[سعاد بن شعيرة]

ما قيمة كتاب لا يجد من يقرؤه

القراءة بالنسبة إلى بعض الأطفال هي ( حياة تساوي الحياة نفسها )
إن السنوات الست الأولى هي السنوات الحاسمة في تشكيل رغبات الطفل وميوله واتجاهاته ولهذا فإن الاهتمام بتحبيب القراءة إليه في هذه الست يعد مهماً للغاية ، وبعض الأهل يظنون أن الرغبة في القراءة أو عدم الرغبة من الأمور التي تولد مع الطفل ولهذا فإنهم لا يبذلون أي جهد يذكر في تحفيز أبناءهم ، وبعضهم يظنون أنهم يستطيعون جعل الطفل يمارس القراءة متى ما شاءوا ولهذا فإنهم يهملون هذا الأمر فيكبر الطفل ، ويدخل في مرحلة المراهقة دون أن يصبح له أي شغف بالقراءة .
{ إن لتوجيه الرغبات وبناء الاتجاهات وقتاً مثالياً لا ينبغي التأخر عنه }
إن ممارسة القراءة في وقت مبكر علاقة كبيرة بالتفوق الدراسي في المراحل المختلفة ، وذلك لأن النبوغ والإبداع والتفوق الواضح جداً على الأقران لا يتم من خلال الاقتصار على دراسة المناهج المدرسية بل لا بد لمن يريد ذلك من أن يكون لديه نوع من الوَله والشغف بالقراءة واصطحاب الكتاب حتى يُقرأ في اليوم ساعات طويلة بل حتى يكون البحث والإطلاع مجدياً ومفيداً ، وقد دل عدد من الدراسات على أن مهارات القراءة التي يكتسبها الطفل في الصف الأول الابتدائي هي نفس المهارات التي يعود إليها ارتفاع درجات الطالب في الثالث الثانوي ، ولهذا فإن من مهام الآباء والأمهات أن يجعلوا الهدف الجوهري من وراء تعليم الأطفال هو تحبيب الكتاب إليهم وجعلهم يقرؤون يومياً كما يمارسون الأكل والشرب واللعب ، وذلك لأن الأطفال الذين لا ينجذبون إلى القراءة كثيراً ما تكون درجاتهم ضعيفة حتى لو درسوا في أفضل المدارس ، وهذا يعود إلى أن الطفل حين يفقد الانجذاب إلى الكتاب فإنه سيبذل الحد الأدنى من الجهد ، وسيجد متعته في اللهو واللعب ، وهذا هو الحاصل لدى معظم الأطفال مع الأسف الشديد .
إن حب القراءة يفتح أمام الطفل باباً واسعاً للرقي الروحي والعقلي كما أنه يوسع في مداركه ويحسن قدرته على التخيل .
تلعب القراءة دور المنقذ للأطفال الذين يعيشون في بيئات جاهلة أو فقيرة فقراً مدقعاً ، حيث إن البيئة المحطمة تقتل طموحات الصغار ، وتجعلهم يرضون بأي شيء ، وهنا يأتي دور القراءة لتُخْرِج الطفل من فضائه الضيق المحدود ومن زمانه الصعب إلى فضاء واسع وزمان ممتد بامتداد التاريخ ، ولهذا فإن القراءة بالنسبة إلى بعض الأطفال هي حياة تساوي الحياة نفسها ، فكثرة القراءة لدى الطفل تشعره بنوع من الاعتزاز بذاته ، فيكفي تعلق الطفل بالكتاب فضلاً أنه يملأ وقته ويصرفه عن الجلوس أمام التلفاز و الانهماك في ألعاب الكمبيوتر ، والحقيقة أن كثيراً من الأهل يشعرون أن التلفاز يساعدهم على شغل أطفالهم عنهم وعن ممارسة الأذى ضد بعضهم ، وأيضاً يعتقدون أنهم يكونوا هادئين ومنضبطين , وهذا تصور خاطئ , لأن التلفاز أداة للتسلية لكنه قد بث الكثير من الأفكار والمفاهيم السيئة في عقول الأطفال ولهذا يجب أن نحدد مده زمنية لجلوس الطفل أمامه .
وأخيراً ... إن الكتاب هو الذي ينقل ثمرات العقل البشري من جيل إلى جيل والقراءة هي متعة التجول في عقول الآخرين دون الاضطرار لتحمل رعونتهم .



المصدر