منتديات اليسير للمكتبات وتقنية المعلومات » منتديات اليسير العامة » منتدى الوثائق والمخطوطات » الــوثيقـة الـعـربيـة ودورها الحضاري في حفظ ذاكرة الأمة العربية

منتدى الوثائق والمخطوطات يطرح في هذا القسم كل ما يتعلق بالوثائق والمخطوطات العربية والإسلامية.

إضافة رد
قديم Sep-13-2006, 05:57 AM   المشاركة1
المعلومات

صابرين زياد
مكتبي نشيط

صابرين زياد غير متواجد حالياً
البيانات
 
العضوية: 18065
تاريخ التسجيل: Jun 2006
الدولة: فلسطيـن
المشاركات: 90
بمعدل : 0.01 يومياً


افتراضي الــوثيقـة الـعـربيـة ودورها الحضاري في حفظ ذاكرة الأمة العربية



الــوثيقـة الـعـربيـة
ودورها الحضاري في حفظ ذاكرة الأمة العربية
فريال الفريح
المستخلص


تتناول هذه الدراسة في أجزائها تعريفاً بماهية الوثيقة وأنواعها وصلتها بالتاريخ ورسالتها الحضارية على مر العصور، كما تتحدث عن دورالوثائق الحضاري كمصدر للمعرفة والتاريخ والسياسة وعن دورها في التراث الإسلامي والثقافة والعلوم•
المقدمة
ما أروع الذكرى! حيث تتسع أضواء الماضي لتجلوا أمجاد الحاضر وتنير دروب المستقبل، ويحق للحضارة العربية الإسلامية أن تزهو في غير كبرياء لما تملك من كنوز المعرفة ومفاتيح العلوم، وما تزخر به المكتبات ودور الوثائق من المخطوطات والوثائق التي تعد أعظم تركة من تراثنا العربي الإسلامي، إذ تعكس جانباً مهماً من عصر التاريخ الذي ما نزال نعيشه، ومن خلال هذه التركة الوثائقية يمكن التعرف على مجموعة من المعارف، والقيم، والأفكار، والممارسات الدينية والاجتماعية، والثقافية والسياسية،والمستوى الحضاري الذي وصلت إليه الشعوب العربية الإسلامية منذ معرفة الإنسان الكتابة والتدوين• وكان لمنطقة الشرق العربي الأولوية المطلقة في معرفة الكتابة في حدود عام 0082ق•م بينما تعاونت مناطق المعمورة في التوصل إلى هذه المرحلة، بل ما تزال بعض المجتمعات المنعزلة في أفريقيا وأستراليا وأمريكا الجنوبية تعيش مرحلة ما قبل الكتابة•(1)
ويعد العلماء العرب من أسبق علماء الوراقة إدراكاً لأهمية هذا العلم ومعرفة ما فيه وأكثرهم اهتماماً به لأنه في نظرهم قاعدة المعارف، ورأس العلوم، ومحور البحث، وخزانة الأدب، وركيزة التفتيش والتنقيب، وهدف الحفظ والمحفوظات•
كانت الكتابة التي هي جوهر الوثائق في العصر القديم سلوة نفوس العلماء وسبب رزقهم ومبتغى رجائهم فنسخوا بأقلامهم الكثير من الوثائق والمخطوطات في جميع فروع المعرفة، يؤدون ذلك خدمة لله الذي علم بالقلم وخدمة للدين الذي أنزل بالقراءة والعلم وخدمة للوطن الذي باعتقادهم لا ينهض إلا بالعدل الذي تجسده الأحكام بالكتابة، وهم فيما يؤدونه يرتزقون ويتنافسون ويفخرون•(2)
إن علم الوراقة عند العرب هو علم المكتبات والوثائق والإعلام، وهو علم جامع لهذه العلوم جميعاً برع فيها العرب الوراقون•
وعلم الوثائق هو جانب مهم في علوم المكتبات دعت إليه الرغبة الملحة في الاطلاع على المعرفة التي تحملها الوثائق والمخطوطات وفهم لجوهر هذه المسجلات ويكشف عن هدفها الجوهري وتيسير الإفادة من هذه المعلومات الأصلية التي تعد الأصول القانونية التي يجد المؤرخ بين ثنايا سطورها من الحقائق ما يسد النقص ويستكمل الحلقات المفقودة•

وتعد الوثائق من المصادر الأصلية والأساسية لدراسة التاريخ والحضارة العربية لكونها منبعاً مادياً يرد فيه الكثير من المعلومات الأصلية لكل باحث يرغب في الوصول إلى الحقائق العلمية في مجال التاريخ والقانون والسياسة والاقتصاد وعلوم الدين والآثار والفلك•• إلخ•
إن التراث المكتوب في الوثائق والمخطوطات هو القاعدة الأصلية التي ترتكز عليها بنية كل أمة والوثائق هي الشاهد الأكبر على التاريخ والدليل الأعظم على السمة الحضارية لأي شعب من الشعوب إنها ذاكرة الأمة•
1ــ تعاريف عامة1
1 ـ علم الوثائق (الدبلوماتيك)لقد صارت دراسة الوثائق علماً عرف بأنه علم تجميع واختزان وتنظيم المواد والوثائق المدونة لتكون في متناول الباحث، ويعرف أيضاً بأنه علم استخدام المعلومات المتخصصة المدونة• ذلك عن طريق تقديمها ونسخها وجمعها وتخزينها وتحليلها التحليل الموضوعي وتنظيمها واسترجاعها في الوقت المناسب لاستخدامها في كشف حقيقة أو دعم حق من الحقوق أو البرهنة على رأي والاستدلال على حالة من الحالات، وهي مجموعة من العمليات والأساليب الفنية اللازمة لتوفير أقصى استخدام للمعلومات المنشورة في المطبوعات العلمية والفنية والقومية• والوثيقة تطلق على المستند القانوني أو غير القانوني، وتسمى الوثيقة الدبلوماتيكية نسبة إلى علم الدبلوماتيك الذي يدرس دراسة تحليلية نقدية أي مادة مكتوبة صيغت في قالب أو شكل مناسب للأوضاع• وهي بعد كل هذه التعريفات تعني تلك الوثائق التي يكون لها أهمية تاريخية أو قانونية أو مالية•
إن علم الدبلوماتيك لم يظهر إلا لحاجة قانونية وهي معرفة الصحيح من الزائف من الوثائق، والمشتغلون بعلوم الوثائق لم يجدوا ترجمة لكلمة الدبلوماتيك إلا كلمة (علم الوثائق)، غير أن مفهوم هذه الكلمة قد تعرض لتغيرات جوهرية منذ مطلع القرن العشرين، وذلك لظهور الوسائط الجديدة في التسجيل مثل المواد السمعية والبصرية وحتى الأقراص الضوئية والحاسوب الآلي بحيث أصبح مفهوم (وثائق) يشمل كل هذه المواد وصارت من أهم المصادر التي يعتمد عليها المؤرخ في كتاباتها• ومن هنا اهتمت الأمم بالحفاظ على هذه المواد حتى يجد العلماء والباحثون مادتهم التي يعتمدون عليها•
1ـ 2 ـ تعريف الوثيقة:
وثق به يثق بكسر الثاء فيهما (ثقة)• و(الميثاق) العهد والجمع (المواثيق)، و(المواثقة) المعاهدة ـ ويقال أخذ (بالوثيقة) في أمره أي بالثقة• (ووثقه) أىضاً قال له: إنه ثقة، و(الوثيق) جمع وثاق أي المحكم•
أما الوثيقة جمعها وثائق: وهو ما يُعتمد عليه، مؤنث الوثيق (الأحكام في الأمر)• قيل >استمسك بالعروة الوثقى< أي بالعقد المحكم الذي لا انفصام له•(3)
ونستخلص من هذا التعريف الذي نحن بصدد الكشف عن معناه في اللغة، بأن الوثائق هي كل ما يعتمد عليه، ويرجع إليه لأحكام أمر وتثبيته وإعطائه صفة التحقق والتأكد من جهة أو يؤتمن على وديعة فكرية أو تاريخية تساعد في البحث العلمي أو تكشف عن جوهر واقع ما أو تصف عقاراً أو تؤكد على مبلغ أو عقد بين اثنين أو أكثر•
فالوثيقة تطلق على المستند سواء كان قانونياً أو ليس قانونياً، وعلم الوثائق يدرس دراسة تحليلية نقدية أي مادة مكتوبة، وقد تكون محتوية على فعل قانوني أو تكون متعلقة بجهاز إداري أو فرد• والوثيقة بعد كل هذه التعريفات تعني تلك الوثائق التي يكون لها أهمية تاريخية أو قانونية أو مالية ويمكن الرجوع إليها مستقبلاً لاستنباط المعلومات التي تفيد المؤرخ أو الباحث•
2 ــ عناصر الوثيقة
تعتمد الوثيقة في الأصل كمستند علمي أو مالي أو قانوني على عناصر ثلاثة هي:
2ـ1ـ أن تكون المصدر الذي يستمد منه الباحث المعلومات التي يركز عليها في دراساته وتمده بالحقائق وتفتح له مجال النقد، وتؤكد للباحث حقائق ثابتة يعتد بها العلم• مثال ذلك الوثيقة التي عثر عليها في الأردن وتعود إلى القرن التاسع قبل الميلاد تناهض ادعاءات اليهود وما قيل في التوراة• فالوثيقة العربية والتي عرفت باسم >الحجر المؤابي< أبطلت الدعوة الإسرائيلية• لقد تحدثت التوراة عن انتصارات أحرزها الإسرائيليون ضد مملكة مؤاب التي عرفت باسم جد المؤابيين الأول، مؤاب بن لوط، واتخذت من منطقة شرق الأردن وشرق بحر لوط "البحر الميت" مملكتها حتى إذا نهض فيها الملك ميشع وحارب الإسرائيليين وحقق عليهم انتصارات ساحقة، وقام بإنشاء المدن، وشق الطرق، وحفر الآبار وبناء القلاع، ودون على حجر كبير أقامه في عاصمة بلاده مآثره وانتصاراته ويعرف اليوم باسم "الحجر المؤابي"•(4)
2ـ2ـ الوثّاق أو الموثق: وهو الخبير الذي يهتم بالوثيقة فيدرس جوهرها ليقرر صلاحيتها للبحث، ومن مهامه صيانة الوثيقة وفقاً للأسس العلمية، وبالتالي يعمل على حفظها•
2ـ3ـ المنتفع بالوثيقة: وهنا يعرف بالباحث أو العالم أو القاضي أو الإعلامي أي كل من يهتم بدراسة الوثائق ليستنبط منها ما يساعده في عمله•
3 ــ أنواع الوثائق وأشكالها:يمكن تقسيم الوثائق وفق عدة أسس:
3ـ1ـ من حيث الغرض الذي يرمي إليه الفاعل القانوني من كتابة الوثيقة:
وتقسم إلى نوعين:
ـ وثائق يقصد بها أن تكون مستنداً أو دليلاً أمام القضاء يثبت بها الفعل أو التصرف القانوني الذي يتم بمجرد توافق الإرادتين•
ـ وثائق ضرورية لقيام عمل قانوني، ومثال ذلك: الهبة التي لا تتم من الناحية القانونية إلا بوثيقة•
إن هذا التقسيم مهم من وجهة نظر القانون فكلما زاد الاعتماد على الوثائق المكتوبة في دعم رأي أو عمل ما كان ذلك دليلاً على تقدم النظم القانونية والحضارية في الدولة، إذ إن الكتابة تفوق الشهادة، والكلام ينسى وتبقى الكتابة•
3ـ2ـ من حيث صحتها ومبلغ الاعتماد عليها
وتقسم إلى:
3ـ2ـ1ـ الوثيقة الكتابية
وتتكون من:
ـ كل ما أؤتمن على وديعة مخطوطة باليد وتظهر بأجزاء متتابعة أو مدة محددة وزمن معين وكتبت من مسؤول رسمي وهذه الوثائق صحيحة لايمكن الطعن فيها•
ـ وثائق قام بتحريرها أفراد دون الرجوع إلى موظف رسمي مختص أو أنها ليست معتمدة من جهة رسمية•
3ـ2ـ2ـ الوثيقة التصويرية
ويأتي هذا النوع من الوثائق في درجة تلي الوثيقة الكتابية، وتعد في علم التوثيق وثيقة مساعدة بمعنى أنه لا يعتد بها وحدها، لأن المحتوى فيها موضع ترجيح أو شك وهي في الغالب رسم ما نقل بالزيت أو بالقلم أو بالفحم أو صورة أو نقش في الحجر أو صورة شمسية•
3ـ2ـ3ـ الوثيقة التشكيلية
وتعد أيضاً من الوثائق المساعدة، وهي مماثلة للوثيقة التصويرية حيث إنها مماثلة لها في كثير من المقومات وهي تكون بناء قصور لأشخاص مرموقين أو مؤسسات رسمية أو معالم أو آثار معمارية كقصر الحمراء في غرناطة أو أهرام الجيزة ومسجد قرطبة، وقصر إشبيلية وجامعة القرويين في فاس وقبة الصخرة وكنيسة القيامة في القدس وغيرها من المعالم الخالدة(5)•
3ـ2ـ4ـ الوثيقة السمعية
وتدخل هذه أيضاً في نوع الوثائق المساعدة التصويرية والتشكيلية وهي في الغالب تسجيلات صوتية أو إذاعية أو تسجيل أسطواني أو شريط سينمائي•
ومع التطور المعاصر والتطورات الإلكترونية أصبحت هذه الوثيقة يعتمدها الخبراء في دراسة الغناء ومستوى الصوت وطبقاته، وأيضاً دراسة اللهجات الخطابية وأسلوب الحوار والنقاش عند رجال السياسة وزعماء العالم فيستندون بذلك على دراسة شخصياتهم ومدى تأثيرهم على الجماهير•
3ـ3ـ من وجهة نظر المؤرخين
تقسم الوثائق إلى:
3ـ3ـ1ـ وثائق ديوانية:
صدرت عن ديوان أو دواوين وتتبع قواعد وأساليب ثابتة في صياغتها وطرق إخراجها وشكلها•
3ـ3ـ2ـ وثائق غير ديوانية:
أصدرتها هيئة أو مؤسسة ليست لها قواعد أو أساليب أو أشكال ثابتة•
3ـ3ـ3ـ وثائق قومية: تحفظ تراث الأمة القومي الذي يعكس نشاطها في كل المجالات ولاسيما المخطوطات والرسائل وأشكال الوثائق•(6)
هذه الدراسات في الوثيقة من حيث اللغة والنوع والدور الإنساني والحضاري هي الركيزة في عملية التوثيق الذي يهدف إلى جمع الوثائق لغرض البحث العلمي أو التنظيم أو التخطيط، والتطوير الإداري وتوفير المعلومات•
4 ــ العرب والوثائق
العرب أمة كانت تقطن شبه الجزيرة العربية، وقد سميت كذلك تمييزاً لها عن العجم المراد بهم الفرس والترك والإفرنج• فالعربية المشتقة من الأعراب أو العروبة أو العروبية وهي تعنى الفصاحة والوضوح والبيان، وربما لهذه المعاني سمى العرب أنفسهم عرباً، وسموا سائر الأمم عجماً، أي لا تفهم عنهم ما يقولون واللغة العربية أقدم اللغات الحية حتى إنه ليس بين اللغات المحلية أقدم منها، والثابت أن جذورها بعيدة في التاريخ القديم وإن أجمع علماؤها على أنها كانت في فرعين وتفرعت عنها سائر اللغات واللهجات•(7) وهذان الفرعان هما لغة اليمن أو الحميرية البيئية والتي تعرف عادة بالقحطانية، ولغة الحجاز والتي تعرف أيضاً بالعدنانية المضرية، في حين أن ثمة اتجاه علمي قومي يؤكد أن القحطانية هي أصل العدنانية اعتماداً على النقوش والحفريات المكتشفة حديثاً والتي تعد في علم التوثيق من الوثائق المساعدة•
ومع التأكـيد على هـاتين الفئتين في اللغـة العربيـة، فالمعـروف أن سـوق عكـاظ والتي تعد ظـاهرة خـطيرة في حياة الـعـرب قـبل الإسـلام وهـي في الأصل سوق تجـاريـة ومنتـدى أدبي عملت عـلى توحيدها وأعانت اللغة العدنـانية أن تصبح لغـة الشـعر والخطابة وأن تسود وحدهـا لاسـيما أن القـرآن الكـريم نـزل بهـا (إنا أنـزلـناه قـرآناً عربياً لعلكم تعقلون)ü، فعكـاظ المجمع اللغـوي والأدبي لم توحـد فئتي اللغـة فحـسب بـل مهدت لوحـدة الأمة العـربية وأشـاعـت فيها الإيمـان بشخصيتها وأعانتها في أواخر العصر الجاهلي على تفهم هذه الشخصية•(8) ومما لاشك فيه أن الدراسـات التـاريخية والأبحـاث العـلمية المبتـكرة تعتمد اعتماداً كبيراً على الوثائق لكونها من المصادر التاريخية الأصلية والأساسـية لكل باحـث لدراسـة التاريـخ والعـلوم والحضـارة العربية•
5 ــ أهمية الوثائق كذاكرة للأمة العربية
الذاكرة رصيد الشعوب ومادته الأولى وهي العنصر الرئيس المكون للوعي التاريخي• والوثائق تعد ذاكرة للأمة العربية، ومن أهم مصادر المعرفة، وهي الأصول النزيهة التي يجد العلماء والباحثون بين ثنايا سطورها من الحقائق ما يسد الثغرات الناقصة ويستكمل منها الحلقات المفقودة• وتعد الوثائق من المصادر الأصلية والأساسية لدراسة التاريخ والحضارة العربية لكونها منبعاً مادياً أصلياً يجد فيه الباحث والمؤرخ الكثير من الحقائق الأصلية التي تحتوي على معلومات تاريخية تتناول مسائل السياسة والاقتصاد والتجارة وعادات الشعوب وتقاليدهم ونظم الحكم، وكل ما يتعلق بالحقائق العلمية والحضارية عن الماضي، فهي الذاكرة الحية للأوطان تعين في فهم الماضي والكشف عن أسرار قواعد العلوم وأصولها في كل المجالات الطب، الفلك، النظم السياسية، الاقتصاد، والمال والفن والثقافة•••إلخ•
ويجـمع العلماء العرب على صحة القول >إذا بحثت ففتش وإذا كتبت فقمش<(9) الذي يؤكد على حكمة بالغةـ فالبحث والتفتيش لا يكونان إلا في الوثائق، والتقميش لايصح إلا في ما كتـب أو جمع، وكأننا بالعقل العربي الذي عاين البحث والتفتيش والكتابة والتقميش قد وضع أساساً ثابتاً في الدراسـة العلمية للوثـائق والحفـظ قـبل أن يـأخذ هذا العـلم دوره في التقـنية المعـاصرة•
6 ــ دور الوثائق الحضاري
مع تعدد مصادر الوثائق واختلاف أنواعها وتباين عصورها وتفاوت لغاتها ـ فهي عامل فعّال في خدمة الحضارة الإنسانية، لأنها ضمير الشعوب وعنوان بارز في تاريخها، وهي الذاكرة الواعية كما أنها أصبحت سجلاً حافلاً لتقدم الحضارة وتطورها ورسالة تواصل بين أجيال مختلفة إلى جانب أنها عبرة للماضي ومدخل لاستقرائه من أجل بناء المستقبل، ويمكن التحقق من أهمية الوثائق وأثرها فيم أكده العالمان الكسندر وبيرك أنه لو تحطمت كل الآلات الحديثة ومعامل الذرة وبقيت دور الوثائق والمكتبات لتمكن رجال العصر والعلماء من إعادة بناء الحضارة الآلية والذرية، ولكن لو ضاعت الوثائق والكتب فإن عصر القوى الآلية وعصر الذرة يصبحان شيئاً من آثار الماضي•(01)
6 ـ1 ـ الوثائق كمصدر للمعرفة
وتعد الوثيقة المادة الوحيدة التي تعكس صورة الماضي بكل ما فيه مما جعلها المرجع الأساس للبحث العلمي، وأصبحت أهميتها تعتمد في الأساس على المعلومات التي تحملها، والحقيقة التي لا يرقى إليها الشك أن الوثيقة هي المعين الذي يستمد منه الباحث مصادره التي يركز عليها في دراساته وأبحاثه ويؤكد على جوهرها وتمده بالحقائق الصائبة أو تفتح له مجال النقد فيتوصل من خلال دراسة الوثيقة إلى دحض فكرة شائعة أو التأكيد على نظريات قائمة تتفاعل مع الحضارة الإنسانية فتغير في وجهات نظر، أو تثبت حقائق قائمة•(11)
6 ـ 2 ـ الوثائق والتاريخ
إن العلاقة بين علمي التاريخ والوثائق علاقة عضوية تربط بين المؤرخ وعالم الوثائق برباط الهدف الذي يسعى إليه كل منهما وهو الوصول إلى الحقيقة، ولقد أصبح المنهج الوثائقي أحد الروافد الأساسية في مجرى الحقائق التاريخية فبدون الوثائق وأشكالها المختلفة والمخطوطات لايمكن كتابة التاريخ، وأي تاريخ يكتب في غياب الوثائق والمخطوطات تاريخ ينقصه الكثير من الحقائق•
6 ـ 3 ـ الوثائق والسياسة
الوثائق هي التي تسجل بها أحداث الدولة وأعمالها الرسمية، وغير الرسمية، ولاشك أنها اكتسبت قيمتها التاريخية والسياسية فيما دون فيها من حقائق ثابتة ينتفع بها في دعم حق من الحقوق أو البرهنة على رأي والاستدلال على حالة من الحالات، ولقد أتاحت الفرصة أمام المؤرخين والسياسيين في إثبات الحقوق السياسية للأمة العربية• وأظهر مثال على ذلك ماحدث لجمهورية مصر العربية عندما أرادت إثبات حقوقها في الحدود عند طابا• فإن اللجان التي شكلتها الحكومة المصرية وكلفتها بالبحث عن الوثائق عثرت على الخرائط التي تبين مواضع العلاقات المتنازع عليها عند الحدود•
وأيضاً الوثيقة التي عثر عليها في الأردن وتعود إلى القرن التاسع قبل الميلاد تناهض ادعاءات اليهود وما قيل في التوراة• وهي ما عرفت باسم "الحجر المؤابي"•
6ـ4ـ الوثائق في التراث الإسلامي والثقافة والعلوم
لقد نشطت حركة الثقافة في جميع البلدان العربية من المشرق إلى المغرب، ومما يدل على هذه الحركة ما خلفه المسلمون من الوثائق والمخطوطات والتي امتلأت بها المكتبات وخزائن الكتب في مصر وبغداد والأندلس وأوربا•
لقد أخذت بذور الثقافة تقوى وتنتشر حتى أخذ عدد لا يستهان به من مفكري وشعراء العرب يبرزون، وفي ضوء ذلك كثرت المؤلفات في الشعر والتراجم وفهارس الكتب وتاريخ الآداب وفي الحديث والقرآن والفقه والرياضيات والفلك والطب والاقتصاد والمال والنبات، هذا كله مدّون في وثائق يمكن للباحثين والمؤلفين استخراج ما في هذه الوثائق من ذخائر علمية ومظاهر حضارية والتي تعد في طليعة الوثيقة الكتابية غنى، وتحتفظ المكتبات العربية والأوربية بهذه الذخائر والزائر لمكتبات بلنسيا ورندة وشاطبة وغرناطة وقـرطبة فضلاً عن مكـتبات مدريد والأسكوريال ومكتبة الفاتيكان يجد مجموعة هائلة من هذه الوثائق•
وهكذا تعاظمت ثروة هذه المكتبات من الوثائق والمخطوطات العربية التي هي موضوع اهتمام العلماء والمؤرخين وركيزة بحوثهم ودراساتهم أمام هذه الحقيقة عن دور الوثائق الكتابية العربية فثمة دور عظيم في دراسة الحضارة الإسلامية وتقدير مبلغ الرقي والتقدم العمراني والذي يظهر في الوثائق التشكيلية والتي يعدها الأثريون المعاصرون آية في روعة البناء ودقة الزخرفة والتي تظهر في المعالم الأثرية العربية الشاهدة على مبلغ قيمة الوثائق التشكيلية(12)•
إن التراث المكتوب في وثائق ومخطوطات هو القاعدة الأصلية التي ترتكز عليها ذاكرة وبنية كل أمة، والوثائق هي الشاهد الأكبر على التاريخ والدليل الأعظم على السمة الحضارية لأي شعب من الشعوب إنها ذاكرة الأمة•
لقد نقلت إلينا التراث القديم ومظاهر الحضارة في اللغة والأدب والفن والعلم والدين، وأيضاً الكتابات الرسمية أو شبه الرسمية مثل الأوامر والقرارات والمراسيم والبراءات والاتفاقيات والمراسلات السياسـية والوثـائق الشـرعية والكـتابات التي تتناول مسـائل الاقتصاد والتـجارة أو عـادات الشعـوب أو نظمهم أو المقترحـات المتنوعـة التي تصدر عن المسـؤولين في الدولة والتي ساعدت على تزويد الحكام وأصحاب القرار بكثير من الحقـائق المـادية التي سـاعدتهم عـلى اتخـاذ القـرارات السـليمة فيما يتصل بمصالح الأمـة العـربية•
من هنا جاءت أهمية الوثائق العربية في حفظ ذاكرة الأمة وكانت مصدراً مادياً مهماً في تطور الحضارات الإنسانية وهي هي أهم وأفضل مجالات الاستثمار العلمي•
المراجع:
1ـ بحوث تاريخية مهداة من أعضاء هيئة التدريس بقسم التاريخ إلى جامعة الكويت بمناسبة مرور خمسة وعشرين عاماً على تأسيسها• الكويت - الجامعة 0991، ص 81
2ـ علم الإعلام والوثائق والمطبوعات، عبد الله أنيس طباع• بيروت، الشركة العالمية للكتاب، 6891، ص 7•
3ـ مختار الصحاح: محمد بن القادر الرازي، بيروت، مكتبة لبنان، 8891، ص 592•
4ـ الوثائق وأهميتها• سليمان موسى• (بحث) مجلة الوثائق العربية، بغداد، الفرع الإقليمي العربي للمجلس الدولي للوثائق• ع 2 ص 18•
5ـ المرجع السابق ص 95 •
6ـ المدخل إلى دراسة الوثائق العربية، محمود عباس حمودة• القاهرة، دار غريب، 9991• ص 82 •
7ـ طه حسين: في الأدب الجاهلي ط 4 القاهرة، دار المعارف• ص 78 •
8ـ طه حسين: الأدب الجاهلي، المصدر السابق ص 48 •
9ـ أبو حاتم الرازي: طبقات التابعين•
10ـ عبد الله أنيس طباع: علم الإعلام والوثائق والمحفوظات• بيروت، دار الكتاب اللبناني، 6891ـ ص55•
11ـ علم الإعلان، عبد الله أنيس طباع، بيروت، دار الكتاب اللبناني، 5791 ـ 0891، ص 65 •
12ـ التاريخ العرب المطول، جورجي زيدان، بيروت، دار الكشاف، 1591 ـ ج3، ص 176 •


المصدر

http://www.arabcin.net/modules.php?n...rticle&sid=576












التوقيع
وقل ربي زدني علماً
  رد مع اقتباس
قديم Sep-19-2006, 07:40 PM   المشاركة2
المعلومات

هدى العراقية
مشرفة منتديات اليسير

هدى العراقية غير متواجد حالياً
البيانات
 
العضوية: 15536
تاريخ التسجيل: Feb 2006
الدولة: العــراق
المشاركات: 1,418
بمعدل : 0.21 يومياً


افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزيل الشكر والتقدير اختي هبة على هذا الطرح وهذا الشرح الوافي جزاك الله خير جزاء ونحن نتظر منك الجديد والمفيد بهذا الخصوص


تقبلي فائق احترامي وتقديري












التوقيع
اعمل بصمت ودع عملك يتكلم

  رد مع اقتباس
قديم Sep-19-2006, 11:10 PM   المشاركة3
المعلومات

أبو هاشم
مكتبي جديد

أبو هاشم غير متواجد حالياً
البيانات
 
العضوية: 19050
تاريخ التسجيل: Sep 2006
المشاركات: 6
بمعدل : 0.00 يومياً


افتراضي

الأخت الفاضلة هبة سعد حفظها الله تعالى
موضوع جيد قلما نجد مصادر متوفرة فيه
بارك الله فيكي واستمري وإلى الأمام وأتمنى لك مسنقبلاً زاهراً

أ. هاشم












  رد مع اقتباس
قديم Oct-16-2006, 12:22 PM   المشاركة4
المعلومات

رهف أحمد
مكتبي نشيط

رهف أحمد غير متواجد حالياً
البيانات
 
العضوية: 18058
تاريخ التسجيل: Jun 2006
المشاركات: 96
بمعدل : 0.01 يومياً


افتراضي

مشكوووورة اختي هبة على الموضوع القيم والشاق

حيث قليل ما نجد الاهتمام بهذه الموضيع

نشكرك على هذا العرض

مع تمنياتي لك بالتوفيق

وانتظار ما هو جديد منكِ












التوقيع

عظَمة عقلك تخلق لك الحساد ..


وعظَمة قلبك تخلق لك الأصدقاء
  رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع تقييم هذا الموضوع
تقييم هذا الموضوع:

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
مواقع المخطوطات العربية على شبكة الانترنت ولاء شيخ منتدى الوثائق والمخطوطات 9 Jan-17-2014 12:59 AM
كشـــاف مجلــة مكتبـة الملك فهـد الـوطنيـة الاء المهلهل المنتدى الــعــام للمكتبات والمعلومات 17 Apr-23-2011 02:11 PM
واقع الفهرسة التعاونية الآلية في المكتبات العربية والاجنبية هدى العراقية منتدى الإجراءات الفنية والخدمات المكتبية 4 Dec-25-2010 06:31 PM
دراسة حول مواقع المكتبات العربية_ مشاركة مقتبسة كريشان المنتدى الــعــام للمكتبات والمعلومات 6 Dec-11-2010 05:43 PM


الساعة الآن 09:11 AM.
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. جميع الحقوق محفوظة لـ : منتديات اليسير للمكتبات وتقنية المعلومات
المشاركات والردود تُعبر فقط عن رأي كتّابها
توثيق المعلومة ونسبتها إلى مصدرها أمر ضروري لحفظ حقوق الآخرين