[ابراهيم محمد الفيومي]

رؤى : المكتبات العامة بين الفعالية والجمود * سامية العطعوط
قبل ثلاثين عاماً أو أكثر ، كانت المكتبات العامة تشكل مراكز تنويرية للرواد الذين يترددون عليها ، بدءا بمكتبة الأمانة ، وليس انتهاء بالمكتبات الأخرى لاحقاً كمكتبة شومان ومكتبات الجامعات. وجميعنا يذكر تأثير المكتبات على ثقافة وتواصل الأجيال في كل مكان ، وعلى سبيل المثال بدأت "قصة حب" للكاتب إريك سيغال ، بين البطلين في مكتبة الجامعة على ما أذكر..، مما يعني أن اجواء المكتبات لم تكن وسيلة للمعرفة فقط ، بل كانت كذلك وسيلة للتواصل الإنساني ، وحتى للمناقشات في موضوعات الكتب التي تتم استعارتها ، وتفضيل كتاب على آخر وموضعة الكتب من حيث أهميتها.

لكن ، في ظل عصر الاتصالات الجديد ، وظهور الكتب الإلكترونية التي لا تكلف قارئها شيئاً ، في كثير من الأحيان ، ومع استنساخ الأبحاث والدراسات وإعدادها من مراجعها على الإنترنت ، بدأ دور المكتبات العامة يتراجع قليلاً ، ولم تعد ذات أثر كبير في تثقيف الأجيال الصاعدة التي بدأت تستقي ثقافتها من مصادر مختلفة ومتنوعة ، أقلها المصادر الورقية.

ولأن دور المكتبات مهم جداً كوسيلة لنشر الثقافة الجادة والوعي المتقدم لدى فئات المجتمع ، فقد طورت كثير من المكتبات الوطنية والعامة من أساليب عملها ، لاسترجاع دورها المشهود له سابقاً ، لتصبح أكثر فاعلية وتأثيراً على مستوى الثقافة المجتمعية السائدة ، ومن أجل تسهيل مهام الباحثين والدارسين ، والتشجيع على التواصل مع المعلومات والثقافة والمعرفة التي تهيئها مراكز البحث والتنوير بشكل عام.

لن نتكلم هنا عن مكتبة الاسكندرية القديمة المتجددة ، التي تشكل منارة للمعرفة في منطقتنا ، لان وثائقها ومخطوطاتها وإمكانياتها تفوق التوقعات. ولكننا سنذكر مثالاً قريباً وهو المكتبة الوطنية في أبو ظبي (دار الكتب الوطنية) ، التي استطاعت خلال العام 2008أن تجتذب أعداداً كبيرة من كافة شرائح المجتمع ، من المتخصصين والطلاب والمهنيين. فقد بلغ عدد الذين ترددوا عليها خمسة وثلاثين ألف شخص ، استخدموا أكثر من مليون مادة من موادها ودورياتها ووثائقها ..الخ. وحين نعلم أن عدد زوار الموقع الإلكتروني للمكتبة بلغ ثمانمائة ألف زائر ، وعدد الأطفال الذين قاموا بزيارة مكتبة الأطفال فيها ، حوالي خمسين ألف طفل ، فإننا ندرك مدى عمق التفاعل الذي استطاعت المكتبة أن تصل إليه مع مختلف شرائح المجتمع. وتتعدى إنجازات مكتبة أبوظبي توفير الخدمات عبر الموقع الإلكتروني ، حيث تقوم بإصدار نشرة شهرية إلكترونية بأخبار المكتبة وأحدث الكتب التي تم شراؤها ، كما أصبحت تمثل رافداً مهماً من روافد التعريف بنتاج أبناء الإمارات ، وموقعاً مهماً لحفظ التراث الثقافي العربي. هذا عدا عن مشاريع إصدار الكتب والترجمة التي تقوم بها.

أخيراً ، لدينا في الأردن أكثر من ثلاث مكتبات مهمة جداً ، تتوفر لديها الإمكانيات لمدّ جسور التواصل مع المثقفين ومختلف شرائح المجتمع ، كالمكتبة الوطنية التي انتقلت إلى موقع جديد ، ومكتبة الأمانة ومكتبة شومان. ونحن كمثقفين ندعو لأن تأخذ هذه المكتبات دورها المأمول ليس فقط في شراء الكتب وتسهيل تداولها ، بل أيضاً في التعريف بالكتب الجديدة ، وتفعيل مواقعها الإلكترونية وترجمة الكتب المهمة وتحقيق الوثائق والمخطوطات ، والتعاون مع منظمات المجتمع المدني ، بما يضمن وصول المعلومة لمن يحتاجها بسهولة ويسر ، فهذا هو لبّ التطور العلمي والتقني الذي يرفع من مستوى المعرفة لدى الأفراد وبالتالي لدى فئات المجمع.


الرابط
http://www.addustour.com/ViewTopic.aspx?ac=%5CArtsAndCulture%5C2009%5C07%5C ArtsAndCulture_issue648_day17_id159472.htm