منتديات اليسير للمكتبات وتقنية المعلومات » منتديات اليسير العامة » منتدى الوثائق والمخطوطات » الأرشيف الجاري

منتدى الوثائق والمخطوطات يطرح في هذا القسم كل ما يتعلق بالوثائق والمخطوطات العربية والإسلامية.

إضافة رد
قديم Jun-08-2011, 12:26 PM   المشاركة1
المعلومات

lokman291
مكتبي نشيط

lokman291 غير متواجد حالياً
البيانات
 
العضوية: 60841
تاريخ التسجيل: Dec 2008
الدولة: الجـزائر
المشاركات: 53
بمعدل : 0.01 يومياً


ابتسامة الأرشيف الجاري

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أعضاء المنتدى الكرام

أريد معلومات حول الأرشيف الجاري ماهيته.أنواعه وكل شيئ عنه

وحبذا أن يكون على شكل كتاب













التوقيع

مكتبي إلى الأبد
  رد مع اقتباس
قديم Oct-15-2011, 06:47 PM   المشاركة2
المعلومات

علي بلقاسم
مكتبي جديد

علي بلقاسم غير متواجد حالياً
البيانات
 
العضوية: 97755
تاريخ التسجيل: Nov 2010
الدولة: تونــس
المشاركات: 1
بمعدل : 0.00 يومياً


افتراضي

التجربة التونسية في إدارة

الأرشيف الجاري والوسيط


إعداد الدكتور منصف الفخفاخ / مدير عام الأرشيف الوطني التونسي

ورقة عمل قدمت في المؤتمر الثاني للتوثيق والأرشفة الإلكترونية، دبي: 14-16 ديسمبر 2003.


أصبحت إدارة الوثائق منذ نشأتها وعبر المراحل التي تمر بها ضرورة يقر بها كل من يتعامل مع الوثائق، وازداد الشعور بهذه الضرورة مع "انفجار المعلومات" وتضخم حجمها وحلول العصر الإلكتروني وما يسمى حاليا بمجتمع المعلومات .



لقد تطور علم الأرشيف منذ فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية وفرا الحلول المناسبة لإدارة جيّدة للوثائق عبر طول المسار الذي تمر به . فتبلورت رؤية جديدة للأرشيف ترتكز على عدة مبادئ وقواعد أهمها وجوب إدارة الوثائق حسب المراحل الثلاث التي تمر بها : مرحلة نشاط واستخدم متواتر (أرشيف جار) ومرحلة شبه نشاط (أرشيف وسيط) ثم الحفظ الدائم لجزء منها والعناية به (أرشيف نهائي) وإتلاف البقيّة .



واتضحت في كل البلدان التي اعتمدت هذا المفهوم الفوائد المنجرّة عن ذلك . وأصبح اعتماد هذا المنحى يمثل الحل الأنجع للنهوض بالوثائق في الدول النامية لما يوفر ذلك من سند للتنمية الشاملة ودعم للمسار الديمقراطي ونشر للطمأنينة في المجتمع . إلا أن حلول العصر الإلكتروني وانتشار تكنولوجيات المعلومات والإتصال في كل أنحاء العالم جعل هذا الأمر أكثر تأكدا . وفي هذا الإطار تكتسي إدارة الأرشيف الجاري والأرشيف الوسيط في القطاع العمومي خصوصا أهمية بالغة .



وسوف نحاول في هذه الدراسة انطلاقا من التجربة التونسية في هذا المجال تحديد كيفية وضع نظام إدارة الأرشيف الجاري والوسيط وإعداد الأدوات الفنية الضرورية لذلك وتوفير المستلزمات لوضعه حيز التنفيذ ولتسييره .



1- المستندات النظرية والقانونية :

إن إدارة الأرشيف في أي مرحلة من مراحل عمره لا يمكن أن تعتمد على منحى تجريبي وعملي دون الإستناد إلى نظرية ومفاهيم ورؤى . وربما يخال للبعض أن إدارة الوثائق هي مجرد أعمال بسيطة تتمثل في ترتيب الوثائق وحفظها ويمكن تكليف موظف بسيط بإجرائها، إلا أن الواقع هو أكثر تعقيدا من ذلك . فالعملية ليست مجرد أعمال ترتيب وترفيف بل يتعلق الأمر بمضمون ومحتوى وبسير أجهزة وبمعرفة حاجياتها وبذاكرة مجتمع فوجب انتقاء ما يصلح من الوثائق لتوثيق حاجياته .



لذا يرتكز أي نظام لإدارة الأرشيف على نظرية ومبادئ معينة . ويمكن بصفة سريعة التمييز بين مفهومين للأرشيف :



-مفهوم تقليدي يعتبر الوثائق أرشيفا عندما تنتهي حاجة الجهة المنشئة إليه فلا تبقى له إلا قيمة الذاكرة . وقد لا يشعر المجتمع بأهميته، لذلك فلا ترصد لفائدته الإعتمادات الضرورية ولا توفر له إلا المباني التي لا تصلح لأي استعمال آخر كما يعين للإعتناء به الأشخاص المغضوب عليهم أو الفاشلين في حياتهم المهنية ويتم ترتيب الهياكل التي تعنى بالأرشيف في أسفل الهرم السياسي للدولة .

ومن المؤسف أن هذه الوضعية تنطبق على عدة دول عربية .

-مفهوم حديث ومدمج للأرشيف يرتكز على حلقة متصلة تخص الوثائق منذ نشأتها وعبر المسار الذي تمر به، فتتم إدارتها في مرحلة أولى لفائدة منشئيها لتلبية أغراض حسن تسيير شؤون الدولة والمجتمع، ثم في مرحلة ثانية لفائدة الذاكرة الجماعية وللبحث العلمي وللإنتاج الفكري والأدبي وغيره من الإستعمالات .



هذا المفهوم الذي نشأ ببعض الدول الأنجلوسكسونية بدأ ينتشر في العديد من مناطق العالم وقد تم اعتماده في تونس منذ صدور القانون المتعلق بالأرشيف سنة 1988 .

وهذا المفهوم بالذات هو الذي يناسب الدول النامية لأنه خلافا لذلك يصعب تحسيس المسؤولين فقط حول البعد التراثي للأرشيف دون أن يدركوا أهمية إدارة الوثائق لفائدة منشئيها . وأوضحت التجربة أنه كلما تم التأكيد على أهمية حسن إدارة الوثائق في عمرها الأول والثاني (الأرشيف الجاري والوسيط) إلا وتم التجاوب مع المسؤولين الذين يقدّرون انعكاس الفائدة على الأجهزة والهياكل التي يسيّرونها .



ويرتكز هذا المفهوم الحديث للأرشيف على عدة نظريات ومبادئ لا يتسع المجال لعرضها. إلا أن تجسيده أدى إلى ظهور عدة تجارب وأنماط مختلفة في بعض مظاهرها. فمن ذلك مثلا نجد في ألمانيا تجميع كل الوثائق والملفات الجارية الإستعمال في مكتب واحد بالنسبة إلى كل قسم في الوزارة ويتجه كل موظف إلى مكتب الأرشيف ليتسلم الملفات التي يحتاجها للقيام بالعمل المطالب به ثم يرجعها بعد ذلك . بينما يحصل في أغلب الحالات حفظ هذا النوع من الأرشيف في مكتب كل موظف معني بذلك . كما إن تنظيم الأرشيف الوسيط قد يكون عن طريق تجميعه في مركز واحد بالنسبة لعدة وزارات وإدارات عمومية مثلما هو الشأن بالنسبة إلى بعض المناطق بالولايات المتحدة الأمريكية أو بالإدارة المركزية بفرنسا، بينما يتم ذلك في مراكز خاصة بكل وزارة أو إدارة عمومية في البلدان الأخرى .



ووصل الأمر في الولايات المتحدة الأمريكية إلى الفصل بين إدارة الأرشيف الجاري والوسيط من ناحية وبين إدارة الأرشيف النهائي من ناحية أخرى، فيكوّن الأخصائيون في إدارة الأرشيف الجاري والوسيط سلكا منفصلا عن الأرشيفيين، وكذلك الأمر بالنسبة للهياكل الإدارية التي تعنى بالأرشيف الجاري والوسيط والتي تعنى بالأرشيف النهائي . وربما لا يتلاءم هذا الوضع مع واقع الدول النامية أو الدول التي لم تتكون لديها خبرة في مجال إدارة الأرشيف الجاري والوسيط والتي تحتاج إلى سلطة أرشيفية تنسّق بين الهياكل التي تعنى بإدارة الأرشيف الجاري والوسيط والأرشيف النهائي وتوحّد طرق العمل وتبني شبكات بين كل المتداخلين .



لذلك يعتبر السند النظري أساسا لكل نظام لإدارة الأرشيف الجاري والوسيط . ويتعين أن تثبّت النصوص القانونية الإختيارات التي تم الاتفاق عليها في هذا الصدد . إلا أن وظيفة النصوص القانونية والترتيبية أشمل من ذلك . يستوجب نظام إدارة الأرشيف الجاري والوسيط تحديد واجبات ومشمولات كل الأطراف المتداخلة . ولا يحصل ذلك إلا بموجب القانون أي النص الذي له طابع إلزامي يتقيّد به كل طرف . فاعتماد النظام في أصله وفي مجمله يجب أن يكون إلزاميا بالنسبة إلى الهياكل المعنية وليس اختياريا . ومن المستحسن أن توضّح النصوص القانونية المفاهيم والإجراءات خاصة إذا كانت جديدة بالنسبة إلى المحيط الإداري .



تتمثل أهم الإجراءات الإلزامية أساسا في التنصيص على ضرورة تحويل الوثائق التي لم تعد جارية الإستعمال بصفة دورية من مكاتب العمل إلى مركز الأرشيف الوسيط، وعلى ضرورة ترحيل الأرشيف الوسيط المعد للحفظ الدائم إلى المؤسسة الوطنية للأرشيف . وعادة ما يتم تجميع الأرشيف النهائي في مؤسسة واحدة على مستوى الإدارة المركزية للدولة حتى يسهل استغلاله . كما تضبط النصوص القانونية كيفية تنظيم الهياكل التي تعنى بإدارة الأرشيف الجاري والوسيط في تركيبها وأقسامها وإلحاقها لدى سلطة الإشراف وعلاقتها مع بقية الهياكل للجهاز الموجودة به ثم علاقتها مع المؤسسة الوطنية للأرشيف .



ومن المفيد أن تصدر النصوص القانونية قبل البداية في تركيز نظام لإدارة الأرشيف الجاري والوسيط حتى تساعد السلطة الأرشيفية في مهامها وتجد فيها سندا متينا ترتكز عليه وتجبر الهياكل الإدارية على تطبيق مقتضيات القانون وإلا أصبحت محاولة وضع هذا النوع من النظام غير مضمونة المصير . إن نماذج النصوص القانونية والترتيبية متوفرة ويتعيّن اخضاعها إلى معطيات التنظيم السياسي للبلد المعني بعد إثبات الإختيارات الأساسية .



توفر النصوص القانونية قاعدة لإرساء نظام لإدارة الأرشيف الجاري والوسيط حيث يساعد طابعها الإلزامي على قبوله من طرف الإدارات والأجهزة المعنيّة . وسوف تتأصّل الخبرة التطبيقية في ظل هذه الحماية القانونية . إلا أن الممارسة قد تبرز خللا أو نقائص في النصوص القانونية وهذا أمر طبيعي حيث نلاحظ في كل الدول تطورا في النصوص القانونية وفق متطلبات الممارسة أو بعض العوارض الأخرى مثل نموّ تكنولوجيات المعلومات والإتصال وتطور الديمقراطية نحو إتاحة الوثائق . وهكذا تكون العلاقة جدليّة بين التقنين والممارسة .



2- تشخيص واقع الوثائق :

بعد ضبط الإختيارات النظرية لنظام إدارة الأرشيف الجاري والوسيط وإصدار النصوص القانونية الضرورية يجدر إجراء كشف حول وضعية الوثائق بالجهاز المعني بالعملية . يهدف هذا الكشف أساسا إلى التعرف على أنواع الوثائق المتداولة وكيفية استخدامها وتصنيفها وحفظها والإستدلال عليها واسترجاعها . كما تضبط الوثائق غير المستعملة سوى كانت داخل مكاتب العمل أو خارجها والمحلات المعدّة لحفظ الوثائق . ويشمل الكشف أيضا القوى العاملة في هذا المجال من حيث عددهم وكفاءاتهم المهنية .



قبل اجراء الكشف يجب الإعداد له من حيث الإستمارات اللازمة وفريق العمل الذي سوف يقوم به وطريقة العمل المتوخاة في ذلك . تحتاج العملية إلى عدة استمارات أهمها المعدّة منها لحصر أنواع الوثائق والملفات الجارية الإستعمال (انظر الملحق عدد 1)، ولحصر حجم الوثائق المجمعة بالمكاتب وخارجها ولإحصاء العاملين في مجال الوثائق (ضبط البريد وتسجيله، السكريتارية ومسك الوثائق الجارية الإستعمال وحفظ الوثائق واسترجاعها ...) . يجب تصميم الإستمارة بوضوح بكيفيّة تسمح بالوصول إلى الهدف المحدد لاستخدامها . وتكتسي الإستمارة المتعلقة بالوثائق الجارية الإستعمال أهمية خاصة ذلك بأنها سوف تستعمل لإعداد الأدوات الضرورية لنظام إدارة الوثائق .



يمكن التمييز في هذه الإستمارة بين الوثائق المفردة التي تمثل وحدة في حد ذاتها ولا ترتبط عضويا بوثائق أخرى (مثال ورقة حضور الموظفين وجدول إحصائيات) وبين الملفات . وتمثل الملفات أداة عمل مهمة في التنظيم الإداري حيث تجمع الوثائق التي تنشأ بمناسبة معالجة مسآلة ما ، مثل ملف قرض بنكي أو ملف عقد مجلس إدارة أو ندوة علمية وغيرها . فتصمم استمارة خاصة بالملفات لضبط مكونات الملف أي الوثائق التي تتجمع فيه عادة . وقد يتغير عدد هذه الوثائق بالنسبة لأمثلة مختلفة من نفس المسألة فنجد ملفات القضايا العدليّة تتألف من عدد معيّن من الوثائق والمستندات حسب نوع القضية المعروضة . إلا أنه يمكن ذكر أقصى ما يمكن أن يشمله الملف من هذه الوثائق ، كما يجدر ذكر الوثيقة وشكلها والتنصيص على الوثائق الإلكترونية . ومن المفيد أن نجمع أكثر ما يمكن من المعلومات حول الملفات مثل مراجع النصوص القانونية المتعلقة بها ونظم التصنيف المنطبقة عليها والمسالك التي تمر بها . وسوف تساعد هذه المعلومات لاحقا في انجاز الأدوات للنظام الجديد لإدارة الوثائق .



وبخصوص فريق العمل الذي سوف يجري الكشف، يجب أولا أن يتعرّف مسبقا على النصوص القانونية التي تضبط مهام الجهاز وطرق تنظيمه وتسييره وأن يكون مطلعا على مختلف الهياكل والخلايا داخل الجهاز وأن يعرف مشمولات وصلاحيات كل منها والأعمال التي تضطلع بها وبالتالي تحصل له فكرة حول الوثائق التي تنشأ من جراء ذلك. ومن المستحسن أن يتألف فريق العمل من عناصر تمثل كل أقسام الجهاز وفنيين في الوثائق .



إلى جانب فريق العمل الفني يتعين تكوين لجنة قيادة تتألف من مسؤولين رفيعي المستوى للمتابعة وإصدار القرارات وتوفير كل المتطلبات لإرساء نظام لإدارة الوثائق . ويكون أول عمل لها الإعلان عن عملية الكشف والحث على تسهيل مهام فريق العمل .



أما طريقة إجراء الكشف فهناك عدة إمكانيات، إلا أن أفضلها هو الإتصال المباشر برؤساء الأقسام والخلايا وإجراء الإستبيان على عين المكان معهم أو مع من يمثلهم، ذلك أن الإستمارة التي ترسل عبر البريد الداخلي إلى رؤساء الأقسام والخلايا ليقوموا بملئها قد لا تجد إجابة أو تكون الإجابة غير دقيقة . ويجب أن يتحلى الأشخاص المكلفون بالكشف بالحنكة واللباقة لأن المسؤولين قد لا يعيروا العملية الإهتمام المطلوب ولا يدركون أهميتها فيما نعون في الإطلاع على الوثائق بحجة السريّة أو لسبب آخر . ويكون دور لجنة القيادة رئيسا في توضيح أهداف العملية بالنسبة إلى كل المسؤولين حتى يجرى الكشف حسب الأهداف التي رسمت إليه ويشمل كل الخلايا بدون أي استثناء . وحتى يكون الكشف دقيقا ومجديا يجدر تقييم النتائج بعد اجرائه على خليّة واحدة أو عدة خلايا للتعرف على المشاكل والتفكير في الحلول المناسبة إليها أو للتفطن إلى نقص أو خلل في الإستمارة أو في طريقة إجراء الكشف وبهذه الكيفية يمكن مواصلة الكشف بعد التأكد من توفير كل الأسباب لإنجاحه .



يضفي الكشف إلى إعداد وثيقتين :

أ)- تقرير إجمالي حول وضع الوثائق بالجهاز المعني من حيث كل الجوانب مع ابراز النقائص واقتراح الأعمال المطلوب القيام بها إلى جانب إعداد النظام الجديد مثل تطهير وضع المحلات التي يحفظ فيها الأرشيف وتوفير الظروف الدنيا للحفظ والصيانة أو إتلاف وثائق زال استعمالها ولا تجدر للحفظ الدائم .

ب)- ثانيا اعداد فهرس شامل لكافة أنواع الوثائق والملفات الجارية الإستعمال ترتب حسب الأقسام والخلايا . ويذكر النوع إما لوثيقة مفردة أو لملف مع مكوناته دون اعتبار عدد النسخ أو النظائر الموجودة (انظر الملحق عدد 2) .



3- فهرس أنواع الوثائق :

يوفر الفهرس صورة شاملة عن نوعية الوثائق التي تنشئها أو تتحصل عليها المؤسسة أو الإدارة في إطار نشاطها وممارسة مهامها . ويمثل الأساس الذي سوف يعتمد في اعداد الأدوات الضرورية لنظام إدارة الوثائق . قد لا يتم ادراج هذا الفهرس بالسهولة التي نتصورها لأنه في غياب نظام مركّز للتعامل مع الوثائق قد لا تجمّع كل الوثائق التي تخص المسألة الواحدة في نفس الملف . ونظرا إلى تقسيم العمل داخل الجهاز قد لا يتفطن الموظّف إلى أن الوثيقة التي ينشئها يجب أن تحفظ في ملف معيّن مع وثائق أخرى . بما أن الفهرس يبنى حسب الهيكل التنظيمي للجهاز، سوف نجد وفق التقسيم الداخلي للعمل تكرار بعض الملفات أو أجزاء منها بين عدة خلايا . فبالنسبة إلى صفقة عمومية تتكرر بعض الوثائق لدى ثلاث خلايا : اللجنة التي تعنى بالصفقات التي تدرس كراس الشروط وتبت في إسناد الصفقة وتوافق على العقد وعلى الملاحق إذا اقتضى الأمر وتجري الختم النهائي للصفقة، ثم الخلية المنتفعة بالصفقة التي لها نسخ من هذه الوثائق إلى جانب وثائق أخرى تتعلق بتنفيذ الصفقة، وأخيرا المصلحة المالية التي تتولى خلاص ثمن الصفقة وتجمّع العديد من الوثائق . في هذه الحالة يجب الحفاظ على كل أنواع الوثائق التي توجد في نسخ مكررة لدى خلايا مختلفة وسوف تعالج هذه المسألة عند إعداد جداول مدد استبقاء الوثائق .



بعد إعداد هذا الفهرس يستحسن عرض كل جزء متعلق بخليّة على المسؤول عنها للتثبت من درجة تطابقه مع الواقع . ويمثل ذلك مناسبة لإحكام ضبط تركيبة الملفات والوثائق المكونة لها . ومن المسائل التي تطرح عند اعداد الفهرس هي المطبوعات الإدارية أي الوثائق المعدّة مسبقا وتُملأ من قبل الموظف أو المتعامل مع الجهاز . يجب أن تذكر في الفهرس كلما تم استعمالها، ويستحسن حث الجهاز على ضبط وتقنين هذه المطبوعات التي قد تتغيّر بتغيّر المسؤول وتبقى في الجهاز نماذج مختلفة لنفس المطبوعة سارية المفعول. وبعد اجراء التثبت تؤخذ نماذج لكل نوع من الوثائق والملفات لتصاحب الفهرس وتعتمد بعد ذلك للتقييم حين تحدد مدد الإستبقاء لكل نوع منها . لا شك أن تركيبة الوثائق تتطور بتطور التراتيب وطرق العمل فتنشأ وثائق جديدة وتزول أخرى أو تفصل عن بعضها أو تدمج . ولمجاراة هذا التطور يتم تحيين الفهرس كلما استوجب الأمر ذلك .



قد لا تظهر أهمية هذا الفهرس من أول وهلة ، إلا أنه يمثل الأساس لإعداد الأداة الثانية لنظام إدارة الوثائق وهي جدول مدد استبقاء الوثائق .



4- جداول مدد استبقاء الوثائق :

1.4- التعريف والأهداف :

تمثل هذه الأداة حجر الزاوية في نظام إدارة الوثائق حيث أنها تضبط بالنسبة إلى كل نوع من الوثائق والملفات مدة الإستبقاء كأرشيف جار ثم مدة حفظها كأرشيف وسيط وأخيرا المصير النهائي الذي تؤول إليه وهو إما الحفظ الدائم كأرشيف نهائي أو الإتلاف .



ويهدف وضع جداول مدد استبقاء الوثائق إلى :

1-توحيد مدد استبقاء ملفات ووثائق الهياكل العمومية وتجنب ضبط مدد استبقاء مختلفة لنفس النوع من الوثائق .

2-تحقيق الربح والجدوى في إدارة الأعوان والفضاءات والمعدات وذلك بـ :

-تحويل الملفات والوثائق التي لم تعد جارية الإستعمال من مكاتب العمل إلى المحل المخصص لحفظها مدة إنتقالية وفق مقتضيات جداول مدد استبقاء الوثائق وذلك إما تطبيقا لأحكام قانونية أو بغرض العودة إليها عند الحاجة أو حفاظا على مستندات حقوق الأشخاص والهيئات أوتسهيلا لعمل الرقابة والتفقد والتخطيط والإستشراف .

-الترحيل الدوري للوثائق التي يتعين حفظها الدائم إلى المؤسسة الوطنية للأرشيف .

-الإتلاف المنظم للوثائق التي أصبحت غير صالحة وليس لها قيمة تجعلها جديرة بالحفظ الدائم .

3-توحيد عناوين الملفات والوثائق وضبط نظام تصنيف لها ييسّر استعمالها .

4-ضمان تكوين أرصدة الأرشيف النهائي وحفظها بالمؤسسة الوطنية للأرشيف كدليل على مقومات سيادة البلاد ورافدا للتراث الوطني ومصدرا للبحوث والدراسات .



وبذلك تمثل هذه الأداة تجسيما لنظرية المراحل الثلاث التي يتكون منها مسار الوثائق ووسيلة ناجعة لإدارة الوثائق خلالها .



2.4- مضمون الجداول وتركيبها :

تتضمن الجداول بالنسبة إلى كل نوع من الملفات أو الوثائق عدة بيانات ترسم أفقيا في أودية هي الآتية (انظر الملحق عدد 3) :

-عنوان الملف أو الوثيقة : للتعريف بالملف أو بالوثيقة يتعين استعمال العنوان الوارد بفهرس أنواع الملفات والوثائق . وتضبط مدة الحفظ عامة بالنسبة إلى الوثيقة أو الملف برمته مهما تعددت الوثائق المكونة له إلا في بعض الحالات الخاصة حين تفرد بعض الوثائق وتسند إليها مدد حفظ مغايرة للمدد المسندة إلى الملف الذي تنتمي إليه .

ويتم الحرص على ذكر الوثائق المكونة لكل ملف ما أمكن ذلك لتيسير حفظها بالملف المعني بالأمر . وفي بعض الحالات يتم ذكر أقصى ما يمكن جمعه من وثائق والتي قد لا تتوفر في كل الملفات التي تنتمي إلى نفس النوع .

ترقم الملفات حسب عناوينها داخل كل مجموعة، ويسند عدد تسلسلي للوثائق المكونة لكل ملف على حدة (في واد يوجد على أقصى اليمين للجدول) .



-الوحدة المسؤولة : وهي الخلية أو المكتب الذي يحتفظ بالوثائق المعنية سواء كان قد أنشأها أو تحصل عليها في نطاق ممارسة مهامه . وتنصهر الوحدة في النظام الهيكلي ضمن أصغر جزء مثل المصلحة . ويجب ذكر الوحدة المسؤولة حسب التسمية الواردة بالنصوص القانونية المتعلقة بتنظيم الإدارة .

وفي بعض الحالات توجد نسخ متعددة من نفس الوثيقة (الكتيب الخاص بالميزانية، تقرير نشاط ...) فعند ذلك يكتب في واد الوحدة المسؤولة "كل المصالح" .



-نسخة أساسية ونسخة ثانوية : توجد بالنسبة إلى بعض الوثائق أو الملفات عدة نسخ ويجب في هذه الحالة التمييز بين وضعيتين :

-نسخ متكررة لأصل وثيقة واحدة توجد بصفة مفردة أو داخل الملف، مثال ذلك جدول ارسال في خمس نسخ . يتعين عندئذ حفظ النسخ اللازمة وفق ضرورة المصلحة وإتلاف البقية .

-نسخ متكررة من أصل وثيقة واحدة أو من ملف أو أصول متكررة للوثيقة الواحدة أو الملف توجد لدى عدة مصالح معنية للقيام بأعمال تتعلق بهذه الوثائق . في هذه الحالة يتعين التمييز بين ما نسميه "نسخة أساسية" و"نسخة ثانوية" .

تطلق صفة "النسخة الأساسية" على الوثيقة أو الملف الذي يحتوي على أشمل المعلومات حول الموضوع المعني بالأمر، وتستخدم هذه النسخة بصفة إلزامية للقيام بالعمل الإداري الخاص بها، وتمثل جزءا لا يتجزأ منه . وتحفظ هذه النسخة الأساسية لدى الوحدة التي أنشأتها أو تحصلت عليها بحكم مشمولاتها .

أما "النسخة الثانوية" فهي تطلق على نسخة مماثلة للنسخة الأساسية أو على نسخة توفر أقل معلومات منها وتوجد هذه النسخة الثانوية بوحدة أخرى دون التي أشرفت على إنشاء النسخة الأساسية أو تحصلت عليها، وتكون كذلك قيمة استخدامها محدودة بالمقارنة مع النسخة الأساسية .

مثال ذلك الفاتورة التي تتوفر في عدة نسخ أصلية، منها نسخة أساسية تحفظ لدى المصلحة المالية لكونها معنية بالمصاريف وتمثل هذه النسخة لديها حجة تطالب بحفظها مدة لا تقل عن عشر سنوات . أما النسخة الثانوية من هذه الفاتورة، ولو كانت أصلا، هي التي ترسل مثلا مع المقتنيات المعنية إلى مصلحة منتفعة ولا تطالب بحفظها لنفس المدة . لذا، يمكن إتلاف النسخ الثانوية بعد مدة قصيرة .

ويشار في الجدول إلى النسخة الأساسية أو الثانوية بوضع علامة « x » في الوادي المناسب .



- مدد الحفظ : يمثل هذا الجزء الجانب الأساسي من الجداول حيث تضمّن به مدة حفظ الملف أو الوثيقة وذلك على مرحلتين :

-فترة نشطة يتم أثناءها استبقاء الوثائق بمكاتب العمل للإستخدام العادي والمتواتر لأغراض إدارية ومالية وقانونية أو غيرها وإلى أن تنجز الهياكل المعنية الأعمال المنوطة بعهدتها ؛

-فترة شبه نشطة يتم أثناءها حفظ الوثائق وجوبا لدى مصلحة التصرف في الوثائق والأرشيف بالوزارة أو الهيكل المعني وذلك في محلات معدة للغرض داخل الإدارة أو خارجها . ويكون استخدام الملفات والوثائق طيلة هذه الفترة عرضيا . وبانقضاء فترة الحفظ تنتهي حاجة الإدارة إلى الوثائق المعنية .

ويتم التعبير عن مدة الحفظ عادة بحساب عدد السنوات في كلتا الحالتين (فترة نشطة أو فترة شبه نشطة) . وفي بعض الحالات يتعذر ضبط عدد السنوات اللازمة لذلك، فتحدد فترة الإستبقاء إلى غاية اجراء عمل إداري معيّن تنتهي بمقتضاه حاجة الإدارة إلى الوثيقة في الفترة المعنية . مثال ذلك الملف الإداري للعون يبقى نشطا إلى حد انقطاع العون عن العمل .

وفي هذه الحالة يوضع هامش في الوادي المناسب ويفسّر في واد الملاحظات بذكر هذا الإجراء الإداري .

وبالنسبة إلى بعض الوثائق، لا يستوجب الأمر حفظها لمدة انتقالية في وضع شبه نشط فلا يكتب شيء في الوادي المناسب .



-المصير النهائي : يكون المصير الذي تؤول إليه الملفات والوثائق العمومية بعد انتهاء حاجة الإدارة إليها على النحو التالي :

* الحفظ الدائم والكلي لنوع من الوثائق أوالملفات ويرمز إلى ذلك بـ : "ح.د"

* الحفظ الدائم لجزء من الوثائق بعد إجراء فرز وانتقاء مدروس ثم إتلاف الباقي والرمز هو : "إن"

* الإتلاف الكلي للوثائق والرمز هو : "إت" .



تحفظ بعض الوثائق بصفة دائمة لأنها تمثل مصدرا للبحوث والدراسات في كل المجالات ومرجعا لبعض القضايا المهمة التي تخص البلاد ومستندات لحقوق الأشخاص والهيئات، وكذلك سندا للذاكرة الجماعية والذاتية الوطنية . ويعني الحفظ الدائم ترحيل الوثائق المعنية وجوبا إلى المؤسسة الوطنية للأرشيف .



وفي حالة حفظ جزء فقط من مجموعة ملفات أو وثائق تحدد لاحقا طرق ومعايير الإنتقاء للوثائق المعنية من قبل المؤسسة الوطنية للأرشيف وفق المنهاج المتبع دوليا في هذا المضمار . ويجرى إتلاف الوثائق المعدة لذلك بعد تأشيرة المؤسسة الوطنية للأرشيف وفق الأحكام القانونية السارية المفعول .



3.4- طريقة إعداد جداول مدد استبقاء الوثائق :

تم التمييز بين قسمين أساسيين من الوثائق العمومية هي الوثائق المشتركة بين كل الإدارات العمومية والوثائق الخصوصية لكل إدارة عمومية . تم اعتماد هذا التمييز لدى الكثير من البلدان نظرا لأن الوثائق المشتركة بين سائر الإدارات تكاد تكون هي نفسها من إدارة إلى أخرى وتخضع لنفس التراتيب القانونية ولا فائدة في أن تعد كل إدارة عمومية جداول مدد الإستبقاء بالنسبة إليها، فيمكن اعتماد صيغة موحّدة صالحة للجميع .

وتتعلق الوثائق المشتركة بمجال التسيير والتنظيم والبريد والمعلوماتية والشؤون القانونية والنزاعات وإدارة الموارد البشرية والمالية والمادية للإدارات العمومية ويمكن تفصيلها كالآتي :

-التنظيم العام لجهاز عمومي (وزارة أو مؤسسة عمومية) : تشمل هذه المجموعة الوثائق المتعلقة بإحداث الجهاز وضبط مهامه ومشمولاته وكيفية تنظيمه وتاريخه كما يشمل هذا العنصر الهياكل الإستشارية التي تخصه واللجان القارة وغير القارة التي تتبعه.



-الهياكل الملحقة بديوان الوزير أو رئيس الجهاز العمومي : إلى جانب الوثائق المتعلقة بنشاط الوزير أو رئيس الجهاز، تخص هذه المجموعة المهمة ما ينشأ من ملفات ووثائق لدى الهياكل الملحقة بديوان الوزير أو رئيس الجهاز .

وإذا بقي هيكل (أو أكثر من هيكل) لم تشمله هذه الجداول للجهاز العمومي المعني يمكن ادراجه ضمن جداول مدد استبقاء وثائقه الخصوصية .

وقد تكون بعض الهياكل المذكورة في هذا الباب تابعة لهياكل أخرى دون الديوان مثل الهياكل التي تعنى بالمعلومات وإدارة الوثائق والأرشيف التي تتبع إدارات عامة أخرى .



- التفقديات : تعمل هذه الهياكل في كل الوزارات بطريقة متشابهة وتنشئ أنواعا من الوثائق مماثلة ولها علاقة بالأجهزة الوطنية للتفقد والرقابة .



- الشؤون القانونية والنزاعات : تخص الوثائق المتعلقة بهذه المجموعة إعداد مشاريع النصوص القانونية والترتيبية والإستشارات القانونية وقضايا النزاعات التي تخص الوزارة .



- التنظيم والأساليب : وتتكون هذه المجموعة من أدلة الإجراءات والوثائق المتعلقة بتنظيم العمل داخل الوزارة أو الجهاز العمومي .



- الإعلامية : تشمل هذه المجموعة كل ما يتعلق بالإعلامية بالنسبة إلى الوزارة أو الجهاز العمومي (مخططات توجيهية استراتيجية أو عملياتية، تطبيقات إعلامية وقواعد بيانات أو بنوك معلومات ...) .



- إدارة الموارد البشرية : تتعلق هذه المجموعة بكل ما ينشأ من وثائق عند إدارة الأعوان منذ التوظيف إلى الإنقطاع عن العمل .

- إدارة الموارد المالية : تم جمع الوثائق الخاصة بممارسة هذه الوظيفة بالوزارات في ثلاث مجموعات فرعية وهي ميزانية التسيير وميزانية التجهيز والصفقات العمومية . وتخص هذه الوثائق أيضا المؤسسات العمومية .



- إدارة البنايات والمعدات والمخزون : تتألف هذه المجموعة من الوثائق المتعلقة بالبنايات من تشييد وترميم وصيانة وكراء وغيرها وكذلك من الوثائق الخاصة بالمعدات على مختلف أنواعها بما فيها العربات . أما المخزون فهو يتعلق بكل المواد التي تقتنيها الإدارة أو المؤسسة العمومية وتتصرف فيها .



- الوثائق الخاصة بالمؤسسات العمومية وخاصة ذات الصبغة الإدارية منها : تم في هذه المجموعة ذكر الوثائق التي تنفرد بها هذه الهياكل خاصة من حيث تنظيمها وإدارة مواردها المالية .



وتجدر الملاحظة أن هذه المجموعات من الوثائق تم ضبطها وفق الوظائف والأعمال التي تضطلع بها الإدارات العمومية وليس حسب مسميات الهياكل المعنية بهذه الوظائف والأعمال حتى لا تصبح عرضة للتغيير الذي يطرأ على تسمية الهياكل أو توزيع الوظائف والأعمال بينها . وقد لا تنطبق كل هذه المجموعات على كل الأجهزة فنجد قسما منها يتبع مجموعة الوثائق الخصوصية للجهاز لسبب من الأسباب والمهم أن تحدد كل الوثائق والملفات التي نجدها عموما في سائر الأجهزة الحكومية أو غيرها حتى وإن اختلفت في تركيبها .



يتطلب إعداد جداول مدد استبقاء الوثائق نوعين من الخبرات : خبرة مستخدمي الوثائق ودرايتهم بها وبطرق العمل المتعلقة بها من ناحية وخبرة أخصائيي الأرشيف من ناحية أخرى الذين يتولون تأمين الجانب الفني لإعداد الجداول . وبالنسبة إلى الوثائق المشتركة تم في خصوص التجربة التونسية تكوين فريق مركزي من أخصائيي الأرشيف أشرف على عدد من فرق العمل (سبعة على الأقل) من المسؤولين الإداريين بالنسبة إلى مختلف المواضيع المذكورة أعلاه . تكوّن كل فريق عمل من مسؤولين ينتمون إلى عدة وزارات أو إدارات عمومية ليهتم بإعداد جداول مدد استبقاء الوثائق بالنسبة لمجموعة معينة من الوثائق المشتركة . ولضبط الصيغة النهائية لقائمة الوثائق والملفات، اعتمد كل فريق عمل في أول الأمر على قائمة الوثائق والملفات وثبتها ببحث ميداني وأدّى الأمر في بعض الأحيان إلى إجراء بعض التعديلات على هذا الفهرس .



وتجدر الإشارة في هذا الصدد إلى صعوبة اعترضت فريق العمل المركزي المختص في الأرشيف حول الخلط بين إجراءات العمل الإداري والوثائق الناتجة عن ذلك . في بعض الحالات عوض أن نجد قائمة واضحة لأنواع الوثائق التي يتكون منها الملف، يقوم الموظف الذي أجرى الجرد بوصف الإجراءات الإدارية التي يتبعها عند مباشرة المسألة المتعلقة بالوثائق بينما الذي يهمّ الأرشيفي هو ذكر الوثائق الناشئة عن ذلك . على سبيل المثال عوض أن نقول أخذ رأي الوزير في موضوع ما يجب أن نقول مذكرة أو ملحوظة عمل موجهة إلى الوزير . فترى الموظف يسرد الأعمال التي يقوم بها ويجب على الأرشيفي أن يترجم ذلك إلى نعت أسماء الوثائق الناشئة عن ذلك .



ولتحديد مدد استبقاء الوثائق يستوجب الأمر تقييم الوثائق والتعرف على قيمتها وصلاحيتها بالنسبة لمنشئيها ومستخدميها في فترة أولى ثم قيمتها بالنسبة لأي استعمال آخر ولأي غرض دون الغرض الذي أنشئت من أجله . وتسمى القيمة الأولى "القيمة الأولية" وهي تتدرج على مرحلتين : فترة نشطة للوثائق والملفات وفترة شبه نشطة . وتوافق الفترة النشطة المدة اللازمة لاستبقاء الوثائق والملفات بمكاتب العمل حيث يكون استخدامها متواترا إلى أن تعالج المسائل والأعمال المتعلقة بها، بينما توافق الفترة شبه النشطة مدة حفظ الوثائق والملفات كأرشيف وسيط . وبخصوص القيمة الأخرى لأي استعمال دون الغرض الذي أنشأت لأجله الوثائق فهي تسمى "القيمة الثانوية" أي عندما تستخدم الوثائق والملفات لأغراض البحث العلمي والإبداع الأدبي والفكري وغير ذلك من الأعمال المتعلقة بالذاكرة والتراث وما إلى ذلك من استعمال .



وبالنسبة إلى تقدير وتثمين القيمة الأولية بغرض ضبط مدد الإستبقاء، لا أحد يمكن أن يعوض مستخدمي الوثائق وهم أدرى بكل ما يتعلق بصلاحيات الوثيقة وطرق استخدامها والمدة اللازمة لاستبقائها . لكن قبل ضبط هذه المدد يجب التثبت من النصوص القانونية المتعلقة بموضوع الوثيقة المعنية لمعرفة ما إذا كانت هناك أحكاما قانونية قد نصت على فترة تقادم أو مدة قانونية لاستبقاء هذه الوثيقة . وفعلا نجد في عدة نصوص قانونية وترتيبية مثل القانون المتعلق بالتجارة أحكاما تتعلق بالوثائق المتصلة بالمعاملات تنص على حفظ بعض الوثائق مدة عشر سنوات . وعند قراءة هذه النصوص يجب التفطن إلى طريقة بناء النص القانوني حيث أن المشرع عادة ما يؤكد على الإجراء ولا يقصد مباشرة الوثائق المرتبطة بذلك . فعندما ينص القانون على أن أجل التقاضي في مادة معينة يكون بثلاث سنوات يجب أن يفهم الأرشيفي أن الفترة النشطة للوثائق المتعلقة بهذا الإجراء لا ينبغي أن تقل عن ثلاث سنوات .



فكلما وجدت أحكام من هذا النوع يتعين أخذها وجوبا بعين الإعتبار وضبط مدة استبقاء الوثيقة المعنية بذلك على الأقل المدة القانونية . إلا أن النصوص القانونية لم تميّز في مدة التقادم بين فترة نشطة وفترة شبه نشطة، وهذه الآليّة خاصة بميدان الأرشيف ولم تطرح على المشرع . لذا يتعين على فريق العمل المكلف بإعداد جداول مدد استبقاء الوثائق أن يقسم المدة القانونية بين الفترة النشطة والفترة شبه النشطة .



وبعد التثبت من النصوص القانونية يمكن اللجوء إلى المقارنة مع مدد الإستبقاء التي اعتمدتها دول أخرى بالنسبة إلى وثائق مماثلة . وبالنسبة إلى تونس تم التحصل على جداول مدد استبقاء للوثائق المشتركة بين مصالح الدولة لكندا وكذلك لوثائق جل الوزارات بمقاطعة كيباك في كندا ولبعض الوزارات في فرنسا بالنسة إلى الوثائق الخصوصية . وتجدر الملاحظة في هذا المجال إلى أن التنسيق في مدد استبقاء الوثائق المماثلة بين البلدان أصبح أمرا ضروريا في عصر العولمة . فقد انتشرت طرق موحدة لإدارة المؤسسات والمشاريع عبر العالم عن طريق الشركات المتعددة الجنسيات والمنظمات الحكومية العالمية وخاصة نظام الأمم المتحدة، وتم تنميط العديد من الوثائق خاصة مع نمو استخدام التقنينات والمواصفات الدولية تحت اشراف المنظمة العالمية للمواصفات (ISO) . وقد يكون من المفيد أن تسعى المنظمات المهنية والمجلس الدولي للأرشيف بالخصوص إلى بذل جهود في هذا الإتجاه ما لهذه المسألة من انعكاس طيّب على التعاون بين البلدان في هذا المجال خاصة بالنسبة للدول النامية التي هي في حاجة ماسة إلى ارساء نظم لإدارة الوثائق والأرشيف .



إلى جانب اعتماد مدد الإستبقاء الواردة بالنصوص القانونية والقياس بالمدد المستخدمة في دول أخرى، يجب على منشئ الوثائق والمتعاملين معها التعويل على خبرتهم وتقاليد عملهم لضبط مدد الإستبقاء بالنسبة للفترة النشطة وشبه النشطة. وفي هذا الصدد يسهل على هؤلاء تحديد الفترة النشطة لأن كل موظف يستخدم وثائق يعرف عادة بكل دقة متى تنتهي الفترة النشطة أي عندما يغلق الملف ويكون قد أجرى الأعمال المطلوبة منه . ولا يجب مجاراة الموظفين الذي يريدون حفظ الوثائق بمكاتب العمل مدة أطول مما يستوجبه العمل العادي للجهاز، لأن انعكاسات ذلك غير طيبة، فتتكدس الوثائق وقد لا يتسنّى للموظف الرجوع إلى الوثيقة عند الحاجة بكل سرعة ودقة بينما يمكّن حفظ الوثائق بمركز الأرشيف الوسيط من الرجوع إليها بسرعة فائقة . ثم أن تكدس الوثائق بمكاتب العمل له كلفة باهضة بحيث تحتل الوثائق مساحات كبيرة على حساب الفضاء المخصص للموظفين وعادة ما تكون القيمة الكرائية لمحلات العمل أرفع بكثير من تلك المتعلقة بالمحلات المعدّة للخزن .



ويلاقي أغلب الموظفين صعوبة في تحديد الفترة شبه النشطة خاصة إذا علموا أن مصير الوثائق بعد ذلك يكون الإتلاف، فترى جلهم يتهرب من تحديد مدة حفظ الوثائق كأرشيف وسيط أو يقترح مدة طويلة من الزمن تغطي فترة النشاط المتبقية له في الوظيفة . وفي ظل غياب تقاليد في هذا المضمار، يجب أخذ عدة احتياطات من ذلك البحث لدى قدماء الموظفين عن أنواع الحالات التي استوجبت الرجوع إلى الأرشيف الوسيط ومدّة السنوات التي مضت على إنشائه ودراسة قضايا النزاعات لمعرفة نوعية الوثائق المستندة في ذلك وتواريخ صدورها . بالإعتماد على هذه الوضعيات وبالرجوع إلى القيمة القانونية للوثائق يمكن ضبط مدد استبقاء منطقية ومعقولة .

ولا يجب كذلك مجاراة الموظفين في جنوحهم نحو حفظ الوثائق مدة أطول من اللازم لأن النظام يفقد مصداقيته فيصبح خاضعا لأهواء الأشخاص وتصرفاتهم الشخصية وليس لمعايير وضوابط منطقية وعلمية . ثم إن حفظ الوثائق بدون موجب خاصة إذا كان مصيرها النهائي الإتلاف له أيضا كلفة . إلا أنه يمكن في بعض الحالات تمديد مدة الحفظ الإنتقالي بالنسبة إلى الوثائق التي سوف يكتب لها الحفظ الدائم لكنها لا تتاح للعموم إلا بعد ستين أو مائة سنة من تاريخ نشأتها . وينطبق الوضع على الوثائق الصادرة عن السلط الأمنية والعسكرية والديبلوماسية والقضائية التي قد تحتاج إلى وثائقها لمدة طويلة وعادة ما تكون لهذه الوثائق صبغة سرية . ولطمأنة هذه السلط يمكن ادراج مدة طويلة لحفظ الوثائق تحت مسؤولية الجهة المنشئة لها .


وبخصوص المصير النهائي للوثائق، يخضع تقييم الوثائق وتثمين قيمتها الثانوية إلى معايير مختلفة وأكثر صعوبة . بما أن الأمر يتعلق بتقدير قيمة الوثيقة لاستعمالها في غرض دون الذي من أجله أنشأت قد تختلف وتتنوع هذه الأغراض . ويمكن لمنشئ الوثيقة تقديم اقتراحات حول المصير النهائي للوثيقة إنما السلطة الأرشيفية هي المؤهلة أكثر من غيرها لتحديد هذا المصير النهائي . وتعتمد في ذلك على عدة طرق أهمها التواصل أي حفظ نفس النوع من الوثائق والملفات التي تحفظ عادة والقياس أي بالمقارنة مع ما يحصل لنفس النوع من الوثائق في البلدان الأخرى . ويمكن استشارة المستفيدين أي الباحثين المختصين في المجالات التي تهم الوثائق . ومهما يكن من أمر يجب الوصول إلى انتقاء شديد نظرا لضخامة حجم الوثائق الورقية وذلك رغم انتشار المعلوماتية والوثائق الإلكترونية . فلا يمكن الحفظ بصفة دائمة لنسبة كبيرة منها . وتقدر نسبة وثائق الأرشيف النهائي بالنسبة لجملة الوثائق المنشأة في جل البلدان المتقدمة من 5 إلى 10 بالمائة .



تظهر هذه النسبة وكأنها ضعيفة، إنما إذا اعتبرنا حجم الوثائق التي تضاف سنويا إلى المخزون الوطني ندرك أهمية وضرورة إجراء انتقاء شديد لحفظ الوثائق المهمة فقط . لذلك أصبحت مسألة تقييم الوثائق وانتقائها وظيفة أساسية بالنسبة للأرشيفي حيث أنه ينحت ملامح الذاكرة الجماعية للبلد وله مسؤولية حضارية ثقيلة في اختيار الوثائق التي تدلّ على نشاط الأجهزة الرسمية وانجازاتها وتخلد الماضي لفائدة الأجيال القادمة .



تضفي عملية تقييم الوثائق إلى ضبط مدد استبقائها والمصير النهائي الذي تؤول إليه . تؤدي النتيجة بالنسبة إلى كل نوع من الوثائق والملفات إلى بناء قاعدة الحفظ وهي تتألف من مدة الإستبقاء كأرشيف جاري ومدة الحفظ كأرشيف وسيط والمصير النهائي الذي تؤول إليه . تجمّع قواعد الحفظ حسب هياكل الإدارة أو الجهاز في شكل جدول . وتؤلف هذه الجداول آداة عمل تحتوي على العناصر التالية :

-مقدمة تضع العمل في إطاره العام وتبرز سياسة الدولة أو الجهاز في مجال نظم المعلومات والأهداف الخصوصية من إدارة الأرشيف وتحث الهياكل المعنية بالحرص على تنفيذ النظام الذي تم وضعه مبرزة الفائدة من ذلك .

-تقديم لطريقة بناء الجداول وقواعد الحفظ وكيفية استعمالها للبحث عن القاعدة المناسبة للوثيقة أو الملف .

-قائمة بالمصطلحات الفنية الواردة بالجداول وشرح مفهومها لتيسير استعمال الجداول .

-قائمة قواعد الحفظ في شكل جداول مرتبة حسب هياكل الجهاز .

-كشاف ألفبائي لعناوين الوثائق والملفات مع عدد قاعدة الحفظ المناسبة .



4.4- مراجعة جداول مدد استبقاء الوثائق والموافقة عليها :

بعد اجراء كل مراحل اعداد جداول مدد استبقاء الوثائق يجب أن تمر نتائج هذا العمل بعملية مراجعة وتدقيق وموافقة تجرى على مرحلتين :

-تكون المرحلة الأولى داخلية بالنسبة إلى الجهاز حيث يصادق المسؤول عن كل هيكل أو قسم داخل الجهاز على قواعد الحفظ التي وضعت للوثائق والملفات الراجعة إليه بالنظر والهدف من ذلك هو تحميله المسؤولية في محتوى قواعد الحفظ حتى تصبح خيارا وطريقة عمل ارتضاها ليعمل على تطبيقها . ثم تخضع كل قواعد الحفظ لوثائق الوزارة أو الجهاز إلى موافقة الجهة المسؤولة بها عن الشؤون القانونية والنزاعات . والهدف من ذلك هو أساسا التثبت من أن مدد الحفظ المعتمدة لا تتضارب مع أي نص قانوني أو ترتيبي ساري المفعول . ولا يطلب من هذه الجهة أن تصادق على مدد الحفظ في حد ذاتها لأن مستخدمي الوثائق أدرى بذلك ويقتصر دورها على دراسة ملاءمتها للنصوص القانونية والترتيبية .

-تخص المرحلة الثانية موافقة المؤسسة الوطنية للأرشيف . ويجب أن تمنح التشريعات الأرشيفية للمؤسسة الوطنية للأرشيف هذه السلطة وذلك للتمكن من ارساء نظام وطني لإدارة الأرشيف متماسك، فتكون مناهج العمل وقواعد الحفظ موحدة بين هياكل الدولة. كما تشرف هذه المؤسسة على سياسة الحفظ الدائم للوثائق وتكوين مصادر ذاكرة البلاد بصفة متناسقة . وعلى هذا الأساس تتولى المؤسسة الموافقة على كل جداول ممد استبقاء الوثائق بعد المراجعة والتثبت من مدد الإستبقاء المقترحة للأرشيف الجاري والوسيط وتحديد المصير النهائي للوثائق .



ويمكن بعد ذلك وضع جداول مدد استبقاء الوثائق حيّز التنفيذ . إلا أن هناك مسألة ترتيبية قد تطرأ في بعض الأنظمة الإدارية ذلك أن المسؤول الأول عن المؤسسة الوطنية للأرشيف لا يمكن له الإشارة لمسؤول أعلى منه مرتبة مثل الوزير بتنفيذ مقتضيات هذه الأداة . ثم لإعطاء هذا العمل صبغة قانونية وإلزامية ارتأينا في تونس إصدار أمر (نص قانوني) يكلف كل وزير باعتماد جداول مدد استبقاء الوثائق الراجعة إلى مصالحه بعد موافقة الأرشيف الوطني عليها بقرار ينشر بالجريدة الرسمية . وبذلك نتخطى إشكال احترام التسلسل الإداري ونضفي على هذه الأداة الصبغة الإلزامية الأمر الذي من شأنه أن يساعد في وضعها حيّز التنفيذ .



5. نظام تصنيف الوثائق :

1.5- التصنيف وأهدافه :

يتمثل التصنيف في ضبط طريقة لتجميع الوثائق حسب أوجه التشابه بينها وذلك عبر التعرف عليها ثم ترتيبها داخل أقسام وفق طرق وأساليب وقواعد إجرائية مبنية منطقيا وتدريجيا في شكل نظام تصنيف . ويتم تقسيم الوثائق إلى مجموعات حسب مقياس معين حتى نتحصل على مجموعة أصناف تمثل أبوابا تنضوي تحتها جميع الوثائق . ويعتبر استنباط نظام التصنيف عملية ذهنية تتخذ من الوظائف العامة للإدارة تصنيفات رئيسية . ثم يقع تبويب مختلف الأنشطة والأعمال الإدارية ضمن أقسام تدرج داخل هذه التصنيفات.



هذا، وتجدر الإشارة إلى أنه يجب التمييز بين مفهومين أساسيين غالبا ما يقع الخلط بينهما هما التصنيف والترتيب :

-التصنيف هو عملية ذهنية تعنى بتجميع الموضوعات الأساسية وبلورتها لتمثل الوظائف العامة للإدارة التي تتميز بتركيبة منطقية متدرجة ومتفرعة . تؤدي هذه العملية إلى تصور نظام تصنيف ثم إلى وضعه حيّز التنفيذ . وتدل كلمة تصنيف أيضا على البحث عن التفريعة المناسبة التي تسند إلى كل وثيقة أو ملف يخص الإدارة المعنية بنظام التصنيف، وهي عملية ذهنية تستوجب الإلمام بنظام التصنيف وطريقة بنائه وتفريعاته .

لكن التصنيف وحده كعملية ذهنية لا يفي بالحاجة لأنه يقتصر على وضع إطار عام تتنزل ضمنه مجموع الوثائق، والهدف من اعداده هو تحديد مدى ارتباط الوثائق ببعضها وضبط مجموع العلاقات العضوية على مستوى مختلف الوظائف من جهة وعلى مستوى مختلف التفريعات داخل الوظيفة الواحدة من جهة أخرى .

-أما الترتيب فهو الطرف الذي يربط بين نظام التصنيف وتجسيده في المستوى العملي. وبالإعتماد على رموز التصنيف المسندة إلى الوثائق، بناءا على نظام التصنيف، وعلى الرموز الثانوية المكملة لها، يتم ترفيف الوثائق بوضعها في تنظيم منطقي حسب تسلسل هذه الرموز .



ليكون نظام التصنيف متماسكا ومجديا يجب أن تتوفر فيه خاصيات أساسية أهمها :

* التدرج : وهو أن يأخذ نظام التصنيف بعين الإعتبار تسلسل الوظائف وتفريعاتها من العام إلى الخاص . وبذلك يتكون نظام التصنيف من أصناف رئيسية تتفرع عنها أصناف فرعية وهذه الأخيرة تتفرع بدورها إلى أقسام وأقسام فرعية . ويمكن إضافة مستوى تصنيفي آخر إذا اقتضى الأمر .

* المنطقية : يجب أن يكون هناك تجانسا داخل الأصناف وتفريعاتها بحيث يتم الجمع بين ما هو متشابه ويتم الفصل بين ما هو مختلف من الوظائف والمواضيع، فيتسم نظام التصنيف بالتسلسل المنطقي أثناء ترتيب الوثائق داخل الأقسام .

* التفرد : يسند إلى كل موضوع أو مفهوم موقعا واحدا داخل نظام التصنيف فنضمن بذلك الفصل بين مختلف الأصناف بحيث تصنف كل وثيقة في الصنف أو القسم المناسب لها . هذا، ويجب تجنب تجميع الوثائق تحت عنوان "متفرقات" أو أي عنوان آخر غير دقيق .

* الشمولية : وهي أن يكون نظام التصنيف شاملا لجميع وثائق الوزارة أو الإدارة العمومية مهما اختلفت أشكال هذه الوثائق وتنوعت المعلومات التي تتضمنها دون استثناء، وأن يكون أيضا جامعا لكافة الوظائف والأعمال الإدارية . فيخصص لكل وثيقة أو مجموعة من الوثائق مكانا محددا يتماشى وطبيعتها داخل مختلف مستويات المنظومة التصنيفية سواء على مستوى الصنف الرئيسي أو الصنف الفرعي أو القسم أو القسم الفرعي .

* القابلية للتمدد : وهي قابلية نظام التصنيف في التفريع عند الحاجة ليضمن احتواء نوعيات جديدة من الوثائق التي قد يتم إنشاؤها بعد اعداد نظام التصنيف أو نوعيات أخرى تنتمي إلى تدقيق تفريعات موجودة .

تمكن هذه الخاصيات من تحقيق احترام مبدأ النشأة حيث أنها تجنب الخلط بين الوثائق التي تنشئها مختلف المصالح في نفس الإدارة فتكوّن الوثائق الخاصة بكل مصلحة وحدة مستقلة عن غيرها .



يهدف اعتماد نظام لتصنيف الوثائق إلى تحقيق الغايات التالية :

-ضمان السرعة والنجاعة في الإستدلال على الوثائق ومواقعها ثم ارجاعها إلى أماكنها؛

-المساهمة في الرفع من مردودية العمل الإداري ؛

-تيسير حفظ الوثائق وحمايتها ؛

-وضع الوثائق في إطارها الطبيعي للإستدلال على ظروف نشأتها واستعمالها ؛

-الاستدلال على تطور الأعمال والوظائف الإدارية ؛

-ضمان استمرارية العمل الإداري دون التأثر بحركية الأعوان وذلك بتوحيد طرق التصنيف ونبذ الإجتهاد الفردي المشخص .



2.5- طرق التصنيف :

توجد عدة طرق لتصنيف الوثائق، لكل واحدة منها جوانب إيجابية وجوانب سلبية أو حدود . وتتمثل أهمها فيما يلي :

- التصنيف الألفبائي : وهو ينطبق على الوثائق التي تحمل أسماء لأشخاص ماديين أو معنويين أو لمواقع جغرافية . فيمكن ترتيبها ألفبائيا حسب الحروف المكونة لهذه الأسماء وذلك باحترام التسلسل الألفبائي للحروف بالنسبة إلى اللغة المعتمدة في التصنيف . مثال ذلك ترتيب الملفات الإدارية للأعوان حسب أسماء أصحابها (ترتيب حسب اللقب العائلي وتحذف الألف واللام) .



- التصنيف العددي : ويتمثل في إسناد رقم إلى كل وثيقة حسب التسلسل العددي، فيمكن الإستدلال بسهولة على الوثائق . لكن يستوجب هذا التصنيف أداة بحث تمكّن من التعرف على الرقم المناسب لكل وثيقة وعند ذلك يتيسر ضبطها فوق الرفوف . تستخدم هذه الطريقة مثلا في تسجيل المراسلات في مكتب الضبط .



- التصنيف الزمني : ويتمثل في ضبط الوثائق حسب تاريخ صدورها وتستوجب هذه الطريقة معرفة تاريخ الوثيقة . ويمكن المزج بين التصنيف الألفبائي والتصنيف العددي، أو بين التصنيف العددي والتصنيف الزمني . وعلى أية حال، يتعين على المصنف اختيار طريقة التصنيف التي تتماشى أكثر ما يمكن مع الوثائق المعنية بالتصنيف .



- التصنيف الوظيفي : يعتمد التصنيف الوظيفي الوظائف التي يقوم بها المرفق العمومي كأساس لتصنيف الوثائق، وتؤدي كل وظيفة إلى صنف رئيسي . وتتفرع الوظيفة إلى وظائف فرعية تقابلها في نظام التصنيف أصناف فرعية . وتتفرع كل وظيفة فرعية إلى أقسام ويتجزأ كل قسم إلى أقسام فرعية . وتتدرج تركيبة المواضيع الناشئة عن ذلك من العام إلى الخاص، وتكون قابلة للتمدد والتطور . هذا وتصاحبها منظومة عددية تمثل رموز التصنيف لهذه المواضيع . مثال تفريعات صنف رئيسي :


الوظيفة وتفريعاتها
نظام التصنيف
رمز التصنيف
وظيفة التسيير العام لوزارة
صنف رئيسي
1000
وظيفة فرعية للتسيير العام لوزارة
صنف فرعي
1100
أقسام الوظيفة الفرعية للتسيير العام لوزارة
قسم
1110
أقسام فرعية لقسم من وظيفة فرعية للتسيير العام لوزارة
قسم فرعي
1111

والجدير بالملاحظة أن نظام التصنيف هذا لا يعتمد التنظيم الهيكلي للإدارة المعنية وذلك لعدة اعتبارات منها : هشاشة هذه القاعدة التصنيفية، والمتغيرات التي قد تطرأ على الهياكل كحذف مصلحة أو إحداث مصلحة جديدة أو إدماج المصالح فيما بينها أو فصلها عن بعضها .



مزايا التصنيف الوظيفي :

يحمل التصنيف الوظيفي عدة مزايا أهمّها :

- يمكّن من جعل نظام التصنيف أداة تصرف ناجعة وشاملة تلم بكافة الجوانب الخاصة بتنظيم الوثائق في المرفق العمومي ؛

-يضع الوثيقة أو الملف في الإطار الذي نشأت فيه، لأن فصل الوثائق عن هذا الإطار قد يؤدي إلى صعوبة في فهم المعلومات التي تحتويها والعلاقة التي تربط بينها؛

-يبقى صالحا حتى وإن طرأ تغيير على المشمولات التي تضطلع بها الإدارة لأنه يسهل تحيينه ؛

-قابل للتمدد والتطور ؛

-لا يرتبط بالتنظيم الهيكلي للإدارة المعنية لأنه ينبني على الوظائف وتفريعاتها ولا على أسماء المصالح .



3.5- مرحليّة بناء نظام التصنيف

إعداد التفريعات :

تتمثل المرحلة الأولى من إعداد نظام التصنيف في ضبط التفريعات الرئيسية بحيث تغطي مجملها كافة الوظائف المنوطة بعهدة الوزارة أو الإدارة العمومية بكيفية تجعل لكل وثيقة أو ملف للوزارة أو الإدارة العمومية المعنية موقعا داخل نظام التصنيف .



بعد ضبط الأصناف الرئيسية، يجب تقسيمها وتفريعها حسب الحاجة إلى عدة مستويات. ويكون عدد مستويات التقسيم مرتبطا بمدى تشعب الوظيفة ودرجة تعقيدها . فكلما كانت الوظيفة معقدة كلما زادت مستويات التقسيم التي هي في نهاية الأمر تكريس لشمولية النظام التصنيفي وتغطيته لمجمل وثائق وملفات الإدارة المعنية .

يمكن اعتماد ثلاثة مستويات لتفريع الصنف الرئيسي فيكون التقسيم كالآتي :


الوظيفة العامة
صنف رئيسي
(Classe)
المستوى الأول للتفريع
صنف فرعي
(Sous-classe)
المستوى الثاني للتفريع
قسم
(Division)

المستوى الثالث للتفريع
قسم فرعي
(Subdivision)



يجب أن يبقى هذا التقسيم مفتوحا لإضافة مستوى رابع للتفريع عند الإقتضاء فيكون نظام التصنيف قابلا للتمدد (خاصة عند إسناد الرموز) .

وتجدر الإشارة إلى أن بعض التفريعات تستوجب وضع ملاحظات أو تنبيها، فنجدها مصاحبة لبعض الأقسام وذلك بغاية تجنيب مستعملي نظام التصنيف الخلط بين مختلف مستويات التفريع وتفاديا للإستعمال الخاطئ لها .



الترميز :

يتمثل الترميز في إسناد رموز لجميع الأصناف والأقسام وتكون الرموز في شكل أرقام أو في شكل مزدوج بين الأرقام والحروف . هذه الرموز هي بمثابة المعرف لأي وحدة من وحدات التقسيم وهي التي ستجعل كل تفريع يتفرد عن غيره .



وتتمثل الغاية من الترميز في ما يلي :



-التمييز بين مختلف التقسيمات . فالرمز يحيلنا مباشرة إلى وحدة التقسيم ومستوى انتمائها ؛

-تسهيل عملية الترتيب التي هي امتداد لنظام التصنيف وتجسيما لوضعه حيز التنفيذ.

-تسهيل تجميع الوثائق ذهنيا (استرجاع قائمات لها انطلاقا من الكشاف) على أساس الوظيفة أو النشاط أو الموضوع أو المصدر، وهو ما ييسر استرجاع الوثائق الموضوعة فوق الرفوف .

فيمكن بذلك الاستدلال على مواضع حفظ الوثائق والرجوع إليها عند الإقتضاء بسرعة، نظرا لأن الترفيف يراعي التسلسل العددي لرموز التصنيف . ويتطلب الأمر إنشاء آداة بحيث تجمع المعطيات عن رموز التفريع وأماكن الترفيف كما يمكن تحقيق التطابق مع نظام التصنيف لأن الترميز يترجم عن أقسام التصنيف وتفريعاته ويضمن النجاعة والسرعة في استرجاع الوثائق .



* أنواع الترميز :

¨الترميز العددي :

وهو يعتمد على إسناد أعداد إلى مختلف الأقسام والأصناف . وهو يتنوع إلى :

-ترميز يعتمد سلسلة من الأعداد : ألفية ومائوية وعشرية وأحادية، تخضع إلى ترتيب معين تصاعدي أو تنازلي (انظر الجدول المصاحب من الصفحة الموالية : مثال توضيحي لتفريع صنف أساسي) .

-ترميز ذو دلالة زمنية، إشارة إلى الفترة الزمنية الخاصة بالوثيقة والتي يمكن أن يتم على أساسها الترتيب . مثال ذلك : الملفات المتعلقة بالميزانية التي ترتب حسب السنوات التي تخصها أو المراسلات التي تصنف حسب تقسيم زمني الثلاثية الأولى لسنة كذا ...

¨ترميز ألفبائي :

وهو يعتمد على استعمال الحروف الأبجدية للدلالة على مستوى معين في التفريع وقد يرتبط هذا الترميز بموضوع الوثائق والملفات أو بإطار جغرافي يخص هذه الوثائق وهذا الترميز قليل الإستخدام .


¨الترميز المركب (عددي – عددي / عدد – ألفبائي) :

يتمثل هذا النوع من الترميز في فتح مستوى إضافي أو أكثر إلى جانب الرمز الأصلي الذي أسند إلى القسم . وهو تجسيد لقابلية التمدد التي يجب أن تتوفر في كل نظام تصنيف وتطويع نظام التصنيف إلى بعض الخصائص المتعلقة بالوثائق والملفات التي تكون في أغلب الأحيان متكررة أو تتبع تسلسلا زمنيا معينا وهو ما يجعل ترتيبها صعبا نظرا لتشابهها، لذلك يكون من الضروري إضافة رمز ثان إلى الرمز الأصلي (الرمز الأصلي – الرمز الثاني) . وهذا يشكل ترميزا تكميليا على مستوى الأقسام يفيد عند ترتيب الوثائق أو استرجاعها مثال ذلك :

1-ملفات الأعوان التي تتكرر ويكون عددها ضخما في الكثير من الوزارات، فلو اعتمدنا الرمز الأصلي لهذا النوع من الملفات في نظام التصنيف لأخذت كل الملفات نفس الرمز . لذلك كان من الضروري عند ترتيب هذه الملفات تنظيمها حسب تسلسل عددي حتى يسهل على مستعمليها الرجوع إليها . مثال : الملفات الإدارية ورمزها العام 2600. أما الملفات الإدارية لصنف من هؤلاء الأعوان مثل الأعوان الوقتيين فرمزها هو 2630. فلو افترضنا أن عدد هذه الملفات في المرفق العمومي المعني بالأمر يساوي 80، أي أنه لدينا ثمانون ملفا متشابها، ولكي يسهل علينا التفريق بينها وتمييزها عن بعضها، يتعين إضافة مستوى ثان يحيلنا على العدد الرتبي لكل ملف . فيكون الرمز كالآتي :





2630 – 01 : محمد الصالح العامري

2630 - 02 : فتحي بن رمضان

2630 – 03 : عبد المجيد الجلاصي

.......

2630 – 80 : علي ساسي

2-الملفات ذات التسلسل الزمني كملفات الميزانية والتي هي سنوية يتعين ترتيبها حسب السنة التي تخصها . مثال مشروع ميزانية، 3120 هو الرمز الأصلي، لكن بحكم تكرر هذا النوع من الملفات كل سنة يمكن أن نضيف مستوى ثان يخص سنة إنجاز المشروع فيكون الرمز : 3120-1998، الذي يخص ملف مشروع ميزانية سنة 1998 .



4.5- كيفية استخدام نظام التصنيف :

أدوات البحث : (انظر نموذج من نظام التصنيف الملحق عدد 4)

لتيسير استخدام نظام التصنيف نحتاج إلى أدوات بحث أهمها :

- كشاف نظام التصنيف :

يتألف هذا الكشاف من رؤوس الموضوعات الواردة بنظام التصنيف وفي بعض الأحيان من كلمات دالة على هذه المواضيع أو على تفريعات نظام التصنيف . مثال ذلك : "المشروع الأولي للميزانية" وهو قسم من وظيفة فرعية (هي إعداد الميزانية) بالنسبة إلى وظيفة إدارة الموارد المالية . يرتب هذا الموضوع بالكشاف تحت الكلمة الدالة : "ميزانية" والموضوع الثانوي يكون "المشروع الأولي" . وتشير الموضوعات والكلمات الدالة إلى رمز التصنيف المناسب لها والذي يمكن ضبطه بسهولة في قائمة التفريعات المرتبة حسب التسلسل العددي في نظام التصنيف .

يمكّن الكشاف إذا من تحديد موقع الوثيقة أو الملف ضمن مختلف تفريعات نظام التصنيف كما يمكّن من التعرف على رمز التصنيف المناسب . (انظر نموذج لكشاف نظام التصنيف الملحق عدد 5) .

فهرس لعناوين الوثائق والملفات :

يمكن لكل مصلحة بوزارة أو بإدارة عمومية إعداد فهرس لعناوين سائر الوثائق والملفات التي تنشئها أو تتحصل عليها أثناء ممارسة مهامها . وترتب هذه العناوين ألفبائيا مع الإشارة إلى رموز التصنيف المناسبة لها أو عدديا حسب التسلسل العددي للرموز . يمكّن هذا الفهرس من ضبط الوثيقة أو الملف والإستدلال عليها في الرفوف . ويمثل أداة مهمة لكونها تحصي كل الوثائق والملفات التي تحت تصرف المصلحة المعنية، وخاصة منها التي تم ترميزها عن طريق الترميز المركب الذي قد لا نجده في الكشاف . يستخدم الفهرس إلى أن تنتهي الفترة النشطة بالنسبة إلى الوثائق والملفات المعنية .

اسناد الرموز :

عند إنشاء أي وثيقة وأي ملف أو التحصل عليها يجب إسناد الرمز المناسب إليها . ويمكن تحديد هذا الرمز بتصفح نظام التصنيف المبني على أساس الوظائف وتفريعاتها، كما يمكن اللجوء إلى الكشاف والبحث فيه باستخدام رؤوس الموضوعات أو الكلمات الدالة .



ويكتب هذا الرمز فوق الغلاف الخاص بالملف أو الوثيقة أو ما يسمّى بالإضمامة (chemise) . وإذا كان الرمز مركبا يكتب الرمز الأصلي ثم توضع مطة على يساره ويضاف الرمز التكميلي الذي عادة ما يتمثل في عدد أو في ذكر سنة أو غير ذلك . ويكتب موضوع الملف أو الوثيقة تحت الرمز . مثال ذلك :

الرمز : 2210 – 01 – 2001

الموضوع : مناظرة خارجية لتوظيف محللين في الإعلامية

يشير الرمز إلى أن هذه المناظرة هي الأولى التي نظمتها الوزارة أو الإدارة العمومية في سنة 2001، وبالنسبة إلى الوثائق التي تضمن بهذا الملف تكتب رموزها على النحو التالي:

2210/1 : قرار تنظيم مناظرة وقرار فتحها

2210/2 : بلاغ في الصحف للإعلان عن مناظرة

2210/3 : قرار تكوين لجنة المناظرة

........



ترفيف الوثائق واسترجاها :

بعد الإنتهاء من استخدام الوثائق والملفات للقيام بالأعمال المطلوبة، يتم وضعها فوق رفوف أدوات الخزن والحفظ الموجودة بمكاتب العمل أو بمحلات معدة للغرض . وتأخذ الرفوف أشكالا مختلفة (رفوف بسيطة أو خزانات معدنية أو خشبية أو رفوف في شكل دائري) . يعتمد ترفيف الوثائق والملفات على التسلسل العددي لرموز التصنيف، ويجب أن يمكن الترفيف من إقحام وثائق وملفات جديدة في كنف احترام هذا التسلسل .



تجمع الوثائق والملفات في أدوات الحفظ مثل حافظات الأرشيف (مقاس 10 x 25 x 35صم) أو في حافظ ورق يعلق أو غيرها، وتكتب رموز التصنيف على هذه الأدوات بكيفية تمكن من الإستدلال على الوثائق والملفات المحفوظة بها .

ولتيسير عملية استرجاع هذه الوثائق والملفات، قد يكون من المفيد وضع مخطط تخزين عندما تكون أدوات الحفظ كثيرة أو يكون حجم الوثائق والملفات الجارية الإستعمال كبيرا. ويتمثل مخطط التخزين في توزيع تفريعات نظام التصنيف على أدوات الحفظ أو المحلات المعدة للغرض . وعندما ترتب الوثائق بهذه الكيفية يتم الربط بين الوظائف والمواضيع المتفرعة عنها من ناحية وبين الرموز المسندة إلى الوثائق والملفات من ناحية أخرى مع ضبط أماكن تخزينها .



5-وضع النظام حيّز التنفيذ :

لوضع النظام حيّز التنفيذ يجب اعداد العدة على ثلاثة مستويات : تحسيس المسؤولين والمتعاملين مع الوثائق وتكوين الأخصائيين والمكلفين بمسك الوثائق الجارية الإستعمال وإحداث هياكل تعنى بالأرشيف .



بعد اعداد الأدوات المذكورة أعلاه يتعين تنظيم حملة إعلامية داخل الجهاز المعني بالأمر يكون الهدف منها تشريك المسؤولين في انجاح وضع النظام حيّز التنفيذ وحث كل الأعوان على استيعابه والعمل على أساسه . وككل بداية تكون صعبة حيث يتطلب النظام الجديد أعمالا لم تكن معهودة وسلوكا جديدا إزاء الوثائق والتعامل معها . والمهم أن يقتنع المسؤول بأهمية الحرص على تطبيق النظام الجديد ويدرك الفائدة التي تحصل من ذلك على كل المستويات : مردودية العمل والحفاظ على المستندات لحقوق الأشخاص والهيئات وتلميع صورة الإدارة أو الجهاز لدى الرأي العام وتحقيق الأهداف السياسية من شفافية ودعم للمسار الديمقراطي . وتأخذ هذه الحملة الإعلامية كل الأشكال المناسبة : أياما دراسية وندوات وإعلانات في الصحف ومنشورات ومطويات وحصص تلفزية وإذاعية .



ولا يتسنى وضع نظام إدارة الأرشيف دون إحداث هياكل تعنى بذلك . تتطلب هذه العملية إصدار نصوص قانونية في الغرض حتى يثبت هذا الهيكل ضمن الهياكل التي يتكوّن منها الجهاز ولا يبقى رهين سياسة عرضية تخضع لميولات ورغبات المسؤول فيجب أن يكون وجود هذا الهيكل قارا . ويحدّد النص القانوني كذلك مشمولاته وصلاحياته التي تتمحور حول العناصر التالية :

-اعداد وتطبيق برنامج لإدارة الوثائق التي تنشئها أو تتحصل عليها مصالح الوزارة أو الجهاز أثناء القيام بنشاطها وذلك بالتعاون مع المؤسسة الوطنية للأرشيف ؛

-اعداد نظم تصنيف الوثائق الجارية لمصالح الوزارة أو الجهاز والسهر على حسن تطبيقها ؛

-اعداد جداول مدد استبقاء وثائق الوزارة أو الجهاز والعمل على تنفيذ ما تتضمنه من أحكام ؛

-جمع وتنظيم وحفظ الأرشيف الوسيط في محلات معدة لهذا الغرض ؛

-تنظيم الإطلاع على الأرشيف الوسيط واستغلاله وترحيل الأرشيف النهائي إلى المؤسسة الوطنية للأرشيف ؛

-اقتناء وجمع الوثائق والمعلومات على مختلف مصادرها وأوعيتها والمتعلقة بمجال اختصاص الوزارة أو الجهاز ؛

-القيام بأعمال التعاون وتبادل الخبرات مع المصالح والهيئات ذات العلاقة داخل البلاد وخارجها .



يحدّد مستوى هذا الهيكل في الهرم التنظيمي للجهاز وفق ضخامة الجهاز وحجم الوثائق المعنية . ويستحسن أن يكون في مستوى إدارة أو إدارة عامة إن لزم الأمر . ويحدّد النص القانوني تفريع هذا الهيكل حسب النمط المستخدم إلى إدارات وإدارات فرعية وأقسام أو مصالح ... وهذا أمر ضروري لتوزيع الأعمال داخل الهيكل وتحديد المسؤوليات ضمنه .

وأما إلحاق هذا الهيكل وتبعيته داخل الجهاز فهي مسألة على غاية من الأهمية . تقتضي المهام المنوطة بعهدته أن ينشط ويتدخل لدى كل الهياكل والأقسام وله صلاحيات ذات طابع أفقي فلا يجوز على هذا الأساس أن يلحق بهيكل له صلاحية محدودة ولا يتمتع بسلطة تشمل سائر هياكل الجهاز، لأن نفوذه سوف يتعرض إلى مسائل ترتيبية وتسلسل إداري . لذا تقتضي مهام هذا الهيكل أن يلحق بسلطة عليا في الجهاز تخوّل له التدخل لدى كل المستويات دون حواجز وقيود . وأظهرت التجربة أن من أحسن الحلول للإلحاق أن يحصل لدى ديوان رئيس الجهاز ومن أسوئها عموما الإلحاق لدى الهياكل التي تعنى بإدارة الموارد المادية (بنايات وأدوات ...) . إلا أن دور رئيس الهيكل يكون محددا في نجاح أعماله فعليه أن يبني علاقات تعاون ووفاق مع المسؤولين عن سائر هياكل الجهاز ويكون قادرا على إقناعهم بضرورة القيام بالأعمال المطلوبة مبينا في ذلك الفائدة التي تلحق مصالح وأقسام هذه الهياكل . إن وجود هذا الهيكل ضروري لتجسيم نظام إدارة الأرشيف الجاري والوسيط .



وبالنسبة إلى الأعوان العاملين بهذا الهيكل يجب أن يتبعوا ترتيبيا رئيس الهيكل حتى يتكون لدى السلط بالجهاز الشعور بالمسؤولية في إدارة وثائق الجهاز ولا يلقون هذه المسؤولية على جهة أخرى مثل المؤسسة الوطنية للأرشيف . وفعلا عمدت بعض البلدان إلى إلحاق موظفي الأرشيف من المؤسسة الوطنية للأرشيف لدى أجهزة الحكومة فتم اعتبارهم مثل الدخلاء والأجانب عن الجهاز . وترى مسؤولي الجهاز لا يشعرون بأهمية إدارة الوثائق ولا يدركون أنها بالذات من مشمولاتهم . يُعتبر تحميل المسؤولية للجهاز في إدارة وثائقه خيارا استراتيجيا لحسن آداء هذه الوظيفة ويمثل بالمناسبة طريقة فعّالة في اسناد أكثر موارد مالية وبشرية إلى قطاع الأرشيف . حيث إذ يخصص كل جهاز جزءا من ميزانيته إلى الهيكل الخاص بالأرشيف تكون الحصيلة بالنسبة لقطاع الأرشيف برمته أحسن مما أن تسند ميزانية واحدة للمؤسسة الوطنية للأرشيف توزعها على مصالح الأرشيف لدى مختلف الأجهزة الحكومية .



إلا أنه من الضروري ضبط العلاقة بين هياكل الأرشيف بالأجهزة الحكومية والمؤسسة الوطنية للأرشيف . بالنسبة إلى التشريع التونسي أسند قانون الأرشيف لمؤسسة الأرشيف الوطني سلطة الإشراف العلمي والتقني على هياكل الأرشيف بكل الإدارات وخاصة فيما يتعلق بجداول مدد استبقاء الوثائق التي لا يمكن وضعها حيّز التنفيذ قبل الحصول على موافقة الأرشيف الوطني، كذلك لا يجوز اتلاف الأرشيف دون تأشيرة الأرشيف الوطني. كل الأجهزة الحكومية مطالبة أيضا بترحيل أرشيفها النهائي إلى الأرشيف الوطني. ولهذه المؤسسة كذلك الحق في اجراء تفقد على الهياكل التي تعنى بإدارة الأرشيف الجاري والوسيط . ومن ناحية أخرى على الأرشيف الوطني أن يسدي المعونة التقنية لهياكل الأرشيف ليساعدها على اعداد برامج إدارة الأرشيف الجاري والوسيط وتهيئة محلات حفظ الأرشيف . وبخصوص هياكل الأرشيف يكون من الأفضل إحداثها قبل اعداد نظام إدارة الأرشيف الجاري والوسيط حتى يساهم الأعوان المكلفون بهذه الوظيفة في إعداد النظام وفهم مكوناته والتعرف على هياكل الجهاز ووثائقه .



وكما أوضحنا أعلاه أنه يصعب أن يبنى نظام إدارة الأرشيف دون أعوان يكلفون بذلك إلى جانب المسؤولين عن هياكل الجهاز والخبرة الخارجية عن الجهاز إن لزم الأمر . يمثل تشريك أعوان الهيكل المكلف بالأرشيف في عملية اعداد نظام إدارة الأرشيف خير ضمان لتنفيذ النظام وتسيير العمل بهذا الهيكل .



تطرح مسألة وضع نظام إدارة الأرشيف حيّز التنفيذ موضوعا على غاية من الأهمية وهو تكوين الأخصائيين . لتناول هذه المسألة يكون من المفيد التمييز بين التكوين الأساسي للأخصائيين والتكوين المستمر بالنسبة إليهم ثم تدريب بقية الموظفين على حسن استعمال نظام إدارة الأرشيف الجاري بالأساس لأن إدارة الأرشيف الوسيط تكون من مشمولات أخصائيي الأرشيف .



تحتاج إدارة الأرشيف إلى أخصائيين يعرفون مبادئ علم الأرشيف ويحذقون التقنيات المتعلقة به ويستوجب تكوينهم دراسة جامعية مدة سنتين على الأقل تضاف إلى مستويات علمية مختلفة مثل حامل البكالوريا ليصبح أرشيفيا مساعدا وحامل ديبلوم جامعي بسنتين دراسة ليصبح أرشيفيا وحامل الماجستار ليصبح حافظ أرشيف . وتتطلب مهنة الأرشيف كفاءة مزدوجة وهي الإلمام بمجال نشاط الجهاز المعني بالأمر والتخصص في علم الأرشيف، ولا فائدة أن يدرّس علم الأرشيف أكثر من سنتين أو ثلاث سنوات بينما للإلمام بمجال نشاط الجهاز المعني يجب على الأرشيفي أو حافظ الأرشيف أن يكون حاصلا على شهائد جامعية في الإختصاص المطلوب أو يكون قد اشتغل عدة سنوات بالجهاز ثم يتلقى تكوينا جامعيا في مجال الأرشيف .



تلاقي عدة بلدان عربية صعوبات في التكوين الأساسي للأرشيفيين لعدم وجود مؤسسات تكوين جامعي في هذا الإختصاص . وفي هذه الحالة يمكن الوصول إلى تكوين أخصائيين من بين الذين يعملون في الجهاز ولهم قابلية ومؤهلات وذلك عن طريق برنامج دسم لدورات تكوينية تجرى في البلد عن طريق خبراء عرب أو أجانب تدوم على الأقل سنتين وتشمل مختلف جوانب التكوين الأساسي . ويضاف إلى هذا التكوين تدريبا عينيا لدى مصالح أرشيف لها خبرة في المجالات المطلوبة . وفي كل الحالات يجب التوصل إلى رصد أخصائيين لإدارة الأرشيف لأنه حتى وإن تم اعداد أدوات النظام عن طريق مكاتب خبرة ودراسات فإن غياب العنصر المختص يجعل دوام النظام غير مضمون على الإطلاق .



وبالنسبة إلى الأخصائيين يجب اجراء تكوين مستمر لفائدتهم لتمكينهم من متابعة تطور التكنولوجيات المنطبقة على الأرشيف وتطوير كفاءاتهم المهنية . وفي هذا الصدد توجد عدة إمكانيات أهمها تبادل الخبرات مع دول آخرى للإطلاع على تجاربها وفتح آفاق المهنيين وتلعب في هذا المستوى المنظمات المهنية العالمية والإقليمية دورا رئيسيا . ومن المفيد أن يضفي التكوين المستمر إلى الإرتقاء في الرتب والوظائف للأرشيفيين حتى يتم تحفيزهم وشحذ عزائمهم لما فيه خير المهنة ودورها في حسن تسيير الجهاز .



ويستوجب أيضا وضع نظام إدارة الأرشيف حيّز التنفيذ تدريب الموظفين المكلفين بمسك الوثائق جارية الإستعمال على استعمال هذا النظام بالنسبة إلى الأرشيف الجاري . تختلف طرق مسك الوثائق الجارية الإستعمال لكن عادة ما نجد لدى المسؤولين كتابة تجمّع الوثائق لديها وتتم إدارتها من قبل موظف أو موظفة يتولي ترتيب الوثائق والملفات وحفظها واسترجاعها لفائدة المسؤول . يمثل هؤلاء الموظفون حلقة مهمة في إدارة نظام الأرشيف لأن عدة فوائد من حسن إدارة الأرشيف الجاري سوف تبرز إذا ما تمكنوا من اجراء الأعمال المطلوبة منهم ويتوقف عليهم نجاح النظام إلى حدّ بعيد .



يهدف التدريب الذي يتلقونه إلى فهم أهم المبادئ التي يرتكز عليها علم الأرشيف والقيام أساسا بالأعمال المتعلقة بإدارة الأرشيف الجاري . وأولها يخص نظام تصنيف الوثائق. إضافة إلى فهم أسس نظام التصنيف يجب أن يكون الموظف قادرا على استخراج رمز التصنيف واسناده إلى الوثيقة أو الملف عند النشأة، ثم يمرّ الموظف إلى ترتيب الوثائق والملفات ووضعها على الرفوف . ويجب أن يتمكن من الاستدلال عليها لاسترجاعها بدقة وسرعة . كما يجب الإلمام بمدد استبقاء الوثائق حتى يتولى هذا الموظف اجراء عملية تحويل الوثائق والملفات التي لم تعد جارية الإستعمال إلى مركز الأرشيف الوسيط والتنسيق في ذلك مع المسؤول عنه . وأخيرا يجب أن يتمكن الموظف من استرجاع الوثائق التي حوّلت إلى مركز الأرشيف الوسيط عندما تطرأ الحاجة إليها ثم تتم إعادتها إلى مركز الأرشيف الوسيط بعد انتهاء الحاجة إليها .



يقوم بإسداء هذا التدريب أخصائيون محنكين ويستحسن أن يتلقوا بدورهم تكوينا في الغرض لأن تكوين المكونين على أسس التقنيات البيداغوجية من شأنه أن يضمن نجاح التدريب . وبالنسبة للأجهزة الكبيرة يستوجب الأمر تكوين أكثر من مكوّن حتى يتم تدريب المكلفين بمسك الوثائق الجارية الإستعمال بسرعة . ويحصل التدريب في شكل مجموعات متوسطة العدد (من 10 إلى 15 شخص) يأتي أعضاؤها من هياكل مختلفة حتى لا يتم تعطيل العمل بهيكل إذا ما أخذ كل الأشخاص منه في دفعة واحدة .




6-إدارة الأرشيف الوسيط ومحلات حفظ الأرشيف :

تحتاج إدارة الأرشيف الوسيط إلى أخصائيين وإلى مبان خصوصية . وهي تتمثل في الأعمال التالية :

- يساعد أعوان مركز الأرشيف الوسيط كل هياكل الجهاز في إجراء عمليات تحويل الوثائق التي لم تعد جارية الإستعمال وفق مطبوعة مقننة (انظر الملحق عدد 6) لحفظها المدة القانونية المحددة .

- تعد مطبوعة التحويل في ثلاث نظائر ويتولى مركز الأرشيف الوسيط التثبت في الوثائق موضوع التحويل بغرض التأكد من مطابقة وصف الوثائق الوارد بجدول التحويل مع الوثائق التي تم تحويلها . وبعد ذلك يرجع نظيرا من جدول التحويل إلى المصلحة المحوّلة بعد التوقيع عليه من قبل رئيس مركز الأرشيف الوسيط وإسناد رمز للوثائق المحوّلة يمكّن منشئ الوثائق من طلب استرجاعها عند الحاجة .

- يتم حفظ الوثائق المحولة وترتيبها على الرفوف وفق طرق معينة ولعل أحسنها يكون حسب رقم التحويل في السنة حيث يرقم التحويل بصفة تسلسلية بالنسبة للسنة . وتُضم الوثائق المحولة إلى التي سبقتها فوق الرفوف ويدرج مثال توضيحي لخزن المجموعات المحولة على الرفوف بحيث يحدّد مكان خزن الوثيقة بعدد الصف من الرفوف في المخزن وعدد الخزانة المعنية وعدد الرف في الخزانة والموقع فوق الرف . إلا أن هذه الطريقة التي تسهل كثيرا عملية استرجاع الوثائق عند الحاجة تشكل بعض الصعوبات عند إجراء الإتلاف ذلك أن الوثائق المحوّلة من مصلحة أو خلية سوف لن يكون لها نفس المصير فتحذف بعض الحاويات للوثائق من فوق الرفوف لإتلافها وتبقى بعض الأماكن شاغرة يتعين إزالتها أو إملائها بحاويات جديدة .

- يعدّ مركز الأرشيف الوسيط دفترا لآجال الوثائق المحوّلة لمعرفة تاريخ الإتلاف أو الترحيل إلى المؤسسة الوطنيّة للأرشيف بحيث يمكنه بذلك ضبط برنامج عمل شهري أو فصلي لعمليات الإتلاف والترحيل التي يتعين القيام بها .

- يتولى مركز الأرشيف الوسيط تمكين منشئي الوثائق من استرجاعها عند الحاجة وتضبط العملية حسب مطبوعات خاصة بها ويحرص المركز على إعادة الوثائق إلى أماكن حفظها بعد انتهاء الحاجة إليها . يتم الإطلاع على الوثائق إما على عين المكان ويجب أن يخصص فضاءً بالمركز لذلك أو بعودتها إلى مكاتب العمل لفترة محدودة وعلى أساس التزام كتابي بإرجاعها . ولا يجوز لمركز الأرشيف الوسيط تمكين مصلحة معينة في الجهاز من الإطلاع على وثائق أنشأتها مصلحة أخرى إلا بإذن كتابي في الغرض موقع عليه من قبل رئيس هذه المصلحة .

- تجرى عملية إتلاف الوثائق حسب بيانات جداول مدد استبقاء الوثائق حين يحل الأجل المحدد لذلك . ويتم ضبط الوثائق المعدة للإتلاف في جدول مقنن خاص بذلك (انظر الملحق عدد 7) يرفع إلى رئيس المصلحة أو الخلية المنشئة للوثائق للتوقيع عليه . ويرسله رئيس هيكل الأرشيف إلى المؤسسة الوطنية للأرشيف للتأشير على عملية الإتلاف . ويمكن لمصالح هذه المؤسسة التثبت من صحة الإتلاف بالرجوع إلى النظير الذي تحتفظ به من جداول مدد استبقاء الوثائق . ترجع المؤسسة الجدول بعد ذلك إلى الجهاز المعني حيث يتولى مركز الأرشيف الوسيط إجراء الإتلاف وفق طرق محددة . ولا يجب أن تلقى الوثائق بالمصبات العمومية للفضلات لأنه حتى وإن فقدت الوثائق كل صلاحية بالنسبة لمنشئها فإن مضمونها يحتوي على معلومات لا يجب أن يطّلع عليها الغير . كما لا يستحسن حرق الوثائق لأن ذلك يكون سببا في نشوب الحرائق علاوة على تلويث المحيط . وتكون أجدر طريقة لإتلاف الوثائق هي بيعها إلى مصانع عجين الورق لإعادة استعمالها في صنع أنواع من الورق والورق المقوى للتعليب . فهي مادة أولية تجنب توريد جزء منها .

- يتولى أيضا مركز الأرشيف الوسيط القيام بترحيل الوثائق المعدة للحفظ الدائم إلى المؤسسة الوطنية للأرشيف . فيتم وصف الوثائق موضوع الترحيل في مطبوعة خاصة بذلك (انظر الملحق عدد 8) . وبعد التنسيق مع المؤسسة يجرى نقل الوثائق إليها . ومثل عملية تحويل الوثائق إلى مركز الأرشيف الوسيط تقوم المؤسسة الوطنية للأرشيف بالتثبت من مطابقة جدول الترحيل مع الوثائق موضوع الترحيل، وتسلم إلى الجهاز المرحل للوثائق نظيرا من جدول الترحيل بعد التوقيع عليه وبيان رمز التصنيف بالأرشيف الوطني وتاريخ إتاحة الوثائق للعموم .

يتطلب حفظ الأرشيف الوسيط وإدارته محلات خصوصية يمكن توفيرها بالمقر الرئيسي للجهاز أو خارجه (في دائرة تتراوح بين 10 و20 كلم) . يتألف محل الأرشيف الوسيط من جزءين يخصص الأول للأعوان والآخر للوثائق . بالنسبة للجزء الأول تكون مميزاته المعمارية مثل بقية مكاتب العمل للجهاز، ويتألف من عدد كاف من مكاتب العمل وقاعة لفرز الوثائق واجراء الأعمال التقنية التي تستوجبها وقاعة لاقتبال الوثائق وحفظها قبل معالجتها تقنيا وبقية المستلزمات للمحلات الإدارية . أما الجزء المخصص لحفظ الوثائق فهو يخضع لعدة مواصفات أهمها :

-أن يكون للمبنى هيكل صلب يوفر قدرة كبيرة على عزله عن المحيط الخارجي من حيث درجة الحرارة والرطوبة .

-أن تكون الفتحات والنوافذ قليلة ولا تتجاوز مساحتها عُشر مساحة الحائط الموجودة به وذلك للتخفيض من أثر الحرارة داخله .

-أن توفر درجة حرارة ونسبة رطوبة حسب المواصفات الدولية حيث بالنسبة إلى الوثائق الورقية يجب تكون الحرارة في مستوى 18 درجة مائوية (مع إضافة درجة أو اثنين) ونسبة الرطوبة 55 بالمائة (مع إضافة 5 بالمائة) .

-يجب أن تتحمل أرضية المحل حمولة تقدر بـ1200 كغ للمتر المربع الواحد أي أربع مرات ما يمكن أن تتحمله أرضية محل معد للعمل الإداري أو للسكنى . لذلك لا يجوز استعمال محلات علوية لحفظ الأرشيف إلا إذا تم بناؤها خصيصا لهذا الغرض وفق المواصفات المذكورة، وعلى خلاف ذلك لا يمكن استغلال المحل للخزن إلا بنسبة منخفضة جدا .

-أن تجهّز محلات حفظ الأرشيف بالأجهزة المنبهة للحرائق وطرق مقاومة الحرائق أما اليدوية منها أو الألية دون استعمال الماء لذلك . ويتم منع التدخين بهذا المحل وتجنب كل المواد (للطلاء والتبليط وغير ذلك) السريعة الإلتهاب . وفي هذا السياق يستحسن عدم وضع أي مصدر للتيار الكهربائي داخل المحل لتجنّب الحرائق .

-أن لا تمرّ بالمحل أي قنوات للمياه الصالحة للشراب أو المستعملة منها أو مياه الأمطار لتجنّب تسرب الماء ووصوله إلى الوثائق .

هذه هي أهم الجوانب المتعلقة بإدارة الأرشيف الجاري والوسيط التي تم تطويرها في عديد الدول المتقدمة في محيط الوثائق التقليدية ورقيّة كانت أو وثائق سمعية وبصرية فهل يبقى هذا النظام صالحا بالنسبة إلى العصر الإلكتروني ؟


7-إدارة الأرشيف الجاري والوسيط في العصر الإلكتروني :


قبل الخوض في إشكالية إدارة الأرشيف في العصر الإلكتروني يكون من المفيد التذكير بما يلي :

- إن نظام إدارة الأرشيف كما تم عرضه أعلاه ينبني على مبادئ وقواعد مرتبطة بنظام إنشاء الوثائق والوظائف التي تقوم بها طيلة المسار الذي تمرّ به سواء بالنسبة إلى منشئيها والمستفيدين منها على أساس قيمتها الأولية أو المستفيدين منها لأجل قيمتها الثانوية وذلك دون اعتبار متن الوثائق وسندها . والدليل على ذلك أن كل النصوص القانونية المتعلقة بالأرشيف تذكر في التعريف بالأرشيف أنه الوثائق مهما كان شكلها ونوعها ومتنها وتاريخها والتي نشأت أو تجمعت لدى الهياكل أو الأشخاص بمناسبة ممارستهم لمهامهم .

- إن الوثائق الإلكترونية ولو اختلفت عن الوثائق التقليدية في شكلها وفي طريقة رواجها لا تخرج عن النظام العام للوثائق ووظائفها .

لذا، يتعين درس المتغيرات التي أحدثتها الوثائق الإلكترونية بالنسبة إلى نظام إدارة الأرشيف في مجمله لمعرفة التطورات التي يجب ادخالها على إدارة الأرشيف وخاصة الجاري والوسيط منه علما وأن هذا النظام الذي أحدث بالنسبة إلى الوثائق التقليدية يجب وضعه حيّز التنفيذ مهما كان الوضع لأن العصر الإلكتروني لم يقض على الوثائق التقليدية وربما سوف يبقى التعايش بينها وبين الوثائق الإلكترونية عشرات أخرى من السنين . وقد أوضح الواقع خلافا لما توقعه البعض أن المكاتب بصفر من الوثائق الورقية لم تحلّ بعد وسوف لن نصل إلى هذه الوضعية المرتقبة لدى البعض بطريقة "ثورية" تمسح القديم وتنطلق من صفر وذلك لعدة أسباب . وتتعلق هذه الأسباب أساسا بخاصيات الوثائق الإلكترونية من قابليتها للحفظ الطويل المدى وهشاشتها وقيمتها القانونية إلى جانب المسائل التقنية التي تثيرها مقرؤيتها . وعلى أساس حل هذه الإشكاليات يتحدّد مصير الوثائق التقليدية وبقاؤها في طور الإستخدام . لذلك يجب أن نسلم بضرورة تواجد المحيطين معا لفترة تاريخية يصعب حاليا ضبطها .

ومن هذا المنطلق يكون من الضروري اعداد نظام لإدارة الأرشيف كما تم وصفه أعلاه مع الأخذ بعين الإعتبار ما تستوجبه الوثائق الإلكترونية في كل المستويات وبالنسبة إلى كل الوظائف الأرشيفية ليصبح النظام متكاملا . لذلك سوف نحاول ضبط هذه المتطلبات عبر المسار الذي تمر به الوثائق طيلة المراحل الثلاث من عمرها باعتبار أن الوثائق الإلكترونية لم تحدث تغييرا جذريا في المسار العمري للوثائق وفي وظيفتها في المجتمع. ونتناول بالدرس هذه المتطلبات على المستويات التالية : إنشاء الوثائق وتصنيفها والإستدلال عليها لاسترجاعها واستخدامها الجاري وتحويلها إلى مركز الأرشيف الوسيط والحفظ الإنتقالي كأرشيف وسيط وأخيرا الفرز للحفظ الدائم أو الإتلاف .

بالنسبة إلى الإنشاء تتميز الوثائق الإلكترونية بكون بعضها ينشأ بصفة جماعية بينما غالبا ما يكون انشاء الوثائق التقليدية مشخصا . يحصل الإنشاء الجماعي عبر الشبكات الداخلية والخارجية ويطرح مسألة المصدر باعتبار أن عديد الأطراف ساهمت في عملية الإنشاء. وبما أن المصدر يمثل علامة مهمة من وجهة النظر الأرشيفية، يتم ذكر كل المتدخلين في إنشاء الوثائق قدر المستطاع . وقد يصعب ذلك بالنسبة إلى مواقع الواب التفاعلية وحلقات النقاش . وقد يكون من المفيد ذكر نوعية المتدخلين إذا استحال ذكرهم جميعا . ولا بد من الحفاظ على مصدر الوثائق تطبيقا لمبدأ احترام المنشأ الذي يرتكز عليه علم الأرشيف خاصة بالنسبة للأرشيف النهائي حيث بعد عقود من الزمن لا يتسنى الرجوع إلى الوثائق إذا تم تغييب مصدرها . كما أن محتوى الوثائق يرتبط عضويا بمهام الجهة المنشئة وتوزيع مشمولاتها على مختلف أقسامها . وما يجب أن يضاف بالنسبة إلى نشأة الوثائق الإلكترونية خلافا للوثائق التقليدية هو ذكر البيانات المتعلقة بالمحيط الإلكتروني الذي نشأت فيه الوثيقة (métadonnées) من ذلك نظام المعلوماتية والبرمجية ونوعية التسجيل ... وبدون هذه المعطيات يصعب استخدام الوثيقة بسهولة خاصة خارج محيط نشأتها وذلك طوال المراحل الثلاث من عمرها . وبدأت تصدر تقنينات لضبط هذه المعطيات وطريقة تسجيلها لتتبع الوثائق طيلة عمرها .

هذه المعطيات لا تعوّض تصنيف الوثائق لأن التصنيف يؤدي إلى اسناد رمز للوثيقة ييسّر استخدامها وضبط موقعها ضمن وثائق الجهاز . فيبقى نظام التصنيف المنطبق على الوثائق التقليدية صالحا بالنسبة إلى الوثائق الإلكترونية خاصة إذا كان مُنبنيا على أساس الوظائف التي يقوم بها الجهاز . وفي كلتا الحالتين يمكن اعتماد تطبيقة معلوماتية لإسناد الرموز المناسبة للوثائق وضبط كل الوثائق التي تنشأ بحيث يمكن متابعتها واسترجاعها . إلا أن الفرق سوف يحصل في ترتيب الوثائق داخل مكاتب العمل على أساس الترميز المعتمد . فإذا كانت الوثائق التقليدية موجودة ماديا فوق الرفوف فإن ترتيب الوثائق الإلكترونية سوف يكون افتراضيا . ويبقى رمز التصنيف الوسيلة الأساسية للإستدلال على الوثائق إما يدويا أو عن طريق تطبيقة معلوماتية . إلا أن الإستدلال على الوثائق الإلكترونية لا بد أن يمرّ عبر قواعد بيانات تخزّن فيها الوثائق ويتم الوصول إليها عن طريق نفس رمز التصنيف الصالح للوثائق التقليدية وعن طريق بيانات أخرى يمكن استعمالها عبر المنظومة المعلوماتية إن لزم الأمر . فإن أدوات الإستدلال على الوثائق تكون إلكترونيا ولا فائدة في استخدام أدوات يدوية .



وبما أنه لا يمكن معاينة الوثائق الإلكترونية بصفة مادية ومجسّدة فوق الرفوف مثل ما هو الشأن بالنسبة إلى الوثائق التقليدية، فتصبح طرق الإستدلال عليها على غاية من الأهمية . لذلك يؤدي نظام التصنيف مهمة أكيدة ويصبح الوسيلة الرئيسية لاسترجاع الوثائق . وهذا يؤدينا إلى دراسة كيفية تنظيم الملفات داخل أجهزة الكمبيوتر . يمكن بالنسبة لبعض المصالح والخلايا اعتماد طريقة سهلة في ترتيب وخزن الوثائق الإلكترونية حسب أقسام نظام تصنيف الوثائق باعتماد الرموز العددية للملفات .



وتبقى مسألة أساسية يصعب السيطرة عليها وهي تسلسل نشأة الوثائق وتلقيها بمناسبة معالجة مسألة معينة لأن الأمر كان سهلا بالنسبة إلى الوثائق التقليدية حيث أن الموظف الذي يتابع مسألة معينة يفتح لها ملفا ويضع به الوثائق الواردة والصادرة وكل ما يتعلق بمعالجة المسألة حسب التطور الإجرائي المطلوب . فعند الإنتهاء من عمله يغلق الملف فتكوّن الوثائق به وحدة تعكس كل الأعمال والإجراءات التي تم تنفيذها بمناسبة معالجة المسألة، ويمكن حفظه على حالته وهو ييسّر إلى حدّ بعيد عملية الرجوع إلى هذه المسألة عند الحاجة . كيف نحافظ على هذه العلاقة العضوية بين الوثائق المتعلقة بمسألة معينة بالنسبة إلى الوثائق الإلكترونية ؟ لا شك أننا سوف نمرّ بمرحلة انتقالية تتمثل في حفظ ملف ورقي تحفظ به أصول الوثائق الواردة والخاصة بمسألة ما مع نسخ من الوثائق الإلكترونية الصادرة في الغرض إلى جانب الملف الإلكتروني . ولا يمكن تنظيم الملفات إلكترونيا إلا إذا كانت كل وثائقه إلكترونية . عند ذلك، ورغم ما توفره قواعد البيانات من إمكانية لاسترجاع الوثائق، تبقى قضية تسلسل الإجراءات والوثائق الناتجة عن ذلك مطروحة . ومن وجهة نظر أرشيفية لا يجوز تفرقة الوثائق المتعلقة بمعالجة قضية معينة رغم أن كل الوثائق توجد إلكترونيا كما أنه من وجهة نظر إدارية لا يقبل منطق العمل الإداري والقانوني هذه التفرقة . لذا، لعل أفضل حلّ يتمثل في جمع هذه الوثائق في مجموعات توازي الملف بالنسبة إلى الوثائق التقليدية باستخدام نظام التصنيف الذي يحدّد هوية الملف وموقعه ضمن الجهاز . ولا يسعنا إلا أن نؤكد على هذه الضرورة لأن الوثائق إذا تفقد العلاقة التي تربطها ببعضها سوف يصعب استخدامها فيما بعد ليس فقط بعد مدة طويلة بل أيضا في الفترة النشطة للوثائق حيث يحتاج الموظف إلى الرجوع إلى الملف للتثبت والمتابعة وخاصة إذا طرأت قضية نزاع حول المسألة موضوع الملف . فترتيب وثائق الملف حسب تطور الإجراءات والأعمال التي شملته يبقى ضروريا وكذلك الأمر بالنسبة إلى ترتيب الوثائق المصاحبة للمراسلات التي عادة ما يكون تاريخها سابقا للوثائق التي ترفقها ولا يمكن ترتيبها زمنيا حيث يحصل خلط بين وثائق الملف .

ومن حيث تداول الوثائق للإستعمال الجاري والعادي، تتميز الوثائق الإلكترونية بالسرعة والسهولة . ويمكن نقل كمية كبيرة من الوثائق خارج محل نشأتها عن طريق الأقراص اللينة والأقراص المضغوطة والأقراص الصلبة في الحواسيب المحمولة وكذلك عبر الشبكات الداخلية والخارجية . وقد لا ندرك جيدا الأهمية الإستراتيجية لهذه الظاهرة وانعكاساتها على عدة مجالات اقتصادية واجتماعية . وتيسّر سرعة تداول المعلومات أخذ القرار وانتشار المعرفة . لا تطرح سرعة تدفق الوثائق والمعلومات مسائل ذات طابع أرشيفي إلا إذا اعتبرنا قضية أصلية الوثائق وأمنها حيث تكون الوثائق الإلكترونية أكثر عرضة من غيرها للتحريف والتزوير . وعلى هذا الأساس لا تأخذ لدى المحاكم كحجة في أغلب بلدان العالم إلا إذا خضعت إلى تصديق عن طريق جهة رسمية مؤهلة للغرض. ويتعين حماية الوثائق الإلكترونية من كل اعتداء على طابعها الأصلي مدة صلاحيتها بالنسبة إلى منشئيها وكذلك بعد انتهاء حاجته إليها .



وفيما يتعلق بمصير الوثائق الإلكترونية بعد انقضاء فترة النشاط بالنسبة إليها، هل يتم تحويلها إلى مركز الأرشيف الوسيط ؟ للجواب على هذا السؤال يتعين الرجوع إلى مبادئ علم الأرشيف لوضع المسألة في إطارها . يستوجب نظام إدارة الأرشيف تحويل الوثائق بعد الفترة النشطة التي تستخدم فيها بمكاتب العمل إلى مركز الأرشيف الوسيط ليس فقط لتخفيف العبء على الموظفين وتجنب تراكم الوثائق بمكاتبهم بل أيضا وأساسا لأنها فقدت صلاحية وجودها هناك نظرا لأن إمكانية الرجوع إليها ضعيفة إن لم تكن منعدمة . ثم إن الموظفين ليسوا مؤهلين لمواصلة العناية بها وخزنها وتيسير الرجوع إليها فيصبح مصيرها في خطر لذا يستوجب الأمر أن يهتم بها أخصائيو الأرشيف وأن تحول إلى مركز الأرشيف الوسيط مدة فترة الحفظ الإنتقالي إلى أن تنتفي حاجة منشئيها إليها .



هل ينطبق هذا التمشي على الوثائق الإلكترونية ؟ بما أن جوهر المسألة يكمن في القيمة الآولية للوثائق بالنسبة إلى منشئيها، فإن الوثائق الإلكترونية مثلها مثل الوثائق التقليدية تخرج من دائرة اهتمام منشئيها حين تنتهي فترة النشاط بالنسبة إليها فتصبح أيضا عرضة لخطر الإهمال والإتلاف حتى وإن توفرت لدى هذا المنشأ امكانيات خزن كبيرة. فالمسألة مرتبطة أساسا بالعلاقة الوظيفية لهذه الوثائق مع منشئيها أكثر ما تتعلق بفضاءات وامكانيات الخزن . لذا تكتسي ضرورة ضبط مدد استبقاء الوثائق الإلكترونية وتنفيذها أهمية بالغة ربما تكون أكثر تأكدا بالمقارنة مع الوثائق التقليدية لأن هذه الأخيرة، حتى وإن لم تحدد لها مدد استبقاء وتحفظ ولو بصفة غير منظمة، يمكن دائما فرزها وتطبيق مدد الإستبقاء عليها بعد مدة طويلة من انشائها . وهذا الأمر لا ينطبق على الوثائق الإلكترونية لأنه يصعب بعد مدة زمنية معينة من إنشائها التعرف عليها بدقة وفرزها خاصة في حالة عدم حفظ البيانات المتعلقة بإنشائها (métadonnées) . وعليه يتعين وضع مدد الإستبقاء بصفة مسبقة وضبطها عند انشاء الوثائق الإلكترونية بحيث يصبح من السهل انتقاء الوثائق المعدة للإتلاف أو للحفظ الدائم بعد انتهاء مدة الحفظ المحددة . ويمثل هذا الإجراء الحل السليم لكنه يستوجب عدة تغييرات في نظام إدارة الأرشيف .



يتمثل التغيير الأول في تقلص الفرق بين إدارة الوثائق جارية الإستعمال أو الأرشيف الجاري وبين الأرشيف الإنتقالي أو الوسيط . بالنسبة للوثائق التقليدية يحدث فصل كبير للوثائق عندما تنتهي فترة الإستعمال الجاري بالنسبة إليها فهي تحوّل من مكاتب العمل إلى محلات مهيئة لغرض حفظها الإنتقالي كأرشيف وسيط، وقد توجد هذه المحلات خارج مقرات الهيئات المنشئة للوثائق. وهذه الدورة الدموية للوثائق ضرورية يحتّمها حجمها المتزايد وقلة الرجوع إليها طيلة فترة الحفظ الإنتقالي. أما بخصوص الوثائق الإلكترونية لا توجد ضرورة قصوى لتحويلها خارج المحلات التي أنشأت بها لأن حجمها المادي لا يمثل عائقا فخزنها لا يستوجب مساحة كبيرة. فتكون النتيجة هو أن يجنح منشئ الوثائق الإلكترونية نحو دمج الفترة النشطة في استخدامها مع الفترة شبه النشطة عندما تعتبر الوثائق أرشيفا وسيطا. وبذلك تمتدّ هذه الفترة من عشر إلى خمس عشرة سنة في المعدل. إلا أن هذا المنحى لا يبطل ضرورة فرز الوثائق وانتقاء ما يجدر حفظه منها بصفة دائمة. وسوف تنجر عن هذا التوجه ضرورة دعم وظيفة الأرشيفي وتطويرها.



ويخص التغيير الثاني الدور الذي يجب أن يقوم به الأرشيفي في العصر الإلكتروني. لقد ضبط علم الأرشيف بالنسبة إلى الوثائق التقليدية دور الأرشيفي في فترة الإستعمال الجاري للوثائق (إعداد نظام تصنيف للوثائق ومساعدة الموظفين على تنفيذه وعلى الإستدلال على الوثائق واسترجاعها وكذلك إعداد جداول مدد استبقاء الوثائق وتطبيقها). إلا أن الإشـكال الذي تطـرحه الوثائق الإلكترونية يتمثل بالنسبة إلى هذه الفترة في المعلومات المتعلقة بظروف نشأة الوثائـق (métadonnées) والواجب حفظها مع ما ينجرّ عن ذلك من صعوبة في الرجوع إليها إذا لا يتمّ تشريك الأرشيفي في تصميم الوثائق وإنشائها. هذا، وإذا أردنا أن يواصل الأرشيفي إدارة الوثائق والمعلومات طيلة الفترة التي يحتاجها منشؤها، فلا بد أن يكون طرفا في تصميم قواعد البيانات وأن يلم بالتمشي وبالإجراءات المتعلقة بإنشاء الوثائق وبمسالك تداولها وكيفية استخدامها حتى يقوم بوظيفته المزدوجة : إدارةالوثائق لفائدة منشئيها ومستعمليها ثم إدارة الأرشيف النهائي (التاريخي) لفائدة المجتمع.



إن ضرورة تبوّء الأرشيفي هذا الموقع المهم في العصر الإلكتروني لا تمليها رغبة في ردّ الإعتبار لهذه المهنة ولوظيفتها في المجتمع، بل إنها نتيجة حتمية لخاصيات عصر المعلومات. يجب على المجتمع أن يعي بها كل الوعي وخاصة أصحاب القرار لأن انعكاساتها عديدة على مستوى نحت نظم المعلومات ومناهج العمل الإداري وعلاقة الإدارة مع الأطراف المتعاملة معها وخاصة المواطنون. كما بدأت تظهر هذه الإنعكاسات على تكوين الأرشيفي حيث أصبحت وظيفته تستوجب، إلى جانب حذق التقنيات الوثائقية، الإلمام بميدان نشاط الهيئة التي يعمل بها نظرا لكونه يتحكم في محتوى وبيانات ومعلومات متخصصة لا يتسنى له حفظها واسترجاعها وتقييمها لانتقاء ما يصلح منها للحفظ الدائم بدون تكوين في المجال المعني بالأمر. وفي المقابل يحتاج فنيّو المعلوماتية إلى الإلمام بتقنيات إدارة المعلومات لأن وضع البرامج وقواعد البيانات وتصميم البرمجيات يحتاج إلى ذلك. ومن الأكيد أن العمل سوف يأخذ شكلا جماعيا باطراد حول نظم المعلومات وتتكاثف جهود فنيّي المعلوماتية وأخصائيي الوثائق والسجلات ومستخدمي نظم المعلومات والمستفيدين من خدماتهم وغير ذلك من الأطراف. وسوف يحتاج كل الشغالين أيضا في العصر الإلكتروني إلى تكوين أدنى في إدارة المعلومات وخاصة في البحث عن المعلومات الضرورية لعملهم داخل المؤسسة وخارجها وكيفية تقييمها وكيفية توزيع المعرفة.



ومهما يكن من أمر حول إمكانية دمج الفترة النشطة والفترة شبه النشطة للوثائق تبقى مسألة رئيسية وهي قابلية الوثائق الإلكترونية للحفظ للأمد الطويل .



إن الوثائق الإلكترونية على مختلف أشكالها ليست صالحة للحفظ لمدة طويلة. تُقدّر مدة الحفظ في المعدل بخمس عشرة سنة. وإذا أوْجب الأمر مواصلة حفظ البيانات والمعلومات يتعين تفريغ الوسائط في أوعية جديدة لتعيش فترة أخرى مماثلة. وعند ذلك يجب التأكد من مقروئية الوثائق من حيث نوع الحواسيب والبرمجيات. كما يجدر أن تُصاغ المعلومات في شكل يسمح بالوصول إليها بقطع النظر عن البرمجية المستعملة لذلك.



وربّما ركّزت شركات صنع المعدات المعلوماتية على معدل سنوات الحفظ التي تستوجبها أغلب أنواع الإستعمالات من قبل المستفيدين (أجهزة حكومية وخاصة) باعتبار أن أغلب فترات التقادم بالنسبة إلى الوثائق في قوانين البلدان المصنعة تتراوح فعلا بين عشر وخمس عشرة سنة. لذلك لا ترى هذه الشركات فائدة في استثمار يؤدّي إلى تطويل عمر الوسائط الإلكترونية مادامت الحاجة إلى ذلك غير ملحّة في السوق. كما إن منشئ الوثائق والمعلومات لا يهتم كثيرا بالمصير الذي تؤول إليه هذه الوثائق والمعلومات بعدما تنتفي الحاجة إليها من وجهة نظره . فإذا لا يوجب القانون حفظ الوثائق لمدة طويلة مثل وثائق الملكية العقارية والحالة المدنية والتجهيزات الإستراتيجية، فإن قِصَر عمر الوثائق الإلكترونية لا يُحرج منشئيها. وتبقى السلطة الأرشيفية أساسا الجهة المعنية أكثر من غيرها لانتقاء الوثائق التي يتعين حفظها بصفة دائمة كسند للذاكرة الجماعية والذاتية الوطنية. وهنا يكمن إشكال الحفظ لأمد طويل. ورغم تطور معدل عمر الوثائق الإلكترونية وتحسّن طاقة الخزن، فإن مسألة الحفظ لأمد طويل لم تجد إلى اليوم الحلّ المرضي على المستوى العالمي. ويجنح البعض إلى حفظ الوثائق الإلكترونية على الورق إلا أن هذا الحل لا ينطبق على البعض منها مثل قواعد البيانات والتطبيقات التفاعلية.



وبقطع النظر عن مسألة صمود الوسائط الإلكترونية أمام الدهر، تطرح مسألة أخرى على غاية من الأهمية وهي مقروئية الوثائق الإلكترونية خاصة بعد انقضاء الفترات التي يفرضها القانون لاطلاع العموم على الأرشيف. ففي تشاريع أغلب بلدان العالم تكون الفترة الدنيا ثلاثون سنة، والمتوسطة تتراوح بين خمسين وستين سنة والفترة القصوى بين مائة ومائة وعشرين سنة. لم تمرّ ثلاثون سنة بعد عن إنشاء الوثائق الإلكترونية منذ انتشار الكمبيوتر الشخصي، ونجهل حاليا هل إن الوثائق التي أنشأت في الستينات وفي السبعينات من القرن الماضي عن طريق الحواسيب لازالت صالحة للإستغلال، وقد يستبعد ذلك لأن المعدات والتجهيزات التي استعملت آنذاك لم تعد تشتغل. وإذا كان الأمر كذلك فبالنسبة للوثائق التي ننشئها اليوم عن طريق الحواسيب هل يمكن استغلالها بعد ثلاثين أو ستين أو مائة سنة ؟ وإذا كان حفظ الوثائق الإلكترونية لا يرتبط بمسائل استحقاقية أو بنفع اقتصادي ومالي فمن يضمن دوام مقروئيتها طوال قرون ؟ هل أن المجتمع مستعد لضمان ذلك باعتبار أن حفظها واجب حضاري وإنساني، وهل أن السلط السياسية والنخب واعية بذلك ؟ وهذا رهان كبير تطرحه الوثائق الإلكترونية.



علي بلقاسم

رئيس مصلحة الشؤون العقارية و الأرشيف بوزارة التجهيز و الإسكان
تونس













  رد مع اقتباس
قديم Oct-24-2011, 08:28 PM   المشاركة3
المعلومات

شواو عبدالباسط
مكتبي نشيط

شواو عبدالباسط غير متواجد حالياً
البيانات
 
العضوية: 102288
تاريخ التسجيل: Feb 2011
الدولة: الجـزائر
المشاركات: 50
بمعدل : 0.01 يومياً


افتراضي

2 الأرشيف حسب أعمار الوثيقة :


4-2-1 الأرشيف الإداريالعمر الأول ) أو الأرشيف الجاري.


ويسمى أيضا بالأرشيف الجاري أو الحي ،ويبدأ عند إنشاء المستند من الجهة الإدارية و تكون المستندات خلالها مستخدمة بصفة منتظمة خلال أوجه النشاط الجارية للمؤسسة التي أنتجتها وغالبا ما توصف المستندات في هذه المرحلة بأنها جارية أو نشطة وتبلغ مدته 5سنوات على وجه التقريب أما مسؤولية حفظ وتنظيم الوثائق الإدارية فإنه من المعتاد بالنسبة للأوراق في هذه المرحلة أن تحفظ في إدارتها التي تستخدمها، أو على الأقل أن تخزن في مكان ملائم في متناول الأيدي. وفي هذه المرحلة فقط يمكن للهيئة التي أنتجتها و تستخدمها الإدارة في أعمالها الجارية. حيث تكون لها مسؤولية حفظها وضبط استخدامها.(3)

4-2-2 الأرشيف الوسيط (العمر الثاني )


ويتكون من الوثائق التي فاقت مدة وجودها 5 سنوات لكي يبقى الإطلاع عليها قائما من يوم للآخر لاحتياجات نشاط الهيكل الإداري، وهذا النوع من الأرشيف يجب أن يحول إلى أرشيف الوزارة حسب ما هو محدد في القائمة الشاملة لوثائق الأرشيف.
4-2-3 الأرشيف التاريخي (العمر الثالث)


إذ يعتبر هذا العمر المرحلة الثالثة في حياة الأرشيف، حيث يتكون من الوثائق التي تفوق مدة وجودها 15سنة والتي أصبحت غير ضرورية لشؤون المصالح، فإما أن تتلف أو تحول إلى دار الأرشيف التاريخي للحفظ الدائم إذا كانت لها قيمة دائمة. أما مدة استبقاء الوثائق في هذا العمر فليس لها مدة محددة وإنما هي أبدية غير محددة(1).


(3)مديرية التقويم والتوجيه و الاتصال . دليل تنظيم وتسيير أرشيف الإدارة العلمية .الجزائر:المؤسسة الوطنية للكتاب.1996.ص.5-6




(1)لامية ، مخلوف التكنولوجيا الحديثة وتطبيقاتها في الأرشيف الوطني : دراسة ميدانية بمركز الأرشيف الوطني الجزائري.رسالة ليسانس : معهد علم المكتبات : جامعة قسنطينة ،2006.ص.20












  رد مع اقتباس
قديم Jan-14-2014, 11:37 AM   المشاركة4
المعلومات

الرحمة من الله
عضو مخالف
وموقوف

الرحمة من الله غير متواجد حالياً
البيانات
 
العضوية: 129128
تاريخ التسجيل: Jan 2014
الدولة: السعـوديّة
المشاركات: 9
بمعدل : 0.00 يومياً


افتراضي

بصراحة موضوع جميل واحي كاتب هذا المقال تسلم الايادي بارك الله فيك




العاب ماريو لعبة ماريو العاب فلاش












  رد مع اقتباس
قديم Apr-16-2014, 08:14 PM   المشاركة5
المعلومات

Maarline
مكتبي جديد

Maarline غير متواجد حالياً
البيانات
 
العضوية: 129426
تاريخ التسجيل: Jan 2014
الدولة: الأردن
المشاركات: 12
بمعدل : 0.00 يومياً


افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة شواو عبدالباسط مشاهدة المشاركة
prokr شركة نظافة شركة تنظيف شقق بالرياض شركات تنظيف المنازل في جدة تنظيف خزانات بمكة تنظيف خزانات بالجبيل شركة تنظيف الخبر شركة تنظيف شقق بالخرج شركات تنظيف المنازل بالدمام شركة تنظيف منازل بالطائف شركة تنظيف منازل بالمدينة شركة كشف تسربات شركة عزل اسطح بالرياض شركة عزل اسطح بالقصيم شركة عزل اسطح بجدة شركة عزل اسطح بالدمام
2 الأرشيف حسب أعمار الوثيقة :


4-2-1 الأرشيف الإداريالعمر الأول ) أو الأرشيف الجاري.


ويسمى أيضا بالأرشيف الجاري أو الحي ،ويبدأ عند إنشاء المستند من الجهة الإدارية و تكون المستندات خلالها مستخدمة بصفة منتظمة خلال أوجه النشاط الجارية للمؤسسة التي أنتجتها وغالبا ما توصف المستندات في هذه المرحلة بأنها جارية أو نشطة وتبلغ مدته 5سنوات على وجه التقريب أما مسؤولية حفظ وتنظيم الوثائق الإدارية فإنه من المعتاد بالنسبة للأوراق في هذه المرحلة أن تحفظ في إدارتها التي تستخدمها، أو على الأقل أن تخزن في مكان ملائم في متناول الأيدي. وفي هذه المرحلة فقط يمكن للهيئة التي أنتجتها و تستخدمها الإدارة في أعمالها الجارية. حيث تكون لها مسؤولية حفظها وضبط استخدامها.(3)

4-2-2 الأرشيف الوسيط (العمر الثاني )


ويتكون من الوثائق التي فاقت مدة وجودها 5 سنوات لكي يبقى الإطلاع عليها قائما من يوم للآخر لاحتياجات نشاط الهيكل الإداري، وهذا النوع من الأرشيف يجب أن يحول إلى أرشيف الوزارة حسب ما هو محدد في القائمة الشاملة لوثائق الأرشيف.
4-2-3 الأرشيف التاريخي (العمر الثالث)


إذ يعتبر هذا العمر المرحلة الثالثة في حياة الأرشيف، حيث يتكون من الوثائق التي تفوق مدة وجودها 15سنة والتي أصبحت غير ضرورية لشؤون المصالح، فإما أن تتلف أو تحول إلى دار الأرشيف التاريخي للحفظ الدائم إذا كانت لها قيمة دائمة. أما مدة استبقاء الوثائق في هذا العمر فليس لها مدة محددة وإنما هي أبدية غير محددة(1).


(3)مديرية التقويم والتوجيه و الاتصال . دليل تنظيم وتسيير أرشيف الإدارة العلمية .الجزائر:المؤسسة الوطنية للكتاب.1996.ص.5-6




(1)لامية ، مخلوف التكنولوجيا الحديثة وتطبيقاتها في الأرشيف الوطني : دراسة ميدانية بمركز الأرشيف الوطني الجزائري.رسالة ليسانس : معهد علم المكتبات : جامعة قسنطينة ،2006.ص.20
مجهود رائع ماشاء الله تبارك الله












  رد مع اقتباس
قديم Dec-11-2015, 07:34 PM   المشاركة6
المعلومات

hassiba biblio
مكتبي جديد

hassiba biblio غير متواجد حالياً
البيانات
 
العضوية: 139831
تاريخ التسجيل: Dec 2015
الدولة: الجـزائر
المشاركات: 2
بمعدل : 0.00 يومياً


افتراضي خطة بحث حول الاجراءات الارشيفية

اريد مساعدة في اختيار مقدمة بحث حول الاجراءات الارشيفية (الدفع، الاقصاء،التبليغ)












  رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الأرشيف, الخارج


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 2 ( الأعضاء 0 والزوار 2)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع تقييم هذا الموضوع
تقييم هذا الموضوع:

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
اريد الحصول على استفسار حول المعالجة العلمية والفنية للارشيف لرقش سيف الدين منتدى الوثائق والمخطوطات 2 Nov-07-2016 04:22 PM
مذكرة تخرج في الأرشيف - دفعة 2010 anameri منتدى الوثائق والمخطوطات 10 Mar-03-2014 05:09 PM
الأرشيف في عيون الصحافة الجزائرية سعاد بن شعيرة منتدى الوثائق والمخطوطات 228 Jun-17-2013 01:35 PM
الأرشيف العثماني في اسطنبول سعاد بن شعيرة منتدى الوثائق والمخطوطات 2 May-30-2011 10:45 PM
حول قاموس المصطلحات الأرشيفية العربية عبدالكريم بجاجة منتدى الوثائق والمخطوطات 0 Apr-13-2011 12:57 PM


الساعة الآن 11:11 AM.
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. جميع الحقوق محفوظة لـ : منتديات اليسير للمكتبات وتقنية المعلومات
المشاركات والردود تُعبر فقط عن رأي كتّابها
توثيق المعلومة ونسبتها إلى مصدرها أمر ضروري لحفظ حقوق الآخرين