منتديات اليسير للمكتبات وتقنية المعلومات » منتديات اليسير العامة » المنتدى الــعــام للمكتبات والمعلومات » الـدور الجديـد لمهنـة المعلومـات

المنتدى الــعــام للمكتبات والمعلومات هذا المنتدى يهتم بالمكتبات ومراكز المعلومات والتقنيات التابعة لها وجميع ما يخص المكتبات بشكل عام.

إضافة رد
أدوات الموضوع تقييم الموضوع انواع عرض الموضوع
 
قديم Aug-06-2006, 01:09 AM   المشاركة1
المعلومات

الاء المهلهل
رئيسة قسم المكتبة
والطباعة والنشر
بمعهد التخطيط
طرابلس

الاء المهلهل غير متواجد حالياً
البيانات
 
العضوية: 12923
تاريخ التسجيل: Oct 2005
الدولة: ليبيــا
المشاركات: 880
بمعدل : 0.13 يومياً


ابتسامة الـدور الجديـد لمهنـة المعلومـات

الـدور الجديـد لمهنـة المعلومـات
في عصر هندسة المعرفة وإدارتها

نعيمة حسن جبر رزوقي

التمهيد :
تقليديًا تميز المكتبات بين نوعين من العمليات؛ الأولى داخلية تتعامل مع تزويد المجموعات وتوصيفها وتنظيمها؛ والثانية خارجية أو موجهة نحو خدمة المستفيد بما في ذلك إيصال الخدمات والرد على الاستفسارات. بطبيعة الحال كلتا العمليتين مهمتان في العمل المهني ولكن الذي يحصل هو ميل المؤسسات التعليمية في الوطن العربي عمومًا نحو العملية الداخلية على حساب الخارجية, من خلال التركيز وبشكل أساسي على مقررات الفهرسة والتصنيف والتكشيف, بعبارة أخرى الانهماك بالأدوات (Tools) أكثر من المستفيد(User) .

وحيث إننا نعيش في عصر المعرفة, عصر لم تتغير فيه المفاهيم فحسب بل حتى الممارسات, عصر لا يشفع للجمود بالديمومة بل يتيح التنافس والبقاء للمتغير والمتجاوب, عصر أعاد النظر إلى الفرد على أنه المصدر المباشر للمعرفة وأن دور اختصاصي المعرفة هو التفكير الإبداعي من أجل انتزاع المعرفة الضمنية من عقول مالكيها واتاحتها للاستخدام السريع وليس فقط اكتساب المعرفة الصريحة المدونة وتنظيمها. لقد بدأت مسميات عديدة مثل هندسة المعرفة وإدارتها وعامل المعرفة ومديرها كما بدأ السباق والتنافس بين التخصصات المتعددة في جذبها والعمل معها على أنها جزء أساسي من مكوناتها كما هو الحال في إدارة الأعمال وتكنولوجيا المعلومات وهندسة الحاسوب وعلم المكتبات والمعلومات.



وطالما أن المعرفة الحديثة لم تعد مقتصرة على الأنماط التقليدية مثل الكتب والدوريات بل إن هنالك تحولاً من الكتاب كوحدة متكاملة إلى معلومات الكتاب، وأن الأدوات استبدلت بالمستفيدين والتنظيم بالخدمات, وأن الفهارس التقليدية في دورها إلى الزوال بفعل تكنولوجيا المعلومات والاتصالات, وأن المستفيد بحاجة إلى قطعة محددة من المعلومات أو معرفة مباشرة وليس مجرد رقم طلب لمحتويات مكتبة محلية, وأن التعليم تجاوز المكان والمسافات, إذًا فقد آن الأوان لنجيب على عدد من الاستفسارات التي تطرح نفسها هنا من بينها :
- ما الدور الجديد لمهنة المعلومات وللمهني في عصر هندسة المعرفة وإدارتها؟
- ما متطلبات التأهيل لإعداد مهني من نمط يتعايش مع عصر هندسة المعرفة وإدارتها؟
ومن هنا فإن الدراسة تهدف أولاً إلى التعريف بالمفاهيم الجديدة المتعلقة بهندسة المعرفة وإدارتها وثانيًا بالدور الجديد للمهني مع تحديد متطلبات هذا الدور الجديد من الإعداد والتأهيل.
المقدمة :
ترتبط صورة مهنة المكتبات والمعلومات بالنظرة الفلسفية للمستفيدين منها والعاملين فيها معًا؛ فلو تمعنا قليلاً فيما كتب عن فلسفة هذه المهنة لوجدنا أنها انعكاسٌ لنظرية المعرفة والمنطق والأخلاق. ومن هذه المجالات نوقشت فلسفة المهنة فربطها بعضهم بنظرية المعرفة بينما أكد البعض الآخر على ارتباطها منطقيًا بأهداف المكتبة الجوهرية سواء من ناحية الخدمات للفرد أو الأهداف العامة للمجتمع, وركز فريق آخر على أخلاقيات المعلومات. ومن خلاصة هذه النظرة الفلسفية رسمت صورة اختصاصي المعلومات على مر العصور بكونه متحمسًا للخدمة متحملاً لأدائها, قائدًا ثقافيًا في المجتمع راغبًا في خدمة القراء الذين يمثلون تشكيلة متنوعة من الأفكار.
ومع الانفجار المعرفي نمت وجهات نظر ونظريات أخرى حول المهنة تحمل معها تحديًا جديدًا في فلسفتها المهنية. يأتي هذا التحدي ضمنيًا من خلال الحصول على الأفكار المتدفقة والتي حولت صورة المهنة من كونها محطة الخدمة التشغيلية (Operating Service Station) إلى كونها هندسة نقل ومرور حيث التعامل مع مشاكل التدفق لتحسين أداء الخدمة. وهذا ما أكده ويكنز (Wigging) باعتباره مهنة المكتبات والمعلومات مهنة خدمية لأن المكتبة وجدت لغرض مميز وهو مقابلة احتياجات المجتمع الذي تخدمه المعلومات. وعليه فإن قيمة المهنة تدرك ويحس بها فقط عندما يكون هنالك نمط من الأفراد مطلوب خدمتهم. بعبارة أخرى ربط المهنة بوجود المستفيد. وقد تتعارض وجهة النظر هذه مع أخلاقيات الخدمة التي لا تتحدد بالتفاعل مع الأنماط وهي خدمة "شهمة" كما يمكن أن يقال عنها وكما هو الحال مع فلسفة شبكة الإنترنت, باعتبارها مكتبة ومصدر من مصادر المعلومات والتي توفر الخدمة لكل الأنماط, وبدلاً من أن تعرف هي نمط المستفيد على المستفيد ذاته أن يختار نمط المواقع والقراءات والخدمات التي يصل إليها بنفسه أو عن طريق الوسيط.
خلاصة القول إن كل حقل تخصصي أو مهنة تخصصية تعرف نفسها من خلال:
● محتواها الفكري والفلسفي.
● نظريتها وممارساتها.
● قيمتها في المجتمع من خلال ممتهنيها وخدماتها.
ولكي تحافظ المهنة على قيمتها في المجتمع عليها أن تحافظ على ديمومة القيمة, وعليها أن تعيد تعريف نفسها باستمرار استجابة للتغييرات الاجتماعية والتقنية, ومهنة المكتبات والمعلومات غير مستثناة من ذلك فهي الوحيدة, من خلال ممتهنيها, التي يمكن أن تكون قادرة على صياغة قيمتها وفلسفتها. وكلما استمرت المهنة بالتغيّر مع التغيير بقيت محافظة على نفسها ثابتة القيمة في الدوران والإشعاع.
ومن هذا المنطلق فإن الدراسة الحالية تركز على الدور الصحيح الذي يجب أن يضطلع به المهني في عصر هندسة المعرفة وإدارتها كي تساير مهنته العصر وتبقى مطلبًا حرجًا يفوق التقنية, ومن خلالها أيضًا تتضح معالم المهنة كما يتضح دورها الحقيقي بين المهن المطلوبة ذات العلاقة بالمعرفة.
مشكلة الدراسة :
مما لا شك فيه أننا نعيش في عصر تسوده المعلومات وتقوده المعرفة, عصر يعزز دور العاملين بوجود هذين العنصرين, المعلومات والمعرفة. هذا الدور الذي يفترض أن يُفهم وتُحكم مواصفاته ليلقى اهتمامًا ولكي لا تنسدل الستارة على فئة من المهتمين به على مر العصور السابقة وهم اختصاصيو المكتبات والمعلومات, فمن ضعف دورهم سيضعف دور المهنة ذاتها. تأسيسًا على ذلك فإن الإعداد لهذا الدور مسؤولية كبيرة تتقاسمها أقسام المكتبات والمعلومات والمؤسسات التأهيلية ومؤسسات المعلومات ذاتها والمهنيين أنفسهم إعدادًا يتناسب مع العمل الفعلي المطلوب حاليًا.
عمليًا, تميز مؤسسات المعلومات بين نوعين من العمليات: الأولى داخلية تتعامل مع تزويد المجموعات وتوصيفها وتنظيمها، والثانية خارجية أو موجهة نحو خدمة المستفيد بما في ذلك إيصال الخدمات والرد على الاستفسارات. بطبيعة الحال كلتا العمليتين مهمتان في العمل المهني ولكن الذي يحصل هو ميل المؤسسات التعليمية, وفي الوطن العربي على وجه الخصوص, نحو العملية الداخلية على حساب الخارجية, من خلال التركيز وبشكل أساسي على مقررات الفهرسة والتصنيف والتكشيف, بعبارة أخرى الانهماك بالأدوات (Tools) أكثر من المستفيد (User). النتاج الأساسي للعملية الداخلية هي الفهارس التي يرى ألتباير (Altbier) بكونها مهددة في عصر المعلومات وبأن التهديد الحقيقي لديمومتها يتأتى من التغيير في طبيعة المعلومات, وفي كيفية إيصالها للمستفيد. فالكم الهائل من المعلومات والمعرفة يكمن اليوم في مواقع الإنترنت وإن نمو هذا الكم يتضاعف بشدة وبسرعة والأكثر من ذلك تتغير مواقعه فلا يتسم بالثبوت الذي تعهده الفهارس الثابتة من حيث وصفها لوعاء المعلومات, بينما يستمتع المستفيد اليوم بقضاء وقت طويل أمام الحاسوب مستعرضًا للمواقع ومنهمكًا في إرسال الكثير منها للطباعة قبل أن يتأكد من مطابقتها بالفعل لاهتماماته وحاجاته, عليه فسرعان ما يركنها جانبًا دون تحريك. وهو بذلك أولى بالمساعدة والتوجيه لتنظيم أفكاره وتغذيتها بكم منتقى من المعلومات. تفرض هذه الحالة الجديدة في التعامل مع المعلومات دورًا جديدًا للمهنة يؤكد على أهمية المستفيد على حساب أهمية الأدوات, بينما تدخل استراتيجيات البحث والثقافة الإنترنتية والمعلوماتية والمعرفية ضمن خدمات المستفيد وليس الأدوات.
وحيث إننا نعيش في عصر لم تتغير فيه المفاهيم فحسب بل حتى الممارسات, عصر لا يشفع للجمود بالديمومة بل يتيح التنافس والبقاء للمتغير والمتجاوب, عصر أعاد النظر إلى الفرد على أنه المصدر المباشر للمعرفة وأن دور اختصاصي المعلومات هو التفكير الإبداعي من أجل انتزاع المعرفة الضمنية من عقول مالكيها وإتاحتها للاستخدام السريع وليس فقط اكتساب المعرفة الصريحة المدونة وتنظيمها. عصر فيه الدور الحقيقي للمهنة من التأكيد على التنظيم والحفظ إلى البحث عن المستفيد بغرض إيصال المعلومات لـه والمشاركة بها. مع هذه المهام ظهرت مسميات جديدة يتعلق بعضها بالمهنة مثل هندسة المعرفة وإدارة المعرفة بينما يرتبط البعض الآخر بالمهني مثل عامل المعرفة ومدير المعرفة. ومع ظهور هذه المسميات بدأ السباق والتنافس بين تخصصات متعددة ذات علاقة بالاعداد للوصف المهني من أجل احتضان المهنة لأنها تشكل حاجة العصر وسوق العمل.
وفيما يتعلق بالتخصص الذي يهمنا، المكتبات والمعلومات, ودوره الجديد فقد وجدنا أن هذا الدور يتبلور من خلال دور المتخصصين به, عليه فمن الجدير البحث عن أجوبة للاستفسارات المتعلقة بالمتخصص ذاته وبمتطلبات عمله وكما في أدناه :
● ما موقع اختصاصي المعلومات من المسميات الجديدة المقترنة بهندسة المعرفة وإدارتها, وبالذات بمسمى عامل المعرفة ومديرها؟
● ما الدور الجديد للاختصاصي كي يصبح عاملاً للمعرفة أو مديرًا لها ؟
● ما متطلبات التأهيل لإعداد مهني، وبالنمط الذي يتعايش مع المسميات والممارسات الجديدة في عصر المعرفة وإدارتها؟
أهداف الدراسة :
تهدف الدراسة الحالية إلى:
1 – توضيح المفاهيم المتعلقة بهندسة المعرفة وإدارتها توضيحًا إجرائيًا يتفق مع الواقع الفعلي لدور مهنة المعلومات في ضوء المتغيرات المستمرة للعصر الحالي.
2 – تحديد السمات الأساسية لعمال المعرفة ومديريها.
3 – تحديد متطلبات إدارة المعرفة وهندستها وأساليبها, وبما يضمن رسم الإطار العام والوصف الوظيفي المطلوب في أخصائي المعلومات كعامل أو مدير معرفة.
تعريفات :
تركز الدراسة الحالية على عدد من المفاهيم الأساسية التي تشكل بدورها الإطار المفهومي لها وتبين المعالم الأساسية لاختصاصي المعلومات في ضوء السمات التي يتسم بها عصر المعرفة. أهم هذه المفاهيم تلك التي ترتبط بالمعرفة ذاتها ومن ثم بهندستها وإدارتها وخصائص العمل بها كوظيفة لها مواصفاتها ومتطلباتها. الهدف من توضيح هذه المفاهيم هو التعرف إلى الوظيفة ذاتها وما المطلوب من اختصاصي المعلومات لتحديد دوره الجديد بموجبها. بالإضافة إلى وضع الحدود التي يفترض أن ترسم سيرته المهنية لكي لا تختلط الأوراق وتضيع الصورة المرسومة له والتي تمثل دوره الحقيقي في عصر المعلومات السابق بحيث يمكن له أن يصنف كعامل أو مدير معرفة.
يرتبط مفهوم المعرفة بمفهومين سابقين له وهما البيانات والمعلومات. من وجهة نظرنا, وبما يتعلق ومضمون عصر المعرفة الحالي, فإن البيانات هي أرقام خام وليست كما هو متعارف عليه بأنها أرقام وحروف ورموز, فهي جميعًا موحدة بلغة واحدة هي لغة التشفير أو لغة الرمز الرقمي. أما المعلومات فإنها إجابات للأسئلة المتعلقة بـ:
● لماذا WHY
● من WHO
● ماذاWHAT
● متىWHEN
● أين WHERE
وفي كثير من الأحيان يستخدم المفهومان, البيانات والمعلومات, على إنهما مترادفان، وفي الحقيقة هما مختلفان كما يتضح من تعريفهما.
أما المعرفة فهي تركيب من البيانات والمعلومات. ويعرفها نانوكا (Nanoka 1994) على أنها "الإيمان المحقق الذي يزيد من دور المؤسسة على العمل الفعال". وبهذا التعريف يكون التركيز على العمل أو الأداء الفعال وليس على اكتشاف الحقيقة. وهذا ما يحصل في الغالب, حيث إننا نهتم بما يمكن أن تعمله المعرفة وليس بتعريف المعرفة ذاتها.
ويوسع أدفنسون (Advinsson, 1997) أهمية المعرفة وتطبيق الخبرات والتقنية والعلاقات بين العملاء والمهارات الفنية بكونها تشكل رأس المال الفكري لأية مؤسسة مهما كان نوعها فتصبح المعرفة موردًا لها يتعين عليها الاستفادة منه. يعكس لنا هذا المفهوم بأن المعرفة تمثل القوة على اتخاذ الفعل أو العمل.
ويصنف نانوكا وتاكيوشي (Nanoka and Takeuchi, (1995) المعرفة, لغرض إدارتها, إلى صنفين, هما:
1 – المعرفة الصريحة (Explicit Knowledge) وهي المعرفة المنظمة المحدودة المحتوى التي تتصف بالمظاهر الخارجية لها ويعبر عنها بالرسم والكتابة والتحدث وتتيح التكنولوجيا تحويلها وتناقلها.
2 – المعرفة الضمنية (Tacit Knowledge) وهي المعرفة الموجودة في عقول الأفراد وسلوكهم وهي تشير إلى الحدس والبديهة والإحساس الداخلي, إنها معرفة خفية تعتمد على الخبرة ويصعب تحويلها بالتكنولوجيا بل هي تنتقل بالتفاعل الاجتماعي.
أما بالنسبة للعبارتين الأساسيتين في الدراسة وهما "إدارة المعرفة" و"هندسة المعرفة" واللتين غالبًا ما تستخدمان كمترادفتين كما هو الحال مع البيانات والمعلومات, فإنهما حظيا باهتمام كبير من قبل المفكرين والكتاب في المجال. ففي عام 1980م, وفي المؤتمر الأمريكي الأول للذكاء الاصطناعي, أشار إدوارد فراينبوم (Edward Freignebaum) إلى عبارته الشهيرة "المعرفة قوة Knowledge is Power" ومنذ ذلك الوقت ولد حقل معرفي جديد أطلق عليه "هندسة المعرفة Knowledge Engineering" ومع ولادته استحدثت سيرة وظيفية جديدة هي مهندس المعرفة. وفي عام 1997م ظهر حقل جديد آخر, نتيجة لإدراك أهمية المعرفة في عصر المعلومات وهو "إدارة المعرفة Knowledge Management".
وفي النصف الأخير من التسعينات أصبح موضوع إدارة المعرفة من المواضيع الساخنة والأكثر ديناميكية في الإنتاج الفكري لإدارة الأعمال على وجه الخصوص. لقد تبع إصدار الكتابين الأكثر شهرة في هذا الموضوع من قبل نوناكا وتاكيوشي (Nonaka & Takeuchi, 1995) وليونارد – بارتون (Leonard – Barton, 1995) مجموعة كبيرة أخرى من المؤلفات (1). الرسالة الأساسية لهذه المؤلفات هي: أن الميزة الوحيدة المساندة للمؤسسة تأتي مما تعرفه إجمالاً وكيف تستخدم ما تعرفه بفاعلية, وكم هي جاهزة لاكتساب واستخدام المعرفة الجديدة الجديدة (أي وضع المعرفة موضع التنفيذ).
ويرى البعض أن عبارة "الاشتراك بالمعرفة" أفضل وصف من "إدارة المعرفة" فقد نجحت شركة هاوليت باكارد (HP) في التسريع بطرح منتجاتها الجديدة في الأسواق وتحقيق ميزة التنافس من خلال الاشتراك بالخبرة المتوفرة لديها فعلاً مع فروع الشركة التي يفتقد فريق التطوير فيها لتلك المعرفة. ويرى البعض الآخر ارتباط إدارة المعرفة بالتعلم وأنها في الإرسال أكثر منه في الاستلام, فقد استخدمت شركة النفط البريطانية فرق عمل افتراضية باعتماد مؤتمرات فيديوية لتسريع حلول مشاكل العمليات الحرجة. ولكن تبقى مسألة المشاركة بالمعرفة متعلقة بعملية تحويل المعرفة الضمنية إلى معرفة صريحة لكي تنتقل ملكيتها من الفرد إلى المؤسسة وبمجرد أن تصبح جزءًا من أصول المؤسسة يمكن إدارتها وتنظيمها وتخزينها وإعادة استخدامها من قبل الآخرين واستثمارها في المستقبل.
أما بالنسبة لهندسة المعرفة فكما هو واضح من الكلمة "هندسة" ذاتها التي يراد بها التصميم أو البناء أو الاستنباط الذي يعبر عنه في الغالب بمهارات ورسوم ونظم دقيقة مقارنة بكلمة "الإدارة" التي تهتم باتجاهات الممارسة والتنفيذ والإشراف. ومن هذا المنطلق فإن عبارة "هندسة المعرفة" عبارة عامة للعمليات المتضمنة في بناء النظم الخبيرة ونصبها وصيانتها. ينعكس المفهومين "إدارة المعرفة" و"هندسة المعرفة" على مهارات المتخصصين بها. فمدير المعرفة يوطد اتجاه العملية المطلوب إنجازها بينما يطور مهندس المعرفة الوسيلة لإنجاز ذلك الاتجاه. عليه فالأول مهتم باحتياجات المؤسسة من المعرفة, ومن احتياجات المؤسسة تبنى سياسات إدارة المعرفة بينما يعمل الثاني في مجالات مثل طرق تشفير المعرفة وتمثيلها وتصميم قواعد البيانات وصيانتها وإدارة تدفق العمل إلكترونيًا وإعداد برامج المشاركة الجماعية (Groupware) كما يبحث في التطورات ودراسة حاجة المؤسسة منها لإدارة معرفتها.
المفيد في الوصف الوظيفي للاثنين هو أن كل واحد منهما يمكن أن يكون المالك للبيانات والمعلومات المكونة للمعرفة ولكن التأكيد يكون في أن المدير هو الشخص الرئيسي للمعلومات أو المسؤول عن إدارة مصادر المعلومات في المؤسسة، بينما الثاني هو متخصص في الحاسوب لـه القدرة على تطوير قواعد المعرفة والنظم الذكية (النظم الخبيرة والنظم المعتمدة على المعرفة ونظم مساندة القرارات المعتمدة على المعرفة) وروابط الاتصال وواجهات التخاطب.
عمال المعرفة : السمات والتصنيف:
غيرت عولمة العمل والتحسينات المستمرة في التكنولوجيا من طبيعة القوى العاملة. فقد حل اختصاصيو المعلومات محل عمال الياقات الزرقاء (مثل عمال المصانع الذين يستخدمون أيديهم في العمل) وأصبح يطلق عليهم "عمال المعرفة", العمال الذين يرى كيلي (Kelly, 1998) أنهم "المعدون إعدادًا جيدًا لصيانة وتوسيع دور القيادة التكنولوجية للعقد القادم". العمال الذين يفكرون ويعملون مع الأفكار ويتخذون القرارات (Shea, 1998). ويعرفون أيضًا بعمال الياقات الذهبية (Gold collar Workers). فالتكنولوجيا الجديدة, التي سيطرت على العديد من المهام الروتينية, قد وجهت العمال نحو مهام أكثر تعقيدًا تتطلب التفكير والفهم وتجميع المعرفة الجديدة وحل المشاكل. فلم تحرر مظاهر الاقتصاد بالوقت للتكنولوجيا الجدية الموظفين لتوجههم نحو مهام أكثر تطورًا فحسب بل وضعت الضغط المتزايد عليهم لتطوير مهارات جديدة تمكنهم من المشاركة في ثورة المعرفة التي تعكس الطبيعة المتغيرة في موقع العمل.
السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو: ما عمل عمال المعرفة بالضبط ؟
والجواب البسيط هو أن عمال المعرفة يستخدمون عقولهم في تحويل أفكارهم إلى منتجات وخدمات أو عمليات. (Miller 1998) بينما يعدد روجوسكي (Rogoski, 1999) خصائصهم بأنهم يمتلكون معرفتهم التي يمكنهم بيعها أو المتاجرة بها أو حتى تركها جانبًا ولكنها تبقى ملكهم. تكمن قيمتهم الحقيقية لمؤسساتهم في قدرتهم على جمع المعلومات وتحليلها وصنع القرارات المفيدة. إنهم مستعدون للعمل التعاوني ويتعلمون بعضهم من بعض، إنهم راغبون في المخاطرة ويتوقعون التعلم من أخطائهم بدلاً من أن توجه لهم الانتقادات. وكما يقول جوردن (Gordon, 1997) إنه في عصر المعرفة أصبحت الأدمغة أكثر قيمة من العضلات. وهنا تقع المسؤولية الكبيرة على التعليم في التأهيل الأولي من خلال تزويد الطلبة بمهارات التفكير الإدراكي والتقني كما تقع على عاتق المؤسسات المهنية كالجمعيات والاتحادات المتخصصة لمتابعة التغيير ومواجهة التحديات لمجاراة تلك التحديات والتغيير باعتبارها فرصًا للتطوير من خلال المشاركة والاشتراك والاندماج مع البيئة. لقد أصبح العمل يتطلب كفاءات أكثر من مجرد الحصول على الشهادة, كفاءات تمزج التعليم بالخبرة وتولد الإبداع والابتكار, كفاءات تستمد قوتها من الثقة بالنفس والعزيمة والإصرار على التطور ومجاراة التغييـــر من خــــلال التعليـم المستمــــــر الـذي يمكـن أن تهيئـه ورش العمـل والمؤتمرات والندوات والدورات التدريبية التي لا تدعمها المؤسسات التعليمية فحسب بل المؤسسات المهنية وفي مقدمتها الجمعيات والاتحادات المتخصصة. الأهم من ذلك أن يمتلك المهني من عمال المعرفة القدرة على التعلم لأن ما يعرفه اليوم لن يضيف قيمة إلى عمله في الغد كي يكون منتجًا ومساهمًا. وفي هذا المجال يعرض كل من خوا وليونج (Khaw and Leong, 2001) الفروقات في دور عمال المعرفة ما بين الأمس واليوم:

عمال المعرفة اليوم عمال المعرفة بالأمس
● يبحثون عن التعلم.
● يدركون قوة التعلم من خبرة العمل.
● يتحملون مسؤولية سيرتهم الذاتية.
● مساءلون عن تطويرهم الذاتي.
●ينظرون إلى التعليم بكونه مستمرًا مدى الحياة.
● يرون أن التعليم يؤثر على العمل.
● يصنعون القرارات اعتمادًا على ما تعلموه.
● لديهم تصور حول المستقبل.
● لديهم الإحساس الجدي للاضطرار إلى إعادة الابتكار المستمر.
● الشعور والتعاطف مع الإبداع لتكوين الثروة.
● جهود شبكية جادة.
● ازدهار في التنافس الصحي الصحيح. ● ينتظرون كي يُعلموا.
● يفترضون أن التعلم يحصل في داخل قاعة الدراسة.
● يتركون مسؤولية سيرتهم المهنية إلى مديريهم.
● ليسوا مساءلين عن التطوير.
● يحملون وجهة نظر بأن التنافس في المدرسة.
● لا يوجد ربط بين التدريب والأداء والعمل.
● يتركون التعليم للبديهة والحدس.
● ينتظرون من الآخرين تصور المستقبل.
● لا إحساس جدي لديهم بالاضطرار إلى إعادة الابتكار المستمر.
● لا شعور لديهم للإبداع.
● لا جهود ثابتة للربط الشبكي الجاد.
● لا تنافس جدي.

أما السمات العامة لعمال المعرفة فهي:
1 – استخدامهم للتكنولوجيا في جمع المعلومات وتحليلها وتوضيح المعرفة.
2 – امتلاكهم للمهارات التحليلية العالية.
3 – قدرتهم على التكيف مع التغيير السريع وغير المتوقع.
4 – مقارنة عملهم وقيامه مع أفضل الممارسات.
5 – فهمهم لكيفية توافق عملهم وملاءمته مع عمل مؤسساتهم.
6 – يطبقون الذكاء العاطفي في موقع العمل.
بعبارة أخرى يجب عليهم تهيئة أنفسهم لتبني الطرق الجديدة في التفكير وتطبيقها في الطريقة التي يعملون بها, عليهم عدم التوقف عن التعليم وطالما أنهم مجهزون بخبرة ومهارات جيدة فإن حركتهم من وحدة إلى أخرى أو من موقع إلى آخر تبدو بسيطةً وبذلك يتصفون بكونهم متنقلين.
تصنيف عمال المعرفة :
يشير براون (Brown, 1999) إلى ثلاث فئات من عمال المعرفة تم تعريفها طبقًا لمعايير معينة, هي:
1 – التخصص المهني Professional Specialty على سبيل المثال المحامون والأطباء والمبرمجون ومصممو نظم المعلومات والمكتبيون واختصاصيو المعلومات والمدرسون والعلماء (Bender 1998; Halal 1998; McGinn and Raymond 1997 – 98). وهنا يأتي دور أقسام المكتبات العربية في التوجه نحو التعليم المعلوماتي المتخصص.
2 – خصائص المهنيين : فهم أفراد يمكنهم تحليل المعلومات وتركيبها وتقييمها واستخدام تلك المعلومات في حل المشاكل ذات المحتويات المتنوعة. حيث ينطبق الشطر الأول من الخصائص على عمل اختصاصي المعلومات بينما نادرًا ما يشارك في عملية حل المشاكل بقدر ما يوفر المعلومات للآخرين لغرض حل المشاكل وهذا يكمل النقص الأول في صفات اختصاصيي المعلومات ليكونوا عمال معرفة.
3 – مهارات المهنيين وقدراتهم: بكونهم أفرادًا بمستوى تعليم عالٍ ومبدعين ومثقفين إلكترونيًا ولديهم مهارات متنقلة تمكنهم من نقل ذكائهم وموهبتهم وخدماتهم إلى أي مكان يحتاج لهم (Munk 1998).
وفي تقرير آخر (Knowledge workers) (17– 02– 2003) يصنف عمال المعرفة إلى ثلاث فئات أيضًا وهم:
1 – المهنيون مثل الأطباء والمهندسين والمحاسبين والمدرسين واختصاصيي المعلومات الذين ازدادت الحاجة إلى مهاراتهم المتخصصة في الخدمات المهنية بشكل درامي.
2 – المهندسون والعمال العلميون والفنيون حيث لا تتحدد هذه الفئة بمستوى تعليم معين إنما تعتمد على المهارات المتخصصة المكتسبة من العمل، ومن بينهم العاملون في مؤسسات المعلومات دون امتلاكهم لشهادات تخصصية.
3 – الرتب العليا في الإدارة من صناع القرار.
مدير المعرفة :
لقد وجدنا من الصعوبة بمكان الحصول على قائمة من الخصائص التي تميز مهنة مدير المعرفة, فهناك مواقع وظيفية مختلفة تمارس هذا الدور ولكل وظيفة خصائصها وتركيزها من حيث التوجه العملي فالبعض يركز على الجوانب الإدارية والآخر على الجوانب التقنية بينما تركز وظائف اختصاصيي المعلومات والمكتبيين على الجوانب المعلوماتية والمستفيد.
ويرى ديننغ (Denning, 2001) بأن هناك مجموعة من المهارات التي يجب أن يمتلكها أولئك العاملون بحقل المعرفة, بغض النظر عن توجهاتهم التخصصية ومساهماتهم العملية في إدارة المعرفة, وهذه المهارات تشمل:
أولاً : الاتصالات : بحيث يمتلك مدير المعرفة :
● القدرة على التعاون مع جميع وحدات أو أقسام المؤسسة التي يعمل على إدارة معرفتها.
● القدرة على توضيح المفاهيم المعقدة التي تتعلق بالمعرفة وبلغة المستفيدين منها.
● القدرة على إيقاد الحماس في العمل.
● القدرة على التواصل مع مختلف مستويات وأجناس المستفيدين.
● توطيد علاقات بناءة واضحة.
● التعامل مع جميع المستفيدين باحترام وانفتاح وشفافية.
● القدرة على اكتساب معايير عالية من التكامل الذاتي.
ثانيًا : التوجه نحو المستفيد : بما في ذلك :
● فهم احتياجات المستفيدين واهتماماتهم.
● الاستجابة بسرعة وفاعلية لتلك الاحتياجات.
● تسويق الخدمات ومنتجات المعرفة والمعلومات كلما كان ذلك ممكنًا لتحقيق أكبر قدر من الاستفادة.
ثالثًا : الاندفاع نحو النتائج : من خلال :
● جعل الأشياء تحدث.
● الموازنة بين التحليل والفعل.
● الالتزام بأهداف المؤسسة.
رابعًا : فرق العمل : والقدرة على:
● التعاون مع الآخرين.
● الاعتراف بتعاون الآخرين ومساهمتهم.
● العمل بفاعلية مع الآخرين من مختلف المستويات والأجناس والثقافات.
● الرغبة في البحث عن المساعدة كلما كانت هنالك حاجة لها.
● كسب مساندة الآخرين ودعمهم والتزامهم.
خامسًا : التعلم والتشارك بالمعرفة: بحيث يكون :
● منفتحًا للأفكار الجديدة.
● مشاركًا بما يمتلك من المعرفة.
● مطبقًا للمعرفة في العمل اليومي وليس امتلاكها فحسب.
وفي دراسة لدافي (Duffy, 1998) تم تحديد سبعة تحديات تواجه مدير المعرفة ومن هذه التحديات تتضح معالم المهنة في العصر الحالي, وهي تشمل :
1 – تحديد الأولويات الاستراتيجية لإدارة المعرفة.
2 – تأسيس قاعدة بيانات لأفضل الممارسات.
3 – كسب التزام المديرين التنفيذيين لمساندة بيئة التعلم.
4 – تعليم الباحثين عن المعلومات (المستفيدين) كيفية الاستفسار بشكل أفضل وأذكى للبحث في المصادر الذكية.
5 – تطبيق عملية إدارة الأصول الفكرية.
6 – الحصول على معلومات تتعلق برضا المستفيدين من المعلومات والمشاركة بها في الوقت الحقيقي (المباشر).
7 – عولمة إدارة المعرفة.
فكما يلاحظ, من طبيعة جميع التحديات, بأن إدارة المعرفة تركز في الغالب على الجوانب الإدارية للمعرفة وكذلك على العلاقات والدور القيادي لمدير المعرفة. فإذا ما وفر عصر المعرفة الفرص لاختصاصات ومهن متعددة بضمنها الإدارة وتطبيقات الحاسوب والتكنولوجيا, فإن الفرصة الأكبر متاحة, وبلا شك, أمام مهنة المكتبات والمعلومات بشرط أن يحسن استثمارها ويهيئ ممتهنيها, حيث إن الفرص تساند العقل المستعد لها وتدعمه.
ولتأكيد حجم فرصة وظيفة مدير المعرفة المتاحة أمام اختصاصي المكتبات والمعلومات قام كل من مكين وستابلس (McKeen & Staples, 2001) بدراسة ميدانية لعينة مكونة من (41) مدير معرفة يعملون بمختلف المؤسسات في أمريكا, وقد وجدا بأن (20) منهم يحملون درجة عليا في التعليم وباختصاصات متنوعة, بينهم (8) في مجال علم المكتبات والمعلومات والإنسانيات، و(7) في إدارة الأعمال، بينما (3) فقط في الهندسة و (2) في الحاسوب. وهذا يؤكد الحاجة الأساسية لمهنة المكتبات والمعلومات في إدارة المعرفة كما يؤكد أن هذه المهنة تنجز من قبل فريق عمل بمهارات واختصاصات متنوعة ولكنها متداخلة لإحداث التكامل فيما بينها. وتوصلت الدراسة أيضًا إلى أهم خصائص المهنة من خلال ما يقوم به أفراد العينة من ممارسات وأعمال فرضت عليهم العديد من المتطلبات الخاصة, بما في ذلك:
1- أن يكون إعداد مدير المعرفة إعدادًا متميزًا يجمع ما بين التعامل مع المعلومات وكيفية استخدامها والمشاركة بها وبين نظم وتكنولوجيا المعلومات والشبكات والإدارة.
2- التأكيد على تنوع التخصصات في المرحلة الأولية مع التركيز على تخصصات مرتبطة منطقيًا بإدارة المعرفة في الدراسات العليا مثل إدارة المعرفة وإدارة الأعمال وعلم المكتبات والمعلومات.
3- أن يمتلك خبرة مسبقة لوظيفة مدير المعرفة في مجال المعلومات أو إدارة المشاريع البحثية والمعلوماتية ونظم المعلومات وهندستها بالإضافة إلى المهارات التالية:
●المعرفة بمفهوم إدارة المعرفة وأهميتها ونظريتها.
● الخبرة الفنية في مجال تكنولوجيا المعلومات.
● الخبرة التنظيمية المتعلقة بمجتمع المؤسسة التي يخدمها وثقافتها.
● نقاط قوة ذاتية تتعلق بالإبداع والتفكير الإبداعي والرغبة في التعلم والتحفيز الذاتي.
● القدرة على التواصل واكتساب مهارات الاتصالات.
● الخبرة في مجال البحث عن المعلومات تقليديًا وإلكترونيًا من خلال مهارات استراتيجيات البحث المتقدمة.
● الخبرة في تقديم الاستشارات.
الخلاصة :
عامل المعرفة أو مديرها لا يمكن أن يكون أي منهما فردًا واحدًا يمتلك كل المهارات ويقوم بأفضل الممارسات. فالمهنة بكاملها تتطلب فريق عمل متنوع الخصائص ومتعدد التخصصات بتكاملها تتضح مهنة إدارة المعرفة وهندستها. الأهم من ذلك هو البحث عن الدور الصحيح للعضو الصحيح في فريق العمل الصحيح. وعملية البحث هذه تملي على مؤسسات الإعداد لهذه المهنة مسؤوليات حذرة لكي لا تندفع نحو التشتت أو التقيد والتقصير في الإعداد والتأهيل. فقد تندفع أقسامٌ إلى التنوع والجمع من كل بحر بقطرة لكي تؤكد تذوقها للعصر ومشاركتها فيه دون الإدراك بأن التذوق الخاطئ سوف يسمم بدن المهنة ويضعفها لتكون غنيمة للمتنافسين المعدين إعدادًا جيدًا لسحبها.
وتتعدد مصادر التذوق الخاطئ فقد ترتبط بثقافة وعملية المعدين ورغبتهم في التعلم الذاتي أولاً قبل تعليم الآخرين, أو قد تكمن في النقص في الأدوات وليس الأفراد فحسب إذ من الصعب التحدث عن استراتيجيات البحث بدون إنترنت أو بوجود إنترنت بمشاكل وكلف ومحددات في الاستخدام كما لا يمكن التحدث عن تحويل المعرفة الضمنية إلى معرفة صريحة في غياب لغة التحاور والعلاقات العامة والتخصص المتنوع في الإنسانيات أو العلوم.
إذا كانت المعلومات هي التي تولد الحاجات فالقراءة تولد الأفكار وتوقظ القوى الخفية ليبدع الإنسان ويتطور, ومن هنا تكون مهمة أخصائي المعلومات التجاوب مع حالة المعلومات أكثر من وعائها ومع طبيعة الحاجة أكثر من وجودها. ليس المهم شكل الوعاء الذي تعطيه للمستفيد إنما المهم المعرفة التي في داخله, وليس المهم أن يأتي المستفيد إليك بحاجة ولكن المهم أن تدرك الحاجة وتشخيصها لتصوغها في استراتيجية تؤمن العلاج الكافي والشافي لها.
وهذا يتطلب من المهني ما يلي:
1- أن يعيش عصره ويفكر بمستقبله وأن يدرك بأن الإعداد للمهنة لا يتوقف عند حدود الشهادة أو امتلاك الوظيفة بل إن الشهادة بحد ذاتها تأشيرة دخول للمهنة والمطلوب إحكام التعزيز الذاتي والتسلح بالمهارات المطلوبة والمتجددة للحفاظ على مكانتها.
2 – أن يعرف الحالة الجديدة لتمثيل المعلومات لأنها إن لم تكن مطلوبة اليوم لا بد من طلبها غدًا, فليس جميع المستفيدين اليوم يقـرؤون المعلــومــات بحالتهــا الــرقميــة ولكنهــم بلا شك يكونون كذلك لاحقًا عندما تفرض عليهم الحاجة ذلك حيث لا تتوفر لهم إلا بشكلها الرقمي.
3 – إذا كانت القراءة قوة للمستفيد فإنها بالنسبة للمهني لا تكفي ما لم يحولها إلى فعل, يقول أرسطو: "إن الأشياء التي يجب علينا أن نتعلمها لا نتعلمها إلا عندما نفعلها فعلاً". ونحن في الجيل الثاني من إدارة المعرفة, الجيل الذي يسعى إلى تقصير المسافات واختصار الزمن من خلال ربط الفرد بالفرد للتشارك بالمعرفة واستخدامها بدلاً من ربط الفرد بالمعرفة من خلال مصادرها كما يفعل الجيل الأول, على المهني أن يغير دوره من وسيط بين المعرفة والمستفيد إلى وسيط بين العارف والمستفيد, بين المالك للمعرفة والمستخدم لها. وهو بذلك يحتاج إلى معلومات عن المعلومات, أين هم الأفراد؟ ما هي اختصاصاتهم, ما يعرفونه؟ كيف يعبرون عما يعرفونه؟ كيف يمكن الوصول إلى ما يعرفونه؟ وهنا بالفعل يكمن الدور الجديد للمهنة.
التوصيات :
1 – مهنة المكتبات كغيرها من المهن المتخصصة تحتاج إلى تعليم وإعداد أكاديمي متعمق كما تحتاج أن يكون لها منظمة مهنية وأهداف محددة ومبادئ أخلاقية ونتاج فكري في المجال.
2 – تعزيز إيمان أخصائيي المعلومات في تطوير ذاتهم لأن مهنتهم سعيٌ لن تتحسن ما لم يكن هناك سعيٌ نحو تحسين الذات. وحيث إن تنفيذ إدارة مهنة إدارة المعرفة تستوجب مساهمة فريق عمل بمهارات متعددة ومترابطة ومتكاملة, فعلى أخصائي المعلومات أن يعرف دوره الحقيقي كعضو فعال في فريق العمل مع التأكيد على تعزيز هذا الدور بالتعلم المستمر والتواصل مع المستجدات والتآلف مع أعضاء الفريق الآخرين خصوصًا الذين يعملون على تطوير النظم الخبيرة وقواعد البيانات.
3 – الخروج من النمط التقليدي الذي تعمل مؤسسات المعلومات بموجبه باستخدامها للعادات والروتينيات والتعليمات والأدلة في عملها وأن تضع لنفسها فلسفة واقعية مستنبطة من توجيه الأفكار نحو النظرة الجديدة في إدارة المعلومات والمعرفة تعليمًا وتطبيقًا, فلسفة تعرّف دور المهنة الحقيقي الذي يمكن استنباطه من تعريف الوظائف المطلوبة لإدارة المعرفة. وكما لوحظ في التعريفات السابقة لهندسة المعرفة وإدارتها, فإن الدور الأساسي لمهنة المكتبات والمعلومات يكمن في إدارة المعرفة أكثر منه في هندسة المعرفة. ومع ذلك, لا يمكن إنجاز عملية هندسة المعرفة بنجاح في معزل عن دور اختصاصي المكتبات والمعلومات ومشاركته الفعالة في تشخيص أبعاد النظم وأهدافها وعملها ومخرجاتها.
4 – لكي يضع أخصائي المعلومات نظامًا لفوضى معلومات الإنترنت ومصادرها عليه اكتساب مهارات التعامل مع التكنولوجيا لارتباطها بالثقافة المعلوماتية (Information Literacy) وبشكل مباشر وهي مضافة إلى مفهوم الثقافة الحاسوبية (Computer Literacy). فإن كان المفهوم الأخير يتعلق باستخدام الحاسوب والبرامج التطبيقية وقواعد البيانات, يكون المفهوم الأول مرتبطًا بفهم العلاقات بين المعلومات.

الهوامش
- Choo, C. W., 1998. the Knowing Organization: How Organization Use Information to Construct Meaning, Use Information to Construct Meaning, Create Knowledge, and Make Decisions. New York : Oxford University Press.
- Alle, v., 1997. the Knowledge Evolution: Expanding Organizational Intelligence. Boston: Butterwork – Heinemann.
- Boisot, M. H., 1988. Knowledge Assets: Securing Competitive Advantage in the Information Economy. Oxford: Oxford University Press.

المصادر والمراجع
Copyrite 1997 Knowledge Manag-ement Associates
http://www.Media-access.com/whatis. html
- Brown, Bettina Lankard. Knowledge Workers: Trends and Issues Alert No. 4. Educational Resources Information Center, ERIC, 1999. http://ericacve.org/docgen.asp?tbI=tia&ID=126
- Cobos, Ruth, Esquivel, Jose A. and Xavier Alam. "IT Tools for Knowledge Management : A Study of the current
- Advinsson, L. (1997) "Developing Intellectual Capital at Skandia." Long Range Planning. Vol. 30, No.3. pp. 355 – 373.
- Altbier, Stephanie R. "Future of Cataloging" The Catholic University of Americe, CUA Forums, posted on Mon. 30 Oct. 2000. (13 / 04 / 2003).
home. Cua. Edu/forums/ thread.cfm? ID=714&ForumID=23
- Barclay , Rebecca o and Philip C. Murray. " What is knowledge management ? "
- Klaw, Robert and Loeng, Janet. Knowledge Workers-The Backbone of a Successful k-economy. Economist (February, 2001).
link
- "Knowledge Engineering" IA Guide: Knowledge Engineering (29/12/2002). www.mdx.ac.uk/www/ai/samples/ke/51know.htm
- Knowledge workers (17/02/2003)
- Knowledge workers / Industries. http://www.gov.ns.ca/finance/stats.d...rs/know/c3.htm
- Lukose, Dickson and Rob Kremer. "Knowledge Engineering" Part A: Knowledge Presentation. (29/12/2002). pages.cpsc.ucalgary.ca/~kremer/courses/CG/
- MaIhotra, Yogesh. "Why Knowledge Management Systems Fail? Enablers and Constraints of Knowledge Management in Human Enterprises". Forthcoming in: Handbook on Knowledge Management ( edited by C. W. Holsapple ) , in the
Situation. The European Online Magzine. Vol III, No. 1(February 2002). www.Kmadvantage.com/doce/KM%20Articles/IT%20Tools%20for %20KM.pdf.
- Denning, Stephen. The Springboard: How Storytelling Ignites Action in Knowledge-Era Organizations. Boston, London: Butterworht Heinemann, October, 2001. Cited in: Knowledge Management Job Description. 24/03/2003.
www.stevdenning.com/job.htm
- Gordon, E. E. "The New Knowledge Worker". Adult Learning 8, no. 4 (March-April 1997): 14-17.
- Halal, W. E. "Knowledge Fntrepreneurs". Executive Excellence 15, no. 9 (September 1998): 12-13. Cited in: Brown, Bettina Lankard. Knowledge Workers: Trends and Issues Alert No. 4. Educational Resources Information Center, ERIC, 1999. ericacve.org/docgen.asp?tbI=tia&ID=126
- Kelly, J. "Those Who Can...Those Who Cannot: Winners and Losers in the Digital Age."Vital Speeches of the Day 65, no.3 (November 15, 1998):89-92.
www.ups.com/news/speech/sac.html
- Nonaka, I. And H. Takeuchi, (1995), "the Knowledge-Creating Company". Organizational Science. Vol.5, No.1, pp. 14-37.
- Prusak, L. "Where did Knowledge management come from". IMB Systems Journal. Vol. 40, No.4, 1002-1007.
- Rogoski, R. R. "Knowledge Workers Top Company Assets". Triangle Business Journal 14, no. 19 (January 8, 1999):21. Cited in: Brown, Bettina Lankard. Knowledge Workers: Trends and Issues Alert No. 4. Educational Resources.
- Shea, T. "Are You Good at Attracting Knowledge Workers? "Orlando Business Journal 15, no. 29 (December 18, 1998): 30. Cited in: Brown, Bettina Lankard. Knowledge Workers: Trends and Issues Alert No. 4. Educational Resources Information Center, ERIC, 1999.
ericave.org/docgen.asp?tbl=tia&ID=126
- Wiggins, Charles p. “Philosophy of librarian Ship” (Last modidfied April 12, 2002).
home.att.net/~cpwiggins/Iibrarianship/philosophy.html

"International Handbook on Information Systems" Series. Heidelberg: Springer Verlag, 2002.
www.brint.org/WhyKMSFail.htm.
- McGinn, D., and Raymond, J. "Workers of the Word, Get Online." Newsweek (Winter 1997-98) Extra Millennium Issu: 32.
http:/college.hmco.com/business/greene/ultimate/3e/students/articles/nhjnpower of invention.html
- Miller, W. C. "Fostering Intellectual Capital". HR Focus 75, no.1 (January 1998):9-10. cited in: Brown, Bettina Lankard. Knowledge Workers: Trands and Issues Alert No. 4. Educational Resources Information Center, ERIC, 1999. ericacve.org/docgen.asp/tbI=tia&ID=126
- Munk, N. "The New Organization Man". Fortune 137, no. 5 (March 16, 1998): 62-74. Cited in: Brown, Bettina Lankard. Knowledge Workers: Trends and Issues Alert No. 4. Educational Resources Information Center, ERIC, 1999. ericacve.org/docgen.asp?tbI=tia&ID=126
- Newman, Brian D. "Knowledge Management vs Knowledge Engineering". (January 5, 1996).
www.km-forum.org/hmvske.htm













  رد مع اقتباس
قديم Aug-07-2006, 08:32 AM   المشاركة2
المعلومات

وصال المجد
مشرفة منتديات اليسير
أروى حلواني

وصال المجد غير متواجد حالياً
البيانات
 
العضوية: 7440
تاريخ التسجيل: May 2004
الدولة: السعـوديّة
المشاركات: 458
بمعدل : 0.06 يومياً


ممتاز

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الاء المهلهل
أين هم الأفراد؟
ما هي اختصاصاتهم, ما يعرفونه؟
كيف يعبرون عما يعرفونه؟
كيف يمكن الوصول إلى ما يعرفونه؟
وهنا بالفعل يكمن الدور الجديد للمهنة.

أسئلة قصيرة في الطرح عظيمة في التنفييد والأداء
بورك فيك آلاء لإختياراتك الأكثر من رائعة
أتمنى أن ييسر الله لنا ولك ولجميع أخصائي المعلومات مايحقق دورهم الفعلي في مجتمع المعلومات
تحياتي












التوقيع
المجد الباسم لا يكون إلا بأيدي الأقوياء
  رد مع اقتباس
قديم Aug-07-2006, 01:45 PM   المشاركة3
المعلومات

Hayam
مكتبي مثابر

Hayam غير متواجد حالياً
البيانات
 
العضوية: 12443
تاريخ التسجيل: Sep 2005
الدولة: فلسطيـن
المشاركات: 49
بمعدل : 0.01 يومياً


افتراضي

أختي الاء الف شكر على هذه المعلومات القيمة

و أدامك الله ذخرا لعالم المكتبات

بارك الــــــــله فيك

تحياتي












التوقيع
Hayam M
  رد مع اقتباس
قديم Aug-07-2006, 11:23 PM   المشاركة4
المعلومات

الاء المهلهل
رئيسة قسم المكتبة
والطباعة والنشر
بمعهد التخطيط
طرابلس

الاء المهلهل غير متواجد حالياً
البيانات
 
العضوية: 12923
تاريخ التسجيل: Oct 2005
الدولة: ليبيــا
المشاركات: 880
بمعدل : 0.13 يومياً


ابتسامة

شكرا على مروركم
يتقبل منكم الله دعائكم
بورك لنا فيكم
امين












  رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:25 AM.
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. جميع الحقوق محفوظة لـ : منتديات اليسير للمكتبات وتقنية المعلومات
المشاركات والردود تُعبر فقط عن رأي كتّابها
توثيق المعلومة ونسبتها إلى مصدرها أمر ضروري لحفظ حقوق الآخرين