منتديات اليسير للمكتبات وتقنية المعلومات » منتديات اليسير العامة » منتدى الوثائق والمخطوطات » حتى لا نفقد ذاكرتنا العربية !!

منتدى الوثائق والمخطوطات يطرح في هذا القسم كل ما يتعلق بالوثائق والمخطوطات العربية والإسلامية.

إضافة رد
أدوات الموضوع التقييم: تقييم الموضوع: 1 تصويتات, المعدل 5.00. انواع عرض الموضوع
 
قديم May-15-2010, 04:21 PM   المشاركة1
المعلومات

سعاد بن شعيرة
مشرفة منتديات اليسير
أخصائية مكتبات ومعلومات

سعاد بن شعيرة غير متواجد حالياً
البيانات
 
العضوية: 57892
تاريخ التسجيل: Nov 2008
الدولة: الجـزائر
المشاركات: 3,009
بمعدل : 0.53 يومياً


قلم حتى لا نفقد ذاكرتنا العربية !!

حتى لا نفقد ذاكرتنا العربية !!
د. محـمد صابر عـرب


لقد عرف الأوربيون أهمية الوثائق؛ باعتبارها ذاكرة الأوطان؛ الحافظة لتراثها وقيمها الاجتماعية والسياسية والثقافية، منذ فترة مبكرة من التاريخ الأوربي الحديث؛ لذا أقاموا لها المؤسسات الأرشيفية واختاروا لها النابهين من بين أفراد المجتمع لكي يتولوا مسئولياتها حفظًا وترميمًا وإتاحة.
وحتى تنهض هذه المؤسسات بمسئولياتها أقاموا لها التشريعات القانونية واللوائح المنظمة لعملها لدرجة أنها مع نهاية القرن الثامن عشر وحتى اليوم أصبحت بمثابة المؤسسات الأوْلى بالرعاية في كل الدول الأوربية، وخصوصًا بعد أن أصبحت الوثائق المصدر الرئيس في الكتابات التاريخية؛ لذا اتجهت غالبية الدول التي كانت مستعمرة إلى أرشيفات الدول الكبرى للتعرف على تاريخها الحقيقي، فضلاً عن الباحثين والمؤرخين والإعلاميين والسياسيين الذين قصدوا دور الوثائق الكبرى في العالم، كالأرشيف البريطاني والفرنسي والأمريكي، للتزود بالمعارف الوثائقية؛ التي أحدثت تكنولوجيا المعلومات طفرة هائلة في تيسير التعامل معها وإتاحتها.
المشهد في عالمنا العربي يبدو مختلفًا إلى حد كبير، فما تزال الوثائق التاريخية بمثابة لغز لم يحل بعد، وما تزال القضية يكتنفها قدر كبير من الحذر لدوافع أمنية وسياسية خالصة. وتحت الشعور بالخوف من الوثائق، أحيطت القضية بقدر هائل من الغموض والسرية، لدرجة أنه في معظم الدول العربية جميع أوراق الدولة سرِّية، حتى وثائق التعليم والخدمات والثقافة، جميعها طبِّق عليها ما طبق على الوثائق السياسية والعسكرية بعيدًا عن أي تشريعات قانونية قد تنظم هذه القضية برمتها .
وباستثناء ثلاث دول عربية هي مصر وتونس والجزائر، لا يوجد أرشيف وطني بالمعنى القانوني والفني، حتى الأرشيف المصري تكمن أهميته في تاريخ إنشائه (1828م)، فقد حفظ وثائق مصر منذ بداية العصر العثماني وحتى قيام ثورة 23 يوليو 1952، ثم صدر قرار جمهوري 1954، بإنشاء دار الوثائق القومية، لكن القانون الذي واكب هذا الإنشاء ترك للجهات المنتجة للوثائق الحرية في تسليم وثائقها أو الاحتفاظ بها، لذا لم تتحمس العديد من المؤسسات لتسليم أرشيفاتها فضلا عن الخطأ في المفهوم التاريخي والثقافي للوثيقة، وهي قضية عالجتها التشريعات القانونية في الدول المتقدمة، بينما ظل الفهم الشائع لدى المؤسسات العربية أن كل الأوراق لها أهمية تاريخية، لذا امتلأت غرف الحفظ بأوراق ومستندات لا تمثل الوثائق ذات القيمة التاريخية فيها أكثر من 8%، ولنا أن نتخيل حالة الفوضى الهائلة التي تنجم عن تضخم الأوراق مع افتقادها لقواعد بيانات متكاملة تسهل الرجوع إليها أو التعرف على موضوعاتها.
وفي ظل هذه الفوضى الهائلة اتجهت بعض الدول إلى الاعتماد بالكامل على الأرشيفات الأوروبية للحصول على صور ورقية أو رقمية اعتقادا منها بأنها تحفظ تاريخها، وأقدم البعض على تشييد مباني أرشيفية تكلفت مئات الملايين من الدولارات، اقتصرت مهمتها على حفظ صور من الوثائق. وقد فاتهم أن أصول هذه الوثائق ستظل محفوظة ومتاحة بكل الصور الممكنة، فضلاً عن أن الأرشيفات الوطنية ليس من مهامها حفظ صور الوثائق الأجنبية، لأن مهمة الأرشيف الوطني هو حفظ أصول الوثائق وليس الصور، إضافة إلى أن الاعتماد على وثائق الدول التي كانت مستعمِرة لبلادنا يجعل الوثائق برمتها بمثابة رواية الآحاد التي لا يعوَّل على مصداقيتها.
والمتابع لهذه القضية يلاحظ أن الباحثين العرب وخصوصاً الذين يعدون بحوثهم للماجستير والدكتوراه قد ولوا وجوههم شطر الأرشيف البريطاني والفرنسي والأمريكي دون العناية بالوثائق العثمانية بحكم أن كل العالم العربي كان تحت السيطرة العثمانية لأكثر من أربعة قرون، وما يوجد في الأرشيف العثماني عن العالم العربي يفوق كثيراً ما هو موجود في الأرشيفات الأوروبية، وأن الحقيقة التاريخية لا تكتمل إلا بالرجوع إلى الأرشيف العثماني، لذا فإن العناية باللغة العثمانية في أقسام التاريخ في الجامعات العربية تعد مهمة للغاية.
لقد أتيح لي زيارة الأرشيف العثماني في استانبول أكثر من مرة، ووقفت على حقائق مذهلة تستوجب العناية والاهتمام، إذا كنا جادين حقاً في التعرف على تاريخنا العربي، ويكفي أن أقدم مثالاً واحدًا فقط لكي نقيم دليلاً على أهمية الوثائق العثمانية. فقد أشاع المؤرخون الأوربيون وخصوصاً الفرنسيين منهم أن مشروع قناة السويس قد ارتبط فنيًّا وعلميًّا وسياسيًّا بجماعة "السان سيمون" التي أخذت على عاتقها التقريب بين العالم بواسطة القنوات المائية وكان من أعمالها مشروع قناة بنما، وكذا قناة السويس، لكن تبين لي من خلال الوثائق العثمانية أن مشروع قناة السويس قد فكر فيه السلطان العثماني سليم الثاني في منتصف القرن السادس عشر، وقد حفظ الأرشيف العثماني عشرات المراسلات والتقارير التي صاحبت الفكرة التي أراد أن ينفذها السلطان، لكن ثمة عقبات مالية وفنية حالت دون إنجاز هذا المشروع، والأرشيف العثماني في استنابول حافل بالتقارير والمراسلات الخاصة بهذا المشروع.
لكن الدراسات التاريخية الأوروبية التي أرخت لقناة السويس لم تشر إطلاقا إلى هذه الحقيقة. وعلى أية حال فإن إقامة أرشيفات وطنية في الأقطار العربية لم يعد من قبيل الترف الثقافي وإنما أصبح ضرورة يفرضها العصر فضلاً عن الأهمية الكبرى باعتبارها ذاكرة الأوطان والحافظة لتاريخها وثقافتها.


د. محمـد صـابر عـرب

المصدر












  رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
العربية, ذاكرتنا, نفقد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
مقالات حول الأرشيف والوثائق من هنا وهناك سعاد بن شعيرة منتدى الوثائق والمخطوطات 8 Jul-28-2011 09:02 AM
كشـــاف مجلــة مكتبـة الملك فهـد الـوطنيـة الاء المهلهل المنتدى الــعــام للمكتبات والمعلومات 17 Apr-23-2011 02:11 PM
واقع الفهرسة التعاونية الآلية في المكتبات العربية والاجنبية هدى العراقية منتدى الإجراءات الفنية والخدمات المكتبية 4 Dec-25-2010 06:31 PM
دراسة حول مواقع المكتبات العربية_ مشاركة مقتبسة كريشان المنتدى الــعــام للمكتبات والمعلومات 6 Dec-11-2010 05:43 PM


الساعة الآن 05:45 PM.
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. جميع الحقوق محفوظة لـ : منتديات اليسير للمكتبات وتقنية المعلومات
المشاركات والردود تُعبر فقط عن رأي كتّابها
توثيق المعلومة ونسبتها إلى مصدرها أمر ضروري لحفظ حقوق الآخرين