[مداسي حسان]

بسم الله الرحمان الرحيم

إن الحديث عن الوثائق الأرشيفية في الحضارة الإسلامية لم يلق الإهتمام الكافي نظرا ربما لغياب الكثير من الأرشيف التاريخي الذي يرجع للقرون الأولى للحضارة الإسلامية نتيجة عدم حفظه عبر الفترات التاريخية المتعاقبة على الأمة الإسلا مية، بالإضافة إلى الحروب والإضطرابات التاريخية التي شهدتها مختلف البلدان الإسلامية، لكن الحقيقة العلمية والتاريخية هي أن الحضارة الإسلامية إهتمت بالأرشيف والتوثيق إهتماما كبيرا، وهذا إنطلاقا من قوله تعالى: " يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه وليكتب بينكم كاتب بالعدل ولايأب كاتب أن يكتب كما علمه الله فليكتب وليملل الذي عليه الحق وليتق الله ربه ولايبخس منه شيئا..." سورة البقرة الآية: 282.
فبالإضافة إلى كتابة الوحي ورسائل الرسول - صلى الله عليه وسلم - إلى الأمراء والملوك لدعوتهم للإسلام ووثيقة المدينة التي تعتبر بمثابة قانون لتسيير شؤون المدينة المنورة، ووثيقة صلح الحديبية وغيرها، فقد حفلت دواوين الدولة الإسلامية منذ عهد الخلفاء الراشدين وحتى العهد العثماني بحركة هائلة في كتابة العقود والمواثيق المتنوعة، منها مكاتبات بين الخلفاء والولاة وعمال الجزية والخراج وأصحاب الشرطة ورجال الفقه والقضاء ومجالس الصلح وفض المنازعات وتوزيع المواريث والوقف والهبة والعتق والصداق... وغيرها.
وفي حقيقة الأمر فإن المتأمل في نصوص هذه العقود وتلك المواثيق المدونة على الورق والرق(الجلد) والبردي يلاحظ وجود دقة متناهية، وحرص شديد على حفظ الحقوق، وصيانة الحرمات، كما أن موثوقية هذه الوثائق وكونها من الوثائق النادرة يجعلها من أهم المراجع للباحثين في مجال التاريخ والحضارة والفكر والنظم والفنون والدراسات والعلوم الإسلامية.
إنذار بضياع ثروة تاريخية:
مما يؤسف له أن الكثير من تراثنا العربي والإسلامي والمتمثل على وجه الخصوص في عشرات الآلاف من هذه الوثائق قد تسربت من بين أيدينا ونقلتها أيادي عدد كبير من المستشرقين، فلم تخل مكتبة أو متحف أو دار للكتب أو جامعة أجنبية في أوروبا أو الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا...وغيرها إلا وبها عدد كبير من هذه الوثائق المهمة، فيما تخلو الساحة العربية منها سوى مصر حيث توجد في دار الكتب المصرية بالقاهرة نحوا من أربعة آلاف وثيقة بردية معظمها في حالة حفظ سيئة وتحتاج لعناية وصيانة عاجلة.
وتونس فيها عدد قليل من هذه الوثائق ربما لا يتعدى عدد الأصابع، كما تخلو الساحة العربية من أية معاهد أو مراكز بحوث متخصصة في دراسة وثائق البردي (سواء البرديات الفرعونية أو اليونانية أو اللاتينية أو الآرامية أو البيزنطية أو القبطية أو العربية).
وتجدر الإشارة إلى أنه قد أفتتح في مقر جامعة عين شمس بالقاهرة " مركز للدراسات البردية والنقوش "، إلا أنه يفتقر إلى الإمكانيات المادية والبشرية.
أما بالنسبة للدول الأجنبية التي تعتني بالبرديات، فعلى سبيل المثال تضم خزانة مكتبة فيينا القومية "بالنمسا" ما لا يقل عن مائة ألف وثيقة بردية، من العهود الفرعونية واليونانية والقبطية والعربية، المجموعة العربية وحدها تضم أكثر من عشرة آلاف وثيقة بالغة الأهمية أقدمها يرجع لعهد الخليفة "عمر بن الخطاب"، وهي المعروفة ببردية "أهناسيا"، وتحمل رقم سجل (558) مؤرخة في عام 22ه.
أيضا هناك أكثر من 300 بردية عربية محفوظة في متحف اللوفر بباريس في فرنسا، كما تضم خزائن المكتبة القومية بباريس نحوا من 22 وثيقة بردية عربية أخرى، هذا بالإضافة إلى الكثير من الدول في العالم التي تحتوي على وثائق عربية وإسلامية خاصة البردية منها.
وهذا يطرح تحدي إسترجاع هذه الوثائق الهامة بالإضافة إلى إنشاء المراكز الخاصة بحفظ وصيانة مثل هذا النوع من الأرشيف أو تجهيزها إن كانت موجودة بمختلف المتطلبات الضرورية لحفظ هذا الإرث الثقافي والعلمي والتاريخي الهام.
الخطوط العريضة لخطة عمل للتكفل بالأرشيف التاريخي العربي والإسلامي:
بما أن قضية حفظ وصيانة الأرشيف العربي الإسلامي هي قضية الأمة العربية والإسلامية فمن الضروري أن نؤكد على ما يلي:
- وعي السلطات العليا في البلدان الإسلامية بأهمية الأرشيف التاريخي الإسلامي وضرورة الإهتمام به.
- إنشاء مراكز متخصصة في حفظ وصيانة هذا النوع من الأرشيف.
- الإستفادة من خبرات الدول المتقدمة في هذا المجال.
- إستخدام التكنولوجيات الحديثة من أجل أداء وخدمات أفضل.




المراجع:
محمد،سعيد مغاوري.قبس من التراث والحضارة الإسلامية.القاهرة:دار العالم العربي،2012

[مسعود الفضي]

بارك الله فيك
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,

[مداسي حسان]

بسم الله الرحمان الرحيم

بداية أشكر الأخ الفاضل مسعود الفضي، وأرجو من الإخوة الأعضاء المشاركة لإثراء الموضوع خاصة أنه يتعلق بجانب مهم من حضارتنا الإسلامية.

[مداسي حسان]

بسم الله الرحمان الرحيم

إن العمل على نقل أرشيف الدول العربية والإسلامية وخاصة التاريخي منه من الوضعية الحالية التي لا ترضي الجميع إلى وضع أفضل وأحسن، يجعلنا نفكر في التخطيط لمشروع طموح نسطر فيه الأهداف ونرسم خطط التنفيذ ونوفر المتطلبات بما يحقق الأهداف المرجوة.

[هاله زادة]