[سعاد بن شعيرة]

فساد فى دار وثائق مصر



فساد فى دار وثائق مصر المصدر: الأهرام اليومى
بقلم: محمد فتحى

دار الوثائق القومية هى الارشيف القومى للدولة، حيث انشئت بموجب القانون رقم 356 لسنة 1954، والذى جعلها مكانا لجمع كل ما يتعلق بتاريخ مصر من أجل المحافظة عليه، وتيسير سبل البحث فيه.
تضم الدار وثائق تتعلق بالحدود والعلاقات السياسية بين الدول فى الفترات الحديثة والمعاصرة حتى أن كل باحث يرغب فى البحث عن الارشيف القومى لابد ان يحصل على تصريح بالموافقة من جهاز الأمن القومي، إلا ان هذا الصرح الخطير يتعرض منذ مايقرب من عشر سنوات للاهمال والتدمير تحت دعوى التطوير واقامة المشروعات دون رقيب أو حسيب وابرز مثال ما يوضحه لنا احد المصادر داخل الدار مرفقا بالمستندات على ذلك مشروعى ميكنة دار الوثائق والمسح الضوئى ويقول: فى المشروع الأول الذى حصلت فيه شركة IBM ومعها بعض الشركات المتحالفة على كثير من المميزات فى مناقصة شابها وقتئذ كثير من التجاوزات فى عهد الدكتور نظيف رئيس مجلس الوزراء الأسبق وبموافقة فاروق حسنى وزير الثقافة الأسبق وطارق كامل وزير الاتصالات السابق، على الرغم من شهرة الشركة المذكورة إلا انه ليس لها سابق خبرة فى ميكنة الوثائق بالاضافة إلى ان الشركة المتحالفة التى قامت بمعظم مراحل العمل شركة ALLIED SOFT التى يمتلكها الدكتور محمد رضا الذى يرتبط بصلة قرابة مع رجل الأعمال الشهير مجدى راسخ بالاضافة إلى انه زوج الدكتورة هدى بركة مساعد وزير الاتصالات مساعد وزير الاتصالات التى ترأس اللجنة العليا المسئولة عن تقييم واستلام المشروع.
كما ان الاخطاء ازدادت فى المشروع فى نواحيه المالية والفنية والإدارية حتى شككت بعض التقارير الرسمية فى جدواه على الرغم من تكلفته 20 مليون جنيه، ومن الأمور التى تدل على الفساد المستشرى فى المشروع ان العقد الموقع بين وزارتى الثقافة والاتصالات ينص على إلزام الشركات القائمة بالعمل على سرية بينات الوثائق إلا ان هذا لم يتحقق حيث كان يتم تجميع البيانات خارج دار الوثائق فى مقار الشركة، كما ان بنود العقد لا احد يعلم عنها شيئا خاصة مع استمرار رئيس مجلس إدارة دار الوثائق فى التصريح بأن هناك نسخة من العقد داخل الدار وما هو أسوأ ايضا ان تجميع الوثائق وميكنتها تم دون إجراء عملية ترميم لها مما عرضها لخطر الإتلاف وقيام الشركة المنفذة مع الدار بميكنة مقتنيات وثائق حديثة فى مخالفة واضحة لقانون الوثائق الخاص بنشر الوثائق السرية ومرور المدة القانونية المقررة للنشر والتى تتراوح بين 30 ـ 50 عاما.
ويأتى بعد ذلك لمشروع المسح الضوئى الذى نفذته شركة IBMحتى لا تقوم شركة اخرى باكتشاف الاخطاء الفادحة حيث ان هذا المشروع مرتبط بشكل وثيق بالميكنة وبلغت قيمته خمسة ملايين جنيه تم اهدارها بالاضافة للعشرين مليونا السابقة فى الميكنة، وقد حصلت الشركة على حقوقها المادية دون أدنى التزام بتنفيذ ما جاء فى بنود العقد وسط تخاذل فج للقائمين على الدار.
ويضاف إلى ملف الاخطاء وجود فرق شاسع فى عدد الوثائق التى تم تصويرها وفقا لتصريحات الدكتور صابر عرب الذى قال انها: 30 الف وثيقة إلا أن هناك مستندات رسمية تؤكد انه تم تصوير 120 الف وثيقة، وهناك من يردد انه تم تصوير عدد يفوق هذا الرقم بكثير وذلك بخلاف تصوير المستندات دون ترميمها حيث ان اجهزة المسح الضوئى تنبعث منها حرارة وضوء يؤذى الوثائق بشدة ويسرع تلفها.
وبدورنا نعرض ذلك على الدكتور عماد أبوغازى وزير الثقافة وأحد اعضاء اللجنة العلمية للمشروع فى فترة من فتراته، فقد جاء فى تقرير مشكلات المشروع ـ اعده الدكتور عماد هلال المسئول الفنى عن مشروع الميكنة بالاشتراك مع الدكتور عبدالواحد النبوى رئيس الإدارة المركزية بالدار ـ انه لم يتم جمع أى وثيقة بلغة اجنبية مع ان امرالاسناد ينص على ضرورة تجميع الوثائق الاجنبية ذات الحروف اللاتينية بلغاتها الاصلية والشركة هى المسئولة عن ذلك بالاضافة إلى وجود اخطاء املائية شائعة بقاعدة البيانات بدرجة لاتخطئها عين ولم يتم تطبيق القاموس الاملائى وأكد التقرير ان الاخطاء الجسيمة تصل إلى أكثر من 30% خاصة فى الوحدات الارشيفية التى تضم اوراقا مفردة مثل وزارة الخارجية ومجلس النظار وهاتان الوحدتان تحديدا تحتاجان لاعادة تجميع لأن نصف وثائقهما اجنبى لم يجمع والنصف الاخر عربى مليء بالاخطاء الجسيمة وهناك ايضا 88 الف ملف ساقط لم يتم تجميعها ونحو 50 الف ملف مرفوض لم يتم تصحيحها وذكر التقرير ايضا ان الاختبارات الاولية لم تطبق بشكل كامل وسليم حيث قام احد المهندسين المسئولين بالعبث بقاعدة البيانات بهدف ابطال مفعول الاختبارات الآلية وهناك ادلة موثقة بالصوت والصورة على هذا العبث وأكد التقرير ان هناك نحو 100 الف وثيقة رفضها فريق مراجعة الجودة لم يتم رفعها من قاعدة البيانات ولم يتم مناقشة تصحيحها اصلا بالاضافة إلى 462 الف وثيقة من بقية الدفعة المحولة من أول المشروع لم يتم مراجعتها بالرغم من الاتفاق على رفعها من قاعدة البيانات ومراجعتها كما انه تم تجميع 25 مليون وثيقة ولكن تم تجميعها بطريقة انتقائية فلم يتم تجميع وثائق سجل واحد بشكل كامل فجميع سجلات المحاكم وسجلات المكاتبات الصادرة التى جمعت على مستوى الوثيقة لم يتم تجميعها بشكل كامل.
ومن ناحية اخرى يقول الدكتور حسن خليل مدرس الوثائق والمكتبات بجامعة القاهرة: أهم المشكلات ترتيب المجموعات الارشيفية والتى انعكست بالطبع على طرق استرجاعها بالشكل المناسب والصحيح وفى الوقت المطلوب ويقودنا الحديث عن مشكلات الترتيب إلى الاشارة إلى اسباب المشكلة نفسها، فمن وجهة نظرى كباحث ومتخصص فى علوم الارشيف والوثائق ارى ان هناك بعض العوامل التى ادت إلى وجود تلك المشكلة ومنها:
اسلوب جمع الوثائق حيث ان هناك معايير ينبغى ان تتوافر فى المجموعات الارشيفية التى يتم نقلها إلى دار الوثائق ومنها الأهمية التاريخية والعلمية التى تستحق معها ان تحفظ بالارشيف القومى حفاظا ابديا، مع ضرورة ان يتم فرز هذه المجموعات للتخلص من الوثائق عديمة القيمة داخل المؤسسة المنتجة نفسها وقبل نقلها إلى الارشيف القومى وفقا لمعايير تقرير المصير النهائي، ويتم ذلك تحت الاشراف المباشر من قبل الارشيف القومى تجنبا للسلبيات التى يمكن ان تحدث فى حالة عدم الاهتمام بتطبيق قواعد الفرز والاعدام قبل تسليم المجموعات للدار ومنه تسليم مجموعات فى حالة سيئة جدا ولاتصلح أساسا للحفظ بالارشيف، وهذا يرجع إلى سوء حفظ تلك المجموعات بعد انتقالها إلى المرحلة العمرية الثانية (العمر الوسيط المحفوظات) داخل المؤسسة المنشئة، ثم نقلها على تلك الحالة السيئة للارشيف القومى فى شكل وثائق ودفاتر تالفة تماما بها الكثير من الحشرات والفطريات والاوراق المفتتة ضائعة المعالم التى لايمكن ترميمها والاستفادة منها بأى حال من الاحوال.
اما عن مشكلات ترميم الوثائق بدار الوثائق القومية فقال: فى هذا الصدد أطالب بسرعة وضع خطة عاجلة بالتعاون بين دار الوثائق والأجهزة المسئولة فى هذا البلد لإنقاذ تراث مصر الوثائقى من الضياع نتيجة لأساليب الحفظ السيئة المتبعة فى مخازن الدار والذى ادى إلى تلف الوثائق وتمزق الدفاتر والسجلات للكثير من الوحدات الارشيفية المحفوظة بالدار، الامر الذى ادى الآن إلى وجود عقبات امام الاسراع بترميم تلك المقتنيات المهمة.

المصدر

[أسامة الشريف]

حسبنا الله و نعم الوكيل