[alsameer]

المحتـــوى الرقمـــي العربــي والصحـــوة اللغويـــة فـــي ســــوريــة

يعد المؤتمر الوطني الأول لصناعة المحتوى الرقمي العربي، الذي عقد في دمشق أيام الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر من شهر حزيران عام 2009، من النشاطات والحراكات المهمة التي تمخضت عنها الصحوة اللغوية في سورية خاصة والوطن العربي عامة.

رمى هذا المؤتمر إلى توسيع نشر اللغة العربية والثقافة العربية على الشابكة (الانترنت)، ما يجعل نصيب اللغة العربية متناسباً والثقل البشري والثقافي للأمة العربية وهذا النصيب لايتجاوز حالياً نسبة 1.5٪ من محتوى الشابكة العالمية.‏

وقد كان في الكلمات التي ألقيت في حفل الافتتاح وفي التوصيات التي صدرت عن المؤتمر نقاط مضيئة لمن يشغله الهم اللغوي ويسكنه الشوق إلى لغة عربية معاصرة.. ومن هذه النقاط المصابيح:‏

1- المزاوجة الخلاقة بين المعاصرة والأصالة، وهو ما أكدته- بكل جلاء- السيدة الدكتورة نجاح العطار نائب السيد رئيس الجمهورية إذ قالت:«وإذا كناحريصين على موقعنا في قلب العصر، فإن هذا لايعني أن نضيع الهوية الجامعة والثقافة المتجذرة والثوابت المرتكزة على الإيمان بالعربية لغة وتراثاً وتاريخاً وانتماءً من المحيط إلى الخليج».‏

2- القناعة التامة أن اللغة العربية بأنظمتها الصوتية والصرفية والنحوية والدلالية والإملائية قابلة للحوسبة ودخول عصر التقانة والاتصالات بجدارة، بخلاف ما كان يدعى بأن العربية ليست طبعة للرقمنة كغيرها من اللغات متعللين بشكل الحرف العربي أو طريقة الكتابة العربية من اليمين إلى اليسار أوقواعدها الإملائية.. فقد أثبت الباحثون أن العربية لاتقل عن اللغات الحية الأخرى صلاحية للتعامل مع تقانة الشابكة (الانترنت) وبرامجها.‏

3- الإحساس المتزايد بضرورة التشريع اللغوي، وهوماتضمنه (مشروع النهوض باللغة العربية نحو مجتمع المعرفة)، الذي اقترحته سورية ثم تبنته القمة العربية والجامعة العربية بتمامه، إذ ينص البند الرابع منه «على إصدارتشريعات وطنية لحماية اللغة العربية وترقية استخدامها وتطوير استعمالها في الإعلام والإعلان وفي المواقع العربية على الشابكة»، وطالما كان طرح مثل هذا المقترح يلقى تحفظاً من بعضهم لسبب أوآخر!!.‏

4- إنشاء مركز تعلم إلكتروني لتعليم اللغة العربية، إن مثل هذا المركز الذي نأمل أن يرى النور قريباً، سوف يكون ذا أثر فعال في تطوير أساليب تعليم اللغة العربية باستخدام أحدث التقانات وأحبها إلى الطالب المعاصر، أعني الشابكة والفضاءات الرقمية وسوف يسهم في تيسير تعليم العربية لأبنائنا وأحفادنا في المهاجر وربطهم بلغتهم الأم، وطالما كان هذا المركز مطلباً من مطالب جالياتنا العربية في المغترب.‏

5- العناية بالترجمة والمصطلحات العلمية: لأنها من أهم مستلزمات صناعة المحتوى الرقمي العربي، فالترجمة مدخلنا الإجباري لفهم التقانة المعاصرة وتمثلها، ثم المشاركة فيها، وصولاً إلى مرحلة الإضافة والإبداع، وهذا بدوره يتطلب تعريب التعليم العالي في كل جامعات الوطن العربي التي لاتزال مترددة في قبوله ولاسيما في الجامعات الخاصة في سورية، ذلك أن هذا القطر العربي كان دائماً في طليعة المنافحين عن العربية لغة علم وتعليم وحياة..‏

6- اعتماد اللغة العربية لتكون إحدى اللغات السبع العالمية في (المكتبة الإلكترونية العالمية) التي أنشأتها اليونسكو، وهو مايعزز عالمية لغتنا العربية التي يتزايد حضورها على الشابكة العالمية، فهي اليوم في المرتبة العاشرة من حيث الانتشار وكمية المحتوى ولاشك في أن هذا الترتيب سوف يتقدم كثيراً عندما تكتمل المكتبة الإلكترونية العالمية وتثرى بالمؤلفات العربية قديمها وحديثها، وعندما تتم حوسبة أو رقمنة مشروع (الذخيرة اللغوية العربية) الذي تضطلع به جامعة الدول العربية ومجامع اللغة العربية في الوطن العربي والذي هدف إلى وضع معظم الإنتاج الثقافي العربي على الشابكة وحوسبته، وعندما تجد توصيات هذا المؤتمر وأمثاله طريقها إلى النفاذ.‏

وإذا كان من حق كل من أسهم في الإعداد لهذا المؤتمر وتنظيمه ورعايته، الشكر والتقدير، فإن من حق المواطن العربي أن نطمئنه: لغتك يا أخي مازالت بخير.
http://thawra.alwehda.gov.sy/_View_n...20090627221840