز الطفولة في المجلس الأعلى للأسرة، لأن هناك بعض المكتبات لا تُفعَّل بشكل صحيح، بالرغم من أنها زاخرة بالكتب، ولا توجد حصص فعلية لتفعيل المكتبة، وجيد أن يكون هناك إشراف من المراكز، وأن تتكفل بتفعيلها، ولو حصل ذلك فإننا قد نخلق حراكاً توعوياً لدى الكثير من الأطفال والطلاب في مدينة الشارقة عاصمة الثقافة، من خلال القراءة والمطالعة .



الرابط
http://www.alkhaleej.ae/portal/928f9...214e105be.aspx












التوقيع
إن الكل يموت ويذهب صداه
الا الكاتب يموت وصوته حي
  رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
قائمة كتب حديثه التكنولوجي النشط عروض الكتب والإصدارات المتخصصة في مجال المكتبات والمعلومات 37 Dec-31-2016 06:00 PM
أفكار لتفعيل القراءة في المدارس الابتدائية مشاعل المحمود منتدى مراكز مصادر التعلم والمكتبات المدرسية 44 Jan-28-2013 04:25 PM
النشر الإلكتروني والطفل .. بين الحاضر والمستقبل السايح منتدى تقنية المعلومات 2 Nov-06-2010 09:13 PM
المكتبة وإسهاماتها في بناء ثقافة الطفل رحيق الحياه منتدى مراكز مصادر التعلم والمكتبات المدرسية 9 Oct-24-2009 10:15 PM
أدب الأطفال وتجربة ثقافة الطفل : الواقع والآمال د.محمود قطر عروض الكتب والإصدارات المتخصصة في مجال المكتبات والمعلومات 3 Feb-04-2007 11:03 PM


الساعة الآن 05:51 PM.
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. جميع الحقوق محفوظة لـ : منتديات اليسير للمكتبات وتقنية المعلومات
المشاركات والردود تُعبر فقط عن رأي كتّابها
توثيق المعلومة ونسبتها إلى مصدرها أمر ضروري لحفظ حقوق الآخرين