[bousi]

كل مؤسسة أو فرد أو هيئة تهدف إلى تحقيق أكبر قدر من أهدافها بأقل قدر ممكن من المجهود وهذا إن كان مبدأ للهيئة لتوفر إمكانات مادية وبشرية فهو ممكن أن يكون مبدأ للفرد لتحقيق أفضل نجاح بأقل مجهود ممكن . ومن هنا لفت نظري مبدأ 80 / 20 الذي يساعد الأفراد والجماعات والهيئات على حد سواء على تحقيق ما هو أكثر بمجهود أقل بكثير ، حيث يعمل مبدأ 80/20 على رفع الفاعلية والكفاءة الشخصية بالإضافة إلى زيادة السعادة كما يمكنه مضاعفة ربحية وفاعلية أي مؤسسة.

ما هو مبدأ 80 / 20؟
مبدأ 80/20 يهدف إلى التأكيد على أن قلة قليلة من الأسباب أو المعطيات أو المجهود تؤدي دائماً إلى كم هائل من النتائج ، مخرجات أو مردودات ويعني هذا أن نسبة 80 % مثلاً من ما تنجزه في وظيفتك يأتي كنتيجة للعمل فترة لا تتجاوز 20 % من إجمالي ما قضيته من وقت في العمل.

ومن هنا يقرر مبدأ 80 /20 إذن أن هناك إختلالاً أصيلاً في تركيبة العلاقات بين الأسباب والنتائج ، وبين المعطيات والمخرجات ، وبين الجهد والمردود وتعد علاقة 80 /20 معياراً مناسباً للتعبير عن هذا الإختلال أو أنعدام التوازن.

ويوضح لنا المبدأ أن 80 % من المخرجات تنتج عن 20 % من المعطيات وأن 80% من النتائج تصدر عن 20 % من الأسباب ونجد أن عالم الأعمال يعج بالعديد من الأمثلة التي توضح مصداقية مبدأ 80/20 ، فنسبة 20% فقط من المنتجات هي المسئولة عن حوالي 80% من حجم المبيعات ؛ كما أن 20% من العملاء هي التي تحقق نسبة 80 % من أرباح المؤسسة.


وتعد مؤسسة IBM إحدى أوائل الشركات وأكثرها نجاحاً في التركيز على مبدأ 80 / 20 والأخذ به . فنجد أن شركة IBM في عام 1963 أكتشفت أن حوالي 80 % من وقت الحاسب الآلي تستغرق في تنفيذ حوالي 20 % من التشغيل لذلك قامت الشركة على الفور بإعادة صياغة برنامج التشغيل حتى تصبح نسبة 20 % أكثر أستخداماً و أيسر وأسهل بالنسبة لمستخدم الحاسوب بهذا أصبحت أجهزة الحاسب الآلي الخاصة بشركة IBM هي الأكثر فاعلية والأسرع عملاً عن الأجهزة المنافسة وذلك في الغالبية العظمى من تطبيقات الحاسوب.

وجاء الجيل التالي الذي عمل عن تطوير أجهزة الحاسب الآلي الشخصي وبرامج التشغيل الخاصة به مثل شركات " أبل " و " لوتس" و " مايكروسوفت " ، وقد قام هؤلاء بتطبيق مبدأ 80 / 20 بدرجة أكبر حتى تصبح أجهزتهم أرخص ثمناً وأيسر أستخداماً للطبقة الجديدة من العملاء.

يرجع أهمية وقيمة مبدأ 80 / 20 في كونه مناقضاً للحدس فترانا جميعاً نميل إلى توقع أن تكون لجميع الأسباب نفس القيمة والأهمية حيث أننا نميل توقع أن تكون لجميع الأسباب نفس القيمة والأهمية حيث أننا نميل للإفتراض بأن نسبة 50 % من الأسباب والمعطيات هي المسئولة عن نسبة 50 % من النتائج ولكن هذا المبدأ المتوازن يعد أكثر المبادئ إفتقاراً للدقة وأكثرها أذى .

ويعمل مبدأ 80 / 20 أيضاً على التأكيد بأننا عندما ندرك حقيقة العلاقة بين الأسباب والنتائج فإننا ندهش في غياب التوازن فيها ؛ فأياً كان مستوى إنعدام التوازن تراه دائما يفوق تقديرنا الأول المسبق.

وفهم مبدأ 80/20 يمنحك فرصة عظيمة لإدراك ما الذي يحدث فعالاً في العالم من حولك فكل فرد يمكن أن يكون أكثر تأثيراً وسعادة ، وكل مؤسسة تسعى للربح بوسعها أن تكون أكثر بحاً ، وكل مؤسسة غير ربحية يمكنها هي الأخرى أن تقدم خدمات أكثر فاعلية.

إن إقدامنا على التفكير بطريقة 80 / 20 يوجب علينا أن نسأل أنفسنا دائماً عن ماهية نسبة 20 % التي تقود إلى نسبة 80 % من الأشياء ؟ حيث أننا لابد أن نستغرق في التفكير ونستخدم الأسلوب الإبداعي حتى نستطيع تحديد ما هي القلة التي تعتبر الرئيسية والتي تنتج الكثرة؟ وأيضاً في المقابل ما هي الكثرة التافهة التي يمكن الإستعاضة عنها ؟

ومن هنا يشير مبدأ 80 /20 إلى مجموعة مبادئ هامة : -

1- تقدير الإنتاجية المتميزة على نحو استثنائي ، بدلاً من العملعلى رفع الجهود المتوسطة.
2- البحث عن طرق مختصرة ، بدلاً من تحمل عناء الطريق الطويلةبأكمله.
3- ممارسة السيطرة على حياتنا بأقل مجهود ممكن.
4- التحلي بحسن الأختيار ، لا المبالغة في إجهاد الذات.
5- السعي لتحقيق التميز في قلة من الأشياء بدلاً من الأكتفاءبالأداء الجيد في العديد منها.
6- اللجوء إلى التفويض بأكبر قدر ممكن في حياتنا اليومية بدلاًمن أن نقوم بدورهم بأنفسنا.
7- أختيار وظائفنا ومخدومينا بعناية فائقة.
8- لا نقدم على فعل إلا ما نحسن أداءه ونستمتع به من الأشياء.
9- النظر إلى ما هو أبعد من الأمور المعتادة في الحياة لكشفالمفارقات والغرائب.
10- عليك أن تبحث دائماً عندما تكون بصدد أمر هام عن نسبة 20 %من المجهود التي يمكن أن يحقق نسبة 80 % منالنتائج.
11- عليك بالهدوء والقيام بعمل أقل مع تحديد عدد محدد منالهداف عالية القيمة التي تساعدك فيها مبدأ 80/20،هذا في مقابل السعي وراء محاولة اقتناص كل فرصةتتاح لك.
12- أقدم على إستغلال أفضل ما يمكنك من ما تسمى "ضربات الحظ "
القليلة في حياتنا حيث يكون إبداعنا في قمته وحسن الطالع يساعدنا على تحقيق النجاح.

وبالتالي فإن مبدأ 80 / 20 يمكن تطبيقه في كافة المجالات مع الأخذ في الاعتبار النقاط السابقة. وقبل أن نطبق على المكتبات ومراكز المعلومات دعونا نستعرض لأهـــم أربع قواعد لصنع القرار بإستخــدام مبدأ 80 / 20 ممكن أخذهم بعين الاعتبار.
القاعدة الأولى : " هناك قرارات عديدة غير ذات أهمية كبيرة".
القاعدة الثانية : " أكثر القرارات أهمية تكون غالباً هي تلك القرارات التي اتخذت على نحو غير مقصود".
القاعدة الثالثة : " إذا كان قرارك غير فعال ، فمن الأفضل أن تعيد النظر فيه في مرحلة مبكرة ".
القاعدة الرابعة : " مضاعفة العنصر الفعال أكثر من مرة ".

تطبيق مبدأ 80 / 20 في مجال المكتبات والمعلومات نحو التقدم والتطور :

لو قمنا بتطبيق ما سبق على واقع المكتبات والمعلومات نجد أن نسبة 80 % من المستفيدين لا يستخدموا إلا 20 % من إجمالي الخدمات التي تقدمها المكتبة وتنحصر عادة مابين (إطلاع داخلي ، إستعارة خارجية ، الرد على الإستفسارات) وبالتالي فإن أخصائيي المكتبات يبذلوا مجهوداً كبير حول خدمات مختلفة علماً بأنه يمكنه التركيز على 20 % من الخدمات المستخدمة من قبل الأكثرية وتحسين وتطوير هذه الخدمات وبالتالي فهو يضمن خدمات عالية الجودة بمجهود أقل.

وفي المقابل يمكن لأخصائي المكتبات والمعلومات إستغلال هذا في التسويق للخدمات الغير مستغلة بمعنى أنه لابد أن يقوم بالقياس والتحليل لماذا هذه الخدمات غير مستخدمة من قبل المستفيدين :-
(أ‌) هل لأنها لا تفي أحتياجاتهم؟
(ب‌) هذه الخدمات مبالغ فيها حسب نوعية المستفيدين في المجتمع المحيط بالمكتبة.
(ت‌) هذه الخدمات غير معلن عنها بالشكل الجديد
(ث‌) هذه الخدمات تحتاج إلى تطوير أو تحديث بشكل مستمر.
(ج‌) لا يوجد لهذه الخدمات المجموعات التي تدعمها بالشكل الجيد.
(ح‌) هل أخصائي المكتبة مؤهل جيداً لتنفيذ هذه الخدمات؟

أيضاً لو طبقنا مبدأ 80 /20 بالنسبة للوقت نجد أن 80 % من الأعمال تنجز في 20 % من وقت العمل . إذاً فإن هناك الكثير من الأعمال التي يمكن إنجازها بشكل أفضل وأسرع لو قمنا بتنظيم عملنا وقفاً لأهمية الأعمال وفي المقابل لو أ، 20 % من الأعمال تنجز في 80 % من الوقت إذاً فإن هناك مشكلة في تنظيم الوقت لدى الأخصائي أو أنه منشغل بمجموعة كبيرة من الأعمال التي تؤدي إلى تشتيته مما ينتج عنه نقص كفاءة العمل المنتج. ومن هنا لابد للأخصائي أن يقوم بالرد على مجموعة من الأسئلة.
(أ‌) هل الأعمال التي أقوم بها الآن على قدر من الأهمية الكافية أم يمكن الأسغناء عنها ؟
(ب‌) هل يعمل الأخصائي وفق جدول أعمال مرتب وفق للأهمية ووفق للوقت ووفق لأحتياجات المستفيدين؟
(ت‌) هل الأخصائي لديه من القدرة والمهارة التي تجعله قادر على أداء هذه الأعمال؟

أحياناً يجد الأخصائي نفسه في وقت ما يحتاج إلى التركيز في خدمة جديدة أو أنه يريد أن يقوم بعمل ما فينصاغ وراء أهواءه دون اللجوء إلى قياس مدى الحاجة إلى هذه الخدمة أو مدى أهمية هذه الخدمة.

دائماً ما يعتبر المستفيد في أي مكتبة هو محور الاهتمام الأول لذلك لابد للأخصائي أن يراعي هذه القاعدة عند التفكير لأي خدمة جديدة ومدى تلبيتها لأحتياجات المستفيد ومدى سرعة إستجابة الأخصائي في تنفيذ هذه الخدمة حيث أنه كثيراً ما يلجاً العديد من الأخصائيين من تكبد عناء خدمات جديدة من تفكير وتخطيط وتنفيذ في المقابل لا يحقق هذه الخدمات أي نجاح وذلك لأنها لا تفي إحتياجات المستفيدين أو تلبي إحتياجاته. فدعونا نستعرض مبدأ 80 / 20 الذي يشير على " التحلي بحسن الأختيار ، لا المبالغة في إجهاد الذات ".

دائما ما يهتم الأخصائي بشكل دائم من إستحداث خدمات بشكل مستمر ولكن مع كثرة الخدمات المقدمة في أي مكتبة نلاحظ أنه مع الوقت هناك بعض الخدمات تهمل أ يقل الأهتمام بها وذلك لأن الأخصائيي هنا قام بتشتيت ذهنه في أكثر من خدمة مما أدى ذلك إهمال بعض الخدمات . فلو طبقنا مبدأ 80 / 20 نجده يحدد " السعي لتحقيق التميز في قلة من الأشياء بدلاً من الإكتفاء بالأداء الجيد في العديد منها ".

من المعوقات التي تواجهنا أيضاً أن يقوم الأخصائي بإستحداث خدمات جديدة ويكون هو شخصياً غير مؤهل لتنفيذ هذه الخدمة ولكنه يعمل على إستحداثها لمواكبة الجديد في المجال مما ينتج عن ذلك تقديم الخدمة دون المستوى وأحياناً أيضاً نجد الأخصائي فقط لمواكبة الحديث يقوم بإستحداث خدمات قد لا يكون مستمتع بتقديمها مما يدفعه ذلك لتقديم الخدمة وهو مضطر لتنفيذها لا لأنه يستمتع بتنفيذها مما ينتج عن ذلك إهماله للخدمة بعد فترة من الزمن ولو إتبعنا مبدأ 80/20 نجد " لا تقدم على فعل إلا ما تحسن أداءه وتستمتع به ".

أيضاً دائماً ما يفكر الأخصائي إلى إنه يريد أن يقدم كل الخدمات بشكل أفضل مما يضطره بأن يقوم بكل هذا بنفسه مما يؤدي إلى إرهاق الذات وبالتالي نقص في مستوى تقديم الخدنات بعد فترة. لذلك لابد لأي أخصائي أن يتسم بصفة التعاون والمشاركة وأن ينسق مع زملاءه كيفية تقديم هذه الخدمات بحيث تقسم تنفيذ هذه الخدمات على أكثر من شخص مما يقلل من الإرهاق مما يساعد على المحافظة على مستوى تقديم الخدمة أطول فترة ممكنة ولو إتبعنا مبدأ 80 / 20 والقائل " اللجوء إلى التفويض بأكبر قدر بدلاً من أن نقوم بدورهم بأنفسنا " .

وما إلى ذلك من مبادئ 80 / 20 والتي لو قمنا بتطبيقها في مجال المكتبات والمعلومات لاحظنا التطور الواضح في أداءنا ولو استعنا بها في قراراتنا لاحظنا الفرق الواضح ولو أستخدمناها في تقسيم وقتنا أنجزنا الكثير في الوقت القليل. مبدأ 80 / 20 ليس بالجديد في الإدارة ولكنه جديد لو قمنا بتطبيقه في مجال المكتبات وتكنولوجيا المعلومات .

المصدر :-عبد الرحمن توفيق ._ الإدارة بذكاء نتائج أفضل بموارد أقل ._ سلسلة إصدارت بيمك ، 40 ؛ القاهرة : مركز الخبرات المهنية للإدارة ، 2002